بعد مرور سنة منذ يوم تحريري من سلطة الرئاسة الكنسية الحالية، وبداية المرحلة المستقبلية الجديدة من حياتي الرسولية الكهنوتية، اقول لكم وبكل راحة ضمير: “انا كاهن الرب الى الأبد، ولأني ولدتُ كلدانيا فأنا باقٍ في كنيستي الكلدانية ومستمر في دعوتي وعهدي الذي قطعته أمام ربي، ويكفيني ما أنا عليه “تكفيك نعمتي” كما اتى صوت الرب الى رسول الامم (رسالة مار بولس 2 كو 12: 9)…. وليست غايتي إلا لتأدية واجبي الكهنوتي والحفاظ على هويتي المدنية والدينية الشرعية.
فقبل سنة بالضبط، وفي مثل هذا اليوم، 16 تموز 2016، لم تتوقف حياتي الرسولية الكهنوتية حتى نبضة واحدة، بل استمرت خدمتي حالاً منذ ذلك اليوم بمنح الاسرار للمؤمنين الكرام اخوتي المعمّذين بالمسيح، كما فعل الإخوة القديسين المسيحيين الاولين في إقامة الذبيحة الإلهية في البيوت حيثما اجتمع اثنان او اكثر للصلاة وكسر الخبز، متحدا بالايمان مع جميع اخوتي المؤمنين من ابناء شعبي من كل الاعمار والفئات الذين خدمتهم في كنيستي الكلدانية طوال خدمتي الراعوية بكل تفان أمينا على عهدي الذي قطعته مع ربي قبل 28 عاما في يوم رسامتي الكهنوتية عام 1989 في عيد تجلي الرب.
لقد كان إبعادي وقطع صلاتي ادارياً بكنيستي كنيسة بابل، (يوم 15 تموز 2016)، من قبل رئاسة الكنسية الكلدانية الحالية نقطة انطلاق بالنسبة لي، وخطوة حررتني لفتح حقل اوسع للتبشير بالانجيل المقدس وتعليم ربنا يسوع المسيح في كنيسته المقدسة التي ورثناها من رسله الابرار الذين انطلقوا يبشرون بجرأة وغيرة ايمانية غير خائفين من قول الحقيقة.
انا كاهن كلداني كاثوليكي الى الابد في كنيسة الرب المقدسة، وسأبقى مستمرا في خدمتي الروحية والانسانية للبشرية جمعاء من اجل اظهار كلمة الحق والعدالة والمساواة مستخدما الهبة التي منحها لي “ربي وإلهي”، ومكملا حقي الطبيعي في الحياة التي اخترتها منذ صغري بأن اكون كاهنا في كنيسته الممجدة التي ولدتُ روحيا فيها في المعمودية المقدسة، وجعلتني ابنا للّـه في هذا السر المقدس، ثم كبرتُ فيها بقبول أسرار الكنيسة المقدسة التي تمنحها لأي مؤمن يريد الاستمرار بالعيش في حضن امه الكنيسة المقدسة، الى ان حل الروح القدس علي ثانية من خلال الرسامة الكهنوتية (ܣܝܡ ܐܝܕܐ سيام ايذا)، متمثلا بالكاهن الأوحد الرب يسوع المسيح المانح الوحيد لهذا السر السامي من خلال الاسقف كوسيط، (ܕܪܓܼܐ درغا – الذي خُتمت به ولا يمكن ان يُمحى).
لم تنقطع مني هذه النعمة الالهية خلال مسيرة حياتي الكهنوتية (28 عاما) بالرغم من جميع الصعوبات العصيرة التي مررت بها من ظلم، وتشهير، وملاحقة، حيث لم تهبط عزيمتي ابدا بعدم مواصلتي مسيرة حياتي التي اخترتها بحريتي وبارادتي وبقناعة ذاتية تامة، لان هذه هي طبيعتي التي ولدتُ بها كأنسان بابلي يرتقي بأصالته، وأن الاستمرار بدعوتي الكهنوتية هو نهجي بوضع “يدي على المحراث” والسير الى الامام بالحفاظ على الوديعة الايمانية والروحية الثمينة، والانسانية والحضارية والثقافية، والطقسية الرسولية المتجسدة بلغتي الام الارامية – الكلدانية.
اشكر الرب على كل نعمه بهذه الذكرى التي أعطتني قوة اكثر للنظر الى الامام برؤية مستقبلية اضعها امام الرب الذي اتكلت عليه جميع ايام حياتي ولم يخب ظني به ابدا، كما اني لم أشك في دعوتي الكهنوتية لحظة واحدة برغم ضعف طبيعتي البشرية. لهذا اشكر كل اخوتي المؤمنين “القديسين” الذين يسيرون معي اينما كانوا فعلياً ومعنوياً في هذا الطريق، فنحن نواصل معا أمانتنا لإكمال رسالتنا الرسولية التي أهداها لنا الرب يسوع لنكون شهودا له كمثال الرسل: فَتَقَدَّمَ يَسُوعُ وَكَلَّمَهُمْ قَائِلاً: «دُفِعَ إِلَيَّ كُلُّ سُلْطَانٍ فِي السَّمَاءِ وَعَلَى الأَرْضِ، فَاذْهَبُوا وَتَلْمِذُوا جَمِيعَ الأُمَمِ وَعَمِّدُوهُمْ بِاسْمِ الآب وَالابْنِ وَالرُّوحِ الْقُدُسِ. وَعَلِّمُوهُمْ أَنْ يَحْفَظُوا جَمِيعَ مَا أَوْصَيْتُكُمْ بِهِ. وَهَا أَنَا مَعَكُمْ كُلَّ الأَيَّامِ إِلَى انْقِضَاءِ الدَّهْرِ. (متي 28: 18-20) آمِينَ.
وعلى هذه الخطى اسير حياتي مستمرا مع اخوتي في كنيستي الكلدانية فقط وليس غيرها، عائشا ومحافظاً على الميراث الروحي المقدس الذي سلموه لنا رسل الرب الذين بشروا ارضنا النهرانية وحملناه معنا ونحن في بلدنا العزيز اميركا كالجوهرة (ܡܪܓܢܝܬܐ مركنيثا) و”ܣܝܡܬ ܕܚܝ̈ܐ نسمة الحياة”. كذلك اشكر الشمامسة الموقرين الذين رافقوني وأخص بالذكر الشماس الانجيلي صباح حنا شمعون، وكل الشعب المؤمن الذي يؤمن بمسيرتي ويرى بأم عينه اعمالي التي هي لمجد اللّـه تعالى فقط وليست لغيره. لذا اطلب من ربي ان يستمر في منح بركاته على جميع العوائل الذين جعلوا من بيوتهم كنيسة وكانوا كمثال المسيحيين الاولين في إقامة الذبيحة الالهية “كسر الخبز” عندهم، وبعدها استمروا بحضورهم في بيت والدي الموقر للمشاركة في القداس الكلداني الاصيل التقليدي، الى ان فتح الرب ليّ بابا اخرا للاستمرار في حياتي الكهنوتية بايجاد كنيسة مار يوحنا للاخوة اللوثريين واستعمالها لإقامة الصلوات وتقريب الذبيحة الالهية على مذبحها المقدس، اضافة الى اجتماعاتنا الثقافية والكتابية والتراثية التي تغذي المؤمنين. وما ان حلت علينا بركة اخرى بانضمام أخي في الكهنوت الأب الفاضل بيتر لورنس المملوء “غيرة على بيته” مما يزيدنا قوة في الايمان والرجاء في اكمال مسيرتنا ببركة الرب متحدين مع كل شخص مؤمن أصيل عاضدنا ويعاضدنا بشتى الطرق، ونحن نرحب بكل من يريد ان ينضم الينا و(محاسي ميثانيه) ويحفظ عوائلهم واعمالهم .
ختاماً: وفي ذكرى هذه الانطلاقة الأمينة الشجاعة ليس لي الا ان ارفع يدي واقدم شكري للرب، وايضا انادي اخوتي الكهنة الافاضل في كنيسة بابل للكلدان وغيرهم الذين لهم ضمير كهنوتي صافي وحر يقتلهم توبيخا من ممارسة كهنوتهم بتقييد حريتهم كأبناء اللـه الذي حررهم من عبودية الانسان “الحق يحرركم”، ومُجبَرين على إقامة القداس الكلداني بصيغته الطوارئية، لذا ادعوهم كأحباء وأعزاء وبراحة ضميرهم لأخذ مسؤوليتهم الاخلاقية والرسولية بالانضمام الى مسيرتنا لاصلاح كنيستنا الكاثوليكية المقدسة كنيسة بابل. كذلك هي دعوة صادقة موجهة الى الرعاة الأساقفة الاجلاء ان يوقضوا ضميرهم ويقولوا كلمتهم، ويحافظوا على ما سُلم اليهم من الميراث: (الطقس هو التُراث الليتورجي واللاهوتي والروحي والتنظيمي المتّسم بثقافة الشعوب وظروفها التاريخية، ويُعبّر عنه بالطريقة الخاصة التي تعيش بها الإيمان كل كنيسة متمتعة بحكم ذاتي (ق. 28 ، البند 1 مجموعة قوانين الكنائس الشرقية)، ويكونوا أمناء للرب كمثال “الراعي الصالح”….. آمين
– بركة الرب تحل على جميعكم يا اخوتي في المسيح.
الأب نوئيل كوركيس كاهن الرب الى الأبد
من يقف في صف كنّا وآغجان فأنه مشارك في تهميش وإستلاب حقوق الكلدان