Jan 09, 2013
هل انتخاب البطريرك الجديد هو الهدف ام البداية؟
د. نزار شمو/ سدني معظم الكتاب الذين كتبوا ولا يزالون عن انتخاب البطريرك الجديد لكرسي بابل للكلدان ركزوا كل اهتمامهم على الصفات والمقدرات والكفائات التي يجب توفرها فيه وكأن كل مشاكل كنيستنا ستحل وستختفي مباشرة بعد انتخابه وتسنمه المركز القيادي في الكنيسة الكلدانية الكاثوليكية. واسمحوا لي ايها السادة الكرام ان ادلو بدلوي في هذا الموضوع ككلداني حريص على كنيستي ويهمني قوتها ومركزيتها ودورها التاريخي المهم والطليعي كما كان سابقا واحسن لتخطي هذه المرحلة الصعبة والحاسمة ليس في تاريخ الكلدان فقط بل في تاريخ العراقيين جميعاً حكومة وشعباً نريده ان يحمل العلم والمعرفة وان يكون غنياً بهما! نريده ان يكون عالماً باللاهوت والتاريخ والسياسة والاجتماع والفلسفة! نريده ان يكون متمتعاً بخصوصية فهم اللغة والمذهبية والطائفية والقومية وكل تعقيدات المجتمع العراقي المعاصر والحالي بما يحمله من مخلفات وتركات الماضي! نريده ان يكون ديمقراطي التوجه مركزي القوة مع استقلالية شخصية، لا كألعوبة او دمية بيد الاخرين او المتنفذين لسبب او لأخر، تليق بمكانته الدينية والاجتماعية وكقائد محنك يأخذ بيد الكلدان جميعاً بكل حكمة ودراية وان يكون بينهم كما هو معهم حتى انجلاء هذه الغيمة السوداء من تاريخنا وان تشرق شمس الكنيسة الكلدانية علينا وعلى العراقيين جميعاً! نريده ان يكون في عمر معين، اقصد لم يتجاوز الخمسين او الستين، حتى تعطى له فرصة اطول لقيادة كنيستنا. اضافة الى صفات اخرى في بال وفكر كل واحد منا تفرضها الظروف الحالية او ما تعلمناه من الدروس السابقة وما مررنا به من تجارب مع بعضنا البعض او مع الآخرين وخصوصاً في الفترة ما بعد سقوط الطاغية ونظامه بدون رجعة.
طيب من اين نأتي بهكذا بطريرك؟ هل هو موجود فعلاً؟ وهل ممكن ان يكون عندنا هكذا واحد؟ وحتى ان كان موجود هل سينتخب في السنهودس القادم في نهاية هذا الشهر لكونه كفوء وقدير ومناسب لهكذا منصب حساس ومهم جداً؟ ام سيعين بناءً على شروط وظوابط اخرى لا نعرفها نحن؟ كلنا يعرف الجواب، وهو ان البطريرك الجديد سينتخب من المطارنة الكلدان الموقرون الموجودون حاليا كأعضاء في السينهودس الحالي، خمسة عشر مطراناً ناقصا المطران الجليل مار اندراوس صنا لانه مستقيل ولا يحق له الترشيح، مع العلم ان البعض منهم قد وصل السن التقاعدية (خمس وسبعون سنة، حسب القرار البابوي المرقم 401 والذي كان قد اصدره قداسة البابا يوحنا بولص الثاني في عام 1991) والبعض الاخر على قاب قوسين منها او ادنى. اذن المرشح والمنتَخِبون هم من المطارنة الحاليين، وهنا اذكر مسألة مهمة جداً، وليس من باب التشاؤم، ان المطارنة الحاليين لم يتوصلوا لعقد اي سينهودس، لا داخل ولا خارج العراق، لمدة الخمس سنوات الماضية او اكثر لسببٍ او لأخر، ولا اعتقد ان السبب كان البطريرك الجليل والموقر مار عمانؤيل الثالث، لانه اذا كان هو السبب الذي يتبجح به البعض فالطامة اكبر مما نتوقع!! فهل سيكون بالامكان عقد سينهودس بالمستقبل بعد انتخاب البطريرك الجديد؟ ام ستحل كل المشاكل الكنسية المعلقة في السينهودس القادم في روما؟؟
