آل بابانا في ألقـوش لم يصـونوا الأمانة بل شـوّهـوا حـقـيقة المطـران بابانا
( الحـلقة الأولى )
بقـ
لم :
مايكل سـيـﭙـي / سـدني
تـرجع بي ذكـرياتي إلى أوائل الستينات عـنـد فرصة وحـيدة شاهـدتُ فـيها ( الأب ) ا
لمرحـوم ا
لمطران يوسف
بابانا وخـدمتُ معه قـداساً أقامه عـلى مذبح هـيكل مريم العـذراء
في كـنيسة
ألقـوش في أحـد أيام الصيف رأيته هادىء الطبع بـدين الجـسم بعـض الشيء ، و
لما إنـتهى من قـراءة الإنجـيل واصـلتُ معه صلوات طـخـس القـداس الكـلـداني مباشرة بطـبقة صوتية عالية فإستـجاب لها وتـناغـمتْ حـنجـرته معها كـثيراً ولكـن بجـهـدٍ فـكان صوته شـجـيٌّاً ، و
لما إنتهى القـداس كانت قـطـرات عـرق غـزيـرة قـد إرتـسمـتْ عـلى جـبـينه و
لم يستـطع إخـفاءَها أمامي فـإسـتـفـسر عـن هـويتي أولاً ثم قال لي : إبني ، إن العـرق يتـصبَّـب مني صيفاً ( وأعـتـقـد قال ذلك بدلاً من : إبني ، لقـد أتعـبتـني ! ) وهـذه خـصال الرجال العـظام .
إنّ ا
لمرحـوم ا
لمطـران
بابانا كان من بـين أبناء
ألقـوش البـررة الكـثيرين عَـبر تأريخـنا ا
لمعاصر وستـبقى ذكـرياتهم خالدة ليس فـقـط عـنـد أجـيالنا اليوم ولكـن عـلى مـدى ا
لمـقـ
بل من أجـيال الأحـفاد أيضاً . لقـد تـرك لنا سِـفـراً جـميلاً خالـداً عـن تأريخ
ألقـوش ، كان قـد أكـمل أوراقه الأولية وأصبح جاهـزاً للطـبع وأوكـل مهـمة إنجاز طبعه وحـقـوق نـشـرِه إلى ورثـته قـبَـيل أن تـفاجـئه ا
لمنية التي زاحـمته فـسلبته حـياته الأرضية ليـكـملها
في ا
لملكـوت الأبـدي ، فـظهر الكـتاب
في عام 1979 بعـنـوان (
ألقـوش عَـبر التأريخ ) وثيقة صادقة هي ثـمرة جـهـوده ا
لمتواصلة مستـنـداً إلى 31 مصدرٍ وكـتبٍ أخـرى أجـنبـية وعـربـية وكـلـدانية ( هـذه الصيغة وردتْ
في السـطـر الأخـير من الصفـحة الأخـيرة من كـتابه الأصلي ا
لمشار إليه ) بالإضافة إلى إستعانـته بذكـريات ومعـلومات كـبار السن ال
ألقـوشيّـين ومخـطـوطات وقـعـتْ بـين يـديه من هنا وهـناك . وإعـتـزازاً بـ
بلـدتـنا وبأسقـفـنا وتأريخ كـلـدانيتـنا إقـتـنينا نسخـتـنا منه ، ومما جاء
في كـ
لمة عائـلة ا
لمرحـوم
في مقـدمة الكـتاب ا
لمذكـور ( طبعة 1979 ) عـلى لسان زميلي
في الدراسة يوحـنا حـسقـيال
بابانا إبن أخ ا
لمؤلـف ا
لمطـران ((
نعاهـدك بأنـنا سـنعـمل دوماً بتوجـيهاتك القـيمة ونستـرشـد بإرشاداتك النيرة ونـقـتـدي بمثـلك الصالحة ونعـمل بآرائـك السـديـدة الراجحة ..... )) ولكـن سـبحان مغـيِّـر الأحـوال ، للذين يـبـيعـون تـراثهم با
لمال ، دون أن يكـتـرثـوا بأنه تـراث ال
ألقـوشـيّـين أيضاً لا يمكـن التلاعـب به إلاّ بالحلال ، و
لم يتحـسّـبوا لِـما سـوف يُـكـتب عـنه ويُـقال ، تـراثٌ سـوف يصرخ من عـلى فـوق الجـبال ، فالوقائع الحالية أثـبتـتْ تـنصّلهم عـن تعـهـداتهم تلك ! حـين غـضـّـوا النـظـر عـن تلك
الأمانة ا
لموكـلة عـنـدهم ، فـبـدلاً من أن يستـشيروا ال
ألقـوشـيّـين النجـباء - ولا أقـول يستـنـجـدوا - وكـلهم أصحاب غـيـرة
لمشروع إحـياء تـراث كـهـذا ، أقـدمـوا عـلى تسليم تلك
الأمانة الثـمينة إلى مَن تـنـكــَّـر للكـلـدان ـ أكـيـد ماكـو شي بَّـلاش ـ وإنحـرفـوا عـن تـوجـيهات ا
لمرحـوم عـمهم ا
لمطـران الوقـور
بابانا والتي وصفها الأخ يوحـنا بالـ ( قـيِّمة ) فـتـراكـضوا وإرتـموا
في أحـضان ناكـري خـصائصنا القـومية ، و
لم يستـرشـدوا بنور فـكره
بل إرتـضـوا السـيـر
في ظلام مُـزوّري أمانـته ، و
لم يقـتـدوا بمـُـثـلِه الصالحة ليتمثــَّـلـوا بنزاهـته وإخـلاصه لتأريخ أمته الكـلـدانية
بل إتخـذوا ممن يهـمـّـش إسمنا القـومي التأريخي قـدوة لهم فـساروا وصاروا ضمن رتـلهم .