حذارِ من التطبيق التام للفكر الغربي العلماني، فظاهِرهُ صافٍ كبياض الحمام وداخلهُ قاتم كالعبودية
توضيح : لست من القائلين بَسلبية الحضارة الغربية وعدم صحتها، بل اعترف بوجهها المشرق ومزاياها الحضارية الكبيرة على العالم في نواحي الطب والعمران والثقافة. ولكني .. في نفس الوقت .. أتوجزُ حذراً من الآثار السلبية والنفايات الاجتماعية التي تُلقى يومياً لتُفكك الأواصر الإنسانية بحجة العلمنة . فلكل حضارة (بشهادة علماء النفس والاجتماع) مهما كانت رائعة ومُبتكِرة علمياً وتقنياً ، أماكنَ خاصة لرمي النفايات (مثل كل بيت أو مدينة) وما يقلقني هو وجود الآلاف من مُهاجرينا في هذه القُمامة الغربية. وهكذا فإني لا انصح بإتباع هذه الحضارة تماماً بدون فحص للمعطيات المُقدمة لان هناك الكثير من السموم المخبأة في بواطن العلمانية الجميلة ... فحضارة تبيع تأريخها مع القيم والمبادئ التي مات الآلاف من أبنائها من اجل ترسيخها و ليبقى الجيل القادم بدون أي توجه هي حضارة تُخيفُني جدا !.
وهذه بعض نتائج التحليل التاريخي الذي قمت به (أنا الكاتب) لبعض العادات المتغيّرة في هذه الحضارة والتي أثارت عندي تساؤلات كبيرة !.
كنسياً : 1 _ كانت الكنيسة والشعب يحتفلون
بعيد القديسيين قبل مائتي سنة ( عيد ديني ) .. أما اليوم فقد أصبح عيداً للشياطين ( هالويين ) ويلبس فيه الأطفال والشباب الأشكال الشيطانية .. وأصبحت الكنيسة تماماً خارج هذا العيد وتنازلت هي والمسيحيين عن هذا العيد المهم لصالح الشياطين .. كيف حصل هذا ؟ ومتى ؟ ومن باعَ هذا العيد ؟.
2 _ كانت الكنيسة والشعب يحتفلون
بعيد الميلاد المجيد .. أما اليوم فيقتصر هذا العيد على الشجرة (شجرة الميلاد الوثنية) التي حجبت مغارة وحضور المسيح تماماً .. فمغارة القرون الوسطى لم تحتوي على أي شجرة ! متى جاءت الشجرة ؟ وكيف تسربت وأخذت مكان المسيح ؟ اليوم لا وجود لمغارة المسيح تماماً والكُل يكتفي بشجرة غريبة مع بعض الأنوار.. وما أزعجني في الأمر، هو تفسير الكهنة للشجرة على أنها رمز مسيحي (سذاجة دينية رائعة) وما زاد الطين بلة .. هي الشخصية الكارتونية ل ( بابا نويل ) وكيف أن الجميع ينتظرهُ وخصوصاً الأطفال مُتناسين رب المجد (يسوع المسيح) . بالفعل نجحت العلمانية بجعل المسيح هو آخر ما نفكر به بعد التسوق والحفلات والهدايا و... .
3 _ فالنتاين دي ... هو عيد القس فالنتاين ... الذي تحدى الأمر الملكي .. وكيف أن الملك الحاقد على المملكة ، أمرَّ بمنع الزواج حتى يضمحل آخر فردٍ من المملكة وذلك من خلال إيقاف الزواج ( ليقف الإنجاب بدوره) ولكن الكاهن الشجاع .. فالنتاين .. تحدى الأمر الملكي وبدأ بتزويج الشباب في قبو الكنيسة ( السرداب ) متحدياً قرار الموت وليخلق الحياة .. لذا قررت الكنيسة الاحتفال سنويا بذكرى هذا القس القديس .. اليوم فالنتاين ( عيد الحُب ) هو عيد المجون والبارات والحفلات الصاخبة والمخدرات ، وسُحِب هذا العيد من الكنيسة أيضا !.
4_ أما آخر انجازات هذا المجتمع العلماني .. فهي تغيير
تحية الميلاد من ( ميري كريستمَس والتي تعني ولد المسيح ) إلى تعبيرٍ ركيكٍ وضعيف ألا وهو (عطلة سعيدة) !. وشعبنا بالمهجر قد تناسى أيضاً مقولة أجدادنا (ولد المسيح ، هويلي مارن) ليحُل التعبير الإسلامي بدلهُ (عيد سعيد ، ايذخون بريخا) !