قد يكون من المستحيل ان يكون البطريرك القادم يحمل كل الصفات التي ذكرناها او ان يكون بامكانه ان يحل كل المشاكل الكنسية وغير الكنسية حتى وان حمل كل هذه الصفات والمواصفات، لسبب بسيط هو ان البطريرك الجديد انسان وواحد من البشر وامكانيته وطاقاته محدودة اذا اعتمد على شخصه فقط في اتخاذ القرارات وتدبير الامور العامة والخاصة وانفرد بدفة السفينة لوحده، مع العلم ان انتخاب سيادته ليس هو الهدف، مع انه مهم للغاية وضروري، بل هو البداية التي ستؤسس عليها الكنيسة بقيادتها الجديدة ومع المطارنة الاجلاء والمحترمين الخطوات المستقبلية والضرورية واللازمة للبت بالأمور المعلقة والتي تستوجب الحل الجذري والشامل والنهائي حتى تنتبه كنيستنا الكلدانية الى الامور الاخرى. والأمور التي يجب البت بها، حسب رأي، اليوم قبل غداً هي:
1- .تعديل مسار الكنيسة والمليء بالسلبيات وارجاع المركزية كما كانت عليه وافضل بما يتناسب مع الوضع العام للعراق والوضع الخاص بمسيحيي وكلدان العراق.
2- البت بمسألة المطران الموقر والجليل مار باوي وضمه الى سينهودس الكنيسة الكلدانية واعتباره صخرة قوية ومؤثرة في هيكل الكنيسة الكلدانية وواحد من اعمدتها المركزية.
3- تأسيس مؤسسة مستقلة للوقف الكلداني فقط دون ربط اي وقف معها، لا انتقاصاً من الاديان والطوائف الباقية بل لحجم كنيستنا الكلدانية والموقع والمسؤولية التي في عاتقها اضافةً الى تجنب ما حصل من تلاعبات وممارسات لا اخلاقية من قبل يونادم كنا الشرير وجماعته بالسابق لاستغلاله موقعه الرسمي في البرلمان والدولة ضد رئيس الوقف المسيحي السابق.
4- ان تؤمن الكنيسة بالقومية الكلدانية وتعلن عنها وتتعاون مع الاحزاب السياسية والقومية والعلمانيين على الحصول على مقاعد برلمانية، في البرلمانيين المركزي والكوردي، حسب الكوتا، وذلك يعني ممثل كلداني لكل مائة الف كلداني، كلدان الداخل والخارج معاً، وبهذا نضمن وجود ممثلين كلدان يدافعوا عن حقوقنا ويتكلموا باسمنا لا ان يتكلم الاخرين عنا، كما حصل مع النائب يونادم كنا والممثلين الباقين حيث اكلوا وهضموا واجتروا حقوق الكلدان، وهو احسن حل لنا لضمان حقوقنا الشرعية.
5- وقف التغيير الديموغرافي لمناطق سكن الكلدان والمحاولات اليائسة بمسح الهوية الكلدانية من قرانا ومدننا التاريخية وطمس وازالة كل ما هو متعلق بالكلدان وخصوصاً في المناطق الكوردية وسهل الموصل. وكذلك المطالبة بحقوق مئات الالوف من الكلدان الذين اظطهدوا وهجّروا ودمرت منازلهم والذين قتلوا وشرّدت عوائلهم والذين اغتصبت اراضيهم وممتلكاتهم دون اي ذنب او اثم سوى لانهم كلدان.
6- المطالبة باعتراف الحكومة الرسمية وكل طبقات وفئات الشعب العراقي بأن الكلدان هم سكان البلد الاصليين والاعتراف بكل الحقوق المترتبة على ذلك.
7- العمل بكل همة باتجاه وقف النزوح والهجرة للمسيحيين بشكل عام والكلدان بشكل خاص ودراسة الموضوع بشكل جدي وتشكيل لجان خاصة من جميع الشرائح الكلدانية في الداخل والخارج للمساهمة بحل هذه الظاهرة وذلك بدعم من الحكومة المركزية والحكومة الكوردية لحماية المسيحيين ومنع اضطهادهم واعطاؤهم الفرصة التاريخية والوطنية للمساهمة ببناء العراق العظيم وانهاء اي تفرقة مبنية على اساس الدين او القومية او الانتماء.
