قال الفيلسوف الارلندي جورج برناردشو"اذا منحت الديمقراطية لمجتمع غير اهل لها عندها الحمير سيحكمون والحمير ستقرر مصير الاجيال"، وهذا ما تحقق في العراق.
من التعريف اعلاه نجد انها افضل انواع الحكم وارقى اشكال الادارة الرشيدة، لكن شريطة ان تنمو في رحم بيئة صالحة، وعند اكتمال فترة حملها تولد طفلا معافا سليم العقل والجسم والنفس وتكون نعمة لمن يعيش في ظلها ويتنفس اجوائها.
ان الديمقراطية هي مرحلة متأخرة في رحلة النضوج الفردي والاجتماعي وفي مجتمع يطور ويصقل قيمه في مراحل تطوره المتدرج عبر تاريخه، فلو نظرنا الى المجتمعات المتنعمة بها نجد انها لم تأت بقرار او قانون فرضها على تلك المجتمعات لكنها سادت كثمرة حياتية املتها رحلة تطور تلك المجتمعات واصبحت سلوكا يوميا لدى الفرد والجماعة معا، اصبحت حالة فكرية ونفسية وممارسة لدى المواطن عندما اكتملت عناصرها في ضميره ووجدانه واصبحت من اقدس قيمه، لهذا تمطر عليه كل البركات بشكل سلس وبغزارة، هذا يذكرنا بالمثل الذي ذكره رب المجد عند ايضاحه امرا للتلاميذ حيث قال عندما يبذر الفلاح بذور ما يود زرعه فمن البذور هذه من تسقط في تربة غنية وصالحة فتأتي بمنتوج غزير اما الحبة التي تسقط على صخرة او ارض رملية جافة فانها تنكمش وتجف وتموت ولا تعطي اي مردود وهكذا حال الديمقراطية التي ارادها الاخرون لنا.
جاؤونا ببدعة غريبة على مجتمعات تتناقض كل حروف ثقافتها ونمط حياتها وتاريخها وايمانها مع كل حرف من هذا المعطى الذي قذفته الينا طائرات اف 16 بي 52 ومكبسلة في رؤوس صواريخ هيلفاير وتوماهوك واريد لها ان تنشر بركاتها على عباد الله من سيئي الحظ.
يظلم البعض الاخوة المسلمون على انهم عدوانيين ولا يقرون بحق الاخر في الحياة، لكن من اللذي جعلهم يزدادون قناعة ان قيمهم سليمة ولا غبار عليها؟
لنذهب قليلا الى الوراء عند سقوط الامبراطورية العثمانية كانت هناك حقائق على الارض وفرص حقيقية لتأسيس على الاقل ثلاث دول يحكمها مسيحيين ويعيش المسلمون فيها بالحرية والرخاء ويلتحقون بركب الشعوب المتقدمة ويبنون الحياة لانفسهم ومستقبل اجيالهم تحديدا العراق وسوريا ولبنان وبدرجة اقل مصر واسباب التي كانت تبرر ذلك منها ان مسيحي ويهود هذه البلدان كانوا يشكلون النخبة اذ كانوا اهل المعرفة متقدمين على اقرانهم المسلمين في الوقت الذي كانت الكنائس تبني المدارس والمستشفيات و امتهان التجارة ومعظم الحرف وكل انماط الانتاج التي تنمي الثروات والاقتصاد وتحسين كل مناحي الحياة.
بالمقابل من الجانب الاخر كان لا يزال ائمة وشيوخ المسلمون يصدرون الفتاوي بتحريم التعليم وهدم المدارس ان وجد المبني منها لانها كفر، وتحريم العلاج الطبي الحديث خاصة بما يتعلق بالعنصر النسائي، لهذا وجدنا ان جميع قيادات ما يسمى بالنهضة العربية كانوا من المسيحيين واليهود.
مع هذه الحقائق ماذا فعلت الدول الغربية التي كانت سيدة الموقف ثأر مسحيي العراق بقيادة الجنرال اغا بطرس وكانت قواته قادرة على حسم الامور لصالح قومه حينها تدخل الطيران البريطاني واباد تلك القوة واسر قائدها ونفي الى فرنسا وخدم اولاده في سلاح الجو الفرنسي الى ان اصبحوا في ذمة التاريخ، اضافة الى انتفاضة شعبنا الاشوري والتي سحقت بمساعدة بريطانيا العظمي ايضا، وارتكبت مجازر الاشوريين واشهرها مجزرة سميل وعمل الانكليز بكل قواهم على اسلمت العراق والمنطقة بشكل عام، وما كان لم ينجزونه اتى احفادهم الامريكان سنة 2003 فاكملوا المهمة، فكثمرة لهذه الديمقراطية التي قذفتها احدث المقاتلات قضي على المكون المسيحي بخاصة وبقية الاقليات بالكامل كالصابئة والايزيديين ولا يفوتني ان اذكر ان الابادة الجماعية للارمن وما يزيد على 600 الف كلداني واشوري كانت بتحفيز وتحريض من ممثل الحكومة الالمانية في انقرة والذي برر ذلك عند تشجيعه للاتراك لارتكاب الجريمة قوله: هؤلاء جميعا جواسيس لفرنسا بينكم فلماذا لا تقضون عليهم (المصدر كتاب المسيحيين في افواه الوحوش) وعندما وجد الاتراك ان هذا لا يعني الا الضوء الاخضر لما كانوا يحلمون القيام به.
