منتديات كلداني
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتديات كلداني

ثقافي ,سياسي , أجتماعي, ترفيهي
 
الرئيسيةالرئيسيةالكتابة بالعربيةالكتابة بالكلدانيةبحـثمركز  لتحميل الصورالمواقع الصديقةالتسجيلدخول
 رَدُّنا على اولاد الزانية,,لقراءة الموضوع اكبس على الصورة  رأي الموقع ,,لقراءة الموضوع اكبس على الصورة
رَدُّنا على اولاد الزانية,,لقراءة الموضوع اكبس على الصورةقصة النسخة المزورة لكتاب الصلاة الطقسية للكنيسة الكلدانية ( الحوذرا ) والتي روّج لها المدعو المتأشور مسعود هرمز النوفليالى الكلدان الشرفاء ,,لقراءة الموضوع اكبس على الصورةملف تزوير كتاب - ألقوش عبر التاريخ  ,,لقراءة الموضوع اكبس على الصورةمن مغالطات الصعلوگ اپرم الغير شپيرا,,لقراءة الموضوع اكبس على الصورةدار المشرق الغير ثقافية تبث التعصب القومي الاشوري,,لقراءة الموضوع اكبس على الصورة

 

 تيتاني يا تيتاني

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
rima
الباشا
الباشا
rima


تيتاني يا تيتاني Uouuuo10
تيتاني يا تيتاني Awsema200x50_gif
البلد : العراق
مزاجي : اكتب
الجنس : ذكر
عدد المساهمات : 282
تاريخ التسجيل : 04/05/2009
الموقع : جالس گدام الكمبيوتر ܫܠܵܡܐ
<b>العمل/الترفيه</b> العمل/الترفيه : ܟܘܡܦܝܘܬܪ

تيتاني يا تيتاني Empty
مُساهمةموضوع: تيتاني يا تيتاني   تيتاني يا تيتاني Alarm-clock-icon19/5/2010, 11:25 am

تيتاني يا تيتاني

القس لوسيان جميل .تلكيف .محافظة نينوى . العراق



مثل الراعي والقبرة:

يحكى عن راع في شمال عراقنا الحبيب، كان يعتمد، مثل كل رعاة المنطقة، على بعض العلامات التي كانت تشير الى انتهاء فصل الشتاء القارص وحلول فصل الربيع، لكي يخرج غنمه من حظائرها الدافئة ويصعد بها الى الجبال العالية ( زوزان ). فمن بين علامات قدوم الربيع التي كان الراعي اياه ينتظرها بفارغ الصبر كانت رؤيتـه للقبرة راقدة علـى بيضها في عشها.

أحداث المثل:

وفي يوم من ايام آخر الشتاء كان راعينا المسكين يتجول في الحقل ليتفقد المناخ، فوجد قبرة راقدة في عشها وهي محتضنة بيضها، كما تحتضنها كل القبرات. ففرح الراعـي اياه بما رأى، وحسب ان الربيع قد حل فعلا. ولذلك لم يتردد في اخراج غنمه من حظائرها الدافئة والصعود بها الى المراعي الخضراء، في اعالي الجبال ( زوزان ).

غير ان تلك السنة، كما يبدو، لم تكن سنة قياسية مثل كل السنوات،

فما ان خرج الغنم من حظيرته الدافئة وصعد الـى الجبل، حتى هبت ريح شديدة البرودة وتجمدت المياه وعاد الشتاء الى المنطقة بقسوته المعهودة، الأمر الذي ادى الى موت عدد كبير من غنم الراعي المسكين. وهكذا لم يكن قد بقي بيد الراعي المذكور سوى ان يعود الى حيث كان، اثناء فصل الشتاء، مع غنمه وسائر ماشيته الأخرى.

