* د. عامر حنا فتوحي * أطلعني أحد الأصدقاء قبل أشهر على فيديو للصديق العزيز د. خزعل الماجدي الذي تعود معرفتنا إلى مطلع ثمانينات القرن المنصرم، وذلك إبان إشرافي على قسم (الفنون التشكيلية والتاريخ والعمارة) في مجلة (فنون) فترة رئاسة تحرير الراحل د. محمد الجزائري والعزيز الراحل محمد شمسي نائباً، وكان د. خزعل آنذاك أحد أعلام (الشعراء الشباب) الذين يتميزون بحس مرهف ولغة شعرية متميزة، وكان د. خزعل يكتب آنذاك في الصفحات الثقافية للمجلة فيما كان الصديق د. صفاء صنكور مشرفاً على قسم السينما والصديق د. علي عبد الأمير مشرفاً على صفحات الموسيقى وكان الشاعر الراحل كريم العراقي مشرفاً على صفحة بريد القراء. الجدير بالذكر، أنني وبطلب من د. خزعل أستقبلته محاضراً في عام 2015 في صالة محاضرات (المركز الثقافي الكلداني الأمريكي) في مدينة (مادسن هايتس) بولاية ميشيكان وكان قد قدم معه من كندا الصديق الفنان هادي ياسين علي الذي تعود معرفتنا أيضاً إلى مطلع ثمانينات القرن المنصرم في أكاديمية الفنون الجميلة، وللذكرى ألتقطنا عدداً من الصور أمام (العلم القومي الكلداني) وكان د. خزعل يحمل كتابي الموسوعي لعام 2012م من (550 صفحة)، الذي يتناول تاريخ الكلدان منذ الألف السادس ق.م. مدعماً بأكثر من ستمائة مصدر أكاديمي. كان لا بد من هذه المقدمة، لاسيما بعدما طالبني البعض بالرد على مقابلة تلفزيونية للصديق د. خزعل يتناول فيها تاريخ الكلدان من خلال وجهة نظر تقليدية ومصادر لا يعتد بها، فأعلمتهم بأنني أخذت فكرة سريعة عن المقابلة، ولست معنياً بالرد، ذلك لأن مجال تخصص د. خزعل هو الميثولوجيا الرافدية، وذلك بسبب من خلفيته الأدبية، كما بينت بأنني أحترم وجهة نظره الشخصية عن الكلدان مع أنها (مجانبة للصواب تماماً) ويمكن تفنديها من خلال قراءة كتابي لعام 2004م الموسوم (الكلدان منذ بدء الزمان)، كما شجعتهم على قراءة منشورات د. خزعل في مجال الميثولوجيا الرافدية لأنها ممتعة ومفيدة، أما تصوراته الأخرى فهي تصورات شخصية موجهة لمن يتحدثون باللغة العربية بينما تصب توجهاتي على كسب قراء اللغة الإنكليزية التي هيّ (لغة عالمية) وحُسِم الموضوع.
من نافلة القول أنني كنتُ مخطئاً في موقفي ذاك، وذلك بسبب مشاغلي وإلتزاماتي المتعددة من ناحية ومن ناحية أخرى لعدم رغبتي في الدخول في مهاترات ليست بأكثر من مضيعة للجهد والوقت، وعلى سبيل المثال أذكر أنني قد قضيت وقتاً ثميناً كان بإمكاني أن أستثمره لأنجز عدداً من مشاريعي الثقافية المتعددة، لكنني أرحأت كل ذلك من أجل دحض عدد من المغالطات التاريخية، حيث فندتُ في مطلع تسعينات القرن المنصرم أكاذيب وإدعاءات البعض ممن تم تجنديهم من قبل من لا يريدون الخير للكلدان، وفي مقدمتهم مبوقو الأحزاب المتأشورة التي تبنت التسمية الآشورية الملفقة في لندن عام 1976م، فقمت