حدثين هامين ولكن ’مخيّبي للامال
كلنا اصبح على علم بالاحداث المأساوية التي رافقت اخوتنا الاثورين والذين قدموا من ايران وتركيا كلاجئين للعراق وذلك في بداية القرن العشرين الماضي، بعد ان اِستطاع الانكليز انقاذهم من أتون النار الذي أِلتهب بشعبهم من جراء توريطهم من قبل الانكليز أنفسهم لمحاربة الاتراك والاكراد في مناطق سكناهم في كل من ايران وتركيا وكبديلا عن الانكليز، لأشغال الاتراك للمحاربة بتلك المناطق وعلى ان تتحرك قوات الحلفاء من الجهات الاخرى لمحاربتهم وذلك عند بدايات الحرب العالمية الاولى.
وما شدّ اِزر الاثوريين كان ذلك من وعد الانكليز لهم بمنحهم اِقليما ذاتيا يحكمون أنفسهم في حالة مقاتلتهم للأتراك والاكراد بالاضافة الى استبدال تسميتهم من كلدان النساطرة (تياراي الجبال) الى الاشوريين لتحفيزهم بالتشبث بالاشوريين القدامى الذين كانوا متمرسين في الحروب ولزيادة حماسهم بالاضافة لأبعاد تقاربهم مع اخوتهم من الكلدان الكاثوليك والذين كانوا يعيشون في العراق لعداء الانكليزللكثلكة في حينها.
وبالرغم من ذلك فأن الانكليزاستمروا في تهييجهم في العراق ايضا بتشكيل فوج عسكري والمسمى بفوج الليفي ليستمروا في القتال وعلى امل ان يحول مطلبهم بالاقليم الذاتي من مناطقهم الاصلية في ايران وتركيا الى العراق. ولكن مأساتهم استمرت وذلك بعد مقتل البطريرك بنيامين الشمعوني الذي كان يقودهم عسكريا وفي حروب متعددة وكما ذكرها السيد بولص ملك خوشابا في مقالاته المتعددة في موقع عنكاواكوم.
بالاضافة الى ذلك فقد كانت مذبحة سميل في 1933م والتي راح الكثير منهم بسبب خداعهم من قبل الانكليز وترك مصيرهم بيد الحكومة العراقية والتي اغارت عليهم بطائراتها وقصفوا موقع تجمعهم في السميل ولحقوا بهم في مناطق سكناهم. وقد استطاع البعض منهم من الهروب الى الجهة الاخرى من فيشخابور لسوريا والبعض الاخر احتمى في القرى الكلدانية ومنها القوش الى ان ’فرجت عليهم بعد استجابة الحكومة لمطالب البطريرك الكلداني مار توما( رحمه الله) بالأعفاء عنهم .
ولكن ماذا عن مطلبهم بالاقليم؟ هنالك حدثين مهمين حصل فيهما اهمال وتهميش لقادة الذين يدعون بالتأشور حاليا وذلك في المحافل الدولية وبعد انتهاء الحرب العالمية الاولى وتقسيم الكعكة ما بين الحلفاء المنتصرين وهما:
اولا / في سنة 1919م تم رفض الانكليز مجيء العرابة سورما خانم التي كانت في لندن الى باريس لحضور مؤتمر الصلح وذلك لأهمالهم للمكون الذي تمثلهم، وحتى اعتبروهم بالحليف الاصغر تصغيرا بشأنهم قياسا للقضايا المطروحة وعلى نطاق الدول الكبرى لحلها في ذلك المؤتمر.
علما ان مطاليب سرما خانم التي بقيت حبيسة في حقيبتها اليدوية كان ملخصها عودتهم الى مناطقهم الاصلية في اورمية/ ايران وقوجانس/تركيا، للتعويض عن الضحايا لأبناء شعبها الذين شرّدوا منها. بعد ان استغلّوا من قبل الانكيز مقابل تسميتهم بالاشورية بدلا من النسطورية.
