نحن لا نريد افراغ البلد من المكون المسيحي...ولكنه يتقيؤنا «
في: 24.09.2014 في 12:29 »
نحن لا نريد افراغ البلد من المكون المسيحي...ولكنه يتقيؤنا
بولس يونان24.09.2014
ان افراغ المنطقة من المسيحيين سواء بالغزو الاسلامي او بالهجرة هو مسألة وقت ليس الا!. ما علينا جميعا قيادات كنسية اواحزاب سياسية او منظمات مدنية او افراد مستقلين الا ان نعمل جميعا في البحث عن الالية الاسلم والافضل لتأمين طريق النزوح هذا والعمل ما امكن سواء كل مؤسسة على انفراد او على شكل لجان مشتركة وعقد ندوات ولقاءات للخروج بالطرق الامثل لتأمين مسيرة رحلة النزوح الطويلة للوصول الى بر الامان.
دور القيادات الكنسية في مساعدة المهجرينلا يمكن لأحد الا ان يثني على الدور الرائع الذي قامت به السلطات الكنسية في الكارثة الاخيرة التي حلت بابناء شعبنا في الموصل وسهل نينوى. ان حالة تأمين اسكان وتوفير المستلزمات الحياتية من غذاء ومأكل وملبس ودواء ومنام لعدد تجاوز 120 الف مهجر مسيحي وعدد كبير من الاخوة الايزيديين ولو بالحد الادنى, لا تستطيع حتى الدول الكبرى بكل امكانياتها تأمينه فكيف بسلطة كنسية تعتمد في كل عملها هذا على التبرعات وخاصة حملات جمع التبرعات التي تولتها الكنائس في الداخل والخارج, وهذا ما ذكره واثنى عليه غبطة البطريرك لويس ساكو, حيث ذكر في مقابلة له لعنكاوة كوم:" لكنني أود ان أذكر بافتخار موقف الكنيسة والبطريركية الكلدانية التي كانت اول المبادرين لمساعدة جميع النازحين في أربيل ودهوك، كما ان ابرشياتنا الكلدانية في الخارج ساعدتنا كثيرا من خلال إرسال الاموال لنا ومن ثم المنظمات الكاثوليكية كالكنيسة المتألمة واخوية المحبة والميسيون واوفر داوريان والفاتيكان وكنائس عديدة بعثوا اموال لا بأس بها وسدت الكثير من احتياجات المهجرين".
ان معظم الثقل تحملته الكنيسة الكاثوليكية والارثودوكسية وخاصة غبطة البطريرك مار لويس ساكو باعتباره اعلى سلطة كنسية كاثوليكية في العراق. منذ اليوم الاول لهذه المأساة احس قداسته بثقل المسؤولية الملقاة على عاتقه وهو يرى ابنائه بهذه الحالة المأساوية. كان ولا يزال غبطته في حركة دائمة يطرق كل باب يرجو المساعدة من صاحبه ويحث الدول ذات الثأثير والشأن ان تعمل على انصاف الاقليات المنكوبة من المسيحيين والايزيديين.
ان كارثة بهذا الحجم لا بد وان يشوبها بعض الاخطاء لعدم الخبرة او حتى بعض التجاوزات لبعض ذوي النفوس الضعيفة ولكن ما قامت به الكنيسة يعتبر مفخرة لنا جميعا.
ما يمكن ان نعتب عليه او نلاحظه هو غياب العمل المشترك في عمل الكنائس! فانه رغم ان هذه الكارثة كانت فرصة لقياداتنا الكنسية باظهارها التوحد والوحدة واشعارنا بان الخلافات المزمنة يمكن ان تُطرَح جانبا اوقات الشدة ولكن اعتقد ان الخلاف اكبر مما نتصوره, فرغم الحالة البروتوكولية التي يتطلبها الموقف من تواجد ممثلي جميع الكنائس بما فيها كنيسة المشرق الاشورية في الوفد الذي زار اخيرا السيد مسعود البرزاني لعرض وضع المسيحيين امامه ورغم مشاركة اساقفة من الكنائس الكلدانية والسريانية الكاثوليكية والارثودكسية في استقبال الوفد المتأخر لقداسة ما دنخا الرابع برئاسة سيادة المطران مار ميلس زيا. رغم هذه المواقف البروتوكولية فان متابعتنا لعمل هذه الكنائس نلاحظ غياب كنيسة المشرق الاشورية من العمل المشترك وتفردها في عملها وكذلك عدم مشاركتها في اللجنة المشتركة المشكلة لاغاثة المهجرين وعملها بصورة منفردة من خلال الجمعية الخيرية الاشورية.
