من قتل مسيحيي الموصل عام 2008 و 2010؟ هل هم الكرد ,العرب ,الاسلاميين ام الدولة العراقية؟ الجزء الثاني والاخير «
في: 06.02.2017 في 22:52 »
من قتل مسيحيي الموصل عام 2008 و 2010؟ هل هم الكرد ,العرب ,الاسلاميين ام الدولة العراقية؟
الجزء الثاني والاخير
اسكندر بيقاشا
هذا هو ملخص بحث قمت به عام ٢٠١٠ لمعرفة الجهات التي كانت مسؤولة عن قتل المسيحيين قبل انتخابات ٢٠٠٨ و٢٠١٠وارسلته حينها الى مجموعة من المسؤولين السياسيين والدينيين المسيحيين كي يكونوا على معرفة بالامر. كما كنت آمل منهم تزويدي باثباتات ووثائق التي تثبت الجريمة على الفاعلين كي نستطيع تقديمهم الى العدالة. وهنا ساقدم مختصرا لهذا البحث وسانشر البحث كاملا قريبا.
توقفت في الجزء الاول عند فوز قائمة الحدباء باغلبية مريحة فتغيرت تركيبة مجلس محافظة نينوى تماما. حيث كان عدد مقاعد مجلس ان المحافظة السابق 41 مقعدا حصة العرب منه 10 مقاعد فقط وحصة الأكراد 31 مقعدا اصبح
عدد مقاعد مجلس المحافظة 37 حصلت الحدباء على ١٩ مقعدا ونينوى المتآخية على ١٢ مقعدا. وكان للمكونات الدينية والقومية الاخرى المسيحيين واليزيديين والشبك كوتا وهو مقعد واحد لكل منهم, وبذلك حصلت قائمة الحدباء على اغلبية مقاعد المجلس.
طالبت قائمة نينوى المتآخية بمنصبي رئيس المجلس والنائب الأول للمحافظ لكن اثيل النجيفي رئيس قائمة الحدباء والذي عين محافظا رفض عقد أي ائتلاف مع قائمة نينوى المتآخية الا بتغيير سياستها في المحافظة في ٤ ملفات .وكان من حجج قائمة الحدباء ايضا ان الناخبين قد انتخبوها وانها تريد ان تطبق برنامجها الانتخابي. قائمة نينوى المتآخية ردت بان الحكم في العراق يجري بالتوافق وان الاكراد عندما فازوا في انتخابات ٢٠٠٥ وضعوا دريد كشمولة العربي محافظا, واتهمت الحدباء بأنها قامت بالسطو على المناصب الأدارية في الموصل واعتمادها الفكر العنصري وعدم قبولها مشاركة ممثلي هذه المناطق في محافظة نينوى.
رفض الاكراد المشاركة في ادارة مجلس محافظة نينوى حسب الشروط الذي فرضتها قائمة الحدباء ووصلت المفاوضات بين الجانبين الى الفشل والمقاطعة التامة من قائمة نينوى المتآخية ومن ضمنها ممثل قائمة عشتار المسيحي سعد طانيوس. وكاحتجاج على موقف مجلس المحافظة قررت 17 وحدة ادارية يسيطر عليها الكرد عدم الانصياع الى اوامر مجلس المحافظة وادارة مناطقهم بانفسهم.
اذن الصورة مختلفة عن عام 2008. فالذين يحكمون الموصل هم العرب من خلال قائمة الحدباء ومن يسيطر على الامن هو الجيش العراقي والشرطة الوطنية المحسوبة على الجانب العربي. وان من حسب نفسه مظلوما ومقصيا من المشاركة في حكم المحافظة هي قائمة نينوى المتآخية الكردية وليس العرب كما كان عام 2008.
بدأت الهجمات المنسقة في الثامن من نوفمبر ٢٠٠٩ وانتهت في في ٢٧ اذار ٢٠١٠ بعد عشرون يوما من انتهاء الانتخابات.
ملاحظات حول سلسلة القتل والتفجيرـ ابتدأت الهجمات تاخذ شكلا منظما حينما ناقش مجلس المحافظة اقالة النواب ممثلي قائمة نينوى المتآخية.
