البطريرك ساكو - الجماعة المسيحية (العلمانيون) ودورها النهضوي في الكنيسة. «
في: 07.08.2016 في 23:12 »
البطريرك لويس ساكو
بين حين وآخر ينشر البعض مقالات على المواقع الالكترونية منتقدين الكنيسة ومطالبين بدور أكبر للعلمانيين فيها، لكن السؤال الذي يطرح نفسه بوضوح هو: من هم العلمانيون الذين لهم الحق بدور في الكنيسة!
عندما نتكلم عن دور العلمانيين في الكنيسة، ليس عما يعرف عن العلمانية بالليبيرالية أو الأشخاص الذين لا يؤمنون وهم احرار بذلك، انما في الكنيسة نتكلم عن العلمانيين المسيحيين المؤمنين رجالاً ونساءً، أبناء وبنات الكنيسة. نتكلم عن جماعةٍ تجسِّد – قبل كل شيء -ايمانَها ومحبتها، بسلوك شخصيّ يوميّ؛ أي جماعة فاعلة ومتفاعلة وليس اسميّة فقط او منتقدة كلّ شيء: الطقوس، واللاهوت والرحمة والقوانين والإدارة والعمل الرعائي، معتقدة انها تمتلك المعرفة الكاملة في كل هذه المجالات.
يقول الدستور العقائدي نور الأمم رقم 14 ما يلي: " ينتمي الى الجماعة الكنسية انتماء تاما أولئك الذين، بعد ان نالوا روح المسيح، يتقبّلون تقبّلا كليّا نظامها وجميع وسائل الخلاص التي أنشئت فيها، والذين بفضل الروابط التي تقيمها شهادة الايمان والاسرار والإدارة الكنسية والمشاركة، هم متحدون، في مجتمع الكنيسة المنظور، بالمسيح الذي يقودها بواسطة الحبر الأعظم والأساقفة".
نتكلم إذاً عن جماعةٍ مؤمنة ومُصليّة وخادمة وواعية بدورها في الكنيسة وملتزمة به. جماعة تفهم حريتَها وطاعتَها لما يُريده الله منها، وتترجمه بمحبة وتواضع وتجرد وخفاء، وبانسجام مع روح الجماعة الكنسية
جماعة تسعى لقراءة البلاغ المتضمن في كلمات الله ونصوص الصلاة وليس الغلاف، جماعة تعي انها مرسلة للتبشير وخدمة المحبة الى جانب الخُدام المرسومين.
جماعة منفتحة، متزنة وغير متعصبة أو مهرّجة، مقتنعة ومحبة ومستعدة للتعاون بالفعل وليس بالقول، كلٌّ بحسب طاقاته واختصاصه. جماعة لا تُريد ان تأخذ مكان البابا أو البطريرك او الاسقف أو الكاهن، جماعة تقف الى جانبهم في الخدمة والتعاضد وليس أمامهم. جماعة تفكر وتعمل في سبل تعزّيز الحضور المسيحي المتجذّر في تاريخ وجغرافية هذه الأرض المباركة والذي لا يزال بالرغم من كلّ شيء مُفْعَماً بالرجاء.
في ظل قساوة الظروف التي نعيشها وما تخلّفه من مآسٍ وما تعكسه من مواقف للعلمانيين المؤمنين الدور الأول للوقوف الى جانب اخوتهم الفقراء (المهجرين) والسعي لتأسيس مراكز إغاثة وايواء، ومراكز اجتماعية وصحية وشبابية وثقافية؛ وهذا ايضا مطلوب من الرابطة الكلدانية للقيام به. كذلك لا بد ان يتحرك المؤمنون العلمانيون بقوّة للعمل الجماعي ضمن المجالس الراعوية والخورنية وجماعات الخدمة لتفعيل العمل الرعائي وقيم السلام والعدالة الاجتماعية والكرامة البشرية انطلاقا من رؤية الانجيل وتحقيق نهضة كنيستهم، نهضة روحية وثقافية واجتماعية واقتصادية وإدارية مستوحاة من تعليم الكنيسة. وهذا أبعد ما يكون عن نزق النقر الالكتروني على تعليق مشوش يقلب الموازين ويسيء الى سمعة الكنيسة وخدامها.
نشكر الله على وجود اشخاص كثر رائعين يعملون بصمت ومحبة وسخاء من اجل اخوتهم وكنيستهم، ضمن أنشطة متنوعة، وحنى عندما ينتقدون، انما ينتقدون بحرص بنوي وغيرة من اجل البَنّاء.
الوحدة جسم واحد لا أجزاء متفرقة، والوحدة لا تنفي التنوع. فاختلاف الجنس والاعمار والثقافة والمواهب والآراء والمزاج يجب ان يمر عبر إطار الوحدة "المواهب كثيرة، ولكن الروح واحد". بهذا الروح يتحول هذا التنوع المتناغم وتبادل الآراء الى مصدر ايحاء لنهضة كنيستنا وبشريتنا، ولا يمكن ان ينتقل الى انتقادات لاذعة وصراعات مضيعة للوقت والطاقات. لنعمل كفريق واحد مؤمن لكي يتجلى حضور المسح فينا، ليدفعنا هذا الحضور الى الاتجاه الصحيح والاساسي لتمضي الكنيسة في طريقها لبلوغ ملء قامة مؤسسها ومخلصها.