بعد هذا،

وبينما كان الراعي المسكين عائدا الى منزله الشتوي، مر بالقرب من العش الذي كان قد وجد فيه القبرة راقدة على بيضها. فوجد القبرة المسكينة هي الأخرى متجمدة وميتة فوق بيضها. فأخذ الراعي القبرة بيده من جنحها بحزن شديد، وناجاهـا قائلا:

تيتاني ! يا تيتاني! اكر بحساب نه زاني، خربت بيتج وبيت آني.

امـا معنى هذه العبارات التي جاءت بلغة شعبية هي خليط من الكردية واللغة العربية الشعبية فترجمته بالعربية الفصحى هي: يا قبرة! يا قبرة ! بما انك لم تجيدي الحساب، فقد خربت بيتك وبيتي ايضا.

تطبيقات المثل ومعانيه:

اعزائي القراء!

كثيرون هم العراقيون، لكي لا اتكلم عن غيرهم، ممن لم يعرفوا ان يحسبوا الأمور جيدا، سواء كان ذلك فـي ايام الحصار او بعده، او كـان ذلك قبل الاحتلال، او بعده، فتصرفوا تصرفا خاطئا وغير محسوب النتائج، الأمر الذي ادى بهم الى كارثة شبيهة بالكارثة التي حصلت لراعينا المسكين: مع الاحتفاظ بالنسب طبعا.

ذلك ان هؤلاء المواطنين غابت عنهم حقائق ووقائع كثيرة، الأمر الذي اوصلهم الى عمى القلب والوجدان، وأوصلهم بالتالي الى الخسران العظيم، كما هو واضح اليوم، بعد سبع سنوات مليئة بالآلام الفظيعة عاشها العراقيون تحت الاحتلال وهيمنة عملائه المرتزقة.

حدود تطبيقات المثل:

غير ان مثل الراعي والقبرة لا ينطبق بشكل كامل على كل العراقيين.

فهو لا ينطبق على الذين تآمروا على العراق وعلى امنه وسيادته وأرواح مواطنيه، واشتركوا في احتلال العراق وتدميره بشكل ميكيافلي لا اخلاقي ولا انساني.

فما قام به بعض السياسيين العراقيين لم يأت نتيجة خطأ وسوء تقدير حدث لهم، مثلما حدث للراعي المسكين، ولكنه جاء على شكل خطيئة كبيرة ارتكبها هؤلاء السياسيون بحق وطنهم ومواطنيهم، اسمها خطيئة الخيانة العظمى، عندما قبل هؤلاء السياسيون الذين كانوا قد انتشروا في اربعة ارجاء المعمورة، والذين كانوا قد تتلمذوا على ايدي اشرار العالم، شرقا وغربا، ان يضعوا انفسهم في خدمة اعداء العراق، سواء كان ذلك في مرحلة الاعداد للاحتلال، ام في مرحلة التنفيذ ام في مرحلة ما بعد الاحتلال، مقابل وعود تشبه الوعد الذي كانت السلطات اليهودية في زمن السيد المسيح، قد اعطته ليهوذا الخائن، ومفاده:

اذا سلمت لنا معلمك يسوع فسنعطيك ثلاثين من الفضة مكافأة لك.

فضلا عما جاء اعلاه

نحن نعلم ان خيانة بعض العراقيين السياسية لم تكن خيانة فردية، لكنها كانت خيانة منظمة ومحبوكة ومدعومة بالسلاح الأمريكي، حيث تمت هذه الخيانة جنبا الى جنب مع العدوان الأمريكي نفسه، وتحت قيادة وإشراف وضبط الولايات المتحدة الأمريكية، التي سماها من سماها، بالشيطان الأكبر، هذا الشيطان الذي لم يقف يوما من الأيام بجانب الخير، لأن الشياطين لا يعرفون الا الشر ولا يفعلون غير الشر الذي يعتمد على الكذب والحيلة والقوة الغاشمة في كل الميادين.

اما اذا نظرنا من زاوية فشل المحتل وأعوانه وتمرغ سمعتهم بوحل الهزيمة وضياع اهدافهم، فان المثل قد ينطبق عليهم ايضا، كما ينطبق عليهم مثل آخر هو مثل الراعية وجرة الحليب الذي نجده عند ابن المقفع.

