منتديات كلداني
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتديات كلداني

ثقافي ,سياسي , أجتماعي, ترفيهي
 
الرئيسيةالرئيسيةالكتابة بالعربيةالكتابة بالكلدانيةبحـثمركز  لتحميل الصورالمواقع الصديقةالتسجيلدخول
 رَدُّنا على اولاد الزانية,,لقراءة الموضوع اكبس على الصورة  رأي الموقع ,,لقراءة الموضوع اكبس على الصورة
رَدُّنا على اولاد الزانية,,لقراءة الموضوع اكبس على الصورةقصة النسخة المزورة لكتاب الصلاة الطقسية للكنيسة الكلدانية ( الحوذرا ) والتي روّج لها المدعو المتأشور مسعود هرمز النوفليالى الكلدان الشرفاء ,,لقراءة الموضوع اكبس على الصورةملف تزوير كتاب - ألقوش عبر التاريخ  ,,لقراءة الموضوع اكبس على الصورةمن مغالطات الصعلوگ اپرم الغير شپيرا,,لقراءة الموضوع اكبس على الصورةدار المشرق الغير ثقافية تبث التعصب القومي الاشوري,,لقراءة الموضوع اكبس على الصورة

 

 اضطهاد العثمانيين لمُـواطني الكلدان والسريان بشقّيهم عام 1915م الحلقة الأولى- الحلقة التاسعة

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
كلداني
(داينمو الموقع)
(داينمو الموقع)
كلداني


اضطهاد العثمانيين لمُـواطني الكلدان والسريان بشقّيهم عام 1915م الحلقة الأولى- الحلقة التاسعة Uouuuo10
اضطهاد العثمانيين لمُـواطني الكلدان والسريان بشقّيهم عام 1915م الحلقة الأولى- الحلقة التاسعة Awsema200x50_gif

اضطهاد العثمانيين لمُـواطني الكلدان والسريان بشقّيهم عام 1915م الحلقة الأولى- الحلقة التاسعة Tyuiouyاضطهاد العثمانيين لمُـواطني الكلدان والسريان بشقّيهم عام 1915م الحلقة الأولى- الحلقة التاسعة Ikhlaas2اضطهاد العثمانيين لمُـواطني الكلدان والسريان بشقّيهم عام 1915م الحلقة الأولى- الحلقة التاسعة Goldاضطهاد العثمانيين لمُـواطني الكلدان والسريان بشقّيهم عام 1915م الحلقة الأولى- الحلقة التاسعة Bronzy1اضطهاد العثمانيين لمُـواطني الكلدان والسريان بشقّيهم عام 1915م الحلقة الأولى- الحلقة التاسعة Shoker1

البلد : العراق
مزاجي : احب المنتدى
الجنس : ذكر
عدد المساهمات : 8512
تاريخ التسجيل : 16/06/2010
الموقع : في قلب بلدي المُحتَل
<b>العمل/الترفيه</b> العمل/الترفيه : طالب جامعي

اضطهاد العثمانيين لمُـواطني الكلدان والسريان بشقّيهم عام 1915م الحلقة الأولى- الحلقة التاسعة Empty
مُساهمةموضوع: اضطهاد العثمانيين لمُـواطني الكلدان والسريان بشقّيهم عام 1915م الحلقة الأولى- الحلقة التاسعة   اضطهاد العثمانيين لمُـواطني الكلدان والسريان بشقّيهم عام 1915م الحلقة الأولى- الحلقة التاسعة Alarm-clock-icon30/6/2023, 9:28 am

اضطهاد العثمانيين لمُـواطني الكلدان والسريان بشقّيهم عام 1915م الحلقة الأولى- الحلقة التاسعة OTsgVcR4_o
اضطهاد العثمانيين لمُـواطني الكلدان والسريان بشقّيهم عام 1915م الحلقة الأولى- الحلقة التاسعة Dr-Gorgees-Mardo


DrGorgees Mardo

23.06.2023
إضطهاد العثمانيين لمُـواطني بلادهم مِن المسيحيين عام 1915م
الحلقة الأولى
لم يقتصشر اضطهادُ السلطنة العثمانية الجائرة الإسلامية المتزمِّتة على الشعب الأرمني المسيحي وحـده بل شَمل  بعُنفوانِه أبناء جميع الطوائف المسيحية الأخرى الخاضعة لحُكم السلطنة المقيت ولذلك
سننقل بتصرُّفٍ صياغي دون الإخلال بالمضمون أحداث اضطهاد الكلدان والسريان بشقيهم  السريان المونوفيزيين الأرثوذكس والسريان الكاثوليك عن شاهد عيان هو المطران الكلداني ماراسرائيل اودو في كتابه الموسوم:
(اضطهاد المسيحيين من الكلدان الكاثوليك والكلدان النساطرة "الآثوريين" والأرمن في ماردين، سعرد، آمد، الجزيرة، نصيبين والرها وغيرها عام 1915م في تركيا / ترجمة. الشماس خيري فومية/ مشيكَن- أميركا 2009م)
ففي (توطئة الكتاب اعلاه ص 9- 10) يقول المؤلف ماراسرائيل اودو: بأنَّ اضطهاد المسيحيين "أبناء الطوائف المسيحية" في ماردين باستثناء اليعاقبة "السريان الأرثوذكس" منهم في باديء الأمر، بدأ يوم الثالث من حزيران عام 1915م ولم تخمد نارُه حتى نهاية تشرين الأول من العام ذاته. ويُضيف: لم اسخِّر قلمي لأدوِّنَ هذا السِّفر، إلا على ما رأيته بأم عيني وسمعته باذني من الحقائق، مُبتعداً عن الإطالة ما استطعتُ. أما عن الذي دوَّنته نقلاً عمّا رُويَ لي، لم أقبله ولم أدَوِّنه إلا بعد البحث والتمحيص الدقيق، مُسجِّلاً لكُلِّ حادثٍ سببه.
يقول مؤلف الكتاب أعلاه في (الصفحة 26) وبعد التحقق وقفنا على السبب الواهي الباطل، الذي أتِّخِذ ذريعة لإبادة الأرمن، وهو مُطالبتهم بحريتهم، لكننا لم نجد أية ذريعة مهما كانت تافهة لإضطهاد الكلدان والسريان بشقيهم المونوفيزيين الأرثذكس والكثوليك وليس كما سمّاهم "الآراميين)لأنها تسمية خاطئة ولا تمت الى الحقيقة التاريخية بصلة، كما لا يُمكن لأحدٍ مهما تمادى في البحث عن ذنبٍ اقترفه هذا المكون الكلداني السرياني البائس والمظلوم في بلده الأصيل المُحتل من قبل مُضطهديه الغزاة، ومع كُلِّ ذلك فلم يكن بعيداً عن الحسد الذي تضمره له السلطات الغازية الحاكمة المتزمتة إسلامياً وقومياً، فكان ذلك السبب في اضطهاده للإستحواذ على ثرواته، إذ كان شعباً ذكياً يسعى الى جمع الثروة بجهوده الكبيرة لإسعاد عوائله وأبنائه، حيث يقول الأب ريتوري في كتابه (مسيحيون بين أنياب الوحوش / تحقيق جوزيف اليشوران / تعريب الأب عمانوئيل الريس ص 172) كان المسيحيون في تركيا يعملون في التجارة والصناعة ويمارسون المهن الحرة في الجزيرة اكثر من غيرها من المدن التركية، فجعلهم ذلك موضع حسد المُسلمين، اما القس اسحق ارملة فقد ذكر في كتابه (القصارى في نكبات النصارى طبعة بيروت 1919) بأن ما يربو عن الفي حانوت من حوانيت ماردين كانت تعود للمسيحيين. تُرى، فبأيِّ حَقٍّ يُعتدى على الشعبُ المسيحي الأعزل من قبل الأقوام التي احتلَّت أرضه وأهانت كرامته؟
ويستطرد المؤلف في (الصفحة 27 – 28 – 29) إنَّ المُعتدين من المسؤولين والحكام العثمانيين يلقون اللوم على أبناء القبائل الكردية واصفين إياهم بشدة الخبث الذي يعتمر في نفوسهم، هو الذي دفعهم للقيام بارتكاب جرائم الإبادة ضِدَّ المسيحيين مستغلّين انشغالنا بالحرب. إنَّ هذا الإدعاء ضعيف وسخيف معاً يدعو الى الإستهزاء والسخرية، ولا ينطلي حتى على الأطفال الأبرياء لأنَّه مبنيٌّ على الكذب، والدليل على ذلك، أنَّ لجنة إصدار أوامر الترحيل والإعدام كانت مؤلفة من رؤساء المدينة وحكّامها، وبأوامر من سلطات جمعية الإتحاد والترقي الحاكمة الباغية.  وقد شاهدنا عن كثب كيف كانت تُشرف على عملية مُداهمة الشوارع والحوانيت وساحات المدينة لإلقاء القبض على أبنائنا من الكلدان والسريان والطوائف المسيحية الأخرى، ولم تسلم الكنائس من رجسهم حيث اقتحموها واعتقلوا جميع الكهنة والشمامسة وزجّوهم في السجن، وبعد أن أساموهم أمَرَّ العذابات، نقلوهم الى خارج المدينة وأعدموهم بأمر حاكم المدينة المارديني. وكان بينهم سبعين فرداً من أبنائنا كلدان ماردين قد قُتِلوا عدا العدد الكبير من الشبّان الذين سيقوا الى جبهات القتال ولم يَعُد أحدٌ منهم.
أما في مدينة آمد "دياربكر" فقد أقتيدَ في قافلةٍ واحدة أفراد خمسة وثمانين بيتاً من رجال ونساءٍ واطفال، وأتوا بهم الى ماردين ووضعوهم في كنيسة ماركوركيس العائدة للأرمن وكان من ضمنهم شقيق القس سليمان كوجك اوسطا أحد كهنتنا الكلدان في آمد مع أفراد عائلته ووالدته العجوز، فقضوا عليهم جميعاً، ولكنَّ حارساً كان له معرفة بالكاهن جيدة جاء به الى عندنا وهو الذي أعلمنا بالحادث. وبناءً الى ما أبلغنا به، قدمنا التماساً الى المتصرف مُعلِمين إياه بأنَّ القافلة تضم كلداناً، وأن الأوامر لا تقضي بقتل الكلدان بحسب البيان الذي قرأه المُنادي، بيدَ أنَّ المتصرف رفض التماسنا ولم يُطلق سراح اولئك الكلدان.
في مدن نصيبين والجزيرة وميافرقين وسعرد وغيرها، استقدم امراءُ وحكامُ هذه المدن الأكراد من الجبال وطلبوا منهم الإشتراك مع العساكر، بإخراج المسيحيين من بيوتهم، فقامت العساكر وبأمر من الحاكم بإخراج الرجال اولاً وزجهم في السجن، ثمَّ أخرجوا النساء والأطفال والقوهم في السجن ايضاً، فذبحوا عدداً كبيراً منهم، وسبوا واستعبدوا الباقين. وإليكم ما قاله مُسلمو ماردين بهذا الصدد: < إنَّ الكاثوليك هم أتباع البابا وأعداء السلطنة وخونتها، ولهذا أمرنا بإبادتهم! وبما أنَّ اليعاقبة ليسوا موالين لأيَّة جهةٍ أجنبية منذ بدايتهم، لذا فهم أحبّاؤنا وفي حِمانا، وعليه فقد حافظنا عليهم ولم يُمَسّوا بأذىً. وبعد هدوء الإضطهاد ووقف عمل السيوف، انبرى أكراد ماردين من الرجال والنساء الى إسماع المسيحيين الناجين من المذابح تهديداً طالبين منهم نبذ المسيحية واعتناق الإسلام، ولن يكون مصيرالرافضين سوى الموت.
ويُتابع المطران اسرائيل اودو قائلاً: نستطيع أن نُجزم بأنَّ كُلَّ اولئك الذين استشهدوا وخاصةً من الكلدان والسريان الكاثوليك في كُلٍّ من آمد وماردين وسعرد والجزيرة ونصيبين وغيرها من المدن والقرى التي لا تُحصى، من مطارنةٍ وكهنةٍ وشمامسة ومؤمنين رجالاً ونساءً وفتياتٍ وفتياناً وأطفالاً رضعاً، هم شهداء حقيقيون للديانة المسيحية. لذا يحق للكنيسة الكلدانية أن تفتخر أمام أمم الأرض كُلِّها، بأنها وحتى في القرن العشرين، هي كنيسة الشهداء، كما كانت ومنذ انطلاقة المسيحية في ربوع بلاد بين النهرين، وبخاصةٍ في عهد الملك الفارسي الجائر شابور الثاني الساساني، وغيره من الملوك الذين تعاقبوا على حكم هذه البلاد. إنَّ عشرات الآلاف بل مئات الآلاف من الشهداء الذين نالوا اكليل الشهادة حفاظاً على درة الإيمان المسيحي الثمينة المخزونة في قلوبهم وضمائرهم، قد قدَّموا رقابهم كهدية أكثر قبولاً وتقديراً، ومن أجل يسوع الشهيد الأعظم. وهم كالنسغ الروحي، وأسمى من الطبيعة يجري في عروق الدوحة الباسقة الأغصان. ومن مجموع قتلى ماردين كانت حصة الكلدان سبعون شخصاً عدا العدد الكبير من الشباب الذين سيقوا الى جبهات القتال، ولم يَعُد منهم أحدٌ، أما عدد قتلى الكلدان من مديات وكفرجوز فكان واحداً وخمسين فرداً من الرجال والنساء. وفي منطقة تل الأرمن في ماردين كانت تسكن ما تزيد عن 800 عائلة أرمنية كاثوليكية وكانت تعيش بينها خمس وخمسون عائلة كلدانية، فتمَّت إبادتها عن بكرة ابيها، وفي نصيبين ابيدت ثلاثون عائلة رجالاً ونساءً مع كافة أبنائها.
وفي (الصفحة 31 – 32 -33) نختصر ما ورد فيها على لسان المؤلف المطران مار اودو حيث يقول: بعد نشوب الحرب العالمية الأولى بسبعة أشهر وبالتحديد في شهر شباط عام 1915م أصدَرت الحكومة العثمانية قراراً بفصل كافة الموظفين المسيحيين عن مناصبهم التي يشغلونها في دوائر الدولة وعلى كُلِّ المُستويات وفي عموم أنحاء السلطنة. وأعقب هذا القرار قرار آخر أشدُّ لهجةً من الأول، يُلزم المسيحيين كافة بتسليم جميع ما بحوزتهم من الأسلحة والأعتدة وخلال ثلاثة أيام فقط من صدوره، وعلى إثرها بادر العسكر بمُداهمة دور المسيحيين بحجة البحث عن الأسلحة المُخبأة، فبدأوا بضرب النساء والإستهزاء بهنَّ بتهكُّم وسخرية، وراحوا يحفرون في باحات الدور وفي الكنائس وحتى في أسفل المذابح المقدسة المكرَّسة لتقديم الأسرار المقدسة هادمين الجدران وقالعين الأسس بذريعة البحث عن الأسلحة فلم يعثروا على شيء وذلك لسبب بسيط هو لأنَّ المسيحيين لم يكن لديهم أيَّ نوع من السلاح.
إعفاء متصرفَين شَهِـمَين
في شهر آذار نُقل الدكتور رشيد والي الموصل وعُيِّن والياً على آمد "دياربكر"، وبحسب ما وصفه الأب جاك ريتوري في كتابه  المُعنون ( مسيحيون بين أنياب الوحوش...ص 54) < بأنه لما قدم رشيد باشا الى دياربكر كان خالي الوفاض، بعد سنة غادرها الى انغورا في قافلة تضم 24 عربة مُحملة بالذهب والجواهر وطنافس وأثاث فاخر وأشياء اخرى ثمينة  نهبها من منازل الأرمن، قُدِّرَت كمية ذهبه بمئة الف ليرة عثمانية أمَّنها قبل مغادرته، ويُضيف الأب جاك في (الصفحة279) وبحوزته مئة الف ليرة ذهبية جناها من المذابح في ولايتي دياربكر وانغورا >. وما إن باشر مُهمَّته في دياربكر حتى أعطى الأولوية لتنفيذ قرارات جمعية الإتحاد والترقي القاضية بإبادة الأرمَن، فقد منح صلاحيات سرية صارمة للسيد حِلمي متصرِّف ماردين يطلب منه إبادة مسيحيي ماردين وضواحيها بدون تمييز، ولما كان السيد حِلمي رجلاً يتصف بالعدالة والنزاهة، لا يرغب بسفك الدماء البريئة، كتب بجرأةٍ الى الوالي وقابله عِدة مرات موضحاً بأنَّ هذه الأوامر والتعليمات لا تشمل جميع مسيحيي ماردين، وإنَّهم يستنجدون به وهم لا يملكون أيَّ نوع من السلاح، كما أنهم يختلفون عن الأرمن قومياً وحتى لا يتفقون معهم عقائدياً ومذهبياً. وحين تبيَّن له بأن كُلَّ مساعيه لدى الوالي لم تُجدِ نفعاً، طلب إعفاءَه من منصبه، فقبِل طلبُه وعُيِّن بديلاً له شفيق بك  منقولاً من ولاية وان. وكان لشفيق بك إطلاع  على قلاقل ماردين منذ أن كان متصرفاً عليها قبل أن يخلفه حِلمي بك صديقه الحميم،< إذ في الأول من شباط 1915م أقدمت السلطات العثمانية على استهداف الأرمن لإبادتهم، ولكنَّ الأرمن تمكنزا من الإختباء، ومعظمُهم لاذوا بالفرار والتجأوا الى روسيا >.  وكان شفيق بك كحلمي بك عادلاً لا يرضى بالظلم، فلم يشأ الإنزلاق والمُشاركة بهذا الظلم والإضطهاد الكبيرَين، فطلب هو الآخر إعفاءَه من هذا المنصب، ونقل الى بغداد وأسندت له وظيفة كاتب الولاية. وهذا دليل صارخ بأنّه مهما ازدادت شراسة الإستبداد والقتل والإنتقام بين أبناء البشر، ولكنَّهم لا يخلون من ذوي الضمائر الحية!
وعُيِّن متصرفاً على آمد "دياربكر" بدلاً عن شفيق بك "بدري بك" الذي بإشرافه جرت المأساة، حيث قام ياوره رشيد "مساعده" بإرسال توفيق بك الجركسي وبمعيته قومسير آمد ممدوح "مدير شرطة" وقد قال عن توفيق بك الأب جاك ريتوري في كتابه ( مسيحيون بين أنياب الوحوش... ص 54) بأنَّ توفيق بك الياورالأمين نال ثناء حكومته لقاء ارتكابه اعمالاً إجرامية بحق المسيحيين، وقد انصرف وحقائبُه منتفخة بالأموال التي نهبها منهم! قام توفيق والقومسير ممدوح فور وصولهما الى مدينة ماردين، وبعد أن لقيا تعاونا من زعماء مُسلميها واستعدادهم ليس لإرشادهما على عشرة من رؤساء الأرمن الكاثوليك البارزين حسب طلبهما بل إنَّهم مستعِدّون لتسليم كافة مسيحيي ماردين وضواحيها للموت، فسرَّهما هذا الموقف العِدائي من مسلمي ماردين تجاه مسيحييها المناقض تماماً لِما كان عليه الطرفان قبل ذلك وعلى مَرِّ الزمن يعيشان بمحبةٍ  ووئام! فشكَّلا لجنة من أربعين شخصا من عشائر ماردين برئاسة عبدالقادر باشا والمفتي حسين وخدر كوميري رئيس الحامية وأغوات العديد من العشائر الكردية وبخاصة أغوات عشائر الكُرد الثلاث التي كانت تقطن ماردين من زمن بعيد. وقد خُوِّلت هذه اللجنة بإصدار أوامر وأحكام إبادة المسيحيين سكان البلاد الأصليين من جميع الأجناس والأعمار.
يُتابع المؤلف ماراودو في (الصفحة 34 – 37) في عصر يوم الثالث من حزيران 1915م المصادف لعيد الجسد، اعتُقِل مارأغناطيوس مالويان مطران ماردين وتوابعها للأرمن الكاثوليك العالِم البليغ وهو في العقد الخامس من عمره، ومعه سكرتيره الشاب القس بولس سنيور، وفي اليوم التالي القي القبض على جميع رؤساء ونبلاء ووجهاء الأرمن والكلدان والسريان بشقيهم الكثوليك والمونوفيزيين اليعاقبة، ووصل عدد المُعتقلين خمسمائة وإثنين بضمنهم كهنة ارمن وسريان كاثوليك، وبعد أن فتشوا الدور والكنائس ونبشوا حتى القبور ولم يجدوا ما يُجرم المسيحيين، أبرزوا رسالة من شخص أرمني موجهة الى المطران مالويان، ورد فيها: < ها إننا قد هيّأنا البنادق والعتاد، واشترينا منها ستة أحمال، وسنكون عندك قريباً مع السلاح. (يقول القس اسحق ارملة في كتابه "القصارى في نكبات النصارى" هذه الرسالة قد اختلقتها السلطات العثمانية، لتجعل منها ذريعة لتبرير جريمتهم بتصفية الأرمن وبقية المسيحيين جسدياً، وقد ايَّدَ هذا الإختلاق الأب جاك ريتوري في كتابه (مسيحيون بين أنياب الوحوش...). ويتقزز صاحب أقسى قلب من وصف ما أساموه هؤلاء الأنجاس للمعتقلين المسيحيين الأبرياء!
استشهاد الوجبة الأولى
ويواصل الحديث ماراودو قائلاً: وبعد أربعة أيام أُطلِق سراح اليعاقبة الخمسة والثمانين، وكان المؤمَّل أن تكون المرحمة شاملة لكُلِّ السجناء، ولكنَّ ذلك الأمل لم يتحقَّق، إذ بعد أربعة أيام تالية، أُخرج جميع الباقين ليلاً، واقتيد كُلُّ أربعة منهم وقد قُيِّدوا بالحبال، والبعض منهم قد قُيِّدت أعناقهم وأياديهم وكأنَّهم مُجرمون قتلة. وأتجهوا بهم  صوب آمد تحت حراسة ثمانين فارساً، وبعد مسير ساعة واحدة حادوا بهم عن الطريق وأدخلوهم في شِعاب ووديان لا وجود للبشر فيها، إلا زمرة من الأكراد الأشرار مدججين بالأسلحة كانت بانتظارهم. وللحال أخرج قائد المفرزة فرماناً من عُبِّه يقضي بقتلهم، وبعد أن قرأه على مسامعهم، أردف قائلاً: إن أسلمتم واعترفتم بنبيِّنا، سنُشفق عليكم ونُعيدكم سالمين الى بيوتكم.
وكأنَّ إلهاماً أتى اولئك المؤمنين ففطنوا لتلك الخِدعة، ودبَّت فيهم الشجاعة وأجابوا قائد المفرزة بجرأة ورزانة وبصوتٍ واحد: < إسمع إذاً أنت وأفراد زمرتك، وانقل أقوالنا الى رؤسائك، نعلم يقيناً بأننا أبرياء أمام الله وأمام الشعب مما تتهموننا به. وضميرنا شاهد علينا، وحتى أنتم تشهدون لنا، ناهيك عن شهادة أهل ماردين بحسن سيرتنا وأخلاقنا وإخلاصنا للدولة ولكُلِّ فئات الشعب، وذلك بفضل ما تعلمناه وورثناه من آبائنا وأجدادنا الأبرار. فإذا كانت السلطات وأهالي ماردين لا يُريدوننا وينشدون قتلنا ظلماً وجوراً، فليكن دمُنا ودمُ نسائنا وأطفالنا الطاهر الذي ستسفكونه أنتم ظلماً شاهداً عليكم وعلى هذه الدولة يوم القيامة. إنَّ ساكن السماء لا يخفى عليه ما يكُنُّه البشر في قلوبهم وضمائرهم من مكر وخداع، وله سنترك الإنتقام من ظالمينا الطالبين مِنا أن نجحد ايماننا. إشهدوا علينا أنتَ وزُمرتُك، ونعلن جهاراً بأننا جميعا قد وُلِدنا مسيحيين وتربينا على ايمان حقيقي، وكذلك ليكن موتُنا، فلن تُضِلَّنا وعودكم الكاذبة، ولن نخشى القتل والموت، وقد كُتِبَ: <لا تخافوا من الذي يقتل الجسد، فإنَّه لا يستطيع أن يقتل الروح/متى 10-18> ثمَّ صاح الجميع بأعلى صوتهم قائلين: إننا جميعا مستعِدون للموت من أجل مسيحيتنا.
أخذ العجبُ مأخذه من اولئك الفرسان لشجاعة وبطولة هؤلاء الرجال الصالحين البواسل، فمنحوهم وقتاً زهاء نصف ساعةٍ ليستعِدوا فيها للموت بالصلاة والتوبة، أما الأشرار فكانوا يُعِدّون عِدَّتهم لتنفيذ المجزرة بحق هؤلاء الأبرياء الأبرار، وما إن انتهى الوقتُ الممنوح لهم، حتى انتصب شابٌّ في وسط الجمع واتجه بناظريه نحو الشرق رافعاً يديه نحو السماء (لم نعرف اسم الشاب ولا اسم عائلته) وأخرج من جيبه كتاب صلوات، وبدأ بتلاوة الصلوات والتضرعات وشاركه المؤمنون لمدة نصف ساعة، نالوا بعدها الحلة من قبل الكهنة الذين معهم، لأن (المطران اغناطيوس مالايان كان قد عُزل عنهم، وخُيِّر بين اعتناق الإسلام أو الموت، فرفض اعتناق ديانة تدعو الى ارتكاب مثل هذه الأعمال، فضُرب بقساوة حتى تدفق دمُه ولم يتذمَّر، لأنَّ المسيح كان يُساعده، وفي الآخر اجهزعليه القومسير ممدوح بالخنجر، وأخذ ملابس المطران وباعها في ماردين.)، وبعد أن أتمَّ المؤمنون صلواتهم وأصبحوا مُستعدين، تقدَّموا بمنتهى الجرأة صوب القتلة قائلين لهم: أكملوا مُهمتكم، وللحال شرع السفاحون الفرسان والأكراد بفرز كُلِّ عشرة مؤمنين، ثمَّ يُجهزون عليهم ذبحاً كالخراف، أو بقر بطونهم بالخناجر، أو ثقب أجسادهم برصاص منصهر، أو تهشيم رؤوسهم بالهراوات والقضبان الحديدية حتى أتوا الى آخرهم، وانتهت تلك المجزرة المُروعة، وكان عددُ أفراد هذه المجموعة 477 فرداً على النحو التالي 106 سريان كاثوليك، 36  كلدان كاثوليك، 335 أرمن كاثوليك، وتمَّ استشهادُهم في منطقة تُدعى "قلعة زوزاون يوم الحادي عشر من حزيران عام 1915م.
في سبب إطلاق سراح اليعاقبة
(مترجم الكتاب الذي ننقل عنه احداث الإضطهاد العثماني للأرمن والمسيحيين الآخرين عامةً، يستميح إخوتنا الأرثوذكس اليعاقبة عذراً، في حاشية الصفحة 38، عن امور لا يرغبونها، ويُضيف: ولكنه كمترجم عليه نقل ما يذكره المؤلف بكُلِّ أمانة، مع تأكيده بأن تفاهم الطوائف المسيحية فيما بينهم اليوم هو غير ما كان عليه في الزمن الغابر، وأن أعداء المسيح يضعون جميعنا في خانة واحدة بدون تمييز بين مذهب وآخر لا الآن ولا في أيِّ وقتٍ مضى، وخاصة منذ مجيء الإسلام،  وإنَّ المؤلف لم ينسَ ذكرَ ما أصاب الأرثوذكس اليعاقبة لاحقاً من الإضطهادات والملاحقات،  ويعني ذلك أنه يكتب الوقائع التاريخية كما جرت).
في (الصفحة 38 – 39 – 40) يقول المؤلف: بعد إلقاء القبض على أشراف اليعاقبة ووجهاء المسيحيين الآخرين، وايداعهم  السجن بدون تمييز، أرسل اليعاقبة بعضاً من وجهائهم عند المسؤولين متوسلين بهم قائلين لهم:  <إننا ومنذ القِدَم نُعتبَر من مُحِبيكم وفي حماية نبيِّكم الذي هو نبيُّنا، وعبيداً وخدماً لكم ولأبنائكم ومنذ زمن مديد. وقدسجنتمونا اسوة بالذين يكرهونكم، وحُسِبنا بصف أعداء مملكتكم وخُلطنا مع الأشرار. فارحموا عبيدكم ولتسبغ مراحمُكم على أيتامِكم، وأنقِذونا في سبيل الله. بالنبي العظيم نستغيث، فاشفِقوا علينا>. ولما سمع المسؤولون أقوالهم، عطفوا عليهم، وأمروا بأن يُطلق سراحهم فوراً شرط أن تُتلى علناً العريضة الموقعة من وجهائهموالتي جاء فيها: < إنَّ مسيحيي ماردين وضواحيها من السريان الكاثوليك والكلدان والبروتستانت، هم أعداء المملكة، ومُبغضو هذا الوطن، وهم من مُحِبي الغرباء(الدول الأوروبية) ومن مؤيديهم، وعليه فجميعهم يستحقون الموت، وبعد أن تَلوا تلك الشهادة الخبيثة، أُخرجوا من السجن. وأدناه أسماء الموقعين على تلك العريضة: حنا اوسي القس حنا، منصور جبوري، نعوم شهرستان، حنا حناش، وحنا هداية. إنها الحقيقة التي أسمعني إياها حنا هداية بنفسه، وقال لي حرفياً: < لسنا نحن الذين كانت لهم يد في مقتل مسيحيي ماردين وضواحيها، بل حنا اوسي الذي كان قد قتِل في داره وهو راقد في فراشه ليلاً، بعد أربع سنوات من ذلك الحادث. المطران اسرائيل اودو.
في بعض سجايا اليعاقبة
إنَّ يعاقبة ماردين أطلقوا على أنفسهم "ايتام محمد" و"ايتاماً وعبيداً للمُسلمين"، لم يخجلوا من الإسم المُشين الذي تسمّوا به ليكون كعلامةٍ فارقة تُميِّزهم عن بقية المسيحيين (من المذاهب الأخرى) بل كانوا يتباهون به كما يتباهى المسيحيون الحقيقيون بعلامة الصليب، إنَّ عشرتهم للمسلمين كانت وعلى الدوام أكثر مما كانت للمسيحيين. وبسبب تلك العشرة، فقد اقتدوا بأحاديثهم، إذ أخذوا يستشهدون بآياتٍ قرآنية خلال أحاديثهم لسببٍ كان أو لغير سببٍ، فقط للإقتداء بالمُسلمين والتباهي بعاداتهم. يُزيِّنون جدران منازلهم من الداخل بلوحات مطرَّزة بآيات قرآنية، أضِف الى ذلك :  أنَّ كبار أحبارهم (مطارنتهم) يعترفون ويعظون شعبهم عن الدين الإسلامي ويُعظمونه علناً. ويتشبَّهوا بهم الى أقصى حدٍّ باليمين والقسم خلال أحاديثهم، ويضعون القرآن على رؤوسهم. ومُحاباة للوجوه، أخذوا يُجاهرون علناً بما يختلج بقلوبهم ويُعلِّمون أبناء طائفتهم قائلين: خير لنا أن نعتنق الإسلام مِن أن نتحوَّل الى الكثلكة. وكانوا يُحاولون سَدَّ كُل السبُل أمام الكاثوليك. ويدعونهم أعداء المملكة العثمانية ومُبغضي الوطن ومُحِبي الأجانت.
هناك سبب آخر لإطلاق سراح اليعاقبة، وهو أن في طورعبدين قرى كثيرة يسكنها اليعاقبة، وأكبر تلك القرى ميديات. وعلاوة على ما رويناه، فقد ظنَّ المسؤولون المذكورون، أنهم لو قتلوا يعاقبة ماردين وتصل تلك الأخبار الى أهالي طورعبدين، سيثورون ويتمردون، وبذلك ستصعب السيطرة عليهم وإبادتهم. لذا ارتأوا إطلاق سراح يعاقبة ماردين، وتأجيل ضربهم الى وقتٍ مناسب. لذا فأمر إعفائهم الذي اعلن انقذ هؤلاء الذين من مدينة ماردين، ولكن ما سيرد لاحقاً سيختلف. والى الحلقة الثانية قريباً.
الشماس د. كوركيس مردو



اضطهاد العثمانيين لمُـواطني الكلدان والسريان بشقّيهم عام 1915م الحلقة الأولى- الحلقة التاسعة Kawmiya2
من يقف في صف كنّا وآغجان فأنه مشارك في تهميش وإستلاب حقوق الكلدان

يونادم كنّا وآغاجان كفتا ميزان لضرب مصالح مسيحيي العراق ولاسيما الكلدان

من يتعاون مع كنّا وآغجان فكأنه يطلق النار على الكلدان

To Yonadam Kanna & Sarkis Aghajan

You can put lipstick on a pig but it is still a pig

To Kanna & Aghajan

IF YOU WANT TO REPRESENT YOUR OWN PEOPLE,
YOU HAVE TO GO BACK TO HAKKARI,
TURKEY & URMIA, IRAN


اضطهاد العثمانيين لمُـواطني الكلدان والسريان بشقّيهم عام 1915م الحلقة الأولى- الحلقة التاسعة 7ayaa350x100
اضطهاد العثمانيين لمُـواطني الكلدان والسريان بشقّيهم عام 1915م الحلقة الأولى- الحلقة التاسعة Images


ياوطني يسعد صباحك
متى الحزن يطلق سراحك


عدل سابقا من قبل كلداني في 3/7/2023, 7:16 pm عدل 1 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
كلداني
(داينمو الموقع)
(داينمو الموقع)
كلداني


اضطهاد العثمانيين لمُـواطني الكلدان والسريان بشقّيهم عام 1915م الحلقة الأولى- الحلقة التاسعة Uouuuo10
اضطهاد العثمانيين لمُـواطني الكلدان والسريان بشقّيهم عام 1915م الحلقة الأولى- الحلقة التاسعة Awsema200x50_gif

اضطهاد العثمانيين لمُـواطني الكلدان والسريان بشقّيهم عام 1915م الحلقة الأولى- الحلقة التاسعة Tyuiouyاضطهاد العثمانيين لمُـواطني الكلدان والسريان بشقّيهم عام 1915م الحلقة الأولى- الحلقة التاسعة Ikhlaas2اضطهاد العثمانيين لمُـواطني الكلدان والسريان بشقّيهم عام 1915م الحلقة الأولى- الحلقة التاسعة Goldاضطهاد العثمانيين لمُـواطني الكلدان والسريان بشقّيهم عام 1915م الحلقة الأولى- الحلقة التاسعة Bronzy1اضطهاد العثمانيين لمُـواطني الكلدان والسريان بشقّيهم عام 1915م الحلقة الأولى- الحلقة التاسعة Shoker1

البلد : العراق
مزاجي : احب المنتدى
الجنس : ذكر
عدد المساهمات : 8512
تاريخ التسجيل : 16/06/2010
الموقع : في قلب بلدي المُحتَل
<b>العمل/الترفيه</b> العمل/الترفيه : طالب جامعي

اضطهاد العثمانيين لمُـواطني الكلدان والسريان بشقّيهم عام 1915م الحلقة الأولى- الحلقة التاسعة Empty
مُساهمةموضوع: رد: اضطهاد العثمانيين لمُـواطني الكلدان والسريان بشقّيهم عام 1915م الحلقة الأولى- الحلقة التاسعة   اضطهاد العثمانيين لمُـواطني الكلدان والسريان بشقّيهم عام 1915م الحلقة الأولى- الحلقة التاسعة Alarm-clock-icon30/6/2023, 9:35 am

اضطهاد العثمانيين لمُـواطني الكلدان والسريان بشقّيهم عام 1915م الحلقة الأولى- الحلقة التاسعة 4Z0uTwB
اضطهاد العثمانيين لمُـواطني الكلدان والسريان بشقّيهم عام 1915م الحلقة الأولى- الحلقة التاسعة Dr-Gorgees-Mardo
DrGorgees Mardo

