منتديات كلداني
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتديات كلداني

ثقافي ,سياسي , أجتماعي, ترفيهي
 
الرئيسيةالرئيسيةالكتابة بالعربيةالكتابة بالكلدانيةبحـثمركز  لتحميل الصورالمواقع الصديقةالتسجيلدخول
 رَدُّنا على اولاد الزانية,,لقراءة الموضوع اكبس على الصورة  رأي الموقع ,,لقراءة الموضوع اكبس على الصورة
رَدُّنا على اولاد الزانية,,لقراءة الموضوع اكبس على الصورةقصة النسخة المزورة لكتاب الصلاة الطقسية للكنيسة الكلدانية ( الحوذرا ) والتي روّج لها المدعو المتأشور مسعود هرمز النوفليالى الكلدان الشرفاء ,,لقراءة الموضوع اكبس على الصورةملف تزوير كتاب - ألقوش عبر التاريخ  ,,لقراءة الموضوع اكبس على الصورةمن مغالطات الصعلوگ اپرم الغير شپيرا,,لقراءة الموضوع اكبس على الصورةدار المشرق الغير ثقافية تبث التعصب القومي الاشوري,,لقراءة الموضوع اكبس على الصورة

 

 الإنشقاقات والنكبات التي عصفت بالأمة الكلدانية وكنيستها والمآسي التي حَلَّت بها عِبرَ الزمَن -الجزء السابع-

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
كلداني
(داينمو الموقع)
(داينمو الموقع)
كلداني


الإنشقاقات والنكبات التي عصفت بالأمة الكلدانية وكنيستها  والمآسي التي حَلَّت بها عِبرَ الزمَن  -الجزء السابع- Uouuuo10
الإنشقاقات والنكبات التي عصفت بالأمة الكلدانية وكنيستها  والمآسي التي حَلَّت بها عِبرَ الزمَن  -الجزء السابع- Awsema200x50_gif

الإنشقاقات والنكبات التي عصفت بالأمة الكلدانية وكنيستها  والمآسي التي حَلَّت بها عِبرَ الزمَن  -الجزء السابع- Tyuiouyالإنشقاقات والنكبات التي عصفت بالأمة الكلدانية وكنيستها  والمآسي التي حَلَّت بها عِبرَ الزمَن  -الجزء السابع- Ikhlaas2الإنشقاقات والنكبات التي عصفت بالأمة الكلدانية وكنيستها  والمآسي التي حَلَّت بها عِبرَ الزمَن  -الجزء السابع- Goldالإنشقاقات والنكبات التي عصفت بالأمة الكلدانية وكنيستها  والمآسي التي حَلَّت بها عِبرَ الزمَن  -الجزء السابع- Bronzy1الإنشقاقات والنكبات التي عصفت بالأمة الكلدانية وكنيستها  والمآسي التي حَلَّت بها عِبرَ الزمَن  -الجزء السابع- Shoker1

البلد : العراق
مزاجي : احب المنتدى
الجنس : ذكر
عدد المساهمات : 8428
تاريخ التسجيل : 16/06/2010
الموقع : في قلب بلدي المُحتَل
<b>العمل/الترفيه</b> العمل/الترفيه : طالب جامعي

الإنشقاقات والنكبات التي عصفت بالأمة الكلدانية وكنيستها  والمآسي التي حَلَّت بها عِبرَ الزمَن  -الجزء السابع- Empty
مُساهمةموضوع: الإنشقاقات والنكبات التي عصفت بالأمة الكلدانية وكنيستها والمآسي التي حَلَّت بها عِبرَ الزمَن -الجزء السابع-   الإنشقاقات والنكبات التي عصفت بالأمة الكلدانية وكنيستها  والمآسي التي حَلَّت بها عِبرَ الزمَن  -الجزء السابع- Alarm-clock-icon11/1/2015, 7:45 am

Jan. 10, 2015

 

الإنشقاقات والنكبات التي عصفت بالأمة الكلدانية وكنيستها
والمآسي التي حَلَّت بها عِبرَ الزمَن
-الجزء السابع-




