تفاصيل مخطط نقل اليهود الأكراد من "إسرائيل" إلى شمال العراق
صحيفة السبيل الأردنية
عماد الدبك
نشر صحفي أمريكي تقريرا حول ما اسماه «مخطط إسرائيل التوسعي الاستيطاني في العراق»، تضمن معلومات لم تنشر في السابق حول مخطط نقل اليهود الأكراد من «إسرائيل» إلى شمال العراق .. وتوطينهم محل الكلدان والآشوريين، وترعاه الإدارة الأمريكية ويقوم على تنفيذه ضباط من جهاز «الموساد» الإسرائيلي بعلم ومباركة القيادات السياسية في الحزبين الكرديين الكبيرين (الاتحاد الوطني بزعامة جلال الطالباني والحزب الديمقراطي الذي يتزعمه مسعود البرازاني).
واستعرض التقرير مخطط «إسرائيل» التوسّعي الإستيطاني في العراق، وبشكل خاص في مناطق معينة تتمتع بصبغة دينية وتراثية يعتبرها الصهاينة جزءاً من «إسرائيل الكبرى».
يبدأ الصحفي «وين مادسن» تقريره الذي نشره على موقعه الذي يحمل ذات الاسم، بالقول أنه «إذا كانت طموحات إسرائيل معروفة بالنسبة للسيطرة الكاملة على قطاع غزة والضفة الغربية، وكذلك الأمر بالنسبة للجولان السوري المحتل، فإن طموحاتها بالتوسع والسيطرة على أجزاء من العراق لا تقلّ عن ذلك تحقيقاً لحلم إسرائيل الكبرى».
وبعد أن يؤكد مادسن على المعلومات المتعلقة بنقل اليهود الأكراد من «إسرائيل» إلى مدينة الموصل ومحافظة نينوى تحت ستار زيارة البعثات الدينية والمزارات اليهودية القديمة، يشير أيضاً إلى أن اليهود الأكراد بدأوا منذ الغزو الأميركي للعراق عام 2003 بشراء الأراضي في المنطقة التي يعتبرونها ملكية يهودية تاريخية.
وفي استعراضه لأسباب «الاهتمام الخاص الذي يوليه الإسرائيليون لأضرحة الأنبياء ناحوم ويونس ودانيال، وكذلك حزقيال وعزرا وغيرهم»، يقول أن «الكيان الصهيوني ينظر إليها جميعها على أنها جزء من إسرائيل، حالها حال القدس والضفة الغربية التي يسمّيها يهودا والسامرة».
صهينة «العراق الجديد»
وما يؤكده تقرير الموقع الأميركي الخارج عن إرادة البيت الأبيض - خصوصاً في زمن بوش - هو أن فرق الموساد شنّت مع مجموعات من المرتزقة الصهاينة المسيحيين الأميركيين هجمات على المسيحيين الكلدانيين العراقيين في كل من الموصل وإربيل فالحمدانية وتل أسقف وقره قوش وعقره... وغيرها، وألصقتها بتنظيم القاعدة بغية تهجيرهم بالقوة، وإفراغ المنطقة التي تخطط إسرائيل للاستيلاء عليها بالتنسيق مع الميليشيات الكردية، من سكانها الأصليين من المسيحيين والمطالبة بها بوصفها أرضاً يهودية توراتية!
ويشار في هذا السياق إلى ان شبكة الراديو العامة الأميركية نشرت تقريرا حول ذات الموضوع يوم أول أمس الأربعاء على موقعها الإلكتروني تشير فيه ان ما يسمي اليهود الأكراد «بدأوا رحلة عودتهم إلى العراق من فلسطين المحتلة بروية وحذر».