هذه الكنيسة التي وهبها الشعب المسيحي في الغرب، الدم والنفيس .. نختنق اليوم بتصرفات مادية وعلمانية بعيدة كل البعد عن الروح المسيحي .
اجتماعيا : 1 _ _ بشهادة علماء النفس .. فإن
الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 13 _ 18 هم في حالة أللاستقرار أو التوجه ويحتاجوا إلى التماهي (التشبه) بشخص كبير وقوي ليسند شخصيتهم بهذه المرحلة الحرجة ( المُراهقة ) .. مما حدا بالعلمانية المتحررة أن تتحرك وتقدم .. هوليود وفنانيها الساقطين أخلاقيا على طبقٍ من ذهب.. سمعت يوماً الفنان المشهور (توم كروز) وهو يقول لو كان أبي حياً .. لبصقتُ في وجهه وضربتهُ (وبدأ الكل يضحك ويصفق)، تخّيل .. عزيزي القارئ .. هذا التصريح المُُفيد لملايين الشباب المُغرمين بشخصية كروز الكارتونية وهو يُهين أبيه أمام الجميع !
ناهيك عن الحرية التامة (الغير مُحددة) التي مُنحت لهذا العمر الحرج .. فكانت الحفلات والمجون والدعارة مع المخدرات في عمر الثالثة عشرة هي المُتنفس الوحيد لهذا العمر بدل الرياضة والصداقة والتعاون .. ويُدعى هذا النوع من الحفلات بال ( هاوس بارتي او بيرثدي بارتي) أي حفلات البيوت. هناك أكثر من 90% من الشباب يتعاطون المخدرات عن طريق هذه الحفلات (بشهادة البوليس المحلي في كندا وأمريكا).. ناهيك عن الإمراض الجنسية .. ونسبة المتشردين تزيد 3% في كل سنة ! .
2 _
الطلاق يعني تدمير العائلة. والطلاق في هذه الحضارة هو ابسط وأسهل شيء ممكن أن تعملهُ عند الصباح (مثل الرياضة الصباحية) .. والمُناداة بحرية المرأة (الحرية الخبيثة) وسميتها خبيثة عندما تستعملها الأم بكل خبث لتزيح الأب وتربي أولادها حسبما تريد هي .. تربية نسائية . وأذكر أني كنت في الجامعة (كوانتلن) في فانكوفر ولثلاثة أشهر لا اعرف الشخص الذي يجلس بجانبي هل هو شاب ام شابة !
تربية الأم لوحدها تخلق جيل (مُدلل) لا مسؤولية ولا رجولة تدفعه إلى الأمام فقط الحنان القاتل المقيت أحيانا. وتزدادُ حيرتي احيانا عندما ازور بعض العوائل التي قضت فترة طويلة بالمهجر، وارى أبنهم الشاب وهو يمرُّ من أمامنا ويمشي كأنه روبرت (إنسان آلي) لا يعرف أن يهتم أو يلتفت أو حتى يتكلم معتقدا انه مركز العالم (لا توجد فيه روح) لا حياة..تمثال ويمشي..وحسرتاه على الرجولة الشرقية.
3 _
تقديس الحرية الفردية .. ظاهرياً .. الحرية الفردية هي شيء رائع ، ولكن إن زادت عن حدها تُصبح سجنا مقيتاً يتجول فيه شيطان الأنانية. تدخل إلى بعض مناطق كندا وأمريكا ذات الكثافة السكانية .. فتقول : هل حدثت كارثة ما ليرحل الجميع ، فهذه المنطقة يسكنها أكثر من مائتي ألف نسمة ولكنك لا تجد احد يمشي في الشارع . مائتي ألف ولكن لا حرارة آو سلام يجمعهم كجماعة. أليس هذه هو الحلم الشيطاني الذي أقنعنا بالحرية الداخلية التي منعت البعض من إلقاء تحية الصباح على الجيران. واذكر أني سألت جيراني يوماً ، لم لا تحاول أن نتعارف فتُلقي تحية الصباح وأجاوبك بالمثل .. فقال : حتى لا أتعدى على حريتك الداخلية والشخصية ولا أزعجك؟
لا تتصل بي ، ولا تُحييني في الصباح او تبتسم بوجهي ، لا تسأل عني أو تنظر إلي .. كل هذه حتى لا تزعج حريتي الداخلية ؟؟؟
ملعونة هذه الحرية التي تفصلني عن أخي ... ملعونة هذه العلمانية التي تجمد مشاعري فتجعلني ماكنة عمل او ثور تحركهُ الأجندة اليومية ... ملعونة نفسي إن أمنت ولو للحظة بهذه السخافات والنفايات الغربية !
الأب سرمد يوسف باليوس
فانكوفر / كندا