تطبيق المثل على السذج والمغرر بهم:

اذا كان مثل الراعي والقبرة لا ينطبق على المتعاونين مع المحتل، كبارا وصغارا، لسوء نيتهم وعمق مسؤوليتهم عما جرى، حالهم حال المحتل نفسه، فان هذا المثل ينطبق بالتأكيد على الناس البسطاء ضحية التضليل السياسي الخبيث.

وفي الحقيقة لو كان السياسيون الذين شكلوا ما يسمى مجلس الحكم، في بداية الاحتلال، بسذاجة الراعي في المثل، لقلنا كما قال السيد المسيح وهو على الصليب: يا ابتاه اغفر لهم لأنهم لا يعرفون ماذا يفعلون. لكن الصفح والغفران لا يشمل هؤلاء المجرمين بحق بلدهم، الا بشروط التوبة مع جميع متطلباتها.

اما ان يقول هؤلاء السياسيون، وعلى خطى اسيادهم المحتلين، انهم لا يشعرون بالندم لما فعلوا، وهم لا يزالون، الى حد هذا اليوم، يعدون تدمير العراق تحريرا، ولا يزالون يتكلمون بصفاقة عن العراق الجديد والعراق الحر والعراق الديمقراطـي، فذاك ما يثبت بأنهم ليسوا بسطاء ببساطة الراعي المذكور، وأن خطيئتهم ثابتة عليهم حتى يتوبوا ويغيروا سلوكهم السياسي بشكل جذري، ويعوضوا عن خطيئتهم، كما يجب.

غير ان العراق لم يبتل بكبار الشياطين، مثل بوش وبلير وأعوانهم في الادارتين الأمريكية والبريطانية، لكنه ابتلي ايضا بشياطين نستطيع ان نسميهم شياطين كارتونية وأشباحـا، لا يظهر وزنها الا في موازين خاصة شديدة الحساسية، مثل ميزان " ابو خروفة المشهور "، حيث يصح المثل السرياني الشعبي القائل: ما قيمة الذبابة وما قيمة مرقها، مـع الاشارة هنا الى ان المقصود بالقيمة ليس القيمة الانسانية التي يتمتع بها كل انسان، ولكن القيمة السياسية حصرا.

مثل الراعي والأقليات الصغيرة:

اما الأقليات الكارتونية التي تكلمنا عنها اعلاه فهي بالتأكيد كل الأقليات الصغيرة التي لم تعرف قيمتها الحقيقية في العراق وتصرفت احيانا كثيرة بشكل لا يليق بعراقي شريف، لكني اتكلم هنا خاصة عن الجماعات المسيحية الصغيرة التي ستبقى صغيرة طالما انها تتطلع، بفعل التضليل الأمريكي، الى نوع من الانفصال المادي او الروحي، عن جسد وطنها وعن روحه وعن حقوقه، بدعوى الديمقراطية اللئيمة، ودعوى الحقوق القومية الخبيثة، بينما هي كانت ستبقى كبيرة وذات شأن في وطنها، لو انها عرفت ان تقرأ علامات الأزمنة وبقيت في كنف وطنها، متخندقة معه ضد جميع الطامعين، وملغية بذلك مقولة الأغلبية والأقلية، لتعيش متآخية مع ابناء هذا الوطن، في السراء والضراء.

اما اذا كان مكتوبا على بعض من هذه الشرائح ان تموت جراء رفضها للاحتلال، كما حدث لكثير من العراقيين، فان هذه الميتة كانت ستكون ميتة مشرفة واستشهادية، وليس ميتة مهينة كالميتة التي مات ويموت بها بعض المتخندقين مع المحتل، جراء تخندقهم معه، حيث لا ينفع هؤلاء الضحايا المتورطون بأعمال ومواقف ضد بلدهم، ان يسميهم المحتل وأعوانه شهداء.

