انسحابات واستقالات ممثلي المكون المسيحي...أَسبابها وحقيقتها «
في:16.08.2015 في 14:28 »
انسحابات واستقالات ممثلي المكون المسيحي...أَسبابها وحقيقتهابولس يونانفي السادس عشر من آب 2015
ان انسحاب ممثل او عضو في هيئة او لجنة ما او تقديم استقالته تعبيرا عن عدم رضاه لديناميكية عمل تلك الهيئة او اللجنة او نتيجة فشله في القيام بعمله بصورة صحيحة او نتيجة اخفاق واضح ومؤثر في عمل الدائرة التي يديرها هو عمل ديمقراطي وصحي, كثيرا ما نجده في الدول الديمقراطية الحقيقية وهو اسلوب ضغط في بعض الحالات او الاعتراف بالفشل في المهمة في حالات اخرى.
ما هو موقع من يقوم بهذا العمل من مسؤولي او ممثلي المكون المسيحي في الحلقات الحكومية العراقية؟.
وضع الشروط المسبقةان المكون المسيحي في العراق الجديد بتشكيلته الطائفية المدمرة ليس في وضع يؤهله لوضع شروط مسبقة للمشاركة في اية عملية سياسية في التكوين المعقد للتشكيلات الحكومية او حتى الادارية في مرافق الدولة المتعددة فكل عضو في تشكيل او قائمة او طائفة في التسلسل الهرمي في هذه التشكيلات يعمل اولا على تحقيق مصالحه الخاصة ثم مصالح المكون الذي ينتمي اليه. كما انه يجب ان نعلم انه هنالك بعض الخطوط وخاصة التي تسمى الحمراء لا يمكن للآخرين تجاوزها او التنازل عنها او تدميرها سواء كانت قومية او طائفية او دينية او غيرها ممن هي من ضمن المحرمات والتابوات او جوهر المعتقد!
ان العراق حاليا كعكة مقسمة بين ثلاثة مكونات رئيسية وكبيرة, كثيرا ما يشار اليها بالحيتان الكبار وهم الشيعة والسنة والكورد وهذه جميعا في حالة صراع واقتتال وعداوة دائمة وازلية في طبيعتها وان الوضع الفوضوي الذي يتواجد فيه البلد هو في صالح الفاسدين والمنتفعين. وقد تم توزيع العراق بين هذه المكونات الثلاثة من قبل الغازي الامريكي بعد احتلاله لهذا البلد عام 2003 م مع ابقاء مناطق رخوة في نقاط تماس مناطق نفوذ هذه المكونات تعتبر قنبلة موقوتة جاهرة للانفجار كلما رغب اي مكون من هذه المكونات الثلاثة او رعاتهم الاجانب سحب الزناد. ان هذا التوزيع لم يبق للمكونات الاخرى ومنها المكون المسيحي سوى بعض الفتات.
امام هذه التشكيلة الغريبة وهذا الوضع المعقد لا يمكن لممثلي المكون المسيحي وضع شروط مسبقة للمشاركة في اية تشكيلة حكومية او هيئة مستقلة او حتى تشكيلة من تشكيلات المجتمع المدني كهيئة دنيا غير حكومية. انه حتى وضع شروط بسيطة ومعقوله سوف تصطدم بالمجال الحيوي لعمل كل من المكونات الكبار ويخلخل التوازن القلق المتواجدة فيه.
بعد انتخابات عام 2010 م وفي خضم الصراع الطويل والمرير ووصول التفاهمات الى طريق مسدود وضع السيد يونادم كنا رئيس قائمة الرافدين والسكرتير العام للحركة الديمقراطية الاشورية (زوعا) شرط مسبق تعجيزي امام مشاركة قائمته في التشكيلة الحكومية المتداول في الاتفاقيات لتشكيلها, فقد اشترط السيد يونادم كنا منح قائمته او المكون المسيحي منصب نائب رئيس الجمهورية او نائب رئيس الوزراء كأستحقاق وشرط للمشاركة في التشكيلة الحكومية ولكن بعد ان خرج السيد كنا من حالة النشوة التي كان هائما فيها في اعقاب فوز قائمته بثلاثة مقاعد من اصل خمسة مخصصة ككوتا للمكون المسيحي وبعد ان عرف الحجم الحقيقي للمكون الذي ينتمي اليه رضي بوزارة مشلولة لابن اخته السيد سركون لازار صليوه وهي وزارة البيئة! اقل ما يمكن ان يقال عن هذه الوزارة هي انها نكتة او مضحكة في بلد موبوء لا تستطيع الف وزارة بيئة ان تعمل في وسطه الملوث بيئيا واجتماعيا او حتى ان تزيل فقط تلوث محيط دائرة وزارة البيئة نفسها. لماذا قبل السيد كنا بالتنازل عن شرطه وقبول الاقل واقل الاقل؟
ما يجب ان نعرفه اننا حالة طارئة لا مجال لنا للعمل ووضع شروط سواء كانت تعجيزية او كانت معقولة لاية فعالية او هيئة صنع القرار في الحالة العراقية الحالية, لاننا لسنا لاعب رئيسي في الملعب العراقي ولا حتى لاعب مؤثر او ضرورة ولا حتى احتياط.
