هل الصلاة على الميت ضرورة وجوبية أم تكملة للأسطورة ؟ «
في: 20.04.2020 في 12:28 »
هل الصلاة على الميت ضرورة وجوبية أم تكملة للأسطورة ؟
لإيضاح واف كان يجب ان تكون سخرية اليوم مفصلة وطويلة ، ولكننا سنختصر بقدر الإمكان وحتى سنتجاوز ازمنة ومراحل وتفاصيل لعدم الإزعاج ( اْنتو مو ناقصين بلاوي ودوخة رأس ) ! كُثِرَ في الفترة الاخيرة في هذا الموقع مصطلح الهرطقة ( يعني شنو الهرطقة ) ! واللَغو الغوغائي عن مسألة وجوب وضرورة الصلاة على المغفور له ، ولا نعلم إذا كان الطقس المسيحي يدعوا الى ذلك أم هي هرطقة شخصية للموضوع لغايات في نفوسهم البريئة ( يمكن يقصدون صاحب السخرية !) بالرغم من إنه لا يوجد في الكتاب المقدس أي آية تدعوا الى تلك الطقوس المبالغ فيها والتي سنأتي عليها بعد قليل .
طبعاً في اغلب الأحيان يمتاز الشرقي وبصورة عامة بالتملق والتزحلق اللولبي لمن يعتبره بالأعلى منه مرتبةً او فكراً او ثقافتاً او جاهاً او مقاماً . هذه العادة الملطخة بالغُلول والنفاق تَرَعرعتْ وتواصلت مع الشرقي لإعتبارات وظروف عديدة ، وسوف لا نذكر منها هنا غير مثالاً واحداً وهو الخوف ( طبعاً الكل يدرك ماذا يعني الخوف ) ! والإرتياع أيضاً كان له أسبابه وجماعاتهِ ووجَهائِهِ وناسهِ ومالكيهِ ، وسنأتي هنا بِرَجُل الدين كخير مثالِ للشهادة الحية على ذلك المُرعب ( يعني الدين نفسه ) !
الكل يعي ( والذي لا يعي عليه اما البحث والاستطلاع او الجلوس في البيت ( اصلاً الكورونا يطلب منا ذلك ) بأن الاديان تواجدت قبل عشرات الآلاف السنوات . اي قبل حتى أسطورة آدم وحواء نفسها ..
ومرة اخرى كان الدين في بادء البدأ عبارة عن خوف ومن ثم هلوسة وخربطة طباشيرية هستيرية الى ان تطور الى أسطورة محكية ومتنقلة من حضارة الى اخرى ومُتقلبة أربعين جُقلُبمة وبين آلاف الاديان الوثنية والطبيعية الى أن وصلت بِهيئة أسطورة مكتوبة . واغلب تلك الأساطير المكتوبة كانت تتحدث عن آلهه مجهولة ومختلفة الأنواع والالوان . والسواد منكم ( مرة رابعه ) يعي بأن أغلب تلك الأساطير للآلهة الغيبية تتطورت الى آلهة توحيدية معروفة الإقامة والهوية ، أي إنتهت في النهاية لعبادة إله واحد اوحد ، وترك كل الاديان الاسطورية والوثنية وهذا الذي توافقت عليه الاديان الابراهيمية الثلاثة . طبعاً لكل من تلك الديانات طقوسها الخاصة والتي تختلف بشكل او بآخر عن الديانة الأخرى .
إستمرت وتطورت وتغيرت تلك الموروثات والطقوس عبر الزمن بفعل رجُل الدين والظروف المختلفة التي عصفت بتلك الجماعات الثلاثة .
ومن تلك الأحاديث والاعراف والتقاليد والموروثات والطقوس في المجتمع المسيحي الشرقي والذي هو بابنا اليوم ، هي وجوب الصلاة على الميت قبل وبعد موته . طبعاً هنا أيضاً تطورت الطقوس المُتَبِعة لكل ديانة واختلفت بين هذا وذاك ، فتفرعت منها عادات وتقاليد مختلفة يتم تقليدها بعد ان يرحل المخفور له ( تحنيط ، غسل ، تشحيم ، صلاة على الغائب ، صاة جماعي ، وأحياناً فردي ، حرق العندليب ) وووووو الخ .
تواصلت تقليدة المسيحي بطلب الكاهن للصلاة على المريض وهو في فرشته قبل ان تستبدل وساعاته الاخيرة كل ما أمكن ذلك . وتتم الصلاة والتشحيم ( إن صحة الوصف ) على المريض فيرتاح هو قبل أقاربه وعائلته ، وهذا الطقس المستجد ليس بتقليد سيء وإن كان متأخراً ! فالمسألة هنا روحية ميتافيزيقية ونفسية حتى اكثر وقبل ان تكون إيمانية ( حتى الغير المؤمنين يرتاحون نوعاً ما بعد ذلك التقليد ) . المسألة تكون روحية ونفسية بين المنتهية ساعته وبين إلهِهِ ، او بينه وبين المجهول بعد الموت للبعض الأخر ، وهنا لسنا مختلفين على ذلك اذا كان يُهَدِء نوعاً ما من نفسية الراحل قبل السفر .
