المطران مار يوسف توما البيرو - قراطية والحاسوب - قراطية «
في: 10.08.2014 في 22:08 »
افتتاحية نشرة أبرشية كركوك عدد أيلول 2014البيرو - قراطية والحاسوب - قراطية
قرأت قبل سنوات مقالا مترجما من الأدب الروسي المعاصر، جاء فيه أن شابا أراد أن يعرف معنى كلمة "بيروقراطية Bureaucracy"، فذهب إلى المكتبة العامة وطلب أن يستعير القاموس، وبدأ يقلب صفحاته، حتى وصل إلى الحرف "ب" ثم "ب ي"، وكم كان استغرابه أن لاحظ أن كلمة "بيروقراطية" غير موجودة، فالتفت إلى الموظف ليسأله عن السبب، فلاحظ الموظف أن تلك الورقة مشقوقة من القاموس، فاتهم الشاب أنه هو الذي مزقها، فأنكر هذا فألقي القبض عليه، وأودع في السجن. وهناك سأله أحد النزلاء عن سبب سجنه فحكى له الحادثة، وقال: "كنت أريد فقط أن أعرف معنى كلمة (بيروقراطية)، فقال له زميله السجين ضاحكا: "ها قد عشتَ البيروقراطية واختبرتها، إنها بالضبط ما حدث لك!".
تذكرت هذه الحادثة وأنا أستعرض كل ما يتم تداوله على شبكة الانترنت من كتابات وتعليقات وكلام فيه الغث وفيه السمين. لكن للأسف كمية الغث فيه أكثر. وأغلب المشاركين في "سوق عكاظ" الرقمية هذه ليسوا من المقيمين في البلد، أي من الذين يعانون من التهجير والنزوح وتلقي الهاونات على رؤوسهم (الذين لا وقت لديهم للترهات)، بل من الذين هاجروا إلى البلدان البعيدة، القاعدين تحت اجهزة التكييف أمام شاشات حواسيبهم، هؤلاء الهائجين المائجين على ما يحدث في بلادنا، الذين يشتمون ويلعنون بلا تردّد من في البلد من سياسيين ورجال دين، هؤلاء يمكن أن أطلق عليهم: "حاسوب - قراطيين"، أي الذين يشعرون بأن الحاسوب يعطيهم سلاحا وقوة تسمح لهم بتجاوز كل الحدود، فهم في الغالب يكتبون تحت أسماء مستعارة، ليختفوا كالملثمين الارهابيين، فيشعرون أن لا أحد يمكنه أن يصل إليهم ليعاتبهم أو يوبخهم بلطف على ما يجرؤون على قوله ضد من لا تحلو لهم تصريحاته، كما كتب عني أحدهم بعد تصريحي بأن خلق منطقة آمنة للمسيحيين أو لأي جماعة هو خطر فالمشكلة يجب أن تحل للجميع وأن المواطنة هي العلاج الأول والأخير لنا، وليس في تقسيم البلاد وتشريد العباد. فقال أحدهم من جماعة "الحاسوب- قراطيين" عني: "المطران يوسف لا يعرف التاريخ" (كذا)، ليسامحك الرب يا صاحبي، لأنك لا تدري ما تقول. لكن بعد التقصي وجدت صاحبنا يكتب من إحدى مدن كندا، ويعيش على مساعدات الدولة... ووقت فراغه كثير يسمح له أن يوزع من وراء شاشته دروسا لمن هم في معمعة الحدث وعلى خطوط النار ويحاولون رؤية الأمور من منظور شامل ويفكرون في أناة وصبر ويبنون بالحوار للمساعدة في إنقاذ هذا البلد من كل هذه الفوضى التي عمّت والتي لم يعد أحد يفهم منها شيئًا.
أقول لمثل صاحبنا هذا: عزيزي إن الاتهام رخيص وسهل جدا، خصوصا من موقعك واختفائك، أما العمل فدرجات، يبدأ بالسكوت أو كما قال المسيح: "إن هذا النوع من الشرور لا يخرج إلا بالصوم والصلاة" (متى 17/21)، كما يمكن أيضًأ إخراجها بالمقاسمة، أعني إذا تبرعت بكسرة خبز أو بكأس ماء فقد وفرت عونا لو توفر البارحة لأطفال جبل سنجار لما مات منهم خلال 3 أيام 40 طفلا.
