Nov 07, 2008
أيها الكـلدان ! حتى متى تبقون نيام ؟
الشماس كوركيس مردو
تـُرى ، ما وراء الموقف المُـتذبذب وغير الجريء للأحزاب الكلدانية ؟ أنا لستُ حزبياً بل أنا قومي ٌّ كـلداني ، والغيرة تأكلني للدفاع عن امتي الكـلدانية بكُلِّ ما اوتـيتُ مِن قوة القـلم لأُقارعَ الإنفصالـيين المُزوِّريـن الخائبين وأَرُدَّ كيدَهم وجنايتهم على هذه الامة النبيلة وبشكل ٍ موضوعي ! إن الإنفصاليين مُدَّعي الآشورية المُزيَّفة ، وبالرغم مِن ضآلة عددهم الديمغرافي في الوطن الام العراق وكذلك في المهجر ، إنهم متناحرون فيما بينهم في كُلِّ شيء سياسياً ومذهبياً وعشائرياً ، ولكنَّهم متفقون كُلياً وقلباً وقالباً على إلغاء الكـلدان قومياً وتسمية ً ووجوداً ، والمصيبة أن الكلدان غافلون ومنخدعون وغيرُ مُبالين بكُلِّ ما يجري . أين الخلـل ؟ هل هو انعدام الجرأة في المواجهة ؟ هل هو الجهل بما يُحاكُ حولهم مِن تآمر وخيانة ؟ هل هو اعترافهم بالهزيمة وعدم قدرتهم للدفاع عن اسمهم وقوميتهم ووجودهم ؟
يا أبناء الامة الكلدانية ، إنّ الكنيسة النسطورية بقيادة بطريركها مار دنخا الرابـع وغريمتها حركة زوعا متفـقتان على إلغاء الكلدان رغم اختلافهما حول القضية الراهنة " الحكم الذاتي " ، وبكُلِّ ما أملك مِن الجرأة في القول والثقة بالنفس والوضوح في التعبير ومِن دون أيِّ تردُّدٍ أو تحفـظ ، أتصدّى وأفضح مواقف كلا الطرفين الغريمَين .
1 - يتفق مدَّعو الآشورية المُزيَّفة مُمَثلين برئاسة كنيستهم النسطورية وحركتهم السياسية العنصرية ( زوعا ) بأن الكـلدان هم آشوريون قـومياً ، هذا ما يُنادون به مِن خلال مُنـظــِّريهم المتشدَّدـين والمتعصبين وأشباه المثقفين ذوي الآفكار المتخلفة ، مستندين بذلك الى معلومات خاطئة ووثائق مزوَّرة وكتبٍ مشبوهة أغدقوا الآموال في شراء ضمائر أصحابها ، مُنكرين الحقائق التاريخية التي أوردها العلماءُ والمؤرخون النزيهون الذين أقرّوا بالزوال النهائي للآشوريين القدماء منذ الربع الأخير مِن القرن السابع قبل الميلاد ، ولا علاقة لمُدَّعي الآشورية المعاصرين بهم إطلاقاً ، وللأسف الشديد فقد جاراهم في منوالهم هذا بعض المغرَّرين مِن أبناء الكلدان ، حيث خانوا امتهم الكلدانية وراحوا يُعادونها بشكل ٍ مُخجل ومُزري بَـزّوا فيه أسيادهم . إنَّ الكـلدان ينظرون الى هؤلاء الأبناء المخدوعين بعين الإزدراء ويعتبرونهم زواناً انزاح مِن حنطتهم النقية ، وسيندمون حين يكتشفون بأنَّهم أتباع مذلولون .