الشماس د. كوركيس مردو


   وعاد كسرى الثاني أبرويز الى المدائن مُنتشياً بالنصر الذي أحرزه بمُساعدة قطعات من الجيش الرومي التي زوده بها الملك الرومي مرقيان لدى التجائه إليه طالباً مساعدته في القضاء على تمرُّد قائد جيشه بهرام جوبين الطامع بالعرش الفارسي، فأغدقَ على قطعات الجيش الرومي هِباتٍ جيدة وكثيرة، وأرسل الى الملك مرقيان هدايا نفيسة داعياً إياه أباه، وتنازلَ له عن مدينتي دارا وميافَرقين اللتَين كان والدُه هرمزد قد إغتصَبهما، وقد نُظِّمَ لكِسرى أبرويز استقبالٌ حافل لدى دخوله الى المدائن العاصمة، حيث عُقدت له القِباب العديدة المُعتمدة في التكريم في ذلك الزمان، ومِن جُملة تلك القباب ثلاثٌ مِنها عُقِدَت مِن قبل الجاثاليق ايشوعياب الأرزونّي وكان واقفاً بمعية بعضٍ مِن الأساقفة حاملين المباخر وبعض الهدايا كالمسكِ والعَنبر والكافور والزعفران والعود الهندي لتحيتِه والترحيب به، ولدى مرور الملك بالقرب مِن قبة الجاثاليق نَظر إليه شزراً ولم يعبأ به، فأسرع الجاثاليق الى القبة الثانية وبيده الآس والمِبخرة فأحجم الملك عن الجاثاليق ثانية، فتمَلَّكَ الإضطرابُ الجاثاليق وسرت الهمهمة والعربدة بين القوات الرومية التي ناصرت الملك، فانتبهَ الملك وتَوَجَّسَ والتفتَ الى البطريرك وخاطبَه بغضبٍ: "قد إمتنعتَ عن القيام بامور ثلاثة يجِب أن تُعاقَبَ عليها: أولُها عدم مُصاحبتِك أنت أو أحد أساقفتِك لي في تَوَجُّهي الى بلاد الروم، إذ لو جرى ذلك لوجدتُ لدى الملك مرقيان إكراماً مُضاعفاً، وثانيها لم تسعَ للحاقِ بي عند عِلمِك بوجودي في مملكة الروم وقد رَحَّب الملك بي، وثالثها خَصُّك بدُعائِكَ بَهرام خَصمي العاصي عليَّ والطامعَ بمَملكتي" وحال انتهائه مِن قوله هذا قصد القبة الثالثة وتَرَجَّلَ عن فرسه ودخل إليها، وواصلَ كلامَه الى الجاثاليق ايشوعياب والغضب لا زال مُلازماً له: "إذا كُنتَ تعتقد بأن حيلتَك هذه ستُبعِدُ عنك العقابَ فأنتَ واهمٌ، إذ لم يخفَ عليَّ بسط يَدَيكَ داعياً لبهرام الخارج عن طاعتي" أما الذي أطلَعَ الملك على كُلِّ هذه الامور فكان رئيسُ أطبّائه طيمثاوس النصيبيني، ولما هَمَّ الجاثاليق بالإعتذار للملك قاطعه كِسرى قائلاً: "لقد دَخَلتُ قبتَكَ وإني مُقدِّرٌ لتحيتكَ، ومُمهلٌ إياكَ ثلاثة أيام للإجابة عَلى أسئلتي التي كانت مدعاة غضبي" ثمَّ مَدَّ يدَه وتناول الأترجة مِن يد الجاثاليق الذي دعا له وغادر الملك أبرويز(التاريخ السعردي ج2 ص 43).

   اجوبة الجاثاليق على أسئلة الملك

   ويُضيف المصدر أعلاه: بعد مُضيِّ ثلاثةِ أيام قابلَ الجاثاليق ايشوعياب الأرزونّي الملك كِسرى الثاني أبرويز وبادره بالقول: "إن عدم مُرافقتي لجلالتِكم كان بسبب غياب عِلمي بسفركم المُفاجيء والذي قد جري خلال الليل، وعدم سعيي للحاق بكم الى بلاد الروم كان بداعي خِشيتي على أفراد رَعيتي، إذ لو عَلِم بهرام العاصي بمُغادرتي لَما أشفقَ على كبير أو صغير مِن أبناء شعبي، أما دُعائي فلم يَكُن إلاّ للملك ودوام مُلكِه والله أعلم ما في الضمير، وكيف يُمكن أن أدعو للعاصي على مولاه، بل إن دُعائي كان مُوجَّهاً للذي له الحقَّ في المُلك." وبالرغم مِن أجوبة الجاثاليق السديدة لم تكن هي التي إضطرَّت الملك على كَتم غيظه، بل ما دعاه الى هذا الكَتم هو امتنانُه لمرقيان ملك الروم الى جانب انشغالِه بإخماد الإنتفاضات الداخلية. إذ ما كادَ قد قضي لتَوَه على عِصيان بهرام حتى رفع عليه راية العِصيان الأخوان الشقيقان بندوي وباسطام اللذان كان والِدُه قد أودعهما السجن وأفرجَ هو عنهما لصلة قرابتهما مِن والدتِه، ولوقوفهما الى جانبه ضِدَّ بهرام، فاعتمد على باسطام وأرسله على رأس جيش كبير ليُرابطَ على الحدود التركية مُراقباً تَحرُّكات بهرام التي يُحتمل أن يقوم بها لمُهاجمة المملكة، وأبقى بَندوي تحت خِدمتِه المُباشرة، وإذ بَدُرَت مِنه أعمال مُشينة دفعت الملك الى قتلِه ولكنَّه تَمَكَّن مِن الهرب، وفي طريق الهرب استطاع حاكمُ أذربيجان بطريقة داهية القبضَ عليه وأعاده الى الملك أبرويز، وما إن طرق الخبرُ سَمعَ باسطام حتى استمال إليه عدداً كبيراً مِن المُقاتلين الديلوميين والأتراك وزحف الى المدائن عام 595 م فتصَدّى له كِسرى الثاني أبرويز على رأس جيش كبير ودارت بين الجانبين معركة طاحنة كاد أن يكون الملكُ كِسرى أحدَ قتلاها لو لم يتداركه الحسنُ بنُ النعمان ملكُ الحيرة بحسب ما ورد في كتاب التاريخ السعردي، أما باسطام فقد إغتاله غيلة مُقاتلٌ تُركي وحَزَّ رأسه عن رقبتِه وبعث به الى الملك أبرويز، وتَمَّ قتلُ بَندوي وشُلَّته بمُتهى البشاعة.

