من دق طبول الحرب ؟
القسم الاول . . بقلم النجم الحزين
03-09-2011
واحد وثلاثون عاما مرت على أندلاع الحرب العراقية الايرانية ، وما زال الكثيرون يشيرون الى أن العراق هو سبب أندلاع هذه الحرب
في الحقيقة هناك حقائق كثيرة قد يجهلها البعض أو يتجاهلها آخرون ، ولانني أحد الذين عايشوا تلك الحقبة الزمنية ، فسوف أسرد الوقائع التأريخية دون الانحياز لأي طرف ، وسوف أترك للقارىء الكريم التفسير والتحليل .
ولا بد لنا أبتداءا من وصف الحالة بين العراق وإيران قبل اندلاع الحرب بسنوات ، حيث أنه في بداية السبعينات قامت القيادة الإيرانية في زمن الشاه الذي كان حليفاً لأمريكا بتحريض الحركة الكردية في كردستان العراق بقيادة الملا مصطفى البرزاني على التمرد على القيادة العراقية ، ورفض بيان 11 آذار للحكم الذاتي لمنطقة كردستان الصادر من القيادة العراقية عام 1971 ، وذلك بالتعاون مع المخابرات الأمريكية (CIA) والإسرائيلية الموساد بهدف زعزعة القيادة العراقية وإسقاطها أو استنزافها والتي باتت تمثل خطراً على مصالحهم غير المشروعة بسبب خطواتها الوطنية الشجاعة والتي من أهمها (ضرب الجواسيس وتأميم النفط ومنح الحكم الذاتي لمنطقة كردستان والتوجه للبناء والتطوير والسعي لإعداد جيش قوي لحماية الوطن ومنجزاته) ، وبسبب رفض الملا مصطفى البرزاني كل المحاولات التي قامت بها القيادة العراقية لإيقاف حرب الاستنزاف هذه اضطرت القيادة العراقية إلى توقيع اتفاقية الجزائر عام 1975م بين العراق وإيران والتي من أهم بنودها عدم التدخل بالشؤون الداخلية لكلا الطرفين وتقاسم مياه شط العرب وعدد من البنود الخاصة بترسيم الحدود، مما مكن القيادة العراقية من بسط نفوذها على منطقة كردستان وإقامة حالة الاستقرار فيها والتوجه إلى مرحلة البناء والتطوير الوطنية، حتى اصبح العراق لديه في نهاية السبعينات افضل اقتصاد في المنطقة وتوفر له احتياطي بلغ اكثر من 35 مليار دولار، وكان الدينار العراقي يساوي اكثر من ثلاثة دولارات ، كما كان لديه افضل نظام طبي وتعليمي في المنطقة، ونظراً لرغبة الأمريكان التخلص من الشاه بسبب توقيعه معاهدة الجزائر مع العراق ولتأجيج الفتنة مع العراق ولأسباب أخرى تم تحريك الشارع الإيراني ضد الشاه الذي كان متعطشاَ للخلاص منه وإقناع الشاه بضرورة الخروج من إيران حتى يهدأ الوضع، كما جرى تلميع صورة الخميني وتسهيل عودته من فرنسا واستلامه السلطة وانتهاء عهد الشاه ، وتأسست الجمهورية الإسلامية في إيران في آذار 1979
أما ما يخص الخميني ، فمنذ منتصف ستينيات القرن الماضي والعراق يحتضن ( الخميني ) في مدينة النجف الاشرف ولفترة تزيد عن الاربعة عشر عاما وسمح له خلالها بارسال الخطب والبيانات ضد شاه أيران محمد رضا بهلوي الذي كان يدعم الاكراد بالسلاح والعتاد ضد العراق بسبب احتضانه للخميني .
وبعد أضطرارالعراق لتوقيع أتفاقية الجزائر مع أيران ، طلبت أيران من العراق تسليم الخميني مقابل التوقف عن دعم الاكراد ، ألا أن الحكومة العراقية رفضت تسليمه الى أيران ، وخيرته أما البقاء في العراق والكف عن أصدار البيانات والخطب أو مغادرة العراق ، ألا أن الخميني أختار الرحيل ، فسافر الى تركيا ومنها الى فرنسا حيث أستقر فيها ، وبذلك توقفت أيران عن دعم الاكراد وانهار الجيب الكردي ، وهربت قياداته الى أمريكا وسلم كافة مقاتليه أسلحتهم الى الحكومة العراقية .
في التاسع من شباط عام 1979 هبطت طائرة فرنسية في مطار طهران وهي تحمل الخميني الذي ما أن وطأت قدماه أرض أيران وتسلمه السلطة بدأ يحرض الشعب العراقي على قيادته وحكومته ، وبدأت رائحة وشرارة الحرب تفوح وتشتعل شيئاً فشيئاً ، واليكم أهم الأدلة والحقائق التي تثبت أن القيادة الإيرانية تتحمل كامل المسؤولية في دق طبول الحرب واندلاعها واستمرارها لمدة ثمان سنوات وان القيادة العراقية لم تكن تريد الحرب مع إيران مطلقاً بل خاضتها مضطرة للدفاع عن العراق وهي :
- أقدام الخميني على أستدعاء الملا مصطفى البرزاني وأولاده ، وجلال الطالباني الذين كانوا يقيمون في أمريكا وطلب منهم القيام بأعمال عدوانية وتخريبية ضد العراق خلافا لاتفاقية الجزائر 1975 وقد عادوا جميعا الى طهران باستثناء مصطفى البرزاني الذي مات قبل العودة .
- في 13/2/1979 أرسلت الحكومة العراقية وفدا رفيع المستوى برئاسة سعدون حمادي الى طهران لتقديم التهاني بنجاح الثورة الايرانية ، وامل الحكومة العراقية بأقامة علاقات حسن الجوار بين البلدين ألا أن رد الحكومة الايرانية كان جافا ومجافيا لروح حسن الجوار .
- في 23/2/1979 أي بعد وصول الخميني للسلطة بأربعة عشر يوما فقط بدأ التصعيد الايراني لتصدير الثورة الايرانية الى العراق حيث بدأت الاعتداءات الايرانية على المخافر الحدودية العراقية ، وعلى السفن في شط العرب .
- بدأت القيادة الإيرانية بحملة إعلامية واسعة وكبيره من خلال وسائل الأعلام المختلفة بالترويج لما يسمى بتصدير الثورة الإسلامية للأقطار المجاورة خاصة العراق ودول الخليج لزعزعة وإسقاط أنظمتها (التي كانت تصفهم القيادة الإيرانية بالأنظمة الكافرة والعميلة للغرب) لإقامة أنظمة موالية لها، كما رددت من خلال خطابها الإعلامي في أنه أي اتفاقية وقعها الشاه لا تعبر عن طموح الشعب الإيراني وتطلعاته تعتبر لاغية وخصت بالذكر اتفاقية الجزائر الموقعة مع العراق
- أرسل الرئيس صدام حسين رسالة تهنئة للزعيم الإيراني الخميني بنجاح الثورة وتسلمه السلطة معرباً عن أمله بأن تكون مكسباً للامة العربية والإسلامية ،ومتمنياً بأن تكون العلاقات بين الشعبين العراقي والإيراني مبنية على مبادئ الدين الإسلامي الحنيف والجيرة الحسنة بما يطور العلاقة بين البلدين والشعبين ، وقد رد الزعيم الخميني برسالة جوابية للرئيس العراقي تتضمن تهديداً ووعيداً وختمها بجملة (والسلام على من اتبع الهدى) وهي جملة معروف أنها تقال لغير المسلم.