بتلقين المتأشور هرمز أبونا دروساً لم ينسها كتابة ومواجهة شخصية، وكان ذلك موقفي مع الراحل د. دوني جورج الذي أوقعته طيبته في شرك تلك الأحزاب المتأشورة الحاقدة على الكلدان، لكن بسبب من تدخل الملحق الثقافي العراقي في واشنطن، الدكتور عبد الهادي الخليلي شخصياً الذي أستنجد به الراحل د. دوني جورج فقد توقفت عن مواصلة كتابتي ضده بسبب ندمه على إجاباته غير العلمية في واحدة من مقابلاته الصحفية التي تعرض فيها للكلدان، وأيضاً بسبب إحترامي وإعتزازي بقامة علمية عراقية كبيرة مثل الدكتور عبد الهادي الخليلي. كما سبق لي في عام 1996م تفنيد إدعاءات الراحل د. بهنام أبو الصوف، وكإعتذار عما قاله بحق الكلدان فقد قام بإنزال كتابي (الكلدان منذ بدء الزمان) بصيغة (ﭘﻲ دي إف) على موقعه قبل رحيله. والحق فقد كان هذا مصير البروفيسورة البريطانية ستيفاني دالي عندما أقترحت بأن (جنائن بابل المعلقة) قد لا تكون في بابل وخلطت في كتابها المشوش المعلومات الحابل بالنابل مثلما خلطت معلومات لا علاقة لها بموضوع الجنائن بتصورات شخصية ما أنزل ألله بها من سلطان. فقمت بتفنيد مقترحاتها البعيدة عن المنطق العلمي داعماً دراستي تلك بالوقائع التاريخية والمصادر العلمية، وكل هذا موثق في كتابات ومنشورات وكتب صدرت لي ونشرت في العديد من المواقع الأكاديمية وصفحات التواصل الإجتماعي. قبل أيام أرسل لي أحد الأصدقاء رابط الفيديو التالي الذي سعى فيه د. عادل هاشم علي إلى إسقاط أصالة الهوية الرافدية عن سكان العراق الأصليين الكلدان وإشاعة مغالطات تم تفنديها منذ تسعينات القرن المنصرم. https://www.facebook.com/100001235907191/videos/289699034097321 الحق، أنني بعدما أنتهيت من مشاهدة الفيديو، لم تحضرني ألا المقولة الذائعة “شر البلية ما يضحك”، ولا أخفيكم بأنني قد تأسفت على ما وصلت إليه حالة العلم والتعليم في العراق. للدكتور عادل أقول: علم التاريخ ليس شهادات مكتسبة بعد السقوط من بلد طائفي فاقد للسيادة الوطنية، وليس مناظرات عاطفية ولا أنحيازات شوفينية ولا بناء قلاع من الرمل على الهواء. عزيزي د. عادل المحترم، أنت شاب بصري وكما تعرف فأن (البصرة) تاريخياً واحدة من مدائن (الكلدان) العتيقة وأصلها اللغوي الكلداني هو أرض الصرائف، ومثلها ترجع أصول العديد من المدائن الواقعة على خليج الكلدان (تام تي شا مات كلدي)، وعلى سبيل المثال (ﭘﻟﮔﺎ، فيلكا أو الكويت) وﮔيرا (جِيره، في الإحساء) والبحرين (تلما/ تلمون) وقطرا (قطر)، وهذه أراض كلدانية رافدية منذ ما قبل عصر العبيد. إن التلاعب بالمفردات وتوهم تواريخ وتوصيفات لا علاقة لها بأرض الواقع لا يصنع منك أكاديمياً. إن كنا كلدان أو كلديين أو كلدانيين أو كسديين أو غير ذلك من تسميات، فأن هذا لا يختلف جملة وتفصيلاً عن حقيقة التنوع في أكثر من عشر قراءات تخص مفردة (بابل) التي