25.06.2023
اضطهاد الكلدان والسريان بشقّيهم عام 1915م
الحلقة الثانية
ننقل بتصرُّفٍ صياغي دون الإخلال بالمضمون أحداث اضطهاد الكلدان والسريان بشقيهم  السريان المونوفيزيين الأرثوذكس والسريان الكاثوليك عن شاهد عيان المطران الكلداني ماراسرائيل اودو في كتابه الموسوم:
(اضطهاد المسيحيين من الكلدان الكاثوليك والكلدان النساطرة "الآثوريين" والأرمن في ماردين، سعرد، آمد، الجزيرة، نصيبين والرها وغيرها عام 1915م في تركيا / ترجمة. الشماس خيري فومية/ مشيكَن- أميركا 2009م)
ففي (توطئة الكتاب اعلاه ص 9- 10) يقول المؤلف ماراسرائيل اودو: بأنَّ اضطهاد المسيحيين "أبناء الطوائف المسيحية" في ماردين باستثناء اليعاقبة "السريان الأرثوذكس" منهم في باديء الأمر، بدأ يوم الثالث من حزيران عام 1915م ولم تخمد نارُه حتى نهاية تشرين الأول من العام ذاته. ويُضيف: لم اسخِّر قلمي لأدوِّنَ هذا السِّفر، إلا على ما رأيته بأم عيني وسمعته باذني من الحقائق، مُبتعداً عن الإطالة ما استطعتُ. أما عن الذي دوَّنته نقلاً عمّا رُويَ لي، لم أقبله ولم أدَوِّنه إلا بعد البحث والتمحيص الدقيق، مُسجِّلاً لكُلِّ حادثٍ سببه.
مآل الوجبة الثانية
يتحدَّث المطران مار اسرائيل اودو في الصفحة (40 – 44) بعد نقل الوجبة الأولى من المؤمنين باستثناء "اليعاقبة الذين أطلق سراحهم" والقضاء عليهم جميعاً بشكل بربري بشع كما أسلفنا، امتلأ السجن من جديد بوجبةٍ ثانية من مؤمني مُجمل الطوائف المسيحية باستثناء اليعاقبة، بلغ عددُهم ثلاثمائة وتسعة أشخاص يتألفون من عِلمانيين وشمامسة شيباً وشباناً بضمنهم أحد عشر كاهناً، أربعة منهم أرمن كاثوليك وسبعة  سريان كاثوليك. وفي غسق يوم الإثنين 14/6/1915م رُبِطوا بعضهم بالحبال وبعضهم بسلاسل حديدية، كُلُّ اربعة منهم يُشكِّلون مجموعة، واقتادوهم مُهانين في الطريق المؤدي الى آمد "دياربكر" وهم حفاة وعطاش وجياع، وقد نال منهم الوهن من جراء التعب والإضطراب، فسقط عددٌ منهم في الطريق، وحين يُشاهدم السفاحون الرعاع ساقدين على الأرض لا يتردَّدون في إطلاق الرصاص عليهم فيُردونهم قتلى، ثم يسحلون جثثهم ويرمونها على قارعة الطريق. وما إن وصلوا الى موضع يُدعى شيخان يقع في منطقة بوتان في تركيا، حتى كدَّسوهم في مغارة يستخدمها الرعاة لإيواء مواشيهم، كانت متراكمة بالأزبال، فأمضوا الليل فيها ساهرين ومصلين طالبين من الله أن يُعينهم في محنتهم معترفين أمام الكهنة الذين كانوا ضمنهم استعداداً للشهادة.
وفي الغلس دخل الجلادون عليهم، وفرزوا من بينهم 84 شخصاً، اقتادوهم الى جبل شهيا وهناك تمَّ ذبحُهم كالخراف، ولدى بزوغ الشمس أخرجوا الباقين وذهبوا بهم نحو الموضع المُعيَّن لذبحهم، وقبل القضاء عليهم، طلب المسيحيون ماءً لكي يرووا عطشهم، فسمحوا لقسم منهم بالنزول الى النهر ليشربوا، فانتهز البعض منهم الفرصة للهرب، فكان ردُّ فعل القتلة إطلاق النار على جميع من كان قرب النهر، فاستشهد 15 فرداً منهم من بينهم القس جبرائيل الأرمني، أما القس حنا السرياني فقدأصيب بجروح، وعلى إثر ذلك مُنع الباقون من شرب الماء.  وفيما كان الجلادون يتهَيَّأون للإجهاض على نحر الباقين، وإذا بهم يتفاجأون بقدوم كوكبة مؤلفة من عشرة فرسان قادمة من آمد، ومن بعيد نادى قائدُها بأعلى صوته قائلا: لا تؤذوا أحداً، فقد صدر الأمرُ بالعفو عنهم! وحال وصول الفرسان استلموا المسيحيين الباقين على قيد الحياة من اولئك الطغاة، وعادوا بهم الى آمد واودعوا السجن. وإذ كانت قِواهم قد أنهكها التعب والجوع والعطش افترشوا الأرض بدون وعي وهم قاب قوسين من الموت. وما إن وصل خبر وجودهم في السجن الى إخوتهم الآمديين، حتى هبّوا إليهم مُسرعين مذهولين مادين إليهم يد العون والمساعدة والمؤاساة، ومقدِّمين لهم الماء والأطعمة والأفرشة، ليس بوسعنا تقدير أهمية مساعدات الآمديين لإخوتهم الماردينيين طوال فترة بقائهم  مسجونين في آمد.
إنَّ ما حدا بحاكم آمد الدكتور رشيد لإرسال تلك الكوكبة من الفرسان لإنقاذ الوجبة الثانية من مسيحيي ماردين، البرقية التي بعث بها إليه مسؤولو ماردين، يُعلمونه بالقضاء على الوجبة الأولى من مسيحيي ماردين المتكونة من جميع الطوائف، وأنَّ وجبة ثانية توازيها قد تم جمعُها، وهم في طريقهم للذهاب بها الى شيخان والقضاء عليها. اغتاظ الحاكم رشيد لدى تلقيه تلك البرقية، فأرسل على الفور تلك الكوكبة من الفرسان التي منعت ايذاء مسيحيي الوجبة الثانية، فاستلمتهم من أيادي السفاحين وجلبتهم الى آمد. وبعد عِدَّة أيام أُخرج هؤلاء السجناء الى باحة سجن القلعة، فقدِم الحاكم رشيد لتفقد هذه المجموعة المؤلفة من كهنة وشيوخ وشبّان من مختلف الطوائف، كانوا في حالةٍ يُرثى لها، ارجلهم متورمة من تأثير القيود التي كُبِّلت بها، ولم يكن باستطاعتهم المشي إلا بصعوبة بالغة، وكانت سحناتهم باهتة. تأثر الحاكم رشيد لرؤيته إياهم بهذه الحال المُزرية، فأمر بإطلاق سراح "غير الأرمن" وإعادتهم الى بيوتهم سالمين، وأن لا يُقبَض إلا على مَن يقوم بالتحريض على أعمال الشغب، إذ كانت غايته إبادة الأرمن. ووصل المُطلق سراحهم الى ماردين سالمين يوم السبت 29 حزيران 1915م. ومن العائدين لم يمتد العمر بشماسَين كلدانيَين هما عبدالمسيح خرموش واسكندر تمرز، إذ داهمهما المرض من جرّاء ما عاناه في الطريق. وكذلك توفي الفتى الكلداني إبن الشماس توما سلام ذي السادس عشر ربيعاً بسبب الهلع الذي استحكم به. قد يُنظر الى ما قام به الحاكم رشيد بأنه بذلك عمل معروفاً بإطلاقه سراح مَن بقي سالماً مِن مسيحيي الوجبة الثانية من غير الأرمَن، لكنَّه لم يلبث أن انتقى وجهاء المسيحيين وأشرافهم من كافة الطوائف وقد هدَّهم العوز وظلم الأشرار، حيث سُلِّموا الى أيدي القساة لتعذيبهم والإستهزاء بهم، وبعد الإمعان في إذلالهم، كان نصيبهم الظفر بإكليل الشهادة لجهادهم البطولي بعدم الرضوخ الى نزوات الحقد والبغضاء العامرة بهما قلوب رشيد ورؤسائه ضِدَّ المسيحيين الأبرياء، فكانا دافعاً لهم للقضاء على المسيحيين واستئصال شأفتهم من بلادهم الأصيلة. إنَّ مُجمل الكهنة السريان الكاثوليك الذين استشهدوا في الوجبتين الأولى والثانية كان عددُهم ستة.
اقتياد زمرة البنّائين
يروي المطران اسرائيل اودو في(الصفحة 48 – 49) بعد استشهاد قسم كبير من مسيحيي الوجبة الثانية من المسيحيين الماردينيين وإعادة القسم المتبقي الى آمد ثم الى مدينتهم ماردين كما تقدم ذِكرُه آنفاً، جرى إلقاء القبض على زمرة البنّائين الذين كان يربو عددُهم على المِئتَين والخمسين فرداً. فرزوا من بينهم مائة وخمسةٍ  وثلاثين، وأصعدوهم الى القلعة الواقعة خارج مدينة ماردين، وهناك عُذِّبوا بقساوةٍ  وحُشروا في سجن صغير خالٍ من فتحات التهوية، وهم جوعى وعطشى ومُرهقون، وكاد الحَرُّ الشديد يخنقهم، فطلبوا أن يُخرجوهم الى خارج قاعة السجن ليتنفسوا قليلاً، فلم يكن مَن يرأف بحالهم، وطلبوا ماءً ليرووا عطشهم ولم يُعط لهم، فعَنَّ لهم أن يُرشوهم بالنقود، فزوَّدوهم بالمء ليشربوا، وسمحوا لعددٍ منهم ان يناموا في الهواء الطلق، وبعد ارتياحهم من ذلك العذاب لبضعة أيام، أخرجوهم من ذلك السجن، وفيما هم نازلون من القلعة وإذا بالضربات تنهال عليهم كالمطر، فترنَّح واحدٌ منهم يُدعى جرجس يهبايا من هول الضربات فسقط على الأرض، وتألَّب حوله المُشعوذون وأشبعوه رجماً حتى فارق الحياة، وبعد حين جاء أقاربُه فحملوا جثته ودفنوها. أما الباقون فساروا بهم حتى وصلوا الى منطقةٍ تُدعى "اقصر" وهناك هجمت عليهم جموع من صعاليك قرى ريشميل وقفالة وأخلاط، فأوقعوهم على الأرض وراحوا يرفصونهم بأرجلهم حتى سُحق عددٌ منهم وماتوا، ورُمِيَت جثثُهم في الجب، والذين تبقوا من هذه المجموعة اقتيدوا الى موضع آخر وذبحوا جميعاً وألقيت جثثُهم في أحد الأخاديد، وقد نجا شاب واحد من المرميين في الأخدود يُدعى الياس جرجس باعجوبة، حيث بقي في ذلك الأخدود قرابة شهر!
ترك  قتلُ البنائين تأثيراً كبيراً في حقل العُمران، وهذا ما لاحظه آمرُ حامية المدينة "خِدر كوميري" حين رأى بأن أشغال البناء قد تعطلت، وأنَّ استمرار قتلهم سيؤدي الى إبادتهم، فبادر الى استدعاء عددٍ منهم ومن ضمنهم "لولي كيسو" البنّاء الماهر جداً في فن العمارة، وتحدَّث إليهم مُتملقاً: < إنكم ستُقتلون جميعكم، أما أنا فأتمنى ومن صميم قلبي بقاءَكم على قيد الحياة، لكنَّ الأمرَ ليس بيدي، فرأفة بكم فكَّرت بطريقةٍ بشأن نجاتكم وهي أن تُنكروا ديانتكم وتعتنقوا ديانتنا ظاهرياً، وفي الخفاء تُمارسون شعائر ديانتكم >. انخدع اولئك البناؤون فوافقوه الفكرة. حينئذٍ أخذهم عند حاكم المدينة، فأشهروا إسلامهم، وتأكيداً على ذلك فقد رفعوا سبّابتهم واعتمروا بعمامةٍ بيضاء اسوة بالمُسلمين،  وتردَّدوا الى الجامع تأكيداً للشعب بأنَّهم قد أسلموا فعلاً، حيث كانوا يُصلون على غِرارهم، ويصومون أصوامهم. ولم يكتفِ آمر الحامية بذلك، بل سخَّرهم لبناء المنارة الجميلة القائمة بركن المسجد المُسمّى "جامع الشهيد" الكائن بجوار منزله، وقد استغرقهم بناؤها بها مدة عامين وبدون أجر. ويضيف المطران اودو: < وللحق نقول: لا يوجد لتلك العمارة مثيل من حيث جمالها وهيئتها في كُلِّ تلك الأنحاء. أما إذا مَرُض أحدٌ منهم، كانوا يدعون لزيارته الكاهن روفائيل الطاعن في السن، وهو كان يُرشدهم خفية، وكذلك كان يفعل مع عوائلهم حيث لم يكن بوسعِهم الذهاب الى الكنيسة.
ولدى وضع الحرب العالمية الأولى أوزارها ودخول قوات الدول المنتصرة الى العاصمة اسطنبول في تشرين الثاني 1918م كان محمد مخلص بيك رحمن يشغل منصب وكيل الحاكم، وكان لديه ميل نحو المسيحيين وحُبٌّ لهم، أرسل مَن يأتي بتلك الزمرة من البنائين إليه، ولدى مثولهم أمامهم أمرهم بنزع الأغطية عن رؤوسهم والعودة الى ديانتهم، وبعد يومَين يقول المطران اودو: جأوا عندي فقبلتهم بفرح وسرور ومنحتهم الحَلَّة، فشملهم هم وعوائلهم فرحٌ عظيم، وكان عددُهم أربعة وعشرين رجلاً، لا نرى ضرورة لتدوين أسمائهم هنا.
ابتزاز القوميسير ممدوح لنساء وأقرباء الشهداء
في (الصفحة 51 –57) يروي المطران اودو، بأن القوميسير ممدوح "مدير شرطة" المار ذِكرُه في متن الحلقة الأولى، وبعد أن أعلِن العفو عن المتبقي من الطوائف المسيحية عدا الأرمن.  دفعته نزواتُه وشراهتُه للمال الحرام، ففكَّر بسلب وابتزاز نساء الرجال المسيحيين الذين استشهدوا، ولكي ينجح في مقصده الشرير، استعان برجل يعقوبي يُدعى حنا بن نصري هدايا، مانحاً إياه صلاحيات التحرّي والتصرُّف في اختيار نساء العوائل الثرية. فكانت اولى ضحاياه السيدة منصورة زوجة جرجس ترسيخان أحد أبناء طائفتنا الكلدانية، حيث قال لها: استعِدي أنت وأبناؤك للإلتحاق بزوجك، لأنَّه أرسل في طلبك، وسوف أمهلك يومَين أو ثلاثة لتفتدي نفسك وأولادك. فكِّري ماذا تختارين؟ أجابته المرأة العفيفة التقية، وقد أجمعت قواها: سأعطي ما يأمر به سيدي وبحسب إمكانيتي. قال لها (200 ليرة ذهب) أجابته قائلة: هذا المقدار من الذهب غير متوفر لديَّ في الوقت الحاضر. أمهِلني حتى أبيع ما عندي من حانوتنا كي أدفع ما طلبته مني، وإذا أردت ضماناً، سأعطيك المتيَسِّر عندي. فجمعت كُلَّ ما لديها ولدى حماتها من المصوغات الذهبية والمجوهرات والأحجار الكريمة وأعطتها له، وكانت قيمتها تُساوي أكثر من (50 ليرة ذهب) وبعد أيام جاء وأخذ منها (200 ليرة ذهب) ولما طالبته بإعادة ما أعطته من ضمانات، تظاهر بافتعال غضب وراح يُعربد مُسمعاً إياها كلمات بذيئة وقاسية ثم غادر.
وبعد خروجه من لدن منصورة الفاضلة، توجَّه المُجرم ممدوح برفقة عميله حنا بن نصري الأرعن الى دار رزق الله كزي الكلداني، وطلب منه زوجة أخيه منصور بحجة إرسالها إليه، بينما منصور كان قد استشهد ضمن الوجبة الأولى، لكنَّ رزق الله نقده 40 ليرة ذهب فأخذها وانصرف، وفي الطريق رأى أنَّ المبلغ قليل، فعاد إليه ثانية وثالثة وابتزَّ منه ضعف المبلغ الأول. ثمَّ أرسل مَن يُحضر إليه الكلدانيين جرجس شوحا وابن عمِّه الياس اللذين كانا من ضمن الوجبة الثانية، وعادا الى داريهما بسلام إثر إصدار الحاكم رشيد العفو عن الباقين أحياءً. فقال لجرجس شوحا، سلِّم لي زوجة أخيك جبرائيل لأخذها وأطفالها الى زوجها "بينما كان زوجها قد استشهد ضمن الوجبة الأولى" وقال لإلياس: اريد أن تُسلِّمني زوجتي شقيقيك عبدالأحد وفريد وأطفاليهما "فيما كان شقيقا الياس قد استشهدا ضمن الوجبة الأولى"، فأعطاه جرجس 100 دينار اقترضها بفائدة، ونقده الياس مِئتي دينار. وإذ علم بأنَّ الياس ثريٌّ عاد اليه بعد أيام قليلة وطالبه بمزيد من المال مُدَّعِياً بأنَّ المبلغ الأول كان قليلاً. فرأى ألياس بأنَّ جشع ممدوح لا يقف عند حَد، وسيبتزَّ كُلَّ ما يملكه، ترك داره وفرَّ الى جبل سنجار، ومكث هناك حتى استقرَّ الوضع فعاد الى داره. إنَّ الياس بن نيقولا كان من أشراف الكلدان، وكان شقيقاه الشهيدان وسيمَين جداً ومثقفين جداً. وابتزَّ ممدوح من وجيهين بروتستانيين هما نصري سفير وملكي شنخور مِئتي ليرة ذهب، وابتزَّ من أبناء طائفة السريان الكاثوليك 1000 ليرة ذهب، ومن دير مار افرام العائدلهم 500 ليرة ذهب، ناهيك عن شتى الودائع والأمانات المودعة من قبل الأرمن في الدير، فطغى ممدوح وتبختر بتلك الكمية من الذهب. وقد ذكر الأب ريتوري في كتابه (مسيحيون بين انياب الوحوش ... ص 37) بأن ممدوح استولى على 4000 آلاف ليرة ذهبية مُخبَّاة في حشية اسرة خاجدريان وحدها! أما الذين طلب منهم الذهب ولم يُعطوه كبيت معمار باشي وبيت دوقماق من أبناء طائفة السريان الكاثوليك، فقد صودرَت دورهم وبيعت وطُردوا.
مقتل المجموعة الأولى من النساء
بعد مقتل الوجبة الأولى من الرجال والقسم الكبير من الوجبة الثانية كما مَرَّ ذِكرُه في الحلقة الأولى والحلقة الثانية هذه، أصدرت لجنة الإعدامات أمراً صارماً بقتل النساء وأطفالهن بدون شفقةٍ ولا رحمة، إضافة الى الرجال الذين لم يُعثر عليهم ضمن الوجبتين الأولى والثانية. وبتاريخ الثالث عشر من تموز 1915م وبناءً الى هذا الأمر فُرضت حراسة مُشدَّدة على 30 داراً من دور وجهاء الأرمن المُستهدف اغتيالُهم، حيث حُذِروا بعدم مغادرة دورهم ولا استقبال أيِّ زائر او ضيف، وأُبلغت النساء بأن يستعِدنَ للإلتحاق بأزواجهنَّ المنفيين بنواحي حلب. ولم تمضِ إلا ثلاثة أيام على هذه الإجراءات حتى داهم العسكرُ تلك الدور في غلس يوم الخميس الخامس عشر من تموز، وأخرجوا أهاليها واقتادوهم خارجاً عن طريق البوابة الشرقية لمدينة ماردين المعروفة "ببوابة صور"، وبدأت العملية بإخراج عائلة اسكندر آدم، فعائلة جنانجي، فعائلة كسبو، فعائلة مالويان وعائلة كرمة وهكذا دواليك حتى أتوا الى عائلة بوغوص، فوجدوا أن جميع نسائها وبناتها متشحات بلباس أبيض وبيد كُلِّ واحدَةٍ منهنَّ سراجاً موقداً وهنَّ على أُهبة الرحيل. انتابَ العسكرَ استغرابٌ من مشهدهِنَّ، فسألوهنَّ قائلين: هل أنتُنَّ ذاهبات الى العرس بهذه الحلي؟ أجابتهم كبيرتُهنَّ قائلة: علينا استقبال العريس بالشموع لندخل الى وليمته في الملكوت التي لا تفنى ولا تزول. وبعد أن أخرجوا النساء المُقرَّر اغتيالهنَّ، ذهبوا بهنَّ خارج بوابة صور، وكان برفقة هذه العوائل الكاهن العجوز اوانيس وعددٌ غير قليل من الرجال والشباب والفتيان والأطفال.
قاد هذه الكوكبة ستون عسكرياً من المُشاة والفرسان، يُساعِدُهم عددٌ كبير من زعماء المدينة ورؤسائها، وقد كان هدف هؤلاء ليس مُساعدة العساكر وإنما سلب ونهب حُليِّ النسوة وقتلهنَّ. وصلوا بهذه الكوكبة الى مشارف تل الأرمن، وكان ضمن هذه الكوكبة تيريزا والدة الشهيد المطران اغناطيوس مالويان، ولكونها امرأة مُسنة فقد هدَّها التعب ولم يَعُد بإمكانها إكمال المسير، وإذ رآها العساكرعلى هذه الحال، أخذوها جانباً عن الطريق مسافة مرمى سهم وقتلوها هناك، فكانت اولى شهيدات تلك الكوكبة الطاهرة. وحيث أن التعب أنهك المجموعة جداً، قرَّر القتلة أن تبيت في القفر تلك الليلة تحت الحراسة. وما إن انبلج صبحُ يوم السبت السابع عشر من تموز، وإذا برئيس العساكر يصرخ بهنَّ صرخة مدوية قائلاً: إنهضنَ على عجل واستعِدنَ للرحيل، ولما وصلنَ الى شارع تل الأرمن، هجم عليهنَّ الأكراد المُجتمعون هناك، مُختطفين البنات والبنين من أحضان همهاتهم، فتصدّى لهم الحرس شاهرين اسلحتهم، عندذاك تفرَّقوا وابتعدوا. ولما بلغوا مشارف قرية عبد الإمام، كان إبن ابراهيم باشا من عشيرة ميلليني ورجاله، وعثمان أغا مُختار قرية عبد الإمام وأهاليها بانتظارهم، فهجم هؤلاء أيضاً  بدورهم كالوحوش، فانتزعوا الرضع من على صدور امهاتهم واختطفوا الأطفال والصبايا، وراحوا ينتقون ما يحلو لهم من الشابات الحسناوات والصبيان الظرفاء، وقد قام إبن ابراهيم باشا بخطف السيدة روزا زوجة شفيق بن اسكندر آدم وسبع نساء اخريات. فاستدارت رزوا نحو العسكر ووجَّهت إليهم كلاماً مُعبِّراً وبصوت جهوري قائلة: أما حكمتم على جميعنا بالموت؟ فلماذا تسمحون بخطفنا من قبل هؤلاء الأوباش؟ فتأثر آمرُ الحرس لكلامها، وأمر بإعادتها وزميلاتها من أيدي إبن ابراهيم باشا وعصابته. أما مُنيرة زوجة فتح الله شللمه إبنة الخواجه يونان، فقد امتنعت بشدة أن تتبع الأرجاس، فمسكها الشيخ طاهر الأنصاري المارديني، واقتادها عنوةً الى مكان قريب من ماردين، وطلب أن ينال منها مأرباً أثيماً، فانتهرته بشدَّةٍ وعنف، فمال الى ملاطفتها متملقاً وداعياً إياها لنبذ ديانتها لتحيا، فكان زجرُها وانتهارُها له أشدَّ من المرة السابقة، حينها استبَدَّ به الغضبُ وانهال عليها بالضرب المبرح حتى فارقت الحياة. فغدت هذه السيدة النبيلة والزوجة الطاهرة الباسلة  شهيدة العِفة والدين. أما عن ما جرى لبقية المجموعة، فقد حُشروا في بقعة قريبةٍ من الوادي حتى شروق الشمس، حيث بدأ القتلة المُجرمون بنزع الملابس عن الرجال والشبان مبتدئين بالكاهن اوانيس العجوز، ثم الباقين ومنهم بطرس جنآنجي، وابن نعوم جنآنجي، فتح الله شللمه، شكر كسبو، بولس مخولي، بوغوص وحتى آخر واحدٍ منهم، واقتادوهم نحو الوادي القريب من ذلك المكان، ودعوهم الى جحد دينهم، وإذ لم يُلبي أيٌّ منهم هذا المطلب الغاشم وأصروا على مسيحيتهم.أجهزوا عليهم كالوحوش الكاسرة وقتلوهم جميعاً وألقوا جثثهم في الوادي. فلما شاهدت النسوة ذلك المشهد المُرعِب ارتعدن من هوله، وعلمن بأن موعد قتلهنَّ قد زَفَّ، فتصاعدت من أفواههنَّ أصوات الصراخ والبكاء المرير والندب الحزين، واشتدَّ ذلك حين هجمت عليهن زمرة من الأكراد كالذئاب الخاطفة، ليخطفوا ما كان قد بقي من الأطفال والرضع في أحضان امهاتهم، فأخذت تلك الأمهات تُشدد عزائم بعضهنَّ البعض، والأكراد الأشرار بعد أن عرّوهنَّ من ملابسهنَّ، أخذوا يسوقونهن نحو الوادي، وكما اعتاد هؤلاء الأرجاس، فقد دعوا تلك النسوة الى جحد دينهنَّ، وعندما لم تَثبُط عزيمة أيَّة واحدةٍ منهنَّ للوقوع في شَرَك السفاحين، ذُبِحنا ورُميت جثثهنَّ في الوادي، وقبل رَميهم راح المجرمون بنبش  شعر رؤوس تلك النسوة المُجنى عليهنَّ، علَّهم يجدون مصوغاً ذهبياً أو جوهرة في ثناياه. وهكذا قضوا على كُلِّ ذلك الحشد من النساء العفيفات، النقيات، الماجدات اللائي فضلن الفوز باكاليل الظفر، فلهنَّ يليق المدح والإكرام.
أما قصة الصبايا والرُضع الذين اختُطِفوا من قبل رجال إبن ابراهيم باشا وأهالي قرية عبد الإمام قبيل استشهاد امهاتهم، فقد رواها عثمان أغا مُختار قرية عبدالإمام، في أحد شوارع ماردين وأمام تجمُّع كبير من الناس مُعترفاً علناً قائلاً: أمر يافور الشركسي بجلب جميع الصبية والرضع أبناء الأرمن الذين اختطفوا في قرية عبد الإمام، فجيءَ بهم إليه وكان عددُهم أربعون طفل وطفلة، ثم أوعز بأن يجلبوا أخشاباً كثيرة وأحطاباً يابسة، وما إن أتوا بها وكوَّموها، حتى أضرم النار فيها، وبعد أن استعرت النار جيداً أمر بإلقاء اولئك الصبيان والرضع في لجتها المُلتهبة. ولدى سرد عثمان أغا لوقائع هذا المشهد المروع علَّق قائلاً: < الى هذا اليوم لم ينقطع صوت وصراخ وبكاء وأنين اولئك الصبية والرضع من أذنيَّ. فالويل لنا! الويل لِما عاينته أعيُننا >. ويستطرد المطران مار اودو قائلاُ: أما قصة ما جرى لتلك الكوكبة من النسوة منذ إخراجهنَّ من ماردين وحتى ذبحهنَّ، فقد كان توثيقي لها نقلاً عن لسان امرأة من عائلة بوغوص تُدعى أمينة، كانت قد نجت من براثن الموت باعجوبة، إذ بعد تعرُّضها للضرب من قبل القتلة كبقية النسوة، ظنوها قد ماتت مثلهنَّ، فرموها جانباً وغادروا. وتلعب الصدفة أحياناً دوراً لا يخطر على البال، ففيما كان رجل من أهالي قرية عبد الإمام يبحث بين الجثث عن حاجةٍ قد تُفيده، سمع صوت انين مشوبٍ بتنهُّدات، فدنا نحو مصدر الصوت، وإذا به يخرج من فم امرأةٍ عارية مضرَّجةٍ بدمائها، وما إن أحسَّت بوقع أقدام إنسان، حتى استغاثت به متوسلة وهي تقول: ارحمني يا سيدي، حباً بالله، فأشفق عليها فسترها بعباءَته وحملها الى داره، وراح يعتني بها حتى شُفيت واسترَدَّت عافيتها وقواها. وبعد أن خمدت نار الإضطهاد، أخذها الى دارها في ماردين وواصلت حياتها من جديد. تمَّت هذه المجزرة الرهيبة يوم السبت السابع عشر من تموز 1915م وكان عددُ شهدائها يربو على المئتين وستين شهيداً من الرجال والنساء والأطفال. والى الحلقة الثالثة قريباً
الشماس د. كوركيس مردو



اضطهاد العثمانيين لمُـواطني الكلدان والسريان بشقّيهم عام 1915م الحلقة الأولى- الحلقة التاسعة Kawmiya2
من يقف في صف كنّا وآغجان فأنه مشارك في تهميش وإستلاب حقوق الكلدان

يونادم كنّا وآغاجان كفتا ميزان لضرب مصالح مسيحيي العراق ولاسيما الكلدان

من يتعاون مع كنّا وآغجان فكأنه يطلق النار على الكلدان

To Yonadam Kanna & Sarkis Aghajan

You can put lipstick on a pig but it is still a pig

To Kanna & Aghajan

IF YOU WANT TO REPRESENT YOUR OWN PEOPLE,
YOU HAVE TO GO BACK TO HAKKARI,
TURKEY & URMIA, IRAN


اضطهاد العثمانيين لمُـواطني الكلدان والسريان بشقّيهم عام 1915م الحلقة الأولى- الحلقة التاسعة 7ayaa350x100
اضطهاد العثمانيين لمُـواطني الكلدان والسريان بشقّيهم عام 1915م الحلقة الأولى- الحلقة التاسعة Images


ياوطني يسعد صباحك
متى الحزن يطلق سراحك
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
كلداني
(داينمو الموقع)
(داينمو الموقع)
كلداني


اضطهاد العثمانيين لمُـواطني الكلدان والسريان بشقّيهم عام 1915م الحلقة الأولى- الحلقة التاسعة Uouuuo10
اضطهاد العثمانيين لمُـواطني الكلدان والسريان بشقّيهم عام 1915م الحلقة الأولى- الحلقة التاسعة Awsema200x50_gif

اضطهاد العثمانيين لمُـواطني الكلدان والسريان بشقّيهم عام 1915م الحلقة الأولى- الحلقة التاسعة Tyuiouyاضطهاد العثمانيين لمُـواطني الكلدان والسريان بشقّيهم عام 1915م الحلقة الأولى- الحلقة التاسعة Ikhlaas2اضطهاد العثمانيين لمُـواطني الكلدان والسريان بشقّيهم عام 1915م الحلقة الأولى- الحلقة التاسعة Goldاضطهاد العثمانيين لمُـواطني الكلدان والسريان بشقّيهم عام 1915م الحلقة الأولى- الحلقة التاسعة Bronzy1اضطهاد العثمانيين لمُـواطني الكلدان والسريان بشقّيهم عام 1915م الحلقة الأولى- الحلقة التاسعة Shoker1

البلد : العراق
مزاجي : احب المنتدى
الجنس : ذكر
عدد المساهمات : 8512
تاريخ التسجيل : 16/06/2010
الموقع : في قلب بلدي المُحتَل
<b>العمل/الترفيه</b> العمل/الترفيه : طالب جامعي

اضطهاد العثمانيين لمُـواطني الكلدان والسريان بشقّيهم عام 1915م الحلقة الأولى- الحلقة التاسعة Empty
مُساهمةموضوع: رد: اضطهاد العثمانيين لمُـواطني الكلدان والسريان بشقّيهم عام 1915م الحلقة الأولى- الحلقة التاسعة   اضطهاد العثمانيين لمُـواطني الكلدان والسريان بشقّيهم عام 1915م الحلقة الأولى- الحلقة التاسعة Alarm-clock-icon30/6/2023, 9:38 am

اضطهاد العثمانيين لمُـواطني الكلدان والسريان بشقّيهم عام 1915م الحلقة الأولى- الحلقة التاسعة AItV3RX
اضطهاد العثمانيين لمُـواطني الكلدان والسريان بشقّيهم عام 1915م الحلقة الأولى- الحلقة التاسعة Dr-Gorgees-Mardo
DrGorgees Mardo

26.06.2023
اضطهاد الكلدان والسريان بشقّيهم عام 1915م
الحلقة الثالثة
يسترسل الحبرُ الجليل ماراسرائيل اودو في الحديث عن استمرار هذا الإضطهاد في كتابه المُشار إليه في الحلقة الأولى في (الصفحة 57 – 59) حيث يقول: بعد إنجاز المضطهدين عملهم الشنيع بإبادة المجموعة الأولى من النساء، قاموا بجمع مجموعةٍ اخرى يربو تعدادُها على الثلاثمِئة نفس، ناهيك عن طردهم لعائلتين من عوائل السريان الكاثوليك هما عائلة مِعمار باشي وعائلة دوقماق، وذهبوا بالمجموعة الى منطقة دونيسير القريبة من تل الأرمن، وكان الأكراد بانتظارهم للهجوم عليهم كعادتهم من أجل نهبهم وخطف أطفالهم، ولكنَّ قائد الحرس تصدّى لهم قائلاً: لن أسمح لأحدٍ بالإعتداء على هؤلاء الناس، فعادوا أدراجهم. وما إن وصلوا الى رأس العين إحدى بلدات الآراميين القديمة الواقعة جنوب تركيا على نهر الخابور بالقرب من الحسكة السورية، حتى أركبوهنَّ القطار المُتَّجه صوب حلب. وبحسب الأوامر الحكومية قاموا بتوزيعهم على المدن السورية واللبنانية والبعض منهنَّ وصلن الى مدينة الطفيلة الأردنية الواقعة جنوب عمان بمسافة تقرب من مِئتي كيلومتر على حدود الصحراء العربية.
وبناءً الى الأوامر الحكومية، قام المُضطهدون يوم السادس والعشرين من تموز 1915م بجمع مجموعة اخرى من الشيوخ والنساء مع أطفالهنَّ، واقتادوا الجميع خارج المدينة باتجاه كوليا التي تقع الى الجنوب من ماردين وتبعد عنها مسير ثلاث ساعات، وفي كوليا الحقوا بهذه المجموعة مجموعتين اخريين، فغدا عددُهم يُناهز الألفين وخمسمائة فرد. ولدى مرور هذه المجاميع بين قرى الكيخيين، واجههم عددٌ كبير من الأكراد، وتراشقوا النيرن مع حامية الحراسة بقيادة عبد القادر المارديني من آل شيوخ زادة، وإذ رأى عبد القادر كثرة المُهاجمين وقلة عدد أفراد الحماية، طلب النجدة من ماردين، فجاءَته قوات وانضمت الى أفراد الحماية وتصدوا للأكراد وحالوا دون تنفيذ مآربهم الدنيئة، فنال عبد القادر ثناءً على عمله هذا بالإضافة الى حسناته الأخرى التي جلبت له الإحترام والتقدير. وبوصولهم الى بلدة رأس العين ومنها استقلوا القطار الى حلب وقصد البعض منهم دير الزور والشدادي.
وفي نهاية تموز لنفس العام 1915م، جمع السفاحون مجموعة أخرى من المسيحيين يتعدَّى عددُ أفرادها المِئة فرد، اقتادوهم باتجاه الجنوب، وكان أهل المدينة وكالعادة يتعقبونهم بقصد السلب وخطف الشابات والصبيان، ولما أوصلوهم على مقربة من حافة الجب القريب من قرية حيرين الواقعة على بعد أربع ساعات من ماردين سيراً على الأقدام، أوقفوهم وباشروا أولاً بتجريد الرجال من ملابسهم، ودعوهم كما تأمر الشريعة الإسلامية الى جحد دينهم، ولما امتنعوا الإذعان لمطلبهم، شرعوا بإنزال العقاب بحقهم، فذبحوا البعض منهم ذبح الخراف، وبقروا بطون البعض الآخر بالخناجر والسيوف، وكسروا أضلاع الآخرين وألقوهم في الجب. أما النساء فراحوا يسحلونهنَّ من شعر رؤوسهنَّ الواحدة تلو الأخرى وهنَّ عاريات، ثمَّ يطعنون أجسادهن المُرتعشة بالخناجر والسكاكين، مُذيقينهنَّ أقسى أنواع العذاب، ويرمون جثثهنَّ في الجب حتى أنَّ بعضهنَّ كان فيهنَّ رمق من الحياة، فتكدَّست جثثهنَّ على شكل أكوام كبيرة مُلطخات بدمائهنَّ.
إن شهودعيان من الماردينيين الذين عاينوا عن كثب ما جنته أيدي المجرمين بإبادتهم لأفراد تلك المجموعة، واندهاشهم بثباتهم القوي بايمانهم المسيحي! هم الذين رووا هذا الحدث الجهادي لتلك النسوة اللائي تحملن أقسى العذاب وهنَّ مُقيَّدات بأصفاد وقلوبهن تذوب حزناً على فلذات أكبادهن وهنَّ يرونهم يُخطفون من بين أحضانهنَّ. إنَّها المجموعة النسائية الثانية التي ظفرت بأكاليل الشهادة، والتي تركت أثراً بالغاً في نفوس من شاهدوا جهادهنَّ العصيَّ على الوصف، والذي أذهل حتى منفذي المذبحة بقوة صبرهنَّ والشجاعة التي أبديناها في ذلك النزال المرير، حين رأوا اندفاعهنَّ لإستقبال الموت دون أن ينال منهنَّ الخوف أو التردُّد. كان جهادهنَّ مدعاة عجبٍ، تجلَّت فيه قوة الله أمام عيون الكفرة، أجل، القوة الإلهية الخفية هي مصدر شجاعة المؤمنين بها، وهي التي تُساعدهم لإحتمال كُلِّ أصناف العذاب حتى القتل.
ترحيل النساء وأسر الرهبان السريان
لم يمُلَّ المجرمون القتلة من البحث والتفتيش ليلاً ونهاراً، في أحياء ودور المدينة، يُلقون القبضَ على المؤمنين المسيحيين نساءً ورجالاً شيوخاُ وأطفالاً مِمَّن لم تطلهم ايديهم الآثمة من قبل، فيحتجزونهم في كنيسة مار كوركيس ليبدأ ترحيلُهم بعذ ذلك. ففي الثاني من شهر آب 1915م إكتملت لديهم مجموعة فاقتادوها خارج المدينة عن طريق بوابتها الغربية، وقبل أن يجتازوا البوابة أوقفوا المجموعة للتفتيش، كان القوميسير ممدوح "مدير شرطة" الأسوأ بين هؤلاء القتلة شرساً شرها لنهب أموال ومقتنيات المسيحيين، حيث كان يقوم بتفتيش المجاميع الخارجة من المدينة.  لم يقتصر تفتيشه على ألبسة النسوة وأمتعتهنَّ فحسب، بل كان يبحث حتى في جيوبهنَّ وثيابهنَّ الداخلية وفي ثنايا شعر رؤوسهنَّ، فيأخذ كُلَّ ما يجده في حوزتهنَّ من ذهبٍ وفضةٍ ومجوهرات وحتى قطعة قماش فيما لو راقت في عينيه. وكان ينتزع اعترافاتهنَّ عن طريق الضرب المُبرَّح، حيث يسأل كُلَّ واحدة منهنَّ: أين ولدى مَن أمَّنت مقتنياتها. وعند ضربه لإحداهنَّ ضرباً قاسياً ومتواصلاً، انهارت واعترفت بأنها وبعض زميلاتها أودَعنَ مقتنياتهنَّ لدى رئيس دير مار افرام.
وللحال ترك ممدوح المجموعة في موضعها، وتوجَّه بصحبة عددٍ من رجاله قاصدين دير مار افرام، وفور وصولهم الى الدير ألقوا القبض على رئيسه. وراح ممدوح يسأله عن الودائع المؤمنة لديه، وعندما نفى رئيس الدير عِلمَه بما سأله ممدوح، لجأ ممدوح الى استخدام وسائل الضغط والتعذيب والإهانة ضِدَّه، وبذلك تمكَّن من الإستحواذ على الودائع المؤلفة من كميات من الذهب والفضة والمصوَّغات والأحجار الكريمة، لم يكتفِ بها هذا الشره، وإنما استحوذ على كُلِّ ما عثر عليه في الدير من النذور والهدايا المُقدمة للدير في السابق، فحملوها هو ورجاله مُستعرضين إياها على الناس وهم يجوبون بها وبرئيس الدير ورهبانه السبعة عشر في شوارع المدينة وأزقتها، مُهينين كرامتهم متجاهلين وقارهم وحشمتهم، وكان ممدوح يسير خلفهم متعجرفاً متباهياً بما قام به من غدر ومكر، ومتهماً إياهم بالتستُّر على أموال ومقتنيات أعداء الدولة، وكأنه بعمله هذا قد القى القبض على عصابة من اللصوص وقطاع الطرق.
سلَّم تلك الودائع للمتصرف بدري، وزجَّ الرهبان ورئيسهم في السجن. فتحرَّك مارجبرائيل تبوني الوكيل البطريركي آنذاك، وبذل جهداً كبيراً لإنقاذهم من المصيبة التي حَلت بهم، فقد أرضى ممدوح بخمسمِئة ليرة ذهب بحسب قول الرهبان، وأطلِق سراحُهم في الخامس عشر من آب 1915م وعادوا الى ديرهم. لقد كلَّفتهم هذه الحادثة أكثر من الفي ليرة ذهب دفعوها على شكل غرامات فدية عن حياتهم وسلامتهم، إذ كانوا معرَّضين لتُتَّخذ بحقِّهم عقوبات صارمة.
في الرابع من آب 1915م توفَّرت لدى هؤلاء الإنتقاميين القتلة بعد ملاحقاتهم المُستمرة للقبض على المسيحيين مجموعتان اخريان، قاموا بترحيلهما وإلحاقهما بالمجموعة التي أتينا الى ذِكرها قبل قليل. فغدا عددُ نفوس المجموعات الثلاث يُناهز الخمسمِئة فرد. فقاموا بسوقهم جميعاً، وفي أثناء الطريق وقبل أن يصلوا بهم الى قرية تل الأرمن، قتلوا عدداً كبيراً منهم، وواصلوا مسيرهم بالباقين حتى بلغوا بلدة رأس العين، ومنها رُحِّلوا الى حلب بواسطة القطار، وبعد وصولهم الى حلب لم يستقرّوا فيها حيث تبدد شملُهم وتبعثروا في المدن السورية، وأن البعض منهم حطوا الرحال في بلدة الطفيلة الأردنية.
وبعد أقلِّ من اسبوعين وبالتحديد في الخامس عشر من آب لنفس العام، قام المُجرمون بسوق مجموعة اخرى شملت نساء وأطفالاً وشيوخاً ناهز عددُهم الأربعمِئة فرد، ولما وصلوا بهم الى قرية دوحسير، كان قتلة آخرون قد جمعوا من قرية الأرمن ثمانين امرأة وطفلاً، فضموهم الى هذه المجموعة، وباتوا تلك الليلة هناك. وفي الصباح التالي مضوا بهم الى بلدة رأس العين، ومن هناك حشروهم في القطار الذي نقلهم الى حلب وعلى غِرار سابقيهم تبعثروا متشردين في مدن سوريا وقراها.
ترحيل مجموعة اخرى من النساء
لم يكفَّ المضطهِدون عن تعقب المسيحيين وإلقاء القبض عليهم، ففي التاسع عشر من آب 1915م انتهوا من جمع مجموعة اخرى قِوامها نساء وأطفال وشيوخ، لم نقف على عددِ أفرادها، اقتادوم باتجاه نصيبين ليُرحَّلوا من هناك الى الموصل، ولما كان الحرُّ شديداً وغالبية المجموعة كانت من النساء والأطفال الذين لا يقوون على المسير، جلبوا لهم الحمير واركبوهم، ثمَّ واصلوا المسير. وفيما هم يسيرون، وقع نظر إحدى النساء على قشر بطيخ مُلقىً على الأرض، ولما كان العطش قد أضناها، نزلت عن ظهر الحمار وتناولت القشر ووضعته في فمها المتيبس عساه يترطَّب، وما إن شاهدها أحد أفراد الحماية المرافقة حتى هجم عليها كالكلب المسعور، وضربها بقسوةٍ على رأسها بهراوة غليظة فهشَّمه، فسقطت تلك البائسة للحال وأسلمت روحها الطاهرة وقشر البطيخ بين أسنانها، فسحلها بعيداً عن الطريق، وتركها والتحق بالقافلة. وبعد تسليم زمرة الحماية المجموعة الى زمرةٍ اخرى. لم يلبثوا إلا أياماً معدودة، ثم قفل المجرم القاتل وصحبُه راجعين في ذات الطريق وما إن بلغوا الموضع الذي فيه ارتكب الجريمة البشعة بقتله تلك المرأة البائسة، حتى طالته العدالة الإلهية، فانتابه مغص شديد في معدته، وبالكاد أوصله رفاقه الى داره. فمات موتاً شنيعاً أمام أهل بيته وهو يصرخ بمرارة من شدة الألم، فكان جزاؤه موازياً لفعله الشنيع بفتله لبريئة بمنتهى الحقد والقساوة. وهكذا فإنَّ الإنتقام الإلهي للمظلوم لا يُهمل الظالِم وإن كان يُمهله أحياناً، ويقول الراوي مار اودو، بأنَّه لم يستطع الوقوف على اسم تلك المغدورة ولا اسماء مُعظم أفراد تلك المجموعة.
ويُضيف مار اودو بأنَّ مجموعتين اخريين من المسيحيين تمَّ ترحيلُهما الى الموصل بتاريخ الرابع والعشرين من آب 1915م، ولكننا لم نقف على عددهم ولا على أسمائهم، وكلما نعرفه هو أنَّ القس اوغسطين خرموش شاهدهم وهم نزلاء في كنيسة الطاهرة التي على ساحل دجلة في الجانب الشمالي من الموصل والمجاورة (للدير الأعلى المعروف تاريخياً بدير مار كابرييل ومار ابراهيم، وقد اندثرت معالمُه ولم تسلم منها إلا كنيسته "كنيسة الطاهرة للكلدان" وفي أواخر القرن العشرين شيَّد راعي ابرشية الموصل المثلث الرحمات المطران كوركيس كرمو على جزءٍ من مساحتها داراً للمطرانية رائعة الجمال) وبحسب قول القس اوغسطين كانوا رجالاً ونساءً وأطفالاً في حالةٍ يُرثى لها، مُتعبين منهكي القوى وجائعين، وقد داهمت الأمراض عدداً كبيراً منهم، وكانت بطريركيتُنا الكلدانية قريبة من مأساتهم وقدَّمت لهم كُلَّ ما بوسعها من خدمات للتخفيف عنهم.
آخر مذابح مسيحيي ماردين
يروي المطران مار اودو قائلاً: وفي منتصف ايلول لعام 1915م، وبينما كنت جالساً في غرفتي وقت مغيب الشمس، طرق سمعي صوت جلبةٍ وضجيج وصراخ آتياً من الطابق السفلي لدار مطرانيتنا شبيهاً بصوت الرعد، فبادرت للحال لإستطلاع الأمر، فإذا بزمرةٍ من العساكر المدججة بالسلاح، تصرخ بصوتٍ مُرتفع، وهي تُحيط بكاهننا القس بولس بيرو يسألونه: في أيِّ اتجاه؟ فأشار بيده الى الباب الخارجي للدار، فاندفعوا نحوه وخرجوا مُسرعين. وبعد ذهابهم ناديت القس بولس فسألته ما الحدث؟ فأجابني بأنَّ زمرة من العسكر داهمت دار جارنا الشاب اسكندر من عائلة كسبو، ففرَّ من مخبئه من أمامهم وتسلَّق الجدار الفاصل بين المطرانية وداره، وقفز الى ساحة المطرانية ودخل الى غرفتي مُختبئاً، فكانوا هم يتعقبونه وقفزو الى داخل الساحة. وفي الحال أدركت بأنَّ الشرَّ قد يطالنا، فتركته في غرفتي وأوصدت الباب وخرجت فوراً لإستقبالهم، قبل أن يدخلوا الى غرفتي ويعثروا عليه، ولما سألوني أشرت إليهم نحو الباب الخارجي مُموهاً عليهم بأنه خرج من هناك، فنجونا من شرِّهم، وبعد تأكُّدي من انصرافهم، طلبت منه الخروج بسرعة، فتوجَّه نحو الجدار فتسلقه وقفز الى ساحة داره واختبأ. لقد تصرُّف القس بولس بيرو بفطنةٍ وشجاعة أدَّتا الى إنقاذ الشاب اسكندر ونجاتنا نحن أيضاً، فلو قُدِّر ووجدوه عندنا لكان الموت مصيرنا، شكراً للعناية الإلهية التي كانت الحاجز بينهم وبيننا. إلا أنَّه لم تمضِ إلا أيام قليلة حتى داهم لعسكر دار الشاب اسكندر، فاعتقلاه وأخاه الياس، واقتادوهما الى الكنيسة المُحتجز فيها العديد من النساء والأطفال والرجال والشباب وحتى ذوي العوق والمُصابين بعاهات اخرى مختلفة.
قام القتلة المُجرمون بترحيل افراد هذه المجموعة يوم السبت الخامس والعشرين من ايلول، مقتادين إياهم في الطريق الى قرية بوويري القريبة من ماردين، وما إن وصلوا إليها حتى قاموا بفرز الشيوخ والعجزة من المشلولين والذين لا يقوون على مواصلة المسير، فالقوهم وهم أحياء في جُبٍّ بجوار القرية، وذهبوا بالبقية الى قرية حرين الواقعة الى جنوب شرقيِّ ماردين وتبعد عنها مسيرة أربع ساعات، ومنها اقتادوهم نحو الجب القريب منها، وبدأ الجلادون بتجريدهم من ملابسهم كعادتهم، ثمَّ يفرزون كُلَّ عشرة أفراد منهم رجالاً ونساءً دون تمييز ويذبحونهم كالخراف، ويرمون جثثهم في الجب حتى الى آخر من سلم من أيدي الأكراد الذين كانوا قد خطفوا عدداً من النساء والأطفال، وكان عدد شهداء هذه المجموعة المظفرة من الرجال والنساء يربو على الأربع مِئة شهيد. وتُعَد هذه الكوكبة من الشهداء الوجبة الثالثة التي تظفر بأكاليل الشهادة. أما الشاب اسكندر كسبو الضي أتينا الى ضِكره في أعلاه، فقد أنقذه أحد الأكراد وجعله عبداً له لِما يقرب من ثلاث سنوات ثمَّ أعتقه، فقدم إلينا وروى لنا تفاصيل هذه المجزرة وكيفية نجاته التي وصفها بعجائبية!
ولم يكتفِ المُضطهدون بذبحهم الوجبات الثلاث من المسيحيين التي أتينا على ذِكرها في حلقاتنا الثلاث، فقاموا بتمشيط بيوت وأزقة المدينة لعلَّ أنَّ البعض من المسيحيين قد أفلتوا من ايديهم أو قد احتموا لدى جيرانهم، فأفلحوا بجمع عدد من النساء العجائز والشيوخ وجأوا بهم الى باحة الكنيسة واحتجزوهم فيها، ولما اقتنعوا بأن منازل المسيحيين قد فرغت من أصحابها. قاموا في أواخر ايلول بإخراج الأنفس التي جمعوها وكان عددُها يزيد على المِئتي نفس، فاقتادوهم في الإتجاه الغربي لمدينة ماردين، حيث توجد أكوام عظام شهداء المجموعة الأولى من الرجال، وهناك قاموا بتمزيق أجسادهم المُنهكة، فامتزجت دِماؤهم الطاهرة بدماء رجال الوجبة الأولى الأبطال التي سُفِكت من أجل اسم المسيح بن الله بكر الشهداء، وباستشهاد هذه الوجبة اختُتِم مسلسل المذابح الجماعية. والى الحلقة الرابعة قريباً
الشماس د. كوركيس مردو



