مختصر في فهم التسميات الرسمية رأي مقارن بين المكون المسيحي و "الكلدان السريان الآشوريين" «
في: الأمس في 17:42 »
مختصر في فهم التسميات الرسمية
رأي مقارن بين المكون المسيحي و "الكلدان السريان الآشوريين"
============================================
أبرم شبيرا
مدخل:
----
نشرت الرابطة الكلدانية (رابطة) بيانا تقترح فيه تسمية "المكون المسيحي" كتسمية رسمية في الدستور العراقي وكسبيل لتوحيد خطابنا ومواقفنا ومطالبنا للمرحلة الراهنة خصوصا أنه، كما جاء في البيان، الأكثر إنتشارا محلياً ودوليا مع الإحتفاظ بتسمياتنا الخاصة الحضارية والتاريخية من الكلدان والسريان والآشوريين رافضة بذلك التسمية المركبة "الكلدان السريان الآشوريين". لم يرضى تجمع التنظيمات السياسية الكلدانية السريانية الآشورية (تجمع) هذا المقترح فأصدر بيانا رفضا مقترح تسمية "المكون المسيحي" وللأسباب التي ذكرها في بيانه وشدد على التسمية المركبة "الكلدان السريان الآشوريين" وأعتبرها تسمية مقبولة على الأقل في المرحلة الراهنة. ثم أنبرى العديد من كتابنا الأعزاء وفي مقدمهم كتابنا الأكاديمي وصديقنا العزيز الدكتور رابي عبدالله ليدافع عن بيان الرابطة الكلدانية ويبين مغالطات بيان التجمع عن رفضه وإنتقاده لبيان الرابطة. ثم توالت التعليقات والإنتقادات من قبل القراء الأفاضل حول التسمييتن بين مؤيد لهذا المقترح أو لذاك ومن دون أن يتوصلوا إلى نتيجة مفيدة لهذه الأمة اليائسة وهو أمر لا نستغربه في هذه الظروف المأساوية والهائجة من جميع الجهات على أبناء أمتنا.
منذ البدء نود أن نوضح ونشدد في التوضيح بأن هذه السطور ليست إطلاقاً لتأييد هذه التسمية أو تلك، بل هي مجرد محاولة لفهم هذه التسميات ومدى تطابقها على شعبنا في المرحلة الراهنة لتكون مدخلا لتوحيد الخطاب القومي كسبيل واضح ومباشر للمطالبة المنطقية بالحقوق المشروعة لشعبنا، مؤكدين في نفس الوقت تأكيداً مشدداً بأن التسمية القومية ليست ولن تتكون إطلاقا بموجب قرار معين أو إقتراح من جهة متنفذة أو بموجب دراسة علمية أو أكاديمية، بل هي، أي التسمية القومية، نتاج ظروف خاصة وعبر مراحل تاريخية طويلة مرتبطة صميماً بظروف الأمة في الصمود والنضال من أجل البقاء وأثبات الوجود. على العموم، أن محاولتنا الموضوعية في معالجة هذا الموضوع في فهم هذه التسميات لا تكبح رأينا والتي تتطلبها الموضوعية نفسها أن نبين في بعض الأحيان إيجابيات وسلبيات كل تسمية من هاتين التسميتين، فالنبدأ أولاً بتسمية "المكون المسيحي"
تسمية المكون المسيحي:
--------------
عندما يختلط النابل بالحابل وتتخبط حياة المجتمع على جميع الأصعدة السياسية والفكرية والإجتماعية ويضيع أفراد المجتمع في متاهات عويصة يصعب الخروج منها، تبدأ بعض التخريجات الإستثنائية سواء من أساليب أو مصطلحات أو أفكار للظهور على السطح كسبيل للخروج من المأزق. فبلدان الشرق الأوسط منها العربية والعراق أيضا يكتض بمثل هذه التخريجات. فلو حصرنا سطورنا هذه في الحالة العراقية وتحديداً فيما يتعلق الأمر بشعبنا واستخدام مفهوم "المكون" كمحدد لهوية المسيحيين الرسمية في العراق نرى بأنه هو أحدى تخريجات الأزمة العويصة حول تسميتنا القومية في العراق. هنا سنحاول أن نعالج مفهوم المكون المسيحي من جانبين:
الأول: الجانب الشكلي والحرفي:
------------------
مفهوم المكون اللفظي او الحرفي يعني مقوم أو مركب أو عنصر أو مُشكل. وفي اللغة الإنكليزية يعني (Ingredient) أو (Constituent) أو (Component) أو(Element) وجميعها في العربية منها والإنكليزية رغم إختلافها في المسمى فإن المكون يعني شكل أو تشكيل عدد من العناصر والمواد والأشياء المختلفة والمتفاعلة بعضها بالبعض لتخرج بنتيجة مختلفة عن العناصر المكونة لها التي تذوب في المكون وتفقد الكثير من خواصها. ومن الملاحظ بأن مصطلح المكون استخدم بشكل عام في العلوم الطبيعية كالكيمياء والفيزياء والأحياء والوراثة وعلم التغذية (Dietetics)، فالمعروف في علم الكيمياء بأن الماء مكون من االهيدروجين والأوكسين وبنسب مختلفة... وهكذا. فلو نظرنا، على سبيل المثال لا الحصر، على علبة مشروب بيبسي كولا نرى بأن هناك العديد من العناصر أو المواد او المحتويات (Ingredients) أمتزجت بعضها بالبعض وتفاعلت لتُكون مشروب بيبسي كولا. ومن المؤسف له بأنه بسبب الأزمات الفكرية والسياسية والعجز والإفتقار إلى خلق أو إيجاد تسميات لبعض ظواهر هذه الأزمات أنتقل هذا المفهوم (المكون) إلى عالم السياسة والإجتماع وبدأ بأستخدامه كما هو الحال في العراق وتحديداً فيما يخص تحديد هوية شعبنا وتسميته بـ "المكون المسيحي".
الثاني: الجانب الموضوعي والفكري:
-------------------
لمفهوم "المكون المسيحي" وللدقة "المسيحي" يعني الشخص المؤمن بالديانة المسيحية أو الذي ينتمي إليها سواء بالولادة أو الإيمان، أي الإنتماء بالمرجع أو الإنتماء بالوعي. ومثل هذا الإيمان من المؤكد يمكن أن نجده في جنوب أفريقيا وفي الفليبين والسويد وغيرهم من بلدان العالم. فالهوية الأساسية لهذا الإنتماء الإيماني لا حدود له غير الديانة المسيحية. فليس لهذا الإنتماء "العالمي" لغة واحدة أو تاريخ واحد أو أرض مشتركة، أي بعبارة أخرى هناك الكثير من القوميات والشعوب ينتمنون للديانة المسيحية. وإذا تركنا الساحة الدولية وأقتربنا من الساحة العراقية نرى بأن الإنتماء المسيحي، وأن كانت الديانة المسيحية هي الحدود العامة المميزة للإنتماء الإيماني فأن هذه الحدود مقسمة إلى أجزاء وأطر مختلفة وأحياناً هم في خلاف أو تبيان واضح المعالم. فهناك العديد من الكنائس في العراق تحدد أطار الإنتماء الإيماني للشخص منها الكنائس الرسولية "الوطنية" بمفهوهما المؤسساتي التاريخي كالكنيسة الكلدانية الكاثوليكية والكنيسة السريانية بشقيها الأرثوذكسي والكاثوليكي وكنيسة المشرق الآشورية والكنيسة الشرقية القديمة إضافة إلى الكنائس غير المؤسساتية وغير التاريخية، والأصح أن يطلق عليها بالطوائف، كالأرمنية والإنجيلية والسبتية والبروتستانية والروم بشقيها الكاثوليكي والأرثذوكسي. فجميع هذه الطوائف هي كنائس مؤسساتية في موطنها الأصلي غير بلاد ما بين النهرين، هذا الوضع هو الذي يفرض علينا فرضاً صارماً ان نميز بين الكنائس "الوطنية" من جهة والطوائف المسيحية في العراق من جهة أخرى، ولكن مع هذا فإن جميع مؤمني هذه الكنائس والطوائف في العراق يجمعهم بشكل عام الإيمان المسيحي وبالتالي فهم مشمولون ضمن إطار مفهوم المكون المسيحي.
