الامير شهريار (داينمو الموقع)
البلد : مزاجي : الجنس : عدد المساهمات : 9593 تاريخ التسجيل : 07/07/2011 الموقع : في قلب بلدي الحبيب العمل/الترفيه : السياحة والسفر
| موضوع: رسالتي الثالثة الى راعي الكنيسة الكلدانية/ د. صباح قيّا 16/10/2013, 7:32 am | |
| 15/10/2013
رسالتي الثالثة الى راعي الكنيسة الكلدانية د. صباح قيّا
في العام الأول من سبعينات القرن الماضي وضمن النشاط الثقافي الأسبوعي لأخوية الشباب الجامعي المسيحي التي كنت احد اعضائها ، خطرت لي فكرة تقديم محاضرة عن الهجرة والتي كانت محدودة نوعا ما ذلك الوقت وربما اقتصرت على فئة معينة او اكثر من ابناء شعبنا المسيحي . وبالفعل قدمتها بعنوان " الهجرة والأغتراب " . حاولت فيها جاهدا وبحسب امكانياتي وخبرتي في تلك المرحلة الشبابية المبكرة ان اقنع بعض شباب الأخوية المتحمس للهجرة , التي كنت انا من اشد المعارضين لها ، بالعدول عنها . ولكن ... كانت خيبة ظنّي كبيرة من خلال المداخلات ومن ثم المناقشات التي تواصلت حتى بعد انتهاء الوقت المخصص لها . لم يغير حزني وأسفي من واقع الأمر ، واستمر احبائي تباعا بمغادرة البلد الى ديار المهجر.
كيف كان الموقف ، بصورة عامة ، من الهجرة ؟ بعد اقل من عشر سنوات على محاضرتي ، حضرتْ الى دار احد معارفي امرأة من رعيتنا تطلب يد ابنته لأخيها المستقر في ديترويت . بدأت تستعرض محاسنه وانجازاته والحالة المادية التي وصل اليها والمستوى الاجتماعي الذي هو فيه .. ووووووو... وبعد كل هذه الواوات ، قاطعها الرجل الوقور قائلا : " دعيني اقتنع بامريكا اولآ و بعد ذلك نتحدث عن موضوع اخيك " .... كل هذا تغير جذريا بعد الظروف الشاقة والحصار القاسي ، فأضحت امريكا ودول الغربة هي الهدف ، وليأت منها اي من كان ولأي فتاة . وفي حوار مع زميل لي يخطط لتهريب ولديه خارج الحدود أبان منع السفر لحملة الشهادات الهندسية والمجموعة الطبية , سألته عن شعوره عندما يفترق عنه ولداه ؟ أجابني بثقة : " سعادته من راحة ولديه " . نعم ... كم هي رائعة هذه الجملة " سعادة الاباء من راحة فلذات أكبادهم " .... رغم ذلك بقيت متشبثا بموقفي .
ثم جاء الأجتياح الأجنبي .. ارى زملائي ... يسقط الواحد تلو الاخر .. هذا يقتل .. وذلك يختطف .. واخر يساوم على ابنه .. ورابع يهدد على منصبه ، وغيرهم يسلب بعقر داره .. كل عالم مستهدف وكل عليم مسثضعف . الشارع ملك الرعاع والعقلاء مذعورون . السلطة لشداد الافاق والحكماء مهمشون . وعلى حين غرة دخلت الطائفية المقيتة على الخط فكانت كنائسنا اولى ضحاياها .
لعب الحظ دوره ، فغادرت بلدي الحبيب على امل العودة اليه بعد عام . احوال الوطن تسوء يوما بعد اخر ، ونصائح عدم العودة تصلني بالحاح . مواكب الشهداء من الابرياء تزداد , وأشلاء المغدورين تتهاوى على مذبح الأخيار وباستمرار . لقيت نفسي مهاجرا الى حيث انا الان . اسأل نفسي بين الفينة والاخرى : هل كنت محقا في موقفي آنذاك ام واهما ؟ أعود الى المقولة الرائعة للبابا الراحل يوحنا الثالث والعشرون : " ألتاريخ هو معلم الحياة " . لأستعرض معكم بعض الحقائق التي عاصرتها شخصيا : ...
أقرأ في الموصل الحدباء بعد الرابع عشر من تموز 1958 لافتات هنا وهناك تهدد وتدعونا الى الرحيل فورا والا سنلقى مصيرا مظلما بل اسودا داكنا . ثم بدأ مسلسل الغدر والاغتيالات يطال اابناء شعبنا بدون تمييز ... قالوا عنا مشركين كفرة ، ملحدين شيوعيين . هل كان هؤلاء سلفيين ارهابيين ام اسلاميين سياسيين ؟ كلا ... أعلنو انفسهم قوميين وحدويين . يا للعجب ؟ اذن لماذا فعلوا ذلك بالمسيحيين ؟ ... شد الكثير الرحال الى منطقة آمنة داخل الوطن الغالي .. وبذا حصلت الهجرة القسرية الأولى ... اسالوا من سكن منهم منطقة الغدير في بغداد لمزيد من الوقائع المؤلمة .
وبعدها ... و بغفلة من الزمن ، خرج من غربال الخيانة من جلس على كرسي الرئاسة لسنوات . نحمد الرب انها كانت قصيرة .. لم ترق له الأسماء حنّا ، توما ، ميخا , بطرس ، وكل ما يمت الى الرسل والقديسين بصلة . اسرع الموت اليه قبل ان يسعد بما في عقله المريض رحمه الله . هل كان اسلاميا متطرفا ؟ كلا .. ايضا ادعى انه قومي وحدوي ... هل نسي ام تناسى بان قياديي اكثر من حزب قومي وحدوي من المسيحيين .. اذن أحوالنا حسب مزاج حكامنا .. هذه هي النكاية الاولى .
ولسوء حظنا ، هرب طيار من شعبنا بطائرته المقاتلة الى دولة اسرائيل . صحيح أن خيابة الوطن مرفوضة رفضا باتا مهما كانت اسبابها ودوافعها وحججها , ولكن .. كم من غير المسيحيين من سلك درب الخيانة قبله وبعده ؟ لماذا دفع الطيارون الكفاة من شعبنا ثمن فعلته وسرح معظمهم , ان لم يكن جميعهم . كما أقفلت امام شبابنا ابواب الانخراط الى هذا السلك الحيوي لفترة غير وجيزة . هل كان مهندسو هذا الأجراء اسلاميين متعصبين ؟ كلا .. صرحوا انهم قوميون وطنيون .. هذه هي النكاية الثانية .
هل سمع احد منكم او يعرف ضابطا من ابناء شعبنا في الصنف الحربي برتبة لواء ركن أو بدون ركن ؟ هل سألتم أنفسكم لم لا يرقى الضابط الحربي المسيحي او المندائي الى هذه الرتبة ؟ ألجواب بسيط جدا ... لأن ذلك يتعارض مع ما ورد في كتابهم .. هل كان الملوك والرؤساء منذ تشكيل الدولة العراقية والى عام 2003 مذهبيين طائفيين ؟ كلا.. اعتقدناهم وطنيين , ثم علمانيين , وأخيرا دينيين غير متدينيين ... هذه هي النكاية الثالثة .
ما ورد اعلاه هو البعض وليس الكل ... ورغم ذلك بقيت صامدا ... لن اغوص في تداعيات ما يحصل اليوم في بلادي الحبيبة ... معروفة تفاصيلها للجميع , المرئية منها والمستورة . كل ما استطيعه هو : أن استمر في رفع صلواتي ودعواتي لمن لا يزال قانعا ببقائه في موطن اجدادي ومن ضمنهم اخي والكثير من أقربائي وأصدقائي .
أعترف بأني لم أكن مخيرا ابدا في غربتي ، ولم افكر لحظة واحدة ان يكون البلد الذي انا اليوم فيه موطن هجرتي . ورغم أن الهجرة ، اساسا ، ليست قناعتي ، الا انها اضحت واقع ساعتي .... أفكر بالعودة .. وحتما من ترعرع من افراد عائلتي هنا سوف يرفض مرافقة رحلتي ... أنه ابن هذا الوطن وغريب عن وطن ابيه ... قد افلح في اقناع من كان يملك بعض النضج قبل الرحيل الى هنا .. ولكني متيقن انه لن يصبر هناك وسيعود مع اول طائرة ..... سوف لن يستسيغ نمط النظام واسلوب الحياة بعد ان تشبع بنعيم الحرية في وطنه الجديد ....ٍسأظل بعدها وحيدا .. ساسعد في البدء بعودتي ولقاء أحبتي .. ساعود بسهولة الى عملي .. وحتى لو تعذر ذلك استطيع أن اعتاش من ممارسة مهنتي . ولكن .. بعد حين سيدب السأم في نفسي , ويداهمني الملل ويعكر الشعور بالوحدة والاشتياق الى عائلتي اركان سعادتي .. سالتفت يمينا ويسارا عند مرضي ملتمسا رفقة زوجتي وحنان ابنتي .. سأقرر حينها العودة وأبدأ بحزم امتعتي صوب عائلتي .. فوطني أهلي " وحيثما أهلي هنالك وطني " .الـوحـدة المسيـحـية هي تلك التي أرادها الرب يسوع المسيح (له المجد ) وما عـداها فـهي لـقاءات لأكل القوزي والتشريب والسمك المزگوف وترس البطون من غير فائدة
أقبح الأشياء أن يصبح كل شئ في الحياة جميل!! @@@@ ولا تحدثني عن الحب فدعني أجربه بنفسي @@@@ ليس بالضرورة ما أكتبه يعكس حياتي..الشخصية هي في النهاية مجرد رؤيه لأفكاري..!! | |
|