ماذا يعني تشديد رؤساء الكنيسة النسطورية وعلى صعيد أعلى مستوياتهم على عبارة " الشعب الآشوري " وهو المكوَّن الأصغر بين أبناء الشعب المسيحي في العراق وفي العالم ، وما هي قيمته دون ذكر الكلدان والسريان ؟ حيث جاء ضمن التصريح الصادر عن مجمع كنيستهم المنعقد في دهوك ما بين 27 - 30 /10 / 2008 " لقد توقف المجمع بصورةٍ خاصة عند الحملة المستمرة التي تعرَّضَ ويتعرَّضُ لها أبناء الشعب الآشوري المسيحي في العراق . . . " وفي موضع مِن هذا التصريح " إنَّ المجمع . . . يُكّرِّر دعمه لمطلب الشعب الآشوري في الحكم الذاتي وإقراره وضمانه . . . " هل يـظن رئيس الكنيسة النسطورية ومساعـدوه وأتباعُه بأنهم بهذه الأساليـب التراوغية المُلتـوية يصلون الى مآربهم غير العادلة ويحقـقـون هدفهم السرابي في فرض فرضيتهم العقيـمة الاسطورة الويكرامية على شعب الامة الكلدانية ؟ أليس ذلك نوعٌ مِن الخيال وضربٌ على الرمال ! وهل خليفة بطرس الرسول يجلس في شيكاغو ؟ أليس هذا مِن السخرية بمكان ؟
2 - أما الحركة اللاديمقراطية " زوعا " فتتطابق أفكارُها بهذا الشأن مع أفكار الكنيسة النسطورية ، فهي تُنادي بكُلِّ صلفٍ مشوبٍ بالغباء بأن الكـلدان جزء مِن الآشوريين وعليهم الإحتماء تحت جناحيها والإنصهار ببودقتها ، حيث يقول شعارها وبالنص " الإقرار بالوجود القومي الآشوري في عراق ديمقراطي " ألا يدلُّ ذلك على إلغاء الكلدان والسريان ؟ وإذا كان الكلدان جزءاً كما تَـدَّعي الحركة الشوفينية زوعا ، كيف يتفـوَّق الجزء على الأصل عددياً بعشرة أضعاف ؟
أحبائي أبناء امتي الكلدان ، ألا ترون هذا غـُبناً لكم وإجحافاً بحق امتكم الكلدانية ! أليس إلغاءً لوجودها وهويتها وتاريخها المُشرّف ؟ كيف ترضون أن يُنظر إليكم بهذا المنظور مِن قبل أبناء طائفةٍ جاحدة لأصلها ، متبنيةٍ لتسميةٍ موطنيةٍ زائفة لا صلة لها بالقومية ، تبنَّتها قبيلة بابلية في أزمنةٍ غابرة وأطلقتها على دولتها ثمَّ زالت بزوالها .
إننا نحن الكـلدان أمام موقف ٍ لا نـُحسد عليه ، وفي هذه الحال لم يبقَ أمامَنا إلا الدفاع عن وجودنا وهويتنا وتاريخنا ، ونعمل بكُلِّ وسعنا على كوننا قومية مستقلة ذاتياً ، وأبوابنا مفتوحة وأيادينا ممدودة لإخوتنا مِن الآثوريين الواقعيين والواعين وكذلك إخوتنا السريانيين للإنضمام الى قوميتنا الكلدانية المُشبعة بالوطنية والإنسانية . نُطالب أحزابنا ومنظماتنا القومية الكـلدانية القيام بدور فعال وذي تأثير حيوي في ايقاظ الشعور القومي مِن سباته ، والعمل على تشجيع أبناء الكلدان في كُلِّ مكان للإخراط في صفوفها وإفهامهم بأن الواجب يقتضي مِنهم الذود عن هوية امتهم الكلدانية والسعي الى نيل حقوقها المشروعة في الوطن .
ويسرُّني في هذا المقام أن أتقدم بشكري الجزيل وتقديري الكبير الى الحَبرَين الكلدانيَين الجليلَين المطران إبراهيم ابراهيم راعي أبرشية مار توما الرسول في مشيكَن / اميركا والمطران سرهد يوسب جمو راعي أبرشية مار بطرس الرسول في كاليفورنيا /أميركا على ما ورد في مذكرتهما المشتركة الموجهة الى رئاسة المجلس الوطني الكردستاني بتاريخ 27 / 10 / 2008 ، حيث جسدا فيها موقف الكنيسة الكلدانية وأبنائها الصريح والواضح ، ومِما ورد فيها " بأننا كَـكـلدان نـُطالب بدرج التسمية القومية الكـلدانية متميزة ومستقلة عن أيِّ تسميات اخرى ، ونرفض إدراج تسمية غير قومية في دستور كردستان بخصوصنا بدلاً للتسمية القومية الكلدانية " . أتمنّى مِن كُلِّ فردٍ كلداني أن يتبنى هذا الموقف القومي الجريء ويدعمه بقوة . فـلنـُسرع الى تنظيم بيتنا الكلداني مِن جديد ونُعيد النظر في حساباتنا ، ونتدارك أخطاءَنا ، ونوحِّد خطابنا ، ولنكن في يقظةٍ مِن أمرنا ، فالدسائس تحوم حولنا في الخفاء والعـلن .
الشماس كوركيس مردو
في 5 / 11 / 2008