ان هذه الثنائية في عمل الكنائس يخلق نوع من الارباك في ديناميكية توزيع المساعدات ويدل على وجود ازمة في العلاقات بين هذه الكنائس!. ان الادلة على هذه الازمة كانت واضحة منذ مدة طويلة ومن طريقة استقبال البطريرك مار دنخا الرابع لبطريرك الكنيسة الكلدانية خلال زيارة الاخير له.
اعتقد ان وجود لجنتين كنسيتين للعمل في نفس الحقل يخلق ارباكا, ما اريد ان اعرفه مدى امكانية عمل كل من اللجنتين في الفضاء الاخر لبعضهما. مثلا هل ساعدت اللجنة الخيرية الاشورية المهجرين الموجودين في الكنائس والمنشئات التابعة للكنائس الاخرى وبالعكس واذا سلمنا بان هذا حدث فهل هنالك تنسيق مسبق في نوع ومادة المساعدة المقدمة!. فمثلا لنفرض ان احدى اللجنتين ذهبت الى منطقة ما يتواجد فيها المهجرين ومعها شحنة تشمل كسوة وملابس ولكن ظهر ان اللجنة الاخرى سبقتها بنفس مواد المساعدة, فهل سيقولوا هؤلاء آسفين لم نكن نعلم بان اللجنة الاخرى قد سبقتنا بهذه المفردات وسوف نأتي في المرة القادمة بشحنة عدس بدلا منها!!!. ان توضيح سلاسة توزيع مواد الاغاثة بدون ان يخلق ارباك في عمل اللجنتين يمكن ان تقوم به احدى اللجنتين او كلتيهما.
موقف القيادات من الهجرةان الموقف الثابت والمعلن لرئاسات الكنائس وقيادات الاحزاب هو بعدم الهجرة وعدم تشجيعها وعدم الترويج لها لاسباب تتعلق بالاعتقاد الديني او الانساني او السياسي القومي اوالتاريخي او المصلحة الفردية . ان هذه المواقف تطرق اليها الكثير كما ان الكنائس قد شرحت بصورة وافية موقفها الثابت هذا من الهجرة, ولكن ما يجب علينا جميعا ان نعرفه ان مسألة الهجرة او عدمها تتعلق بحياة بشر وبما ان حياة اي انسان تخضع للظروف المحيطة بها والتي هي في حالة حركة دائمة فان من هم في موقع المسؤولية الدينية والدنيوية يجب ان لا يصروا على موقف ثابت لحالة متحركة تتعلق بحياة شعبهم لانه في الاخيرهم مسؤولون عنهم امام الرب الاله والناس.
الاعتقاد الدينيان تصر الكنسية على ثبات موقفها بعدم الهجرة هذه وجهة نظرها اما ان تربط الموقف بالايمان والاعتقاد فانه اعتقد انها تتجاوز حدود صلاحياتها وهي تضع نفسها في موقف محرج , لان هكذا طرح يخلط الدين بالسياسة ويقسم المؤمنين بموجب حالة اجتماعية لا علاقة لها بالايمان وهي بذلك تثبت ايمان فئة من ابناءها وتكفر او تهمل الفئة الاخرى وهي تصنف مؤمنيها فئتين, الاولى وهي الباقية ضمن حدود غير ثابتة لما يسمى بلد او وطن والمنطقة الجغرافية التي تقع ضمن هذه الحدود وهذه الفئة هي المؤمنة والتي حملت صليبها وتحملت ثقله والاخرى هذه التي لم تعد تتواجد ضمن تلك الحدود وهذه هي الفئة الضالة التي لم تستطع حمل صليبها ولذلك هربت.
ليس للهجرة علاقة بالايمان واعتقد انه من الخطأ ربطهما ببعض فللهجرة اسباب عديدة وهي ليست فقط مسألة اما ان تحمل صليبك ام لا! فليس من بقي تَحَمَل ثقل الصليب هوالمؤمن وهو الفائز, ومن هاجر ولم يستطع حمل صليبه هو ضعيف الايمان وهو الخاسر في النهاية.
كما ان الهجرة تعني الهجرة فلا فرق اذا كانت هجرة وتهجير قسري داخلي او هجرة وتهجير قسري خارجي!. هل ان من اجبر على الهروب من بغداد او الموصل ووصل الى قصبات وقرى بروار على حدود تركيا لا يعتبر ضمن المهاجرين وان الذي عبر نهر دجلة من ضفته العراقية الى الضفة السورية يعتبر مهاجر!!!.
ان سبب اصرار الكنيسة على البقاء وعدم الهجرة هو الحفاظ على المقدسات وادامة ذكرى اجدادنا تاريخيا في هذه المنطقة اي بمعنى اوسع هو الحفاظ على الحجر الذي بناه اجدادنا وبنيناه ولا نزال نبنيه نحن والمتمثل في الكنائس والاديرة. ولكن ما يجب ان نعلمه ان هذه الحجارة نحن بنيناها وليست هي التي انجبتنا وهي ليست غايتنا في الايمان وانما هي سبيل او طريق او حتى محطة في طريق الايمان. ان هذه الابنية مقدسة بوجودنا وهي تفقد قدسيتها عندما نغادرها, فاين قدسية الاديرة والكنائس في الموصل وتوابعها والتي يدنسها المسلمون واين تلك التي كانت في تركيا وشمال العراق التي كان يرتعد المسلم قبل المسيحي من الاقتراب والتجاوز على املاكها وهي الان مزاريب حيوانات, واين هذه في شبه جزيرة العرب والتي لم يبق لها حتى اثر وغيرها كثير وكثير.
الاعتقاد الانساني او البعد الانسانيان الاعتقاد او البعد الانساني الذي يتحجج به بعض رؤساءنا وخاصة الكنسيين منهم في عدم هجرتنا هو ذو شقين الاول يتعلق بنا وهو في حالة هجرتنا فاننا سوف نفقد عاداتنا وقيمنا ونعيش في حالة الذل والدونية والضياع في بلاد المهجر. اما الشق الثاني فهو بكاؤنا على سادتنا المسلمين في بلداننا, لان هجرتنا وزوالنا من المنطقة ليست خسارة لنا فقط ولكنها خسارة اكبر للمسلمين لانهم سوف يفقدوا هذا التنوع الذي لا غنى عنه وتصبح تلك الباقة القبيحة بلون واحد وهكذا سيبقى اخوتنا المسلمين المساكين لوحدهم فريسة التطرف الذي سوف يعصف بهم!!!. لا اعرف الفلسفة من هذا الطرح الغريب! هل يجب علينا ان نكون حطب لنار تحترق لكي ننير درب المسلمين ونمنع استشراء التطرف الديني فيهم!. ان ما نعتبره تطرف في نظرنا فانه بالنسبة لهم هو ايمان وجهاد وهو فرض من فروض الاسلام.
الاعتقاد السياسي او القوميلا توجد لدينا قيادات سياسية او احزاب قومية بما تعنيه هذه الكلمات من معنى, وهذا ظهر من التصرف الاخير الذي صدر عن كلتا القائمتين المنافستين والطرق البذيئة التي التجأ اليها اصحابها والتي افضت الى تدخل البطريرك مار لويس ساكو وهذا ادى خسارتهما المنصب الوزاري وذهابه الى عضو في قائمة اقل تمثيلا من كليهما والتي جرت سجالات ومناقشات كثيرة حول صحة تمثيله للمكون المسيحي.
كما ان دور اصحاب هذه الاحزاب في الكارثة الاخيرة التي حلت ببني قومهم كان مخزيا واقل ما يقال عنه كان لا اباليا وبتصرفهم هذا برهنوا بان ما حدث لا يعنينهم لان الغاية من قيادتهم لهذه الاحزاب هي للربح الشخصي وليس لخدمة ابناء المكون وتحقيق الاهداف .
ان موضوع الهجرة لا يعني هؤلاء لا من بعيد ولا من قريب لان اغلبهم اصلا مهاجر او قد سرب معظم افراد عائلته والمقربين الى الخارج وما بقاؤهم سوى التربح وهو وفير. ان هذا ما لاحظناه من خلال الهروب الجماعي امام زحف عصابات الدولة الاسلامية فان اول الهاربين كان وكلائهم الجالسين في فروع مقراتهم في الموصل وسهل نينوى.
