من المفارقات الغريبة ان شعوب الشرق الاوسط المغزية والمسبية احتظنت البدو الغزاة منذ اليوم الاول، وباركت لهم هتكهم
- اي البدو- كرامة اوطانهم، واستقبلتهم بالاحضان دون استثناء، ان كان ذلك في بلاد الرافدين او الشام الكبرى او مصر الفرعونية اوشمال افريقيا وان كان بدرجات متفاوتة، وهذه خاصية لا نجدها في اية مجموعة بشرية اخرى اذ انفردت بها هذه الشعوب دون غيرها وتستمتع باذلالها تمنح كل الولاء والاخلاص لجلاديها.
واني كمخلوق بسيط استنجد بنعمة العقل التي منحت لي كعقاب وعذاب لتجد تفسيرا قاطعا مقنعا لهذه الحالة لانها غريبة على طبيعة الجنس البشري، علما ان تلك الاقوام التي كانت تستوطن البلدان المذكورة اعلاه كان لهم تاريخا مجيدا وريادة متميزة في كل الميادين العلمية والمعرفية بمختلف فروعها والاجتماعية والقانونية والعمرانية والعسكرية واليات ادارة الدول.
فكانوا قد اقاموا امبراطوريات وقوى عظمى لا تجارى، فما الذي حدث كي يرتدوا زي الذل والذمية ومشاريع ذبح لارواء السيف البدوي من دمائهم كلما عطش؟؟؟
لا نجد سببا لهذا التحول الذي حصل بعد سقوط نينوى ثم بابل غير ظهور المسيحية بقيمها الماورائية المغرقة في المثالية وتبنيهم لها جميعا، وتسليم امور دنياهم وآخرتهم الى رجال الكنيسة لقيادتهم ورعاية مصالحهم، وبخطابها ووعظها المغرق في الطوباوية جردتهم من كل نزوع يخدم وجودهم الحياتي وتحولوا الى مخلوقات سلبية قتلت فيها حتى غريزة الدفاع عن النفس التي تتمتع بها حتى المخلوقات ذات الخلية الواحدة، وقدمتهم خراف جاهزين للذبح، والمحزن انهم استسلموا لهذا القدر الظالم بكامل حريتهم وملء ارادتهم المسلوبة ربما دون ادراكهم لحالتهم تلك، يذهبون طوعا الى دكان القصاب لنحرهم، ولمدة خمسة قرون نجح الخطاب الكنسي ومدرسته في شذب شخصياتهم وغسل عقولهم الى الدرجة التي باتو فيها يحلمون بالشهادة على يد سفاح كريم كي ينالوا الحياة الاخرى التي تراءت لهم ورديتها ونعمها الى درجة وجدوا في حياتهم الارضية التي منحتها لهم الطبيعة ليست جديرة بان تعاش فالسفر الى المجهول هو ما يستحق الشوق اليه.
ارجو ان لا يفهم دواعش الهيكل باني احمل المسيحية جريرة فنائنا،اذ ان العلة ليست في المسيحية، الخلل كامن في كيف فهم رجال الكنيسة المسيحية وكيف تم تسويقهم لها بشكل غاية في السلبية، والذي انتهى بمحصلة ان كنت مسيحيا فيجب ان تتنكر لذاتك وتحتقر كل ما خلقت عليه وتزدري وجودك كي تستقبل في الفردوس بالاحظان. ان هذه الشعوب هي الوحيدة التي استسلمت لهكذا مدرسة مدمرة، ولم يكن مؤملا ان يكون حصادها غير ما انتهت اليه، علما ان المسيحية تبنتها معظم شعوب الارض خاصة الحية منها لكنها لم تتخلى عن طبيعتها الانسانية رغم محاولات رجال الكنيسة في الغرب السير على خطى نظرائهم في الشرق، لكن شعوبها حددت لهم مجال عملهم وخرجت عن طاعتهم والا لكان الغرب كله اليوم انتهى الى المصير الاسود الذي تعيشه اطلالنا.
وكان ظهور الاسلام في القرن السادس توقيتا موفقا حيث المنطقة كلها تعيش فراغا سياسيا وكل الابواب مشرعة امامه، فلماذا يتاخر في بسط سلطانه وفرض شريعته البدوية ويحقق ما وجد لاجله في السلطة والاستلاب والسيادة على تلك الاقوام المظللة، وجعلها مصدر رخاء لقادته، وميدانا لاشباع غرائزهم البهيمية في من نجحوا في قهرهم واستعبادهم، وهذا هو ما ترتاح له الشخصية البدوية لكي تهدأ وتستكين، الى ان تعود بها الحاجة الى الى شحن بطارياتها مجددا باعادت التمارين الهمجية نفسها وهكذا دواليك.
