يبدو ان مراكز صنع القرار في أميركا تعلموا الدرس من فشلهم المخزي في الصومال وافغانستان والعراق عند تدخلهم العسكري المباشر في هذه الدول، فأدركوا أن من الضرورة بمكان تبديل الفلسفة التي تعتمد عليها الستراتيجيات التي تخص السيطرة والنيل من الآخرين.
كانت الأولوية ما يخص نشاطات التنظيمات الأسلامية بعد سقوط الأتحاد السوفيتي وحلول الأسلمة كخطر محل الخطرالشيوعي الذي كان يقض مضاجع الرأسمال العالمي.
وجد ان الطموحات الشمولية للاسلام فيها ما يقلق، فأصبح في مقدمة الأعداء، ووجب تحجيمه وتأمين جانبه والتخلص من وشروره، وأي من الوسائل هي الأضمن نجاحا وأقلها كلفة وأكثرها حقنا لدماء شبابهم.
ومن المؤكد أن دراسات معمقة في سيكولوجية المجتمعات المستهدفة وعلى طرائق تفكيرها قد أجريت بدعم من مقادير هائلة من المعلومات الأستخبارية تراكمت لديهم فتوصلوا الى استنتاجا تتلخص فيما يلي:
** العقيدة الأسلامية وهي تحمل بذرة دمارها ذاتيا ويمكن تفعيلها وبأيدي أكثر المؤمنين بها والمخلصين لها.
فلتنفيذ سيناريو الدمار الشامل لمجتمعاتها وبالنتيجة النهائية لبلدانها، وكنتيجة حتمية لمتطلبات هذا الزلزال المناطقي يتطلب مقادير هائلة من المعدات العسكرية، والتي بدورها ستنصب في مصلحة الصناعة الحربية الغربية.
أما قوتها التدميرية ستكون وبالاً على الأخوة الأعداء أنفسهم.
** تسويق الديمقراطية لهذه المجتمعات ستكون هي الأخرى أداة فعالة في خدمة العمود الأول في هذه الستراتيجية لعلمهم أن هذه الوصفة غريبة جداً على طبيعة الفرد المسلم كما للمجتمعات الأسلامية فستكون أداة فعالة في أسلمة المجتمع لأن للأسلاميين فرص أوسع لتبوء قيادة هذه المجتمعات بواسطتها، وفي النتيجة النهائية تنجح في تدميرها.
كانت هناك أفكار في هذا الأتجاه منذ السبعينات وقد أستخدمت لأول مرة في ايران حيث غدر بالشاه، وكان يومها في البيت الأبيض رجل يميل الى هذا المنهج لكنها لم تكن قد إكتملت، وما يدعم أجتهادنا هو أستمرار الرجل في هذا النهج بعد خروجه من البيت الأبيض حيث بارك أنتخابات الأخوان المسلمين وشرعنة سلطتهم في السودان، والسودان في حريق دائم تابى نيرانه لن تخمد حتى بعد أنشطاره.
ثم وجدنا الرئيس كارتر يشرف على أنتخابات حماس ويتبادل القبل مع قادتها مهنئاً، وحماس وتجربتها الديمقراطية في غنى عن التعريف.
فعندما وجد المخطط الأمريكي فاعلية هذا العقار الذي جرب على أرض الواقع بنجاح بصعود الجمهورية الأسلامية الى واجهة المسرح الأسلامي وبطموحات لا حدود لها وان الأسلام أصبح بأكثر من رأس ومعلوم هو ان الحاكم العربي يعمل وفقا للآية الكريمة انه وحده لا شريك له فالأسلام لا يقبل الشراكة يعني ان هذا التحول صب الزيت على النار ربما لعقود قادمة لا يعلم حتى الراسخون في العلم مخارجها.
بهذا تأكد ان طاحونة الخراب تحتاج عجلاتها مزيدا من الدهون للإسراع في دورانها لتشتد الصراعات في كل بقاع العالم أينما وجد أثنين من المسلمين، ومعروفة بدايات حزب الله الديمقراطي حتى الثمالة التي تستمد روحها من ملالي قم والولي الفقيد قدس سره.
وهذه التجارب الناجحة بنتائجها في إيران وغزة ولبنان أغرت المخطط الأمريكي خاصة والغربي عامة الى المجيء ببدعة الربيع العربي الذي لا يزال ازدهاره مستمرا وبنفس العنفوان اللا ربيعي في التدمير.
فشرعت كل الأبواب أمام الأسلاميين الشيعة والسنة على السواء لتدمير العراق الذي كان مجتمعه يمثل الشريان النابض في المنطقة لنشر الحداثة والمعاصرة في المنطقة رغم السنين العجاف مع الدكتاتورية الغير الرشيدة التي أودت تجربتها البائسة بالخيط والعصفور معا.
وكانت التجربة من أنجح التجارب التي أشرفت على تنفيذها بدقة متناهية الإدارة الأميركية حيث أدت الخطة المطلوب منها وأكثر مما كان منتظراً منها، في إنهاء البلاد:
إجتماعيا فها هو الآن أرض بلا شعب تسكنه مجاميع تتصارع فيما بينها ربما الى الأبد وتحيله الى جحيم يحترق في أتونه الجميع.
تدمير ثقافي لا يمكن إصلاحه لأجيال قادمة هذا ان حصل تغير ما، علما انه ليست هناك من فرص لحدوث ذلك.
أنهيار اأقتصادي لا قيامة بعده.
نهب عام تمارسه كل القوى الأسلامية عملاً بعقيدة الغنائم.
حرب إعلامية بين عشرات المحطات التلفزيونية الفضائية.
