لا نريدُ نواباً مسيحيين تحت الوصاية «
في: 25.05.2020 في 16:54 »
لا نريدُ نواباً مسيحيين تحت الوصاية
كتبَ نيافة الكاردينال مار لويس ساكو بطريرك الكنيسة الكلدانية في العراق والعالم الكلّي الطوبى في موقع البطريركية الغراء رسالةً تحت عنوان (المكون المسيحي يفتقد التمثل الحقيقي).
هذه الرسالة تكاد تكونُ خارطةَ طريقٍ ومرآةً صادقةً تعكس مستقبلاً حقيقياً لشعبنا العراقي عموماً والمسيحي بوجهٍ خاص، مستشرفاً بنظرة وطنية ثاقبة مستقبلَ وطنِنا العراق وراسماً ملامحَ واضحةً للعبور الى بَرِّ الأمان.
الرسالة البليغة لغبطة البطريرك، رغم أنه أوجزَ فيها رؤيتَه الصادقة للبلد، إلّا أنه شخَّص أمرَين مُهمين جدا، سأتطرق اليهما من وجهة نظري الشخصية:
الأمرُ الأول: ما يخص الكوتا المسيحية
إن للمسيحين خمسَ مقاعد، مُنِحَتْ لهم للمحافظة على التمثيل المسيحي في البرلمان. ومن خلال تجربتِنا ومتابعتِنا لسيرِ عمليات الترشيح والانتخاب، فقد كان أغلبُهم نواباً تحت ضغطِ أجنداتٍ معينة ضمنتْ لهم الفوزَ مقابل ولاءهم، ومن ثم الوقوع تحت الوصاية، وهذا سبَّبَ ارباكاً في تقديم الخدمات التي يحتاجها ابناء شعبنا والمساهمة في الحفاظ على حقوقه، أو في تعديل موادَ دستورية تهمُّ مصالح شعبنا تخص الأحوالَ المدنية والتعليمَ وحريةَ التعبير والتجاوزاتِ على الأملاك الخاصة بشعبنا، وغيرها.
كلُّ هذا جاء نتيجةً لعدم جعل الانتخابات محصورةً بقوائمَ خاصةٍ بأبناء شعبنا، لكي تضمن لنا أن النائبَ المُنتخب مسؤولٌ أمام ناخبيه (ابناء شعبه وليس أمامَ أحزابٍ متنفذةٍ أو كتلٍ كبيرة أو مرجعياتٍ اجنبية)،
وهذا ما حصل ويحصل الى يومنا هذا، فاغلب نواب الكوتا المسيحية يصعب عليهم تحقيقُ اتفاق على ابسط الأسس والمقومات، لاختلاف مرجعياتهم، فلم يخرجوا يوماً بورقةٍ موحدة أو قراءةٍ جامعة، ففي أغلب الأحيان كانوا في صراعات شتى، وجلّ اهتمامهم يكمن في تسقيط الواحد للآخر، ودفع شعبُنا من (الكلدان والسريان والآشوريين) ثمنَ ذلك.
هكذا وبعد أربع دورات انتخابية برلمانية، لم نسمعْ أو نقرأ إجماعاً للكوتا المسيحية تكلم باسمِ ابناء شعبنا، فمن اصواتهم نستشفُّ ولاءاتٍ حزبيةً خاصة أو أجنداتٍ أو توجساً من الوصي، وحتى الصوت الذي يحمل مشروعاً ناجعاً ويخدم مصالح شعبنا، يبقى اسير هذه المزايدات.
الأمر الثاني: تشكيل الحكومة الجديدة
رسالة غبطة البطريرك مار لويس ساكو كانت واضحةً حيث جاء فيها: اعطوا الحرية لرئيس الحكومة الجديد السيد مصطفى الكاظمي لتشكيل حكومة وطنية مدنية، وإني أضمُّ صوتي لصوت غبطته بتشكيل حكومة قوية تصون المواطن وتساعده وتقدم كافة الخدمات الضرورية له، بدلاً من الدخول في فراغ حكومي. فالحكومة اضافةً الى أنها ركنٌ كبير في تكوين الدولة فهي تمتلك السلطة التنفيذية، وعليه فإنَّ الحكومة الوطنية النزيهة والقوية تقف ضد أي تشريعٍ يتقاطع مع مصلحة الشعب وهذا هو المطلوب.
نعم نريد حكومةً يكون شعارُها دولةَ المواطنة، بعد غياب شبه كاملٍ للدور التشريعي، لأن البرلمان من البداية تأسسَ على قواعد خاطئة من المحاصصة والرشوة والانتخابات المخترقة وغير النزيهة، ناهيك عن اعتماد البرلمان على دستور يفتقرُ الى الكثير من الضمانات للحقوق الأساسية للفرد والجماعات.
واختم طالباً باعتماد رسالة غبطة البطريرك مار لويس ساكو كورقة عمل لمناقشتها من خلال اللجنة المشكلة لتعديل الدستور، (فيما يخص الكوتا المسيحية حصراً).
وفيما يخص تصوري للمستقبل السياسي والإداري وطبيعة نظام الحكم في العراق فأنا ارى أنّ تحويل العراق الى نظامٍ شبه رئاسي كما هو النظام الفرنسي، فهو مَخرجٌ صحيح يتلاءمُ مع طبيعة المجتمع العراقي، بعد أنْ فشل النظامُ البرلماني في العراق بالمطلق في تحديد القواعد الأساسية لشكلِ الدولة. لننظرْ الى التجارب التي حصلت بالعراق منذ السقوط (نيسان 2003) الى الآن، انها حكومات ترسخ الانقسامات داخل الشعب، والمناصب تخضع للتوازنات الحزبية، والفئوية والطائفية، ناهيك عن أن النظام البرلماني يصلح في المجتمعات المستقرة أمنياً وسياسياً واجتماعياً واقتصادياً ومذهبياً، وفيها احزاب تفضل مصلحة الوطن على المصالح الحزبية.
سلام مرقس / باريس