دفاعاً عن حقوق القوميتين الشقيقتين التركمانية والآشورية – بقلم جلال طالباني للتذكير ... والتساؤل «
في: 09:44 16/09/2015 »
دفاعاً عن حقوق القوميتين الشقيقتين التركمانية والآشورية – بقلم جلال طالباني
==============================
للتذكير ... والتساؤل
أبرم شبيرا
إفتتاحية جريدة الإتحاد:-------------
في عام 1992 كتب الأستاذ جلال طالباني، رئيس حزب الإتحاد الوطني الكردستاني، ثم فيما بعد رئيس جمهورية العراق للفترة من 09/04/2005 لغاية 24/07/2014، مقالة إفتتاحية في جريدة الإتحاد، الصحيفة المركزية لحزب الإتحاد الوطني الكردستاني في عددها الصادر بتاريخ 19/كانون الأول/ 1992 تحت عنوان (دفاعا عن حقوق القوميتين الشقيقتين التركمانية والآشورية). وجدت هذه المقالة المهمة لمام جلال في أرشيفي القديم ووجدت في إعادة نشرها في هذا الأيام تذكيراً للمعنيين بها من الشعب الكوردي وبجميع أحزابهم السياسية لكونها مهمة وتتضمن معاني سياسية وفكرية مرتبطة بحاضر ومستقبل إقليم كردستان العراق وبمصير القوميات غير الكوردية... ونظراً لأهمية الموضوع في سياق الزمن الحاضر نعيد نشره في أدناه دون أي تغيير، وذلك لغرض التذكير وطرح بعض التساؤلات ... والعبرة يفهمها القارئ اللبيب.
نص المقالة:-------
يؤلمني كأي كردي تقدمي أن لا أرى الحقوق القومية الإدارية والثقافية للقوميتين الشقيقتين التركمانية والآشورية مجسدة ومصاغة في قوانين وأنظمة كردستانية ويؤسفني أن لا أرى مثلا مديريات خاصة تهتم بحقوقهم الثقافية والإدارية والقومية. فالقوميتان الشقيقتان للشعب الكردي، القومية الآشورية والقومية التركمانية تعيشان منذ قرون عديدة مع الشعب الكردي على أرض واحدة مشتركة وتقاسما الشعب الكردي الضراء والسراء فقد تعرضتا مع الشعب الكردي إلى مظالم الغزاة والطغاة في الماضي البعيد وإلى الفظائع العفلقية الشوفينية وجرائم الإنفالات وحملات التهجير والتشريد والتبعيث والتعريب القسرية وأختلطت دماء المناضلين الآشوريين والتركمان مع دماء أشقائهم المناضلين الكرد في ساحة الكفاح المشترك ضد الدكتاتورية ومن أجل الديموقراطية وحقوق الإنسان. والآن قد تحرر حوالي نصف كردستان العراق من الدكتاتورية وأنتخب المجلس الوطني الكردستاني وتشكلت حكومة إقليم كردستان فما الذي يجب عمله لضمان تمتع أخوتنا وأشقائنا الآشوريين والتركمان بجميع حقوقهم القومية والإدارية والثقافية والإجتماعية وغيرها.
يقيناً أن ضمان المساواة التامة لجميع العائشين في كردستان وتحت ظل الحكومة الكردستانية الإقليمية عمل جيد ولكنه ليس كافياً أبداً. ويقيناً أن إشراك الأخوة الآشوريين في البرلمان والوزارة أمر جيد ولكنه ليس كافياً مطلقا. فعدا توفير الحريات الديموقراطية للأشقاء الآشوريين والتركمان وإعطائهم حريات العمل الحزبي والثقافي والسياسي والقومي يجب توفير الحقوق التالية لهم:
أولا: إصدار قوانين ملزمة من المجلس الوطني الكردستاني لضمان جميع حقوقهم القومية والإدارية والثقافية وتحريم الإضطهاد والتمييز وتجريم الإعتداء على أراضيهم وأمورهم الخاصة ومعتقداتهم وألخ.
ثانيا: تأسيس مديرية الثقافة التركمانية العامة وتأسيس مديرية الثقافة الآشورية العامة لضمان حقوقهم الثقافية وتدريس لغتهم وتاريخهم في المدارس.
ثالثا: إعادة الفلاحين الآشوريين والتركمان إلى قراهم فوراً وإعادة أراضيهم لهم حالا وإستخدام قوة القانون والبوليس والبيشمركة لضمان ذلك دون تردد.
رابعاً: إعتبار يوم أول نيسان عيداً قومياً لإشقائنا الآشوريين وإعتباره عطلة رسمية في كردستان.
خامساً: ضمان الحقوق الدينية لإخوتنا المسيحيين عامة وضمان حرية العبادة وإحترام الأعيادة المسيحية وإعتبارها أعياداً رسمية وكذلك تقديم المساعادات الممكنة لإعادة تعميير الكنائس والمعابد الأخرى.
