مفاجأة شماسٍ لِشماس في كـنيسة مار توما الرسول / سـدني
( 2 )
بقـلم : مايكل سـيـﭙـي / سـدني
عـندما نكـتب عـن أمرٍ بـين شماسَـين إثـنين فإن ذلك يعـني بـين شماسَين إثـنين ، ومياه الإكـليروس رائقة ، لـذا فـليرزم عُــدّته صاحـب الشص والـطـُـعـْـمِ العـفِـن .
حـينما إنـتـقـلتُ من الكـوت إلى بغـداد في عام 1978 وكالعادة المألوفة سألني معاون المدير عـبد الحـسين دْعَـيِّـﭺْ عـن رغـبتي في الإنـتماء إلى الحـزب ، فـقـلتُ له : آني مستـقـل وأنجـز أعـمالي و أؤدّي واجـبي الوطني ، طيّـب شـنو إللي راح يتـغـيَّـر بيّ إذا إنـتميتْ ؟ قال : وْ شـنو تـريده يتغـيَّـر بـيك ؟ قـلتُ : مثلاً أصير وزيـر ! فـقال : وزير رأساً ، ليش أنتَ تـﮔـدَر تـدير الوزارة ؟ قـلتُ : جـرّبوني ، إذا ما أﮔـدر ، حـوّلوني إلى مدير عام ، وإذا ما ﮔـْـدَرتْ ، خـَـلـّـيني مدير قـسم ، وإذا ما دَبَّـرتــْها ، بمعـنى آني عاجـز وبالتالي ما أنفع إلكم ! قال : أشوفـك هـوايَ مغـرور بنـفـسكْ ! قـلتُ : وليش ما تسمّيها ثـقة بالنفـس ؟ قال : والله خـوش ، لو كل المنـتمين مثـلك ! ﭽان الحـزب عَـزّل من زمان ، فـسكـتُّ أنا وسكـتَ هـو . العـبرة من المشهـد السابق هي أني لستُ ممن يـبحـث عـن المناصب والأنـواط ولا ألهث وراء الكـراسي الدوّارة فهذه لها عُـشّاقها ، وإلاّ ، فأنا وآخـرين أمثالي أكـرَمَـنا الله ( والشكر له ) بما يؤهـلنا لذلك ، وكم من فـرصة تـوفـرَتْ أمامي ولكـني لم أفـكـر فـيها ، وقـد أثـبَـتُّ ذلك مؤخـراً وعـملياً أمام جـميع المؤتمرين من الأدباء والأساقـفة والكـهـنة الكـلدان بدون إستـثـناء في سان ديـيـﮔـو ، وأشكـرهم جـميعاً عـلى مشاعـرهم وثـقـتهم المطلقة بي ، حـين إخـتارني مار سرهـد جـمو مرّتين وبتأيـيد مطلق من المؤتمرين فـتـنازلتُ لغـيري بحـجة أو بأخـرى . إن طبـيعـتي هـذه تجـعـلني أخـتار دائماً الصف الخـلفـي مع الشمامسة في الكـنيسة ، والمقاعـد الأخـيرة في الجـلسات ، ما عـدا طبعاً وبدون شك ! إذا تـطلـَّـب الموقـف فعـندئذ أكـون في الصدارة دون أن أنـفـض الغـبار من عـلى كـتف أحـد ، مثـلما جـلستُ قـريـباً جـداً من سيادة المطران باوي سورو ( بطلب منه ) حـين دعانا إلى حـفلة توديعه في أستـراليا مساء يوم 8 آيار 2006 وقـرأتُ له قـصيدة صفـق لها أبناء شعـبنا الآشوري سبع مرات . ويتـرتــَّـبَ عـلى طبـيعـتي هـذه أن لا أتـلهَّـف إلى إظهار نـفـسي أمام الناس ، فالعـمل خـلف الكـواليس ممتع ، وعـندي من المعارف الكـثيرون ولاحـظـتُ ذلك في سان ديـيـﮔـو ( دون أن أعـرفهم سابقاً ) ، كما لا أجاهـد لإسماع صوتي للناس فإنهم عـلى عِـلم بنغـماتي ومقاماتي ، ولكـن حـينما نعـمل سوية مع مجـموعة تـتـناوب الأدوار بـين أفـرادها ، فإنّ كل فـرد عـندئذ يتـوقع لنـفـسه دَورٌ يؤدّيه - كـلٌ حـسب مقـدرته - وإنْ لم يحـصل ذلك بمرور الزمن ، إذن هـنالك خـلل !! وخاصة أمام جـمهـور كـَـنـَسيّ ذكي دقـيق الملاحـظة وبارع في الإستـنـتاجات والتأويلات والتساؤلات ، وكم مِن مرة سُـئِـلـْـتُ . لقـد إستـبشرنا خـيراً بالعـهد الجـديد في كـنيستـنا وهكـذا كان ، فـكـتبنا وعـبَّـرنا عـن مشاعـرنا الكـثير الكـثير ، ومن بـين تلك النماذج أنـقـل مقـطعاً وردَ في مقال لي عـند مطلع عام 2007 جاء فـيه : (( من موقعه المهـيب متواضع بـيننا ، إننا هـنا فـرحـون به قائـداً لشعـبـنا ، منسجـمون معه راعـياً لأبرشيّـتـنا ، إننا ملتـفـّـون حـوله زعـيماً لكـنيستـنا ، نسأل عـنه كل يوم ويسأل عـنـّا ....... )) وهـكـذا أشارك الشمامسة جـماعـياً في القـداس الإحـتـفالي أو غـيره ، أما المشاركات الفـردية كـقـراءة الرسالة مثلاً أو الطلبات أو قـراءة من العـهد القـديم أو خـدمة القـداس الإحـتـفالي أو أيّة فـعالية فـردية أخـرى ، فـفي السابق كان يؤدّونها شمامسة يصطـفــّـون في المقاعـد الأمامية يخـتارهم المرحـوم الشماس لويس منصور من بـين الجالسين عـلى يمينه ويساره فـقـط ، وهـذا يعـني أن ليس لـدينا فـرصة المشاركة نحـن الخـلفـيّـون ( والحـق يُـقال - لم يكـن عـن قـصد ) ولكن بمرور مدة طويلة وبعـد نفاذ الجـعـبة من الصبر ، قـلتُ للشماس لويس مازحاً : شماس ، إنك تـدور بزاوية 90 درجة شرقاً و 90 غـرباً فـقـط ولا تـنـظر إلى الخـلف ، إجـعـل زاوية دورانك 150 أو 180 على الجهـتين فـسترى وجـوهاً أخـرى ليست جالسة في صفـكم ! وفي الحـقـيقة ( لِـﮔــَـفـها وهـيّة طايرة ) إبتـسم وإعـتـذر الرجُـل لويس ، فـقـلت لا داعي لذلك ، إنها رمشة ضوئية فـقـط ، ثم إقـتـرحـتُ جـدولاً إسبوعـياً لتـقـسيم الأدوار بـين الشمامسة ، أخِـذَ به مشواراً من الزمن ثم تــُرِك بسبـب تلكــُّـؤ البعـض عـن الإلتـزام بالجـدول الدَوري حـسب إعـتـقادي ، وأودّ أن أضيف أنّ شمامسة ربما لا يرغـبون بالمشاركة الفـردية فـهذا لا غـبار عـليه ولا تـعـليق . وبعـد وفاة الشماس لويس بأيام ، غادرتُ إلى خارج أستـراليا لِما يقارب السنـتين ، ورجـعـتُ في صباح عـيد القـيامة 2010 ثم عاودتُ الحـضور كالسابق ، وبالتأكـيد فإن هـناك مَن يسد شاغـر المرحـوم ليقـوم بأغـلب واجـباته الشماسية أو بعـضها .