وحتى يقدر البطريرك الجديد ان ينظر بكل الامور اعلاه اقترح بأن يكون عنده، قصدي ان يشكل، فريق من المساعدين والخبراء والكفوئين والشرفاء من الكلدان من ذوي الاختصاص والخبرة والمعرفة واصلاء يهمهم البيت الكلداني، الكنسي وغير الكنسي، (لأنها كلها مهمة ومفيدة وضرورية) وان يشاورهم في اتخاذ القرار ووضع سياسة مستقبلية وخطوط عمل ليكون على دراية كاملة بما يحصل حوله من امور ومسائل المعقدة منها والبسيطة اليسيرة الحل وكيفية التعامل معها سواء بالامور التي يعرفها او الامور التي لا يعرفها، فخلية النحل ليسوا كلهم ملوك وملكات بل العاملات والذكور يساعدون الملكة في ادارة امور المملكة واهم شيء وجوهري هو دوام بقاؤها واستمرارها لتوليد اجيال جديدة من النحل يعرف ما عليه وما له وفي كل الظروف والاجواء ابتداءً بمص رحيق الازهار وصولاً الى انتاج العسل!! أصعبٌ علينا ان نتعلم من النحل الضعيف كافراد والقوي كمجموعة احتاج لها الانسان منذ اليوم الاول للخليقة ولا يزال.
اضافةً الى ما طرحته اعلاه اتمنى انا شخصياً من البطريرك الجديد:
# ان يصلي معنا جميعاً وبكل صدق وامانة وحرص وان يقول"......اعطنا كفافنا اليوم.." ولا يدعو كالاخرين لتخزين الدولار واليورو والذهب والفضة!!
# ان يقلب موائد وكراسي الصرافين والباعة في باحات كنائسنا وان يمنع الاسواق الخيرية لاي سبب كان كما فعلها سيدنا الرب يسوع المسيح!!
# أن يصلي ويدعو وينادي لكنيسة كلدانية كاثوليكية واحدة ولا يدعو الى واحدة في الشمال واخرى في الجنوب وواحدة في الداخل واخرى في الخارج او أن لا يبارك كل مطران اراد ان يؤسس له واحدة!!
# أن يدعو الى الايمان بالسيد الواحد والتي لم نعرف غيره، قصة السيدين كما قالها يسوع الناصري، ولا يشجع سياسة لكل ظرف سيد ولكل من يدهن البلعوم وينثر الدولار سيد وهلم جرّا.
# ان يعمل على زيادة عدد القسّان والآباء ومن الداخلين بسلك الرهبنة والدارسين للاهوت الحقيقيين وان ينبذ الهاربين من كنيستنا والتاركين لها ولمصليها من الكلدان كل حسب اهواءه الشيطانية او الشخصية متحججين باسباب او حجج لا يقبلها لا عاقل ولا مجنون!!
# ان يدعو من الرب ان يحفظ المسيحيين بكل طوائفهم بما في ذلك الآشوريين وليس كما دعى مار دنخا الرابع "ان يحفظ الر ب الامة الآشورية بطوائفها الثلاثة، الكلدانية والسريانية والآشورية"
اردت طرح هذه الامور في وقت صعب ومهم للغاية لنا نحن الكلدان لان كما تعرفون ان الواقع فرضها علي كما عليكم وارجو قرائتها بتمعن وشفافية لكي نعرف ماذا نريد نحن الكلدان وماذا يريد الرب يسوع المسيح كذلك، انه ليس خيارنا بالتمني والاحلام فقط بل خيار حقيقي نابع من فهمنا للرب ولانجيله وللانسان، لانني اعرف ومؤمن بالحقيقة ان من صمد وقاوم كل المؤامرات لاكثر من سبعة الاف سنة سيقدر على مواصلة المسيرة المباركة في الوطن الام وفي العالم اجمع، لانه كما قال الاستاذ عامر فتوحي "لان الكلدان شعب مبارك وامة عصية على الفناء".