بعد مرور سنتين على رسالة الاب سعد سيروب..العوائل المسيحية المتعففة والجنود المجهولين
وسط زحمة مقالات الحملة العسكرية التي تقودها بعض الاقلام المأجورة هذه الايام من اجل الظفر بالجنطة الوزارية لأسياد تلك الاقلام ,استوقفني خبر عن تقرير حكومي صادر من قسم الاقليات في وزارة حقوق الانسان يشير به الى حالة الخوف والفقر و اوضاع معيشية متردية تعيشها عوائلنا في بغداد من صعوبة في دفع ايجار السكن وإعالة العائلة بما يحفظ على كرامتها ..للإطلاع على التقرير الرابط
http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,564189.msg5510460.html#msg5510460وإذ ان التقرير مر مرور الكرام لم يكترث اليه اي احد وكأن هذه العوائل ليست منا ولا تهمنا لذلك احببت ان اسلط الضوء على هذا الخبر موجها النظر الى جنود مجهولين يعملون بالخفاء ولكن عملهم هذا جبار بكل معنى الكلمة انحني لهم داعيا الرب ان يحفظهم ويرعاهم فما يقومون به تعجز القيام به أية مؤسسة سياسية او اجتماعية ..علما ان ادوات هؤلاء الجنود بسيطة يحولون بها العدم الى حياة
فمن هم هؤلاء الجنود المجهولين وما علاقتهم بالعوائل المتعففة في العراق ؟؟هم مجموعة من الشباب والبنات في عمر الزهور بينهم الطالب وبينهم الكاسب تأسس عملهم بعد استشهاد ( شفيعهم ) في العراق ذاك الكاهن الشهيد الذي قضى فترة من حياته معهم وكانت الابتسامة لا تفارق وجه باعثة الامل لكل من فقده وبعد خبر استشهاده الذي وقع كالصاعقة عليهم قرروا ان يستمروا بالسير على خطاه وبدأت الافكار تشق طريقها الى التطبيق ..فتراهم يجتمعون ليحضروا اللفات والمأكولات والأطعمة لكي يبيعوها على الناس ويكسبوا بعض المال ..تراهم يقيمون المعارض الخيرية يبيعون النباتات وبعض الملابس وأمور اخرى ..تراهم واقفين على ابواب الكنائس والتجمعات والابتسامة لا تفارقهم , امامهم سلة كتب عليها من اجل الفقراء في العراق ..ولان شعبنا لا يعجبه العجب ولا الصيام في رجب يطلقون عليهم تسمية ( جماعة المكادي ) وان هذه التسمية تزيدهم فخرا واعتزازا لا انتقاصا ..احضر دائما اجتماعهم السنوي الذي يقيموه في ذكرى استشهاد مرشدهم الروحي الذي هو الان في السماء والذي تشعر انه حاضرا بينهم .ادمعت عيني وانا اصغي لتقريريهم حول النشاطات التي قاموا بها ..فهم متكفلين بمعيشة وإيجار العديد من العوائل في بلدنا الام العراق , هم متكفلين بدفع تكاليف شحن الادوية والمستلزمات الطبية لعيادة خيرية فتحت في أربيل للمتعففين تلك العيادة الخيرية التي تحمل أسم جماعتهم (الكاهن الشهيد ) , هم متكفلين بعلاج العديد من الحالات المرضية للكثير من أبناء شعبنا المسيحي في العراق ..هم متكفلين بعوائل العديد من الشهداء الذين سقطوا اثر تفجيرات الكنائس والاغتيالات و الانفجارات ..قلت مع نفسي كل هذا يفعلوه من بيع بعض اللفات ؟؟ قلت مع نفسي كل هذا يفعلوه من بعض المعارض الخيرية ؟؟ من بعض الكرونات التي يجمعوها وسط كلمات جماعة المكادي ؟؟ كيف لا وان ما يعملوه بشفافية متناهية النظير كم اتمنى ان يتبعها البعض ؟؟ كيف لا وان ما يفعلوه مسجل قانونيا ومبارك من قبل مطران الكاثوليك ؟؟
الجنود المجهولون عندما يسمعوا ان هناك كاهنا قادم من العراق يركضون اليه ليسمعوا كيف تعيش عوائلنا في رعيته ويعطوه ما جمعوه لكي يوصله الى تلك المتعففة ومن هي بحاجة ؟؟ وهم في تواصل دائم مع كهنتنا وكنائسنا وعوائلنا في العراق ..