مثل الراعي والشرائح المسيحية:

وهنا، وبحسب نهجي الأخلاقي في الأمور السياسية، سوف لن اتكلم الا عن شريحة المسيحيين، ولاسيما بعد النكبات التي تعرضت لها من قتل وتهجير ومضايقات وتفجير كنائس وقتل رجال الدين، وما تعرض له طلاب قضاء قره قوش من اعتداء مؤخرا. غير اني لن احاول ان القي تبعة مسؤولية ما جرى وما يجري على جهة معينة، لأن كثيرين سبقوني في هذا المجال، ولأن المسألة اعقد مما يظن البعض كثيرا، في حين لا اعطي الحق لنفسي لان اتكلم عن الأقليات الصغيرة الأخرى بشكل مباشر، احتراما لخصوصية هذه الأقليات وحقهـا في ان تتكلم عن نفسها بنفسها، مـع امكانية مشروعـة للتقابس والمبادلة، اذا رغبت بذلك. على ان يكون التقابس، وحتى الحوار باحترام ومحبة.

اما ما اقوله بداية لأحبائي المسيحيين، ولكل من يحب ان يسمع من خلالهم،

فهو ان يسمعوا هذه الحكمة الجليلة من فم سقراط الحكيم الذي يقول: يا انسان اعرف نفسك بنفسك. فهذه المقولة تعني: يا انسان اعرف من انت، وما هو اصلك، وما هي دعوتك العامـة والخاصة، وما هي قوتك المادية الحقيقية، وما هي قدراتك المادية والروحية، لكي تتصرف على ضوء هذه المعرفة بتعقل وحكمة.

غير ان انساننا اليوم لا تكفيه معرفة نفسه، بل يحتاج الـى معرفة هذه النفس ( الذات )، في علاقتها مع بيئتها الاجتماعية بكل ابعادها، ومنها ابعادها السياسية، لكي يستطيع هذا الانسان ان يتصرف بذكاء ودراية مع هذه البيئة، ولكي يستطيع انساننا المسيحي ان يتصرف حسب مشورة يسوع المسيح الانسانية التي توصي كل مسيحي، ومـن خلاله كـل انسان، ان يكون وديعا كالحمام وحكيما كالحيات، شرط ان يكون قويا عنيدا في الوقت عينه.

بعد هذا اقدم لإخوتي المسيحيين حكمة اخرى اقتبسها من السيد المسيح حين قال للحواري بطرس الذي كان قد استل سيفه ليدافع عن معلمه، عند القبض عليه، بأن يعيد السيف الى غمده، لأن من يأخذ بالسيف يؤخذ بالسيف.

وهنا يهمنا كثيرا ان نعرف بأن مقولة السيد المسيح لم تأت على شكل قانون شامل، ولا على شكل فلسفة عامة، على الرغم من ظاهرها، وانما جاءت على شكل حكمة لمعالجة حالة معينة فيها كان السيد المسيح اعزل، باستثناء سيف واحد، كان يملكه مار بطرس، على ما يبدو، ولهذا كانت الحكمة تقتضي ان لا يتم استخدام السيف مقابل السيوف الكثيرة التي كانت بيد جنود السلطة الشرعية، فضلا عن سلطة السلاح الذي كانت تملكه، حتى وان كانت هذه السلطة جائرة ووهمية. وهكذا ترك السيد المسيح السيف جانبا ليعتمد على قوة انسانية وروحية اخرى اقوى من السيف كثيرا.

وعليه اذا ما اردنا نحن مسيحيي الشرق ان نعرف انفسنا جيدا، بحسب ما يقوله لنا الفيلسوف سقراط، فإننا سنرى ان وضعنا الاجتماعي السياسي ليس افضل من وضع يسوع المسيح الذي طالب تلاميذه بأن يتخلوا عن السيف ويكونوا ودعاء كالحمام وحكماء كالحيات، وهو ليس افضل من وضع المسيحيين الأوائل في كل بقعة مـن بقاع الارض، وليس افضل من وضع مسيحيي المشرق عبر تاريخهم الطويل، هم الذين لم تكن لهم دولة خاصة بهم في أي وقت من الأوقات.

