الامير شهريار (داينمو الموقع)
البلد : مزاجي : الجنس : عدد المساهمات : 9594 تاريخ التسجيل : 07/07/2011 الموقع : في قلب بلدي الحبيب العمل/الترفيه : السياحة والسفر
| موضوع: ألمشاركات الرمضانية ليست فرائضَ صيامية / بقلم : د . صباح قيّا 30/6/2016, 1:34 am | |
| بقلم : د . صباح قيّا
في نهاية ستينات القرن الماضي ولم يكن قد مضى على بدء حياتي المهنية سوى بضعة أشهر , كلفت بمرافقة القطعات العسكرية العراقية من بغداد إلى محافظة السويداء السورية حيث مقر القيادة المشتركة للجبهة الشرقية المتشكلة آنذاك ً من ممثلين عن الجيشين الأردني والعراقي مع ضباط إرتباط من الجيش المصري . ورغم كون المهمة المناطة لي رسمياً تحتم عودتي مباشرة بعد إيصال الرتل العراقي , إلا أن القيادة أوعزت ببقائي لحين تنسيب ضابط طبيب بديلاً لي .... بصراحة , سررت بهذا القرار حيث سيتسنى لي خلال وجودي هناك من السفر إلى دمشق والتمتع بأسواقها وتذوق طعامها , وهذا ما حصل ولعدة مرات .... صادف حلول شهر رمضان المبارك عند الأخوة المسلمين .. أخبرني رئيس لجنة مطعم الضباط والذي كان أحد الضباط الأردنيين ضمن القيادة بأن السيد قائد القيادة المشتركة أمر بغلق المطعم خلال الشهر , ولكن يظل مفتوحاً للطبيب فقط ولثلاث وجبات حيث كنت الضابط المسيحي الوحيد بينهم . ومن الجدير بالذكر أن السيد القائد من أهالي الموصل ويحمل رتبة فريق ركن حينها ... أعجبتني الإلتفاتة العادلة من لدنه فكان قراري , كتعبير عن امتناني لذلك , بأني سأكتفي بتناول وجبة الفطور بين الساعة العاشرة والحادية عشر صباحاً , ثم أشاركهم جميعاً طعام الإفطار في موعده المحدد .... إنتبه القائد لوجودي بينهم فأوعز لإعلامي بأني لست ملزماً بتواجدي في المطعم خلال فترة الإفطار , وأن الأمر الذي أصدره بهذا الخصوص لكافة الضباط لا يشملني .... نقلت له أنها رغبتي الشخصية وحضوري محض إرادتي ...
تكرر المشهد بعد عامين في إحدى قصبات كردستان الجميلة ... مع الفارق انني لم أكن وحيداً هذه المرة , بل كان معي عدد لا بأس به من الضباط الأطباء المسيحيين ممن يؤدي خدمة الإحتياط وقتذاك .... كان قرارنا الجماعي بالمشاركة في تناول وجبة الإفطار مع زملائنا الآخرين تقديراً لموقفهم المنطقي بإبقاء المطعم مسموحاً لنا خلال وقت صومهم .
لا بد من الذكر أيضاً بأني , وبحكم موقعي الوظيفي , قد دُعيت وحضرت العشرات من مآدب الإفطار في أماكن مختلفة من أرض الوطن . وكلمة الحق يجب أن تقال , باني لم ألاقي من الجميع غير الترحاب والإستقبال الحار , ولم أصادف أن واجهت سلوكاً أو لاحظت امتعاضاً أو سمعت كلمة من أي كان تشير إلى مشاعر غير صادقة تجاه مشاركتي وجبة إفطارهم ..... لا أعتقد أن هنالك غرابة في ذلك حيث هكذا كانت العلاقات حينذاك , بصورة عامة , بين الأطياف المختلفة لشعبنا العراقي وحتى مع بسطاء الناس منه ....
يتبادر الآن السؤال التالي : هل تعتبر مشاركتي وجبة الإفطار فريضة صيامية ؟ , أي بمعنى آخر : هل الجلوس على مائدة الإفطار وتناول مِن ما عليها من طعام يعني أنني صائم معهم وحالي حالهم ؟ ... من السذاجة الإجابة بنعم على هذا السؤال ... ففريضة صيام رمضان لا تقتصر على الشهي من المأكولات في فترة الإفطار , بل هنالك وجبة السحور , وأيضاً وجوب ممارسة الصلاة الرمضانية , بالإضافة إلى قراءة الفاتحة , على ما أعتقد , قبل البدء بالأكل , وأيضاً التقيد عموماً بتناول التمر أولاً بأول عملاً بالآية القرانية أو الحديث النبوي " إذا فطرتم فأتمروا " , أي إبدأوا بالتمر أولاً .... كل هذه وربما غيرها يستوجب على الصائم المؤمن تطبيقها ’ وإلا أصبح صيامه وكأنه " حشرٌ مع الناس عيدُ " ’ أو من باب التظاهر بذلك ليس إلا , وما أكثرهم في الواقع .... ورغم كون ما فعلته أنا , وما قد فعله غيري , لم يكن غير المشاركة في وجبة الإفطار , إلا أنني عوتبت بشدة من قبل البعض من معارفي بسبب الخبر الذي وصل إليهم بأني صمت شهر رمضان ... إذن هنالك حتماً من بين الإخوة المسلمين من فسر حضوري وكأنني صائم صيامهم , ونقل ذلك حسب قناعته .... ما حصل ذلك الزمان , كيف سيقرأ في هذا الزمان ؟ ....
يتوهم من يعتقد بأن مفهوم الإسلام قد تغير اليوم عما كان بالأمس وقبل الأمس ... ألآيات المكيّة ذات الجذور المسيحية التي تمجد الرب المحب وتعتمد الفضائل الواردة في العهد الجديد هي نفسها كما كانت , وآيات المدينة ذات الجذور التوراتية خصوصاً وكتب العهد القديم عموماً والتي تقتل تنفيذاً لوصايا الرب وحتى تشاركه فعلتها وتدعي العمل بأمره هي أيضاً كما هي ... ما تغير ويتغير حسب الظرف والمكان هو الأسلوب التطبيقي لها سواء من باب الدعاية الإعلامية والكسب المرحلي , أم بدعوى إيمانية إستناداً لما جاء في هذه الآية أو تلك وبحسب ما يجتهد به الوعي البشري من جهة أو يفهمه الملقَّن من جهة أخرى ..... ويظل الإختلاف قائماً بين المذاهب المتعددة وتحديداً بين المذهب الشيعي الذي يقر بنهج الإجتهاد بحيث يقترب المتعمق في هذا النهج من التعاليم المسيحية الداعية إلى المحبة والسلام , وبين المذهب السني الذي يلتصق المتعمق منه بما جاء بآيات المدينة التي تنشر الدعوة الإسلامية بالسيف أو الجزية أو الأسلمة كي تسلمَ ....
أعود إلى سؤالي : ما حصل ذلك الزمان حيث الطابع العلماني هو السائد , كي سيقرأ
في هذا الزمان حيث التعصب المذهبي والإحتقان الطائفي هو المهيمن على الساحة العراقية وبدرجات متفاوتة ؟ ... ألمشاركة في تناول طعام الإفطار أعلاه حدثت كتحصيل حاصل لمبادرة الأغلبية بما يحق للأقلية وأن لا يفرض عليها ما ليس لها ناقة به أو جمل ... ألمشاركة تعبير عن مشاعر الإمتنان لمن رغم امتلاكه الكفة الراجحة لكنه غض الطرف عن ما يمكنه عمله لمنع الإفطار العلني ولن يحاسب إطلاقاً ...
والآن كيف يفسر الموقف لو صدرت المبادرة من عندي شخصياً لمشاركتهم وجبة الإفطار ؟ ... على الأغلب سيقال أنها مجاملة , وإذا كانت مجاملة فهي في غير محلها , ولا أعتقد أنه من الحكمة أن أجامل من لم يشعر بوجودي وحاجتي ... ربما من يعتقد أنها نتيجة ضعف من الأقلية المغلوبة تجاه الأكثرية الغالبة , وعندها ستهتز كرامتي على أقل تقدير ... قد يظن البعض أنها نابعة من الشعور بالأخوة كشعب واحد , ووحدة المصير كأبناء وطن واحد , وذلك أضعف الإيمان ... نعم ذلك أضعف الإيمان كوني من الأقلية ورغم كونها أصيلة لكنها مهمشة وبدورها يستهان , وستبقى كذلك لحين مغادرة آخر مسيحي من ذلك المكان ... وأخيراً لا آخراً , هنالك من يقول أنها تستهدف كسب الثقة ... ولكن كسب ثقة من ؟؟ داعش ؟ على أي ذقن أنا أضحك ؟ ... . غير داعش ؟ هو يثق بي لأني أعزل , وسلاحي الإيمان والذي لن يهدد أياً من سيكون في الحكم أو سبق وأن كان ... قناعتي أن لا أبادر إلا إذا بادر أولاُ صائمُ رمضان , فليس بالخبز وحده يحيا الإنسان .. الـوحـدة المسيـحـية هي تلك التي أرادها الرب يسوع المسيح (له المجد ) وما عـداها فـهي لـقاءات لأكل القوزي والتشريب والسمك المزگوف وترس البطون من غير فائدة
أقبح الأشياء أن يصبح كل شئ في الحياة جميل!! @@@@ ولا تحدثني عن الحب فدعني أجربه بنفسي @@@@ ليس بالضرورة ما أكتبه يعكس حياتي..الشخصية هي في النهاية مجرد رؤيه لأفكاري..!! | |
|