تتباين أيضاً كتابتها مقطعياً سواء كان ذلك (لوﮔوﮔرامكلي/ لوﮔوسيليبك) أو (فونتكلي / صوتي)، ولا تختلف بكل تأكيد عن قراءة أسم (نبو كيدوري أوصر) سواء تمت قراءته بصيغة نبوخذنصر أو نبوخذراصر أونبوخودورنوسورس أو نبوكوللاسسار أو بختنصر أو غيرها من قراءات متنوعة عبر التاريخ وتنوع الشعوب، فهل تتصور بأن تنوع القراءات بمعنى أكثر من قراءة لأسم نبوخذنصرالثاني تحديداً، سيكون مبرراً لأن تخرج علينا بفديو جديد تقول فيه أن هؤلاء (النبوخذنواصر)، هم شخصيات مختلفة لأن كتابة الأسم جاءت بطرق مختلفة؟ لذلك أنصحك، قبل أن تفتي علينا بماهية أصولنا القومية أن تنتبه إلى حقيقة لا جدال عليها وهيّ، أنك لو نقبت في أصلك وأستوعبت ماهية (نظام المولاة) الذي أبتدعه الغزاة المسلمون وبناء تسلسل المرجعية الهرمي ذي الأصل النسطوري، لوجدت أنك تنحدر من العرق الكلداني (النبطي) وفقاً للتسمية (العربية)، وبأنك لست من أصل عربي كما تتوهم. هنا لا يسعني إلا أن أحيلك بهذا الصدد إلى حديث الإمام الأول علي بن أبي طالب (نحن معاشر قريش حي من النبط (كلدان) من أهل كوثى (تل إبراهيم/بابل). هذا الحديث نقله ثقاة المحدثين وفي مقدمتهم أبن عباس ومحمد بن سيرين وأبن الأعرابي، كما تجده في المصدر المعروف تاج العروس الجزء الثالث، ولعلمك أيضاً فأن للأمام السادس ومؤسس المذهب الجعفري جعفر الصادق حديث مشابه لجده. وعن أصالتنا وحالة إغتصاب بلادنا (بيث نهرين) من قبل البدو الحجازيين الذين توقعناهم عوناً فصاروا علينا فرعوناً، أحيلك إلى كتاب (المواطنة العراقية) للباحث الأكاديمي علي ضرغام الذي يذكر في مقدمة كتابه: وكان (أئمة أهل البيت) من أوائل من أشاروا إلى هذا التاريخ المسلوب، بمعنى (إغتصاب بلاد الرافدين)، فجاءت كلماتهم لتبرز هذه الجرائم وتؤمل أهل العراق (الكلدان) بعودة (حقوقهم) يوما ما، كما في رواية عن الامام الباقر عليه السلام في حديث عن (سفراء) الامام المهدي عليه السلام: “ويُرد السواد الى اهله، هم اهله”. يتبين من هذا بأن (الكلدان) هم أهل العراق الأصليين، وكما يقال بشهادة (الأئمة الأطهار)، ويؤكد هذا أيضاً بأنه لم يكن هنالك ثمة عرب (قومياً) قبل النصف الأول من القرن الأول للميلاد كما يدعي أو يتوهم البعض. الحقيقة الدامغة الأخرى، أن العرب يعيشون منذ عصر الفتوحات (الإستعمار الإسلامي) على أرض مستلبة من سكانها الأصليين، وما محاولتك التي لا سند علمي لها إلا إذعاناً في تغطية تلك السرقة اللا إنسانية. ربما ستتعكز كما يفعل البعض من المستعربة على شبهة ترجمة (المسلة للسوداء) لملك آشور شلمنصر الثالث، بخاصة بين مفردتي (عروايي) التي تكتب (عربايي) والتي تعني تحديداً، (ساكنو غرب الفرات) أي منطقة ﭘراﭘﺎتوميا (البادية الغربية) غير المتحضرين، وبين مفردة (عرب) التي أستخدمت بعد الميلاد، لاسيما في عهد الإحتلال الروماني