استطاع قادة آشور العظيم وكلدو الجبار في الاول من نيسان الماضي من حشد كل تلك الجموع المهرجة في احتفالات اكيتو بفرعها الاشوري في دهوك وفرعها الكلداني السرياني الاشوري في وديان دير مار متى وحملوا تلك الجموع الغفيرة كل انواع الشعارات الطنانة والبيارق والرايات ذات الالوان الزاهية والبراقة فكان البنفسجي هو الغالب في مسيرة الزحف التي قادتها الحركة الديمقراطية الاشورية (زَوْعا ديمُقْراطايا آشورايا) واللون الابيض والازرق في مسيرة الزحف المنافسة التي قادها المجلس الشعبي الكلداني السرياني الاشوري (مَوُتْوا عَمْايا). ولكن عندما جد الجد وحمي الوطيس نجد ان قادة اكيتو في الصولة الاخيرة قد اختفوا كما الهشيم في النار وتركوا المساكين الذين رقصوا في الامس امام منصة الانتصار, يهربون مذعورين امام نفس المنصة بعد ان تركها فرسانها مُشَمِرين قبلهم.
هل حقا عشنا بسلام مع الاسلام؟ان هذا هو الخطاب الجاهز بعد كل اضطهاد نتعرض له من قبل قياداتنا الدينية واصحاب الاحزاب , لا بل وحتى ان بعضهم يتحدث بافتخار عن فترة ذهبية عاشها اجدادنا في كنف الخلافة الاسلامية!!!.
لا توجد فترة ذهبية ولا حتى اعتيادية عاشها المسيحيون مع الاسلام منذ مجيئه ولحد اليوم. اعلنت الحرب على المسيحيين منذ ان هرب محمد من مكة الى الطائف, فبعد ان استقر في هذه المدينة تتابع نزول الايات التي تدعو الى قتل الاخر والاستيلاء على ممتكاته باعتبارها غنائم حرب وسبي النساء والاطفال كأماء وعبيد.
غير مسموح للمسلم ان يعيش بسلام مع الاخر الا في حالة ضعفه وقوة خصمه وهذه تسمى التقية. ففي هذه الحالة هو مأمور باخفاء ما هو مأمور به وعقد هدنة لحين اي لفترة محددة تنتهي بشعور المسلم بانه قادر على مواجهة الاخر.
ان فترة السلام التي يذكرها كثير من رؤسائنا ما هي الا الحالة الذمية في بعض او جزء من بنودها. يمكن ان بعض الخلفاء اظهروا بعض التساهل واهملوا بعض البنود التي تنظم تواجد المسيحيين في ارض الاسلام وهذه لم تصل ابدا الى حالة السلم وهذه لم ولا تؤدي الى ما يطلبه حاليا او يذكره رؤساؤنا من تساوي في الحقوق والواجبات .
ان المسلمين في الدولة الاسلامية عند غزوهم بلاد الكفر طبقوا كامل بنود الحالة الذمبية بحق المسيحيين, فما تعرض له المسيحيون في الغزوة الاخيرة لم يخرج مطلقا من الاوامر التي استلمها الورعون من الههم بموجب الايات المذكورة في كتابه الحكيم. ان الشروط الثلاثة التي خَيَرَت الدولة الاسلامية المسيحيين بها وهي اما الاسلام او دفع الجزية او ترك بلاد الاسلام والا مواجهة المصير بحد السيف لم ياتي هؤلاء بها من عندهم ولكنها اوامر واضحة بموجب آيات بينات بحق اهل الكتاب, اما تخيير الايزيديين بين الاسلام وحد السيف هو ايضا بموجب ايات بينات بحق الكفار.
ان ما يدعيه ويصر عليه كل من براك بن حسين بن اوباما وداؤد بن كاميرون من ان ما يقوم به هؤلاء ليس من الاسلام وان الاسلام هو دين سلام, ما هو الا جهل وتذلل وارضاء لاباطرة البترول ومروجي تعدد الثقافات والتي هي تعدد فقط في بلاد الكفر اما في بلاد الاسلام فلا ثقافة غير الثقافة الاسلامية وهي العليا.
فاذا لم نكن نحن نريد افراغ هذا البلد من المكون المسيحي, فلنعلم ان نفس هذا البلد هو الذي لا يريدنا وهو يتقيؤنا ويعمل على طرحنا خارجا ان عاجلا ام آجلا! فكفى لعبا بحياة البشر.