الامير شهريار (داينمو الموقع)
البلد : مزاجي : الجنس : عدد المساهمات : 9719 تاريخ التسجيل : 07/07/2011 الموقع : في قلب بلدي الحبيب العمل/الترفيه : السياحة والسفر
| موضوع: من ذكريات معهد مار يوحنا - 7/شمعون كوسا 11/10/2023, 5:53 pm | |
| من ذكريات معهد مار يوحنا - 7 « في: 16:51 11/07/2023 » من ذكريات معهد مار يوحنا - 7 شمعون كوسا
كي أقلل من فترات غيابي وتقطّعات سلسلة ذكرياتي ، أعود من جديد لألحم السلسلة ، واقول : كنتُ اعاني كثيرا ، مثل سائر التلاميذ آنذاك، من البرد القارس ، وأتذكر باني قد بكيتُ من جراء ذلك . اتذكر في احدى السنوات ، انخفضت درجة الحرارة ليلا في الموصل الى تسعة تحت الصفر . كانت النار بضاعة ممنوعة في معهد مار يوحنا الحبيب ، ولم يكن لنا هناك اية وسيلة للتدفئة . كلّ ما يقينا من البرد كان يقتصر على المعطف ، وهذا ايضا كان علينا خلعه في اوقات الفرصة لنتمكن من الحركة والركض لعلنا ننسى البرد .والأنكى من ذلك ، كان ملبسنا في الشتاء يقتصر على قميص خاكي اللون وبنطلون قصير أسود (شورت) لان البنطلون الطويل والقمصلة الكحليَّين ، كانا مخصصين لأيام الآحاد والاعياد . لقد ذقنا الأمرّين من هذه الحالة ، ولذا كنتَ تلاحظ اصابع التلاميذ على مستوى اليدين والرجلين ، وكأنها قد تمّ شواؤها على النار تماما ، وكنا نسمي هذه الظاهرة بالقرافيس ، ولا اعرف اذا كانت الكلمة عربية لاني لم اجدها في القاموس بهذا المعنى . كانت القرافيس تُتعبنا كثيرا لا سيما في الليل حيث كانت تبدأ الاصابع بالحك ّ الشديد حال حصولها على بعض الدفء تحت اللحاف .فكنا نضطر لحكّها دون ارادتنا الى درجة إدمائها . والطامة الكبرى كانت تتمثل هنا في عدم وجود أي علاج او مخفف لهذه العذاب . كنا نُضطرّ لإخراج القدمين من تحت اللحاف كي تبقى باردة في عزّ فصل الشتاء ، فكنا نعالج مرارة بمرارة . هذا ما كان يفعله البرد بنا . باعتقادي ان البرد القارس والاصرار على عدم معالجته بواسطة النار ، العنصر البسيط الذي توفره الطبيعة والذي لا يتناقض مع الشرائع السماوية ، قد أضرّ بصحة الكثيرين من الطلبة . لا افهم الحكمة من هذه القساوة خاصة واننا لم نكن لا منخرطين في سلك رهبنة ، كي نطبق اركان ممارسات كالتقشف وتحمل البرد القارس ، ولم نكن مِمّن حُكم عليهم بالأشغال الشاقة ، أو عُوقبوا بالتكفير عن ذنب عظيم اقترفوه . في هذا الصدد ، اذكر احد الطلاب الغيارى، الذي توصل للوشاية بأحد زملائه لانه كان قد استجاب لنداء إحدى اشعة الشمس الصباحية ، كان المسكين قد صعد للطابق الثاني لتهيئة الصفوف قبل الشروع بالدروس ، قبل التوجه للإستدفاء ، كان قد التفت يمنة ويسرى وتأكّد من خلوّ الانظار المشبوهة ، ولكن هيهات !! في منتصف فصل الربيع، وعندما تشتدّ حرارة الجو في الداخل ، كنا ننتقل للنوم فوق السطوح . كان نوم الصيف لطيفا جدا لأنه كان ينقلنا الى الهواء الطلق ويتيح لنا رؤية النجوم ، على الاقل هذا لم يكن ممنوعا . كانت تعجبني الساعات الاولى من النهار وقبل بزوغ الشمس ، حيث كان يبدأ الحمام بهديله ، ولحدّ الان عندما اسمع الهديل اتذكر صباحات الصيف في المعهد . كان لكل تلميذ سريرُه ، وهو نفس سريره الداخلي ، كان يُطوى الفراش في الصباح لتجنب اشعة الشمس الحارة ، اما عند حلول المساء كان يُكلف أحد التلاميذ لفتح كافة الاسرة للتخلص من حرارتها قبل ساعة النوم . في