يـريـد شعـبنا الكلداني مواصلة دوره الحـضاري والثقافي والإنساني والروحي، وأن يستـفـيق من جـرعات التخـديـر من رؤسائه ومسؤوليه المأجـورين، ويرى ما يجـري حـواليه من الكـوارث التي وقع فـيها، وإذا أراد النهـوض كـشعـب حي يريد مواصلة السير مثل بقـية الشعـوب الحـية قـبل أن ينـقـرض عـن بكـرة أبـيه وخاصة بسبب زعـماء الدين اليوم الذين أوصلوا هذا الشعـب إلى هذا المستوى من السذاجة الروحـية (ܦܟܝܗܘܬܐ پاخـوتا) بدون طعـم وذوقومعـنى للحياة أو الصلاة، وكأن الإنسان أصبح يعـيش كالجماد بدون تـفاعـل هـدف أو حـتى تطلع للمستـقـبل، فإذا أراد الحـياة عـليه أن ينـتـقـل، من مستواه حيث هو الآن إلى مكانة أعـلى مع نفسه ومع اللّـه حـيث السمو الإنساني بالفكـر والقـول والفعـل. على الإنسان الكلداني المسيحي أن يتخـذ خـطوة جـبارة لكسر الروتين وبالأخص الكـف عن تكـرار الصلوات والتسعاويات التي يرددها على الشفاه (بدبوذي) بدون تفكـير او تـفعـيل واقعي في حياته العائلية وفي المجـتمع بالأخص عـندما يواجه أموراً أو أحـداثاً وحالات تستوجـب إتخاذ مواقـف أو قـرارات في مخـتـلف الأمور الحـياتية التي نعـيشها في هذا العصر المزدحم. وهذه الخـطوة لكي تـنجح من الأفـضل الإسراع بالعـمل بها إبتداءً من قـوقعة كـنائسنا التي يزداد في داخلها تكـرار وترديد الصلوات أثـناء القـداس وقـبله وبعـده، حـتى أن أهـميتها عـند الكـثيرين أصبحـت في المقـدمة بما يضاهي أو يعـوّض عـن الكـتاب المقـدس والقـربان المقـدس بنفسه.
تـبدأ خـطوة الإنـتـقال من الخـيال إلى الواقع:
أولاً: أن يُسمح للكلداني المسيحي فـقـط ــ نعم فـقـط ــ أن يتلو 1 – 10 مرات شلاما إلّاخ مريم.
ثانيا: أن تُعـوَّض بقـية صلاة الوردية والتسعاويات وغـيرها من الصلوات العـبادية الدخـيلة والغـريـبة بقـراءة الكـتاب المقـدس والتأمل فـيه كما كانت تـفعـل مريم (وكانت مريم تحـفـظ جميع هذه الأمور، وتـتأملها في قـلبها) لوقا 2 : 19.
ثالثا: أما الصلاة الطقسية (من الحُـذرا) صلوثا د صپرا و رمشا التي يجـب وحدها أن تصلى في كـنائسنا الكلدانية، فهي جواهـر الموروث الروحي لآبائـنا، بالطبع بعـد أن تـنـتـقى من الصلوات الديرية الرهـبانية.
رابعا: أن لا تُستعـمل أبـدا كـتب البطريرك لويس ساكـو الذي سيكـون مكانها في سلة المهملات بعـد أن يرحل لا غـير، لأنه سمح لنفسه أن يضيف إلى طقسنا الكلداني المشرقي الأصيل صلوات دخـيلة غـريـبة ترجـمتها ركـيكة حسب تأوينه الركـيك.
وعـليه فإن إتخاذ موقـف الشجاع لا مثيل له في التأريخ لهـذه الأم الجـبارة العـظيمة ــ موقـف مريم أمنا البتول ــ وهو وقـوفها وحـدها أمام صليب إبنها وبقـية التلاميذ هاربـين مخـتـبئين في أماكـنهم ما عـدا التلميذ الصغير مار يوحـنا تاركـين سيدهم وحـده يتحمل مصيره.
نـشاهـد مريم واقـفة تـنظر إلى إبنها مع تلميذه يوحـنا الحـبـيب بجـرأة وشجاعة، فإذا لا تأخـذوا أيها الكلدان المسيحـيـين مثل هذا الموقـف فإن صلاتكم “شلاما إلّاخ مريم …” أيها الشعب المتـدين، لا تصل إلى أي مكان، لا بل لا تخـرج من باب بـيوتكم وباب كـنائسكم.
فكما إنـتـقـلت أمنا العـذراء إلى السماء بالنفس والجسد ونحـن اليوم في 15 آب 2018 نحـتـفـل بهـذا الإنـتـقال الممجّـد لأم اللّـه، يجـب أن نـتعـلم منها أرقى مثال إنساني وصلت هـذا السمو والرقي لأنها إستحـقـته بدورها وموقـفها وفعـلها. هكـذا على الإنسان الكلداني المسيحي أن لا يـبقى في مكانه ليل نهار يتلو مسبحة الوردية وتكـرار السلام لك… بل عـليه أن ينـتـقـل إلى مرحلة أعـلى، لا يصل بها بتكـرار الكـلمات، لأن أصل صلاة مسبحة الوردية هو حـياة أمنا العـذراء التي عاشتها مع إبنها يسوع ملء الثقة باللـه والطاعة له والإتكال عـليه والسير معه بدون خـوف أو شك أو حـب للذات أو للعالم والسير وراء الذين يؤثرون عـلينا ويسيّرونـنا كما يريدون من أجـل مصالحهم الشخـصية مستغـلين سلطة مناصبهم.
فالإنسان هـو بالمواقـف والتحـرك من مكانه وليس فـقـط بالكلام.
من يقف في صف كنّا وآغجان فأنه مشارك في تهميش وإستلاب حقوق الكلدان