على الكلدان قبول أنفسهم أولا قبل الطلب من الأخرين قبولهم «
في: 24.10.2015 في 12:54 »
على الكلدان قبول أنفسهم أولا قبل الطلب من الأخرين قبولهم
ليون برخو
جامعة يونشوبنك – السويد
كثر الحديث في الآونة الأخيرة حول قبول الأخر. والحديث مفاده ان الأشقاء الأشوريين لا يعترفون بالكلدان كهوية او قومية.
وأقحم الكثير من أبناء شعبنا أنفسهم في مفهوم "قبول الأخر". وأول من اثاره كان رجل دين كلداني (على مستوى مطران) وتبعه بعض الأخوة وبينهم أقلام رصينة.
هناك في رأي عدة مسائل ومفاهيم فكرية وعلمية وفلسفية وأكاديمية مهمة يحاول الأخوة الكلدان تجنبها او التهرب منها عند الحديث عن "قبول الأخر." سأعرضها ادناه مع بعض الأمثلة. وسأثير كذلك بعض الأسئلة.
الإطار الفكريلنناقش أولا الإطار الفكري لمفهوم "قبول الأخر." لا أظن ان الذي استعمله أولا وأثار هذا الكم من النقاش يفهم ما هو معنى "قبول الأخر." ولا أظن انه باستطاعته تعريفه. وقد لا أجانب الحقيقة إن قلت إنه نفسه يقع ضحية لما اثاره من نقاش.
"قبول الأخر" هو مفهوم فلسفي فكري. هذا المفهوم وضع اسسه النظرية والفكرية والتطبيقية فلاسفة معاصرون كبار جلّهم امريكان. ونطلق عليهم "الفلاسفة البراغماتيون".
والبراغماتية التي علمتنا "قبول الأخر" بعيدة عن الدين والمذهب والطائفة. لا بل تمقت كل فرد او شخص ينطلق من مفهوم او أرضية ان ما لديه من كتب او ميول دينية او مذهبية او عرقية او جنسية او أفكار او ايديولوجيات أفضل او أقدس او أسمي من الأخر. او ان ألأخر لن يخلص (بمعنى يحصل على البركة السماوية ويدخل ملكوت الله) او يستحق العيش إن لم يصبح مثلي ويتبنى خطابي وميولي او ديني او مذهبي.
هيغل و"قبول الأخر"وأول من وضع لبنات هذه الفلسفة – فلسفة قبول الأخر – هو الفيلسوف الألماني هيغل. بيد ان مسألة قبول الأخر – أي جعل او اعتبار ما لدى الأخر مقدسا وسليما ومقبولا ومساويا لما لدي لم تلق اذانا صاغية في أوروبا في القرن الثامن عشر، الذي ولد فيه هيغل، والقرن التاسع عشر الذي توفي فيه.
"قبول الأخر" كما صاغه هيغل ليس امرا سهلا. المجتمعات تحتاج الى ثقافة وتعليم وتربية وتنوير كي تصل اليه. وتحتاج أيضا الى التخلص قبل كل شيء من اردان الأصولية الدينية والمذهبية والطائفية وعصمة ما لديها من كتاب او رجل دين او مبادئ وإيديولوجيات تراها مطلقة.
ولهذا لم تكترث أوروبا للمفهوم الهيغلي حول "قبول الأخر." وظهرت النازية والشوفينية والبلشفية والتعصب والأصولية الدينية والمذهبية – وهي شرور لم ير مثلها البشر– في عقر دار هيغل او ما حوله.
أمريكا وهيغلفي أمريكا جرت قراءة مختلفة لهيغل عن تلك التي في أوروبا. تلقف فلاسفة امريكيون كبار من أمثال جارلس بيرس وويليم جيمس وجون دوي، وهيلري بوتمان، وريجارد روتري أفكار هيغل عن "قبول الأخر" وطوروها وأطلقوا عليها "الفلسفة البراغماتيىة". في أوروبا، الفيلسوف الذي اشاع وادخل الفلسفة الهيغلية والبراغماتية حول "قبول الأخر" هو يورغن هبرماس.
الفلاسفة الأمريكيون هؤلاء إليهم يعود الفضل في صياغة الدساتير والقوانين في أمريكا واليهم يعود الفضل في بناء النظام المعرفي والتربوي والثقافي في أمريكا.