الذين نشروا هذه التسمية وفقاً لقراءتهم الخاطئة لشعوب المنطقة. لعلمك أيضاً، فأن هذه المغالطة العلمية (الترجمة الخاطئة لمفردة عربو في المسلة السوداء) قد تم تفنيدها من قبل الآركيولوجيين والمؤرخين المختصين بحضارة وادي الرافدين، وقد تناولتها تفصيلياً في كتابي الصادرعام 2004م (الكلدان منذ بدء الزمان) مدعمة بالمصادر. بيان خطأ منطقك ولا علميته بصدد الكلديين الكلدان تقول (وفقاً لقراءاتك غير الصحيحة للتاريخ) بأن الكلديين هاجروا من جنوب (الجزيرة العربية)، وهنا أسألك، عن أية (جزيرة عربية) تتحدث في أواخر الألف الثاني ومطلع الألف الأول ق.م؟ وأيضاً على أي منطق علمي أستندت لتستخدم عبارة (الجزيرة العربية) في عهود سبقت تواجد العرب؟ علماً أن لا إشارة لجزيرة عربية إبان ذلك العهد السحيق، ولا وجود لقومية عربية قبل النصف الثاني من القرن الأول للميلاد، وبالتالي هل تعرف من ومتى أستخدم مصطلح (الجزيرة العربية) لأول مرة؟ وأيضاً، وهو الأهم من هذا وذاك، أين هيّ دلائلك المادية الآثارية على وجود مثل تلك الهجرات العربية الوهمية؟ علماً بأن مفهوم الهجرات الجزيرية لا يعدو أن يكون مجرد مقترحات وتكهنات خرج علينا بها بعض الغربيين في القرن الثامن عشر. لذلك قبل أن تفتي علينا حول (أصلنا) أعرف (أصلك). من المؤسف حقاً أن تركب وأنت المتعلم الشاب موجة إسقاط (آصالة الهوية القومية الرافدية)عن (الكلدان) معتمداً مقولة (آثاري عروبي) من الموصل يكن الكراهية للكلدان واللغة الكلدانية بدوافع طائفية هو د. بهنام أبو الصوف على الرابط أدناه https://www.iraqinhistory.com/%D8%AF.-%D8%A8%D9%87%D9%86%D8%A7%D9%85-%D8%A7%D8%A8%D9%88-%D8%A7%D9%84%D8%B5%D9%88%D9%81/2017-03-20-18-39-16 الدكتور بهنام أبو الصوف قد يكون نابغة في حقل الآثار، لكنه وبكل تأكيد يمتلك معلومات مشوشة وسطحية عن (الكلدان قومياً) ويخلط (بسبب من إنتمائه العروبي) ما بين المفهوم القومي والإنتماء الكنسي بطريقة مؤسفة تدل على عدم تضلعه في هذا الشأن. نعم يا عزيزي، أنك قد تكون ماهراً في قيادة السيارات لكن هذا لا يعني أنك تجيد إصلاح عطلاتها الميكانيكية والكهربائية بجدارة المعنيين والمختصين. أما تصريحات الكاردينال ساكو (إبان صراعه مع القوميين الكلدان)، التي تراجع عنها لاحقاً مؤكداً بأن هويته القومية هيّ الكلدانية وبأنه كلداني قومياً، فأنها في كل الأحوال، (لا تقدم أو تؤخر)، لأنه (رجل دين) منخرط في عالم السياسة، وهذا مخالف أصلاً للمعتقد المسيحي (مرقس 12 : 17 أعط لقيصر ما لقيصر ولله ما لله)، وبطبيعة الحال فأن إعتمادك على مصدرين لا يعول عليهما من أجل تفسيرك الخاطيء لماهية (القومية الكلدانية)، إنما يؤكد وبشكل لا لبس فيه على جهلك المدقع بمفهوم المسيحية وتاريخ كنيسة المشرق الكلدانية التي تأسست في بابل / كوخي مطلع القرن الأول الميلادي، الذي تؤكده عشرات الدلالات والأسانيد المادية ولعل أهمها كتاب (الحوذرة) أواخر القرن الرابع ومطلع القرن الخامس الميلادي، الذي يؤكد بأن شعب كنيسة المشرق هم (الكلدان)، كما في صلاة الرمش ليوم الجمعة المسماة (عونياثا) وذلك قبل إرتباط (الكلدان) بالفاتيكان بأكثر من ألف عام!
