Jan 25, 2013
بعران الوالي ـ من تراث جريدة عمّا كلدايا
بقـلم: مايكل سـيـﭙـي
سـدني
من تراث جـريدة عـمّـا كـلدايا / سـدني ـ 2001 مقـدِّمة:
حـين أصدرنا جـريـدتـنا عـمّا كـلـدايا/ سـدني 2001 المحـلية ، كان الهـدف منها إستـنهاض الحـس الـقـومي لـدى أبناء شعـبنا الـكـلـداني في أستراليا ثم تسلـيط الـضوء عـلى ما نـراه في بـيئـتـنا من ظـواهـر مسموعة أو منـظـورة يستحـق الـتـوقـف عـندها بكـل رَويّة من أجـل تـقـويمها أو تشجـيعـها بالعـلـنية ونحـن في بـلـد الحـرية. ولا يخـفى عـلى الجـميع بأنـنا الـيوم في عـصر ما بعـد الحجـرية والجاهـلية فـقـد نجحـنا في دورات محـو الأمية وتعـلمنا الكـتابة باللغة العـربـية وإذا ظهـرَتْ عـنـدنا أخـطاء إملائية أو نحـوية أغـفـروا لـنا فإنها عـفـوية من سِـمات الطبـيعة البشرية وحـبَّـذا لو تـنبِّـهـونـنا عـلى أخـطائـنا الكـتابـية أو محـتـوياتها الـفـكـرية فـنـعـتـذر لكم بكـل ممنـونية ، وطالما ذكـرتُ الحـرية فـقـد تـذكـَّـرتُ معـها ما كـتبه قـبل أشهـر أحـد الأصدقاء من قـرّائـنا الكـرام من بـلـدتي عـنـد معـرض ردّه عـليَّ مغـلـفاً مقاله بتهـديـد رخـيص الـثمن في سـوق المحـن قائلاً عـني لو كـنتُ في بـلـدتي ــ عـنـده ــ ما كان بإمكاني أن أكـتب ما أكـتبه الآن بهـذه الحـرية التي في أستراليا!! وكلامه صحـيح، لماذا؟ لأن في بـلـدتي (سابقاً ــ وليس لي عِـلم الآن) كانت هـناك حـكـومة نهارية وأخـرى لـيلية، وكان هـناك البعـض من الساذجـين النهاريّـين الكـثيرين يعـتـقـدون بأنَّ عـمليات الـغـدرَ الليلية بخـمسة أو عـشرة أو خـمسين رجلاً آمناً أعـزلاً في قـرية صغـيرة فإنها سـتـقـود إلى إنـتـصار الماركـسية اللينينية دون أنْ يـدركـوا أنَّ عـشرات الملايـين بل أكـثر والتي سُـفِـكـتْ دماؤها غـدراً وظـلماً، قـد تـفـسَّـخـتْ أجسادها الـبريئة ولكـن أرواحها الحـية هي التي تعالـتْ وثارتْ وأسـقـطـت تلك الصروح اللينينية الماركـسية لا بالغـدر ولا بالمؤامرات بل بثـورة حـب هادئة سـلمية مثل حـبة الحـنـطة التي تـتـفـتــَّـتُ في التربة بإرتياح فـتـنـبتُ سـنبلة حـيّة، وهـذا هـو معـنى كـلام الرب المسيح (لا تخافـوا من الـذين يقـتـلون الجـسـد ولكـن خافـوا بالحـريّ من الـذي يقـدر أن يهـلك الـنـفـس والجـسـد) ومع كـل الأسف بعـد كـل تلك التجارب الحـياتية وسنين عـمـره ما فـوق الستينية لم يستـطِع صديقي الموقـر التجـرّد ولا الإرتـقاء فـوق العـقـلية الشبابـية فـنراه يلجأ (ليس هـو لـوحـده) إلى التهـديـد المُـخـجـِل عـلى غـرار الطريقة المتخـلـفة العـشائرية وفي ذات الـوقـت نـراه أمام الـناس يفـتخـر مـدّعـياً بإنـتماءاته الـثـقافـية والـتـقـدمية وينـشر ــ متباهـياً ــ صوَره مع عـمالـقة الـنـضالات السياسية.
ويسـرّني أنْ أكـون منصفاً ومنـطـقـياً أكـثر فـقـد رأيته محـقاً في نمط تـفـكـيره وأجـدَر! لأنه هـو نـفـسه لم يـذق طعـم الحـرية فـكـيف نطالبه بها في أيامنا الحالية؟ لم يَـرَ شيئاً إسمه الـديمقـراطية فـكـيف نـسأله أنْ يرسمها لـنا عـلى السـبّورة المـدرسية؟ وقـد فاته شيء واحـد أنـنا (أنا، ورفاقه في الشـيوعـية) محـظـوظـون حـين لجأنا إلى هـذا البـلـد الـذي يحـترم حـياة الحـيوانات والكائـنات الـبشرية والقـيم الإنسانية ويحـترم الحـرية الشخـصية، وقـد لا يصـدق صديقي أن أستراليا الرأسمالية تـُـجَـسِّـد الإشـتراكـية أكـثر بكـثير من إشتـراكـية مدّعي الإشتـراكـية!! وليس مثـل الآخـرين الـذين تعـني الإشـتراكـية عـنـدهم ــ لا تموت ولا تشبع ــ والحـرية عـندهم هي كـَـمّ فاه كـل إنسان ويودَع داخـل زنـزانات حـتى يصبح في طيّ الـنسيان، أما هـنا في أستـراليا فعـلينا واجـبات ــ وفـق طاقـتـنا ــ نؤديها برحابة صـدر منقـطع الـنـظـير ولـنا حـقـوق كـلها مدوّنة بنـصوص قانونية نأخـذها مع الـتـقـديـر، ونحـن أناس بُـسطاء لسـنا أولاد الأمير، وأنَّ ــ هـذا مهم ــ الـبعـض عـنـدنا من ((رفاق صديقي العـزيز)) يستـلمون راتـبَـين دون مضايقة أو تأخـير.
ورجـوعاً إلى جـريـدتـنا عـمّا كـلـدايا فـقـد نشرنا في وقـتها قـصصاً من صنع الخـيال أو أساطـير قـديمة زُجَّ فـيها الحـيوان ــ حـتى لا يـزعـل عـلينا إنسان ــ ألـَّـفها الحـكـماء تـدعـو الـبشر إلى تحـسين سـلوكهم وتـفـكـيرهم نحـو الكـمال، فـيها عِـبَـر مفـيـدة تـقـودهم إلى الخـصال الحـميـدة وتـنفعهم لكـل زمان ومكان بصورة أكـيـدة:
(1)
بعـيـر الوالـــــــــــــي
حـدثـني زميل عـن مسرحـية (بعـير الوالي) التي شاهـد عـرضها عـلى خـشبة مسرح بغـداد في فـترة من السبعـينات، نكـتبها بلون قـلمنا لـيـطـلع عـليها قـرّاؤنا لـنعـرف درجة صدقـنا عـند ثرثرتـنا ومدى إيماننا بأي عـمل جـماعي يخـصنا.
يُحكى عـن بعـير مُدلل للوالي كان يجـول ويصول كـيفـما يشاء في حـقـول الأهالي يأكـل ما يشتهي من زروعهم ويتمرغـل أينما تستهـويه مروجهم ولا يـبالي حـتى تطاول فـصار يداعـب ناقاتهم تارة ويغـمز غـزلانهم تارة أخـرى ناسياً أنه بعـير كـبـير لا يليق به مغازلة الريم الرشيقة ولا مداعـبة الجـميلة في الحـديقة من إناث الحـيوانات الأنيقة. ضاق الناس به وتذمروا منه حـتى أجـمعـوا أمرهم يوما ليرفعـوا دعـواهم إلى الوالي يشكـون إليه سوء تـصرّف بعـيره في ديرتهم . ولكن مَن ذا الذي يتـقـدمهم ليكلم الوالي بإسمهم؟ في الـبـدء تشجَّع كلهم فـتـقـدم أحـدهم وقاد مسيرتهم في الطـريق إلى حـيث الوالي وعـددهم يفـوق المائـتين. وقـبـيل منـتـصف الطريق نظر قائـدهم حـوله فـرأى قـسما منهم يعـود أدراجه إلى حـيث قـدِمَ. هـزَّ رأسه وإستمر مع الباقـين مسيرته حـتى برز من بعـيد برج قـلعة الوالي عـندئذ تباطأ عـدد آخـر من المتـظاهرين وبقـوا في مكانهم والآخـرون يواصلون سيرهم. ولما وصلوا مشارف القلعة نظر الزعـيم الشجاع حـوله إندهـش! فجـماعـته الذين أجـمعـوا أمرهم ورفعـوا دعـواهم وإشتـد غـضبهم، تركـوه ولم يـبقَ إلا بضعة منهم وما أن وصل باب القلعة حـتى إستـوقـفه الحـراس برماحهم قائلين: ماذا تريد يا رجل؟ قال لهم: أنا وجـماعـتي نريد مواجهة الوالي في شأن خـطـير عالٍ! قالوا: إنك أنت أمامنا ولكن جماعـتك أين؟ إلـتـفـتَ الرجل كي يشير إلى جماعـته، فلم يـرَ إلا نفسه. لـقـد خـذله أصحابه، فـقال للحـراس: خـوَّلـني أصحابي أن أكـلم الوالي بإسمي وباسمهم وهم الآن ينـتـظرونني عـند مشارف القلعة وما بعـدها عـلى الطريق.
سأله الحـراس: ولماذا لم يصطحـبوك إلى باب القلعة؟ قال: كي لا يُساء فهمهم ويُـفـَسَّر موكـبهم بقافلة تـثير حـول القلعة غـبارهم. ولما أذِن له وصار في حـضرة الوالي، سأله: ما الذي جاء بك إليَّ يا هـذا؟ قال الرجل المقـدام: يا حـضرة الوالي ، إن بعـيركم صار يرعى في حـقـولنا و...! فـقاطعه الوالي فـورا قائلا: وهل من مانع يمنع عـزيز الوالي (البعـير) من حـرِّيته؟ قال الشجاع: كلا يا مولاي إنما نحـن نـراه وحـده فـنحـزن له ولا رفـيقة عـنـده! وعـلينا أن نجـتهد لـنخـطب ناقة له ، تـزيل عـنه هـمومه وتـعـوِّضه وحـدته وتوفّـيه حاجـته، فـما رأي فخامتـكم في طلبنا لـلـتـرفـيه عـنه؟ قال الوالي: بارك الله فـيكم جميعاً وهـذه مئة ناقة مكرمة لك ولبعـيري واحـدة. ولما رجع الرجل والـ 101 ناقة معه سأله أصحابه الـذين تركـوه عـما جـرى بـين الوالي وبـينه، أخـبرهم بالحـقـيقة فـقالوا له: أليس من العـدالة أن تشاركـنا فـيما وهـبك ؟ قال لهم: أما كان الأجـدر لو شاركـتموني في حـضوري أمام الوالي؟ قالوا له: ولكـنك قـلتَ للـوالي أن الـبعـير يريد ناقة! ولم تـقـل دمَّـر حـقـولنا ونحـن رعـيته جـميعـنا! قال: خـذلـتموني وتركـتموني وحـيداً أمام الباب العالي وتريدون مشاركـتي في مكـرمة الوالي؟ أتريدونـني أكـلمه عـن شكـواكم وتذمُّركم كي يعاقـبني عـوضا عـنكم؟ أما كان الأصح لو رافـقـتموني كي تشاركـوني؟ فـمنذ الآن لن أتـكئ عـلى جـداركم كي لا ينهار بي وأموت تحـت أنقاضكم!! دام الوالي عـزيزا وأنا مُكـرَّما وليخـذل المتخاذلون.
(2)
صاحـب الناقة والوالــــــــــــــــي
البابلي في حـــضرة الوالي يـسأله ماذا عـن الأحـــــــــــــــــــــوال
رد عـليه الصدى بالإجـمال (ياذيب ليش تعَـوي؟ حالك مثل حالي)
يحكى أن رجلاً من ديار بابل ضاعـت ناقـته النزيلة، وهـو في طريقه إلى تل الكهف في حـلب الجـميلة. سأل عـنها الكـثير وأمله وفـير وبعـد عـناء مرير رآها عـند إعـرابي من أهـل الشام كان قـد لـقـيَها تائهة فإمتـلكها. جاء الرجل إلى الإعـرابي فـسلم عـليه وطبع قـبلة على كـتـفـيه، وإسترسل الحـديث معه ثم قال له: يا أخا العـرب لـقـد ضاعـت مني ناقـتي، كانت مُسَـليتي فأخـذتْ معها مهجـتي، تعـبتُ في البحـث عـنها ولم أجدها وبعـد جـهد مليل شاهدتُ مطلعـكَ الجـميل توسمتُ فـيك الخـليل أراك من أهل الشيمة والكـرم لا تقـبل الضيم وترد الذمم، كل الشهامة منك والأصالة فـيك، ومقـدما أشكرك لأقـول لك ها هي ناقـتي عـندك! فـقال الإعـرابي: يا أخي في أرض القـبـيلة، لـقـد أكرمْـتـني بكـلماتك النبـيلة وأغـرقـتـني بعـباراتك الهديلة، صدقـتَ فـيما قـلت إلا في الأخـيرة! أعـندك غـيرها بديلة ، فهذا جـمَلي وليس ناقـتك الهزيلة. قال الرجل: هلا نظرتَ أسفلها لترى ضرعها وحلمتيها؟ قال الإعـرابي: نظرتُ وحـمدتُ، فـلـقـد مَنَّ الله عـلي بجـمل ذي ذكـرَين، فـشكـرتُ .
إحـتار الرجل الـبابـليُّ في أمره وفـقـدَ وجه الصواب في الإعـرابي وسذاجـته، ولما كان غـريـبا لم يجـد بدَّاً إلا أن يكـون أديـباً فـيعـرض أمره على الوالي لبـيـباً. فـقال للإعـرابي: أتـقـبل بقـضاء والي الشام فـنـذهـب إليه كِـلانا بسلام؟ رد عـليه الإعـرابي فـورا: نعـم والله إنه والينا، شيخ عـلينا معـلمنا وراعـينا، وهـو سـيِّـد الـقـوم وأبونا، نقـدم له الغـلة من زرعـنا والـعُـشـرَ من مدخـولنا ، وكل يوم نصلي ونـطـلب له عـمراً طـويلاً ونعـطي له ما بأيدينا ، نقـبِّل يده بشفاهـنا وهـو يرد لكـرَمنا عـناقاً وبَوساً عـلى خـدنا، يربـتُ عـلى ظهـرنا ويكـثره عـلى من يتـصف باللطافة بـينـنا، وعـليه فأنا أقـبل بقـضائه لـنا فإليه هـيا بنا. ولما وصلا إليه سلما عـليه ردَّ عـليهما السلام والغـمة فـيه، سألاه: ما بك يا مولانا ؟ قال: نُـزعَـتْ عـني حمامتي وشاية، كانت ترف جـناحـيها فـتهفُّ لي صيفا وتجاورني بريشها فـتـدفـئني شتاءا، تدغـدغـني بمنقارها فأنتشي بها ليلا، ومن شدة حـزني، نفـضتُ عـباءتي فـلحـقـتْ بها رفـيقاتها، وتركـتْ أعـشاشها، فـنـثرتُ وراءها من الشعـير بعـض حـبات وإتخـذتُ من العـش محـرابي وقـلعـتي، وقـلت لنفسي: يا ليت شعـري هل أبـيتن ليلة بعُـشِّ الدجى إني إذاً لـزهـيد وسعـيـد، وأتركُ الموتى يدفـنون موتاهم (ساذج وبلـيدُ). إستغـرب البابلي من إستـناحة الوالي وحسَـبَه مهووسا في كـلماته، فـقال له: يا مولانا إن الحـمامات في أعـشاشها ساكـنات، فـما الذي جاء بها إليك لتمنحـك الدفء والـدغـدغات؟ ( وقـلب البابلي يقسم بالكائنات: هـذا النحـيب ودموع التماسيح شبـيهات)!.
أجاب الوالي: إن الحـمامات الوديعات لا تطمئن إلا عـند الولاة. ولِمَ الريـبة! أما يُحكى عـن سليمان كان يناغي الطير وهي جُـثـَّمٌ راغـبات؟ ثم أردف: حـلـلـتما أهلا ونزلـتما سهلاً وأقـضي لكما إذا طلـبتما أمراً. حكى البابلي قـصته وأفـضى للوالي أمره. ثم تـقـدم الإعـرابي وقال: هـذا جـملي يا طويل العـمر وأنت مولاي مدى الدهـر، والبابلي يحاججـني في الأمر ويقـول عـن جـملي أنه ناقـته ، فإقـضِ بـينـنا أدامك الله والينا لـنا وله. فـلما تـفحَّـصَ الوالي العـلة قال: إنه جملك أيها الشامي، خـذه وإذهـب في طريقك إنه لك. فـقـبَّل الإعـرابي يد الوالي ثم خـرج. ولما رأى الرجل في الوالي الخَـصْمَ والحَكَمَ سكـت ولله أمره سلـَّم، وعـندئذ بالخـروج هَـمَّ. وهـنا إستوقـفه الوالي سائلا إياه: كم ثمن ناقـتك؟ قال الرجل ألف درهم حـفـظك الله. فأمر أن يُعـطى له ألف درهم وبعـض زيادة . تعـجـب الرجل البابلي وقال: ما هـذا يا مولاي؟ قال الوالي: تلك كانت ناقـتك وهـذا ثمنها وبعـض الزيادة لك! فاستغـرب الرجل وقال: إن كـنتَ تـقـرُّ بأنها خاصتي ، فلماذا قـضيتَ وأعـطـيتَ له ناقـتي؟ أجاب الوالي وقال: بسذاجة هـذا الخـبل وأمثاله الذين لا يفـرقـون بـين الناقة والجمل، أصبحـتُ أنا واليهم وسأبقى راعـيهم طِوال الـزمن المقـبل، أتريدني أن أعَـلِّمه ليستـنير عـقله، وغـدا تـُعـرَفُ حـقـيقـتي عـنده، فأفـقـد ولاءه ولن يفـتح لي صرَّته، وأخسر الـعُـشـرَ والغلات، كـنزي في الحـياة والممات؟ أما أنت فإنك واحد بذكائك، لا تهمني طاعـتك، ولا يقلقـني دهاؤك، طالما أنت بعـيد ولا أقـبل بإقـترابك، وإلا فستـكشف حـيلتي وتدرك خـدعـتي وتـنزع عـني عـباءتي. قال له البابلي: يعـرف الناس بأنك هـيطل ، يوم نفـضتَ العـباءة يا ذابل، إبتسمَ الوالي وقال يا عاقـل، كـبـيرهم في مجلسي غافـل، وكل مَن في المجلس أهـبل، أحسبهم كالأصنام ولا أخجل. هـزَّ البابلي رأسه الناجل، والدرهم الحـرام في يـده يقـول : أفـتخـرُ ! مدينـتي بابل، أجاهـر بالحق ولا أمهل ، الثعـلب في الغابة ماكـر، وجلده في الأسواق وافـر، والشاري في فـلوسه زاخـر، ومن يعـيش بالحـيلة يموت بالفـقـر. فالفـقـر ليس دائماً بالمال بل تـراه في الخـُـلق والخـصال .