ولهؤلاء الفلاسفة يعود الفضل في اشاعة مناخ التسامح الديني والمذهبي والعرقي في أمريكا واليهم يعود الفضل في التشريعات التي تجعل من هذا المناخ فكرا وممارسة عملا ممكنا.
ركنانمفهوم "قبول الأخر" وباختصار شديد له ركنان اساسيان. الأول، يرتكز على أرضية ان قداسة وعصمة وسمو ما لدي من دين ومذهب وكتاب وفكر وإيديولوجية وميول (بشتى أنواعها) وثقافة وتقاليد وهويه (وهذه وعاؤها اللغة) صحيحة ومنطقية وسليمة ولكن فقط بقدر التعلق الأمر بي وحسب.
وكذلك فإن قداسة وعصمة وسمو ما لدى الأخر من دين ومذهب وكتاب وفكر وإيديولوجية وميول (بشتى أنواعها) وثقافة وتقاليد وهويه (وهذه وعاؤها اللغة) صحيحة ومنطقية وسليمة ولكن فقط بقدر التعلق به وحسب.
إذا مسألة القداسة والعصمة والسمو لما لدي ولما لدى الأخر نسبية. وعليه علينا كلنا الانطلاق من أرضية ان كل ما لدي وما لدى الأخر مساو في القدسية والعصمة والسمو وأن نقبل الواحد الأخر انطلاقا من هذا النهج.
إن قلت وتصرفت عل أساس ان ما لدي له قدسية وعصمة وسمو وأن ما لدى الأخر يفتقر اليها، أكون في هذا قد اخلت بشروط "قبول الأخر" واستحق العقاب او التنبيه على ذلك. وإن قلت ان ما لدى الأخر باطل (باطل في نظري النسبي)، مثلا، فيكون ما لدي باطل أيضا (في نظره النسبي).
والركن الثاني هو ركن اللغة والخطاب. وهذا الركن يشبعه فلاسفة "قبول الأخر" نقاشا. واللغة هي الوسيلة التي من خلالها نعبر عن قدسية وعصمة وسمو ما لدينا، أي اللغة هي التي تجمعنا وتجعل منا امة او قومية ومن خلالها تتكون ذاكرة جمعية تحتوي وتعبر عن ميولنا وثقافتنا وعاداتنا وتقاليدنا ورموزنا التاريخية وآدابنا من شعر ونثر وفن موسيقى وغناء وغيره. ونظرية قبول الأخر حسب معادلة قبول الأخر التي سقتها أعلاه تنطبق على اللغة أيضا.
اللغة والخطاب الذي لدي مقدس وله العصمة والسمو لأنه يكوّن هويتي (أي من انا) بقدر تعلق الأمر بي وكذلك بقدر تعلق الأمر بالأخر. إذا قدسية وعصمة وسمو الهوية او القومية (اللغة) هي الإطار الذي يجمع أبناء الأمة الواحدة بغض الطرف عن الدين والمذهب والميول.
ومن هذا المنطلق، الدين او المذهب الذي يفرض ثقافة محددة وطقوسا محددة ورموزا محددة على الأخر، كون ان ما لديه له العصمة وهو أقدس وأسمى مما لدى الأخر، ينتهك ابسط شروط مبدأ "قبول الأخر."
التطبيقإن اخذنا هذا الإطار الفكري والفلسفي والنظري أساسا، سنرى ان ما اثير حول "قبول الأخر" مؤخرا على لسان رجل دين من أبناء شعبنا تسطيح للمفهوم وينطلق من أرضية طائفية مذهبية ترى ان ما لديها من مذهب وطائفة مقدس وله العصمة وما لدى الأخر لا يملك تلك الخصائص.
ولهذا أتت على لسان الشخصية هذه وفي مناسبات عديدة كثيرة من الأطر الخطابية التي تنتقص من مذهب الأخر وتستخدم تسميات مثل "النسطورية" للانتقاص منه لأنه ينطلق من أرضية عصمة وقداسة ما لديه فقط بينما لا يمنح الأخرين احقية العصمة والقداسة لما لديهم. وفي كل هذا ينسى ان جذوره وثقافته ولغته وطقوسه وآدابه وفنونه ورموزه واجداده لا بل ذاكرته برمتها ذات صبغة "نسطورية."
ومن خلال ما جرى من مناقشات بدا لي ان مفهوم "قبول الأخر" يستخدمه البعض كمفهوم دارج عام لا أسس علمية وأكاديمية له. هذا خطأ. له اسسه ومدياته كما أشرنا أعلاه من خلال الركنين الذين ذكرناهما.