   يروي (التاريخ السعردي ج2 ص 58) بأن كِسرى الثاني أبرويز كان في حداثةِ سِنِّه هاوياً بل مُغرَماً بمُراقبة النجوم، واضعاً ثقتَه واتِّكالَه على حركاتِها الى جانب انغماسِه بالمِلَذات حتى أُذنَيه، ولمّا إستَتَبَّ له أمرُ المُلك بعد كثير مِن المُعَوِّقات التي تطرَّقنا إليها، أقدمَ على إطلاق سِراح كبار أعيان الدولة الذين كان والدُه هرمزود الرابع قد أمرَ بمُصادرةِ أموالهم ومُمتلكاتهم وزَجِّهم بالسجون، فأكسبَه هذا العمل محبة الناس واغتباطهم به. وبالنسبة للنصارى يقول (الطبري في تاريخه ص 287 ح3) وبالرغم مِن إمتعاضه مِن موقف الجاثاليق مار ايشوعياب الأول الأرزونّي، فإن ذلك لم يدفعه الى معاداتهم أو السماح بإضطهادهم، بل شَمَلَهم برعايتِه وأغدقَ عليهم بسخاء لتجديد كنائسهم إكراماً وامتناناً لملك الروم مرقيان الذي آزَرَه في مِحنتِه، مشترطاً عدم السعي الى الدعاية للدخول الى المسيحية بين المُنتمين الى الزردشتية ديانة الدولة الرسمية، وفضلاً عن ذلك، فليس مِن شَكٍّ بأنَّ زوجتَيه المسيحيتين مريم إبنة مرقيان ملك الروم وشيرين الآرامية مِن ميشان، قد أدَّيتا دوراً ايجابياً في أن تأتي قراراتُ الملك بصالح بني مذهبيهما، وهو الذي يَكُنُّ لهما حباً كبيراً، فقد شَيَّدَ لمريم كنيستَين ولشيرين كنيسة عظيمة وقصراً فخماً في "بَلاشبار" وهو لازال قائماً حتى يومنا هذا ويُعرفُ بقصر شيرين. ولذلك لم يبخل الملك كِسرى الثاني أبرويز بإكرام النصارى طيلة بقاء مرقيان ملك الروم على قيد الحياة، ولكنَّ الكلدان النصارى بعد اغتيال مرقيان دَخَلَ الشغبُ الى نفوسهم وراحو يوقِعون ببعضهم البعض، فتغَيَّرت نظرة الملك الفارسي تُجاههم فوصل به الإمتعاظ الى الحد الذي سمح بإضطهادِهم.

   وعندما إستَتَبَّت الامور للملك كِسرى الثاني لم يأمَن الجاثاليق ايشوعياب الأول الأرزونّي جانِبَه، وخشيَ مِن بطشه بالرغم مِن أنه لم يعمل شيئاً ضِدَّه، سوى عدم رغبتِه بالتدخل بالامور السياسية وبخاصةٍ في تلك الفترة الحافلة بالإضطرابات ومُحاولات الإستيلاء على العرش بعد مقتل والده الملك هرمزد. لقد اختار جانبَ الحياد في الصراع الذي دار بين بهرام القائد الطامع بالعرش وبين الوريث كسرى أبرويز بن هرمزد الرابع، فهو لم يشأ اللحاق بكسرى لدى هروبه مِن أمام بهرام لخوفه مِن انتقام الأخير من شعبه. فكان هناك مِن الحُسّاد مَن أوغر قلبَ كسرى بالغيظ على ايشوعياب، وأسوأهم الطبيب طيمثاوس النصيبيني كما أشرنا فيما سبق. ومِن الجانب الآخر، فإن الرومان الذين ناصروا كسرى ضِدَّ خصمِه بهرام لم يعملوا لإصلاح ذات البَين ما بين كسرى والجاثاليق، لأنهم لم يغفروا لإيشوعياب دوره في نقل أخبارهم الى الفرس يوم كان اسقفاً على ارزون.

