أنهم يحتاجون الى توضيح من الكلدان !!
تميزت كتابات مُنَظِّري أنشاء المحافظة المسيحية, وعذري لهذه التسمية , هي أن المطالبين بها من بين جميع المكونات والقوميات في سهل نينوى , هم مجوعة كتّاب مسيحيين أغرتهم ظروف ما بعد ألأحتلال الأمريكي للبلد ليدعّوا بأنهم يمثلون مسيحيي سهل نينوى, الذين في أحسن الأحوال لا يتعدّون الثلث من أعداد هذه المكونات , والثلثان الآخران المكونة من قوميات أخرى فأنهم ينأون بنفسهم من هذه المغامرة . وهذا الثلث أيضا ليس من بينهم الا جزءا ضئيلا, تمثله الأحزاب الآشورية مطَعّمين ببعض الأسماء الكلدانية ذرّا للرماد في العيون .
الغريب أن المشجعين لفكرة المحافظة المسيحية من البعض , يستندون في طروحاتهم وتحليلاتهم على أسس خاطئة من الأساس , فهم يعلمون جيدا ( ولكنهم يتغافلون ) بأن الذي دعا في السابق الى ما سُمي بالحكم الذاتي للمسيحيين , ومن ثم تبدّلت التسمية الى المحافظة المسيحية , ولما شعروا بغباء هذه التسمية , أطلقوا عليها محافظة سهل نينوى , أن من دعا أليها كانت الأحزاب الآشورية بتحريض من الحزبين الكرديين لأجندتها الخاصة بها, هذه الأحزاب الآثورية التي دغدغَ الأحتلال الأمريكي حلمهم القديم الذي زرعه في عقلهم الباطني الأستعمار الأنكليزي والذي نقلهم من موطنهم الأصلي ( لآلاف السنين ) في منطقة هكاري التركية وأسكنهم في العراق الذي أحتضنهم ليعيشوا مواطنين أسوة بالعراقيين الآخرين ولكن للأسف كانت نظرتهم للبلد الذي آواهم تتناغم دائما مع نظرة وهدف كل الساعين الى تمزيق وحدة العراق كدولة أسوة بكافة دول العالم ذات السيادة وألأستقلال .
يستخدم هؤلاء المنظّرون كلمات ومصطلحات ظاهرها حق وباطنها باطل , فهم يطلقون دموع التماسيح على المسيحيين الذين فرُغَ منهم العراق !! وهم يعلمون جيدا أن الحل الذي يكمن بأنشاء محافظة هو , وهم في وهم , بدليل أن عدد اللاجئين العراقيين في أوربا مثلا من منطقة الحكم الذاتي في شمال العراق هو أضعاف عددهم من محافظات الجنوب والوسط الذين معظمهم لجأ الى الشمال على أمل عودة الهدوء والأمان للعراق ليعودوا الى بيوتهم ومصالحهم وأعمالهم . ويتباكون على أحياء التراث والتاريخ لأبناء شعبنا وآهاته ويتبجّحون بأنهم من نشروا تدريس اللغة السريانية ( الكلدانية ) في القرى المسيحية في الشمال ,في حين يصمّون آذانهم عن آهات المدارس في قرانا المسيحية في الشمال التي توقّفت الدراسة في بعضها لعدم وجود مدرسين للغة الكلدانية , بسبب منع التعليم باللغة العربية , حيث أصبح مستقبل أبنائنا العلمي والثقافي مجهولا في هذه المناطق !! , يتكلمون عن التاريخ الأسود في الحِقَبْ الماضية , وهم يتغافلون عن الدمار الذي لحَقَ بالعراق الذي أصبح شعبه يتحنّنْ على الماضي بكل مآسيه التي عاشها منذ ما بعد تشكيل الدولة العراقية الحديثة وحتى الأحتلال الأمريكي .
أن أستخدامهم بضع كلمات كالحرية والديمقراطية التي لقّنها لهم المحتلّ , لا يستطيعون بها الضحك على الشعب العراقي الذي عرف جيدا طعم هذه الحرية والديمقراطية التي جلبتها امريكا مع من أتت بهم على ظهر دباباتها والذين شرحوا للعراقيين وطبّقوا بالتفصيل الممل معانيها بواسطة مليشياتهم المختلفة الولاءات , والأرهابيين الذين كانت قد سمّنتهم في جبال تورا بورا .
أن الكلدان الذين هم فخر الشعوب والأمم بأصلهم وتاريخهم وعلومهم وثقافتهم وأخلاصهم لوطنهم وموطن أجدادهم الكلدان ( العراق – بلاد النهرين ) . يستحيل أن ينجرفوا لمشاريع يعرفون جيدا من وراءها , ومعروفة المصدر والهوية , وأعطوا رأيهم الصريح والواضح منذ البداية بانهم مع العراق وبالضد لكل ما يؤدي الى تقسيمه تحت أية ذريعة , ولعل الأجابات الواضحة التي تلقّاها مندوبي وبعثات ما أُطلقَ عليها تجمع تنظيمات شعبنا , في زياراتها للمسيحيين العراقيين في أمريكا وأوربا , كانت جوابا لجميع محاولات تزييف أرادة المسيحيين ولا سيّما ( الأسرى ) مسيحيوا الداخل .
المضحك المبكي هو أطلاق تسمية الأنقساميين على الكلدان الذين نالوا ما نالوه من التهميش وصل الى درجة محاولة ألغاء تسميتهم الكلدانية التي لا يزال ( مع الأسف ) البعض من مسؤولي الأحزاب الآثورية مصرّا على أعتبارهم مذهبا كنسيا وليس قومية عريقة , كما كان جواب الأستاذ يونادم كنّا على سؤال فضائية البغدادية في برنامجها " سحور سياسي " عندما سؤل عن الفرق بين الآثوريين والكلدان , فكانت أجابته ( الصدمة ) ( كل آشوري, يصير كاثوليكي, تابع لروما, يسموه كلداني). أنها أجابة مهداة لمن تطلق على نفسها المنظمات الكلدانية المنضوية تحت تسمية ( تنظيمات شعبنا المسيحي) الآثورية . ولعل هذا ما يقصده من يوجّه تهمة الأنقساميين على الكلدان الذين لا يسايرون خطط الأحزاب الآثورية في أعتبار جميع المسيحيين العراقيين آثوريين . وألاّ فمن هم الأنقساميون ؟ هل هم الكلدان الذين يفدون بدمائهم عن كل ذرة تراب من تراب وطنهم العراق ويقاومون مشاريع التقسيم ؟ أم الذين يُسَيِّرهم أعداء العراق وينفّذون خطط المحتلّ في تقسيم وشرذمة العراق ؟ يقول دعاة مشروع المحافظة المسيحية أو الحكم الذاتي حينما يجرون نقاشا يحاولون أثبات حسن نيّتهم , بأننا شعب واحد ويقصدون بهذا ( المسيحيين العراقيين ) ولكن في قرارة نفسهم يقصدون ( أننا شعب آثوري واحد ) وفي نفس الوقت يستخدمون عبارات الشعب العربي والشعب الكردي وغيره , في حين أن نظرة الكلدان هي بأننا شعب واحد ( ويقصدون شعب عراقي واحد ) . نشكل مع القوميات الأخرى الشعب العراقي الواحد .
وبعد الرفض الذي أظهره الكلدان في دول المهجر لمشروعهم التقسيمي , وفشل موفديهم في أقناعهم بمشروعهم هذا , أنصبّ غضب أقلامهم على بعض الرموز الكلدانية التي لم تسلم من تطاولهم حتى الرموز الدينية , أو على الوفود الرسمية التي زارت بعض دول العالم , وعلى الأتحاد العالمي للكتّاب والأدباء الكلدان ( ضمير الكلدان ) الذي أقَضّ مضاجعهم منذ تشكيله ولا يزال . وعلى مؤتمرات نهضة الكلدان الناجحة في سان دييغو وفي السويد التي كان البرهان على نجاحها , الحملة الهستيرية التي شُنَّت عليها .
أن الكلدان الذين يمثلون أكثر من 80% من المسيحيين في العراق , قد قالوا رأيهم صريحا في موضوع المحافظة المقترحة ( مهما كانت تسميتها ) , قالت رأيها كنيستهم الكلدانية التي هي أصدق من يمثلهم , وقالت رأيها الأحزاب والتنظيمات الكلدانية المؤمنة بوطنهم العراق , وقال رأيه الأتحاد العالمي للكتّاب والأدباء الكلدان ( ضمير الكلدان ) وظهر هذا الرأي جليا وواضحا في المؤتمرَين الذان عُقِدا في سان دييغو , وفي السويد , هؤلاء هم الكلدان الأصلاء , أما البعض الذي أجّر نفسه ليكون بوقا للغير , فله كل الحريّة في أن يخدم من يشاء , أما الكلدان , فليس لهم من يخدموه سوى شعبهم ووطنهم – العراق .
بطرس آدم