ـ طبيعة الهجمات والتي تحدث في المناطق التي تسيطر عليها القوات الحكومية وبالقرب من مناطق تواجد هذه القوى وبشكل يوحي بالتحدي والاستخفاف.
ـ القتل كان على الهوية بشكل واضح اي ان المسيحي كان مستهدفا كمسيحي وللقتل فقط وليس شيئا آخر.
ـ توقفت الهجمات بين 26 تشرين الثاني و7 كانون الاول لاسباب ساوضحها فيما بعد.
ـ ازدياد وتيرة وعنف الهجمات كلما اقتربنا من الانتخابات البرلمانية.
ـ لوحظ انه كان الطلاب الجامعيين خاصة القادمين من سهل نينوى هدفا للهجمات من خلال استهداف سيارات النقل في الفترة المتأخرة من الهجمات.
ـ بالتزامن مع التفجيرات داخل مدينة الموصل فقد كانت هنالك تفجيرات وتخرصات في القرى والبلدات التي يسكنها المسيحيون في سهل نينوى. وقد خففت اقامة الخنادق والسواتر الترابية التي اقيمت حول قرى وبلدات سهل نينوى من خطورة هذه الهجمات.
.ـ توقف الهجمات نهائيا بعد ان جلس قائمتا الحدباء العربية وقائمة نينوى المتآخية الكردية في اسطنبول لحل خلافاتهم.
السيناريو الاكثر احتمالاقائمة نينوى المتآخية المدعومة من قبل الكرد خسرت انتخابات مجلس محافظة نينوى والقوى التي تقف وراءها. حاولت التفاوض بشأن مشاركتها في مجلس المحافظة معللة ذلك بانه في كل العراق يجري الحكم بصيغة التوافق فلماذا تستثني نينوى من ذلك. غير ان قائمة الحدباء رفضت ذلك متمسكة بحقها في حكم المحافظة وتنفيذ الاهداف التي تم انتخابهم من اجل تطبيقها ومنها نشر الامن في جميع انحاء المحافظة وعرضت على قائمة الحدباء منصب النائب الثاني للمحافظ . وبعد مفاوضات شاقة وتدخل قوى عراقية وامريكية وصلت المفاوضات الى طريق مسدود نتيجة وجود خلافات عميقة حول المناصب في مجلس المحافظة , تواجد قوات البيشمرغة في سهل نينوى وتكوين مجالس الصحوات وغيرها من الملفات. وقد اشتكى الاكراد مرارا من عدم تدخل الحكومة المركزية لحل خلافات الجانبين التي على ما يبدو لا تريد الصلح والوئام بين خصميها. وقد استعملت قائمة نينوى المتآخية اوراقها واحدة بعد الاخرى فبدأت بالانسحاب من مجلس المحافظة وتبعتها قائمة عشتار ثم بدأت بمحاولة انشاء ادارة جديدة للمناطق الادارية التي قاطعت المجلس ووصل الامر الى منع المحافظ اثيل النجيفي من زيارة اطراف محافظته في المناطق التي يتحكم فيها البيشمرغة الكردية اي ان المحافظة باتت شبه منقسمة.
اما قائمة الحدباء فقد قامت بدورها في تهديد المقاطعين بالطرد من مجلس المحافظة وطالبت بقدوم الجيش العراقي للانتشار في المناطق التي تسيطر عليها قوات البيشمرغة. وقد حاولت الحدباء اعادة بعض النواب المقاطعين من ابناء الاقليات من خلال اساليب الترهيب والترغيب منها التهديد ببيع اراضي بغديدا وبناء الجوامع في بعض البلدات المسيحية بحجة عدم وجود نائب مسيحي يدافع عن قضاياهم! كل ذلك من اجل تفتيت قائمة نينوى المتآخية.