هذه الفئة التي كانت الطبقة الحاكمة في العراق حريصة على بقائهم في الوطن وفتحت جميع المجالات امامهم للتطوير وخدمة البلد منذ تأسيس الدولة العراقية.
بدل كل هذا جمعت كل الجماعات من شذاذ الافاق من الاحزاب الاسلامية والحثالات الظلامية المنتشرة في كل بقاع الارض وسلم اليها البلد بخسة ودنائة لا مثيل لها ونجحت هذه العصابات من الصعاليك من سقط المتاع من اقامة حكم اسلامي ومن اكثر نسخه ظلامية.
من المفارقات ان نغمة الديمقراطية استساغتها الاوساط الاسلامية كوسيلة لتأسيس الدولة الاسلامية وبطريقة سلسة ودون عنف وذبح او فضائح تحرج تلك الاوساط في باديء الامر.
كما قال احد اقطاب الاخوان المسلمين في النرويج في برنامج تلفزيوني انهم ما عادو بحاجة الى السيف والحروب في نشر الاسلام وفرض الشريعة بما انهم حصلوا من الكفار وصفة مجانية لتحقيق اهداف الرسالة المحمدية وهي الديمقراطية، لانهم وبقوة السلطة الدينية والتربية البيتية ومئات القنوات الفضائية والاف الدعات والمساجد تأكد لهم ان الفوز في اية انتخابات امر مضمون في اي مكان وزمان، لانه من المؤكد ان المسلم لا ينتخب الا المسلم هذا من جانب ومن جانب اخر تضمن الاكثرية بعامل التوالد الغزير في المجتمعات التي لا يزالون فيها اقلية فالمسالة ان يصبحوا الاكثرية ليست الا مسالة وقت ليس الا، وعملا بالحديث الشريف قوله: افاخر بكثرتكم الامم، والحديث انكحوا الودود الولود وهذا ما يحصل اذ ان الفروج المحصنة تفرخ من 5 الى 15 وليدا، ويكون الانشطار ذا وتيرة اسرع اذا اضفنا اليها عامل مثنى وثلاث ورباع وما ملكت ايمانكم.
بالمقابل ان الكافرة تنجب في احسن الاحوال من 1 الى 2.
استنادا الى هذه المعطيات مجتمعة اجبرت المرجعية الشيعية في النجف الحاكم الامريكي بول بريمر على انجاز الديمقراطية المستعجلة من علم ودستور وانتخابات لثقته بان كل هذا سيعجل في اقامة وترسيخ الحكم الاسلامي ومن بركاته يعيش العراقيين اليوم كأسعد شعوب الارض!!!! ما شاء الله بفضل بركات الديمراطية حيث ومنها:
كان للعراق اقوى جيش وقوة جوية والمع الطيارين في المنطقة اليوم تسرح المليشيات الطائفية من الطرفين وتمرح في الغاء الدولة. واغتيل كل الضباط والطيارين بكاتم الصوت او اللاصقة.
كان العراق يتمتع بارقى نظام تعليمي وارقى مدرسة في المنطقة والان ليس له الا الحسينيات والجوامع ومراكز تزوير الشهادات، والشباب ينصحون بارتداء الاكفان وليس امامهم الا ممارسة اللطم هنا وامتهان الذبح هناك.
كان في العراق ارقى منضمومة صحية من تعليمية وعلاجية واضخم كادر طبي كما ونوعا والان يتعفن المرضى على حافة المجاري، وقضي على الكادر الطبي اما قتلا بكاتم الصوت او تهجيرا.
كان للعراق احدث شبكة لتصفية المياه وشبكة الصرف الصحي اما الان فالناس تشرب مياه الصرف الصحي لكي تصاب بالكوليرا واصبحت الشوارع بديلا لتلك القنوات.
كان للعراق منظومة كهربائية متطورة وتلبي حاجة البلد واليوم اصبح الكلام عن الكهرباء من باب الخيال العلمي.