   وفي خِضَمِّ هذا الجو المرير أخذ ايشوعياب يُفَكِّر مَلياً لإيجاد طريقة تَقيه انتقام أبرويز المكتوم في داخله، فاهدَتهُ فِطنتُه أن يُغادرَ المدائن ويلتجيءَ الى النعمان بن المُنذر ملك الحيرة المُتنَصِّر حديثاً في عام 593 م وجعل مِن نفسه أحد حُماة المذهب النسطوري، ومِن الحيرة عاصمته إحدى قلاع هذا المذهب كما يقول كتاب (المفصل في تاريخ العرب قبل للإسلام ص 285) وإذ هو في الطريق داهمه موتٌ مفاجيْ في قرية بيث قوشي القريبة مِن الحيرة، وفور وصول الخبر الى أهالي الحيرة يقول (تاريخ الطبري ط . نولدكه، ليدن 1879 م ص 347 - 349) بأنَّ الأميرة هِند شقيقة النعمان قامت ومعها جَمعٌ مِن الكهنة والشمامسة والمؤمنين وتَوَجَّهوأ نحو القرية وجلبوا جُثمان الجاثاليق مار ايشوعياب الأول الأرزونّي الى الحيرة بالتراتيل، وأجروا مراسيم الدفن اللائقة به ودُفِن في دير هند المعروف بدير هند الصغرى بحسب قول كويدي، وجاء في (التاريخ السعردي ج2 ص 66) بأن الملك الفارسي كِسرى الثاني أبرويز قال عندما أُبلِغَ بخبر وفاة مارايشوعياب: "الحمدُ والشكرُ لله الذي أنقذنا مِن دم ذلك الشيخ بموتِه موتاً طبيعياً، فقد كان بالرغم مِن ذَنبِه إلينا رَجُلاً إلهياً!"

   الجاثاليق سبريشوع الأول 596 - 604م

   جاءَ في (التاريخ السعردي2 ص 65) بعد وفاة الجاثاليق ايشوعياب الأول الأرُزُني ومرور عدةِ أشهر إكتمَلَ إجتماعُ مطارنة وأساقفة الكنيسة والنُبلاء النصارى المُقرَّبين مِن الملك وفي مُقدمتهم "طجربَد درجرو" وكان ذلك في أواخر خريف عام 591 م لإختيار خَلَفٍ له، ومِن بعد إستئذان الملك كِسرى الثاني أبرويزعقد آباءُ الكنيسة الكلدانية النسطورية في المدائن اجتماعهم يوم الجمعة الثالثة مِن الصوم عام 596م ولما طال الخلافُ بينهم مدة قاربت الشهر دون الإتفاق على اختيار الخلف بسبب تَعَدُّد المُرشَّحين لمنصب الجثلقة حيث كان عددُهم خمسة أشخاص، رفع طجربد الأمرَ الى الملك فأمر ملكُ الملوك كِسرى الثاني أبرويز بإنتخاب سبريشوع اسقف لاشوم، وبذلك انتهى كُلُّ جدال أو تَرَدُّدٍ بين الأساقفة. وبحسب ما جاءَ بقصة حياة سبريشوع التي كتبها بطرس الراهب مِن بيث عابي وطبعها الأب بيجان، بعد قصة يهبالاها الثالث (في ليبسك عام 1895 م ص 288 - 331) بأن اختيار الملك لسبريشوع جاءَ وفاءً مِنه لِما لَقِيَه مِن الاسقف سبريشوع مِن خِدمةٍ وتقدير وإكرام كبيرين عند عودتِه على رأس الجيش الرومي عِبرَ بيث كَرماي وهو في طريقه لمُحاربة مُغتصب عرشه بهرام جوبين، والى إيمانِه أيضاً بأن انتصارَه على خَصمِه المُغتَصِب كان بفضل دُعاء مار سبريشوع الذي طلبَه مِنه "نَرساي" القائد الرومي عند زيارتِه له قبل التحام جيشه بجيش بَهرام، بالإضافة الى ما جاءَ في التقليد وما ذكره في المجدل (صليبا ص 49 - 50 وماري ص 57 - 58) بأن كِسرى الثاني أبرويزعند تَصَدّيه للعاصي باسطام واحتدام القتال بينهما، أفزَعَته قوة مُقاتلي باسطام وكثرة عددِهم، وبينما هو يُفَكِّر وكاد يَعمَدُ الى الهزيمة، ظهرت أمامه بغتةً صورة شيخٍ راهبٍ قصيرالقامة مُمسكاً بيده عصا، أوقفَ حصانه بقَبضِه على لجامِه وسحَبَه مِن على ظهره بقوة ودفعه لخوض الحرب بلا خوف فحالفه النصر، وسرد هذه الرؤيا على مَسمَع زوجتِه شيرين، فقالت له: إن الشيخ الذي ظهر لك هو سبريشوع اسقف لاشوم خادم الله المتَّقد الغيرة لإظهار مجده للبشر، فوعد الملك بمكافأتِه في الوقت المُناسب ووفيَ بعهده عندما أمر بإختياره جاثاليقاً.

