Nov 11 2008
كـفاك َجـعـجـة ً فارغة يا يونادم كَـنا
الشماس كوركيس مردو
كان للقرار الجائر لبرلمان العراق الصادر في 24 أيلول 2008 بإلغاء المادة " 50 " مِن قانون مجالس المحافظات ، وقـعٌ أليم على شعبنا الكلداني والسرياني والآثوري ، فسارعت أحزابُه ومنظماتُه القومية في الداخل والخارج الى شجب القرار والتنديد بأعضاء البرلمان الذين كشفوا عن عدائهم السافر له ، ولكلِّ المكونات العراقية الاخرى الأصيلة والقليلة العدد ، وكانوا العنصر المُساعد للإرهاب الذي سـعى الى تهجير عددٍ كبير مِنهم قسراً ، وذلك بسكوتهم وعدم الإهتمام بحمايتهم التي هي مِن صلب واجباتهم ، وكان السكوت مُتـَعـمَّداً للتقليل مِن عددهم .
في كُلِّ ما حصل لشعبنا مِن مُعاناةٍ وتهميش ، ماذا فعلتَ لشعبنا يا يونادم مِن موقعكَ التبجُّحي كممثل ٍ له في البرلمان ؟ ماذا قّـَدَّمتَ للتخفـيـف مِن وطأة المصائـب التي حلَّـت به سوى التـصريحات الجوفاء التي لا طائل مِن ورائها ؟ كم تباهيتَ وطبّلتَ وزّمَّرتَ بأنك الممثِّل الوحيد لشعبنا واتهمتَ الممثّـلَ الآخر زميلك الكلداني أبلحد أفرام بأنه يُمثِّل الأكراد ! أين كُنتَ يا مُحتكِر التمثيل المسيحي لذاتك قبل فترة إلغاء المادة " 50 " وبعدها ؟ ماذا كان دورُكَ ؟ ألا يدل ذلك على العجز في الاداء ؟ أيُّ مُكتـَسبٍ جناه شعبنا بفضل تمثيلكَ له ؟ أين أنتم مِن المواقف المبدئية الجريئة التي تقتضي منكم التضحية في سبيل شعبكم ؟ إذا وجدتم الخذلان في البرلمان ، ما فائدة البقاء فيه ؟ أعتقد أن ما يدعوكم الى عدم الإنسحاب هو الخوف مِن فـقـدان المصالح الشخصية لا غير !
لماذا ثارت ثائرتُك لتدخـُّل سفير الفاتيكان لدى مجلس الرئاسة العراقي لكي يُعـبِّـرَ عن موقـفه ويُحاورَ مِن أجـل ردِّ الحق المسيحي المُصادَر ظـُلماً ، أليس ذلك تعبـيراً عن حِقدكَ وعِـدائكَ لكُـلِّ ما هو كاثوليكي ! لو تدخـَّل ممـثلُ الكـنيسة الأنكـليكانية المُمثٍلة الروحية للنساطرة وأنت واحـدٌ منهم ، هل كنـتَ قد عـبَّرتَ عن سُخطـِكَ ؟ يا لكَ مِن عنصريٍّ لا تُضاهى ! لقد زرعتَ الفـرقة بين أبناء الشعب المسيحي منذ تأسيس الحركة العنصرية الشوفـيـنية ( زوعا ) المشؤومةِ والسيـئةِ الصيت . لقد كانـت ولا زالـت أداة ً لـنشر الحقـد والكراهية في صفـوف هذا الشعب المغـلـوب على أمره . لقد كان استفرادك الديكـتاتـوري بزعامة هذه العصابة لكي تستمرَّ بالتآمر على الكلدان مِن إلغاء دورهم القومي ، ورغم الفشل الذريع الذي باءَت به جهودُك الشريرة ، إلا أنك لم ترعوي ولا زلتَ ماضياً في غـِيِّك ، كـفاكّ جعجعة ً فلن تحصل على طحين مهما تماديت .