فمنذ يومها تطوعت شعوبنا لخدمة كل ما تتطلبه غرائز البدوي من حاجات عضوية لكي يحقق التوازن النسبي في كينونته.
تبوأ رجال الكنيسة قيادة هذه الشعوب الى حتفها ونجحت في ذلك نجاحا لا يشرفها.
لكن الغريب في الامر هو ان تلك القيادات رغم مرور20 قرنا من الفشل والكوارث لا زالت مصرة حتى اليوم للاحتفاظ بمراكزها التدميرية لاي مستقبل لرعاياها في اغتيال اية محاولة من افراد او حراك اجتماعي علماني للخروج من تحت سطوتها، مستغلة الجهل الذي تتمتع به غالبية المؤمنين، وتعمل على تسويد صفحة النخب الفاعلة والتي لا تتعدى عن محاولات فردية و اقلية هامشية، لضمان و ديمومة سيطرتها والتفرد في ادارة شؤونهم، الى ان تنتهي بهم الى اخر نفس حي فيهم، عندها يصل لها الدور ويسلط الغازي سيفه على رقابها وبكل فرح وانشراح.
يقول السيد حسن غضب الله ان الغرب زرع المسيحيين في البلاد الاسلامية كخنجر مسموم في ظهر الامة الاسلامية، وكأن سكان ما يسمى كفرا بالبلاد الاسلامية كانوا من البدو العراة الحفاة ذوي البطون الخاوية ولم يكون سكانها الاصليين صانعي الحضارات الاولى للجنس البشري هم الكلدانيين والآشوريين والاراميين والفينقيين والكنعانيين والفراعنة والامازيغ.
لكن الماساوي في قدر هذه الاقوام بعد اهدائهم اوطانهم لرعات الابل بكل سخاء ظلوا على وفائهم الذي لم تنال منه عوادي الزمن لتلك الاوطان، فقدموا كل ارثهم الحضاري وبفرح للبدو الهمج ليفتخروا به وينسبونه اليهم فهم من اسس دار الحكمة في بغداد واغنائها بكل ما كانت ابدعته العبقرية البابلية من علوم ومعارف وسار رهبانها مشيا على الاقدام الى بلاد الاغريق وتعلموا اللغة اليونانية وترجموا كل الموروث الفلسفي للاغريق بدا من سقراط وارسطوا طاليس وافلاطون والاخرين وجاؤا به الى دار الحكمة وطالت رحلتهم 12 عاما ليفتخر به البدو بتسميته الحضارة الاسلامية، هذا ناهيك عن ريادتهم للمجال التعليمي والصحي والاداري والقانوني والعمراني كل هذا لوجه الله، منطلقين من ايمان راسخ انهم يخدمون اوطانهم، ما غاب عن ذهنهم انهم لم تعد لهم اهلية المواطنة ما لم يدخلوا دين الله وحضيرته التي لا يدخلها النور.
وبعد الخراب الشامل الذي تركته الامبراطورية العثمانية بانهيار حكم الخلافة والسلطنة الاسلامية وولادت الدولة الوطنية كان من سلم من السيف البدوي من اهل البلد اقلية ونخبة متميزة فشكلوا بمهاراتهم وتعليمهم اركان بناء الدولة الوطنية وريادة النهضة الفكرية والاجتماعية بدا من سلامة موسى وجورجي زيدان وروز اليوسف ومئات غيرهم والتي سميت زورا بالنهضة العربية فهم شكلوا اسس النظام التعليمي والصحي في اوطانهم وهم من جلب الطباعة وولادة الصحافة الى و في بلدانهم، وهم من تزعم كل النشطات الاجتماعية والسياسية فيها، فنرى ان اغلب الحركات السياسية ان لم تكن كل قيادتها مواطنين مسيحيين منزوعة وطنيتهم وفقا لشرع الله فمؤسسي جميع الاحزاب كانوا من هذه الشريحة التي تفتقد الى غطاء المواطنة وفقا لدساتير هذه البلدان المستندة الى شريعة البيداء بعد بدونتها، ليس هذا فحسب بل نرى ان النخب المسيحية شكلت راس الرمح في قيام ما يسمى المقاومة الفلسطينية وبكل غباء و بحماس اشد من البدو مضحين بحياتهم لديمومة السطو البدوي على اوطانهم دون جزاء او شكورى واضعين كل قدراتهم في خدمة المشروع الاسلامي، اي مسترخصين حياتهم لتقويته، وعند تامينه ذلك يسلط السيف على اعناقهم.
يا ترى ما هي مصلحة مسيحيي الشرق الملغية وطنيتهم في ازالت اسرائيل؟؟ عبر تصحيح هامشي لجريمة تاريخية ارتكبها الغزو البدوي في غفلة من الزمن.
التي لا تشكل مساحتها بحجم مدينة واحدة من حصاد الغزو الاسلامي اي ولاية حضرموت في اليمن وحدها هي اكبر تسع مرات من حجم اسرائيل.
علما لو تحقق ما يناضلون لاجله وقضي على اسرائيل بعدها سوف لن يكون للحكومات الاسلامية من وسيلة لهو وتسلية غير تمرينات سيافيهم في دغدغت رقاب اهل الذمة اي التعساء المسيحيين و معهم سيئي الحظ من غير المسلمين الحمقى،هم بنضالهم عجلوا بتدشين طقوس ذبحهم في احتفلات جماهيرية تحت تغريدة اسلم تسلم والتي لم تتغير طبيعتها منذ 14 قرنا، ولايكمنها ان تتغير لانها من ثوابت الدين الحنيف لا دينان على الارض الاسلامية.
خير مثال على ما ذكرنا ان اغلبية مسيحيي لبنان معجبين بالسيد حسن واكثر حماسا منه لتدمير اسرائيل واعادتها الى الحضيرة
الاسلامية، رغم ان الملا حسن اختطف كل لبنان اسيرة لديه والغى وجودها كدولة.
وعلى دربهم سار ويسير اقباط مصر في حماسهم لازالة الكيان الصهيوني الملعون وكان تطرفهم في هذا المسعى للتدمير الذاتي اكثر حماسا من الجماعات السلفية.
حيث حتى المغفور له البابا شنودا رغم محاربة السادات له كان من اشد الداعين لمحاربة اسرائيل حتى انه حرم نفسه من زيارة اورشليم خدمة و اخلاصا للمشروع الاسلامي فهل يعاتب المعممين في دعوتهم للقضاء على غير المسلمين ما دام هؤلاء على هذه الدرجة من الغباء في اخلاصهم للمشروع الصلعمي؟؟؟؟
ففي اليوم الذي يتحقق ما ترنوا اليه هذه الخراف البليدة لا سمح الله سيكون مسيحيي لبنان ومصر وغيرهم خراف اضحية احتفاء بالنصر فلا حاجة بالحكومات الاسلامية الى استيراد الاغنام من الصين لاداء هذه الفريضة المقدسة، فهل هناك مجموعة بشرية بهذا الغباء المبارك كما هي عليه المجموعات الغير المسلمة في اوقيانوس هذاالظلام المبارك ؟؟؟
لكن ان كان هذا خيارهم فليس امامنا الا ان نتمنى لهم ان يتحقق ما يضحون بانفسهم لاجله كي يدشنوا حفلة مسحهم من بين البشر الى غير رجعة غير ماسوف عليهم ولا هم يحزنون..
ان هذه المسخرة هي اوضح تعبير للاستهزاء بالعقل البشري.. ان البؤس واللا امل المخيم على اسطري فرضته رؤيتي لما ينتظره التعساء من اهلي من غد لا ياتي، لعدم تكحل مقلتاي باي بصيص من نور في نهاية النفق، وان شدة الظلام تسداد عتمة كل يوم يمر ..لا بد ان اذكر ان من اعز امنياتي ان تكون رؤيتي هذه تخريفات لشيخ في شتاء العمر تصبح مادة للتندر والمزاح، عندها اكون اسعد المخلوقات على وجه البسيطة ان كنت حيا، وستحتفل عظامي في لحدها باعلى درجات الفرح ان كان الثرى قد بات مسكني لان الايام اثبتت عقم عقلي ..تحياتي.
من يقف في صف كنّا وآغجان فأنه مشارك في تهميش وإستلاب حقوق الكلدان