وتجدر الإشارة إلى ان التغلغل الإسرائيلي في العراق بدأ قبل ثمانية عشر عاماً في أجواء من التكتم المتواصل انطلاقا من المنطقة الكردية التي أصبحت تحت سيطرة حزبي البرزاني الطالباني منذ فرض الحظر الجوي على منطقتي شمال وجنوب العراق. ويقول محلل سياسي عراقي «كانت بداية هذا التغلغل على هيئة خبراء ومستشارين وجواسيس، ثم تطوّر إلى المجالات العسكرية والتجارية ووكالات الأمن والعقارات وسائر الشركات المتخصّصة من الإبرة إلى النفط فالتكنولوجيا. وسرعان ما كشف عن وجهه الآخر حين اتّضح أن كل هذه المجالات ليست وحدها هي الهدف. وأن هناك هدفاً استراتيجياً دينياً - تاريخياً - واستيطانياً أهم من هذه الأهداف، فرض التوسّع في عملية التغلغل داخل مناطق ومدن محدّدة في الشمال العراقي شملت نينوى، أربيل، الموصل، باشقيا، الكفل، الكوشفين، الحمدانية، عقرا، وغيرها».
وحسبما تشير المعلومات التي أوردها المحلل نبيل أبو جعفر، فإن سبب التركيز على هذه المناطق والمدن، يرجع إلى وجود أماكن دينية وأثرية يهودية فيها، يعتبرها الإسرائيليون من قدس الأقداس، وهي تتمثل بشكل خاص في مرقد النبي ناحوم (ناعوم) الواقع في الكرش، ومرقد النبي يوناح (يونس) بالموصل، ومبرّة النبي دانيال في كركوك، وقبر حزقيال في الكفل القريبة من الموصل، وقبر عزرا الواقع في مدينة العزيز بمحافظة ميسان، القريبة من البصرة.
إعادة تصدير اليهود الأكراد
ويضيف المحلل العراقي «لم يقف حدود التغلغل الإسرائيلي عند هذه المناطق، فاتسّعت دائرته أكثر، وصولاً إلى العاصمة بغداد وغيرها من المدن العراقية الأخرى. وقد تمّ ذلك كله بعلم ودعم الولايات المتحدة، وبتنسيق على الأرض مع الحزبين الكرديين، في إطار اتفاق على تبادل المصالح المشتركة، لا سيما وأن إسرائيل لا تبتغي من تواجدها في المناطق الكردية، كما أوضحت لقيادتي الحزبين، أكثر مما يجري التنسيق بشأنه معهما، فضلاً عمّا يتعلق بدوام «التبرّك» من الأضرحة والمواقع الدينية!
ولهذا، فإنها لا تريد لهذا التواجد أن تتّسع دائرته فيشمل - على سبيل المثال - توطين بعض المهاجرين من اليهود الروس أو الآتين من أوكرانيا أو جورجيا.. بل إعادة تصدير اليهود الأكراد من «إسرائيل» إلى «وطنهم الأصلي» ليعيشوا بين إخوانهم، إلى جانب بعض اليهود الآتين من إيران ودول المنطقة، فقط... لا غير !
وأكثر من ذلك، وتسهيلاً لعملية التوطين «الطبيعية والآمنة»، طرحت إسرائيل خطّة لتنفيذ هذه العملية من قبل الموساد وحكومة كردستان، تقضي بأن يحلّ العائدون إلى وطنهم محل الكلدانيين والآشوريين الذين يشكّلون «حالة» مختلفة عن حالة الأكراد!.
وتفيد المعلومات ان الخطة حازت على موافقة ودعم العديد من المنظمات الكنسية المسيحية - الصهيونية في الولايات المتحدة التي أوصت بضرورة تسهيل هجرة المواطنين الأصليين من المسيحيين الأشوريين والكلدان إلى دول الغرب، وفي مقدمتها أميركا وكندا واستراليا. على أن يتمّ ذلك بداية عن طريق الإغراء المادي، وفي حالة الرفض وعدم التراجع يجري تكليف الميليشيات الكردية بالضغط عليهم عبر وسائل مختلفة، لدفعهم إلى السير في هذا الخيار، مشيرا إلى تصفية أسماء معروفة من رجال الدين والأطباء والإختصاصيين، كان على رأسهم المطران بولس فرج رحّو رئيس أساقفة الكنيسة الكلدانية، بدافع إجبارهم على الهجرة الى الخارج، أو النزوح القسري إلى أماكن أخرى في العراق «الجديد».
أضيف بتاريخ : 17:15 2009-02-27