Mar 31, 2013
لا تخافوا!!-القسم الثاني-
د. نزار شمّو في القسم الأول عقبت على كلمة دولة رئيس الوزراء العراقي السيد نوري المالكي والتي ألقاها في 06/03/2013 بمناسبة تنصيب البطريرك الجليل مار لويس روفائيل الأول ساكو، والذي نشر في بعض المواقع الألكترونية مثل كلدايا نيت وعينكاوة نيت، وها أنا اعقب على كلمة بطريركنا السامي الأحترام على كلمته والتي ألقاها في الحفل ذاته، ادرج فيها بعض الملاحظات الشخصية وما رأيته مناسبا لطرحه في هذه الأيام والتي لها علاقة مباشرة بالوضع العام لمسيحيي العراق والكلدان، بني قومي، بشكل خاص.
سيادة البطريرك الجليل:
في البدء إننا لا نريدكم من غبطتكم "ان تكون من السذاجة بحيث لا ترى اين نحن وما هي التحديات والمخاطر"، ولن نقبل "أن تعصب عيناك"، كما ذكرتم أبداً أنّه الواقع ألذي نريدك ان تراه وتعيشه ونفرح ونتألم معك وانت بيننا ومنا وفينا. نريدكم راعياً اميناً صلباً قوياً يدافع عن قطيعه حتّى الشهادة، سواء كان القطيع صغيراً ضعيفاً او كبيراً قوياً محمياً. كفانا تأملات وأحلام وأمنيات وصلوات، كل هذه الامور مطلوبة وضرورية ومهمة في حياتنا الروحية والعلمانية، ولكن نريد ان نعرف كيف سترفع خوفنا وكيف ستوقفون هجرتنا وكيف سيعود أهلنا ونحن معهم الى وطننا الجريح والنازف؟؟؟
نحن نعرف ما هي رسالتنا الدينية السمحاء والمنفتحة على الجميع دون أية تفرقة او تمييز ولكن سؤالنا هو:- هل المقابل والطرف الآخر كذلك؟ فهل تبقي ايديك ممدودة لتسلم على من يتجاهلك ممانعاً لبسط ومد يديه لك ومثلك؟ هل تستمر بالحديث مع من آذانه مغلقة؟ او من سدها ولا يريد سماعك والتحاور معك؟ هل تبقى واقفاً امام من يضربك ويسبب لك الالام والعذاب والاذية ولا يهمه صريخك وعويلك وآهاتك؟
ومع كل هذا لقد طلبت منّا وبكل صدق ومحبة وقلت لنا: "لا تنسحبوا او تهاجروا تحت أيّة ضغوطات كانت"، وهنا اسمح لي ان اسألك عن أية ضغوطات تتحدث يا رجل السلام والمحبة، هل المبادئ الانسانية العامة تقول لنا ولكم: أنّ الارض قبل الانسان؟ وهل بقيت العائلة المقدسة تنتظر المحتوم للطفل المخلص بسيف الجلاد؟ والّا كانوا بقوا تحت الضغوط يا جليلنا وراعي كنيستنا الكلدانية، ولكن الانسان هرب وترك الارض ليجد له مأوى ومكان يحتمي فيه من الخطر!! اننا نتفق معكم في الكثير من الامور ولكن من المهم ان نعرف كيف يفكر ويخطط الاخرون، الخراف والذئاب، ولهذا لا نريدكم معصوب العينين بل نريدك ان ترى ما يجري من حولك حتى وان كانت عيناك مغمضتان!!
نحن نعرف ونقدر مدى خوفكم علينا وعلى مسيحيي الشرق بشكل عام ولكن لا نريد خوفكم علينا من باب أن:"يأتي يوم يصبح فيه مسيحيوا الشرق مجرد جزء من الذاكرة"، بل نريد خوفكم علينا مربوط بضمان حقوقنا وصون شرفنا وأن نعود ونساهم، كما كنا، لبناء وطن حر ديمقراطي أبيّ يضمن للجميع حقوقهم، وليس المسيحيين فقط، كي يعيشوا بمحبة وسلام ووئام!! لا نريدكم ان تطلبوها منا لإننا لسنا الطرف الذي سلب حرية الناس! كما إننا لسنا الطرف الذي ظلم وخوف وأرهب الناس! نريدكم ان تقول وبصوت عالي ومسموع وأنت تخاطبنا: سأعيد لكم حقوقكم المسلوبة وسأضمن سلامتكم وأمنكم وسنساهم معاً ببناء العراق الشامخ كما كنّا وسنكون وسنستمر الى دهر الداهرين!! ان ورقة عملكم وبرنامجكم لا يزال غير كامل لأنه لم يضرب على الوتر الحساس، لا تطلب منا البقاء تحت مقصلة الجلاد بل اطلب من الجلاد ان يحرق ويدمر مقصلته والى الأبد!! أطلب من الحاكم والجلاد ان لا يحاكموني بسبب ديني ومحبتي اللامتناهية وسلامي الدائم. كن لنا قائداً محنكاً و إن (لم تكن ذئباً اكلتك الذئاب)، وليس حملاً ضعيفاً او ساق نبتة يابسة تضربها الريح فتنكسر!! نريدكم ان تقولوا، وان تدافعوا عن ما تقولونه لانكم مؤمنين به:
* إننا، المسيحيون والكلدانيون بشكل خاص، مظطهدون في بيتنا ودارنا.
