تحليل رسالة النداء لغبطة البطريرك مار ساكو الجزيل الاحترام «
في: 18:06 21/12/2016 »
تحليل رسالة النداء لغبطة البطريرك مار ساكو جزيل الاحترام
في تحليلنا للرسالة ( النداء ) نتلّمس تغييراً في شكل الخطاب الذي تعوّدناه من غبطته في مخاطبة المسيحيين المنتمين لعقيدته ومن خارجها حيث كان الخطاب سابقاً ( نحن هكذا الذي يعجبه يبقى معنا والذي لا يعجبه فليغادرنا ...! ) وتعودنا ايضاً على اسلوب التكتيك السياسي لنوعية الخطاب وهو ( جس نبض الشارع ..! ) وعلى ردود افعال الشارع تتخذ القرارات . اليوم سنتعامل في تحليلنا للنداء ليس على اساس جس النبض وانما على اساس مسؤولية غبطته الدينية ( مؤسساتياً ) . نأمل ان يكون هذا الخطاب بداية للتغيير لصالح تقويم مسيرة المؤسسة الكنسية في ابصارها للخط الرفيع الفاصل بين السياسة والدين وليكون منهاجها القادم انطلاقاً من نوعية هذا ( النداء الاخوي ) .
(( ليس عيباً ولا نقصاً ان اكتشف اخطائي فأصلحها بل العيب والنقص ان اتغاضى عنها واستمر بها )) هذا ما علمنا أياه الرب يسوع المسيح في عظاته وتعاليمه فلنكن مستحقين لتلمذته .
اثار نداء غبطته للمسيحيين العراقيين حول تبني مصطلح ( المكوّن المسيحي ) الذي هو محور رسالته تلك العديد من التساؤلات والاستنتاجات ندرج بعضها كالآتي :
1 ) هل يعتقد غبطته ان في توجيه رسالته إلى عموم الشعب المسيحي سيكون هناك ردود افعال لهذا الشارع باتجاه التمرد على مؤسساته الدينية والسياسية ( الحزبية ) لإجبار قياداته تبني هذا المصطلح ...؟
الاستنتاج : كلا سيدي ... فالشارع المسيحي اليوم ملتزم بقيادته الدينية ( المؤسساتية ) والسياسية ( الحزبية ) على حد سواء لذلك كان يتوجّب توجيه الرسالة إلى قادة المؤسسات الدينية والاحزاب السياسية ( قومية كانت ام علمانية ليبيرالية او وطنية ) ليلقى هذا النداء صداه بين الشعب المسيحي عموماً . وإلا فسيبقى هذا النداء منشور دفين صفحة موقع البطريركية الموقر .
2 ) إذا أريد لهذا المصطلح رؤية النور يجب ان يكون هناك رؤية واضحة للخط الفاصل بين السياسة والدين بعدم تبني المؤسسات الدينية للسياسة فتجعل من نفسها بديلا عن الاحزاب قائدة للمجتمع لأنها بالتأكيد سوف لن تستطيع ان تفرض أي منها نفسها كبديل عن اخواتها من المؤسسات في محاولة فرض العقيدة الواحدة او المبدأ السياسي الواحد أو القومية الواحدة حتى بدون الأخذ بعين الاعتبار الأغلبية كون الأغلبية يمكن تجاوزها باتحاد الأقلية لتشكيل اغلبية لأن ذاك الزمن ولى الآن فأمست القيادة جماعية اتحادية .
إذاً وضوح النظرة ورؤية هذا الخط يقينا التخبط في قراراتنا ويجعلنا نميّز بين طريقين مختلفين متناقضين ( السياسة والدين ) وهذا الوضوح اشار إليه الرب يسوع المسيح في حديثه عن ( الله والمال ) حينما قال ( لا يمكن ان تخدم سيدين " الهين " الله والمال ) لأنك بالتالي ستسخر احدهما لخدمة الآخر . من هنا يكون على المؤسسة الدينية العمل على تسخير السياسة لخدمة مبادئ الدين بالاهتمام بالأحزاب السياسية وليس ان تكون بديلاً عنها بتبني المناهج السياسية ضناً منها انها تسخرها لخدمة الدين بينما تعمل تلك المناهج من اجل الصالح الخاص ليس إلاّ .
3 ) ما هي النتائج التي توصل لها غبطته من خلال تحركاته السياسية وهل اسفرت لخدمة الصالح العام ام الخاص ...؟
استنتاجنا : يجب ان يتعلّم الحكيم من تجارب الآخرين ومن تجاربه الخاصة لا ان يكرر اخطاءه واخطاء الآخرين . من هنا نقول وبثقة ( لا تزعل أحداً علينا ) لم تحصل تحركات غبطته على أي نتائج ايجابية لا على الصعيد الدولي العالمي ولا على الصعيد المناطقي ولا الوطني المحلي إلا فيما خلا المجاملات والطبطة على الأكتاف .. لأن العالم كلّه يعلم حجم المأساة التي تمر على منطقتنا الشرق اوسطية وقد وضع لها حلول تتناسب ومصالحه الشخصية وليس ( لسواد عيون مكوّن او شخصية دينية او سياسية ) لذلك فالمفترض ان نستثمر مصالح العالم من اجل الوصول إلى مصالحنا وهذا ما يجب ان تقوم به المؤسسات السياسية بدعم من المؤسسات الدينية وليس بضربها وتحجيمها واخراجها من دائرة الحدث والصراع لأن العالم لديه تجربة مع المؤسسات الدينية ورجالاتها في قيادة الدوّل افرزت سوء المعاملة الإنسانية والأفتقار إلى القيادة المجتمعية الصحيحة مما أدى إلى ثورة في مجتمعاتهم ترفض تلك القيادة إذاً فالعامل النفسي للتعامل السياسي يجب ان يؤخذ بنظر الأعتبار بقوّة في التعامل مع الشارع الغربي المسؤول اليوم على ترتيب المنطقة فحذار من التعامل معهم بالبدلة المزركشة والصولجان لأن ذلك سيضيع حق الشعب المسيحي بالعيش الكريم والأمان نعم هم يجاملون رجل الدين ويحترمونه لكن لديهم الكثير من التحفضات في قيادته المجتمعية من هنا يأتي دور الأحزاب في التعامل مع الشارع العالمي صاحب الكلمة الفصل . حذار أخرى من تأسيس احزاب يكون ولائها لعقيدة معينة لأن الصراع العقائدي المؤسساتي سينتقل بالتوارث إلى احزابها إذاً ليكن التعامل مع الأحزاب القومية والليبرالية العلمانية والشخصيات المستقلّة من التكنوقراط على اساس احترام المبادئ السماوية وبذلك نكون قد خلقنا تقليداً صحيحاً في تعاملاتنا مع الشارع المحلي والمناطقي والعالمي وهذا التقليد سيقربنا من مبدأ الإتحاد .
الخلاصة : نحن مع التسمية الموّحدة (( المكوّن المسيحي )) على شرط ان لا تفرز هذه التسمية ( الزعيم الأوحد ، القائد الضرورة " حفظهما الله ورعاهما " ، ولا الحزب الواحد والعقيدة الواحدة " أدام الله ظلهما علينا ) وليعلم الجميع ان احترام قراراتهم تكون من خلال اتحادهم المتكافئ والثقة المتبادلة بينهم .
من هنا نطلق نداءنا (( نداء إلى كل المؤسسات المسيحية دينية كانت ام سياسية رجاءّ أعملوا على الاتحاد رغم الاختلاف لتبني تسمية ( المكوّن المسيحي ) ... )) كخطوة مرحلية اولية لمراحل قادمة تضمن العيش الآمن والتعايش السليم مع الآخر . لأن الصراع اليوم في المنطقة هو صراع ديني وليس قومي سياسي هو صراع وجودكم كمسيحيين وليس كقوميين ... نعم احتفظوا بخصوصيتكم واجعلوها تخدم صالحكم العام .
الرب يبارك حياتكم جميعاً
21 \ 12 2016 حسام سامي