قيمة الحكمة والوداعة:

فاذا ما سار المسيحيون حسب دعوتهم الخاصة في العراق فإنهم لن يكونوا مقصرين بحق انفسهم، ولا ظالمين لأحد. فمن شابه معلمه فما ظلم. ويقينا لن يتمكن احد ان يتهم هؤلاء المسيحيين الودعاء الحكماء بالضعف عندما يرفضون ان يحملوا السيف، حتى اذا كان ذلك دفاعا عن انفسهم، وكم بالأحرى اذا كان حمل السيف دفاعا عن مصلحـة، ما انزل الله بها من سلطان، او كان ذلك عن ظلم وعمالة وخيانة عظمى!

فالضعيف في الواقع لا يستطيع ان يموت من اجل ايمانه وعقيدته الدينية، ولا يستطيع ان يضحي بحياته من اجل الحقيقة والحق والكرامة الانسانية، مع ان التاريخ يقول بأن غالبية الرسل المبشرين بالمسيحية، وان كثيرا من مسيحيي الاجيال الأولى، ماتوا شهداء في سبيل ايمانهم الجديد. كما ان هذا التاريخ نفسه يؤكد على استشهاد اناس كثيرين من غير المسيحيين، ومنهم المسلمون، في سبيل دينهم وعقيدتهم، الأمر الذي يجعلنا نؤكد بأن القوة السلمية هي مستقبل البشرية بأسرها.

وهنا اريد ان اقول كلمة في حكمة الحيات ووداعة الحمام التي يدعو اليها السيد المسيح، والتي جسدها المسيحيون الأوائل بحسب ظروفهم الخاصة، ومن خلالها غزوا العالم القديم آنذاك. فهؤلاء المسيحيون، حالهم حال المسيحيين الأوائل، في اسيا الصغرى وفي بلاد اليونان والرومان، قد صاغوا من ذواتهم نموذجا انسانيا مرموقا، على الرغم مـن ظاهر الضعف الذي كان يبدوا في سلوكيتهم، هذا الضعف الذي لا يفهمه بسهولة الا " من أعطي له ".

غير ان حالة الوداعة والحكمة بقيت صفة راسخة وتاريخية في بلاد المشرق، في حين زالت هذه الصفة من مسيحيي الغرب، ربما منذ بداية مجيء قسطنطين الملك لحكم الامبراطورية، وصدور مرسوم ميلانو 313م بجعل المسيحية دينا رسميا للدولة. فلقد بقي مسيحيو الشرق، وبحكم ظروفهم الخاصة، كأقلية لا تملك دولة خاصة بها، امناء للحالة التي استلموها من آبائهم وأجدادهم، فكانت حياتهم مقبولة حينا وجيدة حينا آخر وممتازة في بعض الأوقات، لكنها كانت بالمقابل صعبة في بعض الأحيان ومؤلمة ايضا. علما بأن تبدلا جوهريا طرأ على حياة المسيحيين في المشرق العربي عندما تحولت ولايات المنطقة الى دول مستقلة، لها علمها ودستورها ونظام حكمها الوطني، فأصبح المسيحيون، مع اخوانهم غير المسيحيين، شعبا واحدا مستقلا، كل فرد فيه متساو امان القانون مع أي فرد آخر، دون ان تكون هناك اغلبية وأقلية سياسية، حيث لم تكن هناك اية فكرة عن المكونات القومية وعن حقوق القوميات السياسية بعد.

تاريخ مسيحيي المشرق السياسي:

وبما ان هذا هو واقع الجماعات المسيحية في المشرق العربي، وتحديدا في العراق، لذلك يكون من الطبيعي ان لا نجد في تاريخ الجماعات المسيحية أي تحرك سياسي يتعارض مع وطنهم وأمتهم، باستثناء حركة الجماعات الاشورية الانفصالية في العام 1933 ، والتي قبرت فـي مهدهـا، بعد ان غدر الانكليز بهذه الجماعة، الغدر الذي كانوا يستحقونه فعلا، اذ هنا ايضا، صدق مثل الراعي والقبرة بشكل كامل.