طبعاً الكل يعي بأن الروح تخرج قبل ان يموت الانسان ( معقولة واحد يموت وروحه لا تقبل الرحيل والسفر ) فيتم أخذ المرحوم بدون الروح الى الكنيسة ويتم الصلاة عليه بشكل واف وحتى يتجاوز المعقول في احيان كثيرة ، وذلك بحضور الأهل والأقارب والاصدقاء كتقليد وراثي لتوديع الأخير والنظرة الثاقبة . وهذا أيضاً مقدور عليه ولا بأس به وذلك احتراماً للأهل والاصدقاء وللحفاظ على ذلك الموروث . ولكن لا الانجيل ولا الكُتب المقدسة ولا الطقس المسيحي يطلب من ذوي الفقيد بالبحث بعد ربع ساعة لتأجير الصالون والقاعة وتوصية المينو . تبدأ مرحلة السندويجات والعزائم والقوازي والخرفان المشوية والمشروبات الغازية ( ما أعرف إشلون كانت الجنائز القديمة قبل إيجاد السفن آب ) والفقير الغير القادر على كُل تلك المبارزة العشائرية يُتهم بالتقصير والاُباحية ) ! هاي راح إنخليها للمرحوم القادم .
ينطلق القس مع الجنازة والتابوت والاهل والأقارب والاصدقاء ( مئات السيارات وبشكل أرتال ) الى المدافن ، وهنا تبدأ الصلاة على روحه الغائبة مرة ثانية ، وفِي احيان كثيرة لا تقل مُدة الصلاة عن التي تم ترنيمها قبل ربع ساعه في الكنيسة ( يا عمي يعني شنو معنى هذا ) .
وهنا سيقول بعض الهَرطقيين ( والله حلوة هاي كلمة الهرطقة ، عْجْبَتني ) بأن ذلك ضروري ، لا بل ضرورة قصوى ، وحتى إن لم يتواجد الكاهن لسبب من الأسباب ، فعلى أهل الميت إحضار كاهن من اي مكان وتحت اي ظرف إنشاء الله ان تسحبه من دولة مجاورة اودولة أفريقية ! واذا تَعَذّر ذلك فيكون الميت وذويهِ في ذمة الحرام او المنحوسين او المغضوب عليهم ، وطبعاً الراحل هنا سوف يُغْضَب عليه لا بل سيتم تحنيسهُ من قِبل البعض . وهنا يبدأ القال والقيل ، ويتشطر البغبغاوين ، ويسحب المنافقين خناجرهم ويبدأ الخَرسى والبُكُم بالحديث وحتى الزغاريد الصامدة !مع العٍلم يُمكن للمرحوم ومع نفسه أن يستغفر ربه ويطلب رحمته بينه وبين إلههٍ إن اقتضت الظروف في وحدانيته . الله يرحمه ! نحن ايضاً لا نقول اكثر من هذه ! لا والاغرب من كل هذا ، يستمر تكرار تلك الصلاة لليوم السابع ومن ثم الاربعينية وبعدها السنوية وأحياناً تستمر الى النهاية ( حسب الجيب ومقدرة الدفع ) ! حتى الاسطورة لم تطلب ذلك ! .
لماذا وجب الصلاة على شخص كان مسؤولاً عن كل افعاله بينه وبين ربه قبل أن يرحل ! لقد صلى وَعَبَد ربه وفعل ما قدر عليه وكان المسؤول عن افعاله بينه وبين إلهِهِ قبل ان تخرج منه الروح ، وبعدها فأضحى جثة هامدة ستتعفن وتتغير كيمائياً وعضوياً الى نتاج آخر لا قيمة ولا معنى رباني لها ! بعد ان تخرج الروح فتصل كما تقول الكُتب في خلال ثواني الى محكمة ربه ويتم بدأ المحاكمة، وهناك لا يوجد استئناف او اعتراض او تأجيل الحكم ولا تسمح الزيارات الشخصية ، فلماذا وماذا يعني الصلاة على الارض بينما هو قد تمت محاكمته ( نتحدث هنا ببساطة وعامية حتى يستوعب الغير المدرك للفلم ) . لا والأغرب من ذلك ، يتم تقليد واتباع كل هذه الموروثات في اغلب الأحيان بعد ايّام يقضيها الفقيد في البرادات ( ثلاجات ) للتشريح ومعرفة أسباب الموت ومن ثم إصدار التقرير بذلك ( الموت كان رباني ومكتوب مسبقاً فماذا يفعل العِلْم هنا ولماذا يحتاج الأهل الى ذلك التقرير ) ها هَمٍ راح انخليها للمرحوم الآخر !
طيب وصلنا الى النقطة الحاسمة والمختصرة في هذه الاسطورة وهو السؤال الآتي :
ماذا يجدي نفعاً الصلاة على ميت وهو كان قد رحل قبل اسبوع او ايّام ! الروح قد خرجت منذ اللحظة التي سبقت النهاية ووصلت الى مكانها وتم الاستجواب والمحاسبة وإصدار القرار النهائي الغير القابل للمراجعه او الطعن او الاستئناف ، فماذا يجدي الصلاة على روحه بعد اسبوع من كل ذلك هل سيتم إعادة المحاكمة ! هل سيتراجع القاضي عن قراره بعد ان يسمع الصلاة الاخيرة ! هل سيتم تقديم ادلة جديدة للمحكمة ! هل ستصل تلك الصلاة في موعدها اصلاً ( بعد اسبوع والطريق يحتاج أيضاً الى اسبوع راح يتأخر ) ! هل يحاكم الرب مُنتسبهِ على افعاله وهو حي أم سيتم محاكمته بعد ان تصل اليه تقارير عن حجم الصلاة والخرفان المحشية والقوازي التي تم نحرها على نية المرحوم والذي هو قد رحل ولا علاقة له بها ( يمكن اصلاً اذا كان المرحوم حي لا يوافق عليها ) ! .
في إحدى تلك المناسبات كُنتُ حاضراً لِجنازة أحد المعارف ( بعدة ثلاثة ايام من موته ) ، فكان هناك شخصان في باب الكنسية يحملان في يَدَيهُما سَلتين كبيرتين ، والكل يضع ما يمليه عليه ضميرة أو إمكانيته ( والذي نسى المحفظة بالبيت عليه العودة او البحث عن اقرب بنك للقرض ) . راقبتُ السَلْتيَن فتم تفريغها اكثر من مرة في اكياس يحملها شخص ثاني ( مُساعد أول ) واقف بجانب حامل السلة ( اوراق كانت تتطاير كلما ارتفعت الى الاعلى ) . الاغلب كان يضع ورقة من فئة خمسة او عشرة او عشرون او حتى خمسون يورو بإستثناء بعض الملحدين والكُفار ، فتسمع رنين قْطعتَهُم المعدنية وهُم مُطأطأي الرأس ( مثل واحد مفضوح ومهتوك ) والحضور كان كثيفاً ( اكثر من خمسمائة شخص ) . من خلال مراقبتي للحالة تيَقَنتُ بإرتفاع الدخل عن ألف يورو ! وهذا بإعتقاد الزائرين لمساعدة اهل الميت في المصاريف ( ماشي ، مقبولة وخاصة إذا فيها نَعجات وطواويس يابانية ) ! ولكنني سألتُ صديقي والذي هو اخ للمرحوم ، ماذا ستفعلون بالمبلغ الممنوح لكم في باب الكنيسة ! ردّ وقال : مو عيب نأخذ مثل هكذا مبلغ ! نحن لسنا بحاجة لذلك المبلغ ( الحمدلله الخير جثير ) فأعطيناه للكاهن ( طارت العشرون يورو في الهواء ) !!!!!!! هي لقطة متكررة لا اكثر ولا اقل !!!! .... نقطة
لنتوقف هنا ونكرر سؤالنا : ! هل إذاً فعلاً الصلاة هنا هي حالة وجوبية ضرورية حتمية أم انها تكملة للموروث والطقس المستجد التي اوصلته إلينا المتقلبات لبعض المصالح الدنيوية . هل الكتاب الإنجيلي يذكر او يطلب تلك الطقوس الناتجة بسبب تلك الصلاة المتأخرة ! أم إن للمنافقين والمرائين والمداهنين والمهرطقيين ( حلوة هاي ) ملعوب آخر ! هو مجرد سؤال ! أعلم سيتهرقل البعض ، وأعلم سيغضب الكَم واحد الباقي مني ، وأعلم سيُكفرني الذي لا يقرأ لي أصلاً ، وأعلم وأعلم اكثر واكثر ولكن هذه هي الحقيقة ! لم أتي بشيء من عندي ،فإذا غضب البعض مني عليهم صَب نار غضبهم على الاسطورة وليس لي ( لقد حذفتُ الكثير من مَتن هذه الكلمة قبل أن ارسلها ) .
ملاحظة علمية : علمياً وانسانياً وحتى إلهياً وروحياً يدرك هذا الجميع ، بأن الله لا يحاسب اي إنسان بعد مماته ولا يُسامِحهُ او يغفر لهُ بعد ان يموت بسبب كُثرة الصلاة أوحُجم القاعة او الصالون وعدد الخُرفان او القوازي او الدعايات وعُلَب السفن آب التي يتم تقديمها بعد مماته ، وصكوك الغفران لا تجدي نفعاً . وإلا لكان بمقدور البعض من شراء القاضي والمحامون وحتى قاعة المحكمة والكراسي بفضل الاموال التي جَمعوها بالصوم والصلاة على هذه الارض ....... نقطة
لا يمكن للشعوب المتخلفة أن تتقدم دون البدأ من نقطة الصفر !
نيسان سمو الهوزي .20/04/2020