الفرصة الأخيرة للمسيحيين في العراق.. «
في: 17.11.2016 في 21:26 »
الفرصة الأخيرة للمسيحيين في العراق..
بقلم :داؤد برنو- القوش قبل عشرة سنوات كتبت في موقع عنكاوا موضوع (الفرصة الأخيرة للأشوريين في العراق )والآن اكتب تحت العنوان أعلاه بسبب ازدياد حجم المخاطر واتساعه , لقد كشر العدوان عن أنيابه بطريقة جلية وواضحة . في حينها اقترحت في مقالات عديدة , تشكيل قوة مسلحة لحماية بلداتنا في سهل نينوى ,وخاطبت عدد من المسؤولين دون جدوى .
قد يكون من الضروري جدا استعراض موجز لسلسة الاعتداءات في المائة سنة الأخيرة كي نلاحظ تصاعد وتيرة الضغط على شعبنا ابتداء من مذابح سيفو (1915) التي راح ضحيتها ثلاثة ملايين من الأرمن والكلدو أشوريين السريان,أعقبها مذابح سميل (آب 1933) التي راح ضحيتها خمسة آلاف شهيد وعشرات الآلاف من المشردين ثم وقعت مذبحة قرية صوريا بدم بارد عام 1969 وكان ضحيتها أكثر من خمسون شهيد ,فضلا عن كل ما أسلفناه الأذى الذي لحق بقرانا وبلداتنا جراء محاولة قمع الثورة الكردية من قبل الحكومات الدكتاتورية الجائرة في بغداد. أخيرا , بعد (2003) نطل على مفترق طرق مع فوضى (الديمقراطية) وسيطرة الأحزاب الدينية الطائفية , الذي نتج عنه صراعات طائفية امتدت إلى المحيط الإقليمي والدولي ,كان نصيب المكونات الصغيرة الإقصاء والقتل والخطف وأخيرا التهجير.
المشاركة في أي فعالية في هذا الوضع (المحاصصة)هي أشبه بالدخول إلى بركة من المياه الآسنة من الصعب جدا الخروج منها بسلامة ..هذا الوضع حجم دور الأحرار وأطلق العنان للانتهازيين والمغامرين , وفتح لهم الباب على مصراعيه ,الأمر الذي انعكس على الفعاليات المسيحية سلبا ,فمن ارتمى في هذا الحضن أو ذاك , وضاع الهم المشترك للمسيحيين بين الهموم التي ولدتها حالات الانقسام غير المبرر , وقد أوشكنا أن نكون أمام تحدي (أن نكون أو لا نكون ) ونحن على أعتاب تحرير مناطقنا من أيدي تنظيم داعش (الوجه الأبشع للإرهاب الإسلامي ).
التحرير الحقيقي لا يكون ناجزا الا في ظل النظام المدني الديمقراطي المتوافق مع الشرعة الدولية لحقوق الإنسان مع توفر الإرادة السياسية لترجمة هذه الأفكار على ارض الواقع ,وهو أمر بعيد المنال فرغم هول ما وقع على المكونات الصغيرة فأن التهميش سار على قدم وساق .
فيما يخص القوات الأمنية للمكون المسيحي , فلقد قمت بزيارة استطلاعية للبعض منها ,وتقصيت المعلومات الوافية عن الأخرى ,لاحظت إنها تنقسم إلى أربعة تشكيلات ,يأتي في المقدمة منها وحدات حماية سهل نينوى (NPU ) كونها مكلفة بمهام حفظ الأمن في برطلة وقرقوش وكرمليس بالمشاركة مع قوات الشرطة الاتحادية ..الجدير ذكره أنها تعمل بغطاء سياسي للحركة الديمقراطية الأشورية ,ثم قوات (الحراسات)التابعة إلى وزارة الداخلية في الإقليم (الزريفاني)وغطاؤها السياسي المجلس الشعبي ,وثم (قوات حماية سهل نينوى التابعة إلى وزارة البيشمركة ,بغطاء حزب بيث نهرين , وأخيرا قوات (دوخ نوشا) المستقلة ,التابعة لحزب الوطني الآشوري . جميع هذه التشكيلات مجهزة بأسلحة خفيفة لا تناسب حجم وخطورة المعارك في المنطقة فضلا عن الافتقار إلى الأمور اللوجستية .
هذا ما يتعلق بالوضع الداخلي وهو غير مشجع ولا يمكن التعويل عليه, ويزيد الأمر صعوبة الوضع العراقي العام والإقليمي والتغيرات الدراماتيكية في مواقف الأحزاب والكتل السياسية المختلفة. هذا الواقع يأخذنا للتفكير جديا بحلول أمنية ناجعة , في ظل فقدان الثقة بالحكومة الاتحادية وحكومة الإقليم إلى جانب ما قامت به مجموعات من المواطنين في الجوار من أعمال نهب وسلب واعتداء , لا يزرع الأمل في النفوس إلا وجود حماية دولية تحافظ على ما تبقى من شعبنا في إطار قانوني وأداري (استحداث محافظة ) يحترمه جميع الأطراف العراقية ,الأمر الذي يجمع عليه جميع المكونات في سهل نينوى من الأيزيدية والمسيحيين والشبك .
اقتراحنا واقع الصداقة في زمننا اوصلني الى قناعة ترسخت عبر تجارب
فحال الصديق الحالي يقول: عندما يتعلق الموضوع بمصلحتي بحدها الادنى سأبيع بأبخس الاثمان.
اما ان زاد حجم المنفعة الشخصية فأستعد يا صديقي لأطعنك بظهرك، ولا تندهش نابع من رغبة صميمة عميقة لغرض تجاوز الرعب والمخاوف التي وقعت والخوف من المستقبل المجهول ,لاسيما بعد تحرير الموصل وما قد يحصل من صراعات دامية يدفع فيها المكونات الصغيرة أثمان باهضة .من هنا تكون الحاجة ماسة إلى طمأنة النفوس وإيقاف نزيف الهجرة المستمر والشروع في إحلال سلام حقيقي في المنطقة في ظل الانفتاح والاحترام المتبادل ,وبناء مجتمع متطور ومزدهر .