بيان البطريركية الكلدانية بداية لمرحلة جديدة في مسيرة الأمة الكلدانية
هذا هو الراعي الجليل والأب الحنون، الكاردينال مار عمانويل الثالث دلي، بطريرك الكلدان في العراق والعالم، الذي صبر بإيمانه وصلواته على الآلام والمحن والشدائد، فقد عرفنا في سيادته المحبة والتضحية والتسامح وطول الأناة والحكمة، والعدل في الفصلِ والقضاء، وهو الذي لم ينسى أي فرد من رعيته في صلواته ودعواته، وكان صابراً على هفوات بعض ممن أغراهم الشيطان بحب الجاه والسلطة والمال، صبر عليهم أملاً أن يعود هذا البعض الى رشده ويتوب ويعّمر الرب في قلوبهم المحبة للآخرين، ولكن لما طفح الكيل وتجاوز الغدر حدود الصبر، فلم يكن من لدن سيادته الاّ أن أطلق كلمته في دعوة الظالين الى الخير والمحبة، ودعوته لهم لهدم كل بنيانٍ غشٍ افتعل زوراً، كاسراً كل قلم ينال من الآخرين افتراءاً و يدعوا للتفرقة والعنصرية المقيتة، وإخراس كل صوت يدعو الى تشويه التاريخ وتزويره عمداً ليستولي على انجازات الغير وحقوقهم.
كٌنّا واثقين بأن كنيسة الكلدان في العراق ستقول كلمتها يوماً وتجتاز حاجز الصمت بعد صبرها الطويل جداُ على ما يعانيه الشعب الكلداني الأصيل وكل مؤسساته في بلده وبلد أجداده من قبل إخوة لهم في الدين. فالهجمة الشوفينية الشرسة التي شنتها وشاركت فيها كل المؤسسات الآشورية دون استثناء على الشعب الكلداني وقوميته العريقة وخلال اكثر من عقدين من الزمن بهدف الغائه من الوجود، وان نجحت في محاور ومفاصل عدة تمكنت خلالها تلك المؤسسات من اقصاء الكلدان والإستيلاء على حقوقهم القومية والسياسية الى هذا اليوم، الا انها لا بد وان تتوقف عند حاجز شديد و صلب من أقلام وأصوات ونضال الكلدان الغيارى على أمتهم و قوميتهم، هؤلاء الكلدان الذين أبوا ان يستسلموا للرعاع والشوفينيين، وابوا ان يساوموا على مبادئهم وخصوصيتهم القومية وضمائرهم مقابل حفنة من الدولارات.
نعم الأحزاب الآشورية ورئاسة كنيستهم تتحمل المسؤولية الأخلاقية والقانونية والتاريخية أمام ما اقترفوه من ظلم وافتراء على الكلدان وقوميتهم الأصيلة والعريقة وعلى مدى اكثر من عقدين من الزمن، والأدلة أصبحت واضحة وفي متناول الجميع.
وهنا لابد من الإشارة الى نقطة غاية في الأهمية، وهي ان ما قامت به ولا تزال المؤسسات الآشورية بحق الكلدان وقوميتهم، والتي تتعارض بشكل صارخ مع القيم الروحية ومباديء حقوق الإنسان والأحكام والأعراف الدولية ليست جريمة بحق الشعب الكلداني فقط، وأنما هي جريمة أيضاً بحق الأجيال الصاعدة للآثوريين أنفسهم الذين يُحقنون بجرعات مركزة من الحقد والتعصب البغيضين بالإضافة الى سياسة عدم قبول الاخر والغائه من الوجود.
هذه الأجيال وللأسف الشديد ستتحمل وستعاني كثيراً من النتائج السلبية والتأثيرات النفسية والإجتماعية جراء سياسات مؤسساتهم العدوانية وأيدولوجياتها الشوفينية.
وبعد هذه الهجمة الشرسة، على شعبنا الكلداني بكافة مؤسساته أن لا يتوقف عند حدود بيان البطريركية الكلدانية، وانما ان يجعل من هذا البيان إنطلاقة جديدة الى الأمام وورقة عمل في رسم خارطة النضال المستقبلي للإمة الكلدانية لكي تجتاز هذه المرحلة الصعبة من تاريخها.
وعليه يجب المباشرة من اليوم بخطوات مؤثرة وملموسة في سبيل الوصول الى أهدافنا المشروعة في نيل حقوقنا القومية و السياسية والدينية في بلدنا العراق.
ومن هذه الخطوات:
1- على رئاسة كنيستنا واساقفتنا وكهنتنا الافاضل القيام بشرح أبعاد المؤامرات المحاكة ضد الشعب الكلداني من على منابر كل كنائسنا في الداخل والخارج، ليطلع الكل على تفاصيل تلك المؤامرات والتي هي أخطر من المجازر التي لحقت وتلحق بنا كل يوم على يد الإرهابيين والظلاميين، وليتمكن أبناء شعبنا من الوقوف صفاً واحداً ضد المؤامرات والممارسات الغير الأخلاقية، وردع الفئة الظالة التي تعبث بمصير الأمة الكلدانية.
2- مطالبة الجهات الرسمية في العراق الفيدرالي وإقليم كردستان بكوتا خاصة بالقومية الكلدانية.
3- على الكنيسة الكلدانية القيام بدورها في دعم المؤسسات السياسية والقومية الكلدانية لكي تكون سنداً لها في مقارعة قوى الشر والغدر ومن لف حولهم من الخونة والإنتهازيين.
3- على مؤسساتنا الكلدانية مجتمعة من دينية وسياسية ومدنية القيام بحملة تعبئة جماهيرية واسعة النطاق على الصعيدين الداخلي والخارجي. فعلى الصعيد الداخلي والوسط الكلداني يجب القيام بنشر المقالات والوثائق المهمة وعقد الندوات من أجل شرح مظلومية الكلدان وفضح المتآمرين والإستعداد الجماهيري للقيام بتظاهرات حاشدة داخل وخارج الوطن تعبيراً عمّا لحق بالكلدان من تهميش وإقصاء وتدخل في شؤونه الداخلية.
أما على الصعيد الخارجي، أي خارج وسط شعبنا الكلداني، فعلى مؤسساتنا الكلدانية أيصال الوثائق المهمة ورسالة البطريركية ومعاناة الشعب الكلداني الى المنظمات الدولية كالإمم المتحدة ومؤسسات حقوق الإنسان والحكومات الغربية والبرلمان الأوروبي والى كل الكتل البرلمانية في العراق وحكومته، وكذلك الى برلمان ورئاسة اقليم كردستان مع الإشارة الى المواد: 1 ، 2 ، 4 ، 5 ، 9 من قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 47/135 المؤرخ في 18 كانون الأول/ ديسمبر 1992 والخاص بحقوق الأشخاص المنتمين إلى أقليات قومية أو إثنية وإلى أقليات دينية ولغوية.
كما انها فرصة مهمة اليوم لكل الكلدان المغرر بهم عليهم استغلالها في العودة الى أحضان شعبهم و أمتهم الكلدانية ليدافعوا عن قوميتهم بدلا من اصطفافهم في الصف المعادي لها.
سعد توما عليبك