وثانيا/ هو عدم السماح للبطريرك مار ايشاي (الذي اصبح بطريركا بعمر 12 سنة) بالحضور اثناء انعقاد اجتماعات عصبة الأمم المتحدة في جنيف الذي كان متواجدا في جنيف على امل ان يشارك في هذه الاجتماعات لكن الانكليز نفسهم( أعمام اخوتنا المتأشورين) نجحوا بمنعه من المشاركة وذلك في سنة 1932م والتي كانت من ضمن مطاليبه منحهم اقليما ذاتيا ليحكم شعبه بنفسه تعويضا عن المجازر التي ارتكبت بحقهم في ايران وتركيا.
وفي كلتا الحالتين هنالك اِهمال وتهميش من قبل الانكليز انفسهم، والذين خجلوا ان يجلسوهم في هكذا مؤتمرات بعد ان انتهت مهمتهم القتالية وبأن الجزيء من الكعكة الموعودين بها، قضمت من عرابيهم الانكليز بعد عودة اخوتنا المتأشورين خالي الوفاض في كلا المؤتمرين، مع الاسف.
وانقلبت مأساتهم على الاخرين ! لقد وصل الامر بالذين يدعون بالاشورية بأن يمنح لهم اقليمهم الموعود في اي مكان يكون خارجا عن العراق وذلك بعد ان اصبح مستحالا رجوعهم الى مناطق سكناهم الاصلية في ايران وتركيا.
وجاء ذلك في اجتماع البطريرك مار ايشاي الشمعوني في عام 1931 في الموصل مع جميع روساء الشعب الاشوري من الدينيين والمدنيين ومن ضمنهم عرابتهم سورما خانم وذلك بعد ان طرح السؤال التالي عليهم ، هل بأستطاعتهم العيش في العراق؟ وكان الجواب بالنفي (لا) من قبل الحاضرين لذلك الاجتماع. وعلى ضوء ذلك ناشد البطريرك الانكليز بما يلي :
(اننا نناشدكم العطف علينا ومساندتنا لتوطيننا في بلد يقع تحت اي سلطة غربية ان تكون خير لنا وارجوا منكم ان تطلبون من الحكومة الفرنسية موافقتها لقبولنا في الاراضي السورية ؟)
تصوروا لومنح الاشوريين الحاليين(المتأشورين) اقليما ذاتيا في مناطق سكناهم من ايران وتركيا أو لبّي مطلبهم بجمعهم للعيش خارج العراق ان كان في سوريا وحتى البرازيل، وبحسب مطاليب قيادييهم الدينيين والمدنيين والذين كانوا يمثلون شريحتهم . فهل كنّا نحن الكلدان والسريان في العراق في حالة صراع دائم لفرض تسميتنا احدنا على الاخر وكما هو حاصل من قبل من يدعون بالاشورية في ايامنا هذه؟ وذلك بأستغلال نفوذهم بتذيلهم للحكومتين في العراق لتنفيذ اجندتهم لتهميش المكون المسيحي ومنها التغيير الديموغرافي لمناطق سكناهم ومنها عنكاوا التي تعالت اصوات ابنائها مؤخرا (ولكن بعد أيه) بعد ان ’أستغلّوا من اصحاب التسمية القطارية والاحزاب الاشورية المترابطة فيها وفي مناطق الكلدان والسريان من سهل نينوى أيضا.
وفوق ذلك يردون ربطنا بالتسمية الثلاثية لاضعاف اطراف هذه التسمية وعلى حساب منفعتهم مستغلين العامل الديني المشترك. وذلك لمعرفتهم بانه لا يمكن اثبات وجودهم لولا زج اشوريتهم بالكلدان والسريان لأنهم لا يمثلون سوى 5% من المكون المسيحي في العراق.
لذلك فالحدثين الهامين المشار اليهما اعلاه، فقد كانوا مخيبين للآمال عندما ’رفض مطلبهم بمنحهم للأقليم في مناطقهم الأصلية في ايران وتركيا او في سوريا وحتى البرازيل !!
وبالنتيجة فقد كانت مخيبة لآمالنا نحن الكلدان والسريان لأنهم ناموا على كلوبنا... ولذلك هكذا وحدة ستضعفنا وبأنتظار الفرج !
عبدالاحد قلو