في مقال لي بعنوان ” خارطة كنيسة الكلدان اليوم، متطلباتها وتداعياتها” المنشور على موقع البطريركية بتاريخ 26/8، ذكرت ان طقوسنا صيغت لشعب مزارع، ولم أكن اقصد البتة الاستهانة بأحد ولا بالطقس، لكنني اردت ان أوضح ان طقوسنا التي يعود ترتيبها الى القرن السابع تعكس طابع المزارعين لان الزراعة كانت مهنة عامة الشعب الذي لم يكن بمعظمه يفقه الكتابة والقراءة. اباؤنا العظام افرام ونرساي وايشوعياب كانوا عباقرة بكل معنى الكلمة، وقد قاموا بعمل نبوي عندما قدموا لمؤمنيهم نصوصًا تساعدهم على فهم معاني ايمانهم وابعاده بلغة قريبة، فيها شيء من الجناس والرمزية والصور والشعر لتسهيل حفظها وتكريرها وهي تتناسب تماما مع واقع زمانهم. أ ليس هذا ما تعكسه احدى الصلوات التي كنا نتلوها في القداس قبل التجديد: ” يا رب خلصنا من الجراد والحشرات الدابّة والصرصر والحر الذي يحرق الزرع وخوف الليالي…” وهناك صلوات أخرى. اليوم أما آن الأوان لتغيرها برفع صلوات جديدة لإنقاذنا من الحروب والقنابل، والكيمياوي والسيارات المفخخة والإحباط والامراض. هذه الرتب لا تناسب واقع الناس اليوم. الترجمة وحدها لا تكفي، انما ما نحتاجه حقا هو التأوين والتجديد. راجعت احدى ترجمات القداس الحالي الى السورث فرأيتها مليئة بألفاظ عربية: (عون وخلاص ونظيفوتا وشاكروخ.. وتا صحوتا دباباواثن… خشكا دعقلن. الخ) !! ما هذه اللغة؟ كذلك صلوات “إيليا أبو حليم” مملة بوصفها الخيالي الطويل والسجع والقافية وعبارات يونانية تحتاج الى فتاَّح فأل لفك لغزها؟ ما معنى اقليفيسياس؟؟ واسوطمياثا وبزونوس وانطاليطيقون.. الخ (طالع صلاة الصبح لعيد الميلاد والدنح، الحوذرا ج 1 ص 346-648 وص 423-442). هذا لا يعني البتة ان ليس فيها نصوصا بديعة تخاطب حتى الناس اليوم وتملأ قلوبهم سلاما وفرحا. نذكر على سبيل المثال ميامر الباعوثا وقد أبدع الاب المرحوم يوحنان جولاغ في ترجمتها الى العربية والسورث وقد امسك بناصية اللغة وعبقريتها!
الطول. اليوم لا يستطيع الناس البقاء ساعات في الكنيسة، وغير قادرين على التركيز طويلا، لذا وجب التأوين. قبل أشهر قدست في كاتدرائية طهران – إيران وبعد قداس (ململم) وموعظة مقتضبة وقفت امرة أستاذة جامعية وقالت بأعلى صوتها: سيدنا نريد طقسا قصيرا نفهمه، مليئا بالمعنى يعطينا وسط صعوباتنا املا ورجاء. أ ليس هذا جوهر الطقس؟ اللغة التي نستعملها اليوم مع الاشوريين والسريان والموارنة، هي السريانية، لهجة الرها وليست كلدانية بابل ولا أشور! هذا خطا علمي جسيم. وماذا عن أساقفة وكهنة وشمامسة لا يعرفون اللغة جيدا. أتذكر ان احد الشمامسة “شمّس” مع المرحوم والدي ولم يكن يعرف اللغة جيدا فعوض ان يقرأ مزمور: نودْ وَشْخَنْ على طوري اخ صبرا. قال: نًودي وجكاني. الكنيسة هي كنيسة الانجيل بالمعنى الواسع وليست كنيسة لغة بالمعنى الضيق. رسالتها ان تساعد من يقصدها على الصلاة باللغة التي يفهمها. علينا ان ندرك ما الدافع: motivation من تأليف هذه الطقوس؟ لا يمكن ان تعزل الكنيسة نفسها عن الناس وثقافتهم ومشاكلهم وتطلعاتهم وتقول إنها حاملة الانجيل للجميع وشاهدة للمسيح! الهندسة الكنسية هي الأخرى يجب ان تتغير: نحن لا نحتاج اليوم الى الستارة والشقاقون وقسطرونا الخ. انها تمثل هيكل اورشليم لان ليترجيتنا يهودية مسيحية. الناس يريدون ان يشاهدوا الكاهن المحتفل والمصلي ويفهموا حركاته ويشاركوا معه في القداس (ان يقدسوا معه ولا يسمعوا القداس). قدست مرّة في كنيسة سيدة باريس للكلدان قبل ثلاث سنوات، وشعرت انني في متحف، فطلبت تغيير المذبح. نشكر المونسينيور بطرس يوسف الذي غير الريازة. الترتيل: المطرانان افرام بدي واندراوس صنا والأب يوحنان جولاغ رحمهم الله، والابوان بطرس بوسف وبول ربان والشماس شمعون كوسا واخرون صوتهم رخيم يشدنا جدا ويحرك مشاعرنا، لكن إذا كان هناك كاهن صوته ” مزنجر” أليس الافضل ان يتلو الصلوات بصوت خاشع ومفهوم؟ والحركة ذهابًا واياباً في المذبح والكلام بين الشمامسة أو الجوقة والزينة الفجّة أ ليس تشويشا؟ ألا تحتاج كل هذه الأمور الى مراجعة وإصلاح؟ الطقوس مشروعٌ يهدف إلى تعميق معاني الصلاة وأبعادِها في حياة المؤمنين، حتى تغدو لهم ينبوعَ حياةٍ، وتَصيرَ حياتُهُم صلاةً دائمة. كيف يمكن ان يصلي من لا يفهم اللغة ولا الرموز ولا الحركات؟
الطقوس الفها بشر مثلنا، واستغرقت كتابتها قرونًا، من هنا ضرورة ملاءمتها باستمرار، في سبيل مشاركة أكثر حيوية وتأثيرا كما دعا المجمع الفاتيكاني الثاني: ” لكي يحصل الشعبُ المسيحي بكل تأكيد على نعم غزيرة في الطقسيات، ارادت أُمنا الكنيسة المقدسة أَن تعملَ بكل رصانة على تجديد الطقسيات العام بالذات… ويقتضي هذا التجديد تنظيم النصوص والطقوس بحيث أنها تُعبِّرُ بأَكثر جلاء عن الحقائق المقدسة التي تَعني. وبحيث ان الشعب المسيحي يتمكن، على قدر المُستطاع، أن يفقهها بسهولة وان يشترك بها اشتراكًا تامًّا، فعَّالاً وجماعيًا (دستور في الليترجيا المقدسة رقم 21).
الطقس من اجل الناس وليس الناس من اجل الطقس كما يقول يوحنا الذهبي الفم. إذا لا نجدد طقوسنا معنى ومبنى فشبابنا سوف يهجرون كنائسنا الى كنائس أخرى كما هو حاصل حاليا؟ لهذه الأسباب حاولنا تجديد: رتب القداس، والعماذ، والاكليل، والجناز وقراءات الاحاد والاعياد وأيام الأسبوع. وحددنا صلوات الكاهن ورفعنا الصلوات السرّية، والشماس والشعب والجوقة. صحيح انها رتب غير كاملة تحت الاختبار، لكننا سوف نعيد النظر فيها بدقة وامانة أكثر للتراث وللناس المعاصرين.[/justify] اللباس واللحية مرتبطان بزمان ومكان. إذا نظرنا الى صور البطاركة كسولاقا ويوحنا هرمز وعبديشوع، ورفعنا عنهم الصليب لن نقدر ان نميزهم عن سلاطين إسطنبول. اللباس هو فولكلور. نلبس ما هو عملي للسفر والتحرك. كذلك استرسال اللحية ليس عقيدة ايمانية. من له لحية طويلة ويرتدي وجبة فضفاضة لا يعني انه أكثر قداسة من غيره! الكنيسة الكلدانية ستبقى صامدة لا خوف عليها ابدا بفضل وعي وغيرة رعاتها وبناتها وابنائها. بقاء اللغة هو مسؤولية الشعب (ولربما على الرابطة الكلدانية ان تلعب دورا كبيرا في ذلك) وليس الكنيسة وحدها. حاجتنا الى أناس مفكرين يقترحون أمورا عملية مفيدة وليس الى من ينتقدون انتقادا هدامّا أو يبكون على الاطلال ولا الى انبياء الشؤم.
الـوحـدة المسيـحـية هي تلك التي أرادها الرب يسوع المسيح (له المجد ) وما عـداها فـهي لـقاءات لأكل القوزي والتشريب والسمك المزگوف وترس البطون من غير فائدة
أقبح الأشياء أن يصبح كل شئ في الحياة جميل!! @@@@ ولا تحدثني عن الحب فدعني أجربه بنفسي @@@@ ليس بالضرورة ما أكتبه يعكس حياتي..الشخصية هي في النهاية مجرد رؤيه لأفكاري..!!