ومنذ وضوح نية قائمة الحدباء واصرارها على مواقفها المتصلبة حاولت القائمتان اللتان دخلتا صراعا اتخذ اشكالا متعددة منها ما ذكرناه اعلاه لكن اخطرها كان الصراع على الملف الامني. قائمة الحدباء او كل سلطة ينبني اساس نجاحها على توفير الامن والسلام لمواطنيها التي من دونها لا تستطيع القيام بمشاريعها. لذلك فقد بدأ كل من الطرفين في تقويض سلطة الآخر من خلال افشال خططه الامنية والاثبات على ان الآخر لايستطيع التحكم في مناطق نفوذه وبالتالي ايقاف العمل بمشاريعة السياسية والاقتصادية وتصويره فاشلا امام ناخبيه. فبينما كان قائمة نينوى المتآخية تقوم بارسال الرسائل من خلال بعض التفجيرات في الموصل للاثبات بان قائمة الحدباء لا تستطيع حكم مدينة الموصل ولا المحافظة دون مشاركة القوى الكردية. كانت قائمة الحدباء ترسل السيارات المفخخة والتفجيرات الى بلدات سهل نينوى والمناطق الاخرى التي تتحكم فيها قوات البيشمرغة لاثبات العكس من ان هذه قوات لا تستطيع تثبيت سيطرتها على هذه المناطق ايضا لذا فان استدعاء قوة حكومية مركزية للسيطرة على هذه المناطق يعتبر ضرورة امنية. تدهور الامن بحيث وصل الامر الى حفر الخنادق واقامة المتاريس لحماية قرى وبلدات سهل نينوى من التفجيرات.
وقد استمر الحال على هذا المنوال لحين اقتراب موعد الانتخابات البرلمانية في العراق في ٥ آذار ٢٠١٠ واستشعار الكرد بان القوميون العرب وسياسيو قائمة الحدباء قد يفوزون في الانتخابات اذا ما بقي الحال كما هو وقائمتهم بعيدة عن مركز اتخاذ القرار في المحافظة. اراد الكرد الفوز بنسبة عالية من مقاعد محافظة نينوى للاثبات بانهم جزء مؤثر في المحافظة وليكون لهم تأثير اكبر في البرلمان القادم حيث من الممكن ان يتحدد في الفترة الانتخابية المقبلة مصير الكثير من الملفات واهمها ملف المناطق المتنازع عليها.. لذلك فقد اعتبر الاكراد هذه الانتخابات مصيرية وحاسمة واتخذت لذلك اهمية كبيرة بالنسبة اليهم.
المسيحيون ادخلوا على الخط حينما فرغت السبل امام القوى الكردية للتاثير على عناد قائمة الحدباءالتي لم تقبل التنازل كثيرا بحيث تستطيع قائمة نينوى المتآخية العودة الى مجلس المحافظة برأس مرفوع. لذلك فقد استعملت ورقتها الاخيرة وهي الضغط الامريكي والدولي التي من خلالهم تستطيع التأثير على الحكومة المركزية وعلى قائمة الحدباء للجلوس على المائدة مع نينوى المتآخية وحل المشاكل العالقة بينهما.
قتل المسلمين في العراق لا يحدث صدى كبيرا في الخارج ويحرك الاوربيين والامريكيين لانه اصبح ,مع الاسف, امرا عاديا في الصحافة العالمية لكن استهداف المسيحيين يؤدي الى ابرازها في الاعلام خاصة وانه وجودهم في العراق اصبح مهددا مما قد يدفع الامم المتحدة او الامريكيين على فعل شئ ما او على الاقل يثبت فشل قائمة الحدباء امام الرأي العام العراقي والعالمي. وقد قرروا استعممال هذه الورقة لانها مجربة وناجعة وثانيا انها مأمونة ودون عواقب مستقبلية. لذلك بدأ القائمون على ملف نينوى من قائمة نينوى المتآخية والقوى التي تساندها في تفجير الكنائس وقتل المسيحيين لاحداث ضجة لها صدى عراقي ودولي. الجانب العربي اراد التستر على هذا الهجمات وتخفيف صداها عراقيا ودوليا لانها ليست من صالحه. هذا يفسر تستر الاعلام العربي والعراقي المتعاطف مع قائمة الحدباء على الحوادث الكثيرة التي حدثت في البداية ودعوتهم بعض المسؤولين المسيحيين في الموصل الى عدم التهويل في نشر اخبار القتل والتفجير مبررين ان ذلك قد يزيد منها. كما ويفسر ذلك اشتداد الهجمات على المسيحيين مع اقتراب الانتخابات حيث ينم ذلك عن تضايق الفاعلين وفراغ صبرهم.