ولكن من الملاحظ بأنه رغم أن الكنائس المؤسساتية "الوطنية" تجمعهم صفة "الكنيسة" المختلفة عن صفة الطائفة فأنهم من جانب آخر تجمع معظم (قد لا يكون جمعهم) مؤمني هذه الكنائس بمقومات مشتركة بشكل عام من لغة وتاريخ وتقاليد وأرض ومصير مشترك وأماني مشتركة تختلف كلياً عن المقومات المختلفة لأبناء الطوائف المذكورة من لغة وتاريخ وتقاليد والإنتماء التاريخي للأرض.أي بعبارة الأخرى فإن مؤمني الكنائس المؤسساتية هم من الكلدان والسريان والآشوريين ويعتبرون قومية واحدة وبمقومات مشتركة بشكل عام ويختلفون عن أبناء الطوائف الأخرى الذين قد يكون لهم لغات وتواريخ وتقاليد وأماني مختلفة، فهناك الأرمن والعرب والكورد وحتى التركمان ينتمون إلى هذه الطوائف ولكن مع هذا فإذا أعتمدنا مصطلح المكون المسيحي فإن هؤلاء سوف يشكلون جميعاً عناصر لهذا المكون الإيماني.
ولو حاولنا أن نحشر مفهوم "المكون المسيحي" في عالم السياسة نرى بأن معظم دولة العالم وحتى الدكتاتورية منها والثيوقراطية، كإيران، تقر وتعترف بمكونها المسيحي سواء أكان هذا الإقرار شكليا أو فعليا كما كان الحال في عهد نظام البعث البائد وفي عهد النظام الحالي في العراق. وعندما نحشر مفهوم المكون المسيحي في السياسة يعني تضمين حقوق عناصر هذا المكون في القوانين والدساتير وفي الإجراءات الرسمية، أي بعبارة أخرى ،إقرار وضمان الحقوق الدينية لعناصر هذا المكون. ولكن الأمر غير ذلك على أرض الواقع والممارسات الفعلية حيث أن الكثير من حقوق المكون المسيحي في العراق منتهكة ومسحوقة ليس من قبل داعش الإجرامي فحسب بل حتى من النظام السياسي ورجالاته ومعمميه. إذن المنطق يقول بأن المطالبة بدرج تسمية المكون المسيحي في الدستور وإعتباره التسمية الرسمية لشعبنا في العراق يعني المطالبة بالحقوق الدينية لجميع عناصر وتشكيلات المكون المسيحي من دون تمييز في اللغة والتاريخ والعادات، أي من دون تمييز قومي أو أثني. وقد يقول قائل بأنه من الممكن أن تكون التسمية الرسمية لشعبنا "المكون المسيحي من الكلدان والسريان والأشوريين" ولكن كما نعرف وشرحناه في أعلاه فأن المكون المسيحي لا ينحصر في هذه التسميات الثلاث فهناك قوميات وأثنيات وعناصر أخرى مشمولة بالمكون المسيحي وبالتالي لا تتسق هذه الحالة مع الواقع الفعلي لجميع المسيحيين في العراق بمختلف كنائسهم وطوائفهم وأن تسمية المكون المسيحي ليست حصراً على الكلدان والسريان والآشوريين، أي بعبارة أخرى ان هذا سوف سيرجعنا إلى المربع الأول. وأخير يجب أن نؤكد مرة أخرى بأن مفهوم المكون المسيحي هو من تخريجات العصر الراهن البائس في العراق والوضع المزري للفكر العراقي الطائفي السائد والمهيمن على النظام السياسي وتوابعه لا بل أيضا هو من تخريجات الوضع المأساوي لشعبنا الضائع في متاهات التسميات المختلفة لهويته القومية، فخرج مفهوم المكون المسيحي (من لا جاره) على السطح السياسي كطوق للنجاة من هذه المتاهات. من هنا يجب ان لا نستغرب وفق هذا الوضع المأساوي أن تكون "الكوتا اللاديموقراطية" كوتا مسيحية وأن يزور أو يحضر أو يستقبل السيد يونادم كنا من قبل ممثلي الدول الأخرى لا بصفته كسكرتير للحركة الديموقراطية الآشورية ولا بصفة كونه كلداني أو سرياني أو آشوري بل بصفة كونه ممثل عن المسيحيين في البرلمان العراقي والحال أيضا نفسه مع السيد جوزيف صليوا الذي هو ممثل عن المسيحيين في البرلمان العراق لا ممثل عن الشيوعيين أو قائمة الوركاء الديموقراطية.