ومن خلال المناقشات بدا لي ان المطلوب هو ان الكل يجب ان يقبل الكل مهما كان الأمر. أي ان نقابة الأطباء عليها ان تقبل أي شخص اخر يسمي نفسه طبيب دون مؤهلات جامعية وشهادات معترف بها. او ان الجامعات عليها ان تعترف بالأخر وتضمه ضمن صفوفها وإن كانت شهادته من جامعة غير معترف بها.
ماذا عن هويتناالأمور ليست هكذا. هويتنا كشعب هي بمثابة انتماء شأنه شأن أي انتماء اخر. له شروطه وأهمها اللغة وما تكتنفه من ذاكرة تاريخية برموزها وآدابها وطقوسها وتراثها وثقافتها وتقاليدها وأزيائها وريازتها. إن لم تعترف بهذا الانتماء وتمارسه وتقدسه وتمنحه العصمة والسمو (بقدر تعلق الأمر بك) لا يجوز الاعتراف بك ومنحك حق الانتماء الى الأمة وهويتها كما ان نقابة الأطباء لا تمنحك بطاقة الانتماء وإن فعلت تكون قد خانت الأمانة وانتهكت اخلاق المهنة.
والانتماء لا علاقة له باسم الشخص او مذهبه إن كان مار نسطوريس او غيره طالما ساهم في تشيد البنيان الذي يكوّن هويتنا.
والعرب مثلا تتباهى بالمسيحيين الذي ساهموا في نهضة لغتهم وهويتهم وفنونهم وآدابهم وهم كثر ولا حاجة الى ذكر أسمائهم. وهذا ما تفعله كل الشعوب التي لها غيرة على هويتها ولغتها وطقوسها وتراثها وريازتها وأزيائها وهندستها وفنونها.
الكلدان ومع الأسف الشديد ربطوا كل مصيرهم ومن ضمنه هويتهم بدولة الفاتيكان (ثقافة وهوية) او مؤسستهم الكنسية التي تتبع هذه الدولة بالمطلق وليس على مبدأ قبول لأخر الذي وضحته اعلاه. وهوية هذه الدولة على نقيض من هويتنا. هويتها لاتينية. هويتنا شيء اخر تماما. لنا رموزنا ولغتنا وثقافتا وطقوسنا وريازتنا وازيائنا وتاريخنا وذاكرتنا التي هي خاصة بنا. ممارستنا للهوية اللاتينية الفاتيكانية او الهوية العربية او الكردية (لغة وثقافة) معناه انسلاخنا عن هويتنا وانضمامنا اليهم. الاسم والتسمية لا يغير في الأمر شيئا.
الإشكالالإشكال الذي وقع فيه صاحب "قبول الأخر" في انتقاده للأخوة الأشوريين هو غضه النظر عمدا او سهوا عن ان الكلدان والأشوريين بصورة خاصة والسريان بصورة عامة لهم لغة ورموز وثقافة وطقوس وريازة وأزياء وذاكرة واعلام وادأب وفنون وشعر وتقاليد ونثر وتاريخ واحد مشترك.
الذي يفضل ثقافة (هنا لا اقصد المذهب ابدا) دولة الفاتيكان اللاتينية مثلا او الثقافة العربية وغيرها على ثقافة ولغة شعبنا لا يحق ولا يجوز ان يُقبل به كصاحب هوية او قومية لأنه أساسا غيّر قوميته او أستبدلها الى قومية وثقافة اللغة التي تبناها.
مع الأسف ان الكثير من الكلدان اليوم ومعهم رجال دين كبار علانية يتبنون الثقافة الفاتيكانية اللاتينية (لا اقصد المذهب) والثقافة العربية او الكردية او اي ثقافة أخرى (لغة أخرى) ويزدرون ثقافتنا ولغتنا. والدليل المحاولات الحثيثة والخطيرة لتغير وتبديل وتهميش واقصاء تقريبا كل ما نملكه من طقوس ولغة وفنون وغيره بحجة العصرنة والترجمة والتأوين والتجديد او مسايرة دولة الفاتيكان.
