Apr 19, 2013
تجربة مار سرهد على المسار الكنسي والقومي الكلداني
د. نوري بركة تم رسامة سيادة المطران مار سرهد يوسپ جمو على رأس أبرشية مار بطرس التي تشمل غرب الولايات المتحدة الامريكية ومقرها سان دييكو وذلك في شهر تموز من عام 2002 (ليكون اول اسقف جديد بعد ان تم تقسيم ابرشية مار توما الرسول مقرها ديترويت لتكون ثاني ابرشية في امريكا). كوني من المقربين من المطران والعب دورا في مباشرا في العلاقات العامة وكحلقة وصل بين المطرانية والمؤسسات الكلدانية والامريكية، سأقوم بطرح وجهة نظري ورؤيتي لتجربة مار سرهد في مدينة سان دييكو حيث يعيش اكثر من 50,000 كلداني يمثلون ثاني اكبر تجمع للكدان خارج العراق بعد مشيكن.
ما قام به مار سرهد من إنجازات خلال العشرة سنوات الماضية في مدينة سان دييكو يمكن ان يعطينا مؤشرا واضحا عن فكر هذا الرجل ورؤيته الشمولية التي لا تقتصر على أمور الدين والكنيسة وإنما تتجاوزها لتشمل بناء شخصية كلدانية تفتخر بتاريخها وتراثها وتنظر بنظرة تفائل الى مستقبل افضل.
1. اولا وقبل كل شئ ان المطران سرهد هو حقاً حامل هم الشعب الكلداني وله مواقف مشرفة في الدفاع عن الحقوق الكلدانية. فهو قد يكون المطران الوحيد الذي واجه ويواجه كل هجمات التأشور لإلغاء الاسم الكلداني وسيذكر التاريخ بكل فخر ان المطران سرهد لم يستطع أحدا شرائه وبفضله بدأت حركة النهضة الكلدانية التي شهدت تطورا ملحوظاً في السنوات الاخيرة وببداية هذه النهضة انتهت والى الأبد أحلام كل المراهنين على الغاء الهوية الكلدانية. ان ما يقوم به المطران سرهد في الدفاع عن حقوق ابناء شعبه هو ليس التدخل في السياسة، وانما هو واجب اساسي ومسؤولية تقع على عاتق كل عضو من اعضاء الكنيسة الكلدانية وكل حسب موقعه والا فما فائدة وجود كنيسة كلدانية بدون وجود شعب كلداني.
2. لقد دأب مار سرهد على دعم المؤسسات المدنية وتشجيعها لخدمة المجتمع وقضايا شعبنا الكلداني. ففي سان دييكو حاليا اكثر من عشرة مؤسسات كلدانية تتبنى برامج مختلفة وتقوم بنشاطات لخدمة ابناء شعبنا. كل هذه المنظمات تلقى دعما خاصا من المطران وأبواب الكنيسة مفتوحة لها للإعلان عن برامجها ونشاطاتها وعادة يكون المطران سرهد اول المشاركيين بهذه النشاطات.
3. يضع مار سرهد أولوية للبرامج والنشاطات الثقافية والفنية ولتشجيع المبدعين الكلدان في جميع المجالات. وهذا طبعا يأتي من رؤية المطران سرهد من ان الثقافة والفنون هي جزء اساسي لنهضة أية امة ولثبيت هويتها. فهو يشارك مشاركة فعالة في ألامسيات الموسيقية التي تنظمها الفرقة السيمفونية الكلدانية على مدار السنة اضافة الى المسرحيات والمهرجانات الكلدانية.
4. يعطي مار سرهد أهمية خاصة للإعلام الكلداني وخير دليل على ذلك تأسيسه للمركز الإعلامي الكلداني في كاتدرائية مار بطرس قبل خمسة سنوات. يشمل هذا المركز: Kaldaya.net, Kaldu.org, Kaldu.tv بالاضافة الى نشرة شهرية باسم "سورا". بالاضافة الى دوره الديني، يلعب هذا المركز دورا أساسيا في نشر الوعي الكداني ودعم القضايا الكلدانية.
5. قام المطران سرهد بتأسيس اول سيمنير كلداني خارج العراق تحت اسم مار ابا الكبير وذلك عام 2006. يضم هذا الدير حاليا ثمانية تلاميذ، نصفهم اجتازوا المرحلة الاساسية من دراستهم باندفاع وشغف ليشكلوا الجيل الاول من كهنة المستقبل لخدمة كنيستهم الكلدانية.
6. قام المطران سرهد بتأسيس اول دير للراهبات خارج العراق تحت اسم عاملات الكرمة لتخريج راهبات كلدانيات يلعبون دورا أساسيا في تنشئة الأجيال القادمة من خلال تأسيس اول مدرسة كلدانية تديرها راهبات الكلدان. حاليا يوجد في دير الراهبات سبعة راهبات (اثنان منهن امريكيات واحدة من طقس الاوكوراني والاخرى لاتيني وبدأن حاليا بتعلم اللغة الكلدانية) في مراحل مختلفة من دراستهم. وفي نفس الوقت بدأت المطرانية خطوات حثيثة من اجل شراء قطعة ارض ووضع حجر الأساس لاول مدرسة كلدانية.
7. وبدعم من سيادة المطران سرهد جمو، جاء انتقال المطران مار باوي سورو الى أبرشية مار بطرس الرسول الكلدانية، كهبة من الله عز وجل أثلجت صدورنا جميعا، لما يملك هذا الرجل من صفات التواضع والمحبة والأيمان، ودخل قلوب المؤمنين جميعا.
8. رسخ مار سرهد أسس الطقس الكلداني الأصيل ابتداءا من القداس الكلداني الذي نال موافقة السينودس (على ان يبدأ استعماله في عيد الدنح لسنة 2007 حسب بيان السينودس اساقفة الكنيسة الكلدانية المنعقد في شقلاوة خلال فترة من 9 الى 11 ايار 2006) الى كل ما يتعلق بالإرث الكنسي الكلداني الثمين الذي ورثناه من الآباء والاجداد. وحاليا يوجد في كنيسة مار بطرس اكثر من مائة شماس وشماسة من الشباب والكبار يتم تخريج دفعات منهم كل سنة لخدمة كنيستهم الكلدانية. وهذا بحد ذاته يعتبر ثورة في الحفاظ على الارث الكلداني.
أننا كشعب كلداني نعاني من ضعف في بنيتنا التحتية ولم تستطع اية أحزاب أو قيادات مدنية ان تبني جسور الثقة مع ابناء شعبنا حيث ان مرجعيتنا ما زالت دينية في هذه المرحلة الحرجة التي يمر بها ابناء شعبنا في داخل العراق وخارجه نحن بامس الحاجة إلى شخصيات دينية ذات فكر شمولي كشخصية مار سرهد تؤدي دورها الديني والقومي بشكل متواز لتأخذ بيدنا وتعطينا الدعم اللازم للنهوض بأمتنا. فلا يمكن لأمتنا ان تنهض الا بالعمل المشترك والتنسيق بين القيادات الدينية والمدنية.