البلد : مزاجي : الجنس : عدد المساهمات : 8516تاريخ التسجيل : 16/06/2010الموقع : في قلب بلدي المُحتَلالعمل/الترفيه : طالب جامعي
موضوع: قبل غروب شمس عام 2010 31/12/2010, 11:16 am
قبل غروب شمس عام 2010
من كتاب قصص روحية وإجتماعية للأب يوسف جزراوي كاهن أبرشية مار توما الرسول للكلدان في أستراليا ونيوزلندا
قبل غروب شمس هذا العام وكلّ عام ، تستعد لبزوغ فجر عام جديد، أي ستودّع سنة بحلوها ومرّها. ووسط تباين الحدث بين الوداع والإستقبال، تتوافد الذكريات إلى المُخيلة، وتتزاحم الأمنيات في القلب.. وكلها تحمل العمق والمعنى لما لها وقع مؤثّر في النفس. وما إن تطل نجوم السماء على الأرض ، حتى أتسأل وليتك تتسأل معي يا قارئي العزيز:(ماذا يعني أن واحدنا يودع 365 يومًا من حياته)؟هل الآمرهو إطفاء المصابيح وإشعالها من جديد وتبادل التهاني والقبلات...؟ أم مُجرد رقم يُضاف إلى أرقام سنين حياتنا ، أم هُناك شيء أعمق؟ سؤال صعب والإجابة عليه أصعب ، وتزداد الصعوبة عمقًا عندما لا يكون لنا (وقفة تأمّل) في مثل هذا اليوم . ولعلي اقسوا دومًا عندما أقول : إن إنساننا اليوم ( ليس الكل) لم يعد يعرف ان يقف ويتأمّل لبرهة من الزمن، بسبب العولمة والجري وراء المادة والعمل ومشاغل الحياة وتعقيداتها ومغرياتها. أُعمم خبرة ذاتية تأصلت لدي قناعة مفادها: مَن لا يقف ويتأمّل من وقت لآخر لا ينمو ولا يتقدم . ولا من عمل يحتوية الابداع والعمق إلا وسبقه صمت وتأمل وإختلاء ومجالسة ذات واستقراء للإمور.
وما أن إبتدأت الشمس تُسدي ظلالها على الأرض، حتى رأيت الكل يجري بسرعة البرق، وكثيرون منشغلون، بل منهمكون في تجهيز ألذ وأطيب الأطعمة ومنصرفون لإعداد ثيابهم وقصات شعرهم وتسريحه. ولكن قليلون بل نادرون هم الذين يفكرون( بالإحتفال مع الله اولاً)! فياليت يكون لواحدنا في مثل هذا اليوم بضع دقائق يخصصها للتأمل والصلاة وليراجع شريط حياته خلال سنة أنقضت من رحلة حياته، وليشكر الله على كل شيء وعلى نعمه التي أفاض بها عليه خلال عام إنصرم من حياته، وليتطلع إلى أمنيات وطلبات إلى الله ابي الجميع قبل إستقباله العام الجديد. كبشر حق من حقوقنا أن نحتفل ونُعبّر عن فرحنا وسرورنا بالعام الجديد، ولكن ليتنا نفرح مع الرب اولاً، الذي منحنا الوجود، ومن ثم ننصرف لإفراحنا وإحتفالاتنا الدنيوية بهذه المناسبة. ويطيب لي ان اروي لكم هذه القصة: كانت جمعية ما، قد اعلنت عن إقامتها أمسية عائلية في يوم 31/12 في الساعة الثامنة مساءًا. وفي الساعة السابعة والنصف من مساء ذلك اليوم كان في الكنيسة جلسة صلاة ثم قُدّاس شُكر لله بمناسبة إنتهاء السنة. ماهو ملفت للنظر كان الحاضرون إلى القدّاس لا يتجاوز ال(20)، بينما كان عدد الحاضرين في الحفل يتجاوز ال(400). في القُدّاس وعظ الكاهن:" كثيرون منهمكون اليوم بالذهاب إلى الصالونات لإعداد قصّات شعرهم وتسريحه لحضور حفلٍ عائليٍ، كنسيٍ أو أمسية إجتماعية، والبعض الآخر منهمك في التسوق لتجهيز ألذ وأطيب الأطعمة، وليس لديهم نصف ساعة في هذا اليوم يقولون فيها شُكرًا لله الذي منحهم الحياة. شكرًا....وطوبى لكم أنتم الذين أتيتم للإحتفال مع الله أولاً ولتقولون له شكرًا على سنة انقضت من حياتكم". الحكمة: قبل أن ينطوي آخر مساء من كل عام في حياتنا، يا ليت أن يخصص إنساننا في مثل هذا اليوم قلما يكون نصف ساعة للتأمّل والصلاة وفحص الضمير ومراجعة شريط الحياة خلال سنة أنقضت من رحلة حياته، وليشكر الله على كل شيء، وعلى جميع نعمه التي أفاضها عليه وعلى عائلته خلال عام إنصرم من حياته وليتطلع إلى أمنيات مستودعًا آياها بيد الله. وقبل مسك الختام أستطرد قائلاً وفي قولي هذا دعاء، بل أمنية: قبل أن ينطوي آخر مساء من هذه السنة، أملي أن يكون لجميعنا وقفة تأمّل وصلاة وتساؤل ومراجعة ذات وفحص ضمير ــ وقفة تجعلك تعلو وتحلق وتسمو عاليًا للوصول إلى بواطن معاني الحياة.
من يقف في صف كنّا وآغجان فأنه مشارك في تهميش وإستلاب حقوق الكلدان