تقديم الاستقالاترغم الكوارث العديدة التي حلت بالمكون المسيحي منذ عام 2003 م ولحد اليوم فان الساحة السياسية لهذا المكون لم تشهد استقالة واحدة حقيقية لممثلي هذا المكون بسبب قصور او تخاذل الحكومات سواء في المركز او الاقليم تجاه المكون او نتيجة لكارثة او مأساة او مجزرة كان ضحيتها المكون المسيحي وكان تقصير الحكومات التي هم ضمن تشكيلاتها واضحا في حدوث تلك المآسي او بسبب قصور او فشل في اداء الوزارة التي يرأسها او الدائرة التي يديرها اي من ابناء المكون المسيحي لا يهم اين مكمن الخلل او الفشل حتى لو كان هو شخصيا سببه.
فقط حالتين للاستقالات يمكن ان تُذكر وهاتين الاستقالتين لم يكن سببها اي من الاسباب التي ذُكِرَت اعلاه.
- ففي اعقاب الانتخابات البرلمانية عام 2014 م وفوز السيد سركون لازار صليوه بمقعد نيابي نجده يقدم استقالته من البرلمان ويتنازل عن مقعده لصالح رفيقه عماد يوخنا ووافق البرلمان على الاستقالة بتاريخ 7 آب 2014 م بعد حوالي شهر من اول جلسة للبرلمان في دورته الانتخابية الثالثة وجاء في اسباب تقديم الاستقالة ما يلي: (يرجى تفضلكم بالموافقة على إستقالتي من عضوية مجلس النواب الموقر، في دورته الثالثة،
وذلك لأسباب خاصة.) الرابط (1) ادناه. لم يكن سبب هذه الاستقالة سوى صفقة او طبخة سياسية ووعد بمنصب في حكومة المالكي القادمة على اساس تكليفه الاكيد للحكومة. ولكن تَعَقُد الموقف واصطدام تكليف السيد المالكي بمعارضة كل من الكورد والسنة وانجباره على التنازل عن حقه في التكليف لنائبه في حزب الدعوة السيد حيدر العبادي اطاح بطموح السيد سركون صليوه ووعود المالكي لقائمته.
خلال الجلسات الخمس الاولى التي كان السيد سركون لازار نائبا فيها وقبل ان تُقبل استقالته لم يتداخل في مداولات المجلس ولو بكلمة واحدة رغم ما كان يعانيه المكون المسيحي في تلك الايام, لماذا؟ ربما لانه لم يكن حاضرا الجلسات او ان نفس الاسباب الخاصة التي اجبرته على تقديم استقالته منعته ايضا من ان يتداخل او انه لا يجوز له ان يتكلم بحضور خاله السيد النائب يونادم كنا رئيس قائمته !.
- وفي 13 آب 2014 م قدم السيد جونسون سياويش وزير النقل والمواصلات في حكومة اقليم كوردستان والكادر القيادي في المجلس الشعبي الكلداني السرياني الاشوري استقالته احتجاجا على الاوضاع المزرية الواقع فيها النازحين المسيحيين الى اقليم كوردستان نتيجة اجتياح مقاتلي الدولة الاسلامية لمناطقهم في محافظة نينوى حيث جاء في سبب استقالته: (بسبب الاوضاع المزرية التي يمر بها ابناء شعبنا الكلداني السرياني الاشوري الذين تم تهجيره من سهل نينوى الى مدن اقليم كوردستان بعد انسحاب قوات البيشمركة المفاجئ من هذه المناطق.. ولم المس اي إجراءات عملية او حلول فعلية لمساعدتهم وانقاذهم، كما اعلن تضامني الكامل معهم انهم شعبنا المظلوم،
وقال اني اتألم جدا وانا ارى ابناء شعبنا ينامون في الشوارع والطرقات والحدائق العامة والمدارس والمباني الفارغة، وانا جالس في الوزارة...). هذا هو السبب الظاهري للاستقالة اما السبب الحقيقي فهو عند كوادر قيادة المجلس والذين يرفضون التصريح به او كشفه!.
من حقنا ان نتساءل هل ان السيد سياويش شارك النازحين أَلَمَهُم ونومهم في الشوارع والطرقات والحدائق العامة والمدارس والمباني الفارغة بعد ان قدم استقالته؟.