أما بصدد تسمية الكلديين وهيّ (ترجمة عربية)، عن ترجمات للغربيين الذين أبدعوا في مجالات وخربوا الكثير في مجالات أخرى، فتذكر بيوتات الكلدان في الألف الأول ق.م. لكنك تتجاهل تدمير الملك نابو ناصر لسجلات كلدانية تسبق عصره بألفي عام، من أجل أن يبدأ عهداً جديداً للكلدان مرتبط بحكمه. تتجاهل أيضاً حادثة إنقاذ قائد فوج العربات الكلداني (رتي مردوخ) من إمارة (بيت كرز يابقو) للملك نبوخذنصر الأول 1125 – 1104 ق.م، كما تتجاهل تأكيدات موسوعة (بابلونيكا) التي أعتمدها جميع المؤرخين الكلاسيكيين العظام أمثال ميكاسثينس وأبيدينوس ويوزبيوسوديودروس سيكيلوس والمؤرخين الرومانيين أمثال ألكسندر بوليهستر وأشهر مؤرخي القرن الأول للميلاد يوسفوس، كما تتجاهل أو ربما لا تعرف بأن أستاذنا الراحل طه باقر يسميها بأسمها الصحيح موسوعة (كلدانيكا) أي الموسوعة الكلدانية سؤالي هنا، هل تعتقد بأنك أوسع علماً ومعرفة من الأستاذ طه باقر أو الأركيولوجي العراقي الرائد (بشير فرنسيس) الذي صاغ قانون (حماية الآثار العراقية) وسجل إكتشاف ما يزيد على ألف موقع آثاري، ولربما تعتقد بأنك أكثر علماً ومعرفة من أبي الروحي د. فوزي رشيد أو أستاذتي اللامعة د. بهيجة خليل أسماعيل، وبالتالي هل أنت قادر على تنافس منجز عمالقة علم الآثار والتاريخ الرافدي أمثال فؤاد سفر وفرج بصمة جي أو عالمة التاريخ الآثارية مارﮔريت روتن،لاسيما كتابها الشهير (علوم الكلدان)، والعشرات من فطاحل الآثاريين الذين تناولوا موضوع الكلدان ماضياً وحاضراً. هنا تحضرني التساؤلات التالية: كم هيّ عدد المصادر التي قرأتها جنابك الكريم بلغتنا الأم (اللغة الكلدانية)، على سبيل المثال (كتاب الحذرة) أو تاريخ (يوحنان بر كلدان) المكتوب في القرن العاشر باللغة الكلدانية أو كتاب ماري بن سليمان (أخبار فطاركة المشرق / كتاب المجدل) الذي كتب باللغة الكلدانية في القرن الثاني عشر للميلاد وعشرات المصادر غيرها. للأسف أنك قد كشفت في برنامجك (الفيديو) هذا عن فقر مدقع في معلوماتك التاريخية ومعلوماتك المتعلقة بالتاريخ المسيحاني في بلاد الرافدين الذي تم إقتطاعه من كتب المناهج العراقية الطائفية تعسفياً. أن ما طرحته في الفيديو (دونما مجاملة) لا يتعدى مستوى طالب من المرحلة الثانوية، وإلا كيف وأنت الحاصل على دكتوراه في التاريخ، لا تميز بين نبوخذنصر الثاني من (السلالة البابلية الحادية عشر) وبين نبوخذنصر الأول من (السلالة البابلية الرابعة)؟ وبالتالي هل لك أن تذكر لي أي مصدر تاريخي آثاري لما قبل الميلاد قد أورد تسمية (مملكة كلدانية)؟ الكلدانية يا دكتورنا المحترم ليست مفهوماً مرتبطاُ بدولة أو مملكة، وأنما هو مفهوم قومي خالص، أما تسميات مثل (آشور وبابل وأكد) فهي أقاليم كلدانية أسسها الكلدان البابليون، وهنا أود أن تسأل نفسك بأي تراب بنى سركون الأكدي عاصمته دور شروكين الأولى؟ وإلى من يُرجِع سركون الثاني (ملك آشور) نسبه، وإلى أي إمبراطور يُرجِع نبوخذنصر الثاني نسبه؟ إن كنت لا تدري فتلك مصيبة. بصراحة لم أتمالك نفسي عن الضحك عندما ذكرت جنابك الكريم عبارة (مذهب كلداني)، يا دكتورنا المحترم، كان ينبغي وأنت تناقش موضوعة (يفترض بها أن تكون علمية)، أن تفهم بأنه (لا يوجد مذهب كلداني) كما (تتوهم)، وإنما تدل تسمية الكنيسة (الكلدانية الكاثوليكية) على القوم ومذهبهم، كما في تسمية الكنيسة الأرمنية الآرثدوكسية (أرمن أرثدوكس) والكنيسة القبطية الكاثوليكية (أقباط كاثوليك) وغيرها، لذلك حاول مستقبلاً أن تستوعب قبل أن تفتي، وأن لا تلقي الكلام على عواهنه، لأن هنالك من يعرف ما لا تعرف نصحيتي الأخرى لك يا أخي الكريم، هيّ أن تدع ما لا معرفة لك به لأهل المعرفة وأن تدع (تاريخ الكلدان وأصالتهم القومية) للكلدان. لعلمك هنالك أكثر من فصل في كتابي الموسوم (مآثر الكلدان) الصادر باللغة الإنكليزية في الولايات المتحدة عام 2021م، تؤكد هذه الفصول تواصل الكلدان قومياً منذ الألف السادس ق.م. حتى يومنا هذا، وبطبيعة الحال فأن هذه الفصول لاتتبع أسلوبك (قال فلان وتحدث علان)، وإنما أعتمدتُ فيها على أثباتات وأسانيد مادية تاريخية لا جدال عليها. أنصحك أيضاً، إن كنت تجيد (اللغة العربية) فقط، قراءة ومناقشة كتابي الموسوم (الكلدان منذ بدء الزمان) إما إن كنت تجيد اللغة (الإنكليزية) بطلاقة (وهذا ما أشك فيه)، فآمل أن تقرأ كتابي الصادر عام 2021م في الولايات المتحدة، حاول أيضاً مناقشته علمياً لكي لا تدلو مستقبلاً بدلو لا تعرف كنهه. الخلاصة، (تذكر) ثم (تذكر) وأنت تحسب نفسك عربياً وتعيش في العراق، بأن العرب قد أغتصبوا بلاد أجدادي الكلدان، وأبادوا أكثر من ستة ملايين كلداني (مسالم) بعد قرن واحد من إغتصاب بلاد الرافدين. (تذكر) أيضاً بأن أعداد الكلدان التي قاربت على الإنقراض في (بلاد الرافدين) كانت تشكل قبل ما تسمى بالفتوحات أو الغزوات البدوية السيئة الصيت، نسبة 95% من مجموع سكان البلاد في القرن السادس للميلاد، لكن بسبب (رحمة) الغزاة الحجازيين و(المعاملة الإنسانية الراقية) التي عاملنا بها سلاطين المغول والعثمانيين والصفويين والمماليك وأغوات الكورد ومن لف لفهم فقد أنخفضت نسبة تواجدنا اليوم في (وطننا الأم) إلى ما دون 1% .(ينبغي إن كنت إنسانياً ومنصفاً أن تشعر باللعار) وأن تقتدي بما أدلى به (الأئمة الأطهار) “ويُرد السواد الى اهله، هم اهله”.
العمل/الترفيه
19/1/2024, 7:58 am