   وعندما عَلِمَ الملكُ بغياب الاسقف سبريشوع عن اجتماع المطارنة والأساقفة المعقود في المدائن، أمر فوراً بتوَجُّه فِرقةٍ مِن خَيالتِه الى لاشوم لإحضار اسقفِها سبريشوع، ووصلَ الى المدائن العاصمة يوم الإثنين ثاني يوم الشعانين، ونزلَ في قصر الملكة شيرين، وفي اليوم الثالث مِن وصولِه وكان خميس الفصح اُصطِحبَ مار سبريشوع مِن قبل الآباء وجمع كبير مِن المؤمِنين بمَوكبٍ عظيم الى الكنيسة الكُبرى تَخلَّلته التراتيل والمزاميرُ ورُسمَ جاثاليقاً، ولدى انتهاء المراسيم خرج مار سبريشوع للسلام على الملك، بيدَ أنَّ الإزدحام كان شديداً جداً عاقه مِن الوصول الى القصر الملكي إلاّ بعد مرور الساعات الثلاث الاولى مِن الليل، فخرج لإستقباله العاملون في قصر شيرين حاملين الشموع والمباخير ومُرَنِّمين التراتيل، ودخل الى الديوان الملكي مصحوباً بالأساقفة وكبار وُجهاء المؤمنين، وبعد السلام على الملك تَقَدَّم الجاثاليق بالدعاء له، ويقول (الكاردينال تيسيران في م . ل . ك . العمود 181 - 182) ثمَّ سأله الموافقة على تعيين مار"ميليس" اسقف"شِنّا"مُعاوناً للبطريرك، والذي أصبح بعد ذلك مُمِثِّلاً للملك الفارسي لدى العرش الروماني، وأن يأذَنَ للأساقفة بالبقاء في المدائن شهراً إضافياً لكي يعقد مَجمَعاً كنسياً للتَداول في مُختلف شؤون الكنيسة فلَبّى الملكُ طلبَه.