أقول لكل من تسوّل له نفسه أن يعطي الدروس للآخرين ما قاله يسوع: "لا تحكم، لا تدين، فبالكيل الذي به تكيل يكال لك ويزاد" (مرقس 4/24)، أعط، - ولو القليل – وسيصير عالمنا أقرب إلى السلام وأجمل. لكن القسوة التي أراها في قلوب الارهابيين والذين يريدون استئصالنا من هذا البلد هي نفسها قريبة منك، بل موجودة فيك، وهي التي تخرج منك اليوم على شكل شتائم وانتقادات غير مسؤولة توزعها بلا رادع يمينا وشمالا، وإن لم تسكتها أنت فيك، ستتحول إلى عنف أكبر من الكلمات إلى اللكمات، ومن يدري إلى قتل حقيقي. وهذا ما رأينا ونرى في وسائل الإعلام، كل يوم, زعيق غير مسؤول وتهديد واتهامات تطلق جزافا. ألم يحذرنا المسيح من الكلام الذي في مقدوره أن يقتل؟ ألم يقل: "كل كلمة فارغة يقولها الناس يحاسبون عليها يوم الدين" (متى 12/36)؟ الجميع إذن يقف من الحقيقة على نفس المسافة، والحساب سيكون قاسيا على جميعنا، في اليوم الأخير، لا بالمقارنة مع ما يرتكب الارهابيون من بشاعات نراها ونسمعها كل يوم فقط، لكن بالمقارنة مع "الرحمة" التي في قلب ربنا وإلهنا، والتي قلّ من يفكر فيها حتى عندما يقولونها ويسمّونه: "الرحمن الرحيم"، على كل من يقولها أن يعكس هذه الرحمة على إخوته في حياته هو أولا!
لذا أقول لكل الساكتين الصامتين، عكس ما يقوله المثل الشائع: "إذا تكلمتَ لا تخف، وإذا خفتَ فلا تتكلم"، فالسكوت – كالكلام – في مكانه أمر جيد، أحيانا قد يصبح خطرا إذا سكتنا ولم نتكلم، وأحيانا يصبح الكلام أيضًا خطرًا، لكن لا بدّ من الشجاعة لكليهما شجاعة السكوت في محله وشجاعة القول. إذ ليس كل كلام مفيدًا، ولا كل سكوت نافعًا، وما وصلنا إليه من أحوال يقع في عين الوقت على الساكتين والمتكلمين. وأقول لأصحاب الكلام الفارغ: "أكرمونا بسكوتكم"، كما أقول للصامتين طوال الوقت: "لا تخافوا، قولوا ما عندكم"، فخوفكم هو الذي يجعل الأشرار يتمادون في غيّهم، ولو وجدوا من يقول لهم بحزم: "صَه، أصمت" (مرقس 4/39) لتوقفوا. هذه النتيجة تجعلنا نفهم أن كلا من الكلام والسكوت معا، يحتاجان إلى تدريب وتأمل، وبالرغم من وسائل الاتصال الحديثة، التي للأسف، وضعت أمام كل الناس بسهولة ويسر أن يعكروا حياة الآخرين بلا أن يكلفهم ذلك سوى الجلوس أمام الشاشة وإطلاق الأحكام "الحاسوب - قراطية".
المطران يوسف توما
رئيس أساقفة كركوك والسليمانية للكلدان
6 آب 2014
من يقف في صف كنّا وآغجان فأنه مشارك في تهميش وإستلاب حقوق الكلدان
يونادم كنّا وآغاجان كفتا ميزان لضرب مصالح مسيحيي العراق ولاسيما الكلدان
من يتعاون مع كنّا وآغجان فكأنه يطلق النار على الكلدان
To Yonadam Kanna & Sarkis Aghajan
You can put lipstick on a pig but it is still a pig
To Kanna & Aghajan
IF YOU WANT TO REPRESENT YOUR OWN PEOPLE,
YOU HAVE TO GO BACK TO HAKKARI, TURKEY & URMIA, IRAN ياوطني يسعد صباحك
متى الحزن يطلق سراحك