وعليه نحن نرفض اليوم بإصرار النظر الى قتلى مجزرة سميل كشهداء يستحقون التكريم، لأنهم بالحقيقة، لم يكونوا اكثر من ضحايا المناورات الانكليزية في المنطقة، وضحايا تعصب زعماء العشائر الجبلية التي تسمي نفسها بالآشورية، هذه العشائر التي تريد ان تجير لنفسها كل الحضارة السريانية التي يزخر بها شمال العراق، والتي كانت في سبيلها الى الاندمـاج مع حضارة العراق وهويته، كون الهوية العراقية العربية الوريث الشرعي للحضارة السريانية في المنطقة، لولا وجود الحركات القومية المعادية للعروبة، ولاسيما في شمال العراق والريف السرياني، حيث يكون اهل الريف، وكما هو معروف في كل العالم، آخر من يغير تقاليده.

رواد التمرد السياسي في المنطقة:

وبما ان الأشياء تذكر من خلال شبيهها فاني هنا افتح قوسا صغيرا، لأتكلم عن هذه الجماعات السباقـة الى حمل السلاح، خلافا لعادة المسيحيين وتاريخهم. فقد صادف ان التقيت مع من كان يبدو لي احد الناشطين الآشوريين، حيث كان هذا الرجل يتكلم بتفاؤل، عما سيحصل في العراق على يد الأمريكان، كما كان يلمح فـي حديثه الى ان الاشوريين سيكون لهم شأن في النظام الأمريكي الجديد القادم. وبما اني شخصيا كنت غير مقتنع مما يقول هذا الرجل، فقد سألت محدثي فيما اذا كـان لا يخشى، ان يحدث له، ولجماعته، ما حدث للمتمردين الآشوريين عام 1933؟ فأجابني الناشط اياه: كلا سيكون الأمر مختلفا هذه المرة.

نتائج التمرد الحتمية:

غير ان التاريخ قد اعاد نفسه هذه المرة ايضا، لان معطيات ذلك التاريخ لم تتغير جوهريا، لا بل صار التمرد في زماننا اكثر تعقيدا ويحمل في طياته مخاطر وتضحيات اكبر، بسبب تعقيد الحياة السياسية العالمية. ومن هنا نلاحظ ان نكبـة الاحتلال الجائر وغير الانساني على العراق كانت اشد خطورة على المسيحيين مـن النكبة التي حلت بالآشوريين، جراء احداث سميل في العام 1933، لأن مساهمة السياسيين المحسوبين زورا على المسيحية، من آشوريين وكلدان وغيرهم، كانت وبالا على الجماعات المسيحية التي سيقت كالخراف الى المجزرة، عن طريق ما يسمى بالجزرة والعصا، هذه العصا التي يذوق المسيحيون مرارتها وقسوتها كل يوم، والتي كانت غليظة اكثر مما يستطيع المسيحي المسكين تحملها، سواء جاءت العصا من الظالمين انفسهم من اجل سوق المسيحيين باتجاه اهدافهم المشبوهة، او جاءت العصا من المظلومين متعددي الهويات. وهكذا تحقق هنا ايضا مثل الراعي والقبرة بشكل جلي واضح.

هذا ويحزنني جدا ان يكون من يسمون انفسهم اشوريين، وهم بالحقيقة مسيحيون على الثقافة واللغة السريانية، اول جماعة مسلحة دخلت تلكيف، واستولت على مقر شعبة حزب البعث في بلدتي العزيزة، لكي تسلمه عصر ذلك اليوم للجماعات الكردية المسلحة، وتنسحب هي الى بناية نادي تلكيف، حيث لا زالت فيه حتى الآن. كما يحزنني ما كنت اراه في كل يوم تقريبا من آليات عسكرية امريكية امام مقر هذه الجماعة، ومن بعد ذلك امام مقرات جماعات اخرى مسيحية، في مناطق كثيرة، في حين اقتصرت مساهمـة من يسمون انفسهم كلدانا، على القبول بعملية المحتل السياسية التي لا تقل شرا عن عملية حمل السلاح.