اضطهاد العثمانيين لمُـواطني الكلدان والسريان بشقّيهم عام 1915م الحلقة الأولى- الحلقة التاسعة Kawmiya2
من يقف في صف كنّا وآغجان فأنه مشارك في تهميش وإستلاب حقوق الكلدان

يونادم كنّا وآغاجان كفتا ميزان لضرب مصالح مسيحيي العراق ولاسيما الكلدان

من يتعاون مع كنّا وآغجان فكأنه يطلق النار على الكلدان

To Yonadam Kanna & Sarkis Aghajan

You can put lipstick on a pig but it is still a pig

To Kanna & Aghajan

IF YOU WANT TO REPRESENT YOUR OWN PEOPLE,
YOU HAVE TO GO BACK TO HAKKARI,
TURKEY & URMIA, IRAN


اضطهاد العثمانيين لمُـواطني الكلدان والسريان بشقّيهم عام 1915م الحلقة الأولى- الحلقة التاسعة 7ayaa350x100
اضطهاد العثمانيين لمُـواطني الكلدان والسريان بشقّيهم عام 1915م الحلقة الأولى- الحلقة التاسعة Images


ياوطني يسعد صباحك
متى الحزن يطلق سراحك
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
كلداني
(داينمو الموقع)
(داينمو الموقع)
كلداني


اضطهاد العثمانيين لمُـواطني الكلدان والسريان بشقّيهم عام 1915م الحلقة الأولى- الحلقة التاسعة Uouuuo10
اضطهاد العثمانيين لمُـواطني الكلدان والسريان بشقّيهم عام 1915م الحلقة الأولى- الحلقة التاسعة Awsema200x50_gif

اضطهاد العثمانيين لمُـواطني الكلدان والسريان بشقّيهم عام 1915م الحلقة الأولى- الحلقة التاسعة Tyuiouyاضطهاد العثمانيين لمُـواطني الكلدان والسريان بشقّيهم عام 1915م الحلقة الأولى- الحلقة التاسعة Ikhlaas2اضطهاد العثمانيين لمُـواطني الكلدان والسريان بشقّيهم عام 1915م الحلقة الأولى- الحلقة التاسعة Goldاضطهاد العثمانيين لمُـواطني الكلدان والسريان بشقّيهم عام 1915م الحلقة الأولى- الحلقة التاسعة Bronzy1اضطهاد العثمانيين لمُـواطني الكلدان والسريان بشقّيهم عام 1915م الحلقة الأولى- الحلقة التاسعة Shoker1

البلد : العراق
مزاجي : احب المنتدى
الجنس : ذكر
عدد المساهمات : 8512
تاريخ التسجيل : 16/06/2010
الموقع : في قلب بلدي المُحتَل
<b>العمل/الترفيه</b> العمل/الترفيه : طالب جامعي

اضطهاد العثمانيين لمُـواطني الكلدان والسريان بشقّيهم عام 1915م الحلقة الأولى- الحلقة التاسعة Empty
مُساهمةموضوع: رد: اضطهاد العثمانيين لمُـواطني الكلدان والسريان بشقّيهم عام 1915م الحلقة الأولى- الحلقة التاسعة   اضطهاد العثمانيين لمُـواطني الكلدان والسريان بشقّيهم عام 1915م الحلقة الأولى- الحلقة التاسعة Alarm-clock-icon30/6/2023, 9:41 am

اضطهاد العثمانيين لمُـواطني الكلدان والسريان بشقّيهم عام 1915م الحلقة الأولى- الحلقة التاسعة 73zDFUw
اضطهاد العثمانيين لمُـواطني الكلدان والسريان بشقّيهم عام 1915م الحلقة الأولى- الحلقة التاسعة Dr-Gorgees-Mardo
DrGorgees Mardo

29.06.2023
اضطهاد الكلدان والسريان بشقّيهم عام 1915م
الحلقة الرابعة
فرارالمسيحيين الى سنجار بسبب مضايقات الشركس
مَن هم الشركس؟ <إنَّهم أحد الأقوام القوقازية يسكنون مناطق من روسيا ويدينون بالإسلام، طردتهم الدولة الروسية لقيامهم بإثارة الإضطرابات والنعرات الدينية، فالتجأوا الى الدولة العثمانية الإسلامية المتزمتة، فأسكنتهم في المناطق المُفرغة من المسيحيين ومنها قرية صفح القريبة من رأس العين. وسخرتهم للإنتقام من المسيحيين اهل البلاد الأصليين، مُعطية لهم المجال لإرتكاب افظع الجرائم بحقهم، والكثيرون منهم لم يستقروا في تركيا، فارتحلوا الى مناطق في الشام والأردن>.
في صفحات كتابه (66 – 70) يروي المطران الكلداني مار اسرائيل اودو: بأنَّ جماعة شركسية مطرودة من روسيا لإثارتها القلاقل والإضطرابات التجأت الى الدولة العثمانية وسكنت قرية "صفح" القريبة من بلدة رأس العين، وعلى غِرار الإضطهاد الذي مارسه الأكراد ضِدَّ المسيحيين، مارسه الشركس أيضاً حيث قاموا بطردهم وإلحاق أفدح الأضرار بهم بتحريض من مُحتضنيهم الأتراك. ولكنَّ وضعهم العِدائي تجاه المسيحيين تحوَّل الى إخاء وتعاون متبادل، ومردُّ ذلك ليس حباً بالمسيحيين، وإنما سعياً للثراء من وراء تهريبهم للعوائل والأفراد المسيحيين المُختبئين خوفاً من الإضطهاد والقتل المُعلنان عليهم من حكام تركيا الجُدُد الطغاة. فهؤلاء الشركس انتحلوا صفة التجار، وبهذه الصفة استطاعوا تهريب أفراد العوائل المسيحية خفية الى سنجار لقاء أجر يتراوح بين عشرة وعشرين ليرة ذهبية لكُلِّ فرد. وكان الإتفاق يتناسب مع إمكانية العائلة بحسب عدد أفرادها، وبهذه الوسيلة أنقذ الرجال الشركس المسيحيين من مخاطرالخوف والفزع والرعب التي كانت تُحيط بهم، واعتبر المسيحيون عملهم إنسانياً جليلاً. بلغ عددُ الذين تمَّ تهريبُهم الى جبل سنجار الواقع بين الموصل ونصيبين ما يربو على المِئتي فرد. وجبل سنجار يسكنه اليزيديون ويبلغ عدد قراهم فيه اكثر من 45 قرية. وضع الهاربون أمرَ حمايتهم بعهدة الشيخ "حمو شرو" أحد شيوخ اليزيدية، فأعطاهم عهداً بذلك وبقي أميناً لعهده حتى وفاته. ومن حيث تقديم الخدمة الروحية لهم، فقد كان يؤديها القس يوسف تفنكجي، الذي استطاع اللحاق بهم  بعد فترة من وصولهم هناك. ولكن هؤلاء الهاربين من جحيم الظالمين، المَّ بهم في خريف سنة وصولهم 1915م الى جبل سنجار مرض قاتل عُرف بمرض "الرعشة" فقضى على ما يُقارب العشرين منهم.
في صيف عام 1916م تضاعف إجلاء المسيحيين من قيليقيا، حيث بلغ عددُ المُرحَّلين الى منطقة دير الزور والشدادي للسكن فيها ما يُناهز السبعين الف فرد منفي، وبادر العرب الى إنقاذ حياة عددٍ كبير من النساء اللواتي كُنَّ قد تخلَّفنَ عن زميلاتهنَّ المنفيات الأخريات نتيجة ما أصابهنَّ من تعب وإرهاق، فجأوا بهنَّ الى جبل سنجار، وسلَّموهنَّ للمنفيين المُقيمين هناك وكان عددُهنَّ أكثر من ثلاثمِئة منفية وهنَّ ذابلات السحنات، هزيلات الأبدان، منهوكات القِوى، فقامت المجموعة النسائية الأولى من زميلاتهن بالإهتمام بهنَّ، مُوفِّرنَ لهنَّ الطعام والكثير مِمّا يحتجن إليه للحفاظ على حياتهنَّ بعد مُعاناتهنَّ تلك المصائب الصعبة.
ومن الجدير أن نُدوِّن إحدى أهم المصائب التي كادت تؤدي الى القضاء على هؤلاء المسيحيين وهم في منفاهم بجبل سنجار وفي حماية الشيخ اليزيدي الشهم "حموشرو" فنوجزها بما يلي: لقد أرسلت الزمرة الجديدة والمتزمتة الحاكمة في تركيا قوة قوامها ثلاثة أفواج عسكرية اتخذت مواقعها في سفح جبل سنجار، وبادر قائدها الى إرسال رسالة تهديدية الى الشيخ "حمو شرو" قائلاً له: <أرسل لي جميع المسيحيين المُحتمين بك وكُلَّ ما بحوزتهم من الأسلحة، وإن لم تنفِّذ الأمر، سأقوم باقتحام موطنك وأجعله خراباً وأحرق قراك كُلَّها> فردَّ الشيخ شرو على القئد قائلاً: < عهداً قطعتُ للمسيحيين المضطهدين الذين قصدوا اللجوء الى جبلنا بأن أحافظ عليهم جميعاً، فلن انكث بعهدي هذا، وأُقسِمُ باسكيمي هذا بأنني لن أسلِّم حتى واحداً منهم> ( لدى اليزيديين جماعة شبيهة بالرهبان عند المسيحيين، تُطلق على نفسها "الفقراء" يرتدون اسكيماً ذا زيق دائري مطعماً بالسواد أو مائلاً الى السواد، يصل طولُه حتى الركبتين، ويكون موشحاً من الأعلى بقطعة قماش يُسمّونها "العتيقة" وبهذا الإسكيم يحلفون أغلظ الإيمان، ولا ينزعونه حتى يبلى تماماً، ولدى موت صاحبه يجُعَلُ كفناً له، حيث يُكفن به ويُدفن). وكان الشيخ "حمو شرو" من أتباع تلك الجماعة.
إنَّ ما اتصف به هذا الشيخ من عزة النفس وسموِّ الأخلاق وما أبداه من المحبة تجاه المسيحيين المُضطهدين في تلك الفترة العصيبة من الزمن الرديء، ليقف اللسان والقلم عاجزَين عن وصفها. فقد وضع نفسه في خطر، وتحمَّل جُرماً فرض عليه من أجل الحفاظ على حياة اولئك اللاجئين العُزَّل. لقد حاول هذا الرجل الصالح مُجابهة اقسى العتاة في العالَم المُسلمين الذين يدَّعون عبادة الله "الأوحد" ويقومون بمنتهى الوحشية الخالية من أدنى القيم الإنسانية بالقضاء على مواطنيهم المُسالمين المسيحيين (ابناء البلد الأصليين) بمُختلف فئاتهم وأجناسهم، رجالاً ونساءً وشباباً وأطفالاً وحتى الرضع منهم، وبكُلِّ صلافةٍ ووقاحة يُحاولون تبرئة أنفسهم من افعالهم الشنيعة التي اتسمت بالسفالة! أليس ادِّعاؤهم عبادة الله نفاقاً في الوقت الذي يقومون بارتكاب افظع الجرائم من قتل وسلب ونهب دون أدنى رحمة وشفقة؟
لقد أقرن الشيخ "حمو شرو" قسمَه اليمين بالفعل، حيث حمل السلاح هو وأبناء عشيرته، وبالرغم من قلة عددهم قياساً الى القوات التركية المُعتدية، فقد عقدوا العزم على مُجابهة الظالمين، ونزلوا لقتال الأتراك وفي سن الفيل نصبوا لهم كميناً، حيث كانت القوات التركية مُزمعة أن تمر. ولما رأى الشيخ بأن القوات التركية المُهاجمة أقوى تسليحاً وأكثرعدداً بما لا يُقارن مع عدد جماعته، وأنَّ مقاومتهم لها لن تصمد طويلاً، رغم إنزالهم خسائر كبيرة بها، قرَّر الإنسحاب هو وجماعته والعودة الى قريتهم. ثمَّ اجتمع بالمسيحيين الذين تحت حمايته وقال لهم: أحبائي، اسرعوا بالخروج، فإنَّ قوات الشر قادمة، ولن يكون بإمكاني توفير الحماية لكم كما وعدتكم، بسبب عدم قدرتنا على هزيمة الأتراك. فنزل كلامُه كالصاعقة على مسامعهم، ووقع الرعب والفزع في قلوبهم، فبادروا الى الفرار تاركين كُلَّ شيء  متوجهين الى الناحية الشمالية من الجبل. وكانت القوات العثمانية تواصل تقدمها وقد سيطرت على نيربا دون أن تلقى مقاومة جادة، ثمَّ صعدت الى الجبل واستولت على قرية الشيخ "حمو شرو" فسلبوها ثمَّ أحرقوها. ونزلت قوات الشر التركية الى سفح الجبل ثانية متفادية انتقام اليزيديين. أما المسيحيون فقد تبدَّدوا وتبعثر شملُهم بين العرب، فمنهم مَن اخذهم بعض الأعراب الى بغداد لقاء أجر قدره ثلاث ليرات ذهبٍ للشخص الواحد، وآخرون عادوا الى نصيبين. وبعد أن وضعت الحرب العالمية الأولى أوزارها، عاد السواد الأعظم منهم الى دورهم في ماردين وذلك في نهايات خريف عام 1918م.
يقول المؤلف مار اسرائيل اودو، بأنَّ روايته لهذا الحدث دوَّنها عن لسان العائدين الى ماردين الذين اضطروا للهروب الى جبل سنجار من جرّاء معاناتهم المُرة التي أذاقهم إياها الأتراك غزاة بلدهم ومغتصبوه العتاة الظالمون، وأذكر البعض منهم على سبيل المثال فقط: الياس شوحا، هرمزد تمرز، جرجيس حنكو، حبيب مالويان، فرجو كسبو والقس يوسف تفنكجي وعدد كبير غيرهم، أقوالهم صادقة لأنهم شهود عيان، ولم ينطقوا إلا بالحقيقة.
مجموعات نسائية من ارضروم ومدنها وضواحيها
يروي المطران ماراسرائيل اودو في كتابه (اضطهاد المسيحيين... ص 71 – 76) بأن قافلة كبيرة جداً من النساء يُناهز عددُهنَّ العشرة آلاف إمرأة عدا الفتيان والصبايا والأطفال والرضع والشيوخ والعجزة، وصلت الى ماردين يوم الأحد الرابع من تموز 1915م. أنزل هؤلاء المسيحيون المضطهَدون في موضع يقع الى الغرب من ماردين يُدعى "نبع عمر أغا".  في بداية ترحيل هذه المجموعة عن موطنها، كان عددُ أفرادها يتجاوز الخمسين ألفاً كما قيل لنا. إلا أنَّ عدد هم أخذ بالإنحسار أثناء رحيلهم حتى بلوغهم مشارف ماردين. وسببُ هذا الإنحسار كان الخطف الذي تعرَّضَ له عددٌ كبير جداً من النساء الشابات والصبايا الحسناوات، وما لاقاه الكبار والصغار من الشقاء والتعب المُضني حيث أودى بحياة الكثير منهم للموت، وما إن عَلِم الماردينيون المُسلمون بوصول هذه المجموعة حتى خرجوا بمختلف فئاتهم ومشاربهم، اغنياؤهم وفقراؤهم، رجالهم ونساؤهم وحتى مسؤولي ماردين الحكوميين، لم يكن خروجُهم للسخرية والشماتة والتلذذ بمشاهدة منظر تلك البائسات المرذولات المُقبلات على الموت المحتوم والمُهين فحسب، بل للخطف والسلب والإستحواذ على كُلِّ ما يروق لهم من كسوة وملابس ونقود ومجوهرات إن وجدت ولم تُنهب من قبل مُضطهديهم لدى إلقائهم القبض عليهم. فهجموا كالذئاب المسعورة على خراف الحظيرة، متوغلين بين صفوف ذلك الحشد من المُرَحَّلات، وكُل يختار ما يحلو له دون رادع أو خوف، فمنهم مَن خطف صبايا وبنات جميلات، وآخرون استحوذوا على  نساء ماجدات ينتمَينَ لأُسر وعائلات كريمة ذات نسبٍ ومشهورة، ولكن الخطف جرى بنوع خاص للشابات الحسناوات الوقورات. فكان ذلك غزواً اسلامياً  لم يُكبِّد الغزاة جهداً أو عناءً، حيث عادوا بغنائمهم فرحين الى دورهم، وكأنهم قد امتلكوا كنوز الدنيا.
وفي الآخر شرع العسكر بفرز تلك المجموعة المنكودة المُعَدَّة للذبح الى مجموعات أصغر وبمُعدَّل الف فردٍ لكُلٍّ منها، ثمَّ يسوقون مجموعة بعد اخرى نحو الكهوف والمغاور القريبة والبعض منهنَّ الى الأجباب والشعاب، فيذبحونهنَّ ويرمون بجثثهنَّ فيها. لم يكن للتذمُّر إليهنَّ سبيل، ولا للضجر والمَلَل دليل، بل إنَّ ألسنتهنَّ باسم المسيح كانت تنطق ولا تمَلُّ، وهذا ما اعترف به العديد من من السفاحين الذين بهنَّ الذبحَ انزلوا. لقد احمَرَّ تراب الجهة الغربية من ماردين لإرتوائه بالدم الطاهر المسفوك من رقاب الأطفال والشيوخ والرجال والنساء العفيفات، واكتظت الكهوف والمغاور والأجباب والشعاب بأكداسٍ من الجثث العارية المُعرَّضة للشمس، لصبايا عذارى ونسوة مؤمنة ومُحبة للمسيح الفادي اللواتي تقبَّلن الموت بسرور وفرح، وهنَّ يُقبلن على فصل رؤوسهن عن اجسادهن بسيوف جلاديهن. أما مَن تبقى من أفراد ذلك الحشد، فقد اقتادهم العسكر الى دير مارافرام للسريان الكاثوليك، وتمَّ حشرُهم في باحات الدير، وكانوا في حالة سيئة قد أخذ منهم الجوع والعطش مأخذه، فانبرى مسيحيو ماردين الى مؤاساتهم مقدمين لهم الطعام والشراب، ومخففين عنهم بعضاً من آلامهم ومعاناتهم ولو لحين.
ولم يبقوا في الدير إلا يومين حيث أخرجوهم في منتصف نهار كانت حرارة الشمس فيه على أشدِّها، واقتادوهم الى قرية غارس أو"غوس" التي تقع الى الغرب من ماردين بمسافة ثلاث ساعات سيراً على الأقدام، وفي تلك المنطقة قضوا عليهم جميعا، ورموا جثثهم في المغاور والشعاب والأخاديد. وحيث إن الكثيرات من النسوة اللواتي كان المادينيون قد خطفوهنَّ واخذوهنَّ الى دورهم، جاءَنا البعضُ منهنَّ وروينَ لنا كيف تمَّ تهجيرهنَّ من مناطق أرضروم وترحيلهنَّ وكيف ظهر القنصل الألماني بين صفوف القتلة العثمانيين، وكما دونّا المرحلة فيما سبق،(ولم يُخفِ الأب يعقوب ريتوري في كتابه (مسيحيون بين أنياب الوحوش) اتهامه للألمان مراراً عِدة، بأنَّ دورهم في دفع العثمانيين الأتراك الى اقتراف جرائم الإبادة الجماعية ضِدَّ الأرمن والمسيحيين الكلدان بشطريهم الكاثوليك والنساطرة والسريان الآراميين بشقيهم الكاثوليك والمونوفيزيين كان قذراً جداً) وممّا فات علينا تدوينه، أعلمتنا به النسوة المسبيات من قبل الماردينيين حيث قلنا لنا: وعندما وصلنا الى تخوم ولاية آمد"دياربكر" وجدنا ذواتنا وكأننا أدخِلنا في كور الإختبار، حيث تمَّ سلبُ مقتنياتنا وخطف أطفالنا واغتصاب العديد منا وقتلهنَّ، ولما حطَّت قافلتُنا في بطاح إحدى القرى التابعة لتلك الولاية، هجمت علينا امرأة شرسة جداً واخترقت صفوفنا، وكلبوءة جائعة افترست سبعَ نساء منا خنقاً، وخرجت وهي مُتبجحة بعملها الوحشي وفرحة بالفرصة التي سنحت لها لفعل ذلك!
المجموعات النسوية الأربع
ويسترسل المطران اودو بالحديث في (الصفحة 74 – 76) من كتابه المؤمأ إليه بأنَّ مجاميع نسوية من آمد "دياربكر" أخذت تتدفق الى ماردين في الخامس عشر من تموز 1915م وقد حُشرنَ في عرباتٍ مع أبنائهنَّ، وما إن وصلنَ قرب المدينة، حتى هبَّ مُسلمو مدينة ماردين وأحاطوا بهنَّ ناوين سلبهنَّ وخطفهنَّ كما اعتادوا، الى جانب قيام البعض منهم بأعمال مشينة تدفعهم إليها أهواؤهم الشريرة. ولم يلبث مقتادو المجموعة القتلة أن أدخلوها الى الكنيسة بُرهة من الزمن، ليس لنيل قسطٍ من الراحة بسبب ما عانته أثناء الطريق، وإنما انتظاراً لوصول المزيد من القتلة والسفاكين للإنضمام إليهم في تنفيذ مهمة إراقة فيضٍ آخر من دماء تلك النساء العفيفات والصبايا والبنات العذارى الطاهرات. فقاموا بفرز ذلك الحشد النسائي الكبير الى مجموعات حيث اقتيد بعضهنَّ الى دارا، والبعض الآخر الى ويرانشهر، والباقي منهنَّ سيق الى رأس العين، وتمَّ ذبحهنَّ جميعاً ولم تنجُ حتى واحدة منهنَّ!
المجموعة الأولى
كان للقس سليمان كوجك اوسطا أحد كهنتنا الكلدان الآمدي الأصل شقيقٌ واحدٌ ووالدة عجوز، وإذ كان محجوزاً ضمن هذه المجموعة، استطاع بطريقةٍ ما الخروج من الكنيسة والقدوم إلينا. وبناءً الى طلبه قدَّمنا للمتصرف استرحاماً بشأن إطلاق سراحه وسراح عائلته، متشفعين بالأمر الصادر من الجهات العليا القاضي بعدم التعرُض لأيٍّ من أبناء الطوائف المسيحية غير الأرمنية، إلا أنَّ المتصرِّف رفض الطلب مُدَّعياً بوجوب تقديم الطلب الى الدكتور رشيد الذي أرسلهم الى ماردين. وفي ذات الليلة سيقوا الى دارا وذبِحوا ضمن المجموعة، أما ولدا شقيق القس سليمان فقد كانا قد اختطفا من قبل بعض أهالي ماردين المُسلمين واستُعبِدا، وبعد حين من الزمن أُعتِقا، وأُرسلا الى آمد عند عمِّهما القس سليمان. (لقد أنيطت بالقس سليمان مُهمة الوكالة البطريركية في بغداد والقاهرة، ثم رقي الى الدرجة الأسقفية في الموصل من قبل البطريرك مار عمانوئيل الثاني توما في الثامن من ايلول عام 1939م، وعيَّنه وكيلاً بطريركياً على الأبرشية البطريركية، ولكن العمر لم يمتد به بعد رسامته اسقفاً إلا أقل من ثلاثة أشهر، حيث توفي في الرابع من كانون الأول لنفس العام، ودُفن في كنيسة مِسكنته بالموصل).
المجموعة الثانية
يقول المؤلف مار اسرائيل اودو: وبعد سبعة ايام من القضاء على المجموعة الأولى، وصلت الى ماردين المجموعة الثانية المؤلفة من مختلف الطوائف المسيحية، وفي صباح اليوم التالي وإذا بواحدٍ من أفراد العسكر يُفاجيئني بالدخول الى غرفتي وهو مدجج بالسلاح، وبلهجة الآمر قال لي: إنَّ امرأتين من المجموعة التي وصلت مساء أمس، قد أنجبتا في الليل، وبحسب أوامر سيدي، أتيت بهما وبولديهما الى ههنا لتمكثا عندك حتى يوم الأربعين، وحينذاك سآتي وآخذهما. فقلت له: أيها السيد، لا يوجد لدينا مكان لإيواء نساء ههنا. فردَّ وبذات اللهجة الآمرة، هنا وفي هذه الغرفة التي أنت فيها، تُسكنهما معك. ولما ردَّ عليَّ بهذا الكلام الفض، قلتُ له: أين هما؟ قال: إنهما موجودتان في الباحة، وغادر تاركاً اربعة أفرادٍ من عسكره لحراستهما. فأوعزت أن تُخصَّصَ لكُلٍّ من المرأتين غرفة لوحدها. وبعد مرور أربعين يوماً حضر رئيس العسكر وبصحبته طبيب عسكري وسألا عن المرأتين، فقلت لهما إنَّهما كلدانيتان، فقال لي: أثبِت ذلك بسندٍ يؤيِّد ذلك واختمه لدعم إدِّعائك، وإلا سآخذهما هما ورضيعيهما، وما إن أنهيت كتابة السند حتى طلبت من الخوري عيسى أن يختمه، ثمَّ سلَّمته لرئيس العسكر، وبعد استلامه للسند قال لي: سنتحقق من صحة إدِّعائك، وإذا ظهر خلاف ذلك، سنأتي ونأخذكم جميعاً ولن يكون مصيركم سوى الذبح!
فقلت حققوا ما استطعتم، إنهما كلدانيتان، إحداهما زوجة سعدو جولاغ التي قتلتموه وتُدعى حَبّو. ولما اقتادها عسكركم هي وابنها الطفل البالغ من العمر أربعة أعوام، داهمه المرض وهو في الطريق نتيجة الإرهاق والخوف والتعب، فأُدخِل الى مستشفى البروتستانت في ماردين، فلاقى حتفه. وكان إبنُها الكبير المدعو عبد المسيح قد جُنِّد كبقية زملائه وتعرَّضَ للقتل في الحرب. وبخصوص المرأة الثانية فكانت زوجة جبرائيل فيلو الكلداني ومن أصل أرمني ومعها أولادها الأربعة. وهكذا تمَّ إنقاذهما ورضيعيهما، وأُعيدَتا الى داريهما. وذِكراً للحقيقة نقول: بأن رئيس افراد الحراسة المُكلَّف بالحفاظ على سلامة الإمرأتين، تبيَّن لنا بكونه رجلاً فاضلاً وتقياً، وأحد أبناء مدينة سيواس، بعكس أبناء ماردين من الإسلام الذين لم يكتفوا بغدر أبناء مدينتهم وأصدقائهم المسيحيين فحسب، بل ساهموا بشكل كبير في اضطهادهم وإراقة دمائهم الزكية دون رحمة وشفقة، يدفعهم جشعهم للإستيلاء على أملاكهم وعقاراتهم!
الشماس د. كوركيس مردو



اضطهاد العثمانيين لمُـواطني الكلدان والسريان بشقّيهم عام 1915م الحلقة الأولى- الحلقة التاسعة Kawmiya2
من يقف في صف كنّا وآغجان فأنه مشارك في تهميش وإستلاب حقوق الكلدان

يونادم كنّا وآغاجان كفتا ميزان لضرب مصالح مسيحيي العراق ولاسيما الكلدان

من يتعاون مع كنّا وآغجان فكأنه يطلق النار على الكلدان

To Yonadam Kanna & Sarkis Aghajan

You can put lipstick on a pig but it is still a pig

To Kanna & Aghajan

IF YOU WANT TO REPRESENT YOUR OWN PEOPLE,
YOU HAVE TO GO BACK TO HAKKARI,
TURKEY & URMIA, IRAN


اضطهاد العثمانيين لمُـواطني الكلدان والسريان بشقّيهم عام 1915م الحلقة الأولى- الحلقة التاسعة 7ayaa350x100
اضطهاد العثمانيين لمُـواطني الكلدان والسريان بشقّيهم عام 1915م الحلقة الأولى- الحلقة التاسعة Images


ياوطني يسعد صباحك
متى الحزن يطلق سراحك
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
كلداني
(داينمو الموقع)
(داينمو الموقع)
كلداني


اضطهاد العثمانيين لمُـواطني الكلدان والسريان بشقّيهم عام 1915م الحلقة الأولى- الحلقة التاسعة Uouuuo10
اضطهاد العثمانيين لمُـواطني الكلدان والسريان بشقّيهم عام 1915م الحلقة الأولى- الحلقة التاسعة Awsema200x50_gif

اضطهاد العثمانيين لمُـواطني الكلدان والسريان بشقّيهم عام 1915م الحلقة الأولى- الحلقة التاسعة Tyuiouyاضطهاد العثمانيين لمُـواطني الكلدان والسريان بشقّيهم عام 1915م الحلقة الأولى- الحلقة التاسعة Ikhlaas2اضطهاد العثمانيين لمُـواطني الكلدان والسريان بشقّيهم عام 1915م الحلقة الأولى- الحلقة التاسعة Goldاضطهاد العثمانيين لمُـواطني الكلدان والسريان بشقّيهم عام 1915م الحلقة الأولى- الحلقة التاسعة Bronzy1اضطهاد العثمانيين لمُـواطني الكلدان والسريان بشقّيهم عام 1915م الحلقة الأولى- الحلقة التاسعة Shoker1

البلد : العراق
مزاجي : احب المنتدى
الجنس : ذكر
عدد المساهمات : 8512
تاريخ التسجيل : 16/06/2010
الموقع : في قلب بلدي المُحتَل
<b>العمل/الترفيه</b> العمل/الترفيه : طالب جامعي

اضطهاد العثمانيين لمُـواطني الكلدان والسريان بشقّيهم عام 1915م الحلقة الأولى- الحلقة التاسعة Empty
مُساهمةموضوع: رد: اضطهاد العثمانيين لمُـواطني الكلدان والسريان بشقّيهم عام 1915م الحلقة الأولى- الحلقة التاسعة   اضطهاد العثمانيين لمُـواطني الكلدان والسريان بشقّيهم عام 1915م الحلقة الأولى- الحلقة التاسعة Alarm-clock-icon30/6/2023, 9:43 am

اضطهاد العثمانيين لمُـواطني الكلدان والسريان بشقّيهم عام 1915م الحلقة الأولى- الحلقة التاسعة J6yMLWN
اضطهاد العثمانيين لمُـواطني الكلدان والسريان بشقّيهم عام 1915م الحلقة الأولى- الحلقة التاسعة Dr-Gorgees-Mardo
DrGorgees Mardo