ان من اهم ملاحظة في تسلسل الهجمات هو ان قتل وتفجير كنائس المسيحيين كانت تقل او تنعدم عندما كانت تجري مباحثات بيم القائمتين, مما يدل على ان الهجمات تشنها احدى او كلا القائمتين.قائمة نينوى المتآخية استعملت ورقة اخرى وهي التهديد بفصل المناطق التي صوتت لها او التي تتحكم فيها عن سلطة محافظة نينوى في حالة عدم قبول الحدباء لمطاليبهم. قضاء مخمور وسنجار والشيخان اصبحت منقطعة تماما عن سلطة المحافظة لكن قضائي الحمدانية وتلكيف لازالا يتعاملان مع المحافظة باشكال متعددة. احدى هذه القنوات هي الدراسة التي يقوم بها الطلاب المسيحيين الى جامعة الموصل بالاضافة الى التجارة وسوق العمل والقضايا الادارية. حينما وضع عبوة ناسفة في سيارات الطلاب قبل الانتخابات دون ان تنفجر بالاضافة الى استهداف العديد من الطلبة قد يكون تهديدا او محاولة لقطع هذا الشريان ايضا وتحويله الى اربيل. وقد صرح خسرو كوران حينها ان استمرار قائمة الحدباء بعنادها قد يؤدي الى تشكيل محافظة جديدة. لكن استهداف حافلات النقل الطلابية استمر وبطريقة اشد حتى بعد مؤتمر اسطنبول. ففي بداية ايار ٢٠١٠ انفجرت عبوتين ناسفتين بالقرب من حافلات لنقل الطلاب في كوكجلي ادت بحياة شخصين مع اصابة ١٨٨ طالبا كانوا في طريقهم من بغديدا(قرةقوش) الى جامعة الموصل. من فعلها؟ قد يكون ذلك مرتبط بالصراع الكردي العربي على محافظة نينوى والتي تحدثنا عنها او قد يكون من فعل القاعدة التي كان من اهدافها تهجير المسيحيين من الموصل. لذا فانني ارى ان تفجير حافلات الطلبة حصرا بحاجة الى دراسة اكثر للتمكن من معرفة الغرض منها وتوجيه اصابع الاتهام لاحد الاطراف.
الهجمات لم تنتهي بانتهاء الانتخابات التي فاز بها العرب بحوالي ثلثي المقاعد النيابية المخصصة لمحافظة نينوى بل استمرت ٢٥ يوما آخر لحين توضحت النتائج الاولية للانتخابات فتدخلت الولايات المتحدة وتركيا لحل خلافات العرب السنة والاكراد لمواجهة طموحات الكتل الشيعية ومحاولة تسويق اياد علاوي رئيسا للوزراء.
عقدت مفاوضات اسطنبول في ٣٠ من آذار ٢٠١٠ وانقطعت بعدها مباشرة حوادث قتل المسيحيين في الموصل ومحاولات التفجير في قرى وقصبات سهل نينوى المسيحية رغم ان الخلافات على المناصب في مجلس المحافظة بقيت دون حل لفترة اطول.اما المسيحيين فقد حصدت الهجمات منهم العشرات بين قتيل وجريح وادى تفجير الكنائس والسيارات المفخخة ومنازل المسيحيين وحافلات نقل طلبة الجامعات الى ادخال الرعب في قلوبهم مرة اخرى وتسبب ذلك الى نزوحهم من جديد بحيث فرغت منهم الموصل تقريبا وانتقل الطلاب الى الدراسة في جامعة صلاح الدين.
للاطلاع على الجزء الاول من ملخص هذه الدراسة انقر على الرابط:
http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,830930.0.html