نزهات بداية الصيف الاسبوعية ، كان توجّهُنا صوبَ ضفاف دجلة للتقرب من ماء النهر وايضا للسباحة لمن كان يرغب بذلك . كنتُ قد تعلمت شيئا من السباحة وامارسها مع التلاميذ تحت اشراف أحد الآباء. عند بلوغي مرحلة متقدمة في السباحة ، كان يرافقني تلميذ اسمه عمانوئيل بولس بيدارو ، كان مسؤولا عني في السباحة نظرا لمهارته. اتجهت نحو العمق وسط النهر ، وبعدما حاولت مسّ القاع بقدمي ، لم أفلح في ذلك فاعتراني الخوف ، غاصَ جسمي بأكمله في الماء وابتلعت منه كمية لا بأس بها، أحسَّ عمانوئيل بمعاناتي فهرع لنجدتي . منذ ذلك اليوم اتجنب العمق . اعرف مبادئ السباحة ولكن الخوف ينتابني حال توجهي الى العمق ، هذه طبائع ولا سبيل لتغييرها . يجب ألّا انسى دخول ناهدة اختي الى دير راهبات الكلدان في منطقة المسبح ببغداد .امضت هناك سنتين ولكنها لم تقاوم . كنت اشعر بمعاناتها واقيس ذلك مع تجربتي في معهد مار يوحنا الحبيب . انتهتْ بترك الدير وفرحتُ لها كثيرا لاني لا اتحمل عذاب احد من عائلتي او أي شخص يقضي حياته بالرغم عنه في محيط لا يحبه فيجترّ تناقضاته باطنيا. كما يجب ان اذكر بان لأخي يوحنا ايضا تجربة مختصرة في هذا المجال ، حيث ارسله ابي الى معهد كهنوتي كان قد افتُتِح في كركوك ولكن المعهد لم يدم طويلا . لم يمكث فيه يوحنا سوى ايام قلائل وعاد قائلا بان هؤلاء كلهم مجانين واتذكر بان عمي يوسف كان قد ضحك طويلا لهذا الكلام . لم يستمر هذا المعهد كثيرا . كان لي بعض الاصحاب والمقرّبين من بين تلاميذ السمنير ، أود التنويه بان حديثي هذا هو قبل سنة 1968. كان ايليا كوريال من أعزّ اصدقائي وهو القوشي يعيش في بغداد ، كان ايليا زميل صف المرحوم يوحنا عبد الاحد الذي كان بدوره من اعز اصدقائي وكان كلاهما يصغراني بسنتين . كان يليهما حنا شيخو وهو ابن بيوس ، وهو أخ البطريرك بولس شيخو . كان زميل صفي وأُسِرّ اليه بمكنوناتي كلها .كان يشاطرني جلّ افكاري ونواياي حتى في ترك المعهد .وكان ايضا بين الذين يصغروني باربع سنوات او اكثر ، نوئيل يوسف عرب من قره قوش الذي كان تعجبني خفة دمه وقهقهته ، وكنت قد التقطت طبيعته هذه من اول يوم دخوله المعهد . من الصغار الذين كانوا يشعرون بالارتياح للقرب منّي ، اذكر نوئيل فرمان وهو من سناط وكنت اعتبره أخا صغيرا . ومن اصدقائي الاعزاء ايضا ، ربان حزقيال الشاب الرشيق والرياضي النشط ، كان ربان ممّن أراسِلهم بالصيف . كانت علاقتي الاكليريكية قوية مع يونان هرمز الذي ترك المعهد والتحق بالحركة الكردية . ولا يجب ان انسى خوشابا مرقس من قرية شرمن ، وبولص صبيح ساعور ، ويوحنا عيسى من خرجاوه . كما كانت علاقتي جيدة مع كوركيس جبرائيل من ألانش وطبعا مع زميلي المقرّب بطرس موسى . ومن بين الذين هم اكبر مني سنا ، كنت ارتاح الى حنا زيا مرخو ، لاني كنت ارى فيه الاخ الكبير الذي كان بدوره يبادلني هذا الشعور. وبما ان الحديث سيطول سوف اكتفي بهذا السرد على امل صياغة ذكريات مسلية اخرى .
الـوحـدة المسيـحـية هي تلك التي أرادها الرب يسوع المسيح (له المجد ) وما عـداها فـهي لـقاءات لأكل القوزي والتشريب والسمك المزگوف وترس البطون من غير فائدة
أقبح الأشياء أن يصبح كل شئ في الحياة جميل!! @@@@ ولا تحدثني عن الحب فدعني أجربه بنفسي @@@@ ليس بالضرورة ما أكتبه يعكس حياتي..الشخصية هي في النهاية مجرد رؤيه لأفكاري..!! | |
|