لكن المؤسف حقا هو ان تتبرأ كل الجماعات المسيحية المسيسة، بما في ذلك رئاساتها الكنسية، من هويتها المسيحية المسالمة لكي تتبنى وتنتحـل هويات قومية ما انزل الله بهـا من سلطان، على طلب المحتل الأمريكي، لأن هذا المحتل كـان يعرف ان المسيحيين لن يقدروا ان يشتركوا في عدوانه على العراق، اذا بقوا على هويتهم الاجتماعية المسيحية. وهكذا، اصبح المسيحيون السياسيون او المسيسون، بين ليلة وضحاها، شركاء في الاحتلال، مهما كانت هذه الشراكة وهمية ومزيفة، متوهمين وموهمين قواعدهم المضللة من خلال وسائل متعددة، بأن الاحتلال صار لهم بمثابة الفرصة التاريخية التي لا تعوض، من اجل ان تصل هذه الجماعات الى حقوقها المزعومة، وان كان ذلك على اشلاء جسد بلدها المنحور.

وهكذا ايضا تحول بعض المسيحيين، او بالأحرى كثير من المسيحيين، الى عملاء بامتياز، وتخندقوا مع المحتل، بأشكال مختلفة، وشرعوا يغردون في سرب المحتلين، ويدافعون عن الاحتلال ويلهجون بمزاياه، ويذمون بغباء ما كانوا يسمونه بالحكم المقبور والفاشستي والبائد والحكم السابق، دون ان يخطر ببال احد ان كلامهم هذا قد ينقلب كارثة عليهم وعلى وجودهم في هذا البلد الذي ابتلي بالعملاء.

وهنا لا يسعني سوى ان اقول للمسيحيين المتباكين الحائرين، بأن الحرب هي الحرب، وأن التمييز بين البريء والمجرم غير ممكن في الحروب. ولذلك ما عليكم سوى ان تلقوا باللوم على من ورطكم في السير في طريق الحرب التي اشعلها اقوياء العالـم المجرمون، ونفخ في نارها الطامعون من السياسيين العراقيين. في حين ان المسيحيين لم يكن لهم في هذه الحرب لا ناقة ولا جمل.

من هنا نصيحتي للمسيحيين، اذا كانوا يريدون الأمن والطمأنينة هو ان يغادروا الطريق الذي ساروا فيه الى حد هذا اليوم، وأن يفكوا ارتباطهم النفسي والمادي مع من يقتلهم ويسير في جنازتهم، ومع من يذرف عليهم دموع التماسيح، وفي مقدمتهم بعض رؤساء الكنائس الذين لم يكونوا بالكفاءة والحكمة المطلوبة في محنة الاحتلال. كما اتمنى للمسيحيين ان يتخلصوا من ضعفهم ومن روح الانتهازية عندهم، ومن كثير من افكار مسبقة عششت في رؤوسهم ونفوسهم خلال احداث التاريخ، لكي يستطيعوا ان يعودوا الى طبيعتهم التاريخية المفقودة، لكي يقدروا ان يسيروا في طريق العدل والسلام، بعيدا عن وساوس الشياطين المحتلين وأضاليلهم، ولكي نتمكن ان نقول لهؤلاء المسيحيين ولكل العراقيين: طوبى لفاعلـي السلام فإنهم بني الله يدعون.



القس لوسيان جميل
تلكيف ـ محافظة نينوى ـ العراق
18-5-2010

fr_luciendjamil@yahoo.com
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
تيتاني يا تيتاني
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات كلداني :: مَقَالَاتٌ بِآرَاءِ اصحابها :: كتابات ومقالات متفرقة-
انتقل الى: