الامير شهريار (داينمو الموقع)
البلد : مزاجي : الجنس : عدد المساهمات : 9732 تاريخ التسجيل : 07/07/2011 الموقع : في قلب بلدي الحبيب العمل/الترفيه : السياحة والسفر
| موضوع: ذكرياتي في رحاب الكنيسة -الحلقة الأولى- 4/10/2013, 7:16 am | |
| Oct 03, 2013
ذكرياتي في رحاب الكنيسة -الحلقة الأولى-
بقـلم: مايكل سيـﭘـي سدني
المقـدّمة:
إذا كـتب غـيري وصفاً لموكـبه في رحاب الكـنيسة والطخـسـيّات، فإنه سيتـفـوّق عـليّ إيضاحاً وبلاغة للمواقـف والأحـداث والمشاركات، بالإضافة إلى النشاطات والكـفاءات، لماذا؟ لأن للشمامسة مرتبات وليس لي حـتى أدناها من الدرجات. ولكـنـني ومن موقـعي المتواضع سأكـتب هـنا عـن ذكـرياتي التي تخـصّـني والعالقة في ذهـني في أروقة المقـدسات، قـد يرى فـيها القارىء بعـضاً من المبالغات إلاّ أنها ليست بعـيدة عـن الحـقـيقات. أما الرسامة فـكان قـد عـرضها عـليّ الأب الراحـل فـليب هـيلاي عام 1967 في بغـداد وبحـضور زميل ألقـوشي هـو المهـندس يوسف حـنا شميكا لأنخـرط مع مجـموعة كي يُرسَمون شمامسة (قارويـيه) فـرفـضتُ، وفي وقـتها ظنّ زميلي بأنـني غـير راض بهـذه الدرجة البسيطة إلاّ بالدرجة الأعـلى (هـوﭘـَـثــْيـَـقــْـنا) فـقال لي: لابد من هـذه الـ سياميذا الأولى أولاً ثم تـُمنح الثانية! فـقـلتُ له: أنا لا أريد الرسامة أياً كانت درجـتها (لأن في رأيي الرسامة ليستْ مظهـراً أو كـشـخة وإنما هي إلتـزام أدبيّ مع الذات قـد يصعـب عـليّ يوماً أن أفيَ حَـقــّها). كـما عـرضها عـلي ثانية الأب فـيليب نجـم عام 1997 في أثـينا (قارويا + هـوﭘـَـثــْيـَـقــْـنا) في آن واحـد من يـد سيادة المطران إبراهـيم إبراهـيم مع مجـموعة أخـرى من خـدام الكـنيسة فـرفـضتُ. أما في أوائل عام 2007 وفي زيارته المباركة لدارنا فـقـد سألني سيادة المطران جـبرائيل كـسّاب الكليّ الوقار وبحـضور الشماسَين جـورج ديشو والمرحـوم لويس منصور عـن سبب عـدم إقـتبالي الرسامة إلى الآن؟ فأجـبتـُه بأنـني أرى نفسي غـير مستحـق هـذا الوسام الكـنـَسي، فـردّ عـلي بتعـبير القائد المتواضع قائلاً: ومَن منـّا مستحـق ذلك؟ وردّد صلاة قـصيرة باللغة الكـلدانية من بين الصلوات التي تـُـتـلى عـلى الشماس أثـناء رسامته، تعـني ما ذهـب إليه من تعـبـير التواضع، وعـنـد ورسامة وجـبة من الشمامسة في سـدني عـرض الموضوع عـليّ مرة أخـرى فـرفـضتُ.
الديـباجة:
يسُـرني أن أكـتب معـبّراً عـن رأيي وأنا في ساحة الأمواج الصوتية، متفـرّجاً من مدرّجات الصـفـوف الخـلفـية العالية، لا مِـن منابر البعـض سيقانهم بالية. إني أرى لـَمّـاتـَهم ما هي بالجامعة، تعـزف سيمفـونية (نوتــَـتــُها) ما هي بالنافـعة بل أشـبه بالزوبعة، قـيثارة تـقـرقـع أصواتها، رنـّـتها لا تشبه النواقـيـس القارعة، تــُـنــَـقــْـنِـقُ أهازيجَ التشفــّع ليست هي بالشافـعة، تــُسمِعـنا مقامات شلاّلات ليستْ هي دامعة بل نائعة، أتـّانها شاخـتْ بها السنون ولم تـعـد مُقــْـنِعة بل خانعة، تـُمرّغ أنفـها بنفـسها فـوق رمالها الموحِـلة راكـعة. ليس فـقـط قـلوبها لا تراها خاشعة، بل تجـعـل حـفـلتـنا فاجـعة! وتحجـب زقـزقة الكـناريّ الشائعة، تلك القـلوب داكـنة حـيطانها المانعة، إنْ وُخِـزَتْ بمهـماز! وخـْـزاتــُه رادعة، سَـتـَراها (وحـقّ مَن قال أنا الحـقّ)! تـقـفـز كـقـفـزة الضفـدعة، فـتسقـط عـلى الأرض كجُـثـة واقـعة، وتـقـدَح كأنها يراعة، مَن ذا الذي يُسـعـف أضلاعها المائعة؟ غـير مَن يمتلك أناملاً ضالعة في الصـَّبا يوم كانت شفاهه راضعة؟ إنْ أصْـغـَـيتَ إليه! تــَسمَعُه في ساحة المبتهـلين الشاسـعة، يحـلـّـق في سـماوات الرّاست كـصقـرة بارعة، يـدخـّـن السيـﮕاه من تـبوغ نابعة من أم القـرى جـدّتـنا الشابة اليافـعة، يرتشف النوى مِـن كـؤوس صخـور الهـرمز القـرمزية اللامعة، نرتشف القـهـوة من دلاّت أبونا إبراهـيم الوديعة القادم من أور الكـلـدانية الرائعة، فـهـل مِن مُـنازل في مَيدان الحـجاز للمصارعة؟ في نهار البـيات شِـئـتَ أم في ليال العـرَبوني تحـت أشـعة شموسنا الساطعة؟ قـم أيها الناحـوم مـزّق الأكـفان في داركَ القابعة، أنـتَ وشاحٌ، هـويّة، صولجانٌ، لكل جـنديّ يقاتل برمحه، لا بـ شارة فــُرَيسان مُصـنــّعة، واحـكي لنا من قـصص الأجـداد فـنحـن عـطاشى لجـرعة من مياه الصهاريج الفارعة.
ملاحـظة:
سأكـتب هـنا ذكـرياتي في الكـنيسة، تلك التي بقـيتْ عالقة في ذهـني منذ طفـولتي في كـركـوك وإلى ما تمتـد إليه الـذاكـرة من الأحـداث المـتزاحـمة عـلى الطريق والمواقـف المـتلاطـمة فـوق الرصيف وإلى ما إستطعـتُ إليه سبـيلا. قـد يظهـر في كتابتي، إخـتصار، تفـصيلٌ مُـمِـلّ، مبالغة، نسـيانٌ، وأيضاً خـطأ ، فأرجـو غـفـرانكـم مسبقاً فالقـلم ليس مُصاناً من الزلاّت مثـلما الإنسان ليس معـصوماً من الخـطيئات.
في كركوك ذكـريات الطفـولة العـميقة:
أرى نفـسي وأنا أرتمي إلى أحـضان والـدتي وهي متــّـكـئة عـلى سياج في الطابق الثاني من منزلنا وأنا واثـق من أن عـمري كان أقـل من ثلاث سنين ولكـني لا أدري كـمْ؟ إلاّ أنـني أتـذكـّر جـيـداً وعـمري ثلاث سـنين مؤكـّدة. أما يوم كـنت طفـلا في الرابعة أو نحـوها، ترتسم في مخـيّـلتي وأنا بصحـبة والدي، نارٌ مشتعـلة من حـشائش وأدغال في إناء واسع وسط جـمع غـفـير من الناس في صالة كـبيرة، ولما كـبرْتُ عـلمتُ أن ذلك كان طقـوساً لقـدّاس عـيد الميلاد في كـنيسة القـلعة حـيث وُلـدْتُ (سابقاً كـنيسة المطرانخانة في كـركـوك). وقـد إستطـعـتُ البحـث في أشرطة مسجّـلة بين ثـنايا خـلايا ذكـرياتي العـميقة فـرأيتُ نفـسي في مشاهـد من صباح أحـد الأيام منهـمكاً في شـُرب قـدح شاي بملابسي الجـديدة كادتْ أن تكـون حـلماً فـعـلاً لولا إدراكي في الكِـبَر أن تلك كانت لحـظات سبقـتْ مغادرتي الدار مع والـديَّ وإخـواتي صباح العـيد إلى الكـنيسة وأنا في حـوالي الخامسة من العـمر. وبمرور الأيام إنـتعـشتْ مقـدرتي في تذكـّر الأحـداث الغائرة من حـياة صِـبايَ، فـها أنا في سنة 1955 أو قـبلها بقـليل أرى نفـسي مع والدتي وعَـيناي مركـّزة عـلى لوحة بيضاء متدلـّية من سقـف تظهـر عـليها صوَر متحـركة لصبيّ جالس في دلو عـند حافة بئر مُحاط بجـمْع من الرجال بعـد أن سُحـب بحـبل من عـمق البئر، ولما نضجْـتُ عـلمتُ انّ ذلك كان فـيلماً لقـصة يوسف إبن يعـقـوب (يوسـﭗ مصرايا) يُعـرض عـلى الشاشة في هـيكل كـنيسة مار يوسف/ كـركـوك.
بدايات تعَـلـّم أسس التربية الدينية:
ثم تمضي السنون إلى 1956 أو بعـدها لأرى نفـسي في هـيكـل كـنيسة مار يوسف مرة أخـرى والمرحـوم الأب يوسف زورا يقـرأ أسماء الطلاب ودرجاتهـم فـعـلمتُ بعـد ذلك أنني كـنتُ أحـضر دروساً في التعـليم المسيحي وتلك كانت درجاتـنا في مادة الدين لـتسجـيـلها في وثيقـتـنا المدرسية، فـلـَم يكـن هـناك تدريس للتربية الدينية المسيحـية في المدارس الحـكـومية في كـركـوك.
التـناول الأول:
أما في عام 1957 فالذاكـرة قـوية عـند حـضوري دروس التحـضير للتـناول الأول للقـربان المقـدّس في الكـنيسة نفـسها، وأحـد الموسيقـيّـين في القاعة وهـو يسجـل النوتة الموسيقـية في ورقة يسندها عـلى الأوكـورديون حـين كان يستـمع إلى معـلمتـنا (ماسير) تــُرَتـّـل أمامه أناشيد التـناول المقـدّس لكي يرافـقـنا بموسيقاه ونحـن مرنـّمين (قـد أتى اليوم الذي... قـد شبع الجـنان... هـلمّ هـلمّ سواريف ربّي... إنـني اليوم جـئـتُ أجـدّد... حـبـكِ يا مريم... إليك الورد يا مريم... اليوم كُنتُ راكـعاً...) وكـنتُ قـد حـفـظتُ الكـتيب الخاص بتلك المناسبة المقـدسة باللغة العـربية بصلواته وأناشيده عـن ظهـر قـلبي. وأتذكـّر لحـظات تـناولي جـسد المسيح من يد مطران لا أعـرفه إسمه الآن ولا زلتُ أحـتفـظ بصورة تـُحْـيي تلك اللحـظات. ولما خـرجـنا من الهـيكـل بموكـب نحـو غـرفة في ساحة الكـنيسة لنـتجـمّع فـيها، إزدحم الناس عـند مدخـلها لإستـلام أطفالهم فـحـملني الأب يوسف وسلـّمني إلى والدي. وبخـصوص الأناشـيد التـناولية أقـول إنـني بعـد مرور أكـثر من عـشرة أعـوام وما تلاها من سـنين وإنـتقالي إلى بغـداد وممارستي الفـروض الدينية في كـنائسها، حـضرْتُ مرات كـثيرة القـداديس الإحـتفالية لأطفال التـناول الأول، كـنتُ أسـتمع بأسف، لا بل بألم إلى المتـناولين وهـم يرتـّـلون تلك الألحان نفـسها باللغة العـربية وقـد زاغـوا عـن أصالتها، والسبب يعـود إلى شباب تعـلـّموا خـطأً فـيـُعـلـّمون بالخـطأ. فـفي كـنائسنا الكـثيرة والمنـتشرة في بلدان المعـمورة، سُـلـّمَتْ مسؤولية التعـليم هـذه إلى شباب (فـتيان وفـتيات) قـليلي الكـفاءة وهُـم يَسْـتــَـقــْـوَوْن بالآباء الأفاضل لأسباب أجـهـلها، ويرفـضون تصحـيح الخـطأ ممن يُجـيدونه. ولو كان لدينا تدوين لأناشيدنا بالنوتة الموسيقـية لأنقـذ تراثـنا وأصبح مرجـعاً للمعـلمين الذين لا يجـيدون أصالتها، فلا يزيغـون عـنها. [[وحـين أكـتب عـن إعـتزازي بصورتي لحـظة المطران المرحـوم وهـو يُـناولني بـيديه الـﭘـرشانة (القـربان المقـدس) لأول مرة في كركوك، وصوَر مماثـلة إلتـقـطـتــُها بكامرتي الخاصة لثلاثة من أبنائي في بغـداد من يد المرحـوم الـﭘاطريرك مار روفائيل بـيداويذ، أقـول إنني أتـذكـّر بألم إبنـتي الصغـيرة وهي تـتـناول القـربان المقـدس للمرة الأولى في كانون الثاني – 2000 في كـنيسة مار توما الرسول الكاثوليكـية للكـلـدان في سـدني، حـين ضاعـت منها الفـرصة ولم تحـصل عـلى صورة مماثـلة من يد كاهـن كلداني بسيط في أستراليا وذلك بسبب عـنجـهـيته وعـجـرفـته]] والقـصة ستأتي في وقـتها.
رنة الجـرس أمنيتي الطفـولية:
ومع عائلتي كـنتُ أواظب عـلى حـضور أمسيات الشهـر المريمي في شهـر أيار من عام 1957 في كـنيسة مريم العـذراء للإستماع والمشاركة في الصلوات، وأنا إبن ثمان سـنين حـين لم يكن هـمّي أكـثر من أن أمسك بيدي الجـرس كي أطرقه وأنبّه المصلين عـند نهاية كل سلام ملائكي عاشر، فـكـنـت أتسابق للوصول إلى الكـنيسة قـبل غـيري وأقـترب من المذبح وألتقـط الجـرس بـيدي، وأحـزن حـين كان يسبـقـني أحـدهـم في تلك المنافـسة الطفـولية، هـذه كانـت ذكـرياتي الكـركـوكـية في خـطواتي الشروعـية الكـَـنــَسية.الـوحـدة المسيـحـية هي تلك التي أرادها الرب يسوع المسيح (له المجد ) وما عـداها فـهي لـقاءات لأكل القوزي والتشريب والسمك المزگوف وترس البطون من غير فائدة
أقبح الأشياء أن يصبح كل شئ في الحياة جميل!! @@@@ ولا تحدثني عن الحب فدعني أجربه بنفسي @@@@ ليس بالضرورة ما أكتبه يعكس حياتي..الشخصية هي في النهاية مجرد رؤيه لأفكاري..!! | |
|