29.06.2023
اضطهاد الكلدان والسريان بشقّيهم عام 1915م
الحلقة الخامسة
مقتل مسيحيي نصيبين ودارا
نواصل رواية ما سطَّره الشاهد العيان المطران الجليل اسرائيل اودو في (الصفحة 76 -  83) من كتابه الذي أشرنا إليه في الحلقة الأولى من هذا المُسلسل وبتصرُّفٍ صياغي دون المساس بالمضمون، عن اضطهاد المسيحيين من الكلدان والسريان والطوائف الأخرى من مواطني الإمبراطورية العثمانية قبل مئة عام. وبما أنَّ القس حنا شوحا المُرتسم حديثاً كان في مقدمة موكب شهداء مدينة نصيبين، فقد ارتأى ماراودو أن يبدأ بكتابة نبذةٍ عنه حيث يقول: كان مسقط رأس القس حنا شوحا مدينة ماردين، فقد ولد في 2/1/1883م وسُمِّيَ باسم والده حنا ولكن اسمه في سجل العماذ فكتور، وكانت امُّه تُدعى مريم. عُرف والده المرحوم بحسن سيرته لكونه رجلاً فاضلاً تقياً يهاب الله. أرسل فكتورالى الموصل للدراسة في معهد مار يوحنا الحبيب الكهنوتي للآباء الدومنيكان، وما إن أنهى دراسته  حتى رسم كاهناً في كنيسة مِسكنته بالموصل من قبل المطران اسطيفان جبري بتخويل من مارعمانوئيل الثاني توما بطريرك بابل على الكلدان، بتاريخ 15/5/1909م مُتخذاً اسم القس حنا تيمُّناً باسم والده. وبعد رسامته عُين للخدمة في كنيسة مار هرمزد، وعُهِدَت إليه إدارة مدرسة الكنيسة، وبالإضافة الى ذلك كان يقوم بتدريس الأطفال اللغتين العربية والفرنسية يومياً وعلى مدى سنتين تقريباً.
ويُضيف مار اودو: وبناءً الى طلبه، نفذنا رغبته فأرسلناه في عام 1913م الى نصيبين، وقام هو أيضاً بتلبية رغبتنا، ففتح مدرسة للأطفال في نصيبين، وشمَّرعن ساعد الجِد للعمل بمنتهى الهمة والنشاط مدفوعاً من غيرته الرسولية معلِّماً ومبشِّراً حتى شهر ايار للعام 1915م الذي فيه تمَّ القاء القبض عليه وزجَّ في السجن.
في بدايات شهر ايار 1915م وصل الى نصيبين رجل تلكيفي قادما من أدنة ناوياً العودة الى بلدته، فحلَّ ضيفاً على راعي كنيسنا هناك القس حنا شوحا بضعة أيام متوقعا أن يلتقيَ ببعض أصحابه ليُرافقهم في طريق العودة الى تلكيف. وبينما كان يوماً خارجاً الى السوق ليُمضيَ بعض الوقت، فجلس عند عتبة باب حانوت شاب أرمني كاثوليكي مارديني الأصل يُدعى "فاهان فرنسيس برغوث" وفجأة لمحه شرطيٌّ فاعتقله، وأخذه الى القوميسير"مديرشرطة" ولماعلم القوميسير بأنَّه رجل غريب، وعرف اين يبيت ويتردَّد، أمر فوراً باستقدام الكاهن وصاحب الحانوت، وحال الإتيان بهما، القاهما والرجل الغريب في السجن مختلقا لكلٍّ منهم تهمة عقوبتها الموت. فوجَّه للتلكيفي الغريب تهمة الهروب، وللكاهن تهمة التستُّر على الهارب، وللحانوتي تهمة المُهرّب. وبعد مكوثهم في السجن لمدة اسبوع، نُقِلوا في 19/5/1915م الى ماردين وزجّوا في سجنها. ولما تمَّ إبلاغي بالخبر يقول المطران اودو: أرسلتُ إثنين من كهنتنا هما القس بولس بيرو والقس يوسف تفنكجي الى حِلمي بيك متصرِّف ماردين، ليلتمساه باسمنا للسماح للقس حنا شوحا بالمكوث عندنا وبكفالتنا لحين نقله الى آمد، إلا أن المتصرف رفض التماسنا، فلم يسعنا عمل شيء بشأنه. وبعد يومَين وفي منتصف نهار الأحد أُخرج الثلاثة من السجن وسُلِّموا لطغمة العسكر حيث طافوا بهم في الشارع الذي يتوسط المدينة وهم مقيَّدون بالحبال، وقد تجمَّع حولهم صبية المُسلمين يقرفونهم بوابل من المسبّات والشتائم، وهم يسيرون خلفهم حتى خروجهم من المدينة لم يسكتوا عن الإستهزاء والسخرية بهم. وكان يأمل البعض بأنَّ سراح الكاهن سيطلق بعد خروجهم من المدينة، إلا أنَّ ذلك الأمل قد خاب.
لم يُطاوع زوجَ أخت الكاهن المدعو يوسف مغزل قلبُه تركَ الكاهن شقيق زوجته وهو يراه مُهاناً ومعتدىً عليه من قبل العسكر، فتبعه عن بعدٍ حتى مدينة آمد ليرى ماذا سيكون مصيرُه. أما العسكر فقد قاموا اثناء الطريق بنزع ثياب الكاهن وأخذِها كغنيمة، وقبل بلوغهم بوّابة آمد، وإمعاناً في إهانته والإستهزاء به، قام العسكر بتلوين وجهه بسواد الفحم وتعليق جرس في رقبته من النوع الذي يُعلَّق في رقاب بغال القوافل، وبهذه الهيئة المُنافية لكُلِّ الأعراف أدخلوه ورفيقيه الى آمد في عِزِّ النهار، وطافوا بهم في شوارع المدينة بين هزء المتفرجين وضحكهم، وصُراخ عدد كبير من الصبية العديمي التهذيب، مُسمِعين هؤلاء البائسين سيلاً من الشتائم، مُذِرّين التراب عليهم الى جانب رَميهم بحمأة السواقي وغير ذلك من النجاسات حتى بلغوا بهم الساحة، ثمَّ ألقوهم في السجن المحشوِّ بالأرمن. وبقي يوسف صهر القس حنا شوحا في المدينة، كان يأخذ الطعام الى السجن للقس حنا صباحاً ومساءً، وفي اليوم الثالث ذهب كعادته الى السجن حاملاً الطعام، فاعتقلوه  واودعوه السجن، ولا نعلم ماذا كان مصيرُه ولا مصير القس حنا والرجل التلكيفي والحانوتيا لأرمني المسجونين معه، والمُرجح أنهم وضعوا في المجرشة التي جرشت الأرمن الذين كانوا قد زُجوا في السجن قبلهم.
ويواصل المطران اودو الحديث قائلاً: كانت مريم والدة القس حنا شوحا وشقيقاه عبدالكريم وسليم وشموني زوجة عبدالكريم يسكنون في نصيبين، وبعد إلقاء القبض على الكاهن بأيام عديدة، وهم ينتظرون بشوق وبفارغ الصبر سماع أخباره على مدار الأيام، وإذا بأعرابيٍّ يفاجئُهم بالدخول عليهم ليلاً، وكان هذا الأعرابي ومنذ زمن بعيد تربطه بهم صداقة حميمة، فقال لعبدالكريم وبصوتٍ خافتٍ: إستعِد حالاً أنت وأهل بيتك وأسرعوا بجمع ما لديكم من حاجات ومذخرات لآخذكم الى داري، فها هي الجِمال مُهيَّأة لترحل بكم، فلا تُبطئوا بل عجِّلوا للذهاب معي، إذ ما إن ينبلج الصبح حتى يُلقى القبضُ عليكم، ويقتلونكم جميعاً. فأجابه عبدالكريم: إنني أعمل جابياً لدى حاكم المدينة، وفي ذمتي جميع مستنداته، فإذا هربت أين سأحمي نفسي من شرِّه؟ أجابه الأعرابي: دع سجلاته وانجُ بنفسك وبأهل بيتك. ولما فشل الأعرابي بإقناعه، تركه وعاد الى بيته وقد أخذ منه الغضب والإنزعاج. وبالفعل فقد كان الأعرابي صادقاً في أقواله، فما إن انبلج صباح يوم الخامس عشر من حزيران 1915م، حتى داهم العسكر بيت عبدالكريم فأخذوه وأخاه سليم وضموهما الى بقية الرجال الكاثوليك المُلقى عليهم القبض قبلهما، وذهبوا بالجميع الى موضع يُدعى "خربة قورد" وتمَّ ذبحُهم جميعاً، ولم يبق حيّاً من مجموع أفراد ثلاثين بيتاً كلدانياً في نصيبين إلا أفراد بيتٍ واحد فقط ومن الأرمن أفراد بيتين لأنَّ البقية كانوا قد لاذوا بالهرب.
ويُضيف مار اودو: بعد هذه المذبحة فقد أرسل القتلة المُضطهِدون مَن يأتي ببقية أفراد العائلة المنكوبة، وفي مقدمتهم مريم والدة القس حنا شوحا وكنتها الشابة شموني إبنة ناظم افندي مدير بلدة أحباب الرجل الفاضل تقيِّ الله وأحد مشاهير الكلدان في آمد، ومعهما الطفلة الصغيرة إبنة صهرهم يوسف مغزل وهي في مطلع عامها الحادي عشر، وفي الطريق قتل العسكر مريم، وإذ كانت كنتها شموني شابة خيَّروها فيما لو أرادت أن لا تموت عليها أن تجحد دينها، ولكنَّ هذه البطلة المنورة من الروح القدس، رَدَّت عليهم بإباءٍ وسخرية: أفضل الموت مع حماتي على أن اجحد مُعتقدي، وأعيش بينكم أنتم برابرة العصر سفاكي دماء البشر الزكية. ولما لم تنفع معها كُلُّ ملاطفاتهم المشوبة بتهديداتهم، أقدموا على ذبحها وتقطيع جسدها الغظ بالسكاكين والخناجر بطريقة وحشية ورموا جثتها على قارعة الطريق. واحتفظ القتلة بالطفلة الصغيرة وجاءوا بها الى المدينة، وبعد حين رأتها "ملكه" والدتُها، فافتدتها وأتت بها إلينا، وتوثيقنا لهذه الأحداث هو نقلاً عنها. ولم تمضِ إلا فترة حتى قدم القتلة الى المدينة جالبين فرس عبدالكريم وسلَّموها لأخته ملكه الآنفة الذكر مع بعض الأثاث والمقتنيات، ولكنَّ الأمر المُستغرب جداً، تُرى، لماذا لم يقتسم القتلة تلك الأثاث والمقتنيات بينهم، في الوقت الذي لم يكن هنالك مَن يُطالبهم بها، أليس ذلك ما يدعو الى العجب؟
العصابة المجرمة من المسؤولين العثمانيين القتلة التي أجرمت بحق مسبحيي نصيبين  والقرى المجاورة لها، كانت تتألف من رفيق افندي بن نظام الدين وقداور بيك بن علي بيك وسليمان افندي مجر، وثلاثتُهم من وجهاء ماردين الغارقين تزمُّتاً بلإسلام الحاقدين على المسيحيين، أبدى لهم المُساعدة في تفيذ أفعالهم الإجرامية الحاج ابراهيم رئيس الحصن وشاكر بيك والحاج كوزي أحد رؤساء ماردين، قام هؤلاء في منتصف حزيران 1915م بتوجيه رجالهم لجمع جميع الرجال المسيحيين وإلقائهم في السجن، واستثنوا منهم اليعاقبة حيث أطلقوا سراحهم. في 28 حزيران تمَّ جمع النساء والأطفال وحُجروا في هيكل دير مار يعقوب اسقفها الأول الشهير ((  إنَّ هذا الدير يعود للكلدان استولى عليه اليعاقبة المونوفيزيون عن طريق رشوهم للمسؤولين الأتراك بمبالغ طائلة،  فانتزعوه من الكلدان وسلَّموه إليهم، وقد أشار الى ذلك البطريرك مار يوسف السادس اودو برسالته الموجهة الى مطران الجزيرة الكلداني بولس هندي في الرابع من أيار 1866م، يحثُّه ومطارنة الكلدان الآخرين في تركيا للتفاوض مع اليعاقبة المونوفيزيين لإسترداد ملكيته، وهذا هو ديدن اليعاقبة المونوفيزيين في ايقاعهم بالكلدان واستيلائهم على كنائسهم وأديرتهم منذ عهد الفرس الساسانيين)) وبعد ذلك قدم العسكرُ ففرزوا الأطفال عن امهاتهم اللائي أُخِذن الى حيث ذُبِح أزواجهنَّ وذُبِحن كما تُذبَح النعاج، فاختلطت دماؤهن بداء أزواجهنَّ الداهرة. أما الأطفال فنقلوا الى ميدان سباق الخيل وهم مربوطون بالحبال وطرحوا أرضاً، جاعلين منهم مَداساً لحوافر الخيل، حيث تسابقت في تفتيت أجسادهم الغظة التي تَمَّ إحراقها بعد ذلك.
وبعد الإنتهاء من تصفية مسيحيي نصيبين رجالاً ونساءً وصبية وأطفالاً، استدعت الهيئات العليا المسؤولين عن تلك المذابح الذين أتينا على ذِكر أسمائهم آنفاً، وأمروهم بتمشيط قرى الأشيثييين القائمة بغالبيتها على سفح جبل الإيزل بهدف القضاء على ساكنيها اليعاقبة المونوفيزيين المتكلمين باللغة السوادية، وقد علم بالمكيدة المدبرة ضِدَّهم سكان قريتين أو ثلاث قرى، فلاذوا بالفرار صوب البرية حيث سنحت لهم فرصة للنجاة، أما سكان بقية القرى فقد سُلبت كافة ممتلكاتهم من قبل المجرم  سليمان افندي مَجَر احد أعضاء عصابة القتل المار ذِكرُهم قبل أن ينالهم سيف الإضطهاد، حيث خرج وتجوَّل في تلك القرى متظاهراً بأنَّه مسيحي ويسعى الى إنقاذهم من الخطر، فانخدعوا بمظهره وكانوا من السذاجة والبساطة بحيث لم يبخلوا عليه بإغداعهم عليه مقتنياتهم  وحتى مصوغات نسائهم، وما زادهم الوثوق به هو تحدُّثه معهم بلغتهم وبين حين وحين يرسم علامة الصليب على وجهه بطريقتهم، بالإضافة الى عدد الأوشمة المختومة على ذراعيه التي أوحت لهم بأنه مقدسي أي أحد زوّار الأراضي المقدسة. وبعد انطلاء حيلته الخبيثة عليهم واستيلائه على كُلِّ ما يملكونه من ذهبٍ ومقتنيات، قفل راجعاً مصحوباً بقردو بيك والعديد من الرجال الكُرد والعرب، ولم يلبثوا أن أوقعوا بأولئك المساكين البسطاء فتعرَّضوا لمذبحةٍ دموية كبيرة، أودت بحياة معظمهم عن طريق الذبح وإلقاء جثثهم في العراء طعاماً لوحوش البَر ولكواسر الطيور.
يقول المؤلف مار اودو، بأنه كتب ما تقدَّم ذِكرُه نقلاً عن لسان الياس ماراني الأرمني الكاثوليكي، الذي استمع الى روايته ودوَّنها بأمانة. إنَّ الياس هذا كان قد سبق وأن اعتُقِل ثلاث مرّات وامتثل أمام المحكمة العسكرية في آمد "دياربكر" وفي الآخر، تحرَّرَ من السجن وعاد سالماً الى داره في نصيبين. أما لماذا لم يُستثنى يعاقبة ضواحي نصيبين من سيف القتلة على غِرار تخلُّص يعاقبة نصيبين، فكان أنَّ اهل القرى لم يجحدوا دينهم المسيحي ولم يعترفوا بمحمد نبياً كما فعل الماردينيون اليعاقبة، ولذلك تعرَّض الكثير منهم للقتل بالإضافة الى نهب وسلب أموالهم وممتلكاتهم.
وبالنسبة الى مدينة دارا، فلم يتعدَّ ساكنوها على اثنتَي عشرة عائلة مسيحية وكُلُّها من طائفة الأرمن الكاثوليك، أما بقية السكان فكانوا أكراداً، ففي العاشر من حزيران 1915م، قام أكراد دارا باقتياد أبناء مدينتهم من الأرمن الى خارج المدينة، وذبحوهم جميعهم، رجالاً ونساءً وأطفالاً ورموا جثثهم في الجب.
مقتل مسيحيي مدينة ميدِيات وضواحيها
في الصفحات (84 – 88) من كتابه الآنف الذكر في بداية هذه الحلقات، يستمرُّ المطران الكلداني اسرائيل اودو التحدُّث حول اضطهاد مسيحيي ميدِيات المدينة القابعة في صدر جبل طورعبدين، تقع الى شمال شرقيِّ ماردين على مسافة مسيرة يومَين منها. غالبية سكانها من اليعاقبة المونوفيزيين، يتكلمون لهجة سوادية، ويتعدى عددُ دورهم الألف والمِئتَين، ثمانون بيتاً من ساكني القرى المجاورة انفصلوا عنهم بعد نبذهم لمذهبهم المونوفيزي وتحوُّلهم الى المذهب البروتستانتي، أما عدد الكلدان الساكنين فيها فكان ثلاثمائة فردٍ، الى جانب عددٍ قليل من الأرمن الكاثوليك والسريان الكاثوليك.
يقول مار اودو، ولحاجة أبناء الكلدان المُقيمين في ميدِيات، لبَّينا طلبهم  وأرسلتُ لهم في صيف عام 1910م الكاهن  القس كوركيس بن يوسف عبدالأحد من آل بهلوان، كنتُ قد رسته حديثاً، ليُقدِّم لهم الخدمات الروحية وكذلك  لأفراد البيوت السبعة  الكلدانية مُضافاً إليها ثلاثة بيوت يسكنها يعاقبة مونوفيزيون، يعيشون جميعاً  مع  المجتمع الكردي في "كفر جوز" المكوَّن من 500 بيت، والقرية المذكورة هي قرية كبيرة تقع الى الشمال من ميدِيات، وقد قام بخدمتهم بكُلِّ غيرة وهمة، وقد لبّى مطلبنا بتأسيسه مدرسة في ميدِيات متكفلين نحن بنفقتها، احتوت اكثر من  اربعين طفلاً من الأطفال المُشرَّدين في الشوارع. وقد ابدى اليعاقبة رغبتهم في إرسال  أولادهم للدراسة فيها، إلا أنَّ ضيق المدرسة حال دون تحقيق رغبتهم. واستمرَّ ت  هذه المدرسة في تعليم الأطفال وتثقيفهم حتى بداية شهر حزيران 1915م الذي فيه إتَّقدت شرارة نار الإضطهاد، وفيما كانت في ماردين  يُرحَّل المسيحيون بقوافل متعاقبة، تسرَّبت إلينا أخبار متضاربة من ميدِيات، تُفيد بأنَّ قائمقام ميدِيات قد أصابته عدوى الإعتداء، فقام  باعتقال أكثر من مئة رجل كلداني وبروتستانتي وأرمني وسرياني كاثوليكي، وزجَّهم في السجن، وفي نهاية  حزيران  سيقوا جميعا الى خارج ميدِيات وقتِلوا.
وبعد ذلك دارت الدائرة على اليعاقبة المونوفيزيين، فطالبهم القائمقام بدري بوجوب قيامهم بتسليم كُلِّ ما بحوزتهم من الأسلحة، وكان ذلك كإجراءٍ تمهيدي للقضاء عليهم، فوقع الطلب عليهم وقع الصاعقة، حيث كانوا يعتقدون بأن القتل لا يشملهم، لكنهم الآن ايقنوا بأنَّ الخطر قد داهمهم، فاعتصموا في دورهم، وإذ بلغ القائمقام عدم امتثالهم لأمره بتسليم اسلحتهم، عزم على استخدام القوة ضِدَّهم، فاستدعى حنا اوسي أحد مشاهير يعاقبة ماردين الذي كان قد نظم عريضة الإسترحام  بحق يعاقبة ماردين الذين سُجنوا على غِرار مسيحيي الطوائف الأخرى،  مستغيثاً بنبي الإسلام الذي وصفه بالعظيم، فأشفقوا عليهم وأطلقوا سراحهم ( انظر في الصفحة 38 من كتاب المؤلف). ولدى مثول حنا اوسي أمام بدري القائمقام، أوفده الأخيرالى يعاقبة ميدِيات ليُقنعهم بتسليم أسلحتهم للسلطة، ولكنَّ مسعاه باء بالفشل.
وعلى إثر ذلك أرسل القائمقام  واستدعى كُلَّ رؤساء العشائر الكُردية القاطنة في ذلك الجبل، وطلب منهم مُهاجمة جميع يعاقبة ميدِيات وقتلهم لعدم انصياعهم لأوامر السلطات، ولما أحسَّ اليعاقبة بأنَّ الشرَّ قد غدا قاب قوسين منهم،  لم يضيِّع الكثير منهم الفرصة السانحة فعمدوا الى الهروب الى قريتي "بعيوندار وأنحل" الواقعتين كُلُّ منهما على أحد مُرتفعات طورعبدين واللتين يسكنهما اليعاقبة . أما القس الكلداني كوركيس يوسف بهلوان والبقية الناجية من جماعته الكلدانية فقد التجأوا الى قرية انحل وأقاموا فيها مدة سنتين. والذين لم يتمكنوا من الهرب لإنقاذ انفسهم فقد ظلوا داخل بيوتهم.
وفي منتصف تموز 1915م أحاطت القوات النظامية العثمانية بمدينة ميدِيات مدعومة بمزيج  من أبناء العشائر الكردية الحاقدة، وبدأت بفتح نيران أسلحتها على أهالي ميدِيات، وقابلها اليعاقبة المحاصرون في دورهم بنيران اسلحتهم دفاعاً عن النفس، لكنَّهم لم يصمدوا أكثر من اسبوع بسبب رجاحة كفة المهاجمين عدداً وسلاحاً، فاندحر اولئك المُدافعون الأبطال بعد أن قاوموا الأشرار حتى الرمق الأخير، فلما اطمأنَّ القتلة لصمت أصوات العيارات النارية المتجهة نحوهم من الداخل، هبوا ووثبوا على البيوت وأخرجوا جثث الشهداء سحلاً ورموها خارجاً، ثم أشعلوا النار فيها وأحرقوها. وكرّوا راجعين  الى البيوت لنهب محتوياتها  وتمشيط سراديبها بحثاً عن اللاجئين إليها من النساء والشيوخ والأطفال، فأخرجوهم وأبعدوهم عن المدينة وذبحوهم جميعاً  باستثناء الرضع. وتعرَّضَ يعاقبة قرى طورعبدين "حصن كيفا، مَعصَرتا، قَلَّت، بافدا، باني، دير العمر، دير الصليب، قسبرينا وكربوران وغيرها.
< يروي صاحب كتاب (جراحات في تاريخ السريان ص94 – 108) عن كبر وسعة قرية كربوران  حيث يقول: كان غالبية سكانها من اليعاقبة المونوفيزيين ويُقَدَّر عددُ  دور ساكنيها بنحو 700، بينها خمسة بيوت تعود لمسيحيين كاثوليك، ونحو عشرين بيتاً للبروتستانت، وحوالي خمسين بيتاً للأكراد المتحدِّرين من خلفية مسيحية. كان لليعاقبة المونوفيزيين المسمين اليوم بـ"السريان الأرثوذكس" في هذه القرية مطران وسبعة كهنة. وجرت إبادة أهلها على النحو التالي  وباختصار شديد: صادف يوم عيد الدنح المقدس عندما طلب مصطفى أغا كربوران أن يقوم كُلُّ بيت من بيوت القرية بتموينه بحِملٍ من الحطب لتدفئة داره، وبسبب العيد أجَّل المطران تلبية طلبه الى اليوم التالي، فاغتاظ الأغا ولا سيما حين نقل إليه رُسُله كلاماً مُلفقاً لم ينطق به المطران، فنوى الأغا الإنتقام من أهالي القرية ومطرانهافي أقرب فرصةٍ سانحة، وجاءَته الفرصة أيام الحرب، فأمر بتحويل مجرى الماءعن القرية  الذي كان مصدر شرب أهاليها الوحيد، ولم تمُرَّ على هذا العمل الشنيع إلا ثلاثة أيام حتى قام بمهاجمة القرية فسيطر عليها وشرع بحرق بيوتها، وطالب بتسليم المطران، فخرج المطران بحسب قول شاهد عيان  يزأر بوجه الأغا يلعن دينه ومَن يتبعه، وللحال أمر الأغا عبيده أن يأخذوه الى السطح ثم يُلقوه الى الأسفل، فمات المطران  وتعرَّضَ الأهالي الى مجزرةٍ رهيبة>.
ويستطرد المطران اودو قائلاً: سألت يوماً مار كوركيس هندي الوكيل البطريركي لليعاقبة آنذاك، عن عدد القتلى من أبناء طائفته، فأجابني: سبعون الف نسمة!  إلا أنَّ الرقم مُبالغ فيه كثيراً، إذ إنَّ إجمالي عدد اليعاقبة في سوريا ومنطقة ما بين النهرين ، كان دون هذا الرقم. وللحقيقة التاريخية نقول: بأنَّ عدد قتلى اليعاقبة لم يتجاوز العشرة آلاف نفس في كُلٍّ من طورعبدين وضواحي ماردين.
مجزرة قرية كفر جوز  
كانت قرية كفر جوز قرية عامرة، غالبية سكانها أكراد يُقدَّرُ عددُ بيوتهم ب"500 بيت" بينها عشرة دور للمسيحيين، تعود سبعة منها للكلدان وثلاثة لليعاقبة، كان يُديرها المارديني "جلال رومي بن حسن المتولي " وقد أثبت أنَّه كان أحد سفاحي الإضطهاد الظالم الذي تعرَّضَ له مسيحيو تركيا سكان البلاد الأصليون على أيدي الغزاة الموغلين بارتكاب القتل والإجرام. فعلى يد هذا المجرم السفاح جرت مجزرة ذبح هذا القطيع المسيحي الصغير والبريء المتجذر في كفر جوز منذ زمن سحيق، حيث أمر في العشرين من تموز 1915م بتجميع أفراد البيوت المسيحية عنده وكأنهم خراف مُعدّون للذبح. وإذ علم اولئك  الأتقياء الأبرياء الغاية من جمعهم، أخذوا يُشجعون واحدهم الآخر قائلين: " فلنمُت من أجل المسيح الذي مات من أجلنا " فهبَّ شابٌّ من بين ذلك الجمع ورفع صوته عالياً وهو يقول: أنا حَمَل المسيح! فلما سمع المجرم جلال رومي هذا الكلام، قال: مَن هو هذا المتجاهر بتسمية نفسه "حمل المسيح"؟ فقام الشاب واقترب من جلال قائلاً له: أنا هو. فأخذ الغضب من المجرم جلال مأخذه من جرأة الشاب! فسحب مُسدَّسَه وصوَّبه نحو الشاب الماثل أمامه، فما كان من الشاب إلا الكشف عن صدره متحدياً مُهدِّدَه وقائلاً: إضرب حَمَلَ المسيح ولا تتردَّد. فازداد المجرم جلال غيظاً وأطلق النار على الشاب فأرداه قتيلاً، فسقط أمام إخوته مضرَّجاً بدمائه الطاهرة وهي تتفجر كتفجر مياه النبع، وطلب الجاني بإخراج هذا الشهيد الذي كان الأول بين هذا القطيع الصغير  بالظفر باكليل الشهادة.
أما بقية أفراد القطيع رجالاً ونساءً وأطفالاً من غير الذين تمكنوا من الهرب في ليلةٍ سابقة، فقد اقتادهم القتلة الى خارج القرية، وبعد أن ساروا بهم مسيرة ساعةٍ واحدة ، وقبل أن يُجهزوا عليهم بالسيوف والسكاكين خيَّروهم بين نبذ دينهم والتحول الى الإسلام، ولكن لم يكن هناك من استجاب لرغبة السفاحين أعداء الإنسانية  المُخادعين المتعطشين الى سفك دماء الأبرياء فذبحوهم جميعاً. والعدد الإجمالي للذين قتلوا من جماعتنا الكلدان في ميدِيات وكفر جوز وباني "50 فرداً".   أما مصير المُجرم جلال رومي، فقد فُصل من وظيفته، وصار منبوذاً وراح يتسوَّل في الشوارع منذ الصباح حتى المساء، وبالكاد يحصل على ما يسد به رمقه من فتاة الخبز، فأخذ العذاب ينخر جسده فنحل  وذبُل من الجوع، فمات وهلك، وهكذا فإن الجالس في العلاء يُمهل ولا يُهمل. والى الحلقة السادسة قريباً
الشماس د. كوركيس مردو



اضطهاد العثمانيين لمُـواطني الكلدان والسريان بشقّيهم عام 1915م الحلقة الأولى- الحلقة التاسعة Kawmiya2
من يقف في صف كنّا وآغجان فأنه مشارك في تهميش وإستلاب حقوق الكلدان

يونادم كنّا وآغاجان كفتا ميزان لضرب مصالح مسيحيي العراق ولاسيما الكلدان

من يتعاون مع كنّا وآغجان فكأنه يطلق النار على الكلدان

To Yonadam Kanna & Sarkis Aghajan

You can put lipstick on a pig but it is still a pig

To Kanna & Aghajan

IF YOU WANT TO REPRESENT YOUR OWN PEOPLE,
YOU HAVE TO GO BACK TO HAKKARI,
TURKEY & URMIA, IRAN


اضطهاد العثمانيين لمُـواطني الكلدان والسريان بشقّيهم عام 1915م الحلقة الأولى- الحلقة التاسعة 7ayaa350x100
اضطهاد العثمانيين لمُـواطني الكلدان والسريان بشقّيهم عام 1915م الحلقة الأولى- الحلقة التاسعة Images


ياوطني يسعد صباحك
متى الحزن يطلق سراحك
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
كلداني
(داينمو الموقع)
(داينمو الموقع)
كلداني


اضطهاد العثمانيين لمُـواطني الكلدان والسريان بشقّيهم عام 1915م الحلقة الأولى- الحلقة التاسعة Uouuuo10
اضطهاد العثمانيين لمُـواطني الكلدان والسريان بشقّيهم عام 1915م الحلقة الأولى- الحلقة التاسعة Awsema200x50_gif

اضطهاد العثمانيين لمُـواطني الكلدان والسريان بشقّيهم عام 1915م الحلقة الأولى- الحلقة التاسعة Tyuiouyاضطهاد العثمانيين لمُـواطني الكلدان والسريان بشقّيهم عام 1915م الحلقة الأولى- الحلقة التاسعة Ikhlaas2اضطهاد العثمانيين لمُـواطني الكلدان والسريان بشقّيهم عام 1915م الحلقة الأولى- الحلقة التاسعة Goldاضطهاد العثمانيين لمُـواطني الكلدان والسريان بشقّيهم عام 1915م الحلقة الأولى- الحلقة التاسعة Bronzy1اضطهاد العثمانيين لمُـواطني الكلدان والسريان بشقّيهم عام 1915م الحلقة الأولى- الحلقة التاسعة Shoker1

البلد : العراق
مزاجي : احب المنتدى
الجنس : ذكر
عدد المساهمات : 8512
تاريخ التسجيل : 16/06/2010
الموقع : في قلب بلدي المُحتَل
<b>العمل/الترفيه</b> العمل/الترفيه : طالب جامعي

اضطهاد العثمانيين لمُـواطني الكلدان والسريان بشقّيهم عام 1915م الحلقة الأولى- الحلقة التاسعة Empty
مُساهمةموضوع: رد: اضطهاد العثمانيين لمُـواطني الكلدان والسريان بشقّيهم عام 1915م الحلقة الأولى- الحلقة التاسعة   اضطهاد العثمانيين لمُـواطني الكلدان والسريان بشقّيهم عام 1915م الحلقة الأولى- الحلقة التاسعة Alarm-clock-icon1/7/2023, 10:49 am

اضطهاد العثمانيين لمُـواطني الكلدان والسريان بشقّيهم عام 1915م الحلقة الأولى- الحلقة التاسعة WW2mruS
اضطهاد العثمانيين لمُـواطني الكلدان والسريان بشقّيهم عام 1915م الحلقة الأولى- الحلقة التاسعة Dr-Gorgees-Mardo
DrGorgees Mardo