التسمية المركبة – الكلدان السريان الآشوريين:
----------------------------
طرح المشكلة:
---------
تعتبر التسمية المركبة من أكثر المسائل التي أثير حولها الكثير من المناقشات والمداخلات والأعتراضات والإتهامات وصلت بعضها إلى درجة تخوين وتكفير المتبنيين لهذه التسمية المركبة ونُعتو بشتى النعوت والتسميات لحد إن بعضها جاوزت حدود قواعد الإخلاق في الكتابة ومناقشة المسائل القومية الحساسة التي يتطلبها الكثير من الصبر والتأني والهدوء وإنفاح العقل وتجاوبه مع كل ماهو متفق أو مخالف للمسألة القومية الحساسة كمسألة التسمية المركبة. ولا يخفى على أحد بأن وراء هذا السلوك السلبي تفسيرات وأفكار ومواقف قد تكون فكرية "أيديولوجية" لا بل حتى مصالح شخصية وطائفية وكنسية وتحزبية وغيرها كثيرة. ولا أجانب الحقيقة عندما أقول بأن معظم الذين رفضوا هذه التسمية المركبة أو الذين دخلوا الإنتخابات البرلمانية في المركز والإقليم بتسميات مفردة كالكلدانية أو الآشورية أو المسيحية ولم يفوزوا، هم في خلاف أو عداء مع الجهات المتبنية للتسمية المركبة الذين فازوا بكراسي في كلا البرلمانين. شئنا أم أبينا ورغماً عنًا فإن الجالسين على كراسي البرلمان من أبناء شعبنا هم، حسب الإنتخابات، المعيار الوحيد المتاح حاليا، هم ممثلي شعبنا سواء أيدنا ذلك أو رفضناه فالأمر سيان لأن شعبنا، أو أكثريته المقترعة، هو الذي أخاترهم. أي بهذه العبارة وبشكل غير مباشرة بأن أكثرية أبناء شعبنا يؤيد التسمية المركبة. فلو أفترضنا بأن الكيانات التي تبنت التسميات المفردة كالكدانية والآشورية والسريانية وفازت في الإنتخابات لأكدنا، وفق المعيار نفسه، بأن شعبنا يؤيد التسمية المفردة سواء أكانت كلدانية أم آشورية أم سريانية. والحال نفسه مع تسمية المكون المسيحي. فإذا فاز أصحاب هذه التسمية في الإنتخابات القادمة فهذا معناه بأن شعبنا، أو على الأقل أكثريته، يؤيد هذه التسمية، حينئذ سيكون لنا رأياً فيه معتمدين على نفس المعيار الوحيد والمتاح، أي الإنتخابات.