* إننا الكلدانيون مهمشون وحقوقنا مسلوبة.
* إننا نحترم شريعتهم وسنّتهم ولكنها ليست لنا ولا تطبق علينا بالسرّاء والضرّاء، وأن يغيروا ما موجود في الدستور لإنهم ظلمونا واتهمونا وحاكمونا وحكمونا به ونحن في أرحام أمهاتنا! ومن الضرورة أن تستبدل بقوانين تحترم الأنسان بغضّ النظر عن دينه او مذهبه او قوميته، قوانين تضمن عدالة اجتماعية وتزيد الالفة والمحبة بين الناس وتخلق نوع من الأواصر القوية بين الارض والانسان العراقي تجعله يبغض الانسحاب ويكره الهرب ويناضل من اجل اخيه الانسان ويدافع عن العرض والارض في كل الظروف.
* نريدكم ان تتحدثوا عن أصالة كلدانّيتكم وتدافعوا عنها وتشجع كل من يلتزم بها لإنها مهمةٌ لنا كما هي مهمة لكم، لا بطريقة التعصب والطائفية، حاشاك من ذلك، ولكن بطريقة عصرية ودبلوماسية كما يتحدث العربي عن عروبته والكردي عن كرديتّه، فلماذا لا يحق لنا ما يحق لغيرنا!! هل هذه مكافأةلمن كانوا "شرارةً الحياة وأصل هذه البلاد.
* نريدكم ان تتطلعوا على مهنة السياسة وتتعرّفوا على قوانينها وأن تكونوا ماهرين فيها ولكن لا نريدكم ان تنتظوا بإحزاب طائفية، كدولة رئيس وزرائنا المحترم، لإنكم ستقتلون حيادّيتكم وستحكمون بالظلم وتغيب العدالة عن حواركم وقرارتكم وتكرهون السلام وكل من يطالب به!!
* نريدكم أن تكون كما قلت لنا "راجعوا نظرتكم الى أنفسكم والى هويتكم، واقرأوا الواقع قراءة معمّقة" وأن تقف مع الكلدان بجميع انتمائاتهم العلمانيين منهم والسياسيين والمستقلّين والمثقفين ليس لتوحيد المطالبة بحقوقنا فقط بل لنظهر كجبهة واحدة امام الجميع بدلاً من عدّة فئات متفرقة، وخصوصاً مسألة تمثيلنا، نحن الكلدان، في البرلمانين المركزي والأقليمي حسب الكوتا المعمول بها ويكون لنا، كما يوجد للآخرين، ممثلين يدافعون عنا ويطرحون ما يخصنا ويكونون صوتنا في كل المحافل الرسميّة وغير الرسميّة لإنهاء تهميشنا ووقف ما خرّبته الديموغرافية الجديدة للمناطق الكلدانية وبتخطيط وبنية سيئة ضد الكلدان من قبل الآخرين دون ان أسميهم.
ان نظرتنا الى انفسنا والى هويتنا مع قراءة معمّقة للواقع وبالشكل الذي طرحتموه ضرورية ومهمة ولكنها غير كافية ما لم يصاحبها ممارسات فعلية من كل الأطراف لبرهان وإثبات النوايا والطروحات وترجمتها من النظريات الى الواقع العملي، وسأعطيكم مثالاً حيّا من الضروري ان تتعاونوا جميعكم، الكنيسة الكلدانية والكلدان والحكومتين، لحله وبشكل طارئ وهو مشاكل النازحين، وبتعريف بسيط للنازح، وأنا متأكد أنكم تعرفونه أحسن مني، إنه من ترك سكنه من منطقة، داخل العراق الجريح النازف، مجبوراً وتحت ضغط معين الى منطقة أخرى، داخل الدولة العراقية، لتجنّب هكذا ضغط، وليكن حل هذه المشكلة هو الواجب البيتي لجميعكم كي تبرهنوا للجميع نواياكم الصادقة بدل أن تحوّلوا انظار العالم والمسيحيين الى أمور الخوف والهجرة والإنسحاب وكأنّها بسمار جحا!!
والاهم في كل هذا هو أن نكون، المسيحيين والكلدان، من يساهم بتشريع هكذا ممارسات بالحوار الحر والصريح مع كل الأطراف وبشكل حضاري وأنساني كي تلبي مطاليبنا العادلة وترجع لنا حقوقنا المسلوبة لمئات من السنين وأن تكون مواقفنا وعطائاتنا واسهاماتنا في بلدنا وارضنا العراق الجريح النازف اكبر من حجمنا العددي بكثير وعندها لن توجد لنا حجّة او سبب للإنسحاب والهجرة وترك الديار ولا حتى ايّ عذر او مبرر للخوف. ان هجرتنا لم تسلخنا من عراقنا ولم ولن نغير هويتنا ولم تتزحزح وطنيتنا كما اننا لم نصب بمرض الطائفية والتعصب الأعمى، ولكننا في ارض الغربة كبرنا وتعلّمنا احسن واكثر وذقنا طعم الحرية الصافية ومارسنا حقوقنا التي سلبت منّا في وطننا الكبير والغالي، والأهم اننّا تعلمنا متى نسكت خاشعين ومنصتين ومنتبهين وسامعين لمن يتحدث الينا ومعنا وكذلك تعلمنا متى نتكلم ونرفع صوتنا حين احساسنا بالظلم والتهميش والأهانة.