30-6-2023
اضطهاد الكلدان والسريان بشقّيهم عام 1915م
الحلقة السادسة
ملاحقة مسيحيي ميدِيات الهاربين الى قريتي عين ورد وأنحـل
نختصر قدر الإمكان مُواصلة المطران اسرائيل اودو الحديث عن الذين سنحت لهم فرصة الهروب قبل بداية مجزرة ميدِيات في كتابه (ص 89 -  91) بأنَّ الكثير من مسيحيي ميدِيات غادروها ليلاً قبل هجوم قوات القائممقام بدري بيك، والتجأوا الى قريتي عين ورد وأنحل. ولما علم هذا المجرم السفاح بذلك امتلأ غيظاً وشعر بأن الهوان قد أصاب كرامته بإفلات قسمٍ من مسيحيي ميدِيات من قبضته، فأرسل في استدعاء رؤساء القبائل الكردية المحيطة بالقريتين، وأمرهم بأن يجمعوا رجالهم ويُهاجموا القريتين لإستئصال شأفة أهاليها بحد السيف، فلما تلقّى اؤلئك الأوباش تلك الأوامر ثار لديهم نار حقدهم الديني المكبوت ضِدَّ المسيحيين، فعادوا الى قراهم، وجمعوا كافة رجالهم القادرين على القتال، وحاصروا القريتين ناوين تدميرهما والقضاء على أهاليهما، ولكنَّ الأهالي صمَّموا على الدفاع عن أنفسهم، فحصَّنوا المداخل لصدِّ الأعداء، ونازلوهم بكُلِّ ما كان لديهم من أسلحةٍ نارية حتى نفذ لديهم العِتاد، فلجأوا الى صهر أواني الطبخ النحاسية، وصبوا من المصهورعتاداً ورموا به الأعداء، فكان تصديهم بطولياً أدى الى طرد اولئك الأعداء الذين شعروا بعجزهم عن قهر المسيحيين البواسل، قفلوا راجعين بعد شهرين من الحصار والقتال الشرس يصحبهم الفشل والخيبة، وتاركين وراءَهم العديد من جثث قتلاهم.
والمرءُ ليعجب من غباء القائمقام بدري، إذ لما سمع بتخاذل أشقيائه الأكراد أمام بسالة المسيحيين وصمودهم، وقبيل أن ينسحبوا، أرسل مَن يستدعي حنا اوسي المونوفيزي، ليقوم بإقناع جماعته أهالي القريتين بتسليم سلاحهم للسلطات، لكي يسلموا على حياتهم، بيدَ أنَّ مسعاه هذا لم يكن أفضل من المسعى الأول الذي بذله في إقناع أهالي ميدِيات، فخزي مرَّتين أمام القائممَقام ذي الرغبة الشريرة والدنيئة.
أما ما كان من أمر القس كوركيس بهلوان الذي استطاع الهرب مع الهاربين باذلاً في سبيل ذلك جهداً كبيراً، فقد نال منه الجوع والعطش والعري، ومن جراء ذلك اشتدَّ عليه المرض، ورغم ذلك أمضى سنتين تحت ثقل تلك المصائب العاتية، وبتوقف مآسي القتل والذبح عاد مع العائدين الى ميدِيات، ولكنَّ المصائب لاحقته والتجارب فأجأته، وبسبب زجره لبعض النسوة الساقطات، إتَّهمنه لدى العساكر ظلماً بالتجسُّس، وبسبب هذه التهمة اودع السجن، ونقل الى سجن ماردين في 23  آذار 1918م وبعد 3 ايام سُلِّم بعهدة مأمور ليأخذه الى آمد ليُحاكم أمام محكمةٍ عسكرية هناك، فالتمسنا المأمور أن يبقيه عندنا ليلة ما قبل السفر الى آمد، استجاب المأمور فوعدناه بمكافأة على معروفه فيما لو حمل إلينا رسالة من الكاهن لدى عودته، فوفى بوعده وبدورنا وفينا بوعدنا، وما كنا لنفعل ذلك لولا حرصنا على حياة الكاهن  المُعرَّضة للخطر. وفور أن وصل الى آمد، أُلقي في السجن، وقبع فيه سبعة أشهر، عُذَّبَ خلالها وأهين كثيراً وشُتم وضُرب من قبل مسؤولي السجن الأكراد الأثمة.
وبعد مثوله مراراً أمام المحكمة للإستجواب، تمَّ أخيراً إطلاق سراحه بوساطة مطران آمد مار سليمان صباغ المُكرَّم بأعماله الجليلة وأتعابه الكثيرة. لم يتوانَ عن إرسال الطعام يومياً للقس كوركيس طوال فترة احتجازه في السجن.  وفي أواخر تشرين الأول 1918م عاد الى ماردين بسلام. وما لبث أن داهمه مرض شديد كنتيجةٍ حتمية لِما قاساه من ضيقات وآلام كاد يؤدي به الى الموت. واستمر على تلك الحال زهاء شهر، وبفضل العناية الإلهية وجهود الأطباء الكبيرة الذين استقدمناهم لعلاجه، تمَّ شفاؤه باكامل! فعاد الى ميدِيات وبقي فيها حتى شهر نيسان 1919م، ونزولاً عند رغبة والديه المُلحة، ألزمناه بالذهاب الى حلب لزيارتهما ليطمئنَّا عليه وبدوره يطمئنَّ هو عليهما. وبعد مكوثه لديهما مدة شهرين، عاد بأمرنا الى ماردين ليخدم في كنيستنا. فشمَّرَ عن ساعده في خدمة الفقراء معتنياً بهم ومتفقداً المرضى ومقدما الرعاية للأيتام والأرامل، ولكن الشرير لا يبقَ متفرجاً على فاعل الخير، فأثار عليه شكري بيك رئيس فرع الجيش، فقرَّر إلقاء القبض عليه، وما إن شعرنا بهذا الأمر الظالم، حتى طلبنا من القس كوركيس بهلوان مغادرة ماردين في الحال والفرار الى حلب عند والديه وذويه، فترك ماردين متخفياً ليلة 11/11/1922م، ووصل الى حلب بسلام بعد إفلاته من تفتيش حرس الحدود.
مقتل مسيحيي القرى المحيطة بماردين
وفي الصفحات (92 – 101) من كتابه يروي المطران اسرائيل اودو قسوة الإضطهاد والقتل الذي شمل المسيحيين من سكان القرى العديدة المحيطة بماردين وهم من المذهب المونوفيزي اليعقوبي، إلا أنَّ بعضاً من سكان قرية "مراة" القريبة جداً من ماردين حيث تقع الى الشرق منها على مسير نصف ساعة فقط. ترك بعض سكانها المونوفيزية واعتنقوا الكثلكة ومنهم مَن تحوَّل الى البروتستانتية. أما قرية "بنيبيل" فتقع أيضاً الى الشرق من ماردين ولكنَّها تبعد عنها مسيرة ثلاث ساعات، وهنالك قرية "المنصورية" تقع الى الغرب من ماردين وتبعد عنها مسيرة نصف ساعة،  وتبعد عنها " قلعة ماردين" بمسيرة نصف ساعة أيضاً. وهناك الى الشمال من ماردين وعلى مسيرة ثلاث ساعات تقع قرية "كوليا أو القصور"، والى الغرب الجنوبي من ماردين تقع قرية "الإبراهمية"، أما قرية "تل الأرمَن" فتقع الى الجنوب الغربي ويسكنها 300 بيت جُلَّهم من الأرمن الكاثوليك، من ضمنهم 15 عشر بيتاً من الكلدان. وفي خِضمِّ الأحداث الحثيثة التي كان من خلالها يُجلى ويُقتل مسيحيو ماردين، ما كان سكان هذه القرى في منجىً من سفك الدماء والسلب والسبي ومختلف أنواع الظلم.
كان عددُ سكان قرية قلعة "مراة" مائتا بيتٍ، لم يبقَ منها إلا سبعة بيوت، والذين لم يطلهم الموت، فقد أُبعِدوا الى خارج الحدود باتجاه الجنوب. أما قرية "المنصورية" فكانت تسكنها مائتا عائلة، يعود أبناؤها بجذورهم الى اسلافهم القدماء الذين سكنوا هذه القرية منذ زمن قديم جداً، قُضيَ على معظمهم، والناجون منهم التجأوا الى مدينة ماردين، ولكنَّ غالبيتهم فضلوا النزوح عنها  والهروب الى الى خارج حدوده الدولة التركية. ولا يسكنها اليوم إلا بضعة من العوائل الكردية تنتمي الى عشيرة واشيات. كان يسكن قرية "كوليا أو القصور" ما يزيد عن (300 بيت) تعرَّضَ للقتل ثلثُ سكانها، وهرب ثلثُهم الآخر خارج الحدود، والباقي فيها ما يُقدَّر بالثلث. وكانت تعيش ضمن سكانها جماعة كاثوليكية مكونة من (25 بيتاً) لديهم كنيسة كبيرة مبنية من الحجر، يُقدِّم لهم الخدمات الكنسية  كاهن من الرهبنة الأفرامية، لم يبقَ منهم سوى اربعة بيوت بدون كاهن، حيث عبر الباقون الى خارج الحدود.
أما قرية "تل الأرمن" فكان جميع سكانها من الأرمن الكاثوليك يتبعون كُرسيَّ مطرانية ماردين، وكانت تُشاركهم العيش خمس عشرة عائلة كلدانية، بدأ اضطهادهم في البداية باعتقال وجهائهم بضمنهم كاهنين هما القس انطون احمراني والقس ميناس، اقتادهم القتلة المجرمون نحو قرية شيخان التي تحوي رفاة شهداء المجموعة الأولى، وفي تلك البراري قتلوا اكثر من مِئتي شخص. والتجأ الرجال الباقون والنسوة والفتية والصبايا والأطفال الى الكنيسة المُشيدة على اسم مار كوركيس منحشرين قيها وقد ضاقت بهم لكثرتهم. وهناك اجتاحتهم عساكر الإضطهاديين القادمة من ماردين، وأعملوا فيهم السيف والسكاكين، ذبحاً وتقطيعاً وبمنتهى العصبية والحقد الدفين دون أن يأبهوا بصراخ وعويل الضحايا الذي طال عنان السماء واهتزَّت له اسس الكنيسة، فكانت مجزرة مُرعبة تفنَّن بها السفاحون حتى كَلَّت ايديهم الآثمة، وتدفقت دماء الشهداء الأبرياء كالنهر الجارف عابراً من باب الكنيسة وغامراً ساحتها، وتكدَّست الجثث والأشلاء بعضها فوق بعض، وبعد أخذ القتلة قسطاً من الإستراحة، عادوا الى داخل الكنيسة وسحلوا الجثث الى خارجها وجعلوها أكداساً، ثمَّ صبّوا عليها النفط وأوقدوا فيها النار، فصعد دخان احتراق الجثث كعمود كثيف يشكو العمل الإجرامي أمام العدل الإلهي الذي نفذته الوحوش البشرية، وبعد انتهاء المُحرقة، قام المجرمون بجمع الرماد والعظام التي خلفتها النار ورموها في مكان قريب من القرية.
لقد دوَّنا هذه الأحداث كما رواها لنا بعض أهالي قرية "تل ارمن" الذين كُتب لهم البقاء على قيد الحياة، فنجوا من هذه المجزرة الرهيبة البشعة، وعادوا إلى قريتهم بعد هدوء العاصفة وتبدد الغيوم القاتمة ببزوغ نور السلام على المعمورة. ومن جملة العائدين عدد قليل من الرجال والنساء والأطفال والأرامل والأيتام، حيث تمكَّنوا حينها الهرب الى مناطق يسكنها العرب، فاحتموا بين ظهرانيهم، كما احتمى آخرون لدى الشركس. لم يتجاوز عدد هؤلاء العائدين على ستٍّ وعشرين عائلة، باشروا من جديد فلاحة اراضيهم وزراعتها، ومكثوا فيها حتى عام 1929م، إذ في هذه السنة استولت السلطات التركية على حقولهم وعقاراتهم ومنازلهم، ونفتهم خارج البلاد باتجاه الجنوب.
مقتل مسيحيي الجزيرة والقرى التابعة لها
ويستطرد مار اودو بسرد احداث الإضطهاد العثماني حيث يقول: الجزيرة"بيث زبداى" مدينة صغيرة بناها العرب من أتباع معاوية (ويقصد به الخليفة الأموي معاوية بن أبي سفيان 661 – 680م) وذلك في النصف الثاني من القرن السابع الميلادي. تقع بين الجبال على ساحل دجلة الغربي. في موسم الربيع كثيراً ما يفيض نهر دجلة فتتدفق مياهه هائجة خارج مجراه باتجاه ناحيته الغربية، محيطة بالمدينة من كُلِّ جهاتها مشكلة ما يُشبه الجزرة، ولذلك سُمِّيَت بـ"الجزيرة" تتميَّز بمناخ حار جداً في الصيف، ويُقال بأنَّ سفينة نوح كانت قد رست على قمة الجبل بجانبها من ناحيتها الغربية. غالبية سكانها من الأكراد يتكلمون العربية الى جانب لغتهم الكردية، يبلغ تعداد سكانها زهاء الألف عائلة، من ضمنهم مائتا عائلة مسيحية من الكلدان واليعاقبة وعدد قليل من الطوائف الأخرى.
في السنوات الأخيرة كانت جماعة من المونوفيزيين اليعاقبة قد تحوَّلت الى الكثلكة، فتطلَّب ذلك أن يكون لهم اسقف، ففي عام 1913م رسم لهم اسقف باسم مار فلابيانوس ميخائيل ملكي، أصلُه من قرية "قلعة مراة" المجاورة لمدينة ماردين. وكانت تُحيط بمدنة الجزيرة ما يربو على (18 قرية) يبلغ عدد سكانها بما يزيد عن ستة آلاف واربعمائة نسمة، وهم جميعاً من أبناء امتنا الكلدانية. في داخل مدينة الجزيرة كنيسة قديمة مشيَّدة على اسم الشهيد مار كيوركيس، وبالقرب من المدينة دير باسم الأخوين مار أحّا ويوحنا. وارتأى اسقف الجزيرة آنذاك السعيد الذكر مار يعقوب اوراهم مَنّي بناء كنيسة جديدة على انقاض تلك القديمة، وباشر بوضع الأسس وارتفعت الجدران، غير أنَّ الإضطهاد الذي نحن بصدده حال دون اكتمالها، لا بل أدى الى زوالها واندثارها هي وتلك القديمة التي أريد إقامة الجديدة على انقاضها.
كانت نعرة اضطهاد المسيحيين لم تبقِ ذرة من الشهامة والرحمة في قلوب مُسيِّري الإضطهاد ومنفذيه، فقد قام خِدِر كوميري رئيس حامية ماردين في منتصف شهر آب 1915م بإرسال أخيه سِلـّو مبعوثاً عنه، الى رؤساء الجزيرة ليؤنبهم وفي الوقت ذاته ليُثير فيهم الحمية للقيام بقتل النصارى الساكنين بين ظهرانيهم حيث بدأ يقول لهم: ما بالكم لحد الآن لم تُقدِموا على قتل التصارى المقيمين حواليكم وبينكم  كما فعلنا نحن والآخرون غيرنا وفي كُلِّ المناطق؟ أسرعوا إذاً ولا تتهاونوا، فإنَّها فرصتنا للإنتقام من أعدائنا ولإبادة مُبغضي ديانتنا. فلنجتثَّ جذورهم من أرضنا ووطننا. (إنَّه منطق الإسلام والمُسلمين الأهوج، نزع الإسلامُ عن معتنقيه والمُبتلين به قسراً كُلَّ الصفات الإنسانية، وجعل منهم وحوشاً بأشكال بشرية، استولوا على بلدان الغير بالسيف! وبالسيف فرضوا عليهم الإسلام، والرافض يُجبر على دفع الجزية، وإن امتنع يُقتل! إنَّ ديناً هذه مبادئه لا يمكن أن يدوم في عصر النور، ولا بدَّ له أن يزول ولكن متى...؟)
فلما سمع  رؤساء الجزيرة ما نطق به مبعوث رئيس حامية ماردين، هبّوا مسرعين وكأنهم استفاقوا من سبات طويل عميق، فبادروا فورا بالذهاب الى القائممقام وأطلعوه على الأمر، فلم يُخفِ القائممقام ابتهاجه به، وكأنَّه كان بانتظار ذلك منذ زمن بعيد. فأرسل وعلى الفور مستدعياً طغاة الأكراد، وأمرهم بضرب اهالي القرى المسيحية كُلِّها بحد السيف، ولا يستثنوا من ذكورها أحداً ايّاً كان. وكان أمر سيران ايقاد نارالإضطهاد ضِدَّ مسيحيي الجزيرة والقرى التابعة لها كسيران النار في الهشيم، وما إن انتشر الخبر الجائر بين مسيحيي المدينة والقرى، وما سينتج عنتطبيقه من مآسي، حتى سارع مَن تمكَّن منهم الى الفرار ليلاً نحو أماكن بعيدة عن الخطر، وقد وصل الكثيرون الى الموصل  وقراها بحالةٍ يُرثى لها جوعى وعطشى ومتعبين. أما الذين لم يسعفهم الهرب ليلاً، فقد طالهم سيف الشرِّ والعِدوان، وكان صراخ المُضطهَدين من اجل اسم المسيح يُمزِّق أجواء الفضاء، واكدسَّت المدينة والقرى بجثثهم العارية، ذُبِح الصبيان فوق الصخور وانتزع الأطفال والرضع عن صدور امهاتهم وذبحوا، انتُهِكت البتولات في وضح النهار، واغتُصِبت الشابات عنوةً! ولم يسلم من المجزرة الرهيبة إلا مَن سنحت لهم فرصة الهروب واللجوء الى المغاور والكهوف، ولدى خروجهم منها بعد حين، كان منظرهم كعيدان نال منها الإحتراق ومتكسِّرة كتكسُّر الزروع والكروم عند تعرُّضها لسقوط حبّات البرد.  ولم تصل نيران هذا الإضطهاد البشع الى قرى الهوز، هربول، مير، وآزخ.
( بينما نشرت مجلة "حمورابي" التي تُصدرها الجمعية الكلدانية الآشورية في فرنسا بعددها 21 – 22 لعام 1999م سيرة القس يوسف عدلوني الهربولي، حيث ذكرت ضِمنها: بأن والد القس يوسف المذكور وعشرة رجال آخرين من قريته هربول قد طالتهم ايدي القتلة وكان استشهادُهم في الثاني عشر من تموز 1915م، وإنَّ اسماءَهم وردت في السيرة. وعلى إثر ذلك اضطرَّ اهالي هربول للهرب واللجوء الى بعض القرى الآمنة ومن ضمنها قرى عراقية. وعندما استقرَّت الأوضاع عادوا الى قريتهم.)
شرع المُضطهِدون الأشراربإلقاء القبض على الأساقفة، وهم مار يعقوب اوراهم منّي مطران الجزيرة على الكلدان ومار ميخائيل ملكي  مطران السريان الكاثوليك، أما مطران المونوفيزيين اليعاقبة مار بهنام عقراوي، فقد سنحت له فرصة الهروب الى آزخ ليلاً. وشمل إلقاء القبض على كهنة الكلدان والسريان وهم كُلُّ من: القس حنا والقس مرقس والقس ايليا من كهنة الكلدان. ( بيد أنَّ الخوري يونان بيداويذ نظم مرثاة وثق فيها قساوة المضطهِدين تتألف من 259 بيتاً، وكُلُّ بيت منها بأربعة مقاطع، أشار فيها بأنَّ عدد الكهنة الكلدان كا إثني عشر كاهناً دون أن يذكر اسم أيِّ واحد منهم، إلا أنَّ المعمرين من أهالي قرية اشي يذكرون بأنَّ القس يوسف يلاب من أهل قريتهم، كان احد الكهنة الإثني عشر الذين استشهدوا). أما القس شمعون والقس بولس فكانا من السريان الكاثوليك.
القوهم جميعاً في السجن، وفيه استشهد الأسقفان على يد المارديني المجرم المدعو عبدالعزيز جاويش، حيث طعن بخنجره الأسقف الكلداني مار يعقوب اوراهام منّي إحدى عشرة طعنة، أما مطران السريان الكاثوليك مار فلابيانوس ميخائيل ملكي، فقد أطلق عليه رصاصتين بقط فأرداه قتيلاً، وهكذا فاضت روحاهما الطاهرتان الى الرب خالقهما ومخلصهما. وإنَّ جماعة من اليهود المعروفين ببغضهما وكُرههما الشديدين للكاثوليك، جاءوا واستلموا جثتي المطرانين الشهيدين، ربطوا رجلي كُلٍّ منهما بالحبل وسحلوهما في شوارع وساحات المدينة، ثمَّ أخرجوهما من المدينة ورموهما على شاطيء دجلة وتركوهما عريانين، طعماً للكلاب السائبة وأبناء آوى والغربان الجارحة.
يقول المؤلف المطران اسرائيل اودو، بأنَّه كتب ما جرى للمطرانين الجليلين في نهاية المطاف نقلاً عن لسان عبدالله سليمان الموصلي فقد روى لي لدى لقائي به في الموصل حادث استشهادهما حيث قال: بأنَّه قد شاهد الحادث بام عينه أثناء مروره بالجزيرة عام 1915م كان مشهداً بشعاً يعجز البرابرة عن فعله. وبعد هذا الفعل المُقرف بحق المطرانين الطاهرين، عاد المُجرمون القتلة، فتلقَّفوا الكهنة الأفاضل، وأساموهم أصناف الإهانات والعذاب من بصقٍ بوجوههم ونتف شعر لحاهم وركل بطونهم بأرجلهم، وكسر عظامهم وتهشيم جماجمهم حتى قضواعليهم، فسحلوهم الى خارج المدينة وكأنَّ غليلهم لم يشفَ، إذ كانت المسبات والشتائم وكلمات السخرية والإستهزاء تخرج من شفاههم القذرة، ثمَّ القوهم عراة في القفر طعاماً للكلاب السائبة والطيور الجارحة. تُرى، الى هذا الحد يبلغ ظلم الإنسان الى نظيره الإنسان لمجرَّد اختلافه عنه بالدين؟ كيف يتشدَّق المسلمون بقولهم أن دينهم دين تسامح ورحمة؟ هل التسامح والرحمة يتجسدان بالقتل على الهوية الدينية؟ ما ابشع البربرية في طغيانها واستعلائها الفارغ وكبريائها الكاذب!
وفي نهاية آب لعام 1915م قام السفاحون ثانية بمداهمة دور المسيحيين، وألقوا القبض على الرجال الذين لم يحظوا بهم في المداهمات السابقة، وزجوهم بالسجن وشرعوا بتعذيبهم، وبعد يومين اقتادوهم الى خارج المدينة وذبحوهم للآخر ورموا بجثثهم في القفر. وإذ لم يشفى غليل القتلة بهؤلاء، أعادوا الكرَّة في بداية ايلول 1915م وراحوا يُلقون القبض على النساء، فأخرجوهنَّ من بيوتهنَّ وطوردنَ كما تُطارد من أعشاشها، وللمزيد من السخرية قاموا بعرضهنَّ في الأسواق والطرقات وهنَّ منزوعات الملابس فرجة للملأ، كان البكاء يخنق العفيفات وعلى صدورهنَّ أطفالهنَّ، وبشجاعةٍ مدهشة يهرعن لإستقبال الموت، وهنَّ يقدِّمن أعناقهنَّ لسيوف الجلادين الأثمة،  في سباق للفوز باكليل الشهادة عنوان العبور الى فردوس السعادة الأبدية. وعند منصات الذبح كان السفاحون السفلة من الأكراد وأبناء المدينة الأوغاد مجتمعين وفي ايديهم مختلف الأسلحة من سيوفٍ وحِرابٍ وخناجر وسكاكين وقضبان حديدية، وحال وصول النسوة من كُلِّ الفئات العمرية، هجموا عليهنَّ كالكلاب المسعورة، فجرَّدوهنَّ من ملابسهنَّ، واخذوا بذبح ذلك الجنس الناعم واللطيف، والتنكيل به بتفننٍ شيطاني، حتى شُلَّت ايدي الجزارين وكَلَّت سيوفهم، ولكنَّ قلوبهم ظلَّت أقسى من الحجر الصوان، وبهذا الشكل المُهين والمُشين معاً هوت أجساد الحرائر الشهيدات وتكدَّست جثثاً هامدة مضرَّجة بالدماء الزكية التي ارتوت الأرض من فيضها، أما أرواحهنَّ العفيفة فقد صعدت الى السماء مكلّلة بأكاليل الغار والشهادة. والى الحلقة السابعة قريباً.
الشماس د. كوركيس مردو



اضطهاد العثمانيين لمُـواطني الكلدان والسريان بشقّيهم عام 1915م الحلقة الأولى- الحلقة التاسعة Kawmiya2
من يقف في صف كنّا وآغجان فأنه مشارك في تهميش وإستلاب حقوق الكلدان

يونادم كنّا وآغاجان كفتا ميزان لضرب مصالح مسيحيي العراق ولاسيما الكلدان

من يتعاون مع كنّا وآغجان فكأنه يطلق النار على الكلدان

To Yonadam Kanna & Sarkis Aghajan

You can put lipstick on a pig but it is still a pig

To Kanna & Aghajan

IF YOU WANT TO REPRESENT YOUR OWN PEOPLE,
YOU HAVE TO GO BACK TO HAKKARI,
TURKEY & URMIA, IRAN


اضطهاد العثمانيين لمُـواطني الكلدان والسريان بشقّيهم عام 1915م الحلقة الأولى- الحلقة التاسعة 7ayaa350x100
اضطهاد العثمانيين لمُـواطني الكلدان والسريان بشقّيهم عام 1915م الحلقة الأولى- الحلقة التاسعة Images


ياوطني يسعد صباحك
متى الحزن يطلق سراحك
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
كلداني
(داينمو الموقع)
(داينمو الموقع)
كلداني


اضطهاد العثمانيين لمُـواطني الكلدان والسريان بشقّيهم عام 1915م الحلقة الأولى- الحلقة التاسعة Uouuuo10
اضطهاد العثمانيين لمُـواطني الكلدان والسريان بشقّيهم عام 1915م الحلقة الأولى- الحلقة التاسعة Awsema200x50_gif

اضطهاد العثمانيين لمُـواطني الكلدان والسريان بشقّيهم عام 1915م الحلقة الأولى- الحلقة التاسعة Tyuiouyاضطهاد العثمانيين لمُـواطني الكلدان والسريان بشقّيهم عام 1915م الحلقة الأولى- الحلقة التاسعة Ikhlaas2اضطهاد العثمانيين لمُـواطني الكلدان والسريان بشقّيهم عام 1915م الحلقة الأولى- الحلقة التاسعة Goldاضطهاد العثمانيين لمُـواطني الكلدان والسريان بشقّيهم عام 1915م الحلقة الأولى- الحلقة التاسعة Bronzy1اضطهاد العثمانيين لمُـواطني الكلدان والسريان بشقّيهم عام 1915م الحلقة الأولى- الحلقة التاسعة Shoker1

البلد : العراق
مزاجي : احب المنتدى
الجنس : ذكر
عدد المساهمات : 8512
تاريخ التسجيل : 16/06/2010
الموقع : في قلب بلدي المُحتَل
<b>العمل/الترفيه</b> العمل/الترفيه : طالب جامعي

اضطهاد العثمانيين لمُـواطني الكلدان والسريان بشقّيهم عام 1915م الحلقة الأولى- الحلقة التاسعة Empty
مُساهمةموضوع: رد: اضطهاد العثمانيين لمُـواطني الكلدان والسريان بشقّيهم عام 1915م الحلقة الأولى- الحلقة التاسعة   اضطهاد العثمانيين لمُـواطني الكلدان والسريان بشقّيهم عام 1915م الحلقة الأولى- الحلقة التاسعة Alarm-clock-icon1/7/2023, 10:51 am

اضطهاد العثمانيين لمُـواطني الكلدان والسريان بشقّيهم عام 1915م الحلقة الأولى- الحلقة التاسعة YwUNE4Z
اضطهاد العثمانيين لمُـواطني الكلدان والسريان بشقّيهم عام 1915م الحلقة الأولى- الحلقة التاسعة Dr-Gorgees-Mardo
DrGorgees Mardo

01.07.2023
اضطهاد الكلدان والسريان بشقّيهم عام 1915م
الحلقة السابعة
مقتل مسيحيي  سعرد وضواحيها  بضمنهم المطرانين الكلدانيين أدّي شير وتوما رشو
ننقل وبتصرُّف صياغي لا ينتقص من المضمون شيئاً وكما ورد في كتابه (ص102 -  111): مدينة "سعرد" إحدى مدن جبل قردو ضمن ولاية "بدليس" تسكنها غالبية كُردية مسلمة،  ويشاركهم السكنَ فيها كلدان ويعاقبة مونوفيزيون وأرمن ارثوذكسمونوفيزيون ، وبالرغم من وقوع سعرد في قلب المنطقة الكُردية، إلا أنَّ عموم سكانها يتكـلمون العربـية الى جانب اللغة الكُردية، ولكنهم بالنـتـيـجـة يتكـلمون الكُـردية والعربـية ولغة البلاد الـتركية، أما الساكنون في القرى المُحيطة بها، فكُلٌّ من هذه الطوائف تتكلم لغتها، حيث يتحدَّث الأكراد الكُردية والأرمن الأرمنية والكلدان الكلدانية واليعاقبة الآرامية. وإذا تعرَّض أيٌّ من هذه الطوائف لخطرٍما فيجري الإستنجاد بالأكراد لأنهم الأغلبية في منطقة جبل قردو.
في شهر حزيران عام 1915م سرى لهيب نار الإضطهاد الذي أثارته الدولة العثمانية في عموم البلاد ضِدَّ الطائفة الأرمنية خاصةً والطوائف المسيحية الأخرى عامة، ووصل الى سعرد، وكان ارمن منطقة جبل قردو الواقعة في الجزء الشمالي من بلاد بين النهرين هم  المستهدفين  باستئصال شأفتهم على غِرار ما حدث في مدن ارمينيا ومنطقة الأناضول بأسرها. وكانت مدينة سعرد مُحاطة بأكثر من ثلاثين قرية يسكنها الكلدان إضافة الى دير مار يعقوب الحبيس الشهير الذي يمتد تاريخ إنشائه الى القرن الرابع الميلادي. إليه نقل ثاني بطاركة الكنيسة الكلدانية الكاثوليكية مارعبديشوع الرابع مارون 1555 – 1567م مقرَّ كُرسيِّه في سنوات بطريركيته الأخيرة، وفيه دُفن بعد انتقاله الى الحياة الأبدية. كان الدير يحوي مكتبة عامرة  منسقة وزاخرة بمختلف الكتب والمخطوطات الثمينة منذ أيام السعيد الذكر المطران "بطرس برتتر".
في الثلث الأخير من حزيران 1915م، فوجيءَ مسيحيو سعرد بتطويقهم من  قبل مُسلمي المدينة، وبأمر من حاكمها، القوا القبض في البداية على الرجال وزجوهم بالسجن، وهنالك شرعوا بإهانتهم وبتعذيبهم بشتى أصناف العذابات، ثمَّ أخرجوهم من السجن وأجهزوا عليهم جميعاً قتلاً وذبحاً، وقد نجا عددٌ قليل منهم حيث سنحت أمامهم فرصة الهرب. وكان ضمن حشد المعتقلين السعيد الذكر المطران أدّي شير، إنما أُطلق سراحُه لفترةٍ من الزمن، طمعاً في الإستيلاء على أمواله والودائع التي كانت مؤتمنة لديه، وبعد ذلك يُعاد القبض عليه ويُقتَل. ولكنَّه حين سنحت له فرصة للهرب بمساعدة بعض أصدقائه، هرب في الليل بصحبة القس يوسف من قرية "بسكند" ومعهما خادمُه، وتوجَّهوا صوب الموصل. وفي صباح اليوم التالي، انكشف أمرُ هروبه، وأبلغ المتصرِّف بذلك، فأرسل في الحال عساكر في إثره لإلقاء القبض عليه، كما أبرق الى مفارز أمن الطرق وحرس الحدود، لكي يمنعوه من اجتياز الحدود لكي لا يهرب فينجو. ونتيجة لتلك الإحتياطات تمَّ إلقاء القبض عليه وعلى مُرافقَيه قبيل أن يجتازا حدود ولاية بتليس. وإذ تأكَّد مرافقاه أن لا جدوى في نجدته تركاه وشأنه وذهبا.
وتقدَّم آمر المفرزة التي ألقت القبضَ عليه، وأخرج من جيبه أمر إعدام المطران أدّي شير وتلاه على مسمعه. لم يهتز ولم يضطرب لسماعه الأمر الصادر بموته، لا بل طلب مهلة قصيرة ليستعِدَّ للموت. وقام بتسليمهم ملابسه الأسقفية التي كانت في الصناديق التي معه، حيث كان قد تنكَّر بغير زيِّه. ثمَّ ركع وصلّى في خشوع، ولما انتهى من صلاته توجَّه نحو أفراد المفرزة وقال لهم بثبات: باستطاعتكم الآن إتمامَ واجبكم. فصوَّبوا نحوه اسلحتهم وأطلقوا عليه النار. فلما سقط مضرَّجاً بدمه، تقدم إليه رئيس المفرزة وحَزَّ رأسَه، واتى به الى الحاكم ليؤكد له مقتله، وهذا بدوره أرسله الى الكنيسة وألقي في ساحتها للفرجة ولمزيدٍ من الإستهزاء والسخرية ولإرهاب المؤمنين، ولكي يدب الرعب والفزع في نفوس المسيحيين من النساء والأطفال، متذكرين فعل القتلة الشنيع.
يقول ماراودو، إنَّ ما ذكرته اعلاه بصدد الشهيد أدّي شير ومشاهد اخرى، رواه لي الشاب السعردي بطرس حنا الكلداني حيث عاين المشهد بأم عينيه وسمعه بأذنيه، حيث إنَّ موقع داره كان مقابل كنيسة الكلدان الجديدة، كما أنَّه ووالدته سيدي واخاه جرجس عاينوا وسمعوا عن كثب تعذيب القس كوريال، فقد كووا جسده بالأسافيد، وهو يتضرع الى يسوع وامه مريم،. وبالإضافة الى ذلك يقول الشاب بطرس بأنَّه شاهد كسر سيقان الأطفال، وهذا ما أكَّدته لنا نساء كثيرات بأنَّهنَّ شاهدن المنظر المفزع، وقد دفعت إحدى النساء مبلغاً من الفضة للأكرادلقاء إعطائهم إياها رأس المطران.
وهنالك كهنة فضلاء آخرون قُضيَ عليهم نتيجة التعذيب القاسي الذي تعرَّضوا له من قبل المجرمين الأفاكين وهم: كوركيس وعازار البطمسي العجوز والقس هرمزد وكوريال الذي أتينا على ذِكره والذي لم يبطل من ذِكر اسمَي يسوع ومريم طوال مدة تعذيبه الوحشي. ناهيك عن الصبيان الذين بُترت سيقانهم بالفؤوس والسواطير ولم يسلم الرضع من الرضِّ بالحجارة. قاموا بترحيل النساء والصبايا الناجين والأطفال الى صور في مقاطعة ماردين، ولكثرتهم تمَّ ترحيلُهم على ثلاث وجبات، وقد داهم الموت غالبية المُرحلات وخُطفت الكثير من الفتيات، أما السبب في الوفاة فكان بسبب اقتياد الضحايا في طريق وعرة وليس الطريق السالكة، بغرض تضليلهنَّ وتعذيبهنَّ، والبقية التي وصلت الى صورجرى بيعهنَّ فيها وفي القرى الكردية الأخرى، وبذلك أصبحن إماءً للأكراد. ومع ندرة النخوة والشهامة في رجال ذلك الزمن الرديء، إلا أنَّ رجلاً متقدماً في العمر فاضلاً من أهل صور يُدعى وهبي له الفضل في إنقاذ حياة أكثر من أربعين أمرأة من تلك المنكوبات، حيث استطاع أخذهنَّ الى داره، مقدِّما لهن الحماية ومستلزمات الحياة لمدة أشهر عديدة، ثمَّ بدأ يُعتق ويُحرر الواحدة تلو الأخرى مانحاً إياهنَّ حرية الذهاب الى حيث يرغبن. فتوجهن الى ماردين وقدِمنا إلينا، فوضعناهنَّ في الملجأ مع أخريات عديدات كنّا قد اشتريناهنَّ وأطفالهنَّ من الأكراد، وإذ ضاقت بهنَّ بناية كنيستنا، استأجرنا بنايتين لإيوائهنَّ الى جانب تزويدهنَّ بالكسوة والطعام. وبسبب كثرتهن الذي أحدث إحراجاً لبعضهنَّ، فقد فضَّلت الكثيرات منهنَّ المغادرة، فالبعض منهنَّ اخترن الذهاب الى حلب والبعض الآخر الى الموصل. فزوَّدنا المغادرات بما يحتجن فضلاً عن نفحهنَّ بنفقات الطريق، وقد قمنا أيضاً بإرسال بعضهنَّ الى نصيبين، ولم يهدأ لنا بال، مُحاولين بشتى الأساليب والوسائل لإنقاذ المتبقيات بأيدي الظلاميين الأكراد، حيث كانت القرى الكردية مليئة بالمسبيات السعرديات والمخطوفات من القرى المحيطة بسعرد، ناهيك عن المسبيات من قرى المناطق الأخرى.
نبذة عن الشهيد مار أدّي شير مطران سعرد
وُلدَ في الثالث من آذار 1867م في قرية شقلاوة التابعة لأبرشية كركوك قبل انفصال أربيل عنها بقرار من سينودس الكنيسة الكلدانية المنعقد في بغداد عام 1967م،  وجعل اربيل ابرشية مستقلة، والحقت شقلاوة بها لوقوعها ضمن محافظة أربيل. في العماذ دعاه واداه صليبا. وحين أكمل دراسته الإبتدائية، اُرسِل عام 1880م الى معهد مار يوحنا الحبيب الكهنوتي الدومنيكي في الموصل. بعد إكماله الدروس الكهنوتية المقرَّرة، رُسم كاهناً في 15 آب 1889م بوضع يد السعيد الذكر مار ايليا الثاني عشرعبو اليونان بطريرك بابل على الكلدان. خدم في كركوك إثني عشر عاماً، إذ في 15 آب 1902م انتُخِب اسقفاً لأبرشية سعرد خلفاً لمارعمانوئيل الذي تبوَّأ السدة البطريركية عام 1900م. تمَّت رسامته الأسقفية مع اسقفين آخرين هما كُلٌّ مِن مار اسطيفان جبري وما يعقوب اوجين منا بوضع يد البطريرك مار يوسف عمانوئيل الثاني توما في كنيسة الكرسي البطريركي كنيسة مسكنته في الموصل.
كان الشهيد عالماً ولعدَّة لغاتٍ متقناً ساعدته أن يتعمَّق في البحث التاريخي قومياً وكنسياً، وغدا في هذا المضمار ماهراً جداً، فشمَّرَ عن ساعدِه مُبدياً طول باعه، فكان أول وأشهر مَن كتب مِن بني الكلدان تاريخ الأمة الكلدانية العريقة الموغلة في عمق التاريخ والدولة الآشورية بِنتها البكر، منذ مستهلِّ القرن العشرين وذلك بعد اولئك المؤرخين والكُتّاب الأوروبيين الذين قاموا بتصنيف كتبَهم في مطلع الجيل التاسع عشر. أشهر مؤلفاته: تاريخ كلدو وآثور بجزئين. يروي بالجزء الأول تاريخ الأمة الكلدانية منذ الطوفان وحتى بداية التاريخ الميلادي الى جانب تاريخ الدولة الآشورية قبل الميلاد، وفي الجزء الثاني يروي تاريخ الكنيسة الكلدانية < كنيسة المشرق > منذ تأسيسها في القرن الميلادي الأول حتى ظهورالإسلام في أوائل القرن السابع واحتلال المسلمين لبلاد بين النهرين. أما الجزء الثالث فقد تناول فيه سرد الأحداث التي مَرَّت على امتنا الكلدانية وكنيستها منذ الإحتلال الإسلامي وحتى انتخاب البطريرك التاسع العظيم مارعمانوئيل الثاني توما لسُدة الكنيسة الكلدانية الكاثوليكية عام 1900م. ويُقال بأنَّ المغفورله أدَّي شير كان قد بذل أقصى مسعاه التاريخي ساهراً الليالي الطِوال ليُخرجه تحفة نادرة لا تُثمَّن ليتفوق على كُلِّ من سبقه في هذا المضمار، ولكن للأسف لم يكتمل مأربه به، إذ باستشاده المرير في منتصف عام 1915م المشؤوم على أيدي الأتراك الأوباش، فُقِد بإتلاف كافة محتويات مكتبته العامرة.
ومن تأليفه الأخرى كتاب بعنوان "مدرسة نصيبين" تضمن شهرتها بقوانينها وأساليبها التدريسية التي طار سيطها  في آفاق عصرها. ترجمه الى اللغة الكلدانية الأنبا داديشوع نكَارا رئيس دير السيدة حافظة الزروع لعدة دورات انتخابية، وذلك أيام كان تلميذاً في معهد شمعون الصفا البطريركي الكلداني، وقد اعتبر مخطوطة من مخطوطات الدير المذكور تحت رقم 563 بحسب فهرس خزانة الرهبنة في بغداد. كما أن الشهيد أدّي شير ترجم كتاب قصص شهداء المشرق من الكلدانية الى العربية. كما ألَّف كُتُباً عِدة باللغة الكلدانية لفائدة أبناء امته الكلدانية منها: 1-  كتاب صلوات 2-  كتاب القطائف 3-  كتاب إكليل العذراء تضمن ما كتبه آباء كنيستنا "كنيسة المشرق" عن صفات العذراء والدة الله 4-  مقالات عديدة نشرها في مجلة اكليل الورود، من إصدارات الآباء الدومنيكان- الموصل، ومقالات اخرى عديدة بالعربية نشرها في مجلة المشرق البيروتية.
كان الحبر الجليل الشهيد أدّي شير يتحلى بصفات مُثلى قلَّ نظيرُها، حيث تعامل بتواضع مع الجميع، سلك في حياته طريق العِفة والفضيلة مغلفة بطهارة روحية وجسدية، يتجلّى في تآليفه سُمُوُّ الأخلاق ورصانة السرد وحيادية الموقف. كتب عن تاريخ امته الكلدانية وكنيستها مدفوعاً من شعوره القومي والديني والوطني مشوباً بالأسف والإستغراب لإنعدام الشعور القومي لدى إخوته الكلدان المعاصرين تجاه قوميتهم، ووصفهم بالجهل لكونهم لا يعرفون بأنَّهم يتحدَّرون من صُلب شعبٍ فاق شعوب العالم كُلِّه في نُبله وبأسه وعمق حضارته عِلماً وأدباً وصناعة، فحملته غيرته القومية كما قال ليُتحف أبناء قومه ووطنه بما صنفه من كتبه الإبداعية التي استعان بتأليفها بمصنفات المشاهير من آبائنا في كلتا الحقبتين التاريخيتين لِما قبل الميلاد وبعده، حباً منه بتوعية أبناء امته الكلدانية الجديرة أن يفرد لها الحب كافة مسيحيي مشرقنا وبخاصة أبناؤها الكلدان.
لقد قام الشهيد أدّي شير قبيل اندلاع الحرب العالمية الأولى بزيارةٍ لمجمع الملافنة في باريس، فقدَّم للمجمع نسختين من كتابه المنوَّه عنه أعلاه "تاريخ كلدو وآثور" فكان أنَّ مجمع الملافنة اختاره عضواً بين صفوف علمائه، ومنحه شارة الملفنة فعُدَّ مؤرخاً في عِداد المؤرخين.
استشهاد الأسقف مار توما رشو
في إحدى القرى التابعة لسعرد المُسمّاة "اظل" كانت توجَد اسقفية يُدير شؤونها اسقف نسطوري يُدعى مار توما بن القس رشو، وفي عام 1906م ترك النسطرة وتحول الى الكثلكة هو وثلاثة من كهنته وهم كُلٌّ من القس يوسف من هردويا والقس اسطيفان وشقيقه. في غمرة الإضطهاد المُثار من قبل الدولة العثمانية ضِدَّ مواطنيها المسيحيين، استغلَّ هذا الإضطهاد شيوخ القبائل والعشائر الكردية أبشع استغلال، فاستهتروا واسترخصوا دماء المسيحيين الساكنين في ظهرانيهم، ومن بين هولاء الشيوخ الشيخ الكُردي عبدالله الذي قاد اضطهادا ضِدَّ مسيحيي قرية أظل والقرى المجاورة، فاستشهد الأسقف مار توما رشو ومائة وثمانون رجلا من قرية أظل والقرى الأخرى. وردّاً على هذا الإعتداء الآثم، اتفق أهالي أظل على قتل الشيخ عبدالله الذي لم يرعَ الحُرمات فاستهتر وبغى فقتلوه، وخوفاً من أن يطال الإنتقام أخاه عبدالرحمن، لاذ الأخير بالهرب الى الموصل. وكان أحد افراد عائلة الأسقف مار توما رشو المدعو هرمزد، قد ترك هو وعائلته قريته أظل قبل هذه الأحداث بأربع سنين وجاء الى ماردين للإقامة فيها. يقول مار اودو، إنَّ هرمز هذا هو الذي أخبرنا بنبأ استشهاد عمِّه الأسقف والمائة والثمانين رجلاً الذين استشهدوا معه، كما أعلمنا أيضاً باتفاق أهالي القرى الكلدانية على قتل الشيخ عبدالله والتخلص من جرائمه فقتلوه ثأراً لدماء المغدورين ظلماً، وإن هرمزد هذا ترك ماردين وغادرها الى الحسكة في سوريا للإقامة فيها. والى الحلقة الثامنة قريباً.
الشماس د. كوركيس مردو



اضطهاد العثمانيين لمُـواطني الكلدان والسريان بشقّيهم عام 1915م الحلقة الأولى- الحلقة التاسعة Kawmiya2
من يقف في صف كنّا وآغجان فأنه مشارك في تهميش وإستلاب حقوق الكلدان

يونادم كنّا وآغاجان كفتا ميزان لضرب مصالح مسيحيي العراق ولاسيما الكلدان

من يتعاون مع كنّا وآغجان فكأنه يطلق النار على الكلدان

To Yonadam Kanna & Sarkis Aghajan

You can put lipstick on a pig but it is still a pig

To Kanna & Aghajan

IF YOU WANT TO REPRESENT YOUR OWN PEOPLE,
YOU HAVE TO GO BACK TO HAKKARI,
TURKEY & URMIA, IRAN


اضطهاد العثمانيين لمُـواطني الكلدان والسريان بشقّيهم عام 1915م الحلقة الأولى- الحلقة التاسعة 7ayaa350x100
اضطهاد العثمانيين لمُـواطني الكلدان والسريان بشقّيهم عام 1915م الحلقة الأولى- الحلقة التاسعة Images


ياوطني يسعد صباحك
متى الحزن يطلق سراحك
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
كلداني
(داينمو الموقع)
(داينمو الموقع)
كلداني


اضطهاد العثمانيين لمُـواطني الكلدان والسريان بشقّيهم عام 1915م الحلقة الأولى- الحلقة التاسعة Uouuuo10
اضطهاد العثمانيين لمُـواطني الكلدان والسريان بشقّيهم عام 1915م الحلقة الأولى- الحلقة التاسعة Awsema200x50_gif

اضطهاد العثمانيين لمُـواطني الكلدان والسريان بشقّيهم عام 1915م الحلقة الأولى- الحلقة التاسعة Tyuiouyاضطهاد العثمانيين لمُـواطني الكلدان والسريان بشقّيهم عام 1915م الحلقة الأولى- الحلقة التاسعة Ikhlaas2اضطهاد العثمانيين لمُـواطني الكلدان والسريان بشقّيهم عام 1915م الحلقة الأولى- الحلقة التاسعة Goldاضطهاد العثمانيين لمُـواطني الكلدان والسريان بشقّيهم عام 1915م الحلقة الأولى- الحلقة التاسعة Bronzy1اضطهاد العثمانيين لمُـواطني الكلدان والسريان بشقّيهم عام 1915م الحلقة الأولى- الحلقة التاسعة Shoker1

البلد : العراق
مزاجي : احب المنتدى
الجنس : ذكر
عدد المساهمات : 8512
تاريخ التسجيل : 16/06/2010
الموقع : في قلب بلدي المُحتَل
<b>العمل/الترفيه</b> العمل/الترفيه : طالب جامعي

اضطهاد العثمانيين لمُـواطني الكلدان والسريان بشقّيهم عام 1915م الحلقة الأولى- الحلقة التاسعة Empty
مُساهمةموضوع: رد: اضطهاد العثمانيين لمُـواطني الكلدان والسريان بشقّيهم عام 1915م الحلقة الأولى- الحلقة التاسعة   اضطهاد العثمانيين لمُـواطني الكلدان والسريان بشقّيهم عام 1915م الحلقة الأولى- الحلقة التاسعة Alarm-clock-icon3/7/2023, 7:10 pm