سادساً: تعيين الموظفين الإداريين في النواحي والأقضية ذات الأكثرية التركمانية أو الآشورية من أخوتنا التركمان والآشوريين. وتعيين الموظفين التركمان والآشوريين في جميع الدوائر والمؤسسات لا حسب كفاءتهم ودرجاتهم فحسب بل وأيضا حسب ضمان حقوقهم الإدارية وتجاوزاً على المعمول به أحيانا ولصالحهم.
سابعاً: يجب إحترام الممثلين المنتخبين للآشوريين وكذلك ممثلي الأحزاب التركمانية والتشاور معهم في التعيينات وكل ما يتعلق بحقوقهم القومية والإدارية والثقافية وألخ.
هذه هي بعض المطاليب العاجلة والعادلة لإشقائنا التركمان والآشوريين يجب على المجلس الوطني الكردستاني وعلى مجلس وزراء حكومة إقليم كردستان أن يقوما فوراً ببذل الجهود لضمانها وضمان تمتع أشقائنا بها.
إنني أكرر ماسبق لي بيانه وهو أن مصداقية الحركة التحريرية الكردية في تقدميتها وديموقراطيتها تتجسد في الموقف من أشقائنا التركمان والآشوريين ولا يجوز أبداً السماح بأي تباطؤ أو تلكؤ أو حتى إسترخاء في تجاهل الحقوق القومية والإدارية والثقافية وغيرها لإشقائنا الآشوريين والتركمان.
إنني أجدد وأكرر تضامن الإتحاد الوطني الكردستاني المطلق مع القوميتين الشقيقتين للشعب الكردي التركمانية والآشورية وأدعو جميع المخلصين من أبناء وبنات كردستان إلى الوقوف بحزم ووضوح معهما ولضمان تمتعهما بحقوقهما المشروعة في ظل كردستان المحررة وإلا لن يكون تحررنا ناجزاً ولن تكون ديموقراطيتنا حقيقية وكاملة ولن نكون أوفياء للمقولة الخالدة بأن شعبا يستعبد شعباً آخر لا يمكن أن يكون حراً.
والسلام على من أتبع طريق النضال المتواصل لضمان حقوق أشقائنا الآشوريين والتركمان كاملة غير منقوصة في كردستان الفيدرالية الإقليمية... أنتهت.
للتذكير نقول:-------
صحيح القول بأن ماذكره مام جلال في عام 1992 قد تحقق البعض منه خلال الأعوام اللاحقة. ولكن أعيد نشر هذه المقالة كما ذكرت لغرض تذكير السياسيين العراقيين عموماً ونحن نعرف بأن بعضهم مصابون بضعف الذاكرة السياسية وأمل أن لا يكون الشعب الكوردي وخاصة بعض من قادته مصابين أو أنعدوا بهذه الداء الخطير، فبلاء هذا المرض يصيب الجميع الكورد والآشوريين والتركمان دون تمييز ونتذرع إلى الله أن يبعد الجميع عنه. ولكن مما يؤسف له بأن بعض المعنيين الكورد قد أصابهم هذا المرض الخطير في ضعف الذاكرة ونسيان تضحيات الآشوريين بدماءهم من أجل هذه التربة العزيزة على الجميع. نعم بعض من هؤلاء الذي أستطاعوا التغلغل وبأقنعة مختلفة إلى أروقة هيئات الحكم والبرلمان وبغفلة من قادة الكورد الطيبين يحاولون قضم الحقوق البسيطة التي يتمتع بها الآشوريون في الإقليم وهضمها كما كان يفعل الدكتاتوريون في تاريخ العراق المعاصر. أنسحبت الدكتورة الإستاذة منى يوخنا ياقو من لجنة إعداد دستور الإقليم رفضاً وإحتجاجاً على تصرف ومحاولة هؤلاء المصابون بمرض الزهايمر السياسي في قضم وبلع الحقوق التي مارسها الآشوريون في الإقليم منذ أكثر من عقدين من الزمن ورفضوا تثبيتها كمبادئ أساسية وجوهرية في دستور الإقليم لضمانها وبشكل معزز بمبادئ دستورية صعب المساس بها. للحق أقول بأنني لم أسمع طيلة حياتي بأن دولة شرعت حقوق مشروعة لفئة معينة ومارستها طيلة فترة طويلة ثم بعد فترة أو زمن معين تأتي بتشريع لتلغي هذه الحقوق. صحيح هناك أنظمة سياسية قد تمنح مثل هذه الحقوق وبعد فترة أو زمن قد تهملها ولا تطبق وتصبح بحكم الملغي ولكن لا تصدر تشريع بإلغاءها أو تجاهلها، كما كان الحال مع نظام البعث المقبور في العراق عندما منح الحقوق الثقافية والإدارية للأقليات التي لم يلغيها أبداً بل جعلها بحكم الميت. أوكد بأنه لو نجح هؤلاء المصابين بمرض الزهايمر السياسي في قضم وبلغ حقوق الآشوريين لدخلوا موسوعة غينس للأرقام القياسية أو أعتبرها البعض "نكتة" كردية. وحتى يثبتوا هؤلاء بأنهم غير مصابين بمرض ضعف الذاكر وأنني مخطئ في أتهامهم بهذا المرض الخطير عليهم النظر في موضوع تثبيت حقوق أمتنا في الدستور كضمان راسخ لممارستها عندما تصدر القوانين الخاصة بها.