كل هذا مشفوعاً بنعمة ان الكل يكره الكل.
حروب في كل مكان هنا داعش وهناك عصابات مسلحة شيعية شيعية، سنية سنية، كردية كردية وكلها تتصارع فيما بينها للسيطرة على أكبر قطعة أرض من الوطن المعروض للبيع في أسواق النخاسة.
وأخيرا برزت على السطح مشكلة طوز خرماطو بمساندة العصابات الشيعية وحليف طوراني عثماني للأنفراد بالأكراد، الذين يقطر الأمريكان قطرات الماء في حناجرهم كي لا يموتوا، ولكنه لا يسقيهم ويروي عطشهم كي يحيوا، وهل هناك ممارسة ديمقراطية أزهى من هذه؟
كل هذا على يد زبائنها الأسلاميين الشيعة في المقدمة مع خونة السنة الذين اشترتهم المؤسسة الشيعية بذكاء وتحت ظل ديمقراطية متأسلمة.
كما شاهدنا ممارساتها يوم أمس 26 ابريل 2016 على شاشات التلفزة كوصمة عار في جبين الديمقراطية نفسها ان صنفت هذه بالديمقراطية لانها بحق ثيوقراطية متزمتة ومتأزمة.
إذ اأن جميع من في المبنى جاءت بهم المراجع الأسلامية بانتخابات مدعومة بمواكب حسينية ومناخات روحانية بوسائل بعيدة كل البعد عن الأخلاق والشرف والوطنية بوسائل دنيئة:
منها بقانون أنتخابات على مقاسهم.
قانون أحزاب فاسد مقنن لخدمة الأسلاميين
فتاوي منحطة لنصرتهم وتكفير من لا ينتخب 555.
مفوضية أنتخابات تحت اشرافهم.
التهرب من أجراء إحصاء سكاني.
صرف أموال طائلة وتوزيع أراض مسروقة من الدولة، لشراء الأنفس الرخيصة والساقطة إذ ليس بينهم صالحاً لا من يسمى بالمعتصم ولا الموالي كل من على السفينة يلاحقه عار الخيانة لا يمكن ان ينتظر منهم إلا الشر والدمار.
ويبدو ان السيد حيدر العبادي تتلمذ على يد رئيسه فجاء الى ما يسمى عهراً بمجلس النواب مصحوبا بقوات عسكرية وكلاب بوليسية ومجاميع عسكرية وبوليسية بملابس مدنية كي يطبق الديمقراطية بلباس دعوي أسلامي لتسويق حكومته المسخ والكل على علم بما جرى.
وعندما تم تقييم هذه التجارب المذهلة بوصفتها السحرية بقدراتها التدميرية، تقرر تعميم التجربة على معظم البلدان التي كان فيها شيئا من الحداثة، فبدأ الحراك من تونس التي كانت ذات نكهة أجتماعية تقارب الحياة الغربية تقريباً فاحرقت.
لكن لم تأخذ العملية أبعادها المرجوة حتى الآن.
ثم تلتها مصر، هي الأخرى هناك بعض التعثر بسبب جيشها، لكن الجهود مستمرة لأسقاطها وعودة الأخوان المسلمون والسلفيون الى الحكم ثانية.
ثم بوركت ليبيا بتطعيمها بجرعة ديمقراطية قاتلة كضربة محمد علي كلاي رضي الله عنه، واريد من بركاتها ولغناها النفطي، ان تعمم تطعيم جيرانها بالحقن الضرورية التي يتطلبها دمار المغرب العربي كله ومصر على السواء وإقامة دولة الخلافة من هذه البلدان مجتمعة وعلى رأسها أبن الشيخة موزه الخليفة تميم، وها هي داعش تنتعش على أرضها والله أعلم كيف ستنتهي الأمور، هذا إن كان لها من نهاية.
فبعد تقييم هذه التطبيقات على الأرض اريد تحليلها واستثمار نتائجها وتطويرها لتناسب الوضع السوري الذي وجد فيه بعض مقومات المناعة الذاتية، فأستعين بالحلفاء وعلى رأسهم مملكة الدمار والظلام العام في جزيرة العرب، ثم إمارة تصدير اللقاحات الموزوية المطعمة بفايروسات الموت من الدوحة وأن يتم التنفيذ والأشراف على يد السلطان العثماني.
فبسرعة البرق إنتشرت المجاميع الأجرامية في كل بقعة من أرض سوريا وبمسيات كلها نابعة من العقيدة السمحاء من داعش وجبهة النصرة وجيش الأسلام وأحرار الشام وجيش محمد وفتح الشام وفيلق عمر وخالد ومئات الصحابة الأجلاء هذا في الجبهة السنية، أما الطرف الآخر فدخل حزب الله المعركة بكل ما له من دعم وتوجيه من الولي الفقيه ولحق في الموكب لتنظيمات الشيعية المسلحة من العراق وباكستان وأفغانستان ومن كل فج عميق ونيران سوريا تابى ان تخمد الى ما شاء الله.
ثم جاء الدور الى اليمن السعيد وها هو يعيش أبهى أعراسه في الديمقراطية، ولا زالت الأحتفالات ومهرجانات الأفراح الدائمة على أوجها وكرة النار تتسع لتشمل ما تبقى من بقع لم تنالها نعم وبركات وصفة كيف تموت وأنت ديمقراطي إسلامي وعلى بركة الله ورحمته الواسعة.
ختاما لا بد من الاشادة بالعبقرية التي تمكنت من تحقيق كل هذا وهي لم تشارك في الأداء.. تحياتي
من يقف في صف كنّا وآغجان فأنه مشارك في تهميش وإستلاب حقوق الكلدان