بدءأً ذي بدء ، لا بد أن أنوه بأني لست ضد أي طرف في الصراع ، بل مع وحدة الكنيسة وهيبتها ، وليس هدف المقال الإنتقاد أو الإساءة لأحد على الإطلاق . أحترم كافة رجال الدين باختلاف درجاتهم الكهنوتية ومواقعهم الكنسية ، ولكن ذلك لا يمنع من تبيان وجهة نظري بقدر معرفتي واجتهادي وباستقلالية تامة . كما أن ما يرد من مسميات ليس إلا تشبيه مجازي لتعزيز الفكرة وتحقيق الهدف .
لا شك بأن الكثير من كتاب الموقع وزواره قد ذاق طعم الخدمة العسكرية في البلد الأم ، ورغم مرارته السائدة إلا أن لحلاوته النادرة نكهة خاصة . لا أبالغ إن قلت بأن السلك العسكري يتميز بخصوصيته المعروفة كمدرسة ذات جوانب متعددة وأبعاد مختلفة ، منها الصالح والطالح ، والأبيض والأسود ، وما شاكل من المفردات المضادة ... وتبقى للفرد خياراته ، طوعاً أو غصباً ، حسب حظوظه وثقل سنده ( أي واسطته ) ، وهنالك من يحصل ، استثناءً ، على مبتغاه نتيجة سعيه الذاتي وشطارته .... وربما يتذكر من سنحت له فرصة العمل في مناطق كردستان الجميلة أهمية " البغل " والحاجة الماسة اليه فيها . ذلك الحيوان الهجين والعاقر الذي ورث الصبر من أبيه " الحمار " ، والقوة من امه " الفرس . يؤدي واجبه بدون كلل وملل ابتداءً من الضياء الأول وحتى الضياء الأخير من اليوم الواحد حاملاً المؤن والمعدات لنقلها عدة مرات يومياً إلى أعلى ربيئة على الجبل .... المعروف عن القانون العسكري بأنه شديد جداً , وأن معظم عقوباته تنفذ حالاً وبدون نقاش .. ولذلك تستوجب المرونة عند تطبيقه على كثير من المخالفات إلى درجة التغاضي عن معظمها وخاصة الطفيفة منها ، وتخفيف الحكم قدر الإمكان بالنسبة للمخالفات الشديدة ، مع التأكيد على وجوب إطاعة الأوامر وتنفيذ التعليمات بدقة واحترام سيادة القانون ... ومن أجل أن يكون مثل هذا الإجراء سياقاً غير معلن ، يلتزم به ، أدبياً ، من له سلطة فرض العقوبة وخاصة الضباط الأحداث قليلي الخبرة ، كان يحلو للقادة والآمرين ترديد هذه الجملة بانتظام : لو وضعنا القانون العسكري على بغل لفطس . والحق يقال ، بأن كافة القوانين سواءً عسكرية أم مدنية لا تحتمل لو طبقت بنودها حرفياً على من ارتكب جنحة أو جناية أو جريمة .. وهذا ما حمل بالمحامين المتميزين من الإستفادة من بعض نقاطه المبعثرة داخله وتفسيرها لصالح المتهم للتخفيف من شدة عقوبته .... وكمثل مبسط عندما يستوقف شرطي المرور سائقاً بسبب مخالفة معينة .. قد يفرض عليه العقوبة المقررة لتلك المخالفة ، أو ربما يخفف أو يعفو عنه كلياً بحسب الحجة التي يطرحها له السائق وقناعة الشرطي آنذاك ، وقد يكون لبعض العوامل البشرية في حينه دوراً سلبياً أو إيجابياً ً بالقرار .
من لا يخطأ ؟ أنا خاطئ .. فلذلك أتناول القربان بانتظام ، وأتلو فعل الندامة مع الجموع .. لماذا لا أتلوه منفرداً ؟ ... لأني لا أود الأعتراف أمام الكاهن ... لماذ ؟ لأني لست واثقاً بأنه سيحفظ سرّي ... لماذ ؟ لأني عرفت بعض اسرار الناس منه ... لماذ ؟ لأنه بشر والخطيئة تولد مع البشر ... كيف وهو كاهن ؟ هذا لا يعني أنه معصوم من الخطأ ... إذن لماذا أذهب إلى الكنيسة ؟ لأني علمت نفسي أن لا أصلح الخطأ بخطأ .