خلفية تاريخية للتسمية المركبة:
-----------------
أن التسمية المركبة سواء بالأسمين (كلدان و آشوريون او كلدو وأتور او آشور وكلدان أو آشوريون سريان) أو بالتسمية المركبة الثلاثية (الكلدان والسريان والآشوريين بواو أو بدونها) لها خلفية تاريخية ليس كما وردت في بعض الكتب والمصادر التي تناولت تاريخ أمتنا، وأشهرها كتاب (تاريخ كلدو وأثور) لمثلث الرحمات المطران الكلداني الشهيد أدي شير، بل كما وردت وأستعملت على الساحة السياسية وفي الفكر القومي ومنذ نشوء الحركة القومية لأبناء أمتنا كبقية أمم منطقة الشرق الأوسط في نهاية القرن التاسع عشر وبداية قرن العشرين. فالتسمية المركبة ليست من نتاج السنوات القليلة الماضية وتحديداً بعد مؤتمر بغداد لعام 2003 الذي تبنى التسمية المركبة بل، أستعلمت منذ منتصف القرن التاسع عشر فصاعداً من قبل رواد الفكر القومي منهم رائد الصحافة الآشورية آشور بيت هربوت ومعلم الفكر الوحدوي نعوم فائق وتلميذه الصحافي الثوري فريد نزها، وجميعهم من أتباع الكنيسة السريانية الآرثوذكسية. فعلى الرغم من تصميمهم على أعتبار أنفسهم أشوريين إلا أنهم لم يتوانوا أبداً من إستخدام التسمية المركبة لأمتنا وكانوا لإعتبارات تخص مصلحة ووحدة الأمة بجميع مكوناتها يخاطبون أبناء الأمة في مقالاتهم وخطبهم اللهابة بالقول (الأمة السريانية الارامية الآشورية الكلدانية) وذلك بهدف التضمين الحضاري المشترك والمتواصل لهذه التسميات المرادفة لأمة واحدة. كما إن التسمية المركبة أستعملت منذ بداية القرن الماضي من قبل بعض زعماء الحركة القومية وفي المراحل الحرجة وتحديداً عشية الحرب الكونية الأولى والفترات المضطربة التي أعقبتها، خاصة من قبل الجنرال أغا بطرس والقائد ماليك قمبر وكلاهما من أتباع الكنيسة الكلدانية الكاثوليكية. على أن بعد تصاعد الحركة القومية وتزعمها من قبل مار شمعون إيشاي بطريرك كنيسة المشرق "النسطورية" طغت التسمية الآشورية بالتمام والكمال على السطح السياسي والقومي.
إرتباط الحركة القومية بالتسمية الآشورية:
------------------------
لايستطيع أحد أن ينكر إطلاقاً بأن الحركة القومية في أمتنا وبسبب ظروف موضوعية وذاتية بدأت بالتسمية الآشورية منذ الربع الأخير من قرن التاسع عشر مروراً ببداية قرن العشرين وما بعده خاصة بين الأوساط المثقفة في مناطق طور عبدين وماردين وهربوط والذين كان معظمهم من المنتمين إلى الكنيسة السريانية الآرثوذكسية ومن ثم أنتقل هذا الفكر القومي التحرري إلى مناطق أكثر إنفتاحاً وثقافة مثل مدينة أورمي في شمال غربي إيران حيث تأسس المجلس القومي وأقر فيه إستخدام التسمية الآشورية بدلا من "سورايا" معتقدين بأن لهذه التسمية الأخيرة دلالات دينية. الجدير بالذكر أن التسمية الآشورية في تلك الفترة لم تكن لها دلالات طائفية مرتبطة بالنسطورية، إذ نلاحظ بأن معظم مؤسسي هذا المجلس ورواد الفكر القومي كانوا من الطوائف الأخرى كالكلدانية، وأشهرهم المطران الشهيد توما أودو، والأرثوذكسية، وأشهرهم فريدون أوراهم أتورايا، والبروتستانية أو الإنجيلية ومدارسهم التعليمية ونشراتهم وصحفهم القومية معروفة في هذا السياق. وتعززت التسمية الآشورية بالحركة القومية بعد تأسيس العديد من الأحزاب السياسية والمنظمات القومية بعد الحرب الكونية الثانية. أنه من نافلة القول والتأكيد على كون أبناء التسميات الثلاث قومية واحدة لأنهم يحملون عوامل مشتركة من لغة