اضطهاد العثمانيين لمُـواطني الكلدان والسريان بشقّيهم عام 1915م الحلقة الأولى- الحلقة التاسعة MXBdRZjp_o
اضطهاد العثمانيين لمُـواطني الكلدان والسريان بشقّيهم عام 1915م الحلقة الأولى- الحلقة التاسعة Dr-Gorgees-Mardo
DrGorgees Mardo

02.07.2023
اضطهاد الكلدان والسريان بشقّيهم عام 1915م
الحلقة الثامنة
نواصل كما وعدنا القراء الكرام سردَ ما دوَّنه ماراسرائيل اودو مطران الكلدان في ماردين في كتابه حول اضطهاد المُواطنين المسيحيين من قبل الدولة العثمانية الباغية، وننقل ذلك بتصرُّفٍ صياغي كعادتنا دون المساس بالمضمون. ففي ( الصفحات 112 – 121) يروي مار اودو قائلاً:
بسبب انهماكِ السفاحين القتلة بسبي النساء المسيحيات وقتل الأخريات، أجَّلوا قتل العديد من رجال الأرمن الماردينيين المُحتجزين لديهم، بالإضافة الى عدد آخر منهم ظلّوا مختبئين في دورهم ومنهم: كريكور انفياهجي الآمدي، كان مؤمناً كاثوليكياً صالحاً تقياً وفي ذات الوقت ثرياً. وبسبب ما عاناه من سجانيه استحوذ عليه الخوف فداهمه المرض وهو في السجن. ولم يكن حال التاجر سليم حيلو بأفضل من كريكور، حيث كانا كلاهما ضحية جشع السجانين الطامعين بمالهما. تعرَّضَ سليم للتنكيل الشديد محتملاً أنواعاً قاسية من التعذيب زهاء أكثر من شهرين، حتى اقتنع القتلة بنفاذ أمواله وأموال بقية الأثرياء المسجونين معه بسبب استنزافهم إياها.
في صبيحة يوم عيد الأضحى الذي صادف في 27/10/1915م أخرج القتلة سليم من السجن وكريكور من داره، وإذ لم تقوَ لوسيا إبنة ميخائيل الأزميري الكلدني من أهالي آمد زوجة كريكور  على فراق زوجها، فلحقت به غير مبالية بالتحذيرات والتطمينات التي أبداها القتلة بأن تعدل عن اللحاق بزوجها، مُطمئنين إياها بأنَّ الإضطهاد والقتل لا يشمل الكلدان، لكنها لم تأبه لتهديداتهم حيث قالت لهم، بأنها ستُرافق زوجها في حالتي الحياة والممات، فتركت دارها وطفليها وهي هائجة كمَن فقدت رشدها. وأخذت تجري مع القتلة ماسكة بيد زوجها، ولما بلغ الموكب الى الموضع المقرَّر لذبح الرجلَين الواقع في الجانب الغربي للمدينة، حاول القتلة تفريق زوجة كريكور عنه، وإذ لم يُفلحوا ذبحوهما معاً مع سليم، وقرَّبوهم ضحية في عيدهم عيد الأضحى. هذا ما قاله القتلة انفسهم الذين ينتمون الى عشيرة  المشكاويين. الى هذا الحد بلغ الحقد والهيستيريا بهؤلاء الإسلاميين المتزمتين أن يقربوا بشراً ضحايا لدينهم الوثني ! ( وهنا تمَّ قول المسيح الرب في (يوحنا 16: 2) < سيفصلونكم من المجامع، بل تأتي ساعة يظن فيها كُلُّ مَن يقتلكم أنَّه يؤدي عبادة لله > وبعد ذبح ثلاثتهم قرب مدخل للمغارة، القوا جثثهم فيها. عاد السفاحون مبهوتين وبالعجب مأخوذين مُقرّين بقوة الدين المسيحي الذي في سبيله يستخف مُعتنقوه بالموت! كان لكريكور وزوجته لوسيا طفل بعمر ثمان سنوات وطفلة بعمر لا يتعدّى العشرة أعوام، بعد استشهاد والديهما، أخذهما خادم الدار عبد اللطيف الى منزله واهتم برعايتهما لمدة شهرين، ثمَّ أرسلهما الى أقاربهما في آمد. ويضيف مار اودو بأنَّه دفع لعبد اللطيف من ماله الخاص كُلَّ المصاريف التي انفقها لهذين الطفلين. وإنَّ قصة استشهاد هؤلاء الشهداء الثلاثة كتبها نقلاً عن لسان القتلة أنفسهم.
قصة القس يوسف تفنكجي
ذكرنا في الحلقة الرابعة من هذه الحلقات بأن العديد من المسيحيين كانوا قد هربوا الى جبل سنجار، وبعد هدوءٍ نسبي للإضطهاد عادوا الى دورهم، ومن جملة العائدين كان القس يوسف بن الشماس حنا تفنكجي المارديني الأصل. إنَّه أحد خريجي معهد مار يوحنا الحبيب الكهنوتي في الموصل التابع للآباء الدومنيكان، كان قد عبر العقد الثالث من عُمره حين اضطرَّ للهرب، والسبب لذلك هو قبوله ودائع عدد من النسوة الأرمنيات اللائي كُنَّ على وشك الترحيل، فوقف على الأمر بعض الطامعين بأموال المُضطهَدين، وراحوا يُشدِّدون الرقابة عليه ويُسببون له الكثير من المضايقات، متحيِّنين الفرص لإنتزاع تلك الودائع التي كانت بحوزته ممّا جعله في حيرةٍ من امره، وشعر بالخوف على حياته، إذ لو ضُبِط عليه متستِّراً على اموال الأرمن لكان عقابُه القتل. فاعتقد بأن لا نجاة له إلا بالهرب، وعليه فعمد للهرب الى جبل سنجار في 15 / 10 1915م مع هاربين آخرين. وفي الطريق تعرَّض لسلب نقوده وأمتعته من قبل قطاع الطرق، إلا أنَّه استطاع أن ينفذ بجلده ووصل الى جبل سنجار بسلام، وانضم للحال الى الجماعة الهاربة البالغ عددُها وقتذاك المائتي نسمة، فقام بتقديم الخدمات الروحية لهم بكُلِّ هِمَّةٍ ونشاط وغيرةٍ رسولية الى جانب إقامته القداديس والصلوات.
وحدث أن انتشر بين الهاربين وباءُ الرعشة، وهذا لم يُقلِّل من همة القس يوسف في تقديم الخدمة لهم، بل ضاعف اهتمامَه بهم دون تأفُّفٍ او تلكؤ، بل احتضنهم بحنوٍّ مُساعداً المُستغيثين به ومُعزِّياً المتضايقين منهم. ثابر على ذلك مدة سنة واحدة، تحت حماية الشيخ "حمو شرو" اليزيدي الشهم الذي تحدثنا عنه في الحلقة الرابعة، كان رجلاً صالحاً محباً للمسيحيين ولم يبخل بتوفير الحماية لهم. وعاد القس يوسف الى ماردين بسلام ، وأقام فيها مؤدياً خدماته الكهنوتية لمدة سنة وثلاثة أشهر.
القس يوسف تفنكجي يُسجن للمرة الأولى
في شهر كانون الثاني لعام 1917م وصلت رسائل الى القس يوسف من بعض الأرمن الملتجئين في جبل سنجار، مكتوبة باللغة الأرمنية، ومن تلك الرسائل موجهة واحدة منها إليه، يطلب مُرسلها من القس يوسف، أن يُرسل تلك الرسائل لذويهم المقيمين في الرُّها وحلب. وبالصدفة كان ثلاثة رجال من الرّها موجودين في ماردين في ذلك الوقت، وكانوا على وشك العودة الى مدينتهم، فكلَّفهم القس يوسف أن يأخذوا تلك الرسائل معهم ويوصلوها لأصحابها. وافقوا وأخذوها ووضعوها في حقيبة كانت معهم، ثم ذهبوا وباتوا في الفندق. ولدى مغادرتهم الفندق نسوا الحقيبة فيه. وبعد رحيلهم صادف أن الشرطة داهمت الفندق لغرض التفتيش، فعثروا على تلك الحقيبة. فلما أُبلِغوا بأنَّ الحقيبة تعود لرهاويين كانوا نازلين في الفندق، فتحوها فعثروا على تلك الرسائل في داخلها، ومن ضمنها رسالة باللغة العربية مُرسلة الى ميخائيل جنانجي المقيم في حلب. كانت هذه الرسالة خطيرة، تناولها شخص صديق من بين الرسائل الأخرى الموضوعة على الطاولة وخبّأها لئلا تُثير سخط الشعب، وكان هذا العمل مدعاةً لإبعاد الشك عن القس يوسف، وبلا شك بأن الذي جرى كان بتدبير الهي! إذ إنَّ الرسالة كانت تحمل توقيع القس يوسف، وفيها يُطلعه على مقدار المبالغ التي أقرضه أثناء سبي زوجتي شقيقيه نعوم وجرجس اللتين نالتا اكلبلي الشهادة ضمن المجموعة النسائية الأولى ويطلب منه أن يُرسل له جزءاً من ذلك الدين لأنه في حاجةٍ ماسة الى المال. بالإضافة الى تنديده بقساوة حكام الدولة العثمانية الجُدُد العتاة التي تجلَّت في ترحيل وإذلال المسيحيين وفتلهم بأساليب عنفية بربرية لا يُقدِم على ارتكابها حتى الوحوش، لمجرَّد أنَّهم يدينون بالمسيحية لا غير! ولدى تقديم الرسائل الى مدير الشرطة الذي يُعرَف بـ"القوميسير" أوعز في الحال الى مُساعده وإثنَين من العسكر، بالإتيان بالكاهن والرجال الرهاويين الثلاثة، وما إنْ جيء بهم في 19 / 1 / 1917م حتى زُجّوا في السجن، وظلوا قابعين فيه لمدة 53 يوماً، ثمَّ نُقلوا في 14/3/ 1917م الى سجن آمد ليُحاكموا فيها. ومن جرّاء القهر والعذات داهم المرض إثنين من الرهاويين أودى بحياتهم! أما ثالثهم فبعد مرور ثلاثة أشهر من موت رفيقيه، أخلت المحكمة سبيله لبراءَته. وبقي القس يوسف في السجن يُعاني شتى أنواع العذاب والكثير من المضايقات، أثَّرت في تدهور صحته، مَثُل أمام المحكمة العسكرية مراراً عديدة، وفي الآخر حُكِم عليه بالإعدام بتاريخ 16/6/1917م مع حق تمييز قرار الحكم. وافق له وزير العدل رضوان بيك البغدادي بحق التمييز إكراماً للصداقة التي تربطه بمار سليمان صباغ مطران آمد، حيث لم يألُ المطران جهداً في إنقاذ القس يوسف تفنكجي من الموت. أبلغت محكمة عسكرية  في اسطنبول القس يوسف للمثول أمامها يوم 15/8/1917م للمرافعة، فحضر في اليوم المحدَّد الذي كان يوم عيد انتقال مريم العذراء الى السماء، وتمَّ استجوابُه للمرة الأخيرة، وأعيد الى السجن انتظاراً لصدور قرار الحكم. وفي 11/11/1917م صدر قرار المحكمة ببراءَتِه وإطلاق سراحه على الفور. فرجع الى ماردين، وشرع بمواصلة خدمته الكهنوتية حتى ربيع عام 1918م.
القس يوسف تفنكجي يُسجن للمرة الثانية
ساءَت أحوال القس يوسف تفنكجي من جراء تعرُّضه للسجن كما تقدم ذِكرُه، بالإضافة الى تضاعف الغلاء بسبب أوضاع التغييرالصعبة التي كانت تجري في أواخر العهد العثماني الطويل والمرير، وتناقص عدد المسيحيين بسبب تعرضهم الى أبشع اضطهاد أودى بحياة عددٍ كبير منهم فضلاً عن هروب كثيرين آخرين الى أماكن توفِّر لهم الأمان، فتقلَّصت  ايرادات الكنائس والكهنة بدرجةٍ فظيعة، وكان القس يوسف أحد هؤلاء الذين قسى الزمن عليهم، إذ لم يبق لديه شيء، فوقع في ضيقٍ وفقرٍ كبيرَين. ففكَّر في ايجاد مخرجٍ من محنته، فعنَّ له الذهاب الى حلب لعلَّه يجد وظيفة تعليمية في إحدى المدارس تُساعده على تدبير عيشه وتُبعِد الجوع عنه! فكتب للأب سيمون الدومنيكي المقيم في حلب، يشرح له فكرته، ويسأله إذا كان بوسعِه تأمين عملٍ له في إحدى المدارس في حلب، لكي عن طريقها يُدبِّر أمر عيشه ولو لفترةٍ من الزمن.
وصادف أثناء هذه الإتصالات أنَّ فتىً لا يتعدى عُمرُه الإثني عشر ربيعاً يُدعى بطرس معمار باشي، كان في حلب وينوي العودة الى ماردين، فقصد الذهاب الى الأب سيمون ليودِّعه، فانتهز الأب سيمون هذه الفرصة ليُرسل معه رسالة، ومِمّا جاء في الرسالة: انتصرت فرنسا أما المانيا فاندحرت. بلِّغ الأب تفنكجي بأن لا توجد أية فرصة عمل في حلب. و قد طلِب من الفتى بايصال الرسالة لمار جبرائيل تبوني. عند وصول الفتى بطرس معمار باشي درباسية، خضع للتفتيش كما تقضي الأوامر، فعثر المفتش في جيب الفتى على تلك الرسالة، فصودرت منه. وبورود اسم الأب يوسف تفنكجي ولو جانبياً في تلك الرسالة، فقد ادَى ذلك الى إلقاء القبض عليه ثانية، وعلى المطران جبرائيل تبوني، ومعهما ثلاثة أشخاص آخرين هم: سعيد سيدي، عبدالمسيح سفر، ومنصور جبوري بتهمة ايوائهم للفتى بطرس معمارباشي في دورهم ليس إلا. فاودع السجن جميعهم، إلا أنَّ الأشخاص الثلاثة تمَّ إخلاء سبيلِهم بكفالة بعد ثلاثة ايام من الإحتجاز وانتظارتبليغ من المحكمة العسكرية في آمد للحضور أمامها لمحاكمتهم، وبمتابعة الأمر من قبل بعض الأصدقاء والأشراف لم يتأخر التبليغ طويلاً، حيث ابلغوا في 17/6/1918م بقرار ترحيل جميع المشمولين بهذه القضية الى حلب، ليُحاكموا فيها لأنها مصدر صدور الرسالة، وما إن وصلوا حلب حتى اودعوا السجن. فظلَّ القس يوسف قابعاً في السجن لمدة شهرين وسبعة أيام، وفي 24/8/1918م أصدرت المحكمة حكماً ببراءَته وإطلاق سراحه. وللمرتين يفلت القس يوسف تفنكجي من قبضة المجرمين، وللحال توجَّهَ الى بيروت وأقام فيها مقدماً الخدمة للطائفة الكلدانية.
( بلغ عدد العوائل الكلدانية في لبنان حسب تقديرات الأب تفنكجي حوالي 450 عائلة سنة 1922. عين الأب يوسف تفنكجي كاهناً في بيروت التي وصلها في 27 كانون الثاني سنة 1927 وهو من مواليد ماردين 1885، رسم كاهناً في الموصل سنة 1907.  وهو أول من شيد كنيسة الكلدان في بيروت، على اسم القديسة تريزيا، وقد بدأ العمل ببنائها عام 1930م، وتكونت لجنة لجمع التبرعات مؤلفة من السادة: الدكتور حنا زبوني، نصري تمرز، وديع نعيم، ريمون عبوش، طوبيا عطار، بولس شوح . ا"بعد وفاة الخوري منصور قرياقوزا يوم عيد الميلاد لعام 1934م والذي كان قد وصل الى لبنان في 19 ايلول عام 1909م" عُيِّن القس يوسف تفنكجي وكيلاً بطريركياً في بيروت. في سنة 1936م  قام الأب تفنكجي باحصائيات للكلدان في لبنان وارسلها الى البطريركية وكانت كما يلي: بيروت 1225 نفساً، زحلة 160، حدث 20، جونيه 35، طرابلس 68، رياق وبعلبك 20 قرى أخرى 110. وفي عام 1937م رقي الى مرتبة الخوري. رقد بالرب في 23 تشرين الثاني 1950. ويُقال بأنَّه  في سنة 1970 رقد الخوري تفنكجي قرير العين. للأب تفنكجي كتاب بعنوان ( الكنيسة الكلدانية بين الأمس واليوم) باللغة الفرنسية / ط . 1913م، إنَّه أحد المصادر المُهمة رغم عدم  دقة بعض المعلومات الواردة فيه تاريخياً. )
أما المطران جبرائيل تبوني فقد ظلَّ في السجن فترة أطول من القس يوسف تفنكجي أي حتى نهاية شهر ايلول، إذ في 1 تشرين الأول 1918م أُعلِنت براءتُه، فأطلِقَ سراحُه بعد مُعاناة صعبة وضائقةٍ مالية مؤلمة.
الإستيلاء على كنيسة الكلدان وهدم اسوار ساحتها
في مستهلِّ عام 1916م شرع الألمانُ حلفاءُ العثمانيين بالقدوم الى البلاد، جالبين معهم الكثيرَمن العجلات والآليات المتنوعة، لغرض نقل التجهيزات العسكرية الى الموصل وبغداد. ولما كانت أزقة ماردين ضيِّقة ومتعرجة، فكانت تسبب عرقلة لمرور تلك العجلات، ولذلك أصدرت السلطات أمراً بتعريض الأزقة ولا سيما الزقاق المار في وسط المدينة. وتنفيذاً لهذا الأمر، فإنَّ الكثير من المنازل طالها الهدم، وشمل الهدم أسس المبنى المُلحق بكنيستنا المحاذية للشارع الذي بوسط المدينة حيث سُوِّيَت بالأرض، وبذلك صارت ساحة كنيستنا مفتوحة ومشاعة أمام العامة. وبعد سنتين هُدِمت لنا حوانيت أربعة والغرف المشيَّدة فوقها. وأخيراً في 16/1/1917م استولى الجيش على كنيستنا جاعلاً منها مخزناً لتجهيزاته، ولم يُبقِ منها لإقامتنا إلا الطابق الثاني، حيث جعلنا أحد أجنحته موضعاً للصلاة ولإقامة الذبيحة الإلهية. وبعد سنتين من استحواذ الجيش على كنيستنا ووضع الحرب العالمية الأولى أوزارها، وفي ذات اليوم أي 16/1/ 1919م وبناءً الى طلبنا المتكرِّر، لبَّى الجيش رقبتنا فترك كنيستنا بعد إفراغها من تجهيزاته التي كانت معبأة بها.
زيارة مفاجئة لمار بطرس عزيز لكنيستنا
وفي غمرة انشغالنا بتطهير الكنيسة وإعادة تكريسها، وشمس يوم الجمعة نهاية كانون الثاني 1919م كادت توشك على المغيب وإذا بسيادة مار بطرس عزيز مطران سلامس /ايران السامي الإحترام، يفاجئُنا بزيارة، يُرافقه خمسة كهنة وخمس نساءٍ وطفل واحد، لأنَّ أبرشيتي سلامس واورميا في ايران قد طالهما الدمار، وإن المطران وكهنته زُجّوا في السجن فقبعوا فيه لمدة ثلاثة أشهر. وبفضل طبيب ذي تأثير أُخليَ سبيلُهم، فهربوا ووصلوا الى آمد بحالةٍ يُرثى لها بسبب ما تكبدوه من صعوبة شديدة في طريق الهرب، بحيث أنَّ أجسامهم تشوَّهت بالأدران والقروح وقد التصقت بها ملابسهم الممزقة البالية، إلا أنَّ ما أظهره تجاههم مارسليمان صباغ مطران آمد من فرح في استقباله لهم، والإعتناء البالغ الذي أمر ببذله لراحتهم، خفَّفَ الكثير من تأثير بلواهم، فقد زوَّدهم بثيابٍ جديدة وواساهم بكلمات رقيقة، وامتدَّت استضافته لهم ثلاثة أشهر، ثمَّ ودَّعهم لدى توجههم الى مقرِّنا. ونحن بدورنا كان فرحُنا في استقبالهم عظيماً، وشملتنا غبطة كبيرة بسلامة أخينا مار بطرس عزيز ومُرافقيه، وأوعزنا ببذل كُلِّ ما مِن شأنه أن يُريحهم جسديا ونفسياً، فأمضوا في ضيافتنا ثمانية عشر يوماً، ثمَّ غادروا مقرَّنا الى نصيبين يوم الثلاثاء الموافق 18/2/1919م ومنها الى الموصل. والى الحلقة التاسعة قريباً.
الشماس د. كوركيس مردو



اضطهاد العثمانيين لمُـواطني الكلدان والسريان بشقّيهم عام 1915م الحلقة الأولى- الحلقة التاسعة Kawmiya2
من يقف في صف كنّا وآغجان فأنه مشارك في تهميش وإستلاب حقوق الكلدان

يونادم كنّا وآغاجان كفتا ميزان لضرب مصالح مسيحيي العراق ولاسيما الكلدان

من يتعاون مع كنّا وآغجان فكأنه يطلق النار على الكلدان

To Yonadam Kanna & Sarkis Aghajan

You can put lipstick on a pig but it is still a pig

To Kanna & Aghajan

IF YOU WANT TO REPRESENT YOUR OWN PEOPLE,
YOU HAVE TO GO BACK TO HAKKARI,
TURKEY & URMIA, IRAN


اضطهاد العثمانيين لمُـواطني الكلدان والسريان بشقّيهم عام 1915م الحلقة الأولى- الحلقة التاسعة 7ayaa350x100
اضطهاد العثمانيين لمُـواطني الكلدان والسريان بشقّيهم عام 1915م الحلقة الأولى- الحلقة التاسعة Images


ياوطني يسعد صباحك
متى الحزن يطلق سراحك
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
كلداني
(داينمو الموقع)
(داينمو الموقع)
كلداني


اضطهاد العثمانيين لمُـواطني الكلدان والسريان بشقّيهم عام 1915م الحلقة الأولى- الحلقة التاسعة Uouuuo10
اضطهاد العثمانيين لمُـواطني الكلدان والسريان بشقّيهم عام 1915م الحلقة الأولى- الحلقة التاسعة Awsema200x50_gif

اضطهاد العثمانيين لمُـواطني الكلدان والسريان بشقّيهم عام 1915م الحلقة الأولى- الحلقة التاسعة Tyuiouyاضطهاد العثمانيين لمُـواطني الكلدان والسريان بشقّيهم عام 1915م الحلقة الأولى- الحلقة التاسعة Ikhlaas2اضطهاد العثمانيين لمُـواطني الكلدان والسريان بشقّيهم عام 1915م الحلقة الأولى- الحلقة التاسعة Goldاضطهاد العثمانيين لمُـواطني الكلدان والسريان بشقّيهم عام 1915م الحلقة الأولى- الحلقة التاسعة Bronzy1اضطهاد العثمانيين لمُـواطني الكلدان والسريان بشقّيهم عام 1915م الحلقة الأولى- الحلقة التاسعة Shoker1

البلد : العراق
مزاجي : احب المنتدى
الجنس : ذكر
عدد المساهمات : 8512
تاريخ التسجيل : 16/06/2010
الموقع : في قلب بلدي المُحتَل
<b>العمل/الترفيه</b> العمل/الترفيه : طالب جامعي

اضطهاد العثمانيين لمُـواطني الكلدان والسريان بشقّيهم عام 1915م الحلقة الأولى- الحلقة التاسعة Empty
مُساهمةموضوع: رد: اضطهاد العثمانيين لمُـواطني الكلدان والسريان بشقّيهم عام 1915م الحلقة الأولى- الحلقة التاسعة   اضطهاد العثمانيين لمُـواطني الكلدان والسريان بشقّيهم عام 1915م الحلقة الأولى- الحلقة التاسعة Alarm-clock-icon3/7/2023, 7:13 pm

اضطهاد العثمانيين لمُـواطني الكلدان والسريان بشقّيهم عام 1915م الحلقة الأولى- الحلقة التاسعة 0H7m7SJ
اضطهاد العثمانيين لمُـواطني الكلدان والسريان بشقّيهم عام 1915م الحلقة الأولى- الحلقة التاسعة Dr-Gorgees-Mardo
DrGorgees Mardo

02.07.2023
اضطهاد الكلدان والسريان بشقّيهم عام 1915م
الحلقة التاسعة
إعادة فتح المدرسة وتجديدها
في (الصفحات 121 -  130) يواصل ماراسرائيل اودو وصف حالات الإضطهاد الأليمة المُثارة من قبل حكام الدولة التركية الجدُد الموغلين في تزمتهم الديني والعنصري المقيت ضِدَّ المسيحيين بشكل عام والأرمن بشكل خاص، فننقل ما رواه هذا الأسقف الجليل بتصرُّفٍ صياغي كعادتنا دون المساس بالمضمون.
في مُستهَلِّ شهرآب لعام 1919م أعَدنا فتح مدرستنا المُستولى عليها منذ عام 1915م، فنزلنا الى الشوارع نجمع الأطفال المُشرَّدين، وعهدنا بإدارتها الى إثنين من كهنتنا، أحدهما القس كوركيس القادم من اسطنبولفطلبنا منه البقاء عنطنا، أما الثاني وهو القس اوغسطين خرموش المارديني فقد استقدمناه من الموصل. تقدَّمت المدرسة بمهمتها التدريسية وعمَّها الإزدهار، ولكنَّ يد العسكر طالتها ثانية واستولوا عليها في شهر أيار لعام 1924م مع المشتملات التي تتكوَّن منها كنيستنا عدا الطابق العلوي، فقد تركوه لإقامتنا، واستمرَّت إقامة العسكر زهاء عشر سنوات. لقد بدأت مُعاناتُنا منذ أن شغل الدار وسطحها عددٌ من العسكر والكثبرُمن الأكراد الماردينيين، كان يتجاوزعددُهم أحياناً المئتي فرد، وكُلُّ وجبةٍ ينتهي واجبُها تَحِل محلها وجبة اخرى، سبَّبَ تكدُّسُهم هذا العفونة والنتانة نتجت عنهما رائحة كريهة أفسدت الهواء، وكانت أصوات اغانيهم وصيحاتهم المسببة للضوضاء المُزعجة والتي لم تكن تهدأ حتى منتصف الليل، وبذلك كانوا يتعمَّدون إزعاجنا وإقلاق راحتنا وراحة جيراننا يسلبون النوم من عيوننا ليلاً ونهاراً بتصرفاتهم الرعناء، وقد بدأ ذلك منذ صيف 1924م وحتى اوائل الشتاء.
وبنهاية فصل الخريف ذهب خالد بيك رئيس هذا التجمُّع المزعج، وقابل قائد الفرقة طالباً منه موافقته ليقوم بالإستيلاء على كنيستنا، ليجعل منها ثكنة لإقامة عساكره بدلاً من مُلحقها الحالي الذي يشغله، مبيِّناً له صعوبة الإقامة في العراء في الشتاء بسبب الأمطار وبرودة المناخ. وهنا تدخَّلت العناية الإلهية، فكان أنَّ القائد لم يرفض طلبَه فحسب، بل امره بوجوب إخلاء المُلحق المشغول من قبل عساكره فوراً لأنَّ الفرقة بحاجةٍ إليه. ولما علمنا بقاء الفرع أفضل لنا من الفرقة، التمسنا من القائد بقاء الفرع في ملحقنا ولا يسلمُه للفرقة فقبل التماسنا، وفي ذات الوقت طلبنا من خالد بيك، أن لا يبقَ الجنود عندنا في الليل فقبل طلبَنا هو الآخر، وبذلك حصلنا على نسبةٍ من الراحة وإن كانت غير كافية.
العدالة الإلهية تُمهلُ ولا تُهمِل
في منتصف ليلةٍ من ليالي اوائل شباط لعام 1922م، حدث بأنَّ صخرة كبيرة جداً انفصلت من الكهف الذي يعلو حِصنَ مدينة ماردين وسقطت على التل الكائن تحت الحِصن من ناحيته الجنوبية، فتدحرجت بقوة ووصلت بسرعةٍ هائلة، وصدمت داراً من دور المنطقة العليا من ماردين، كانت من أبرز دور المنطقة تصميماً وجمالاً واُبَّهة بفضل هندستها الرائعة، حيث كانت تتراءى للناظر إليها بأنها مُشيَّدة وكأنَّها دارتان إحداهما فوق الأخرى، وكانت مُحاطة ايضاً بسور ضخم من الحجارة الكبيرة والصلبة، وكُلُّ ذلك لم يصمُد أمام عنف تلك الصخرة الثقيلة وسرعتها الهائلة، فأحدث ارتطام الصخرة بالدار اهتزازاً مدوياً ارتجَّت من هوله المنطقة، فهوت برمتها، وبسقوطها دفنت ساكنيها تحت انقاضها، وكان عددُهم إثني عشر فردا، أُخرجت جثثُهم في صبيحة اليوم التالي. كان القتلى صاحب الدار المدعو نوري اونباشي المارديني وأهل بيته جميعاً، كانت الحادثة مدعاة رعبٍ وفزع للذين عاينوا الحدث وحتى للذين سمعوا به.
كان نوري اونباشي أشرس الرجال الذين ساهموا في أعمال الإضطهاد فعلياً وإشرافاً، كان يُمضي جُلَّ وقته داخل السجن منهمكاً في تعذيب المسيحيين، ولشدة شراسته وتزمُّته الإسلامي الفظيع، لم يتورَّع عن ضرب إثنتَي عشرضربة عصا على رجلَي المطران الجليل مار اغناطيوس مالويان. كان يصُبُّ النفط في أفواه المسيحيين فيختنقوا، عذَّب الكهنة وقتل الأماجد. اقتلع أظافر المؤمنين المسيحيين بالكِلاّبات، ولم يترك صنفاً من العذابات إلا وأذاقهم إياه وهو يقول لهم بتهكُّمٍ وتحدٍّ: ليأتي مسيحكم ويُنقذكم من يدي. ولكن ما إن بلغ زمن الغضب الإلهي أوانه، وأزفت ساعة انتقامه العادل، حتى تدحرجت تلك الصخرة العملاقة التي لم توجِدها هناك يدٌ بشرية، فدكَّت بيت ذلك المتغطرس واقتلعته من أسُسِه، فهشَّمت انقاضُه جمجمته وسحقت عظامه وعظام نسائه وابنائه، وهذه تكون نهاية الشرير المُستهين بالخالق وخلائقه! حيث يُزيله ويُمحي ذريته!!! إنَّ إثنتي عشر ضربة عصا التي ذاقتها رجلا مار اغناطيوس مالويان، فإنَّ إثنتي عشر نفساً هلكت من عائلة المجرم بما فيها تفسُه. ايها الإله العظيم، بقدر ما هي رحمتك كبيرة! فإنَّ عدالتك توازيها بالقوة، وكثيراً ما لا تنتظر فتظهرها على الأرض!
ومن الجدير بالذِكرالقول: بأنَّ هذا الشخصَ الشقيَّ الحاقدَ نوري اونباشي، ومن خلال الدور الإجرامي الذي كان يُمارسُه ضِدَّ المسيحيين، أيام شراسة الإضطهاد، قام بسبي شابة ارمنية الأصل بالقوة واتخذها زوجة له، فأنجبت منه طفلة.  وفي ليلة الحادث ونزولاً عند الحاح هذه الطفلة الشديد على امها بالخروج من الدار الى الخارج، لم يسع الأم إلا تلبية رغبة طفلتها وبخاصةٍ أن الأرق قد أصابها ولم يعُد باستطاعتها النوم، فخرجتا من الدار بوقتٍ قصير جداً قبل انهيار تلك الدار وسقوطها فوق رؤوس ساكنيها كما أتينا الى سرده أعلاه، إذ ما إن ابتعدت الأم وطفلتهاعن الدار قليلاً حتى هوت الدار وحوَّلت مَن فيها الى جثثٍ تحت انقاضها. واعتُبرت نجاة هذه المرأة وابنتها آية من السماء تُشير الى أنَّ صاحب العرش السماوي ينتقم للمظلومين أحياناًعاجلاً وليس آجلاً، فكان ما حدث معجزة لأهالي ماردين ولكُلِّ الذين سمعوا به أو شاهدوه!
نبذة عن ابرشية آمد والإضطهاد الذي طال أبناءَها
كانت للمِلة الكلدانية بحسب المصطلح التُركي أي "الأمة الكلدانية" عام 1915م كنيسة تُعرف بـ"كنيسة الكُرسي" في مدينة آمد "دياربكر" مُشيَّدة على اسم الشهيد ماربثيون، تُجاورها دار واسعة هي مقر الأسقفية الكلدانية، شيَّد مارسليمان صبّاغ في طابقها العلوي قسماً إضافياً، حيث كان هو مطران ابرشية آمد، يُساعده في تقديم الخدمات الروحية للكلدان خمسة كهنة وهم كُلٌّ من: القس اسطيفان دلالي، القس بطرس جرّاح، القس يوسف طايور، القس سليمان كوجك اوسطا والقس طيمثاؤس فضلي، وكُلُّهم من مدينة آمد. يتعاون معهم في الخدمة 14 شماساً رسائلياً و12 شماساً قارئاً. وبجوار الكنيسة ثلاث مدارس للبنين وفي خارجها ثلاث مدارس للبنات. كان عدد أبناء المِلة الكلدانية في مدينة آمد نفسها يربو على الثلاثمائة وخمسين عائلة، عدا العوائل التي تعيش في القرى التابعة لمركز الأبرشية.
في شهر نيسان لعام 1915م أوعزت السلطات الحاكمة الى الجهات العسكرية بتحرّي بيوت المسيحيين بحجة البحث عن الأسلحة، فقامت العساكر بتفتيش كُل الأماكن المشكوك بوجود الأسلحة فيها، شملت التنقيب في أسُس الأبنية وحتى في المجاري ومواضع رمي القِمامة، ولما أعياهم البحث دون أن يجدوا شيئاً، دفعهم عجزُهم بل ربما كان ذلك البحث الفاشل ذريعة لتنفيذ هدفهم الأساس هو إلقاء القبض على أشراف مِلة الكلدان والطوائف المسيحية الأخرى وزجِّهم في السجون، حتى بلغ عدد المقبوض عليهم من الكلدان فقط (80 رجلاً). في بداية أيارمن السنة ذاتها، أخرجوهم من السجن ونقلوهم بالأكلاك هم وأبناء الطوائف المسيحية الأخرى، وبعد مسيرة ساعتين في نهر دجلة، أوقف المُجرمون الأكلاك وانزلوا المأسورين الى البر، وذبحوهم بأسرهم ورموا جثثهم في المغاور الملاصقة لساحل نهر دجلة. وبعد مرور ثلاثة أشهرعلى بداية الإضطهاد، أي في 29 حزيران أُبلِغ المطران سليمان صبّاغ بمضمون البرقية التي استثنت الكلدان من الإضطهاد. ولكن أيَّ رجل مسيحي يُشاهد في الشارع خارج داره، يُقبض عليه ويُرمى في السجن، وفي اليوم التالي يُعثرُ على جثَّتِه ملقاةً في البساتين.
بتاريخ 29 حزيران 1915م أرسل الدكتور رشيد حاكمُ آمد، في طلب السعيد الذكر مارسليمان صباغ مطران آمد الكلداني، ولدى دخوله إليه لوحده دون مُرافق، ناوله الحاكم برقية مُرسلة من العاصمة اسطنبول، فحواها: < إنَّ الكلدان والسريان والروم مستثنون من السبي والإضطهاد. فما كان من المطران سليمان إلا أن فتح فاه، داعياً للحاكم والسلطان. وبعودته من لدن الحاكم، اصطحب معه السجناء من الكلدان والطوائف المسيحية الأخرى عدا الأرمن، ولما وصل الى الكنيسة أقام صلاة شكر وتسبيح لله على الخلاص الذي مُنِح!
خلال شهر تموز لعام 1915م تمَّ إلقاء القبض على عددٍ كبير من الأرمن ومن ضمنهم العديد من العوائل الكلدانية، فسارع المطران سليمان الى تذكير الحاكم بأمر البرقية الصادرة من اسطنبول التي تستثني الكلدان من السبي والإضطهاد، طالباً منه إخلاء سبيل المُعتقلين من الكلدان، بيد أنَّ الحاكم لم يُعِر لطلبه إذناً. ونتيجة لذلك فإنَّ زهاء (700 شخصاً) تمَّ قتلُهم بالرغم من صدور قرار الإستثناء بحقهم ومن العاصمة اسطنبول. ولما رأى أبناء مِلتنا الكلدانية بأنَّ المُضطهِدين القساة عازمون على إبادتهم واجتثاثهم من الأرض وعلى دفعات، اجتمعوا عند المطران سليمان وتشاوروا فيما بينهم، وأقرَّ رأيُهم على جمع مبلغٍ من المال لكي يُبعدوا عنهم السبي والقتل، فجمعوا (800 ليرة ذهب) وكمية من المصوَّغات تُعادل بصف هذا المبلغ، وسلَّموها للمطران سليمان، وقام هو بدوره وذهب الى رئيس القتلة وأعطاه إياها، فأعطى هذا قسماً منها الى منظمتي الصليب والهلال الأحمرَين، فكانت هذه الخطوة فعالة لنجاة مَن تبقى من العوائل الكلدانية التي قارب عددُها المئتي عائلة.
نبذة عن راعي أبرشية آمد المطران سليمان صباغ
وُلِد المطران سليمان صباغ في مدينة الموصل في نيسان 1866م واختار له ابواه في العماذ اسم سليمان، وبعد أن أصبح فتىً أدخِل الى معهد شمعون الصفا الكهنوتي الكلداني في الموصل، وبعد استكماله دروسه المُقرَّرة، رُسِم كاهناً في 8/4/ 1988م في كنيسة مِسكنته الموصل بوضع يد المثلث الرحمات مارايليا الثاني عشر عبو اليونان بطريرك بابل على الكلدان.  وخلال قيامه في خدمته الكهنوتية في الموصل مسقط رأسه، انيطت به إدارة معهد شمعون الصفا الكهنوتي 1892 – 1897م خلفاً لمديره القس يوسف توما الذي اختير( مطراناً لسعرد ثم بطريرك بابل باسم مار عمانوئيل الثاني توما). اختير القس سليمان صباغ راعياً لأبرشية آمد، خلفا لراعيها المطران مار عـبديشوع الذي انتُخب بطريركاً باسم ( البطريرك مار عبديشوع الخامس خياط 1894 –  1899م) وتمَّت رسامتُه مطرانا لها في شهر ايلول لعام 1897م بوضع يد سلفه المثلث الرحمات البطريرك مار عبديشوع الخامس خياط. كان المطران سليمان صباغ يُجيد أربع لغات نُطقاً وكتابة وبطلاقةٍ هي: الكلدانية والعربية والتركية والفرنسية، وفوراستلامه لأبرشية آمد بذل اقصى جهده في خدمة أبنائها بكُل حزم وهمةٍ ونشاط لا يعرف الكلل لمدة ستٍّ وعشرين سنة.
في مدى سنيه الحبرية شيَّدَ ثلاث كنائس وأربع مدارس، وعمل على مضاعفة أوقاف كنيسة مار فثيون حيث وصل عددُها (21 حانوتاً) ودارين. إتَّصف بمحبته الكبيرة لأبناء أبرشيته، وباهتمامه بمتابعة التربية التي تُبذل في مدارس الأبرشية غيرة منه على تزويد الناشئة من البنين والبنات بالثقافة العلمية والخصال الروحية. وشملت غيرتُه مَيلَه الكبير الى ايواء الأيتام والأرامل ومساعدة المُعوزين والمظلومين. وفي السنوات الأخيرة بذل جهداً كبيراً في جمع شمل الأيتام من أبناء أبرشيته الذين فقدوا آباءَهم وامهاتهم نتيجة الإضطهاد المُثار ضِدَّ المسيحيين من قبل الدولة العثمانية الباغية، حيث أنشأ لهم ميتماً وعهد بإدارته الى القس سليمان كوجك اوسطا، وراح ينفق عليهم من حسابه الخاص لعدم وجود أية مُخصصات لهم لتوفير الكسوة والطعام الى جانب تعليمهم القراءة والكتابة ومهن اخرى. وصل عدد الأيتام في الميتم الى (45 يتيماً) عدا القائمين على رعايتهم والعناية بهم. وإذ عمَّ البلادَ الغلاءُ الفاحش وقع المطران صباغ في ضائقة مالية، والمَّت به الضيقات والمشاكل وهذا ما أطلعني عليه هو ذاته في رسائله التي كان يخصُّني بها. وقد ذكر لي في إحداها قائلاً: لقد بلغت بنا الحال أن نأكل خبز الشعير، وحتى هذا لم نكن نحصل عليه.
لم يُثنيه الوضع الحرج بكُلِّ ثقله، من إلقاء المواعظ والإرشادات أيام الآحاد والأعياد على المؤمنين ولم تكن مدة الوعظ لتقل عن الساعة الواحدة، يُعلِّم ويُفسِّر بلغةٍ سلسة يفهمها السامعون، كان ذكيّاً بليغ الكلام فصيح الإنشاء في كلتا اللغتين العربية والتركية، عفيف النفس، طاهر الجسد والقلب، يستيقظ مبكِّراً، يبدأ يومَه بتلاوة الصلوات الطقسية القانونية، معدَّل نومه لا يتعدَّى الخمس ساعاتٍ في اليوم. رجل نظامي يؤدي واجباته بأوقاتها المعينة، متشدِّد مع  كهنته الى حد القساوة أحياناً، حريص على تحليهم بالخصائل الجيدة، متواضع مع جميع الناس وصارم جداً مع منتهكي القوانين. الأحداث المأساوية التي تزامنت مع أعوامِه الثمانية الأخيرة، أي منذ عام 1915م وحتى عام وفاته 1923م نغَّصت حياته ولم يذق فيها طعم الراحة من جراء النكبات والمصائب التي ألمَّت بأبناء ابرشيته، إذ كان يراهم يُذبحون رجالاً ونساءً وأطفالاً وليس من منقذٍ، ومِمّا لم يقوى على تحمُّله، وجعل فرائصَه ترتعد وقواه تخور، هو سبيُ نساء وبنات شعبه من قبل المُضطهدين الوحوش البرابرة الأتراك والأكراد.
في مساء يوم الخميس الموافق للأول من حزيران لعام 1923م، وبعد انتهائه من إلقاء وعظه الذي استغرق زهاء ساعةٍ واحدة، خرج من الكنيسة، وإذا به يشعر بتعبٍ مشوبٍ بالألم في بطنه وكأنَّ امعاءَه تحترق وتتمزَّق. أسرع الأطباء فوراً الى إسعافه بمختلف الأدوية المتاحة، لكنَّ حالته لم تستجب للعلاج، فأسلم روحه الطاهرة الى باريها بعد مضيِّ أربع وعشرين ساعة. وفي اليوم التالي وفي الساعة التاسعة صباحاً، ووريَ جُثمانُه الثرى بعد خدمته الطويلة في كرم الرب. دفن في قبر جديد أُعِدَّ له في الإيوان المقابل لباب كنيسة مار فثيون الشهيد. ترأس مراسيم الدفنة مار اسرائيل اودو مطران ماردين  وساعده جوق كهنة وشمامسة آمد. كما ترأس المطران اودو قداساً احتفالياً عن روحه الطاهرة، وابَّنه ممتدحاً فضائله ومعدِّداً أعماله الجليلة أمام حشدٍ كبير من المؤمنين من كُلِّ الطوائف المسيحية. وكان ذلك يوم الأحد الثالث من سابوع الرسل الموافق للرابع من حزيران 1923م. والى الحلقة العاشرة قريباً
الشماس د. كوركيس مردو