   مجمع ساليق الحادي عشر 596م

   وتَمَّ عقد مجمَع ساليق الحادي عشر في شهر أيار مِن نفس العام 596 م كما ذكر كتاب (المجامع الشرقية ص 196 - 200 / ت ص 456 - 461) وشنَّ أعضاء المجمع حملةً كلامية شعواء على ما أسمياها بحركتَي المُصَلِّين والحنانيين. وكانت حركة الحنانيين وبدعة المونوفيزيين أهم المواضيع التي بَحثَها الآباءُ المُجتمعون، وكما أوضحنا بأنَّ الحنانيين كانو يُخالفون تفاسير العالم الكبير تِئودوروس المصيصي التي إعتمدها نسطور، ويُنادون بطبيعتَين واقنوم واحد للمسيح نظيرَ الخلقيدونيين، مُتَّبعين آراء القديس مار يوحنا الذهبي الفم. وكانت نصيبين مَقَرَّ َتَمَرْكُزهم، حيث كان حنانا زعيمُهم قد تَولّى رئاسة مدرسة نصيبين الذائعة الصيت، وقد أحدَثَت تعاليمُهم سجساً وبلبلة في الكنيسة الكلدانية النسطورية لمدة قرن مِن الزمَن أي منذ منتصف القرن السادس وحتى منتصف القرن السابع. ولكي يوضَعَ حَدٌّ لهذا الخطرالجسيم بنظر النساطرة، يقول (إيليا بَر شِنّايا في تاريخه ص 124) أقدم آباءُ المجمَع على تعيين غريغور اسقف كُشكر مطراناً لنصيبين، لشُهرتِه الواسعة وغِناهُ العِلمي وغيرتِه المُتَّقدة على الإيمان القويم بعرف النساطرة أي (المذهب النسطوري) وبسبب حِدَّة طَبعِه وصرامتِه المُفرطة أخفقَ في مُهِمَّتِه، حيث أبدى قساوة شديدة تُجاه كُلِّ مَن يتحَدّاه، حيث يقول (كويدي في تاريخه ص 11 والتاريخ السعردي ج2 ص 73) ما إن بَلغَه بأن رُهبان أديُرة سِنجار مُتشَبِّثون بهرطقة المُصَلّين حتى بادر الى طردِهم، فتظلَّموا كما ذكر كتابُ (المجامع ص200 و206 - 207) الى الملك مُلتمسين أن تُحَلَّ تَبَعِيَة أديُرتِهم عن سُلطة مطران نصيبين وتُربَط بسُلطة الجاثاليق. في شهر آذار مِن عام 598 م قَدِمَ الى المدائن رهبان مِن دير بَرقيطي ودير حَذثا ودير آخر لم يُعرف إسمُه وقطعوا عهداً للجاثاليق مار سبريشوع بأنهم لا زالوا وسيبقون أمينين على إيمان الكنيسة ومُقِرّين بتفاسير تِئودوروس المُفَسِّر وخاضعين لقوانين الرهبنة المصرية ولن يسعوا للتجوال في المدن والقرى أبداً، فوافقَ مار سبريشوع على وضع اولئك الرُهبان تحت إشراف الاسقفَين بريخيشوع وآبا ورَبطِهم بالكُرسي الجاثاليقي كما طلبوا دون أن يُسمَح لأيِّ مطران أو اسقف التَدَخُّل في شؤونهم، ولم يتوانَ غريغورعن مُعاقبة جميع كهنةِ نصيبين ووُجهائِها المُوالين لحنانا بمُنتهى الصرامة.

   صِدام بين الجاثاليق وغريغور

   ويقول (التاريخ السعردي ج2 ص 74 وكويدي ص 11) لما علم غريغور بما قام به مار سبريشوع بصدد الرهبان ثَقُلَ عليه الأمرُ جداً مِمّا أدَّى الى قيام عداءٍ ونزاع بينه وبين الجاثاليق، واستَغَلَّ ذلك أهالي نصيبين وقَدَّموا شكوى الى الجاثاليق ضِدَّ مطرانهم غريغور الكُشكري، كما تَلقَّى الجاثاليق رسالة مِن حنانا الحِديابي العالِم اللاهوتي الكبير، يشرحُ فيها حقيقة مُعتقدِه وينتقد تَصَرُّفات غريغور، وكانت نظرة مار سبريشوع على ما جاء برسالة حنانا حول مُعتقدِه ايجابية وواقعية، فاضطرَّ أن يطلب مِن الملك بأن يأمر بنفي غريغور، فانزوى في دير شهدوست. ولشدة انفعال مار سبريشوع من تصرفات غريغور الإستكبارية الخالية من التواضع فكَّر بحرمه! إلا أن الأساقفة حالوا دون ذلك، مُبدين امتعاظهم مِن موقف مار سبريشوع لأن غريغور كان بطلاً في نظرهم، ولفرط تزمُّتهم بالمذهب النسطوري، تجنّوا بحق القديس سبريشوع، وشيَّعوا عنه فقدانَه لموهبة إجتراح المُعجزات بعد مُعاقبته لغريغور، وكان ذلك افتراءً أملاه عليهم تزمتُهم النسطوري الذي أعمى بصيرتهم للإنغلاق عن رؤية الحق! فأخزاهم الله بعد هذه الحوادث حيث كان يُجري على يده المعجزات. ويُمثل تشهير الأساقفة بمار سبريشوع منتهى التعصُّب والغرور والإنغلاق الفكري كما جاء في كتاب (الرؤساء ص 48 - 49).

   وورد في كتاب تاريخ (مدرسة نصيبين ص 31 – 32) بأن غريغور بعد إخلاء الملك كسرى الثاني أبرويز سبيله مِن منفاه الذي امتدَّ 15 عاماً بحسب ما ذكر ايشوعياب الحديابي في كتاب "جهاد ايشوعسبران". قصد بلدَه واختار الإنفراد في البرية في المنطقة الواقعة بين كشكر ونُفَّر مواظباً على الصوم والصلاة. وبعد فترةٍ من الزمن غادر الى موقع يُدعى" بِـزَّا دنهراواثا ܒܙܐ ܕܢܗܪܘܬܐ ويعني "رأس الأنهر" وشيَّد هناك ديراً فاخراً. وافت غريغور المنيةعام 612م.

   عصيان أهالي نصيبين


   ويُضيف المصدران (التاريخ السعردي ج2 ص 74 وكويدي ص 11) بأنَّ أهالي نصيبين أعلنوا العصيان على الملك في شهرأيار لعام 599م وقتلوا مُحافظ الحدود لأسباب لم تُعرَف، فتَمَلَّك الغضبُ الملكَ كِسرى الثاني أبرويز لدى سماعِه الخبر، وللحال أمر القائدَ "نكوركان" أن يقود قوة كبيرة مِن أفراد الجيش ويستصحِبَ معه الجاثاليق سبريشوع وكُلاًّ مِن اسقف بيث كِرماي وحِدياب ونصيبين لكي يطلبوا من أهالي نصيبين تقديم الطاعة للملك، فتَحَدَّث الجاثاليق الى النصيبينيين أن يفتحوا أبواب المدينة مؤكِّداً لهم السلامة والأمان دون أن يعلم بالشر الذي قد أضمره القائد نكوركان، وما إن فتحوا الأبواب حتى هَجمَت القوات على السُكّان ونَكَّلوا بهم بمُنتهى الشراسة وأعملوا في المدينة حَرقاً وتخريباً ونهباً وسلباً، وقاموا بقتل جميع وُجهاء المدينة وأشرافِها، وتَمَكَّنَ عددٌ كبير مِن الهرب الى بلاد الروم أما الذين أسِرَهم نكوركان فجاء بهم الى العاصمة ووُضِعوا في السجون وماتوا فيها، والبقية التي سَلِمَت تَعَرَّضت للذل والهوان. تأثَّرمار سبريشوع جداً وتَملَّكَه الحزنُ الشديد بما تَعرَّضَ له أهالي نصيبين، وتَحَدَّثَ الى القائد نكوركان بأسفٍ مُعاتباً إيّاه على حَنثِه باليمين الذي قطعه له.

   جاءَ في (التاريخ السعردي2 ص 67 وماري ص 59) بالرغم مِن قيام القائد نكوركان بإبلاغ الملك بتأثُّر البطريرك وحُزنِه لِما جرى لإهالي نصيبين وعتابه له لنَكثِه بوَعده، إلاّ أنَّ الملك لم يُقَلِّل مِن مكانة البطريرك لديه وإظهارالإكرام له، كما إنَّ الملك الروماني موريقي وبحسب ما ذكره المصدر أعلاه، أعرب عن اشتياقِه الكبير لرؤية مار سبريشوع حتى إنَّه بَعَثَ إليه بمُصَوِّر ليأخذ صورتَه، ولم ينقطع عن مُراسلتِه وفي إحدى رسائله أضاف الى طلب دُعائه طلباً يلتمسه فيه أن يبعث إليه قُلُنسوتَه ليتبَرَّكَ بها، فطلب الجاثاليق مِن موريقي بالمُقابل أن يبعثَ إليه بجزءٍ مِن خَشب الصليب المقدس، فأمر موريقي أن يُصاغَ صليبٌ مِن الذهب ويُرصَّعَ بالجواهر ويوضَعَ في داخلِه جزءٌ مِن خشب صليب المسيح له المجد وبعث به الى مار سبريشوع، ولكن الملك كِسرى الثاني أبرويز عَلِمَ بأمر الصليب فاستولى عليه قبل أن يصل الى الجاثاليق، ولم يفعل ذلك إلاّ لحُبِّه المُفرط لزوجتِه المؤمنة شيرين حيث نزعَ خشبَ صليب المسيح مِن داخله وأهداه لها، وإذ عَلِمَ الجاثاليق بما فعله الملك أعادَ الصليبَ الى موريقي كاتباً إليه ما يلي:"حاجتي القصوى كانت ذلك الجزء مِن خشب الصليب المُقدس، فإنَّ الملك أبرويز أخذه وأهداه لزوجتِه شيرين التي يَكُنُّ لها الحُبَّ المُفرط، فإذا تَكَّرَّمَ جلالتُكم بجزءٍ آخر سأكون مُمتناً وإلاَّ فإن الذهب بدونه لا حاجة بي إليه.

