الامير شهريار (داينمو الموقع)
البلد : مزاجي : الجنس : عدد المساهمات : 9719 تاريخ التسجيل : 07/07/2011 الموقع : في قلب بلدي الحبيب العمل/الترفيه : السياحة والسفر
| موضوع: من ذكريات مار يوحنا الحبيب - 5 /شمعون كوسا 30/3/2023, 9:12 pm | |
| شمعون كوسا من ذكريات مار يوحنا الحبيب - 5 « في: 17:41 05/01/2023 » من ذكريات مار يوحنا الحبيب - 5 شمعون كوسا ويتابع صاحب الذكريات ويقول : من ضمن من درّسونا أيضا في قسم الصغار ، فاتني ان أذكر القس إلياس صقّال الذي درسنا الرياضيات لفترة قصيرة ، وخلفه بعد ذلك معلم مدني يُدعى إلياس سمحيري من بعشيقة . رجل ضعيف البنية، عابس الوجه، ولكنه شديد التقوى ، بحيث انه كلما كان يعود من تناول القربان ، كنت تشاهده وعيونه قد اغرورقت بالدموع . كان عصبيّ المزاج في التعليم وله عبارات ساخرة يُطلقها بعفوية على أغلب الطلاب لا سيما الذين لم يُصيبوا في اجوبتهم ، فعلى سبيل المثال قال لاحد الطلاب : (شوف شلون دَيبلع ريقو ، عبالك شيره مال عسل ) ما معناه بالفصحى : انظروا إليه كيف يبتلع ريقه وكأنه يلتهم عسلاً !!!. هذا الطالب كاهن متقاعد الان، وسيعرف نفسه اذا قرأ هذه السطور . في الساعة الثانية عشرة والنصف كان موعد غدائنا. كنا نتوجه مصطفّين بصمت عميق الى غرفة الطعام. كل طالب يتوجه الى مقعده المعهود . كنا نتناول الطعام بصمت ، وآذاننا صاغية لاحد التلاميذ المكلفين بقراءة كتاب تاريخي ، او عن حياة قديس ، او موضوع روحي آخر. يتمّ التناوب على قراءة الكتاب خلال وجبات الطعام ظهراً ومساء. أثناء القراءة إذا أخطأ القارئ ، نحوياً او لفظياً ، يتمّ تنبيهه برنة جرس ، كي يتصحّح الخطأ . كان القس البير ابونا يتولى الامر اذا كان الكتاب عربيا ، والاب جوزيف اومى اذا كانت القراءة فرنسية . في السنوات الاولى من المعهد ، كان صوم الاربعين مرهقا ، لانه كان يقضي بالانقطاع التامّ من اللحم طيلة فترة الصوم. فكان يُعوّض عنه بالتمر المقلي مع البيض لأيام الآحاد . اما ايام الجمعة ، فكانت الاطعمة عبارة عن مزيج من القرع الاحمر مع التمر المسلوق ومنتجات اخرى عبثاً تسعى الى فتح شهيتنا . وبما اني لا زلت في غرفة الطعام ، احب المرور على فقرة الفاكهة بعد الاكل . كانوا يأتونا احيانا ، لاختتام الاكل ، بنصف رأس خسّ لكل طالب . تصور الصوت الذي كان يحدثه أكل الخس من قبل ستين او سبعين شخصا في آن واحد و في جوّ صامت . كان الموقف ، ومن دون تشبيه ، لا يختلف كثيرا عن صوت يصدره بعض انواع اخوتنا الدواب عند التهامهم للعلف مثلا !!!!! وهنا اخرج من غرفة الطعام منتقلا الى فصل آخر . في بداية كل سنة وعند العودة من العطلة الصيفية ، كانت هناك رياضة روحية تستغرق ثلاثة ايام لقسم الصغار ، وسبعة ايام للكبار، لابسي السوتانة السوداء . كانت تبدأ هذه الايام بالقداس الصباحي وتعقبه المحاضرات الروحية ، وأوقات تأمل ، وقراءات الانجيل أو الكتب الروحية الاخرى . كانت تتّسم هذه الرياضة بالصمت المطبق الكامل الذي يُفرض على قسم الكبار . كنا نخرج من الايام السبعة وكأننا نفيق من سبات عميق استغرق فترة طويلة جدا. عند نهاية الرياضة الروحية كنّا نرى انفسنا وكأنّنا في عالم آخر ، والبعض منّا كان يشكّ في مقدرته على استعادة النطق بعد هذا الصمت !!! كانت الرياضة فترة صعبة جدا. ولكنها كانت تعتبر فترة فحص ذاتي ، ورجوع الى النفس بغية تنقيتها من أدران ما علِقَ بها في الحياة الدنيوية اثناء العطلة الصيفية ، في كل يوم اربعاء من رأس الشهر ، كانت لنا ساعة تأمل في الموت ، وهذا كان يجري في فترة بعد الظهر بعد الغداء مباشرة . كان وقتا صعبا جدا لكون الدورة الدموية منشغلة في عملية الهضم . كان الاب جوزيف مدير المعهد هو الذي يقرأ موضوع التأمل الذي يبدأ بهذه الجملة : تأمل الان نفسك ماثلا امام الله بعد الموت ، وبأنه عليك الاجابة عن كل ما فعلته في حياتك . كان على المتأمُل ، اذن ، المضي في التفكير على هذا المنوال لمدة ساعة . شخصيا لم اكن استسيغ هذا النشاط . كنت اقول : أين نحن والموت لا سيما الصغار منُا ، وبأي شئ يلوم نفسه الشاب الصغير كي يتوجه بهذا العمر الى ديّان صارم كي يقرر مصيره ، إمّا باتجاه النار او في الملكوت . كان موقفا كئيبا جدا . كان لنا نزهات اسبوعية وايضا شهرية . في سفراتنا الشهرية كنا نتوجه كثيرا الى دير مار بهنام ، وفي بعض الاحيان الى دير مار كوركيس او دير ما اوراها . وفي عودتنا كنا نعرّج على احد اديرة الراهبات القريبة من موضع سفرتنا، واقصد هنا الراهبات الكاترينات اللواتي يُعتبرن الفرع النسوي للرهبنة الدومينيكية . كنا نحتسي عندهنّ الشاي مع بعض الكليجة او الجبن او ما شابه . في ذلك الحين كان الخوري أفرام عبدال مديرا لدير مار بهنام ، وخلفه فيما بعد القس بطرس شيتو ، ومن بعده القس فرنسيس جحولا ، والثلاثة هم الان في عِداد مَن مثلوا أمام الديّان . كنا نستحمّ يوم السبت من كل اسبوع . المدة التي يستغرقها الطالب محددة بربع ساعة . والتوقيت هذا لم يكن يحتاج الى جرس او مراقب ، لأنّ ساعة الاباء الدومينيكان الشهيرة هي التي كانت تتولى الامر برنتّها كل ربع ساعة ، وكانت رنّتها مسموعة من الحارات القريبة من الدير وحتى البعيدة . وبالنسبة لنا ، كنا قريبين جدا من دير الاباء الدومينيكان . كان يستلم كل طالب ملابسه النظيفة في كيس يحمل رقمه ، ويودع المتسخة منها في نفس الكيس . أسعد أيام المعهد كانت يومي عيد مار يوحنا الحبيب ، شفيع المعهد ، ومار يوسف ، شفيع مدير المعهد . كان يهيئ المعهد لهاتين المناسبتين ، ولا سيما لعيد مار يوسف ، الكثير من الفعاليات ، عبر المنشورات والكلمات والقصائد والتمثيليات والاغاني . لقد ساهمت انا شخصيا مع الاخرين في تلحين بعض هذه الاهازيج والاغاني ، ولقد أديت بعضها بحنجرتي المتواضعة . كانت المناسبتان تتسمان بالأطعمة الشهية التي كانت تملأ الموائد عند وجبة الغداء. كان يحقّ لنا شرب قدح صغير من الخمر المعتق ، وفي بعض السنوات بلغ التساهل حدّ عرض سيجارة لمن يرغب في التدخين ، وانا كنت من ضمن هؤلاء . كنت ادخن السيجارة بنهم واستنشق دخانها بنفس عميق ، غير ان هذه العادة الحميدة اختفت بعد سنوات ، جراء تصرفات بعض التلاميذ الذين كانوا يُلزمون اهاليَهم على توفير التبغ لهم خلال العطلة الصيفية ، زاعمين بان المعهد كان يُرغمهم على التدخين . ممّا حدا بالمدير الى اتخاذ قرار يمنع السيجارة. على ذكر السيجاير ، كنتُ ادخن قليلا في فترة العطلة الصيفية ، وفي احدى السنوات ، وبالرغم من منعها في المعهد ، اصطحبت معي علبة سيجاير بغداد . في احدى الليالي الطويلة ، تذكرت السيجارة واشتهيتها ، فتوجهت في الليل الى حيث يتوجه الملك لوحده ودخنت سيجارتين . كان فكري منشغلا ولم أتحمل تقريع الضمير ، ولم أرتح الا عند التوجه منذ الصباح الباكر الى غرفة المدير للإقرار بما فعلته ، وبعدها رميت ما كان متبقيا من العلبة ، لكي لا ادخل في التجربة واعود الى تقريع ضمير ثان . اتوقف هنا في سرد هذه الطفائف المأخوذة من هنا وهناك، ولي غيرها للراغب في التلذذ بهذه الامور البسيطة .
الـوحـدة المسيـحـية هي تلك التي أرادها الرب يسوع المسيح (له المجد ) وما عـداها فـهي لـقاءات لأكل القوزي والتشريب والسمك المزگوف وترس البطون من غير فائدة
أقبح الأشياء أن يصبح كل شئ في الحياة جميل!! @@@@ ولا تحدثني عن الحب فدعني أجربه بنفسي @@@@ ليس بالضرورة ما أكتبه يعكس حياتي..الشخصية هي في النهاية مجرد رؤيه لأفكاري..!! | |
|
الامير شهريار (داينمو الموقع)
البلد : مزاجي : الجنس : عدد المساهمات : 9719 تاريخ التسجيل : 07/07/2011 الموقع : في قلب بلدي الحبيب العمل/الترفيه : السياحة والسفر
| موضوع: رد: من ذكريات مار يوحنا الحبيب - 5 /شمعون كوسا 30/3/2023, 9:15 pm | |
| | |
|