4/6/2012
وهـل إتهـمتـك يا أخ فلاح قـس يونان ؟
بقـلم : مايكـل سـيـﭙـي / سـدني ـ 5 حـزيـران 2012
لم أكـن أسأل سـؤالي لك في مقالي المقـتـضب ، لو لم تـكـن قـد ذكـرتَ في مقالك السابق قائمة من الشـهـداء الذين إستـشـهـدوا طوعاً وبناءاً عـلى فـكـرة أو عـقـيـدة هـم مؤمنون بها أو تـعاطـفاً معـها فـقـط ، وإخـتاروها بحـريتـهم ولم يُـرغـمـوا عـليها ، وفي ذات الوقـت كانـوا قـد وضعـوا نـصب أعـينهم أسـوأ الإحـتـمالات وهـو الإستـشـهاد وهُـم داركـون ، فالرحـمة عـلى الجـميع .
ويـسـرّني أن أتابع فـقـرات مقالك الممتعة فأقـول أنا لستُ حـديث العـهـد في التعـبـير عـن رأيي بشأن الأفـكار المسـتـوردة من الخارج إنْ كانـت يسارية ، شـيوعـية ، سـورية بعـثـية ، أو غـيرها ومن أية جـهة كانـت . والدليل منـذ أن كـنـتُ في مرحلة الإعـدادية وعـلى مسـتواي البسيط كـنـتُ أناقـش قـريـبي وجـيراني المرحـوم بـيـلو وزي حـين كان ثائـر إبنه سعـيـد الذكـر طفلاً وقـبل دراسـته الإبتـدائية ــ وفي بعـض الأحـيان بحـضور المرحـوم أدور ﮔـردي ــ وفي المرحـلة ذاتها كـنـتُ أمارس هـذا النـقاش مع زملائي في ثانـوية ألـقـوش حـيثـما تـوفـرت لي الفـرصة وأتـذكـر في أحـد الأيام فـوق سـطح مدرسة شـيشا ونحـن مجـموعة وبـينـنا حـديث ، إضطـر المرحـوم ( هـيـتـو ) أن يقـول لي : آيت هـل بالـوخ لإيـتـوخ = أنـت ديـر بالك إلى كـنيـسـتـك ! . وفي بغـداد كـنـث كـثير النـقاش مع الأخ سـعـيد الذكـر أكـرم صادق يـلـدكـو بهـكـذا مواضيع في نهاية الستينات ومطلع السبعـينات ونحـن طلاباً ، وفي تلك الأثـناء بالذات صادف أن ناقـشـتُ المرحـوم حـميد عـيسى يـلـدكـو في غـرفـتي في البتاويّـين وبحـضور سعـيد الذكـر سالم وزي ، ثم في أثـناء الخـدمة العـسـكـرية ( 1972 قـبل عـيـد الميلاد في معـسـكـر الغـزلاني ـ الموصـل ) وداخـل قاعة المنام كانت تـصادف أن نـناقـش مثـل هـذه المسائـل ليلاً وقـبل النـوم وبلغـتـنا الكـلـدانية فلا يفـهـمنا الغـرباء ، وأتـذكـر مرة والجـماعة متجـمعـون عـنـد سـريري ، وطبـيعي كانـت الأغـلبـية من شـبابنا في طـرف من النـقاش وأنا وحـيد في الطـرف الآخـر بإعـتـباري كـنسيُّ الميـول ، والبعـض مستـمـعـين ، وذلك حـين إنـتـهى النـقاش بآخـر عـبارة لي ... دون أن يكـون لـديهم جـواب لها ، حـيـنـئـذ قال لي الأخ صبري : هـل تـتـصـوّر أنـك غـلبتـنا في النـقاش ؟ والمثـل يقـول (( إنّ آخـر لـقـطة لمن في الصـورة ! )) . إنّ المواقـف التي تـركـتْ عـنـدي أثـراً لا أنساها ( سلبـية أم إيجابـية ) ، كـما أتـذكـر بصورة دقـيقة جـداً نـقاشي مع المرحـوم جـمال صادق يـلـدكـو في دارهم قـرب الـﭽايخانة في شـتاء عام 1974 بعـد تـعـيـيـني وأنا في إجازة إلى ألقـوش وبحـضور أحـد أولاد المرحـوم إلياس الصفار ، رأيته عـنـيـداً جـداً ولكـنه لم يتجاوز لأنه يحـتـرمني لأسباب عـديدة ، فـقـلتُ له في نهاية النـقاش (( إمشِ في هـذا الطـريق طالما هـو مفـتـوح أمامك ولكـن ! إن وصلتَ إلى نهاية مسـدودة بجـدار ، فالأفـضل لك أن تـرجع بـدلاً من أن تـصـدم رأسك به ويتـصـدّع ! ) فـلم يقـل لي شـيئاً سـوى أنه إبتـسم . كـل هـذه الأمثـلة مع أبناء بلدتي ألقـوش ناهـيك عـن تلك التي دارت بـيني وبـين الغـرباء ، فأنا عـنـدي مبدأ واحـد غـير مسـتـورد وليس من إبتـكار هـذا المفـكـر أو ذلك الفـيلسـوف ، ولم أغـيّـره كـما غـيّـر الكـثيرون عـلى المحـطات التالية وبالتـدريج : ( شـيوعي ـ بعـثي ـ كـلدوآشوري ـ كـلدوآشوري سرياني ـ زوعاوي ـ مجـلس شعـبي قـطاري ) ولكـنه اليوم يتـباهى تارة بالآثورية وتارة بالشـيوعـية وضاعـت عـلينا الحـسبة ، ولا أريد أن أذكـر كـيف أنّ البعـض وقــَّـع بكـل أصابعه عـلى القـسيمة ــ نعـم ليس من كـل قـلبه ، ولكـنه وقــَّـعَ !! ــ أما أنا وأمثالي لم نـضع أنـفـسنا يوماً في موقـف محـرج لأنـنا من جـماعة : من يعـرف حـدّه يقـف عـنـدهُ .
أردتُ من سـرد كـل ذلك لأقـول أن مواقـفي المبدئية هـذه ليست ردّة فـعـل لمقـتـل أخي ، ولا بسبب وشاية المناضلين بـوالدي الذي أوشك أن يُـعـدَم في الشمال ، وإنما لأنها مبادئي لا أكـثر . نعـم في العـراق ــ ما كـنـت أدوس تخـتة ﭽـُـرُّك ــ لأن هـناك أناس هـمج لم يستـوعـبوا حـرف الـ ( د ) من الديمقـراطية ولن يستـوعـبوها طالما لا يملكـون عـقلاً متـفـتحاً ، وطالما لم يـبحـثـوا عـن الحـق الذي يحـررهـم ، بل يـبقـون داخـل سجـن العـقـيدة وهـذا هـو الترف السياسي اليوم وخـير دليل عـلى كـلامي هـو سـؤال الأخ صبري لي في مقاله السابق حـين قال : لو كـنـتَ في العـراق هـل كان بإمكانك أن تكـتب هـكـذا ؟ ) إنه بـذلك عـبَّـر خـير تـعـبـير عـن الديمقـراطية التي يؤمن بها ، وأنا آسف فـهـو زميل الدراسة وليعـذرني أن أقـول (عـن الأفـكار الـﭙوليسية المخـزونة عـنده ) .
أنا لستُ مكـلفاً أن أدافع عـن الناس الذين قـتِـلوا غـدراً ، ولكـن يحـق لي أن أقـول عـما يخـصني . أخي فلاح : لست أدري كم كان مسـتوى إدراكك في عام 1983 هـذا من جـهة ، ومن جهة أخـرى أقـول يـبـدو أنك بريء النـفـس ، فلا تـصـدّق كـل ما يقـوله لك الرفاق ! هـل تـتـصـوّر أن يشـوّهـوا سمعة تـنـظيمهم في الوقـت الذي يريدون كـسب نـفـر واحـد إضافي ؟؟ ومع ذلك فـهـذا ليس بالأمر الذي يخـصني ولكـن إسمع مني الحـقـيقة (( بـدون تـفـصيل ـ لأني مثـلما قـلتُ لا يحـق لي التكـلم بإسم غـيري )) في ليلة الحـدث المشار إليه كانت وكالعادة شـوارع ألقـوش تـفـرغ من منـتـسبي الحـكـومة منـذ العـصر لأنهم يعـرفـون الوضع ، بل وحـتى من أهالي ألقـوش لأنهم يستـرون عـلى أنـفـسهم ، فـلم يكـن هـناك وجـود لأفـراد السلطة في الأزقة ليلاً بل كان الرفاق الذين تـتـبع أفـكارهم اليوم هم حـكـومة الليل ، وإذا أردتَ التأكـد إسأل الرفاق القـدامى الأحـياء والموجـودين في ألقـوش الآن والذين تـركـوا الحـزب . وحـدث الحـدث الذي تجـهـل تـفاصيله ، وعـن الغاية من إنـتشارهم في أزقة ألقـوش في تلك الليلة ! وما الذي تمخـض ذلك الإنـتـشار عـدا حالة أخي المقـتـول غـدراً ، إنهم لا يقـولون لك الحـقـيقة خـوفاً من أن تـرتـد وتـقـول لهم ( أهـذه كانت أعـمالكم ؟ هـل بهـذه الطريقة كـنـتم تـناضلون ؟ هـل هـذه كانت إنجازاتكم ؟ .... ) أنا لا أريد الإطالة عـليك ولكـن لا بد لي أن أعـقـب عـلى كـل مقال تكـتبه وأرى نـفـسي مُـلزماً عـلى الرد المقابل لا لشيء سـوى لإحـقاق الحـق ، وأنت حـر في قـبوله أم لا ، ودمت سعـيداً .