معدلات وفرضيات فكريةالأشوري رجل دين او غيره الذي يتشبث بلغتنا وثقافتا ورموزنا وذاكرتنا وطقوسنا وريازتنا وهندستنا وآدابنا وشعرنا وفنوننا وحوذرتنا المقدسة ولا يقبل ان يحتله الأجنبي والدخيل كي يزيل لغته وثقافته وطقوسه وغيره هو أكثر كلدانية من أي كلداني مطران كان او غيره يزدري لغتنا وحوذرتنا المقدسة وتراثنا وآدابنا وتاريخنا ورموزنا وذاكرتنا او غيره.
والكلداني رجل دين او غيره الذي يتشبث بلغتنا وثقافتا ورموزنا وذاكرتنا وطقوسنا وريازتنا وهندستنا وآدابنا وشعرنا وحوذرتنا المقدسة ولا يقبل ان يحتله الأجنبي والدخيل كي يزيل لغته وثقافته وطقوسه هو أكثر اشورية من أي أشوري مطران كان او غيره يزدري لغتنا وحوذرتنا المقدسة وتراثنا وآدابنا وتاريخنا ورموزنا بحجة التأوين والترجمة والعصرنة.
وهكذا السرياني رجل دين او غيره الذي يتشبث بلغتنا وثقافتا ورموزنا وذاكرتنا وطقوسنا وريازتنا وهندستنا وآدابنا وشعرنا وفنوننا ولا يقبل ان يحتله الأجنبي والدخيل كي يزيل لغته وثقافته وطقوسه وغيره هو أكثر كلدانية واشورية من أي كلداني او اشوري مطرانا كان او غيره يزدري لغتنا وحوذرتنا المقدسة وتراثنا وآدابنا وتاريخنا ورموزنا وذاكرتنا وغيره.
شروط الانتماء والقبولالانتماء الى هوية له شروطه والاعتراف بهوية له شروطه. الجامعة التي لا تعترف بشهادة محددة لأنها لم تستوف الشروط ليس معناه انها لا تعترف بالشخص كإنسان. وكذلك نقابة الأطباء. الجامعة ونقابة الأطباء يحق لهما عدم الاعتراف بالأخر أي قبول انتمائه لهم إن لم يستوف الشروط.
وشروط الانتماء الى هوية شعبنا كما وضحتها وفسرتها أعلاه اليوم تتمثل خير تمثيل في اشقائنا الأشوريين ومؤسستهم الكنسية. هنا نتحدث عن هوية وخصوصية شعبنا التي تعكسها لغته وثقافته وطقوسه وريازته وحوذرته المقدسة والتشبث باللغة دراسة وتدريسا وعلى كل المستويات.
ولهذا ترى ان الكثير من أبناء شعبنا من السريان والكلدان بقبلون بالأشورية كهوية لأن الأشقاء الأشوريين يمارسونها ويقدسونها ويمنحونها العصمة والسمو فوق أي هوية أخرى. ليس هناك مكون من مكونات شعبنا او حزب من أحزاب شعبنا او منظمة مدنية او كنسية لها ولع وحب وشغف باللغة والثقافة والطقوس والفنون والآداب والشعر والنثر والموسيقى والأناشيد والذاكرة التي تجمع شعبنا مثل الأشقاء الأشوريين ومؤسساتهم المدنية والكنسية.
والمؤسسات الأشورية المدنية بصورة عامة تسمو على المذهبية والطائفية، أي لا تضع المذهب قبل الهوية. لغة وثقافة وهوية شعبنا تأتي لديها فوق المذهب أي كان.
نحن الكلدان، ومع الأسف، كل شيء في حياتنا يدور ويتمحور حول المذهب، الفاتيكان. وننسى ان الفاتيكان دول وهوية لا علاقة لها بهويتنا على الإطلاق. نجتمع مذهبيا ولكننا نحن على طرفي نقيض هوية وثقافة. ولهذا لم نفلح في تشكيل هوية خاصة بنا من دون الإطار المذهبي. حتى المؤسسات (أحزاب) الصغيرة تتكئ في كل شيء على الإطار المذهبي والكنسي. والرابطة الكلدانية أساسها هذا.
وعليه، لم نر أي انتقاد ولو كلمة عتاب من الرابطة الكلدانية او غيرها من المؤسسات الكلدانية مثلا على ما تقوم به البطريركية من تهميش للتراث واللغة والطقس الكلداني وحوذرتنا المقدسة وريازتنا وهندستنا وازيائنا وكأنها غير معنية بالكلدانية كهوية. وهذا هو شأن تقريبا كل مؤسساتنا الكلدانية.
