نص الكلمة التي ألقاها الدكتور ليون برخو في الذكرى التأسيسية لزوعا في يونشوبنك، السويد
الأخوات والأخوة الأعزاء
أشكركم على الدعوة التي وجهتموها لي لإلقاء كلمة في هذه المناسبة. كنت أتمنى أن القي الكلمة شخصيا وبالسريانية، لغتنا القومية، إلا أنني مرتبط مسبقا بموعد مهم اخر لم أستطع إلغائه.
والدعوة الشخصية الموجهة لي مبعث إفتخار لأن زوعا اليوم لا يمثل شريحة واحدة من شعبنا الكلداني الأشوري السرياني ولا إسما واحدا ولا مذهبا واحدا. زوعا كما أراه يمثل الكل ويجب أن يصبح في المحصلة النهائية البوتقة التي ننصهر فيها جميعا حيث لا فرق بين أسمائنا ومذاهبنا.
في مناسبات كهذه غالبا ما يغدق الخطباء والمتكلمون الثناء والمديح على الأمر او القضية التي إجتمعوا من أجلها. وحزب بمستوى ومكانة زوعا في صفوف شعبنا يستحق المديح. بيد أنني، كأكاديمي وعالم ذو منهج، لا أنخرط في هذه التوجه ما لم أتحقق منه وأحصل على الدليل التجريبي أن الشخص أو المجموعة تستحق ذلك حقا.
يبدو لي ومن خلال تتبعي لمسيرة زوعا في السنين الأخيرة أن الحزب لا يحب المغالاة لا بل أصبح الكثير من اعضائه وقادته يمقتونها. والمغالاة هي منح الأفكار والمبادىء والأهداف قيمة وأهمية أكثر مما تستحقها. ولهذا فإنني، كمتضلع في ثقافة وتراث وتاريخ ولغة وإرث شعبنا، أقول إن زوعا يلعب شأنا مؤثرا في هذا المجال. يرفض زوعا في خطابه إطلاق تسميات غير مقبولة وغير علمية لا بل كارثية على لغتنا الجميلة السريانية. نعم، لغتنا سريانية وليست كلدانية ولا أشورية. تسميتها بغير إسمها بمثابة سم زعاف يود المغالون إفراغه عنوة في شرايين شعبنا التعبة أساسا بسبب المهاترات العقيمة حول التسمية والمذهبية.
ومن يستطيع نكران جهود زوعا في إنشاء المدارس السريانية في نوهدرا (دهوك) وأربيل ومناطق أخرى. لن ينهض شعبنا بالخطابات الرنانة والتزويق اللفظي واللغوي وتحريف ومغالطة التاريخ. ولن ينهض شعبنا دون إمتلاكه لناصية الثقافة والعلم ودون لغته القومية. فقط الذين يعيشون على هامش التاريخ والحضارة ولا مكانة لهم في سلم الرقي الإنساني لا بل خرجوا او أُخرجوا من مسار التطور والحضارة الإنسانية يقبلون التهميش والركض وراء السراب التاريخي الذي حل علينا مثل الصاعقة عل يد أشباه العلماء مما جعل الكثير منا اليوم ينادي بإنتسابه إلى حضارات وأمم لا يفقه لسانها ولا يستطيع فك طلسم من طلاسمها.
لا تقفز أمه على وفوق تراث كتابي لم ينقطع لأكثر من 2000 عام وهو تراثنا السرياني المشترك وتتشبث برموز وأسماء لم يرد حتى ذكرها في كل ما خلفته لغتنا السريانية لنا من علم غزير وأدب رفيع يبز ما لدى أية أمة أخرى في العالم. فلماذا وقعنا نحن ضحية لهذا الإشكال المميت في العقود المتأخرة؟
هنا لدي عتاب على زوعا وأمل أن يقوم الأخوة المنظمون لهذه الإحتفالية بنقل صوتي إلى قيادته.
على زوعا أن يكف عن بناء إي من سياساته أو أدبياته دون إستشارة العلماء والأكاديميين من أبناء شعبنا وغيرهم من المختصين في حضارة وتاريخ وتراث لغتنا السريانية. هذا ما تقوم به ألأحزاب الحية والخلاقة عند الأمم الراقية.
على زوعا أن يحث منتسبيه وأعضائه في دول المهجر على فتح مدارس سريانية خاصة في الدول التي تقطنها جاليات كبيرة من أبناء شعبنا، وان تكون هذه المدارس، شأنها شأن المدارس في العراق، جامعة وموحدة لأبناء شعبنا بستمياته ومذاهبه المختلفة.
وعلى زوعا أن يقف على مسافة واحدة من الأسماء والمذاهب ليس في خطاباته فقط بل في أدبياته ونظامه الداخلي. وهذا يعني أن ليون برخو الكلداني لا يشعر أبدا أن زوعا يميل إلى هذا المكون او ذاك قولا وفعلا عند قراءته لأدبيات زوعا ونظامه الداخلي. يجب على زوعا أن يجعل من أدبياته ونظامه الداخلي مرآة يرى الكلداني والأشوري والسرياني ذاته من خلالها دون تميز على الإطلاق.
على زوعا إن اراد الإستمرار في قيادة شعبنا صهر الأسماء والمذاهب في بوتقة الثقافة واللغة والتاريخ الكتابي الذي يجمعنا. ليس هناك أمة في العالم تنسب نفسها إلى تراث وتاريخ ولغة لا علاقة وجدانية تربطها معها غيرنا نحن. عندما أراد الغرب النهوض عادت شعوبه إلى لغاتها التي ترتبط بها كتابة ووجدانا. هذا ما فعله العرب والأكراد عندما أرادوا النهوض. وكأكاديمي وعالم أسأل لماذا يتشبث ابناء شعبنا بحجارة وتاريخ وخطوط لا علاقة وجدانية لهم معها ولا يستطيعون قراءة حرف من نقوشها ولا إستيعاب معنى إسم من أسمائها؟
ومن هذا المنطلق يجب على زوعا، من وجهة نظري، إن أراد القيادة ولم الشمل وإستغلال الفرصة الأخيرة لنا كي لا نندثر، أن يعمل بجدية ومن الأن لإبعاد أي دلائل او علامات تشير ولو من بعيد وبصورة غير مباشرة أنه حزب فئة معينة أو إسم معين.
كيف يكون ذلك؟ لتحقيق ذلك على زوعا وقيادته الإستعانة بالعلماء والمختصين من أبناء شعبنا وغيرههم لرسم خارطة طريق لإنقاذ شعبنا العريق ولغته وتراثه وحضارته.
وشكرا لكم مرة أخرى
الدكتور ليون برخو
مدير مركز الدراسات الإعلامية
جامعة يونشوبنك
السويد