لقد تسلـَّطـَت على البرلمان العراقي كُتـَلٌ سياسية عنصرية ومذهبية شوفينية ذاتُ ارتباط ٍ خارجي قوي ، تـُعطي ولاءً لهذا الإرتباط أكـثر مِن ولائها للعـراق لأنها غير مُخلصة لتربته ، لإنتمائها الى غـُزاته ، فكيف تُعيرُ اهتماماً لمُكوِّناته الأصيلة مِن الكلدان والسريان والآثوريين والأقليات الأخرى ، لذا نراها تسعى بكُـلِّ السبل لسلبـهم ديارَهم وحضارتـَهم وتاريخـَهم ناهيـك عن طمس حقـوقهم بدون خـجـل . إنهم وراء خطـةٍ مُبرمجةٍ لتهجير وقتل المسيحيين العراقيين ، والدليل هو صمتـُهم المُطبق عما ترتكبُه الجماعاتُ الإسلامية المتطرفة المدعومة مِن الجهات الخارجية ، هدفها إفراغ المسيحيين ليس مِن العراق فقط ، بل مِن عموم الشرق الأوسط ، وقد بدأوها في العراق لأن الساحة مفتوحة ٌ أمامهم لإنعدام أدوات الردع الفاعلة كالجيش والشرطة ، وليست هناك حكومة قادرة لتوفير الحماية ، وفرض سيطرةٍ مُحكمة على البلاد .
إنَّها مؤامرة اقليمية إسلامية تُحاك في الخفاء لإجتثاث المسيحيين مِن ديارهم الأصلية ، ولولا ذلك ، إذاً بماذا تُفسَّر هذه الهجمة الشرسة ضِدَّهم ؟ إن المسيحيين مواطنون أصليون ، لا طموحَ لهم في السياسة ولا رغبة في الحكم ، أليس غريباً أن يُستـَهـدفون ؟ على الدول الإسلامية في هذه المنطقة أن تُدرك الحقيقة ، بأن خلـُوَّ المسيحيين مِنها سيُمثـِّلُ خسارة فادحة لهم . صحيحٌ أنَّ عددنا قليل ، لكن ثقلنا كبير مِن حيث الثراء الثقافي والعلمي والفكري والتقني والأخلاقي والإجتماعي ، وليس بامكان أحدٍ إغفال دورنا الريادي تاريخياً في بناء هذه الديار والإرتقاء بها حضارياٌ .
إن لـومَـنا لممثـلـَينا البرلمانيـَين الوحيـدَين يأتي مِن عدم شعورهما بمدى وطأة الأحداث التي تُحدقُ بشعبنا ، حيث يُحاولان تخديرَه بتصريحاتٍ تـنِمُّ عن التهديد بالإنسحاب ولكنَّهما لا يفعلان بينما فعل ذلك الآخرون مثل الكتلة الصدرية وحزب الفضيلة وجبهة التوافق . . . إنكما تُمثـِّلان شعبـَـنا ، عـليكما أن تُقـرنا أقوالكما بالأفعال لتستعيـدا ثـقـتـَه المهزوزة بكما ، ماذا يـنفعُ وجـودُكما تحـت قـبة البرلمان إذا لم يكن يُسمَع صـوتــُكما ؟ إن استمرارَ تواصلكما مع زُمـَر ٍ تتسلَّط ُ على أفرادها روح دينية ومذهبية شوفينية لا يُجدي بأيِّ حال مِن الأحوال ، فهم لا يؤمنـون إلا بأنـفسهم وبإسلامهم السياسي التعصـُّبي المقيت ، هدفهم الإستحواذ على كُـلِّ شيء ، لأنهم كانوا جوعى ومُعـدَمين .
لا تنسيان أنكما سليلَي شعبٍ حُـرٍّ ونبيل ، يأبى الرضوخَ والإستسلام ، ولذلك فأنتما أهلٌ للتحـدّي برفض أجندتهم وشروطهم ، إننا نعلمُ بأن الحواجز والمعوِّقات التي وُضعت أمامكم صعبة ُ الإجتياز ،
ولذلك جَـدِّدا ثقتكما بارادة شعبكم التي لا تلين ، فلا تتردّدا باتخاذ قرار شجاع بانسحابكما مِن البرلمان الذي خذلكما مراراً وتكراراً ، وبذلك تُطلقان صرخة ً مدوية بوجه الغزاة الغاصبين ، عودا الى شعبكما ليحتضنكما ، وسيعمل على إعادتكما الى البرلمان الجديد معزَّزَين مُكَرَّمَين . ولا تنسـوا أن شعبـنا مُصِرٌّ على المطالبة بحقـوقه المشروعة اسوة ً باخـوانه العراقـييـن مِن الأقـوام والأديان الاخرى لكي ينعم بالحرية الحياتية . الحياة بلا كرامة ليست لها قيمة .
الشماس كوركيس مردو
في 9 / 11 / 2008