اضطهاد العثمانيين لمُـواطني الكلدان والسريان بشقّيهم عام 1915م الحلقة الأولى- الحلقة التاسعة Kawmiya2
من يقف في صف كنّا وآغجان فأنه مشارك في تهميش وإستلاب حقوق الكلدان

يونادم كنّا وآغاجان كفتا ميزان لضرب مصالح مسيحيي العراق ولاسيما الكلدان

من يتعاون مع كنّا وآغجان فكأنه يطلق النار على الكلدان

To Yonadam Kanna & Sarkis Aghajan

You can put lipstick on a pig but it is still a pig

To Kanna & Aghajan

IF YOU WANT TO REPRESENT YOUR OWN PEOPLE,
YOU HAVE TO GO BACK TO HAKKARI,
TURKEY & URMIA, IRAN


اضطهاد العثمانيين لمُـواطني الكلدان والسريان بشقّيهم عام 1915م الحلقة الأولى- الحلقة التاسعة 7ayaa350x100
اضطهاد العثمانيين لمُـواطني الكلدان والسريان بشقّيهم عام 1915م الحلقة الأولى- الحلقة التاسعة Images


ياوطني يسعد صباحك
متى الحزن يطلق سراحك
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
كلداني
(داينمو الموقع)
(داينمو الموقع)
كلداني


اضطهاد العثمانيين لمُـواطني الكلدان والسريان بشقّيهم عام 1915م الحلقة الأولى- الحلقة التاسعة Uouuuo10
اضطهاد العثمانيين لمُـواطني الكلدان والسريان بشقّيهم عام 1915م الحلقة الأولى- الحلقة التاسعة Awsema200x50_gif

اضطهاد العثمانيين لمُـواطني الكلدان والسريان بشقّيهم عام 1915م الحلقة الأولى- الحلقة التاسعة Tyuiouyاضطهاد العثمانيين لمُـواطني الكلدان والسريان بشقّيهم عام 1915م الحلقة الأولى- الحلقة التاسعة Ikhlaas2اضطهاد العثمانيين لمُـواطني الكلدان والسريان بشقّيهم عام 1915م الحلقة الأولى- الحلقة التاسعة Goldاضطهاد العثمانيين لمُـواطني الكلدان والسريان بشقّيهم عام 1915م الحلقة الأولى- الحلقة التاسعة Bronzy1اضطهاد العثمانيين لمُـواطني الكلدان والسريان بشقّيهم عام 1915م الحلقة الأولى- الحلقة التاسعة Shoker1

البلد : العراق
مزاجي : احب المنتدى
الجنس : ذكر
عدد المساهمات : 8512
تاريخ التسجيل : 16/06/2010
الموقع : في قلب بلدي المُحتَل
<b>العمل/الترفيه</b> العمل/الترفيه : طالب جامعي

اضطهاد العثمانيين لمُـواطني الكلدان والسريان بشقّيهم عام 1915م الحلقة الأولى- الحلقة التاسعة Empty
مُساهمةموضوع: رد: اضطهاد العثمانيين لمُـواطني الكلدان والسريان بشقّيهم عام 1915م الحلقة الأولى- الحلقة التاسعة   اضطهاد العثمانيين لمُـواطني الكلدان والسريان بشقّيهم عام 1915م الحلقة الأولى- الحلقة التاسعة Alarm-clock-icon9/7/2023, 3:43 pm

اضطهاد العثمانيين لمُـواطني الكلدان والسريان بشقّيهم عام 1915م الحلقة الأولى- الحلقة التاسعة XqUIxZD
اضطهاد العثمانيين لمُـواطني الكلدان والسريان بشقّيهم عام 1915م الحلقة الأولى- الحلقة التاسعة Dr-Gorgees-Mardo
DrGorgees Mardo

05.07.2023
اضطهاد الكلدان والسريان بشقّيهم قبل عام 1915م
الحلقة العاشرة
قرى ضواحي آمد وكنائسُها
لا زِلنا نُواصل النقل بتصرُّف صياغي دون المساس بالمضمون ما دوَّنه المطران الكلداني السعيد الذكرماراسرائيل اودو عن مآسي المسيحيين سكان البلاد الأصليين للبلاد التي احتلَّها الغزاة الهمجيون القادمون من مناطق الشرق االأقصى وكانت آخر موجاتهم الباغية إحدى السلالات المغولية التي عُرفت باسم زعيمها عثمان، فلُقِّب أبناؤها والمُنتمون إليهم بالعثمانيين، ومنذ استيلائهم على البلاد لم يسلم من جورهم أصحابُها الأصليون. ففي ( الصفحات 130 – 136) من كتابه يروي لنا ما يلي عن الظلم الفاحش الذي ارتكبوه ضِدَّ المسيحيين في اضطهادهم السيِّء الصيت الذي أثاروه عليهم في عام 1915م واستمرَّ حتى وضع الحرب العالمية الأولى أوزارها.
في غربيِّ مدينة آمد تقع قرية تُسمَّى "آلي بونار" ( وكان الكلدان قديماً يُدعونها " بيت تنوري" ويُضفى على اسقفها لقب المعاون البطريركي في الفترة التي كانت آمد مقراً لكرسي البطريركية الكلدانية) فيها كنيسة واحدة تحمل اسم " كنيسة مار قرياقوس الشهيد" يُحيط بها مُلحقٌ سكني يشتمل على (14 غرفة) يؤمُّها في الصيف عددٌ من الأهالي لإعتدال مناخها ولطافة هوائها المنعش.
في أكتوبر1895م بدأت المجازر ضد المسيحيين في دياربكر وبعدها إنتشرت المذابح لِتَشْمل كل المدن حيث تم إبادة مئات الألاف من الأرمن وعشرات الألاف من الكلدان الكاثوليك والكلدان النساطرة، وتم إجبار ما يُقارب مائة ألف مسيحي لإعتناق الإسلام. بدأت أولى عمليات الإبادة على نطاق واسع في السنة  الآنفة الذكر والتي عُرفت بالمجازر الحميدية عندما قتل مئات الآلاف من الأرمن والكلدان الكاثوليك والنساطرة في مدن جنوب تركيا وخاصة بأدنة وآمد "دياربكر" بحجة افترائية أتهامية  للأرمن بمحاولة اغتيال السلطان عبد الحميد الثاني. غير أن السبب الرئيسي من وراء المجازر التي حلت بالكلدان بشقيهم الكاثوليك والنساطرة والسريان هي خشية العثمانيين من انضمامهم الى الروس والثوار الأرمن. يعتقد المؤرخون أن السبب الرئيسي وراء التورط الكردي في المجازر هو الانسياق وراء حزب تركيا الفتاة الذي حاول المُخادعون من أعضائه إقناع الأكراد بأن المسيحيين الموجودين في تلك المناطق قد يهددون وجودهم. وبالرغم من قيام الجيش العثماني بارتكاب المجازر ضد مدنيين أكراد في بايازيد وألاشكرت، إلا أن سياسة الترحيب والترغيب والتحريض للدفاع عن الإسلام دفعت معظم أفراد العشائر الكردية إلى التحالف مع الأتراك. كما استغلت ميليشيات كردية شبه نظامية فرصة احتدام الفوضى في المنطقة  لكي تفرض هيمنتها، فهاجمت قرى سريانية وكلدانية كاثوليكية ونسطورية من أجل الحصول على الغنائم.
ومن جملة هذه القرى كانت قرية آلي بونار التابعة لآمد، حيث طال الدمار كنيستها وملحقها السكني فغدت خراباً، حتى قام مطران آمد الكلداني مارسليمان صبّاغ بإعادة بنائها وملحقها بفضل تبرعات أبناء ابرشيته. ولكن عندما اُثير اضطهاد قاسٍ وكبيرعام 1915م ضِدَّ مسيحيي الدولة العثمانية عامة والأرمن خاصة، تعرَّضت الكنيسة للسلب والنهب ثم الهدم ثانية، وقد صادرها الجيش لإقامة أفراده فيها.
وفي جنوبيِّ آمد وعلى ساحل دجلة كانت هناك قرية تُسمَّى "جاروخية"تبعد عن آمد مسيرة ساعة ونصف، تسكنها أربعون عائلة. وفيها كنيسة مشيَّدة على اسم الشهداء شموني وأولادها السبعة المقابيين. يقوم بتقديم الخدمات الروحية لمؤمنيها القس توما كربوش المارديني، كان كاهناً يتَّسِم بالصلاح والفضيلة، وكانت للقرية مدرسة واحدة لتعليم الأطفال. في اواخر شهر تموز لعام الإضطهاد القاسي 1915م، تفاجأت هذه القرية البائسة بسيل من القوات العسكرية القادمة من آمد، فأحاطت بها من كافة جهاتها لكي لا يفلت أيٌّ من ساكنيها فيهرب، وبعد إحكام الحصار، اجتاحتها والقت القبض على جميع شباب ورجال القرية وحجزتهم في الكنيسة ومعهم الكاهن، ثم قاموا بتفتيش الدور بحثاً عن الأسلحة المزعومة، فلم يعثروا على شيء. أمضى المحجوزون ليلتهم وهم يشعرون بنهايتهم على ايدي اولئك الأشرار، فجنحوا الى التوبة والإعتراف استعداداً للموت المحتَّم، واستمرّوا على الصلاة ساهرين ويقظين، وتوما الكاهن يشُدُّ من عزيمتهم ويُشجعهم على التمسك بايمانهم مُظهرين بسالة في استقبال الموت من أجل المسيح، ليخزى المجرمون القتلة الخالية قلوبُهم من الرحمة بسبب تعصُّبهم الإسلامي البغيض.
وفي صباح اليوم التالي أخرجوهم وكُلُّ عشرة منهم مقيَّدين بالحبال،  واقتادوهم نحو الوادي العميق القريب من قرية زوغا التي تبعد  عن قريتهم "جاروخية" بنحو ساعة من المسير، وهناك جرَّدوهم من ملابسهم  وقطعوا أعناقهم بالسيوف، وذُبِح بعضُهم بالسكاكين، وألقوا جثثهم في ذلك الوادي طعماً لوحوش البر والجوارح من طير السماء. أما القس توما كربوش، فقد قطَّعوا جسده إرباً إرباً، كما فعل الوثنيون الفرس الساسانيون بمار يعقوب المقطَّع، وهنا نسأل هل هناك فرق بين المسلمين والوثنيين؟ لا بل إنَّ المُسلمين أكثر إجراماً من الوثنيين ولا سيما بحق المسيحيين.
استطاعت أمرأتان مسيحيتان أن تخرقا الحصار المُشدَّد المفروض على القرية المنكوبة، حين سنحت لهما فرصة للهروب والوصول الى ماردين، وعن لسانهما استعرضنا تفاصيل المأساة التي حلَّت بأهل قريتهما. إلا أنَّ المجرمين الأكراد كانوا لهما بالمرصاد، فتمكَّنوا من اصطيادهما وهما في طريق العودة الى قريتهما فقتلوهما. كما اصطاد الأكراد إثنتين من بنات الكلدان فاختطفوهما. عقب ترك العساكر للقرية التي قتلوا شبابها ورجالها، شدَّت نساؤها الرحيل ومعهن أطفالهنَّ الى مدينة آمد، فانبرى مطران آمد مار سليمان صباغ، لشدِّ أزرهنَّ من حيث تلبية احتياجاتهنَّ والعناية بأطفالهنَّ، فهيَّأ لهنّ وللأخريات أمثالهنَّ ملجأً لسكناهنَّ، وفيه بدأنا يتعلمنَ القراءة والكتابة، وبلغ عددُ نزيلات الملجأ خمساً وثلاثين نزيلة، وقد عيَّن المطران مرشدا لهنَّ ولأيتامهنَّ القس سليمان كوجك اوسطا. أما قريتهنَّ فقد أتِّخِذ منها معسكراً للجيش مستولين على كنيسة القرية والغرف المُلحقة بها.
ميافرقين المدينة الحاوية  لرفاة الشهداء العريقة
ميافرقين كانت مدينة جميلة ونالت شهرة كبيرة في الأجيال المسيحية الأولى ولا سيما بعد منتصف القرن الرابع  وأوائل القرن الخامس على عهد اسقفها الشهير " مارماروثا الملفان الطوباوي"، اختاره الإمبراطور الروماني مبعوثاً خاصاً له، فقدِم الى المدائن عاصمة المملكة الفارسية ومقر كُرسيِّ جاثاليق كنيسة المشرق الكلدانية. ساهم في كلتا رحلتيه الى بلاد فارس بتثبيت دعائم كنيسة المشرق التي كانت قد زعزعتها الصراعات القائمة بين أساقفتها، فبهِـمَّته ومكانته لدى ملك الملوك الفارسي  ( يزدجرد الأول 399 – 420م ) استتبَّت أمورُها عن طريق مرسوم اصدره ملك الملوك يزدجرد الأول الآنف الذكر. جاء فيه: نحن ملك الملوك يزدجرد الأول، نأمر بأن يُجَدَّدَ بناءُ كُلِّ الكنائس المُهَدَّمة في عموم المملكة، وأن يُخلى سبيل كُلِّ الذين في السجون أو رهن الإعتقال بسبب عَقيدتهم المسيحية، وأن يتمتعَ بالحرية كُلُّ رجال الدين. واعتُبرَ قـرارُ يزدجرد الأول هذا في الشرق، موازياً لمرسوم ميلانو الشهير الذي أصدره عام 313 م قسطنطين الكبير في الغرب قبل مئة عام. والفضل في هذا كُلِّه يعود الى ماروثا اسقف ميافرقين الذي قَدِمَ الى المملكة الفارسية مرتَين في عام 399 م بتكليفٍ مِن الملك الروماني أركاديوس، حيث أبرأَ الملكَ يزدجرد مِن مرضه وأنقذ إبنَه مِن أسر الشيـطان وأنجزَ إبرامَ الصلح بين الفرس والرومان. وفي عام 408 م وبطلبٍ مِن الأساقفة (الآباء الغربيين) الذين كَلَّفوه بنقل رسائلهم الثلاث المُذيَّلة بتواقيع أشهر أساقفة مناطق غرب الفرات (سوريا وما بين النهرين) هُم بحسب ما جاء في كتاب (المجامع الشرقية ص 18 والترجمة ص 255): فريفير يوسف اسقف < بطريرك > أنطاكية ،آقاق اسقف حلب، بقيذا اسقف الرُّها، اوسابيوس اسقف تَلا، و آقاق اسقف آمد. وكانت لرحلتِه الثانية هذه مُهمتان: الاولى ‏إبـلاغ الملك الفارسي يـزدجرد بوفاة الملك الروماني أركاديـوس واعتلاء إبنه (تيئودوسيوس 408 - 450 م) العرشَ الروماني خلفاً لوالده. والمُهمة الثانية فكانت لبذل مسعاه مِن أجل ايجاد الصلح بين أساقفة كنيسة الشرق، حيث كان الكثيرون مِنهم ثائرين على الجاثاليق لطمعهم بالرئاسة، وكان الصراع مُنصبّاً على منصب الجثلقة (الرئاسة العليا الاولى) وقد بلغ أشُدَّه. فنجح مارماروثا بدعم مِن الملك يزدجرد بحصوله مِنه على تثبيت ماراسحق في الرئاسة، وإزالة أسباب النزاع وتذليل الصعوبات ومِن ثمَّ تنظيم شؤون الكنيسة بالدعوة الى عقد مجمع لكنيسة المشرق في مطلع عام 410 م .
فقام مارماروثا بمقابلة الملك يزدجرد وسلَّمه إحدى الرسائل الثلاث الموجهة إليه، ثم استأذنه طالباً موافقته ليأمر بجلب جميع مطارنة وأساقفة المملكة لعقد مجمع شامل لكنيسة المشرق، فلبَّى الملك طلبه وعقد المجمع في عام 410م برئاسة مار اسحق الجاثاليق. إنَّ أهمَّ الأسباب التي دَعَت الى عَقد مجمع ساليق الثاني، كان لإقرار القوانين والأنظمة الكنسية التي أقرَّها مجمع نيقية عام 325 م مِن أجل تطبيقها مِن قـبل رئاسة كنيسة الشرق في كافة كنائسها. وقد ثمَّنت كنيسة المشرق الكلدانية ولا زالت جهود مارماروثا الميافرقيني  بتنظـيمه لسير الشهداء ووَضعِه لهم أناشيدَ خالدة وعذبة تُشيدُ بمآثرهم وتُجَدِّد ذِكراهم ويتغـذَّى مِنها المؤمنون روحياً في تقواهم لمدى الأجيال، كما جعل مِـن مدينته ميافرقين أن يُلقِّبها اليونانيون بـ (مارتيروبوليس) والكلدان بـ (ܡܕܝܢܬ ܣܗܕܐ) وكلتا العبارتين تعنيان "مدينة الشهداء" . ( ملاحظة: كانت مناسبة لكي نتحدَّث عن سيرة أشهر اسقف جلس على كُرسيِّ اسقفية ميافرقين هو "مارماروثا"وعن جهوده الجليلة التي بذلها في خدمة كنيسة المشرق الكلدانية).
كانت اسقفية مدينة ميافرقين العريقة تتبع كرسي مطرانية آمد، لها كنيسة جميلة وحديثة، قبَّتها مُزخرفة بالحجر المنحوت. شيَّدها المثلث الرحمات (مارعبديشوع الخامس خياط بطريرك بابل على الكلدان 1894 – 1899م) في الفترة التي كان رئيس أساقفة آمد قبل تبؤئه السدة البطريركية. كانت الكنيسة مُشيَّدة على اسم ماريوسف خطيب العذراء مريم. يُدير الكنيسة الخوري حنا ميلوس المارديني، يساعده في الخدمة الكنسية سبعة شمامسة، عددُ العوائل الساكنة فيها يناهز المائة وعشر  عائلة. وكانت هناك قرية تُدعى "زيري" تقع في الغرب الجنوبي لمدينة ميافرقين، فيها كنيسة تحمل اسم "كنيسة انتقال العذراء" يقوم بالخدمة فيها كاهن من رهبنة الربان هرمزد المدعو "القس سركيس" تسكنها حوالي خمس وعشرين عائلة.
وفي شهر آب لعام الإضطهاد العثماني الشنيع 1915م الأسود، القى المُجرمون القتلة القبضَ على رؤساء القريتين ميافرقين وزيري وكاهِنَيهما الخوري حنا ميلوس والراهب القس سركيس وأُلحِق بهم كهنة الأرمَن ووؤساء طائفتهم، فبلغ عددُ الذين تمَّ القبضُ عليهم مِئتَي شخص. أقتادوهم الى قرية "ميرعليا" وهم مربوطين بالحبال وبعضهم بالسلاسل الحديدية ومُقيَّدي الأيدي. ولدى بلوغهم الوادي العميق القريب من القرية المذكورة، أوقفوهم فأخرج رئيس العسكر أمر إعدامهم وتلاه على مسامعهم.
وللحال قام الراهب القس سركيس، وسأل رئيس العسكر منحهم بعض الوقت ليستعدّوا فيها للموت.  وبعد أن استجاب لطلبه، حوَّلَ نظره الى ذلك الحشد البائس ووجَّهَ إليهم كلامَه قائلاً: < أحِبائي، إنَّكم الآن قد عرفتم وتيقَّنتم جيداً، بأنهم قد أتوا بنا الى هنا لنُقتل، وها إننا الى الموت مُقبِلون، لا لشيءٍ وإنَّما فقط لأنَّنا مسيحيون! لذا سنموت أطهاراً ابراراً وأنقياء من الخطايا، ونحن في طريقنا الى الملكوت. فليعلم الجميع بأننا لم نقم يوماً ضِدَّ الدولة، ولم نُخالف يوماً قوانينها وشرائعها، فلم يكن بوسعِهم إدانتنا بأيِّ جُرم ارتكبناه! إلا اعتبارهم جُرماً كونُنا مسيحيين! وعليه فإننا لا نخاف مِن مصيرنا، ولا ندع الحزن يستحوذ علينا مهما أعَدّوا لنا. فلنستقبل السيف بفرحٍ، ونقدِّم دمنا ذبيحة مُرضية لمغفرة خطايانا الشخصية التي ارتكبناها حين ضعفنا أمام ربوبيته. فكما قدَّم المسيح ملكُنا دمَهُ كُفّارة عن خطايانا، فكذلك نحن لن نهاب آلامَ الساعة التي تنقلنا من الحياة الزمنية الفانية الى الحياة الأبدية الخالدة. إنَّ عذاباتنا هي لا شيء لو قورنت بالعذابات التي قاساها ربُّنا من أجل خلاصنا. إخوتي انظروا إليه وكأنَّه يُصلب الآن، وهو غارق في بحر من الآلام فتشجَّعوا. ولما فرغ من هذه العِظة رفع عَينَيه الى السماء ونادى بصوتٍ عالٍ قائلا: هلُمّوا تقدَّموا الى هَهُنا. حينذاك خَرّوا جميعُهم على الأرض ساجدين. وأخذ كُلٌّ منهم قليلاً من التراب ووضعوه في أفواههم.
وما إن انتهى الكاهن الغيور حتى التفت نحو رئيس العسكر قائلاً له: لقد أتممنا أيها السيِّد واجبنا، وها إننا مستعِدّون لخوض معركة الجهاد المقدس، هذه المعركة التي أُرغِمنا على خوض غِمارها، فتعالوا وأكملوا ما أُمِرتم بتنفيذه. فأمر رئيس العساكر قواته والمُرتزقة الأكراد بالتحرُّك لتنفيذ المجزرة، فأحاطوا بذلك القطيع من الخراف الوديعة الضعيفة، ثم وثبوا عليهم كالذئاب الجائعة بعد أن أمطروهم برصاصات اسلحتهم الحارقة، فذُبح البعض كالخراف، والبعض الآخر بُقِرت بطونهم بالخناجر وطُعِنّت صدور وأجناب الآخرين بالحراب، ومنهم مَن هُشِّمت جماجمُهم بالحجارة، حتى قضوا على جميعهم، ثم كوَّموا جثثهم في ذلك الوادي، وعاد القتلة حاملين ملابس الشهداء التي نزعوها عنهم قُبَيل قتلهم.
وفي عام 1902م وبينما كان ماراً في ذلك الطريق القس طيمثاؤس فضلي متوجها بأمر من السعيد الذكر مارسليمان صباغ مطران آمد للذهاب الى ميافرقين لخدمة الأنفس التي نجت من المجزرة التي اقتُرفت قرب ذلك الوادي. ولما شاهد اكواما مِن عِظام وجماجم بشرية مُكدَّسة في ذلك الوادي، سأل مُرافقَه العسكري: لِمَن يا تُرى تكون هذه العظام والجماجم؟ ردَّ العسكري قائلاً: إنَّها لأهالي ميافرقين، وكُنتُ أنا أحد المشاركين في قتل اولئك الرجال المسيحيين، وروى له بالتفصيل كيف جرت تلك المجزرة، ونحن دوَّنّاها بأمانةٍ كما رواها.  والى الحلقة الحادية عشرة قريباً
الشماس د. كوركيس مردو



اضطهاد العثمانيين لمُـواطني الكلدان والسريان بشقّيهم عام 1915م الحلقة الأولى- الحلقة التاسعة Kawmiya2
من يقف في صف كنّا وآغجان فأنه مشارك في تهميش وإستلاب حقوق الكلدان

يونادم كنّا وآغاجان كفتا ميزان لضرب مصالح مسيحيي العراق ولاسيما الكلدان

من يتعاون مع كنّا وآغجان فكأنه يطلق النار على الكلدان

To Yonadam Kanna & Sarkis Aghajan

You can put lipstick on a pig but it is still a pig

To Kanna & Aghajan

IF YOU WANT TO REPRESENT YOUR OWN PEOPLE,
YOU HAVE TO GO BACK TO HAKKARI,
TURKEY & URMIA, IRAN


اضطهاد العثمانيين لمُـواطني الكلدان والسريان بشقّيهم عام 1915م الحلقة الأولى- الحلقة التاسعة 7ayaa350x100
اضطهاد العثمانيين لمُـواطني الكلدان والسريان بشقّيهم عام 1915م الحلقة الأولى- الحلقة التاسعة Images


ياوطني يسعد صباحك
متى الحزن يطلق سراحك
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
كلداني
(داينمو الموقع)
(داينمو الموقع)
كلداني


اضطهاد العثمانيين لمُـواطني الكلدان والسريان بشقّيهم عام 1915م الحلقة الأولى- الحلقة التاسعة Uouuuo10
اضطهاد العثمانيين لمُـواطني الكلدان والسريان بشقّيهم عام 1915م الحلقة الأولى- الحلقة التاسعة Awsema200x50_gif

اضطهاد العثمانيين لمُـواطني الكلدان والسريان بشقّيهم عام 1915م الحلقة الأولى- الحلقة التاسعة Tyuiouyاضطهاد العثمانيين لمُـواطني الكلدان والسريان بشقّيهم عام 1915م الحلقة الأولى- الحلقة التاسعة Ikhlaas2اضطهاد العثمانيين لمُـواطني الكلدان والسريان بشقّيهم عام 1915م الحلقة الأولى- الحلقة التاسعة Goldاضطهاد العثمانيين لمُـواطني الكلدان والسريان بشقّيهم عام 1915م الحلقة الأولى- الحلقة التاسعة Bronzy1اضطهاد العثمانيين لمُـواطني الكلدان والسريان بشقّيهم عام 1915م الحلقة الأولى- الحلقة التاسعة Shoker1

البلد : العراق
مزاجي : احب المنتدى
الجنس : ذكر
عدد المساهمات : 8512
تاريخ التسجيل : 16/06/2010
الموقع : في قلب بلدي المُحتَل
<b>العمل/الترفيه</b> العمل/الترفيه : طالب جامعي

اضطهاد العثمانيين لمُـواطني الكلدان والسريان بشقّيهم عام 1915م الحلقة الأولى- الحلقة التاسعة Empty
مُساهمةموضوع: رد: اضطهاد العثمانيين لمُـواطني الكلدان والسريان بشقّيهم عام 1915م الحلقة الأولى- الحلقة التاسعة   اضطهاد العثمانيين لمُـواطني الكلدان والسريان بشقّيهم عام 1915م الحلقة الأولى- الحلقة التاسعة Alarm-clock-icon9/7/2023, 3:47 pm

اضطهاد العثمانيين لمُـواطني الكلدان والسريان بشقّيهم عام 1915م الحلقة الأولى- الحلقة التاسعة OV0bjse
اضطهاد العثمانيين لمُـواطني الكلدان والسريان بشقّيهم عام 1915م الحلقة الأولى- الحلقة التاسعة Dr-Gorgees-Mardo
DrGorgees Mardo