كان للعراق افضل نظام مصرفي في المنطقة والان توزع المليارات بالاكياس السوداء بين اللصوص والحرامية من العصابات الاسلامية الحاكمة والشعب اما تاكله حيتان البحار او تصفيه مفخخة مباركة.
كانت المراة العراقية مفخرة في الشرق الاوسط وبفضل الديمقراطية تحولت الى ما يشبه اكياس للقمامة وحتى اسمها عورة وصوتها عورة.
كانت المدن العراقية بين اجملها في المنطقة تحولت الى اطلال تنبعث منها روائح المزابل ودخان الحرائق وكانها خارجة من حرب نووية.
كان في العراق حركة فنية رائدة ومعهد للفنون الجميلة تخرج منه قامات كبيرة وازدهار لكل الوان الفنون من موسيقى وغناء ورسم ونحت ومسرح ومن ارقى دور السينما في العالم كلها اصبحت من المنكرات وتحولت المفاخر الهندسية لدور السينما الى معالف ومزارب للحيوانات.
ان الخراب الذي اثمرت عنه ديمقراطية الصواريخ لشموليته لا يمكن حصره في قوائم احصائية كل هذا لان الديمقراطية زرعت في بيئة غير مؤهلة لكي تعطي ثمرا صالحا بسبب ان ثقافة المنطقة وقيمها وما يسمى مقدساتها كلها تلعن القيم التي تحملها الديمقراطية والاخيرة ليست فقط عدد الرؤوس لنيل السلطة لكنها منهج حياة ومنضومة قيمية واخلاقية لكن القوم حصروها بعدد الرؤوس وبخاصة المغخخة منها لغرض قطع الانفاس ونشر الموت العادل على المجتمع المغيب عقليا والذي لا ينتخب الا دفانيه حيا.
هذا بالنسبة للعراق والحالة نفسها طبقت على سوريا ولبنان ليكن الله في عون غير المسلمين لانهم وضعوا في قفص من الحديد المعالج من صنع ايران الاسلامية وجزيرة العرب التي منها خرجت رسالة الدمار الشامل والموت العام.
لا ننسي ليبيا حيث تحرقها نيران الديمقراطية وتونس والتي نزلت بشكل ارحم من غيرها ومصر التي تمكن جيشها من وقف عملية السقوط في الهاوية حيث كانت على حافتها والسودان والصومال ونيجيريا وافغانستان وباكستان والحبل على الجرار وخير وبركة من الله.
كذلك حال اليهود ارادوا تخليصهم من افران الغاز وضعوهم في سجن فولاذي محاط باوقيانوس من الحقد والغضب الذي يكفي لانهاء البشرية وطلبوا منهم ان يصارعوا لاجل البقاء فالتعساء تمكنوا من حماية انفسهم طالما كانت الاسلحة تقليدية، اما اليوم فاية عصابة تملك مخزونا من الصواريخ ذات قوة تدميرية مرعبة، وعصابة مثل حزب الله يملك حسب تصريح قائده اكثر من 50 الف صاروخ فاين سيهرب هؤلاء التعساء في بلد مساحته تساوي اقل من مساحة بغداد هل الهدف من سجنهم هناك هو للقضاء عليهم بايد مباركة؟
مع هذا كل دول العالم بما فيها العظمى والديمقراطية تتظامن مع حماس وغيرها من العصابات الاجرامية.
قامت القيامة ولم تقعد في قضية الاقصى وكل يوم تحرق عشرات الكنائس وليس من سائل، ها هي روسيا تفتح اكبر جامع في العالم ويحضر الاحتفال الرئيس التركي ولم يسأله احد عن كنيسة آياصوفيا التي حولها الى جامع وكان شيئا لم يكن حرص رؤساء الدول الاسلامية ان يشرفوا ويرعوا ويفتخروا باي منجز اسلامي، لكن لا يجرؤ اي مسؤول في العالم من حضور افتتاح كنيسة ومع هذا يلومون المسلمين على ما هم عليه وهم ليل نهار يشيدون بالدين الاسلامي ووصفه بالعظيم جميع الرؤساء دون استثناء، فكيف ينتظر من المسلمين ان يعيدوا النظرفي معتقداتهم وثقافتهم ونمط حياتهم؟
سؤال لا ينتظر جواب لان الكل يعاني من افة تخدير الضمير وانهم اجروا عمليات جراحية لازالة الوجدان فيهم بخاصة السياسيين وقادة العالم المبتلي بهم.
تحياتي.
من يقف في صف كنّا وآغجان فأنه مشارك في تهميش وإستلاب حقوق الكلدان