نعم ومليون نعم ... لا يجوز إصلاح الخطأ بخطأ يساويه أو يفوقه بالمقدار ولكن يعاكسه في الأتجاه .
هنالك من ارتكب معصية كنسية وغادر خلافاً للقانون إلى أبرشية مهجرية ولاقى بقصد او بعفوية قبولاً فيها .. مضت سنونً طويلة على هذه الحالة ... كيف التعامل معها ؟ تم التعامل معها ووضع القانون على البغل ، وتظل الأمنيات أن لا يلحق أي أذى ً حتى ولو خدش طفيفاً به ... هل الأجراء صحيح أم خطأ ؟ ألجواب يتقبل الإحتمالين ... كونه صحيح ... لأن ما حصل يعتبر خروجاً عن فحوى القانون الكنسي ، وخاصة أن الفاعل نذر نفسه وأقسم بإيمانه على الطاعة ونكران الذات وما شاكل .. لم ولن تقبل مبرراته لأنه أساء للروح القدس وأبتعد عن جوهر المسيحية وخصالها الإنسانية المثالية ... رحم الله الفيلسوف " طاغور " في قوله : من هو المعتوه الذي يقول أن كل شئ يسير بنظام ؟ ، ومن هو المعتوه الذي يقول أن كل شئ موجود حيث يجب أن يكون ؟ .... كونه خطأ ... لأنه إجراء ظاهره قانوني وباطنه في قلب الشاعر ، تفوح منه رائحة لوي الذراع وتصفية حسابات شخصية ومواقف ندية ، وتتغلب فيه الغرائز البشرية على المزايا الكهنوتية .... لم تدرس تبعاته وعواقبه دراسة معتدلة شاملة والذي تجلت نتائجه بوضوح من خلال رد فعل الأبرشية ، ومن ثم إيضاح البطريركية ، والتي تذكرني بالمعارك الكلامية للنسوة في أزقة بغداد القديمة ... أسفي على كنيستي العريقة أن أراها منبراً لمهاترات طفولية تتحكم فيها طموحات ذاتية تسعى لأمجاد خيالية ... رحم الله الزعيم غير المسيحي والقائل " الرحمة فوق العدل " والذي دفع حياته ثمناً لمبادئه وعلى يد من غفر لهم ومنحهم حباً وجاهاً ( المحبة والغفران والعطاء ) . لا غرابة في ذلك وهو إبن الرافدين مربع الكلدانية والمسيحية الحقة .
ألكرة الآن في ملعب الحبر الأعظم ( ألبابا ) ... أرفع صلاتي وأتضرع للرب أن يكون في عونه وأن يتجاوز الموقف المعقد والشائك الذي وضعه فيه رعاتنا الأفاضل .... ما هي السيناريوهات المحتملة ؟ هل سيقف مع الشرعية ويدعم البطريريكية ؟ ... هل سيراعي ظروف الخارجين عن القانون الكنسي ويسند الأبرشية ؟ ... لن يكون أي من الحلين مناسباً وأشك أن يتم اختيار أحدهما لحساسية العلاقة بين الطرفين والتي هي حتماً غير خافية على المؤسسة الفاتيكانية ، إضافة إلى أن اختيار أي منهما سيزيد الجروح إيلاماً ، ولن يكون ذلك في مصلحة القيادة الكاثوليكية .. أغلب الظن أن هنالك حل توافقي يرضي كافة الأطراف إلى حد ما .... والحكمة أن يدعى القطبان إلى حاضرة الفاتيكان لتنقية القلوب وتصفية الأجواء حتى ولو ظاهرياً ، ويتفق على عودة الكهنة والرهبان المعنيين إلى أرض الوطن لمدة محددة على أن يعود من يرغب بذلك إلى كنيسته التي يخدمها الآن ... كل الحلول بهذا الإتجاه مقبولة وعلى الرحب والسعة .. ألمهم أن لا يضع البابا القانون على البغل والذي لا يمكن أن يتحمله إطلاقاً بل سيؤدي إلى شرخ كبير في جسده يتعذر بل قد يستحيل التئامه ... وللحديث صلة ...
من يقف في صف كنّا وآغجان فأنه مشارك في تهميش وإستلاب حقوق الكلدان