06.07.2023
اضطهاد الكلدان والسريان بشقّيهم عام 1915م
الحلقة الحادية عشرة
وحتى نستكمل نقل ما سطره ماراسرائيل اودو مطران ماردين الكلداني كشاهد عيان على الإضطهاد العثماني البربري قبل عام من الآن ضِدَّ الشرائح المسيحية المتنوعة والأصيلة في بلادها الأصلية التي تعرَّضت لغزوها من قبل موجات شعوب غريبة قادمة من مناطق الشرق الأقصى وكان بنو عثمان آخرهذه الموجات وأشدُّها قساوة وعنفاً. فننقل ما رواه في متن كتابه في (الصفحات 136 – 146) وبتصرُّفٍ صياغي كعادتنا دون المساس بالمضمون.
نبذة عن حياة القس توما كربوش
وقبل أن نبدأ بسرد الوقائع، نود أولاً  تذكير القراء الأعزاء بنبذةٍ قصيرة عن القس توما كربوش كاهن قرية"جاروخية" الذي قضى عليه السفاحون بطريقةٍ وحشية حيث قطَّعوا جسده إرباً إرباً كما أشرنا الى ذلك بالحلقة العاشرة. كانت ماردين  مسقط رأس القس توما بن حنا كربوش حيث وُلِد في الأول من آذار 1860م، سُمِّيَ بالعِماذ كوركيس، تلقّى تربيته العامة في مدرسة مارهرمزد. تعلَّم اللغة العربية بالإضافة الى لغته الكلدانية والمقامات والألحان الطقسية. رسمه شماساً رسائلياً مطرن ماردين مارايليا ميلوس في 17/1/1898م وفي تشرين الأول من ذات السنة ذهب الى آمد لدراسة عِلم اللاهوت لكي يتأهَّل الى منحِه الدرجة الكهنوتية، فأخذت منه ثمانية أشهر، فرسمه كاهناً مطران آمد مارسليمان صباغ في الأحد الثاني من الرسل المصادف 29/5/1899م في كنيسة مارفثيون واتخذ اسم توما. فنسبه مارسليمان كاهناً لقرية بوشاط التابعة لأبرشيته، فخدم أبناء تلك القرية المسيحين العائشين بين غير المؤمنين بكُلِّ همةٍ ونشاط حتى نقل عام 1905م الى قرية الجاروخية ومع رجال وشباب هذه القرية نال اكليل الشهادة عام الإضطهاد العثماني الشرس عام 1915م.
نبذة عن حياة الخوراسقف حنا ميلوس
وكان الكاهن حنا بن عبدالمسيح ميلوس من مواليد ماردين أيضاً، وُلِدَ في 7/9/1859م، ودُعيَ اسمُه في العِماذ سعيد، رسمَه عمُّه مارايليا ميلوس اسقف ماردين شماساً لكنيسة مارهرمزد في 17/1/1894م. وفي زيارةٍ قام بها مطران آمد مار سليمان صباغ الى ماردين، رأى الشماس سعيد مواظباًعلى تأدية الخدمة والصلوات ومتمكناً من الألحان الكنسية والمقامات الطقسية. وبالإضافة الى ذلك كان يتَّصِف بأخلاقٍ جيدة وسجايا حميدة، فقرَّرَ أن يطلبه من اسقفه مارايليا ليرسمه كاهناً لبلدة ميافرقين رغم كونه متزوجاً. فنفذ فكرته وقام بتأهيله لنيل الدرجة الكهنوتية، وفي 25/9/1898م  وبإذنٍ من الأسقف مارايليا، رسمَه هو نفسه كاهناً في كنيسة مارهرمزد بماردين، واتَّخذ اسم حنا في الكهنوت. وبعد فترة منحه رتبة الخوراسقفية، وأقامه وكيلاً له في ميافرقين، وقام في خِدمة الرعية بكُلِّ نشاط وهمة حتى عام الإضطهاد 1915م حيث فيه حاز هو ورفاقه على اكاليل الشهادة كما أوضحنا في الحلقة العاشرة.
قرية بوشاط
كانت هذه القرية تقع غربيَّ بلدة ميافرقين، مجموع عوائلها الساكنة فيها ستون عائلة، ولكن عدد نفوسها كان بحدود الفٍ وخمسمائة وستين نفساً من الذكور والإناث. هذا ما كان في الغالب يحدث في القرى، إذ مهما ازداد عدد نفوس العائلة يبقى الجميع يعيشون سوية في بيتٍ واحد. وكان لهذه القرية كنيسة واحدة مبنية على اسم مارتوما الرسول الى جانب مدرسة واحدة للأطفال، يقوم بخدمة اهالي القرية الروحية كاهن واحد هو القس جبرائيل السعردي الأصل. ولشدة تأثُّره بهول ما كان يتواتر الى مسمعه من أخبار الإضطهاد البشع ضِدَّ المسيحيين، استحكم عليه الخوف فداهمه المرض وأودى بحياته فرقد على رجاء القيامة في شهر آب من عام الإضطهاد 1915م. وإذا بعساكر السفاحين تُحيط بالقرية وتُلقي القبضَ على جميع  رجالها، واقتادوهم الى خارج القرية وقتلوهم جميعاً باستثناء مائة وعشرة اشخاص انقذهم محرم بيك أحد اشراف ميافرقين وأخذهم الى إحدى قراه، فاضطروا لإعتناق الإسلام.
بعد وضع الحرب العالمية الأولى أوزارها، أرسل مارسليمان صباغ مطران آمد عام 1919م القس طيمثاؤس فضلي ليقوم بخدمة البقية الناجية من سيف الإرهاب العثماني في تلك المنطقة. ولما وصل القس طيمثاؤس الى تلك القرية التي أُسكِن فيها اولئك الأشخاص الذين أنقذهم المتنفذ الميافرقيني فأسلموا، ففرحوا برؤية القس فرحاً عظيماً، وعادوا من جديد بلا خوفٍ ولا خجل الى حضن الكنيسة المقدسة مستعيدين مسيحيتهم. ومنذاك اخذ القس طيمثاؤس بالتردُّد الى ميافرقين وضواحيها سنوياً  فيقوم بتقديم الخدمات وبتقوية وتشجيع الباقين الذين لا زالوا غير جريئين للعودة الى مسيحيتهم، فكان النجاح يُحالفه في مهمته، حيث أعاد  ما يربو على الخمسمائة نفس من الأرمن الغريغوريين الى حضن الكنيسة بعد أن كانوا قد هجروها عنوة. وبسبب جهوده الناجحة هذه، اتَّقدت نار الحقد عليه في صدور المُسلمين القتلة، فذاق على ايديهم العذاب والتنكيل والتجويع، وألقوه في السجن، إلا أن العناية الإلهية التي لا تقف أمامها قوة الشر أنقذته من أيدي اولئك الأشرار.
إنَّ اولئك الذين اضطروا لإعتناق الإسلام بدون إرادتهم، وأعادهم القس طيمثاؤس الى حظيرة الكنيسة، عزموا على مغادرة موطنهم وبدأوا يخرجون الواحد تلو الآخر الى البلاد المجاورة، والغالبية منهم اختاروا الذهاب الى سوريا.  ولكنَّ ميافرقين والقرى المحيطة بها لم تخلو نهائياً من مسيحييها، ففي شهر آب 1928م توجَّهَ القس طيمثاؤس فضلي الى ميافرقين والقرى المجاورة لها ليقوم بواجب تقديم الخدمات لبقية المسيحيين الباقين فيها، ولدى دخوله الى قرية زيري، أرسل رئيس حاميتها في طلبه، ولما حضر أمامه ابلغه : بأنَّه غير مسموح له بالتجوال في هذه القرى التي تحوَّل مسيحيوها الى الإسلام، وأعادوه الى آمد عنوةً.
مدينة الرُّها. تركياً اورفا، غربياً أديسّا
كانت للكلدان عوائل كلدانية تعيش في مدينة الرُّها لم يكن عددُها يربو على الأربعين عائلة، ولما أنيطت مُهمة تقديم الخدمة الكنسية لها بكرسي مطرانية آمد، بادر مطرانُها مارعبديشوع خياط ( البطريرك عبديشوع الخامس لاحقاً) الى تشييد كنيسة في الرُّها لهذه العوائل على اسم "العائلة المقدسة". والمعلوم تاريخياً بأن مَن بَشَّرَ أهالي الرُها بالرسالة المسيحية منذ بدئها كان مارأدّي أحد الإثنين والسبعين من تلاميذ الرب، حيث كانت البداية بإبرائه الملك ابكر الأسود من مرضه المُزمن وإعلانه فوراً اعتناقه المسيحية. ثمَّ ما لبثت جماهير المملكة تُقبل جماعات وفرادى لإعتناقها، فترعرت بقوة وبسرعة، فانتصبت في الرُّها كنائس جميلة وشُيِّدت مدارس ذاعت شهرتها في أقاصي العالم المعروف آنذاك.
(( وما دام موضوع الرُّها المدينة المباركة لدى الكلدان قد دخل ضمن مسلسل حلقاتناهذه التي تدور حول الإضطهاد العثماني البربري ضِدَّ الوجود المسيحي في وطنه الأصيل، أستميح القراء عذراً لأجنح خارج الموضوع قليلا لغرض تنويرهم بأسباب اضمحلال الوجود الكلداني في مدينة الرُّها الذي بفضله سَما شأنها علمياً وثقافياً عن طريق مدرستها الأكاديمية "مدرسة الرُّها" )) وإليكم قصتُها:
مدرسة الرُّها (363 - 489 م)
قام بتشييدها مارأفرام النصيبيني الملفان الكلداني الكبير والجليل ما بين عام (363 - 365 م) بمُساعدة زملائه ورفاقِه والكثير مِن نبلاء نصيبين الذين رافقوه في انتقاله الى الرُّها بعد غلق مدرسة نصيبين الأكاديمية الشهيرة، فأراد القديس مار أفرام أن يُعَوِّضَ شعبَه الكلداني وكنيسته بمدرسةٍ بديلة، بل بمدرسةٍ تكون امتداداً للتي فُقدَت، واستمراراً لإشباع النزوع الغريزي لشعبَ كنيسة المشرق الكلداني الى العِلم والثقافة منذ القدم. ذاك النزوع المتأصل الذي لم تستطع ايقافه اضطهاداتُ أعدائه والصعوباتُ التي اكتنفت كنيسته في مسيرتِها وإن عَرقلتها وأفقدتها الكثير مِن جُهدِها وإرثِها الحضاري. وغدت هذه المدرسة المركز الثقافي الأهم في منطقة الشرق لمدة قرن وربع القرن، أنجبت عدداً مِن علماء وادباء مشهورين ساهموا في نشر الثقافة الكلدانية في الشرق، والكثيرون مِنهم تَبَوّأوا كراسي اسقفية وكان لهم دور كبير في توجيه مسار الكنيسة .
                                                                                                                                                                                                               لقد تبنَّت كنيسة الشرق الكلدانية نمطاً ثقافياً متمَيِّزاً ايماناً مِنها بالحكمة وتكريسها للإرث المُتواصل، فبذل رُعاتُها ورهبانُها جهوداً كُبرى في إنشاء مدارس كنسية ورهبانية مُلحقة بالكنائس والأديُرة، ويُمكن اعتبارُها كليات وجامعات بالنسبة للزمن التي وُجدت به مُقارنة بكليات وجامعات زمننا الحالي، كيف لا وقد تجاوز عددُ تلاميذ مدرسة نصيبين على عهد رئيسها ابراهيم دبيث رَبّان الآلفَ تلميذ وكذلك الحال في مدرسة الرُّها التي تلتها، وكانت الإختصاصات قد تَضاعفت والمعارف تَنوَّعت والأنظمة التدريسية تَمَنهجَت بشكل جيد .
قادَ التدريسَ في مدرسة الرُّها مارأفرام الملفان مِن عام 363 وحتى وفاتِه عام 373 م، وهو المعروف بكونه أعظم آباء وأساتذة التراث المسيحي الكلداني وبنزعتِه الشرقية الكلدانية البحتة لم يتأَثر نتاجُه الغزير بنتاج غريب، وظلَّ يُدَرَّسُ كنصوص رسمية في المدارس حتى استُبدلَ على أيام خلفه قيّورا والاسقفين رَبّولا المونوفيزي بتعليم كيرُلُّس، وهيبا النسطوري بتعليم تِئودوروس المصيصي، وبذلك ابتعد التعليمُ عن مصدره الأصيل وعن التقليد المشرقي، نتيجة للتيارات الفكرية السائدة آنذاك في أنطاكيا وما جاورها.
                                                                                                                                                      وكانت نظرية تِئودوروس المصيصي التي تبنّاها نسطور القسطنطيني ونشأ عنها النزاع الشهير بينه وبين كيرُلُّس الإسكندري، هي التي تبنَّتها مدرسة الرُّها، ولكنَّ ربّولا مطران الرُّها عارض تعاليم نسطوريوس وهو ما يعني عدم قبوله بأفكار"المُفسِّر تِئودوروس" لأنه يُؤَيِّد آراء كيرُلُّس، ويُعزى السبب في ذلك، بأن جدالاً وقع يوماً بين المُفسِّر تِئودوروس وربّولا في القسطنطينية وكان المُفحَمَ فيه ربّولا فحمل له ضغينة. بينما الاسقف هيبا الذي خلف ربّولا على كُرسي الرُّها كان يؤَيِّد تعاليم المُفسِّر المصيصي ويُدافع عنها ويسعى الى نشرها، وهذا ما جعلهما يتصادمان الى الحد الذي دفع بربّولا في حالة انفعال شديد الى حرق كُلِّ ما كان قد ترجمه هيبا مِن تعاليم تِئودوروس المُفسِّر مِن اليونانية الى الكلدانية، وبعد وفاة ربّولا وجلوس هيبا على كُرسيِّ الرُّها عام 435 م عَمَّمَ تعاليم تِئودوروس ونسطوريوس على مدرسة الرُّها التي غلب عليها اسم (مدرسة الفرس)  لخصوصيتِها الكلدانية رعايا المملكة الفارسية.
وبعد انتقال مارأفرام مِن الحياة الفانية الى الحياة الأبدية عام 373 م تسلَّم رئاسة المدرسة قيورا وقاد التعليم فيها لمدة أربعةٍ وستين عاماً أي حتى وفاتِه عام 437 م، واستُدعي أبرز تلاميذه مار نرساي الملفان الشهير لإدارتِها، وعكف مار نرساي على نشر تعاليم تِئودوروس المصيصي بكُلِّ حماس ونشاط. وكان المونوفيزيون يتحَيَّنون الفرص لتقوية نفوذهم وتسريب تعليمهم بين تلامذة المدرسة، وسنحت لهم الفرصة عندما أُقصيَ هيبا اسقف الرُّها عن كُرسيِّه وحَلَّ محلَّه "نونا" المونوفيزي بأمر مِن مجمع افسس الثاني المعروف بمجمع اللصوص عام 449 م، فترك المدرسة عددٌ كبير مِن المُدرسين الكبار والطلبة، وقصدوا البلاد الشرقية. ولم تَمُرَّ إلا سنتان حتى طُرد  نونا عن كُرسي الرُّها بقرار مِن مجمع خلقيدونية عام 451 م، بيدَ أنَّه عاد مِن جديد واحتَلَّ المنصب عام 457 م بعد وفاة مارهيبا بحسب قول التاريخ الرُّهاوي(السممعاني1 ص 405)
                                                                                                                                                          وكان مِن بين الطلبة الذين غادروا مدرسة الرُّها عام 449 م بحسب قول شمعون الأرشامي في (السمعاني1 ص 353 - 354 والمجامع الشرقية ص 53 و59 - 60) "برصوما" الذي أصبح مطراناً على نصيبين قبل عام 457 م ومعنا مطراناً لريوأرداشير ويوحنان مطراناً لكرخ سلوخ وبولس بن قاقي لكرخ ليدان وابراهام لماداي وبوسي بن قورطي لشوشتر وميخا للاشوم وعبشوطا لأربيل. وبعودة نونا المونوفيزي الأخيرة إضطرَّ نرساي لمغادرة المدرسة، ويقول المؤرخ (ماري في المجدل ص 44 ) بأنَّ نرساي قال لدى خروجه هتين الإستغاثتين:"ܡܪܝܐ ܥܝܢܝܟ ܥܠ ܗܝܡܢܘܬܐ ... ܡܫܝܚܐ ܕܫܝܢ ܒܡܐܬܝܬܗ ܠܟܠܗ ܒܪܝܬܐ ܥܡ ܫܠܘܚܗ. ܚܘܣ ܥܠ ܥܕܬܟ ܦܪܝܩܬ ܒܕܡܟ ܘܒܛܠ ܡܢ ܓܘܗ ܙܕܩܐ ܦܠܝܓܐ ... وترجمتهما: انظر بعينيك على الإيمان أيها الرب . . . أيها المسيح الذي أصلح الخليقة كُلَّها مع مُرسِلِه. إرأَف بكنيستِكَ المُخَلَّصة بدمكَ، وأزِل عنها الإنشقاقات المُريبة . . . " إنَّه إلتماس وتضرُّع الى ألله ليُزيل الإنشقاق عن كنيسته ويُحِلَّ السلام في ربوعِها، فالإيمان مُضطهدٌ والوُعّأظ  يُقتَلون، وكُتُب الكهنة والملافنة مُعلِّمي الحق قد أُخفيَت أو أُحرقت. (انظر في الحوذرا 1 ص 236).
أبعد كُلِّ هذا الجهد الكلداني المميَّز الذي غيَّر مسرح البيئة الرُّهاوية الزاخر بالثقافة الوثنية لمدة عدة قرون قبل الميلاد، الى مسرح فاقه ازدهارا للثقافة المسيحية الشرقية الناصعة، يقوم أحفادُ المونوفيزيين القدامى الذين احتموا باسم السريان الغريب وربطوه بالمذهب الأرثوذكسي بإلغاءهذا الجهد العظيم وعزوه خلسةً الى غير أصحابه زوراً إسماً ولغةً وأيَّدهم بذلك بعض الذين نبذوا الأرثوذكسية وتحوَّلوا الى الكثلكة ومنهم صاحب كتاب(اللغة العظيمة) غريغوريوس يعقوب حلياني، ناسياً أو متناسياً بأن ما سمّاها باللغة السريانية بلا قيد والتي وصفها بالعظيمة لم تكن مستعملة في أية بقعة وُجد بها المتورطون بها من الموارنة والسريان بشطريهم الكاثوليك والمونوفيزيين اليعاقبة إلا سكان طورعبدين كما أكد ذلك المطران يوسف داود في مقدمة كتاب نحوه"السرياني العربي". إذاً ألا يُستنتج من ذلك إن ما تُدعى اليوم باللغة السريانية هي لغة أهل الجبل المحرَّفة من اللغة الآرامية الفصحى الكلدانية من قبل بعض المتزمتين المونوفيزيين اليعاقبة ونشروها في زمن متأخر معممين إياها على الطقس المونوفيزي اليعقوبي نكاية وتمييزاً لهم عن النساطرة الذين يكنون لهم أشدَّ عداوة مذهبية، ولا ندري كيف ولماذا جاراهم الموارنة في تداولها في طقسهم؟ لأن الأولين شرقيين كانوا أو غربيين لم تظهر بينهم لهجتان وبهذا الفارق الفاضح اليوم، فضلاً عن ذلك فإن مسيحيي الجزيرة حتى الرُّها التي يتشدق المسيحيون الغربيون بنسب لغتهم العوجاء إليها، ما كانوا يلفظون آراميتهم إلا باللهجة الشرقية الكلدانية والتأكيدات على ذلك كثيرة وقد أشفعناها بالأدلة في باب التراث والأدب الكلداني في مجلَّدنا الثاني من سلسلة كُتبنا التاريخية < الكلدان والآثوريون عِبر القرون >)).
رسم المطران مار عبديشوع أول كاهن لتلك العوائل الكلدانية المقيمة في الرّها إسمُه القس يوسف قشّا، وبعد وفاته رسم لهم خلف مار عبديشوع مار سليمان صباغ كاهناً آخر هو شقيق القس يوسف وإسمُه نعوم علمانياً متزوجاً، واتخذ لكهنوته اسم عمانوئيل.
في أوائل شهر تموز لعام الإضطهاد 1915م تعرَّضت الرُّها للسبي، وتمَّ القاء القبض على كافة أشراف العوائل الكلدانية ورؤساء الطوائف المسيحية الأخرى وقتِلوا. وفي كتابه (مسيحيون بين أنياب الوحوش ص 70) يُسجِّل أرقاماً مُخيفة لشهداء هذه المنطقة، حيث يقول: يُقدَّر عددُ المذبوحين من أبناء الرُّها وحدها بـ (25 الف شخص) وفي القرى والأرياف التابعة للرُّها تعدَّى عدد المذبوحين السبعين ألفاً وكُلُّ هؤلاء كانوا كاثوليك، أما المقتولين من اليعاقبة والسريان الكاثوليك فكان عددُهم بحدود (70 شخصاً) وكاهنين. ورفعت السلطات المُشرفة على القتل تقريراً الى السلطان رشاد ورد فيه: "فلتتألق عيناكم بالبهجة، فقد حصدنا الكفار الأرمن والبقية الباقي. وقد ذكر صاحب كتاب (جراحات في تاريخ السريان ص 21) قائلاً: ما كادت عشرون عاماً تمُرُّ على مجزرة 1895م، حتى نُكبَت الرُّها بمذبحةٍ اخرى مريرة عام 1915م، حيث قام الجيش العثماني وبناء الى الأمر الصادر إليه من قيادته العسكرية بالهجوم يتقدمُه ضابطان المانيان، فدكّوا القلعة بقذائف المدفعية الضخمة مِمّا أدّى الى تدميرها وقتل عددٍ كبير من البشر، ثم قتلوا الأرمن في بيوتهم التي اجتاحوها ونهبوها، ولم ينجُ أبناء الطوائف المسيحية الأخرى من القتل إلا المشمولون بقرار العفو).
ولم تمضِ إلا تسعة أعوام على هذه المأساة، حتى قامت السلطات الغاشمة عام 1924م بطرد المسيحيين المتبقين من الرُّها بما فيهم كاهنهم، واستولت الحامية على كنائسهم والمباني الموقوفة لها، وصادرت كافة مقتنياتهم الشخصية من ذهبٍ وأموال. غادر المسيحيون المغدور بهم الرُّها وتوجَّهوا صوب سوريا وتفرَّقوا في مُدِنها وقراها والكثير منهم قصدوا بيروت في لبنان. وبعد وصول اليعاقبة الى حلب قاموا بتقديم عدة شكاوى ضِدَّ حاكم الرُّها متهمينه بالتطاول عليهم وطردهم من بيوتهم بلا ذنب. فطالبوه من خلال الصحف بتعويضهم عن بيوتهم وحقولهم التي استولى عليها، وحدَّدوا التعويض بما يزيد عن (12 الف ليرة) من الذهب، ولكنَّ شكواهم لم يعبأ بها أحد. والى الحلقة الثانية عشرة قريباً.
الشماس د. كوركيس مردو



اضطهاد العثمانيين لمُـواطني الكلدان والسريان بشقّيهم عام 1915م الحلقة الأولى- الحلقة التاسعة Kawmiya2
من يقف في صف كنّا وآغجان فأنه مشارك في تهميش وإستلاب حقوق الكلدان

يونادم كنّا وآغاجان كفتا ميزان لضرب مصالح مسيحيي العراق ولاسيما الكلدان

من يتعاون مع كنّا وآغجان فكأنه يطلق النار على الكلدان

To Yonadam Kanna & Sarkis Aghajan

You can put lipstick on a pig but it is still a pig

To Kanna & Aghajan

IF YOU WANT TO REPRESENT YOUR OWN PEOPLE,
YOU HAVE TO GO BACK TO HAKKARI,
TURKEY & URMIA, IRAN


اضطهاد العثمانيين لمُـواطني الكلدان والسريان بشقّيهم عام 1915م الحلقة الأولى- الحلقة التاسعة 7ayaa350x100
اضطهاد العثمانيين لمُـواطني الكلدان والسريان بشقّيهم عام 1915م الحلقة الأولى- الحلقة التاسعة Images


ياوطني يسعد صباحك
متى الحزن يطلق سراحك
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
كلداني
(داينمو الموقع)
(داينمو الموقع)
كلداني


اضطهاد العثمانيين لمُـواطني الكلدان والسريان بشقّيهم عام 1915م الحلقة الأولى- الحلقة التاسعة Uouuuo10
اضطهاد العثمانيين لمُـواطني الكلدان والسريان بشقّيهم عام 1915م الحلقة الأولى- الحلقة التاسعة Awsema200x50_gif

اضطهاد العثمانيين لمُـواطني الكلدان والسريان بشقّيهم عام 1915م الحلقة الأولى- الحلقة التاسعة Tyuiouyاضطهاد العثمانيين لمُـواطني الكلدان والسريان بشقّيهم عام 1915م الحلقة الأولى- الحلقة التاسعة Ikhlaas2اضطهاد العثمانيين لمُـواطني الكلدان والسريان بشقّيهم عام 1915م الحلقة الأولى- الحلقة التاسعة Goldاضطهاد العثمانيين لمُـواطني الكلدان والسريان بشقّيهم عام 1915م الحلقة الأولى- الحلقة التاسعة Bronzy1اضطهاد العثمانيين لمُـواطني الكلدان والسريان بشقّيهم عام 1915م الحلقة الأولى- الحلقة التاسعة Shoker1

البلد : العراق
مزاجي : احب المنتدى
الجنس : ذكر
عدد المساهمات : 8512
تاريخ التسجيل : 16/06/2010
الموقع : في قلب بلدي المُحتَل
<b>العمل/الترفيه</b> العمل/الترفيه : طالب جامعي

اضطهاد العثمانيين لمُـواطني الكلدان والسريان بشقّيهم عام 1915م الحلقة الأولى- الحلقة التاسعة Empty
مُساهمةموضوع: رد: اضطهاد العثمانيين لمُـواطني الكلدان والسريان بشقّيهم عام 1915م الحلقة الأولى- الحلقة التاسعة   اضطهاد العثمانيين لمُـواطني الكلدان والسريان بشقّيهم عام 1915م الحلقة الأولى- الحلقة التاسعة Alarm-clock-icon9/7/2023, 3:50 pm

اضطهاد العثمانيين لمُـواطني الكلدان والسريان بشقّيهم عام 1915م الحلقة الأولى- الحلقة التاسعة T6rmUAC
اضطهاد العثمانيين لمُـواطني الكلدان والسريان بشقّيهم عام 1915م الحلقة الأولى- الحلقة التاسعة Dr-Gorgees-Mardo
DrGorgees Mardo

07.07.2023
اضطهاد الكلدان والسريان بشقّيهم عام 1915م
الحلقة الثانية عشرة والأخيرة
ونُواصلُ نقل ما سطَّرَه مار اسرائيل اودو مطران ماردين الكلداني أيام الإضطهاد العثماني عام 1915م في كتابه المنوَّه عنه في اولى هذه الحلقات وبتصرُّفٍ صياغي كالعادة بدون المساس بالمضمون، فقد روى في (الصفحات 140 – 150) ما يلي:
مُصادرة مراكز اسقفيات الطوائف المسيحية وكنائسها ومدارسها
باستثناء ما لليعاقبة منها.
بعد مرور ثلاثة أشهر على وفاة السعيد الذكر مار سليمان صبّاغ مطران آمد، قامت السلطات التركية الغاشمة في شهر شباط لعام 1924م بوضع اليد على كنائس ومدارس ومقرّات الأسقفيات العائدة للأرمن الكاثوليك والأرثوذكس والكلدان والسريان الكاثوليك والبروتستانت وقد اُستُثنِيَت تلك العائدة للمونوفيزيين اليعاقبة. وبعد الإستيلاء طُردَ الكهنة من الكنائس والأطفال من المدارس. فاضطرَّ أبناء كُلِّ طائفة من الطوائف المار ذِكرُها الإجتماع لدى كاهنهم أيام الآحاد والأعياد للتعلم وتأدية الصلوات والإشتراك في القداس في بيت الكاهن. وفي هذا الزمن ذاته طرَدَت السلطات التركية جميع مسيحيي الرُّها من دورهم وأُبعِدوا الى خارج الحدود وكذلك فعلت مع مسيحيي آمد حيث أُجبِروا لترك مدينتهم  وكُلِّ مقتنياتهم من مال وذهب، وبسبب هذا الطرد القسري تقلَّصَ عددُ مسيحيي آمد ولم يبقَ منهم إلا بحدود 30 بيتاً من الكلدان و12 بيتاً من الأرمن الكاثوليك و150 بيتاً من الأرمن الأرثوذكس و13بيتاً من السريان الكثوليك، أما المونوفيزيين اليعاقبة فبقي عددُهم على حاله 120 بيتاً. وللتاريخ فإنَّ السلطات التركية في عام 1948م اعادت للكلدان كنيستهم في آمد والأوقاف التابعة لهم.
الإنتقام الإلهي من أهالي ماردين الظالمين
لِشِدَّة قساوتِهم في اضطهاد المسيحيين.
في شهر شباط لعام 1925م حدثت فوضى في مدينة أرغاني التابعة لمقاطعة تبليس نتيجة قيام أحدِ أغـوات الأكراد المدعـو سعيد بقيادة حركةٍ تمرُّدية ضِدَّ السلطات التركية الحاكمة في أنقرة جامعاً الى جانبه العديد من الأغوات ورجالهم. حاول قادة التمَرُّد السيطرة على مدينة دياربكر "آمد" في البداية لجعلها عاصمة لدولتهم الكردية ثمَّ السيطرة على المدن والقرى التي تسكنها الغالبية الكردية. أزعجت هذه الحركة الحكّام في انقرة، فأسرعوا بتجهيز جيش كبير لقمعِها، فلاحق الجيش ما سُمّوا بالمتمردين واستطاع بعد شهرين من القتال أن يعتقل سعيد والأغوات المُوالين له وتمَّ ايداعهم بسجن آمد، ثمَّ قُدِّموا ليُحاكموا أمام محكمةٍ عرفية، وأخذت مرافعات المحكمة مدة شهرين حيث صدر أخيراً الحُكم بالإعدام شنقاً في حقِّ سعيد ورفاقه البالغ عددُهم 47 فرداً الغالبية منهم رجال دين. في صباح يوم الأحد 28 / 6 / 1925م أُخرِجوا الى خارج المدينة مربوطي الرقاب بالحبال وقد أُعِدَّت لهم سبعاً وأربعين مشنقة في ساحةٍ عامة، وجرى إعدامُهم واحداً مواجهاً للآخر، وكان جمهور المتفرجين كبيراً وفرحاً بمُشاهدة هؤلاء المُجرمين ينالون جزاءَهم ، ومن الجدير بالـذِكر بأنَّ أكراداً كـثيرين من المُوالين لسعيد أغا كانوا يُعدَمون كُلَّ يوم قبل إعدام زعماء التمرُّد السبعة والأربعين. ومن الذين وقفنا على أسمائهم كانوا كُلاًّ من: سيِّد عبد القادر كيلاني وابنه، اعتُقلا في اسطنبوا وجُلبا الى دياربكر حيث حُكِم عليهما بالإعدام شنقاً وأثعدِما. كان سيد عبد القادر كيلاني رجلاً مشهوراً حيث كان يشغل رئاسة مجلس السلطان في عهد الدولة العثمانية قبيل تأسيس الجمهورية. لقد تَمَّ القضاءُ على التمَرُّد الكردي في فترة قصيرة، فاستتبَّ الأمن للجميع وبخاصةٍ للمسيحيين، إذ لو نجح سعيد وزبانيته في إقامة دولة كُردية فإن استئصال البقية الباقية من المسيحيين من جذورهم لكان في مُقدِّمة مهامهمكما صرَّح الكثيرون بذلك.
القس بنيامين المُرجي
في 8/8/1925م جيءَ بكاهنٍ كلدانيٍّ الى ماردين يُدعى بنيامين من قرية مركَا التابعة لأبرشية زاخو ونوهدرا بعد تمضيتِه في سِجن مدينة الجزيرة شهرين ونصف الشهر، وقـبَعَ في سجن ماردين 12 يوماً. تلقَّى خِـلالها اهـتماماً منا بتـزويده بالـطعام والكِسوة. وبعد ثلاثة أسابيع من وصوله الى ماردين أُرسِلَ الى آمد. فزوَّدناه بمبلغٍ من المال ليستعين به  في شِدَّته. وفي فترة مكوثه في سجن آمد التي امتدَّت أربعة أشهر، كان وكيلُنا في آمد القس سليمان كوجك اوسطا يُرسِل له الطعام يومياً، وبعد قضائه هذه المدة نُقل الى خرفوط وسُجن فيها أيضاً، وبين كُلِّ حين وآخركان يؤخذ للإستجواب في المحكمة، واستمرَّ بقاؤه على هذه الحال لمدة ثلاثة أشهر، حيث أُطلِقَ سراحُه لعدم إثبات شيءٍ ضِدَّه، فقدِمَ إلينا مسروراً متعافياً. وبعد مكوثه عندنا لمدة 19 يوماً، قرَّرَ العودة الى قريته "مركَا" وفي طريق العودة اعترضه قطاع الطرق من الأعراب في موقع ما بين نصيبين وجزيرة ابن عمر فقتلوه وذلك في 4/4/1926م. فلتغمره رحمة الله . كان هذا الكاهن المغدور متزوجاً، ورغم إلحاحنا عليه بالبقاء عندنا مدة أطول حتى يستتِبَّ الأمن عند التنقل على الطرق، لكنَّه  لم يرغب بالبقاء، وكأنَّه كان على موعِد مع الموت، فبعد نجاته من بطش الأسود لم يسلم من فتك الذئاب.
أرمن آمد وضواحيها
في بداية الحرب العالمية الأولى كان عددُ الأرمن الأرثوذكس في آمد يبلغ  حوالي عشرين الف نفس ينتسبون الى ما يقرب من 3500 عائلة، لهم كنيستان داخل المدينة، إحداهما كبيرة وواسعة مُشيَّدة على اسم الشهيد مار قرياقوس، وفيها مقرُّ كُرسيِّ مطرانهم، ينتصب على أحد أجنحتها برجٌ شاهق للناقوس مبنيٌّ من الحجارة السوداء. تعرَّضَ للهدم أثناء المجزرة التي أرتُكِبَت بحقِّ الأرمن عام 1895م. ولكنّ البرجَ أُعيد بناؤه بارتفاع أعلى من الأول وبتصميم رائع الجمال يحتوي على ناقوسَين كبيرَين، ويُتوِّج البُرجَ صليبٌ كبيرٌ مطليٌّ بالذهب، وتعرَّضَ هو الثاني للهدم في عام الإضطهاد العام 1915م ولم يُكتب له التجديد، إذ استولى الجيش العثماني على الكنيسة ومقر الأسقفية وحوَّلهما الى مقرٍّ له. أما الكنيسة الثانية التي تحمل اسم ماركوركيس هُدِمَت هي الأخرى وسُوِّيَت بالأرض، واستوليَ على مدارسهم بنوعيها الخاصة بالبنين والخاصة بالبنات.
في أوائل أيار عام 1915م تمَّ إلقاء القبض على مطرانهم المدعو "مار مكرذايج" ارضرومِيِّ الأصل، وكهنتهم السبعة الآمديين ووجهائهم واُلقوا جميعاً في السجن وأُلحق بهم عددٌ من وجهاء الطوائف المسيحية الأخرى من الكلدان والروم والأرمن الكاثوليك  والسريان. بلغ عددُ السجناء الإجمالي  650 شخصاً غالبيتهم من الأرمن.  بدأوا بقتل مطران الأرمن مارمكرذايج حيث أوقفوه في وسط باحة السجن وصَبّوا عليه زيت النفط  وأُحرقَ وهو حيٌّ وأمام مرأى السجناء جميعاً. أما السجناء الآخرون  فأخرجوهم ليلاً واقتادوهم نحو نهر دجلة وحشروهم داخل الأكلاك واتجهوا بهم نحو الموصل. ولكن بعد مخرهم بهم زهاء ساعةٍ وصلوا بهم الى مكان من ضفاف دجلة تكثر فيه كهوف كثيرة وكبيرة، فأنزلوهم الى البر حيث كان بانتظارهم حشدٌ كبير من الأكراد المدجَّجين بالسلاح حسب امر تلقوه مسبقاً. فقاموا بتجريدهم من ملابسهم وأجهزوا عليهم جميعاً، وكَوَّموا جثثهم أكداساً في تلك الكهوف وعاد الرعاع منتشين بالفعل الإجرامي الذي ارتكبوه بحقِّ اولئك الأبرياء. ولم تقف هذه المجازر حيث كان السفاحون يجمعون الرجال افواجاً ويفتادونهم الى القفر ويقضون عليهم حتى لم يبقَ منهم إلا بعض مَن أخبأهم أصدقاؤهم المسلمون.  لقد أُذيقَ السجناء الأرمن أبشع أصناف العذاب قبل قتلهم، فمنهم من فقأوا عيونهم ومن قلعوا اسنانهم وغير ذلك من أشكال التعـذيب المقزز . وعن طريق الصدفة  شاهد كاهن فاضل سلالاً عديدة مليئة  من الأسنان والأضراس والعيون فكان يرتعد فزعا من هول ما رأى وهو يروي لنا ذلك.
في  شهر حزيران لعام الإضطهاد العام 1915م وبعد قضاء المُضطَهِدون القتلة على الأغلبية الساحقة من الرجال المسيحيين بادروا باعتقال النساء المسيحيات مُخرجينهنَّ من بيوتهنَّ مع أبنائهنَّ وبناتهنَّ وحَشرهِنَّ في عربات نقل، توجَّهت بغالبيتهنَّ نحو ماردين. وفي الطريق بدأ الأكرادُ المتوحشون بانتزاع أمتعة تلك النساء المنكودات وخطف أطفالهن وفتياتهنَّ الجميلات. وما إن وصِلَت القافـلة على مقربة من ماردين حتى خرج  مسلمو المدينة كباراً وصغاراً أثرياء وفـقراء وانحشروا بين تلك النساء التعيسات، وقاموا بانـتقاء ما يروق لهم  من النساء الشابات والفتيات الحسناوات والأطـفال الذين لم تطَـلهم أيادي المُجرمين الأكراد أثناء الطريق. والى جانب ذلك قاموا  بانتزاع ما قد تبقَّى لهنَّ من مقتنيات وحتى الملابس التي كانوا يرتدونهنَّ خلعوها من أجسادهنَّ واقتسموها بينهم، وذهب الرُعاع الى أكثر من ذلك حيث قاموا بالنبش في ثنايا شعر رؤوس تلك النساء ويأخذوا ما يجدونه من مال وذهبٍ وفضة وغير ذلك من المصوَّغات ومهما كانت قليلة. ثمَّ اقتاد القتلة ما تبقَّى من تلك النساء اللائي سلمن من الخطف وذهبوا بهنَّ الى مدينة دارا، وهناك قُتِلن بأسرهنَّ ورُمِيَت جثثُهنَّ في بئر، وتكرَّرَت هذه العملية حتى أتوا على الأغلبية الساحقة من النساء المسيحيات.
وبعد خمسة أشهر من هذه الحوادث المأساوية المحزنة، بدأ في شهر تشرين الثاني عنفُ الإضطهاد المنظم يَنحسِرُ حيث لم يبقَ هنالك إلا مساكن فارغة من أصحابها ودور مهجورة بسبب ضياع أهاليها وقصور خالية من أربابها، ولم ينجُ من الموت من مجموع الآلاف من العوائل إلا ما يقرُب من أرعمائة عائلة، ساهم في حفظ حياتهم أصدقاؤهم من المُسلِمين حيث تحفَّظوا عليهم في بيوتهم. ولم يلبث هؤلاء الناجون أن شَدّوا الرحال عام 1918م متوجِّهين نحو سوريا باستثناء جماعةٍ قليلة كانت وجهتُهم نحو العراق.  ومن مجموع أرمن آمد وضواحيها لم يبقَ سوى ثلاثين عائلة ومعظمها من أرمن القرى المحيطة بآمد وهي كُلٌّ مِن:
قرية كلبية : كانت فيها كنيسة لا كاهن لها، يسكنها نحو عشرين عائلة، تعرَّضَ عددٌ منهم للقتل وفرَّ الباقون الى آمد وسكنوا فيها.
قرية صاتية : كانت فيها كنيسة مشيَّدة على اسم الصليب، تعداد عوائلها نحو ستين عائلة، يقوم بتقديم الخدمات الروحية لهم كاهن واحد، تعرَّضوا للذبح بأسرهم ولم ينجُ منهم أيُّ فرد.
أما القرى التالية: اوراتلّـي،  طاوا اوقلي،  أرسالان اوغلي،  قره خاليسه،  كاوورا ئفيك،  جرنيخ،  وقطرابيل، لم يكن لأيٍّ من هذه القرى لا كنيسة ولا كاهن، تعرَّضَ للقتل جميعُهم، وكان مجموع عوائل هذه القرى اربعمائة وإثنتَي عائلة.
أرمن آمد الكاثوليك وسريانها الكاثوليك
في عام الإضطهاد 1915م كان يبلغ عدد عوائل الأرمن الكاثوليك في آمد "دياربكر" بما يربو على مئتين وخمسين عائلة. لهم كنيسة واحدة مُشيَّدة على اسم القديس غريغوريوس النوراني (عاش هذا القديس في القرن الرابع، وعلى يده تنصَّرَ الأرمن، بعد ذبول زرع البشارة الذي زرعه الرسول برتلماؤس في أرمينيا). وكان لديهم في آمد مركز اسقفي كان الجاس على كُرسيِّه آنذاك "ماراندرياس جلبيان" يُساعِدُه كاهن واحد هو القس اوسيب أميرخان، وكانت لهم مدرستان إحدى للبنين وأخرى للبنات. وكما تقدَّمَ بنا ذِكرُه عن قتل جميع الرجال المسيحيين في شهر أيار 1915م والنساء والبنين والبنات في شهر حزيران لنفس السنة ولم ينجُ منهم سوى قرابة  خمسين عائلة ارتحلت عام 1918م الى سوريا والعراق والعض الى اميركا. ولم يبقَ في آمد من الأرمن بعد ذلك إلا عشر عوائل.  اقتيد مطرانهم المذكور أعلاه الى خارج آمد من ناحيتها الغربية، حيث قُضيَ عليه رجماً بالحجارة، أما كاهنهم اوسيب اميرخان فقد خبأه صديق له مسلم وعاش حتى نيسان 1929م حيث وُجِد مشنوقاً في داره وقد نُهِبَت كُلُّ ممتلكاته. وكانت للأرمن الكاثوليك كنيسة في منطقة حنكوش مشيَّدة على اسم البتول يخدم فيها عوائلها البالغ عددُهم ستون عائلة كاهن واحد يُدعى أرتاوين، وفي تموز 1929م  قام السفاحون بقتل جميع تلك العوائل بما فيها كاهنها، وبعد نهبهم لمحتويات كنيستهم، هُدِمت وسوِّيَت بالأرض.
كان للسريان الكاثوليك  كنيسة  جميلة واحدة  في آمد مُشيَّـدة حديثاً على اسم الرسولَين  بطرس وبولس، كما كان لهم  دار ٌ اسقفية  يجلس على كُرسيِّها مطران  مُسِنٌّ آمديُّ المولد، انت قل الى رحمة ربِّه  في شهر آب 1914م أي مع بداية الحرب العالمية الأولى ودُفِـن في المقبرة العامة  خارج المدينة. وكان للأسقف كاهنان معاونان هُما  القس بولس مازجي والقس صليبا حداد، وكان الأخير أرثوذكسياً تحوَّل الى الكثلكة. كان عددُ عوائلهم يبلُغ 110 عائلة، قُتِلَ وجهاؤهم في أيار 1915م ضِمن وجهاء الطوائف المسيحية الأخرى كما مَرَّ ذِكرُهم، وأغلبُهم  جرى قتلُهم مع الأرمن، وتمَّ الإستيلاءُ على كنيستهم ومَن لم يطله القتل هرب الى سوريا، ولم يبقَ منهم في آمد سوى إثني عشر عائلة.
يعاقبة آمد وضواحيها
كان لهؤلاء اليعاقبة كنيستان متجاورتان في آمد، إحداهما مُشيَّدة على اسم البتول مريم، والثانية على اسم يعقوب السروجي، تجمع بينهما ساحة مُشتركة. ولهم مركز اسقفي، كان عددُ جماعتهم يربو على الثلاثمائة عائلة يُقدِّم لهم الخدمات الكنسية كاهنان هما القس بشارة والقس آسِيّا الراهب. لم يقتَل منهم سوى خمسةٍ وثلاثين رجلاً في الحملة الأولى التي قُتِل فيها العدد الكبير من وجهاء الأرمن وبقية الطوائف الأخرى في أيا 1915م. أما نساؤهم وبقية رجالهم فلم يتعرَّضوا للأذى ماعدا الذين ذكرناهم وهم خمسة وثلاثون رجلاً وذلك منذ إعلان الإضطهاد الغاشم وحتى وقفِه. إلا أنَّ غالبيتهم شَدَّت الرحال الى سوريا تدريجياً، وتوجَّهَ البعضُ منهم الى أميركا حتى أن الباقين منهم غدا أقلَّ من مائة عائلة.  في عام 1916م عُيِّن لهم اسقف رُهوي يُدعى عبد النور. تمَّ  الإستيلاء على مدرسة البنين الكائنة داخل كنيستهم  وجُعِلت مدرسة عامة بأمر السلطات بِوُسع مَن يشاء الإنتماء إليها.
قرية الكعبية : تقع الى الجنوب الشرقي لمدينة آمد، كنيستُها مشيَّدة على اسم الشهيد قرياقوس، يبلغ عدد عوائل القرية مائة وخمسين عائلة يخدُمانهم كاهنان  مِن أبناء القرية ذاتها، هاجم المُضطهِدون القرية وأعملوا السيف في أهاليها فقتلوا الكثيرين منهم بضمنهم الكاهنان، ولاذ الباقون بالفرار الى آمد واحتموا فيها، أما الكنيسة فقد نهبها الرعاع.
قرية مَرهْباش: تقع شرقيَّ آمد. كنيستُها مُشيَّدة على اسم مارقومي. عدد عوائلها يبلغ نحو مائة عائلة، يخدمانهم كاهنان من أبناء ذات القرية وهما كُلٌّ من القس بهنام والقس بولس.  طال أهالي هذه القرية الإضطهاد فقتِل العدد الكبير منهم في شهر تموز1916م، والناجون منهم فَرّوا الى مدينة آمد. وقد أُحرقَت كنيستُهم بعد نهب جميع محتوياتها. والى الشرق من آمد كانت هناك على ضِفة دجلة كنيسة مُشيَّدة على اسم مارتوما الرسول، ويسكن حواليها ما يقرب من ثلاثين عائلة، وفي شهر تموز من ذات السنة 1916م اعتقل المُضطهِدون غالبية أهالي تلك العوائل وقُتِلوا، والناجون من ايدي الرعاع، لادوا بالهرب الى آمد، وقد نهب الرعاع كُلَّ محتويات الكنيسة.
قرى تلفاز، عين شاه وقاضية
كان يسكن هذه هذه القرى الثلاث ما يقرُب من أربعين عائلة يعقوبية المذهب، طالتهم أيدي المُضطهِدين في شهر آب لعام 1916م، وقضوا عليهم بالكامل.
يقول ماراسرائيل اودو كاتب سفر الإضطهاد العثماني الغاشم والسيْ الصيت بحق الأرمن خاصة وبقية الطوائف المسيحية الأخرى عامة. بأنَّ ما رواه في الحلـقات الأخيرة حول اضطهاد مسيحيي آمد قـد سطَّره اعـتماداً على ما أدلى به له الكاهنُ الفاضل القس طيمثاوس الآمدي الكلداني بكُلِّ أمانة دون أيِّ حذفٍ او إضافة. عدا النبذة عن القس بنيامين المرجي، وشيء وجيز عن حياة المطران سليمان صباغ رئيس اساقفة آمد.
الشماس د. كوركيس مردو



اضطهاد العثمانيين لمُـواطني الكلدان والسريان بشقّيهم عام 1915م الحلقة الأولى- الحلقة التاسعة Kawmiya2
من يقف في صف كنّا وآغجان فأنه مشارك في تهميش وإستلاب حقوق الكلدان

يونادم كنّا وآغاجان كفتا ميزان لضرب مصالح مسيحيي العراق ولاسيما الكلدان

من يتعاون مع كنّا وآغجان فكأنه يطلق النار على الكلدان

To Yonadam Kanna & Sarkis Aghajan

You can put lipstick on a pig but it is still a pig

To Kanna & Aghajan

IF YOU WANT TO REPRESENT YOUR OWN PEOPLE,
YOU HAVE TO GO BACK TO HAKKARI,
TURKEY & URMIA, IRAN


اضطهاد العثمانيين لمُـواطني الكلدان والسريان بشقّيهم عام 1915م الحلقة الأولى- الحلقة التاسعة 7ayaa350x100
اضطهاد العثمانيين لمُـواطني الكلدان والسريان بشقّيهم عام 1915م الحلقة الأولى- الحلقة التاسعة Images


ياوطني يسعد صباحك
متى الحزن يطلق سراحك
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
اضطهاد العثمانيين لمُـواطني الكلدان والسريان بشقّيهم عام 1915م الحلقة الأولى- الحلقة التاسعة
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات كلداني :: مَقَالَاتٌ لِلْكِتَابِ الْكَلْدَانَ :: مقالات الكاتب الكلداني/د.كوركيس مردو-
انتقل الى: