17 ديسمبر 2019 | الكاتب:يقين
ما إن بدأت التظاهرات الشعبية الواسعة في العراق والتي دخلت شهرها الثالث، حتى بدأت أتون الصراع العسكري بين فصائل
الحشد الشعبي بالظهور علانية، فما بين اغتيال شخصيات وقادة في الميليشيات في النجف وميسان وبغداد، يبدو أن الوضع الأمني بين هذه الفصائل متجه نحو التصعيد.
خلافات تتحول إلى نزاع مسلح
منذ الانتخابات البرلمانية الماضية في أيار/ مايو 2018 بدأت الخلافات البينية بين
الكتل السياسية الشيعية تزداد حدة، خاصة بين التيار الصدري من جهة وبين كتل أخرى ككتلة صادقون ودولة القانون وكتلة العامري والكتلة الأم (الفتح) التي تضم جميع الكتل المتخاصمة مع “مقتدى الصدر“.
إذ يقول الباحث في الشأن السياسي من محافظة البصرة “حيدر جواد” في حديثه لوكالة “يقين” إن الكتل الشيعية التي دخلت الانتخابات البرلمانية الماضية كانت تعلم مسبقا أن هذه الانتخابات قد تكون مفصلية في تواجدها الميداني في البلاد.
ويضيف جواد أن جميع الكتل السياسية والأحزاب الشيعية تحظى بأذرع عسكرية وفصائل منضوية ضمن
الحشد الشعبي، وكان تأسيس الحشد وتحويله إلى هيئة أمنية يهدف إلى منع أي نزاع مسلح بين فصائله، إذ أن التيار الصدري يحظى بسرايا السلام و“قيس الخزعلي” يمتلك “عصائب أهل الحق” فضلا عن الأذرع العسكرية الأخرى ككتائب حزب الله وفصيل “عمار الحكيم” المسمى بسرايا عاشوراء وبدر التابعة لـ “هادي العامري” وغيرها.
وكشف جواد عن أن المحافظات الوسطى والجنوبية في العراق تضم ما لا يقل عن 63
فصيلا مسلحا مختلفة القوة والتجهيزات، لكن أخطرها هي سرايا السلام وكتائب حزب الله وبدر والعصائب والخراساني وسيد الشهداء والنجباء وسرايا عاشوراء (أو سرايا أنصار عاشوراء)، وبالتالي لو أن هذه الفصائل متحدة في الفكر والتنظيم لاتحدت في تشكيلات عسكرية واحدة.
- اقتباس :
“جميع الكتل السياسية والأحزاب الشيعية تحظى بأذرع عسكرية وفصائل منضوية ضمن الحشد الشعبي”
واختتم جواد حديثه لوكالتنا بالإشارة إلى أن ما حدث في ميسان والنجف وكربلاء وبغداد من
اغتيالات لبعض الناشطين المحسوبين على تيارات معينة يكشف عن أن حرب تصفية قائمة بين هذه الجهات من أجل الحفظا على مصالحها.
ناشطون: هناك تخطيط مسبق
من جهته يرى الناشط في
مظاهرات ميسان “ميثم علي” في حديثه لوكالة “يقين” أن
اغتيال مدير مكتب العصائب “وسام العلياوي” وشقيقه “عصام العلياوي” في تشرين الأول / اكتوبر الماضي عند مهاجمة مكتبهم لم يكن حادثا عرضيا، بل كان من فعل بعض الذين دخلوا التظاهرات السلمية للشباب وهم ينتمون لسرايا السلام.
وأضاف أن الأحداث المتلاحقة كشفت عن
شرخ كبير وصراع أكبر بين السرايا من جهة وبين العصائب وحلفائها من جهة أخرى، خاصة أن زعيم العصائب “قيس الخزعلي” كان من قادة جيش المهدي قبل أن ينشق وينقلب على “مقتدى الصدر“.
ومن ميسان إلى العاصمة العراقية بغداد حيث تبدو أتون الصراع أكبر وأشد خطورة، إذ يقول الناشط “م. ق” في حديثه لوكالة “يقين” إن الصراع بين
الميليشيات في بغداد أشد وأكثر تعقيدا، إذ تكاد تتحالف كثير من الفصائل بوجه سرايا السلام لموقف “مقتدى الصدر” من التظاهرات وإصراره على إقالة عبد المهدي فضلا عن إنزاله أصحاب القبعات الزرقاء في ساحات التظاهر في بغداد.
وأضاف الناشط الذي فضل عدم الكشف عن اسمه أن كثيرا من التصفيات والخطف الذي يتم في بغداد هو ليس فقط لناشطين سلميين بل لرموز وشباب من
التيار الصدري أو من بقية الفصائل، مشيرا إلى أن محاولة اغتيال نجل المتحدث السياسي باسم التيار الصدري “جعفر الموسوي” في بغداد تعد أكثر المحاولات جرأة في الصراع العسكري بين الفصائل.
- اقتباس :
“الخطف الذي يتم في بغداد هو ليس فقط لناشطين سلميين بل لرموز وشباب من التيار الصدري أو من بقية الفصائل”
ورجح أن تكون محاولة الاغتيال جاءت بعد رفض التيار الصدري لترشيح عضو ائتلاف دولة القانون “
محمد شياع السوداني” لمنصب رئيس الوزراء، إذ ترى الكتل السياسية الشيعية أن الصدر وبأفعاله يحاول التناغم مع المتظاهرين ويحاول زعزعة البيت الشيعي، بحسبه.
مآلات الصراع داخل الحشد
أسباب عدة تعزى إلى
الصراع العسكري بين فصائل الحشد والتي يشير بعض الخبراء إلى احتمالية تحولها إلى حرب شاملة إذا ما استمرت الأزمة الحالية، إذ يقول الخبير الأمني “حسن العبيدي” في حديثه لوكالة “يقين” إنه ومنذ انتهاء العمليات العسكرية في العراق ضد تنظيم الدولة (داعش) باتت فصائل الحشد تتصارع من أجل كسب المزيد من النفوذ العسكري والسياسي والمالي، وبالتالي فإن هذا الصراع تحول إلى عسكري بفعل كم الخلافات البينية بين الفصائل.
- اقتباس :
“تتجه الأوضاع في العراق إلى حرب شاملة بين الفصائل العسكرية التابعة للحشد”
ويشير العبيدي إلى أنه وعلى الرغم من أن جميع الكتل السياسية الشيعية والأذرع العسكرية لها موالية لإيران، إلا أن مصالحها على الأرض تختلف وتتباين تباينا كاملا، إذ أن تشكيل حكومة عبد المهدي واختياره لمنصب رئاسة الوزراء في تشرين الأول/ اكتوبر 2018 استغرق 5 أشهر، وبالتالي وبعد التظاهرات الشعبية الكبيرة التي دخلت شهرها الثالث، فإن إيران بدأت تفقد المبادرة والقوة في السيطرة على
الكتل الشيعية وفصائلها المسلحة على الأرض، خاصة بعد تململ الشارع الشيعي.
ولا يستبعد العبيدي أن تتجه الأوضاع في العراق إلى حرب شاملة بين الفصائل العسكرية التابعة للحشد، لافتا إلى أن محافظات الوسط والجنوب ستكون هي ساحة
الصراع الذي لا تزال إيران تحاول وأده أو تاجيله على أقل تقدير.
ويختتم العبيدي حديثه لوكالتنا بالتأكيد على أن القوة الأكبر في
فصائل الحشد الشعبي هي سرايا السلام نظرا لقدمها وامتلاكها أعداد كبيرة من المقاتلين والتجهيزات العسكرية، تأتي بعدها كتائب حزب الله والعصائب ثم بدر والخراساني، مشيرا إلى أن أي اغتيال كبير لإحدى الشخصيات المهمة من أي جهة كانت ستؤدي إلى حرب شاملة بينها، وحينها لن يبقى هناك ما يعرف بالحشد الشعبي، على حد قوله.
صراع سياسي بامتياز
أما أستاذ العلوم السياسية “كاظم الموسوي” فيرى من جانبه أن سبب الصراع بين
الفصائل المسلحة هو سياسي بامتياز، إذ تحاول كل جهة الحفاظ على مكتسباتها التي استحصلتها خلال الـ 16 عاما الماضية، خاصة أن قوة الدولة غائبة فعليا على الأرض فضلا عن كونها مؤدلجة.
ويضيف الموسوي في حديثه لوكالة “يقين” أن الصراع السياسي وصل إلى القيادات العليا في
الحشد الشعبي، إذ أن “فالح الفياض” و“أبو مهدي المهندس” في خلاف كبير، وما تسرب البيانات الصحفية على ما وقع الحشد ثم نفيها إلا دليل واضح على كمم الخلافات بينهما.
ويرى الموسوي أنه وما لم تتشكل حكومة جديدة وبرضى جميع الأطراف، فإن العراق لن يشهد استقرارا سياسيا وأمنيا، إذ أن المتظاهرين يرفضون أي مرشح لرئاسة الوزراء سبق وأن عمل في الحكومات الماضية، إضافة إلى أن التيار الصدري لديه ذات التوجه على الأقل علنا، وبالتالي فإن أي تأخير في التوافق بين
الكتل السياسية والمتظاهرين يعني أن جميع الاحتماليات واردة، وإن حصل أي نزاع مسلح، فإن ذلك سيعيد العراق إلى المربع الأول.
هي خلافات سياسية تطورت إلى تصفيات واغتيالات لناشطين سلميين ولناشطين من مختلف التيارات والفصائل المسلحة المحسوبة على الكتل السياسية، في مؤشر يعد الأخطر داخل البيت الشيعي منذ عام 2003.
المصدر:وكالة يقين