وتقاليد وتاريخ وأرض تؤكد هذه الحقيقة وإن ما يميز بعضهم عن البعض هو الكنيسة ومن يحاول التمييز أو التفريق بين هذه التسميات الثلاث على أسس غير الكنيسة فهو واهم وبعيد عن الواقع والحقيقة. لقد حاول الحركة القومية الآشورية التقليدية تحقيق هدف توحيد هذه الطوائف الثلاث تحت مسمى "الآشوريون" إلا أنها فشلت أما بسبب "تعصبها" لهذه التسمية وإعتمادها على التاريخ أو بسبب عجزها عن إستعياب الواقع الفعلي والموضوعي لأمتنا كما هو. على أية حال، سواء مهم جداً وإستثنائي يفرض نفسه ويقول إذا كان، حسب الحقيقة الموضوعية والواقعية، معظم أبناء الكنائس الثلاث قومية واحدة ويشتركون في نفس المقومات المعروفة في تعريف أية قومية، إذن لماذا لا ينعكس ذلك في وحدة الهوية القومية وبالتالي في وحدة التسمية القومية؟؟ هذا السؤال يفرض عليها أن نبحث وبإختصار في مفهوم الهوية وتحديدا الهوية القومية، وهو أمر سنعالجه في مناسبة لاحقة.
أسباب نشؤ وإستخدام التسمية المركبة:
----------------------
هذا موضوع طويل ومعتقد ومرتبط بمواضيع أخرى أطول وأعقد منه. فعلى الرغم من تأكيدنا على إرتباط التسمية الآشورية بالحركة القومية لشعبنا، فهناك مراحل زمنية معينة وإستثنائية توفرت فيها أسباب معينة تطلب إستخدام التسمية المركبة، وبأختصار نذكر سببين، موضوعي وذاتي:
أولا: موضوعي: من خلال قراءة سريعة لتاريخنا المعاصر خاصة في أعقاب الحرب الكونية الأولى والمأساة والفواجع التي لحقت بشعبنا فرضت هذه الظروف وتطلب الأمر حشداً أكبر وأضخم لأبناء أمتنا ليشمل جميع أبناء فروع كنيسة المشرق والطوائف لغرض مواجهة هذه التحديات المميتة والمصيرية فجاءت التسمية المركبة، خاصة كلدو آشور كصيغة شاملة ومستوعبة لأكبر قدر من أبناء شعبنا. ونفس الحال تكرر بعد سقوط النظام البعثي عام 2003 وضياع شعبنا في متاهات وتخبطات كانت تتطلب نفس الجهود في حشد معظم أبناء شعبنا لمواجهة هذه التحديات، فظهرت التسمية المركبة. ومن الجديد بالذكر أيضا بأنه بسبب نفس الظروف المأساوية والمميتة في سوريا تبنت أكبر وأول حركة قومية في سوريا، المنظمة الأثورية الديموقراطية – مطكستا تسمية أشوريون سريان بعدما أن كانت تعتمد على التسمية "الأثورية".
ثانيا: ذاتي: من الملاحظ بأن في تلك المراحل الصعبة والمميتة برز بعض قادة أمتنا على رأس الحركة القومية من مؤمني الكنيسة الكلدانية الكاثوليكية وأشهرهم الجنرال أغا بطرس والقائد ماليك قمبر فأسسوا قوات تحت مسميات مركبة كقوات كلدو آشور وغيرها فجاءت هذه التسمية بنتائج تمثلت في إنضمام العديد من مؤمني الكنيسة الكلدانية الكاثوليكية إلى هذه القوات. وهنا يجب أن لا ننسى دور الكنيسة الكاثوليكية والدول العظمى في تلك الفترة كفرنسا من تشجيع هذه التسمية المركبة ومساندتها للقوات المشكلة تحت هذه التسمية. وهنا أيضا وبالمقابل يجب أن لا ننسى دور بريطانيا في دعم التسمية الآشورية ومساندتها للعائلة البطريركية لكنيسة المشرق "النسطورية" التي كانت تتبنى التسمية الآشورية. والحال نفسه بعد عام 2003، حيث تعالى الصوت الكلداني القومي وبرزت شخصيات ومنظمات كلدانية تطالب بالحقوق القومية وشارك الكثير منهم في مؤتمر بغداد لعام 2003 الذي تبنى التسمية المركبة والوضع المأساوي لا زال قائما ومستمر على أشده في هذه الأيام والتسمية المركبة "الكلدان السريان الآشوريين" سائدة بين أكثرية الأحزاب السياسية والتنظيمات القومية لأمتنا.