ان هذه الاستقالة كانت لسبب شخصي ونتيجة لطمع في منصب اكبر ضمن التشكيلة الجديدة لحكومة المركز او بسبب عدم تمكنه من ادارة وزارته بسبب وجود اشخاص اقوياء في وزارته حسب اعتقادي والا لماذا لم يقدم بقية اعضاء المجلس في برلماني المركز والاقليم استقالاتهم لذلك السبب ونتيجة قصور الحكومة المركزية ومسؤوليتها المباشرة لما تعرض له المسيحيون وانسحاب القوات الحكومية وترك قوات البيشمركة في المواجهة المباشرة لزحف مجرمي الدولة الاسلامية ثم انسحاب قوات البيشمركة وتركهم المسيحيين فريسة سهلة للوحوش.
عايش المكون المسيحي مآسي عدة ومجازر مروعة منذ الاحتلال الامريكي للعراق منها في بغداد حيث جرى تفريغها وبصورة ممنهجة وكان بعض فاعليها ميليشيات لقوائم مشاركة في الحكومة وتُوِجت بمجزرة كنيسة سيدة النجاة. وكذلك في الموصل حيث الخطف والاغتيال والاعتداء الذي لم يسلم منه احد وطال الرموز الدينية فذهب ضحيته الاباء رغيد كني وبولس اسكندر والمطران بولس فرج رحو وغيرهم كثير من المسيحيين وامام كل هذا لم نشهد احتجاج على شكل تقديم الاستقالة سواء بصورة فردية او جماعية لممثلي المكون المسيحي في حكومتي وبرلماني المركز والاقليم!.
انسحاب السيدة منى ياقو من لجنة دستور كوردستانقيل الكثير وكُتِبَ الكثير منذ تعيين السيدة منى ياقو في لجنة صياغة دستور اقليم كوردستان كممثلة للمكون المسيحي وخاصة بعد ان ابدت عن رغبتها في استقبال المقترحات والافكار التي يمكن ان تساعدها في مهمتها وطرحها ذلك في مواقع مكوننا, وكانت لي مداخلة على مقالة لها منشورة في موقع عينكاوة الرابط (2 و 3 ) ادناه. كما كان لي مداخلة على مقالة للسيد انطوان الصنا حول نفس الموضوع الرابط ( 4 ). كنتُ قد اشرتُ الى صعوبة عملها ان لم يكن استحالته.
بعد ذلك وفي اول جلسة للجنة صياغة الدستور تعلن السيدة منى ياقو انسحابها من اللجنة وتعليق مشاركتها في الجلسات المقبلة (لحين تقديم ضمانات حقيقية تحفظ حقوق شعبنا في الاقليم) حسب ما قالته.
لم تعلن السيدة منى ياقو عن البنود التي اعترضت عليها والمقدمة من باقي اعضاء اللجنة كما انها لم تعلن الجهة او الجهات التي كانت السبب في انسحابها ومن هي الجهة او الجهات التي اعترضت على الورقة التي قامت باعدادها والتي تخص مطاليب المكونات الدينية والقومية التي قدمتها للجنة.
اعتقد ان كل البنود التي اعترض عليها بقية اعضاء اللجنة والتي ارادت السيدة منى ياقو الغائها او تغيرها تخص الدين الاسلامي ومدى تضمين الشريعة الاسلامية في بنود الدستور الجديد. ان مباديء الدين الاسلامي والشريعة الاسلامية لا يمكن لاي من اعضاء اللجنة الاخرين ان يتجاوزها لانه في الحقيقة كل اعضاء اللجنة العشرين الاخرين هم مسلمين وهم ملتزمين فروض الدين الاسلامي, كما ان تأثير ما يسمى التطرف الاسلامي في مجتمع اقليم كوردستان ليس باقل من باقي المجتمعات الاسلامية في مناطق السنه والشيعة العرب في العراق والمنطقة والدول الاسلامية الاخرى.
بما ان مهمة السيدة منى ياقو تخص كل المكون وليس شخصها او الجهة التي تنتمي اليها فانه اعتقد انه عليها ان تكون صريحة وشجاعة وتعلن حقيقة ما جرى!
كما انه حسب اعتقادي كان من واجب السيدة منى ياقو الاستمرار في حضور جلسات لجنة صياغة الدستور حتى آخر جلسة مع اصرارها على طرحها ومطاليبها لان انسحابها لا يؤدي الى ايقاف جلسات اللجنة كما انه لا يؤدي الى تغيير مواقف الاعضاء المعترضين على ورقة العمل التي تقدمت بها ولكن بالعكس تماما فان انسحابها يصب في صالح المعترضين وطروحاتهم وينم عن ضعف وليس شجاعة كما قال البعض.
ويبقى السؤال ما هي اسباب وحقيقة وضع الشروط وانسحابات واستقالات ممثلي المكون المسيحي ؟
الرابط 1
الرابط 2
الرابط 3
الرابط 4
المصدر من هنا