ومن باب هذا التذكير نقول لكل المصابين بمرض الزهايمر السياسي في الإقليم: إذا جفت دماء الشهداء هرمز وماركريت ومار يوآلا وكييو وطليا وفرنسو وفرنسيس شابو وأبو نصير والمئات غيرهم على تربة الإقليم دفاعاً عن حريتها ومقاومة للظلم والإستبداد فأن هذه الدماء لن تجف في تاريخ المنطقة ولا في تاريخ الحركة القومية الكردية فإن جفت ونسيت فأن هذا لا يعني إلا نسيان ومحو جزء مهم ومثير وناصع من تاريخ هذا المنطقة العزيزة على الكورد وعلى الآشوريين الذين يؤمنون إيماناً لا نهاية لها بأنها آشور موطن أبائهم وأجدادهم يعتزون به إينما كانوا وفي كل الأوقات والأزمان.
للتساؤل نقول:--------
تساؤل مهم ومثير يطرح نفسه عبر سنوات الفترة الزمنية التي تبدأ عام 1992، سنة كتابة المقالة أعلاه من قبل مام جلال، وحتى يومنا هذا في عام 2015، سنة كتابة هذه السطور. في عام 1992 كتب الإستاذ جلال طالباني عن حقوق القومية الآشورية مؤكداً تأكيداً قاطعاً من دون لبس وتردد على التسمية الآشورية حيث ذكرها 19 مرة في مقاله الإفتتاحي أعلاه، والأهم من هذا أعتبرها كقومية لا كأقلية أو كمكون مسيحي كما هو سائد في هذه الأيام. لا بل فوق ذلك أكد تأكيدا مشددا على القومية الآشورية وجعل الأمر منه أن يفرق بين الحقوق القومية للآشوريين وحقوق المسيحيين واضعاً فاصلاً بين القومية والدين، أمر لا يتجرأ الكثير من السياسيين في العراق على مثل هذا التصريح لمثل هذا الفهم في الفرق بين الحقوق القومية للآشوريين والحقوق الدينية للمسيحيين.
أمر آخر مهم يثير التساول مصدره هو تأكيد مام جلال على التسمية الآشورية وهو في عام 1992، ولكن نحن في هذا العام 2015 هناك تأكيدات على أعتمادة تسمية قومية مركبة كـ "الكلدان السريان الآشوريين" كما جاء في مسودة دستور إقلم كردستان وعند معظم الأحزاب الرئيسية للكلدان والسريان والآشوريين... أفهل كان مام جلال يهدف من خلال تركيزه على التسمية الآشورية تهميش الكلدان وهضم حقوقهم كما يبرر ذلك في هذه الأيام بعض الأحزاب الكلدانية فشلهم على الساحة السياسية والجماهيرية وفي الإنتخابات العامة. أم كان مام جلال في تأكيده على التسمية الآشورية هو تضمين الكلدان والسريان ضمن هذه التسمية وأعتبارهم قومية واحدة وتسمية واحدة كما تزعم بعض الأحزاب الآشورية؟؟ أم أن إشارته إلى ضمان حقوق المسيحيين كان يقصد بهم الكلدان والسريان وكانت الكنيسة الكلدانية الكاثوليكية والكنيستين السريانيتين الأرثوذكسية والكاثوليكية خير ممثلين للكلدان والسريان في تلك الفترة؟؟ أم الحقيقة هي أنه في تلك الفترة لم تكن هناك أحزاب سياسية كلدانية ولا سريانية فكان على مام جلال أن يتعامل مع الواقع السياسي ويؤكد على القومية الآشورية التي كان يمثلها أحزاب سياسية على الساحة وبعضها، وأقصد الحركة الديموقراطية الآشورية (زوعا)، كانت عضواً في الجبهة الكردستانية ومشاركة في نشاطات المعارضة ضد النظام البعثي وحاصلة على أربعة كراسي برلمانية في برلمان الإقليم وكرسي وزاري في مجلس وزراء الإقليم. هذه المواضيع عميقة وحساسة وللبعض تسبب الدوران وضغط الدم نتيجة تهربهم من الواقع السياسي السائد في هذه الأيام وعدم قدرتهم الذهنية على تحملها، وقد تعرضنا إلى بعضها في السابق خاصة موضوع عدم تأسيس الكلدان للأحزاب السياسية القومية قبل عام 2003 فلا داعي لأعادة التذكير بها مرة أخرى تجنباً لإطالة الموضوع وتسهيل الأمر لبعض القراء الأعزاء الذين يرغبون قراءة المواضيع القصيرة فقط... الله يكون في عون الجميع.