خاتمة وإستنتاج:
=========
أن هذا الموضوع يأتي على قاعدة إنفتاح العقل وتقبل كل ما يدفع مسيرة أمتنا نحو الوحدة وتحقيق مصالحها القومية في أرض الوطن ويناقش المسألة الشاغلة لمعظم أبناء أمتنا حول التسمية القومية والتي من المفترض أن تكون واحدة معبرة عن قومية واحدة كسبيل لمنع التشتت وتحقيق الوحدة الفكرية والسياسية كعامل أساسي في تحقيق هدفنا القومي السياسي. بأختصار شديد نقول بأن على كل كلداني أو سرياني أو آشوري أن يعتتز بكلدانيته وبسريانيته وبآشوريته ولا أحد في هذا العالم يستطيع أن ينتزع منه هذا الإعتزاز. وأن تبني التسمية الثلاثية "الكلدانية السريانية الآشورية" سواء بوجود حرف الواو بينهم أو بدونها، كطرح سياسي لتحقيق أهداف الأمة بجميع مكوناتها في الوقت الحاضر وضمن الظروف السياسية والفكرية السائدة لا يتعارض مع هذا الإعتزاز. لهذا نقول بملئ الفم بأن التسمية المركبة التي تجمع الكلدان والسريان والآشوريين ليست مسخاً تاريخياً لأي من هذه التسميات الحضارية بل هي تأكيدا على تاريخيتها وحضارتها. يجب علينا أن نعرف بأن أي إنجاز كلداني هو من دون شك إنجاز آشوري وسرياني وهكذا بالنسبة للإنجازات الآشورية والسريانية هي إنجازات للكلدان، وهذا شبهناه في السابق بالأواني المستطرقة. أن التسمية الثلاثية ليست دليل على أزمة في الهوية القومية بل هي إنعكاس لوعي قومي سياسي لإستيعاب الواقع كسبيل لتحقيق الأهداف القومية. أن التحلي بالوعي السياسي القائم على فهم واقع الأمة وعلى وحدتها الموضوعية أمر يجعل من مسألة التسمية موضوعاً هشاً وضعيفاً لايستوجبه الخلاف والنزاع حوله أمام ضرورة وعظمة مسألة وحدة أمتنا كحقيقة موضوعية واقعية. ففي هذه الأيام الوضع الحالي لأمتنا ومصيرها مربوط على ظهر عفريت طائر نحو المجهول وهو الأمر الهام والمصيري الذي يتطلبه حشد جماهيري قائم على فهم الحقيقة والواقع وبمنظور ووعي قومي مرتكز على أن لا ضمان ولا إستقرار وحياة لهذه الأمة من دون وعي بوحدتها كما هي في الواقع الموضوعي. صحيح أن الحقيقة الموضوعية، التي لا تقبل النقاش في كوننا أبناء أمة واحدة، لم تنعكس في شكلها الوحدوي على الساحة السياسية لتفرز تسمية واحدة وذلك بسبب ظروف مؤثرة سبق وأن شرحناها في أعلاه، ولكن ضرورة وأهمية الوعي بوحدة الأمة كحقيقة موضوعية أمر لامحال منه سيؤدي إلى تتطابق هذه الحقيقة الموضوعية مع شكلها في المستقبل فيما إذا تمت الممارسة السياسية بفكر ووعي منفتح ووحدوي جامع لكل مكونات أمتنا.