May 12, 2009
الـمـغـزى في بيان مجمـع أساقـفـة الكـنـيـسة الكـلـدانية
الشماس كـوركـيس مـردو
مـرحـى مـرحـى بآبـائـنا الإجـلاء بـطريرك وأساقـفـة الكـنـيـسة الكـلـدانية . كـان أبـنـاء امـتـكـم الكـلـدانية يـنـتـظـرون صـدور البـيان الخـتامي لـمجمعـكـم المقدس المُـنعـقـد مِن 28 نـيسان لـغاية 5 أيار 2009 في دير مار أدَّي ومار ماري البـطريركي ( أربـيـل ــ عَـنـكـاوا ) بـفارغ الصبـر ، وكـم كان فـرحُـهم عـظيـماً بتأكـيـد المجمـع على وحـدة أساقـفـة الكنيسة وأبـرشياتـها التي هي العـنصر الأساسي في استـمـرار حـيـويـة الكنيسة وانـتـعـاش إكليروسها ومـؤمنـيـها ، وكذلك ارتـاحـوا لتأكـيـد المجمع بتعـزيـز العـلاقـة مع الكـنائس الشقيقة ودعـوتـه لـتـوطـيـد العـلاقات بين المسيحيـيـن وإخـوانهم من المسلمين وأبناء الأطـياف الاخرى .
إنَّ إعـلان آباء المجمع عـن تمَسُّكـهـم الـراسخ بـقـوميـتهـم الكـلـدانية كان حَـدثـاً بـالـغ الأهـمية لـدى أبناء الكـلـدان قاطـبة ً، حيث كـانت الرؤية قـبـل هذا الإعـلان غـير واضحـة لـديهم ، فكـانـوا يُقـيِّمـون مـوقـف مطارنـة الخارج المـتـمثـِّـلـين بالحَـبـرَين الجـلـيلـَين مار ابراهيم ابراهيم ومار سرهـد يـوسب جـمو بالمـؤيـِّد والـداعـم لـلـتـوجـهات الـقـوميـة ومـوقـف مطارنة الـداخـل بالـرافـض او المتـحـفـِّـظـ ، وكانت التساؤلات تـدور بين الكـلـدان حـول الأسباب التي تـدعـو الأساقـفـة الأجـلاء وحتى الكـهنة الأفاضل في الـداخل الى اتـخاذ هذا المـوقـف ، ولـماذا هذا الإحساس السلبي من التـوجه القـومي ، وإذا كان الإحساس هو الخشية من انـتـقاص ٍ لمكـانة الكنـيسة وسُلـطـتها في حالة نـمـو المشاعـر القـومـية لـدى أبناء الكـلـدان على حساب المشاعر الـديـنية ، فهـو إحساس خاطـيء والعـكس هـو الصحـيـح .
وليسمح لي الآباء الأجـلاء بالقـول ، بأنَّ مـوقـفـهم هذا كان السبـب الرئيسي في تـأخـر نـمـو الـوعي الـقـومي بـل غـيابـه لـدى أبناء الامة الكـلـدانـية ، وقـد استـغـلَّ هذا الغـياب أعـداؤهـم وحـاولـو أن يجـعـلـوا منهم أتبـاعاً لـهم ، بتـغـيـيـب قـوميتهـم واحـتـوائـهم ، ولـو لم يـتـصـدّى لـهم الكـلـدان العـلمانـيـون الغـيـورون لـَكـانـوا قـد نالـوا وطـَرَهـم ، ولأحـدثـوا شرخاً كـبـيـراً في بـناء كـنيستـنـا الكـلـدانية الكـاثـوليكية المقدسة. وحتى الأمس القـريب كان هـؤلاء المُعادون يشمتـون بالكـلـدان قـائـلـين: أنـظروا كـيف تجـاهـل مطارنة الكـلـدان في الـداخل مؤتمر المجلس القـومي الكلداني وهـو قاب قـوسين مِـنهم ، حيث لم يحضر افتـتـاحَـه حتى واحـد منـهم ، ولـو لـم يحضر مطرانا الخـارج مشكـورَين لكـانـت الطامة أكـبـر .
إنَّ عالـَمـَنا الـيـوم قـد تـغـيَّر كـثيراً ، وأنـتم أدرى بـذلك يا آباء كنيستنا الكـرام ، فـعـلى الكنيسة مـواكبة هذا الـعـالـَم المُعـاصر ، فلا يُمكـن أن تفتـصر على ممارسة دورها الرعـوي والإجتماعي فقط ، بل يجب أن يتعـداه الى إبـداء الـرأي والتـوجـيه في الشؤون الـوطنية والقـومية ، فهنالك فـرق كـبير بين الـطـروحات ذات الطابـع الـوطني التي تستـنـد على المصلحـة الـوطـنـيـة وبـيـن الـطـروحات ذات الطابـع السياسي البحت ، ولنضرب مثلاً على ذلك : عـنـدما أبـدى سيادة المطران لويس ساكـو رأيه بالحكـم الذاتي ، لم يـكـن تـدخـلاً بالسياسة بـل كان رؤيـة ً مِنه حـول المخاطـر التي قـد تـنجـم عـنه تـؤدي الى إيذاء شعـبنا مُضاعـفاً ، بالإضافـة الى سَعـيـه للحِفـاظ على العـيش المشترك في الـوطن الـواحـد وضمان التـواصل بين المواطنين ، ولكن البعض لم يُـرضهم ذلك فاعتبروا تصريحاته سياسية ومطابقة لوجهة نظر زوعا . وعلى هذا الأساس قـد يـؤخـذ تصريـح سيادة المطران ابراهيم ابراهيم بتأيـيـده للحـكـم الـذاتي بأنـه يتـطابـق مع تـوجهات ما يُسمّى بالمجلس الشعبـي ، بـيـنـما المجلس في الواقع هـو واجهة آشورية صِرفـة بـدليل تبـنـيه الشعار الآشوري ، العـلم الآشوري ، النشيد الآشوري ويـوم الشهيد الآشوري ، فبماذا يُمـثـَّـلُ الكلدان لـديـه ؟
نحـن لا نُـطالـب رجـال كنيستـنا الكـلـدانية بالتـدخـل بالسياسة ، ولكـنـنا نـُريـد منهم قـول كـلـمتـهـم في الحـياة العـامة ولـلخـير العـام وفي الـزمان والمكـان المناسبـيـن ، كما لا نطالـبـهم أن تـنـقـلب رسائـلـُهم الـرعـوية الى رسائل قـومية بـحـتة كما يفعـل الآخـرون ، لكـن هذا لا يمنع أن يُـزودوننا بتـوجيهاتهم . ولا يسعـني في هذا المجال إلا أن أوَجـِّـه الشكر والتقـدير الى صاحبي السيادة مار ابراهيم ومار سرهـد لمـواقـفـهما الشجاعة والـواضحـة تُـجـاه القضايا القـومية لأمتـنا الكـلـدانـية النبـيـلـة .
الشماس كـوركـيس مـردو