الكنيسة الكلدانية وأزمة التسمية الكلدانية لغير المسيحيين «
في: 17.07.2021 في 02:55 »
الكنيسة الكلدانية وأزمة التسمية الكلدانية لغير المسيحيين
عند حديثنا عن الكلدان مع بعض الأشخاص هنا في استراليا لنعطيهم معلومات عن الكلدان، كنا نقول لهم نحن الكلدان هم أقلية قومية في العراق اعتنقوا الديانة المسيحية من القرن الأول للميلاد وهم كلهم مسيحيون. يبدوا لي بأن هذا التعريف أو التوضيح سيصبح غير دقيقا أو حتى غير صحيحا في المستقبل القريب بسبب موقف الكنيسة الكلدانية الأخير من القومية الكلدانية.
في إحدى لقاءاته صرح غبطة أبينا البطريرك الكاردينال لويس ساكو ما يلي "هذه الأيام هناك مسلمين في (معروا)، ناصرية، عادوا ليقولوا بأننا كلدان لكننا شيعة. وقاموا بنشاطات توحيدية. نحن نعتقد لديهم علاقة كبيرة معنا، يأتون ألينا ويختلطون شباب وشابات. فهم أيضاً سند لنا، فليكونوا مسلمين، مثلما أن هناك مسلمين عرب ومسلمين سوراي، فليكن هناك أيضاً كلدان مسلمين شيعة".
باعتقادي الشخصي كان على كنيستنا الكلدانية قبل إطلاق مثل هكذا تصريحات والولوج في هذا الطريق أن تدرس الموضوع من كل جوانبه، لأن مثل هكذا تصريحات قد تدخل الكنيسة الكلدانية ونحن الكلدان في متاهات نحن في غنى عنها، خصوصا في ظروف مثل ظروف العراق.
سأحاول بقدر الإمكان أن أسلط الضوء على بعض الإشكاليات التي قد تنتج من تبني الكنيسة الكلدانية لهذا النهج بقبول أطراف جديدة وغريبة من قوميات وديانات مغايرة للكلدان في ميدان التسمية أو القومية الكلدانية.
في البداية أود أن أوضح بأن لكل شخص أو جماعة حق الاختيار في الانتماء لأي مجموعة يرغبون بها. وهذا حق شرعي وإنساني. عليه تبني مجموعة من المسلمين الشيعة تسمية القومية الكلدانية يجب أن يُقابل بالاحترام والقبول. مع ذلك قرار قبول هذا المجموعة تحت مظلة التسمية الكلدانية التي نعرفها، والخاصة بالمسيحيين، يجب أن يكون مدروسا من كل الجوانب قبل تبنّيه.
الإشكاليات قد تشمل:
- في البداية أو القول بأن كون الكنيسة الكلدانية هي مؤسسة دينية بحتة، فليس من حقها أن تقرر في المواضيع القومية والعرقية. تسميتها الكلدانية لا يعطيها الحق الكامل في تحديد هوية أو قومية أو عرق مجموعة لأن هذه الأمور (القومية والعرق وغيرها) تخضع لقوانين وضوابط ومعايير خاصة وهذه مهمة الباحثين والمؤرخين والمختصين في هذا الشأن. مع ذلك، باعتقادي بأن لأي كنيسة (بضمنها الكنيسة الكلدانية) الحق في التصريح والإعلان فيما يخص قبولها أو رفضها لأنضمام مجموعة معينة (قومية أو عرقية أو طائفة مسيحية) إلى كنيستها.
- اعتراف الكنيسة الكلدانية بكلدان غير مسيحيين معناه أن على الكنيسة الكلدانية أن تتوقع قيام هذه المجموعة بتشكيل طائفة جديدة خاصة بهم، على سبيل المثال تشكيل مجلس أو جامع أو حسينية الطائفة الشيعية للكلدان. وهذا سيفقد الكنيسة الكلدانية أحتكارها لتسمية الكلدان وتحكمها المطلق على الكلدان في العراق والعالم. وسيكون الحل الأمثل لهذه المعضلة بأن تعود الكنيسة الكلدانية إلى أصلها وتسميتها القديمة كجزء من كنيسة المشرق.
- عودة الكنيسة الكلدانية إلى أصولها المشرقية قد يؤدي إلى ابتعادها أو احتمالية انفكاكها عن الكنيسة الكاثوليكية في روما.
بخصوص الفوائد السياسية لقبول طوائف أخرى غير كلدانية تحت مظلة التسمية الكلدانية هي كما قال غبطة أبينا البطريرك هو "الحصول على سند" والمقصود به هو الحصول على دعم إضافي من أطراف عراقية غير مسيحية للكلدان في الملعب السياسي وبالتالي يفتح آفاق الحصول على مقاعد إضافية للكلدان خارج حدود الكوتا. وهناك احتمالية حصول العكس في وجود كلدان مسلمين يدعون تمثيلهم للطائفة الكلدانية أجمع (بمسيحيها ومسلميها في البرلمان) وبالتالي سيطرة الطوائف الأخرى الأقوى من حيث الكثافة البشرية والأكثر نفوذا وسلطة مثل الطائفة الشيعة (الكلدانية)، سيطرة تامة على الكلدان!
أما الفوائد الاجتماعية فتكمن في توسيع رقعة الكلدان وعددهم وحجم تواجدهم في العراق وقد يؤدي هذا النهج إلى فتح الأبواب على مصراعيه لإعلان الكثير من أبناء الجنوب في العراق عن كلدانيتهم مع الاحتفاظ بدينهم الإسلام وهذا معناه وجود جالية كلدانية قوية في جنوب العراق قد يكون لها فوائد عظمية لكافة الكلدان المسيحيين والمسلمين مجتمعين، حيث سيكون لهم نفوذ سياسي واجتماعي قوي. لكن المشكلة في هذا الأمر أن القومية الكلدانية وكما ذكرنا آنفاً ستخرج عن سيطرة الكنيسة الكلدانية التي ستكون وقتها كنيسة لفئة كلدانية مسيحية صغيرة أو ضئيلة من الجسم الأكبر منها (غير المسيحيين) ويكون الكلدان الأصليين تحت رحمة الكلدان الجدد من الطوائف الأخرى.
أما تبعيات هكذا نهج علينا نحن الكلدان، فأن وجود مجموعات أخرى من طوائف وديانات مختلفة غير الكلدان المسيحيين، ممن يطلقون على أنفسهم أسم الكلدان، من طوائف تتمتع بنفوذ وسلطة قوية وقد يفرضون إرادتهم وسطوتهم على بقية الكلدان، فهذا قد يؤدي إلى إمتعاض واشمئزاز وبالتالي ابتعاد الكثير من الكلدان الحاليين (المسيحيين) عن هذه التسمية (لقومتيهم) وتبني تسمية أخرى لأنفسهم مثل الأشورية أو السريانية التي منطقياً هي الأكثر قرباً لتقاليد وعادات ودين ومعتقدات الكلدان الحاليين.
أتمنى أن أكون قد ساهمت في إلقاء الضوء على بعض الأمور المهمة التي قد تنبت عند زرع بذور غير مسيحية في البيئة والتربة الكلدانية.
مع احترامي الجزيل للكنيسة الكلدانية وقادتها لكن قول كلمة الحق والتنبيه واجب علينا.
أخوكم عماد هرمز
ملبورن – استراليا
17 تموز 2021