ما يهم هو انتقاد الأشقاء الأشوريين وكأنهم هم احرقوا كتبنا ومكتباتنا ومخطوطاتنا واهانوا واضطهدوا كهنتنا واجبرونا على قبول واقحام لغات وثقافات أخرى دخيلة اجنبية وكانوا وراء استعمارنا الذي بدأ في القرن التاسع عشر ولا يزال والذي تقريبا لم يبق لنا شيء يذكر.
جعل الأشورية شماعة لفشلنا لا بل هزيمتنا منذ انكسار ثورتنا المباركة على الطغيان والظلم والاستعمار أسهل ما يكون ولكنه لن يعيد لنا شيء، لا بل سيفقدنا النزر اليسير الذي بقي لدينا.
هل هناك أمل؟ان ننتمي الى شعبنا ونكون أصحاب هوية علينا العودة الى جذورنا من لغة وثقافة وفنون وطقوس وشعر ونثر وموسيقى وتراث ومناطق وأوقاف وأتباع في كل مكان من الدنيا. الذي يزدري هذا المورث ويرميه جانبا لا يحق له المطالبة بهوية او قبوله كصاحب هوية ضمن نطاق هوية شعبنا.
لم تبق بين صفوف الكلدان الا قلاع قليلة جدا (وهناك حرب شعواء لنسفها) بعد ان خسرنا تقريبا كل شيء من ضمنه استقلالية قرارنا في مسائل تنظيمية بسيطة جدا منذ ان بطش المستعمرون وقضوا على ثورتنا المباركة في عهد البطريرك يوسف اودو. خسرنا أراض شاسعة واوقاف لا تقدر ولا تثمن وملايين الأتباع جرى جردهم من لغتهم وثقافتهم وطقوسهم.
اليوم لا نستطيع كتابة صفحة ونشرها ضمن الإطار المؤسساتي الكنسي دون موافقة الأجنبي والدخيل.
اليوم هناك فوضى عارمة على كافة المستويات التنظيمية والإدارية واللغوية والتراثية والطقسية ... وغيرها.
اليوم نحن لا استقلال لنا وفي كل شيء تقريبا.
اليوم هناك حملة كبيرة تستهدف كل كلدني، رجل دين او غيره، يحاول الحفاظ على القليل الذي تبقى لدينا.
اليوم الكثير من الكلدان بينهم أساقفة لا يكترث حتى وإن جرى تهميش كل لغته وتراثه وثقافته وطقوسه وتم حرق حوذرته المقدسة او رميها في سلة المهملات.
وهكذا صرنا لا نميز بين المتشبث بهوتيه من لغة وطقوس وتراث وفنون وهندسة وريازة وأزياء وغيره وبين الذي يريد ليس تهميشها بل محاربتها علانية وإزالتها من الوجود.
"قبول الأخر" يعني عليّ ان أكون مؤهلا كي انضم الى الهوية فكرا وممارسة، أي ان ابداء بقبول نفسي اولا.
نحن لا نميز بين المذهب والهوية. وهذا امر سلبي جدا.
الأقرب الى الهوية لا بل صاحب الهوية هو الذي يحبها ويمارسها ويدرسها ويحافظ عليها من لغة وطقوس ورموز وتراث وثقافة وشعر وموسيقى واناشيد وتراتيل وفنون وآداب ونثر. هذا علينا قبوله وهو منا والينا، إن كان اشوريا او كلدانيا او سريانيا، وإن كان على مذهب الأجداد السليم والقويم او على مذهب الفاتيكان او على أي مذهب اخر.
المحك في القبول ضمن العقل الجمعي لشعبنا هو التشبث بلغتنا وما تكتنفه من الخصائص التي ركزت عليها أعلاه. الذي لا يملكها او يحاربها او يهمشها ويفضل هوية أخرى عليها، كما هو شأن الكثير من الكلدان ومعهم بعض رجال الدين الكبار، لا يحق قبوله ضمن نطاق هويتنا لأنه قد استبدلها بالهوية التي يمارسها.
وهذا المحك هو الذي يؤدي الى الوحدة، وحدة الهوية وليس المذهب. والذي يقول انه يريد الوحدة عليه التشبث بالهوية أولا، الهوية من لغة وطقوس وفنون وشعر وتراث وأناشيد وآداب وريازة وأزياء وهندسة وكل ما تكتنفه اللغة كوعاء ثقافي دونه لا هوية ولا قومية ولا وحدة ولا هم يحزنون.