   لقاء السفير الروماني بالجاثاليق


   يروي (السمعاني2 ص 72 - 77) في هذه الأجواء قَرَّرَ الملك الرومي مرقيان إرسالَ مبعوثٍ له كسفير الى الملك الفارسي كِسرى أبرويز الثاني والجاثاليق سبريشوع، هو الاسقف "بروبا" الفيلسوف والعالِم والبليغ اللغوي باللغات اليونانية والآرامية والعِبرية، يُسَمّيه التاريخ السعردي (ماروثا) والمؤرخ ماري يُطلق عليه (فروا) وكِلا الإسمَين مُحَرَّفَين مِن الأصل "بروبا". وكما يذكر المصدر أعلاه و(ابن العِبري/التاريخ الكنسي1 ص 253 - 255) عُرفَ بروبا باديء الأمر بمونوفيزيتِه ولكنَّه نَفَر مِنها ومالَ بقوةٍ الى الكثلكة فاختيرَ اسقفاً لمدينة خَلقيدونية، وعند وصولِه الى المدائن أرسل الملكُ الفارسي لإستقباله "طجربد درجرو" أحد كبار رجال الدولة المسيحيين المُقَرَّبين إليه ومعه تِئودوروس اسقف كُشكُر، وعَبدا اسقف بيث دارايي وبختتيشوع رئيس مدرسة المدائن فاستقبلوا بروبا بهُندامِه الجميل، وعندما حان الوقتُ ليُقابل الجاثاليق للسلام عليه، دَخل الى قِلاَّيتِه فوَجَدَ في زاويةٍ مِنها شخصاً جالساً على المِسح (قطعة منسوجة مِن الشعر الخشن) بثيابٍ رَثّة وعلى رأسِه قُلُنسوة، سألَ مُرافقيه مُندهشاً مِن يكون الرَجُل؟ فقالوا له إنَّه الجاثاليق مار سبريشوع، فعقدت الدهشة لسانَه، وكان الجاثاليق قبل وصول الاسقف بروبا قد جيءَ إليه بفتى أخرس واعمى فأبرأَه، فازدادت حيرة الاسقف بروبا ونَطق قائلاً: "إنها الحقيقة يا خادم الله الصَفي، فإن فَخرَ بِنتِ الملك كُلَّه مِن الداخل (مزمور 45 الترجمة البسيطة) والذين يلبسون الثيابَ الناعمة هم في بيوت الملوك (متى 11 - 8 ").

   مكث السفيرالاسقف بروبا ضيفاً على الجاثاليق مار سبريشوع لمدة شهرين يُرافقه الى ديوان الملك كِسرى ويَحضر القداس الإلهي الى جانبه ويتناول القربان دون تَرَدُّدٍ، وقبل عودتِه الى بلاده، قام الاسقف بروبا بزيارة مدرسة المدائن، وأكرمَ تلاميذَها بمِنَح مالية. أما الجاثاليق مار سبريشوع فقد حَمَّلَه هدايا نفيسة وأطياباً فاخرة للملك الروماني مِن التي تأتيه مِن الهند والصين، ومِن جانبٍ آخر رَغِبَ الملك كِسرى الثاني أبرويز أن يبعث بسفير الى الملك الرومي مرقيان يُرافق بروبا في طريق عودتِه، فاختير لهذه المُهِمّة ميليس اسقف شِنّا، ولدى مُقابلة السفير ميليس للملك مرقيان لَقيَ مِنه ترحيباً كبيراً وإكراماً جزيلاً، وزَوَّده بذات الصليب الذهبي المقدَّس المُرصَّع بالجواهر لجلبِه لمار سبريشوع الجاثاليق. والى الجزء الثامن قريباً.



في 9/1/2015



الإنشقاقات والنكبات التي عصفت بالأمة الكلدانية وكنيستها  والمآسي التي حَلَّت بها عِبرَ الزمَن  -الجزء السابع- Kawmiya2
من يقف في صف كنّا وآغجان فأنه مشارك في تهميش وإستلاب حقوق الكلدان

يونادم كنّا وآغاجان كفتا ميزان لضرب مصالح مسيحيي العراق ولاسيما الكلدان

من يتعاون مع كنّا وآغجان فكأنه يطلق النار على الكلدان

To Yonadam Kanna & Sarkis Aghajan

You can put lipstick on a pig but it is still a pig

To Kanna & Aghajan

IF YOU WANT TO REPRESENT YOUR OWN PEOPLE,
YOU HAVE TO GO BACK TO HAKKARI,
TURKEY & URMIA, IRAN


الإنشقاقات والنكبات التي عصفت بالأمة الكلدانية وكنيستها  والمآسي التي حَلَّت بها عِبرَ الزمَن  -الجزء السابع- 7ayaa350x100
الإنشقاقات والنكبات التي عصفت بالأمة الكلدانية وكنيستها  والمآسي التي حَلَّت بها عِبرَ الزمَن  -الجزء السابع- Images


ياوطني يسعد صباحك
متى الحزن يطلق سراحك
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
الإنشقاقات والنكبات التي عصفت بالأمة الكلدانية وكنيستها والمآسي التي حَلَّت بها عِبرَ الزمَن -الجزء السابع-
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات كلداني :: مَقَالَاتٌ لِلْكِتَابِ الْكَلْدَانَ :: مقالات الكاتب الكلداني/د.كوركيس مردو-
انتقل الى: