إستـهـداف المسيحيـيـن إضطـهاد مُـنـَظـَم
في حالة غياب السلـطة وتـَـفــَكـُّكـها تـُـصبـح كُـلُّ الأمـور المعـقـولة واللامعـقـولة مُـمكـنة . . . بالـتأكـيـد هنالك تـَراخ ٍ واضـحٌ ومُـلاحَـظـ ٌوبالـتالي غيـرُ مُبـرَّر يـُمارسُـه مسؤولـو الأمن في الـحكـومة المركـزية الإتحادية وعلى أعلى الـمستـويات ، فهي التي تتحـمل كامل المسؤولية عن تـوفـيـر الأمـن والسلامة للمواطـنيـن أجمعـيـن ، وقـد يكـون هـذا الـتـَراخي مُـتـَعـمـَّداً ومُساوَماً عـليه ويـُستـَدَلُّ على ذلك مِن صمـت الحكـومة المركزية المُـريب وتـَستـِّرها على المجرميـن ، وبـدورها تستـغـل الحكومة الـمحلـية هـذا المـوقـف لـتـُلـقي اللـوم على الأجـهـزة الأمنـية بالـتـَقـصيـر مُـتـَّهِـمة ً جهــاتٍ دون أن تـَجـرأ على تسميتها مـمـّا يـَدل على أن َّ لـها ضلـعاً في كافة هذه الجـرائـم بشكـل مباشر أو بالتستـُّر على الجُـناة .
تـُرى ، كيـف تـُبَـرِّر الحكـومة المركزية والحكومة المحلية اللتين لم يـتعـدَّ إعلامُـهما إلا الإشارة بشكل ٍ عابـر وكالعادة الجاريـة بأن انـفـجاراً حـدث وأدَّى الى إصابة 81 طالب مسيحي ومقتـل شرطي ! أين كان الجهاز الأمني الذي يـُقال بأن عـدد أفراده يتكـون مِن أربعة الى خمسة أفـراد أمن يتـواجـدون في نـُقـطـة السيـطـرة التي وقـع فـيها الحادث ؟ لماذا لم يكن موجـوداً وقـت الحادث أيَّ واحـد مِن هؤلاء ؟ هل هي محض صـدفـة ؟ أم هو إتـِّفاق مُـدبـَّر بعـد تخـطـيـطـ ٍ مُسبـَق ؟ ولماذا لم تـَقـم أيُّ من الحكومتين المركزية أوالمحلية بمحاسبة مسؤولي الأمن هؤلاء والتحقـيـق معـهم إذا كنتا جادتين في العثـور على منـفـذي الحادثة الإجرامية البشعـة بحـقِّ طـلـبة العِـلم المسالمين ؟ أيجـوز الإكتـفاء بتسجيـل القـضية كالقضايا السابـقة ضِـدَّ مجهـوليـن على الـدوام ؟ والجـواب كـيـف يمكن الوثـوق بحكومةٍ كُل هَمـِّها مُنـصَب على الجري للإستـفراد بالمكاسب والمناصـب غير عابـئةٍ بمصائـب الـوطـن والمُـواطـنيـن ؟ أم أن المواطنين المسيحيين لا قيمة لهم لـديها فـلا يـَهـمـُّها أمرَ سلامـتهـم ؟ ما ذنـب هؤلاء الطـلاب الأبرياء ليتعرَّضوا لمثل هذه الأعمال الإجـرامية ؟ والى متى يبقى مسيحيو العراق ضحية استهتار قـوى الشر وتـَقاعس السلطة في حمايتهم ؟
إن الترويج الحكـومي بأن استهداف المسيحيين لا يختـلـف عن استهـداف بقية المُـواطنين هو غير صحيح أبـداً ، ولا تأويلَ لـه ، إما أن الحكومة عاجـزة عن تـوفير الحماية لهم ، أو إنها تـَغـض الطـرف عن القائمين باضطهادهم ، وفي كلتا الحالتين تـُعـتبر شريكة غير مباشرة فـيـما يجري للمسيحيين مِن أعـتـداء وقـتـل وتشريـد ! وإلا كـيـف لحكـومة إتحاديـة مُنـتـخـبة أن تـقـف موقـف المتـفـرج على ما يـجـري بحق جزء أصيل مِن شعبها لا تـُحـرك ساكناً وتعتبر الأمر طبيعياً ! ألا يـَدل ذلك على أن الحكـومة بـوضعـها الحالي قـد اخـتـُرقـت أجهـزتـُها مِن قبـل أعـدائها الإرهابـيـين وأعـوان النـظام السابـق بسبب الفساد المالي والإداري والسياسي المستشري في تركيبتـها ؟ وهذا هو الذي يـُكَبـِّل يـَدها من الكـشف عـن مُـرتكـبي الإجرام وضربهـم بـقـوة عن طريـق إنـزال العـقاب الصارم بهـم ، ثـُمَّ الإعـلان على المـلأ تفاصيل حوادث الإجـرام التي تـُقـتـَرف ضِـدَّ المسيحيين ، في الـوقـت الذي تـَعلم يـَقـيناً بأن المسيحيين لم يشتركـوا في أية أعمال إنتقامية أو ثأريـة ولا يسعـون إليها إطلاقـاً .
إنـه لـَمِن الصعـب علينا يا حكـومتنا الإتحادية الـوطنية السكـوت على ما يـُمارَس بحقـِّنا نحن المسيحيين مِن ظـلـم واعـتـداء وبـصورة هـمجـية ومتـواصلة ، ولا سيما أننا مسالمون لا دَخـلَ لنا بشؤون غيرنا ، لا ملشيات لنا لـتـُدافـع عَـنا وبالأحرى لا نـُريـدها أصـلاً ، لا نستـقـوي إلا بالله أولاً وبسلطة الـدولة ثانياً ولذلك فـنحن مصدومون مِن عـدم قيام الدولة بـواجبها نـحـونا . تعـلمون جـيـداً بانـنا قـد أصبحنا فـئـة ً قليلة بسبـب تـناقص عـددنا مِن جـراء ما مـَرَّ علـيـنا خـلال الأزمنة الرديـئـة الـتي فـيها اضطـُهِـدنا ونـُحِـرنا وشُـتـِّـتـنا مِن ديارنا ، وكان عـزاؤنا أن تـلك الأزمنة كان يسود شعـوبَـها الجهـلُ والنعرات القـبلية والدينية وقـد ذهبت الى لا رجعـة ، فماذا نـقـول اليـوم ونحن في القرن الواحـد والعشرين الذي وصلـت فيه البشرية الى أعلى قِـمَـم الحضارة وسادت فيه الحـرية والديمقراطية ؟ أين نحن منها في العـراق ؟
يا ساسة العـراق الفائزين بالإنتخابات كفاكم صراعاتٍ وحـوارات يـومية ، فـإنها تؤدي الى تعطيل عمل الوزارات وإضاعة جُـهدها لـوضع استراتـيجـية تـنـموية شاملة ، إفـسحـوا المجال للوزارات لكي يتسنى لها تـوزيع خـطـطـها وبـرامجـها لمختلـف أجـهزتها لتـَبـدأ بالتنفيذ الفـوري للمشاريع التنموية ، إن حيلولتكم دونـها يـُـوفـِّر مناخا مؤاتياً لنشاط الإرهانيين ويمنحهم فـرصاً ثـمـينة لتـمرير عملياتهم التخريبية وتنفيذها في أيِّ زمان وأيِّ مكان يرغـبان بهما . عليكم إنهاء انشغالكم السياسي بسرعـة ، إذ إنَّ امامكم سلالاً كاملة من المهمات ، مِـهـا الأمنية والإقـتـصادية والإجـتـماعـية والاعـلامية ، تتطلـَّـب مِـنكم رؤية ً واقـعية سليـمة ومُـتـَّزنـة للقيام بتنفـيـذها على المـديـَيـن القـريـب والبعـيـد .
كم هو جميل أن يتخلص المجتمع العراقي من القتلة المجرمين الذين كانـوا ولا زالـوا أدوات قـتل للألـوف مِن أبناء الشعب العـراقي ، بالإضافـة الى تخريب البلاد وتدمير بنيتها التحتية ، وتعطيـل البناء والتنمية ، والى جانـب اهمية هذه الخطـوة ، هنالك مسائـل أساسية تـهم الشعب العـراقي أيضاً هي ايجاد طـُرق معالجة المشكلات الأساسية التي تـُواجه المجتمـع ، وهذا يتطلـَّب الخـروج السريع مِن ضغـطـ الصراعات السياسية الراهـن والثـقـيـل . تـَحركوا للتفـرغ لتلبية قضايا الشعـب المُلحة ومطاليبه العاجلة بتقديم الخدمات العامة وتحسينها !
الشماس كوركيس مردو
عضو الهيئـة التـنـفـيذية
للإتحاد العالمي للكتاب والأدباء الكلدان
في 5 / 5 2010