رابط الموضوع
http://saint-adday.com/?p=14104*******************
الجماعة المسيحية (العلمانيون) ودورها النهضوي في الكنيسة
الجماعة المسيحية (العلمانيون) ودورها النهضوي في الكنيسة
Yousif 16 ساعة مضت
المقالات اضف تعليق 880 زيارة
البطريرك لويس ساكو
بين حين وآخر ينشر البعض مقالات على المواقع الالكترونية منتقدين الكنيسة ومطالبين بدور أكبر للعلمانيين فيها، لكن السؤال الذي يطرح نفسه بوضوح هو: من هم العلمانيون الذين لهم الحق بدور في الكنيسة!
عندما نتكلم عن دور العلمانيين في الكنيسة، ليس عما يعرف عن العلمانية بالليبيرالية أو الأشخاص الذين لا يؤمنون وهم احرار بذلك، انما في الكنيسة نتكلم عن العلمانيين المسيحيين المؤمنين رجالاً ونساءً، أبناء وبنات الكنيسة. نتكلم عن جماعةٍ تجسِّد – قبل كل شيء -ايمانَها ومحبتها، بسلوك شخصيّ يوميّ؛ أي جماعة فاعلة ومتفاعلة وليس اسميّة فقط او منتقدة كلّ شيء: الطقوس، واللاهوت والرحمة والقوانين والإدارة والعمل الرعائي، معتقدة انها تمتلك المعرفة الكاملة في كل هذه المجالات.
يقول الدستور العقائدي نور الأمم رقم 14 ما يلي: " ينتمي الى الجماعة الكنسية انتماء تاما أولئك الذين، بعد ان نالوا روح المسيح، يتقبّلون تقبّلا كليّا نظامها وجميع وسائل الخلاص التي أنشئت فيها، والذين بفضل الروابط التي تقيمها شهادة الايمان والاسرار والإدارة الكنسية والمشاركة، هم متحدون، في مجتمع الكنيسة المنظور، بالمسيح الذي يقودها بواسطة الحبر الأعظم والأساقفة".
نتكلم إذاً عن جماعةٍ مؤمنة ومُصليّة وخادمة وواعية بدورها في الكنيسة وملتزمة به. جماعة تفهم حريتَها وطاعتَها لما يُريده الله منها، وتترجمه بمحبة وتواضع وتجرد وخفاء، وبانسجام مع روح الجماعة الكنسية
جماعة تسعى لقراءة البلاغ المتضمن في كلمات الله ونصوص الصلاة وليس الغلاف، جماعة تعي انها مرسلة للتبشير وخدمة المحبة الى جانب الخُدام المرسومين.
جماعة منفتحة، متزنة وغير متعصبة أو مهرّجة، مقتنعة ومحبة ومستعدة للتعاون بالفعل وليس بالقول، كلٌّ بحسب طاقاته واختصاصه. جماعة لا تُريد ان تأخذ مكان البابا أو البطريرك او الاسقف أو الكاهن، جماعة تقف الى جانبهم في الخدمة والتعاضد وليس أمامهم. جماعة تفكر وتعمل في سبل تعزّيز الحضور المسيحي المتجذّر في تاريخ وجغرافية هذه الأرض المباركة والذي لا يزال بالرغم من كلّ شيء مُفْعَماً بالرجاء.
في ظل قساوة الظروف التي نعيشها وما تخلّفه من مآسٍ وما تعكسه من مواقف للعلمانيين المؤمنين الدور الأول للوقوف الى جانب اخوتهم الفقراء (المهجرين) والسعي لتأسيس مراكز إغاثة وايواء، ومراكز اجتماعية وصحية وشبابية وثقافية؛ وهذا ايضا مطلوب من الرابطة الكلدانية للقيام به. كذلك لا بد ان يتحرك المؤمنون العلمانيون بقوّة للعمل الجماعي ضمن المجالس الراعوية والخورنية وجماعات الخدمة لتفعيل العمل الرعائي وقيم السلام والعدالة الاجتماعية والكرامة البشرية انطلاقا من رؤية الانجيل وتحقيق نهضة كنيستهم، نهضة روحية وثقافية واجتماعية واقتصادية وإدارية مستوحاة من تعليم الكنيسة. وهذا أبعد ما يكون عن نزق النقر الالكتروني على تعليق مشوش يقلب الموازين ويسيء الى سمعة الكنيسة وخدامها.
نشكر الله على وجود اشخاص كثر رائعين يعملون بصمت ومحبة وسخاء من اجل اخوتهم وكنيستهم، ضمن أنشطة متنوعة، وحنى عندما ينتقدون، انما ينتقدون بحرص بنوي وغيرة من اجل البَنّاء.
الوحدة جسم واحد لا أجزاء متفرقة، والوحدة لا تنفي التنوع. فاختلاف الجنس والاعمار والثقافة والمواهب والآراء والمزاج يجب ان يمر عبر إطار الوحدة "المواهب كثيرة، ولكن الروح واحد". بهذا الروح يتحول هذا التنوع المتناغم وتبادل الآراء الى مصدر ايحاء لنهضة كنيستنا وبشريتنا، ولا يمكن ان ينتقل الى انتقادات لاذعة وصراعات مضيعة للوقت والطاقات. لنعمل كفريق واحد مؤمن لكي يتجلى حضور المسح فينا، ليدفعنا هذا الحضور الى الاتجاه الصحيح والاساسي لتمضي الكنيسة في طريقها لبلوغ ملء قامة مؤسسها ومخلصها.