لا اذكر اسمائهم ولا اسم جماعتهم لان هذا هوا نهجهم
أبتي العزيز سعد سيروب المحترم لان لك صلة بالموضوع اسمح لي بان اعيد نشر رسالتك التي وجهتها الى الاغنياء من ابناء شعبنا المسيحي تلك الرسالة التي كتبتها قبل سنتين عارضا حالة عوائلنا هناك اعيد نشرها بعد قراءتي للتقرير الحكومي عسى ولعل ان يتحرك البعض مثل ما يتحرك هؤلاء الجنود المجهولين ..الداعي لكم وللجنود المجهولين وللجميع ..سيزار ميخا هرمز – السويد
رسالة الاب سعد سيروب والتي كتبها في نيسان سنة 2010
الى الاغنياء من ابناء شعبنا المسيحي
"أسهل على الجمل ان يدخل من ثقب أبرة
من أن يدخل الغني ملكوت الله" (مر 10/ 25)
الى الاغنياء من ابناء شعبنا المسيحي
أني الأب سعد سيروب حنا راعي خورنة مار يوسف البتول في الكرادة / خربنده اتوجه الى ابناء هذه الرعية وغيرهم من الموجودين في داخل البلد وخارجه، وخاصة الى الاغنياء وأصحاب الاملاك في منطقة الكرادة الشرقية وغيرها من المناطق. أريد أن أقصّ عليكم معاناةً راعوية نواجهها هنا في بغداد وانتم طرف فيها بشكل مباشر أم غير مباشر، وألتمسكم التفكير فيها على ضوء الايمان والالتزام الاخلاقي. اننا نواجه محنة عصيبة ومؤلمة بدأت تؤثر على الكثير من ابناء خورنتنا: فأغلب الناس التي بقيت في المنطقة (وفي بغداد عموماً) هم من الطبقة المتوسطة الحال والفقيرة، وهي تسكن بيوتا مؤجرة، قام اصحابها بتأجيرها لهم وهم الآن يسكنون دولاً اجنبية هاجروا اليها. فاليوم وبعد استقرارهم في بلاد المهجر رأوا في ارتفاع قيمة الاملاك الجنونية وارتفاع ايجاراتها فرصة للاستفادة من هذه الاملاك واستغلالها للمنفعة الاقتصادية: فالكثير من اصحاب البيوت والعمارات السكنية يريدون بيع هذه البيوت أو رفع ايجاراتها الى اسعار خيالية أو اخلائها وتأجيرها الى شركات اجنبية وعراقية. الامر الذي يصعب تحمله من قبل هذه العوائل المسيحية المتبقية. فقد وصل بدل الايجار الى أكثر من 750,000 (600$ امريكي) دينار عراقي للمشتمل الصغير والقديم و1,000,000 دينار للبيوت القديمة واما الحديث منها فحدّث بلا حرج.
المشكلة تكمن في ان هذه العوائل التي بقيت داخل العراق وفي بغداد خصوصاً هي عوائل ذات دخل محدود (موظفين وعمال ومسنين متقاعدين)، وقد صار صعباً جدا عليها ايجاد فرصة سكن كريمة في الكرادة بعد الآن، وهي المنطقة التي سكنتها لأكثر من 20 و30 و40 سنة من حياتها. حيث يجد الكثيرون منهم صعوبة كبيرة، بعد ان عاشوا مراحل حياتهم (الطفولة والشباب)، في الذهاب للسكن في مناطق بعيدة ونائية من بغداد! ناهيك عن تغيير الطبيعة السكانية لهذه المناطق الأخرى. فتضطر هذه العوائل الى الهجرة وترك البلد وبهذا تفرغ مناطقنا من المسيحية وعوائلها المسيحية. فالمتبقي في الكرادة من العوائل المسيحية 400-500 عائلة هاجر ضعفي هذا الرقم الى الخارج. واليوم نشهد هجرة أخرى بسبب صعوبة ايجاد السكن!!
أنا لا ألومكم على استخدام أملاككم، فلا حكم لي عليكم. ولكني أطلب اليكم التعامل بايمان، كمسيحيين يشعرون باخوتهم الفقراء، وارجو منكم التريث قليلاً وأمهال الناس الوقت وتركهم يعيشون بسلام الى ان تقوم دولتنا الجديدة (التي هي سبب كلّ المشاكل) ببناء مساكن ومجمعات سكنية يمكن لهذه العوائل اللجوء اليها. فالكثير منكم يملك أكثر من مُلك في بغداد وهو يسكن في الخارج، ولكنه يُّصر على تصفية ذاك الذي يقع في هذه المنطقة والذي فيه عوائل مؤجرة للاستفادة منه مادياً. انكم تساهمون وبطريقة غير مباشرة في هجرة المسيحيين من البلد والى افراغ هذا البلد من الروح المسيحية التي عرفها منذ القرن الاول الميلادي.
ليس الغنى عيباً. لقد أحبّ المسيح الفقراء والأغنياء. لقد جلس في بيت الاغنياء أمثال متى وزكا وسمعان الفريسي ومنحهم الخلاص كبقية الناس. ولكنه في الوقت نفسه نقد الاغنياء وبكّتهم على قساوة قلوبهم تجاه أخوتهم الفقراء. ليس الغنى خطيئة، ولكنه يصبح كذلك عندما يقودونا الى عدم الاكتراث والمشاركة والتقاسم مع الفقراء من أخوتنا. اعرفوا بان غناكم لم يأتي إلا بفضل بركة الله ونعمته، وعليكم اليوم وأكثر من أي يوم مضى ان تشكروا الله وتخدموه بأموالكم.
المشكلة في ان الكنيسة لا تتكلم فهي ضعيفة ولا كلمة لها لا في الداخل ولا في ألخارج لا تكونوا انتم والزمن على الفقير والمعوّز. اعملوا بالمعقول واقنعوا بالربح ألكافي الى أن ينجلي الليل وتشرق الشمس بيوم يكون سعيدا للجميع. أصلي الى الله ان يبارك الجميع وينيرهم بحكمة محبته. آمين.
الاب سعد سيروب حنا
راعي خورنة مار يوسف
الكرادة / خربنده